أفريقيا ومشوار الألف ميل نحو الديمقراطية

باسم حسين الزيدي

 

شبكة النبأ: عانت القارة السمراء بقسوة كبيرة جراء الصراعات والنزاعات المسلحة والحروب الأهلية التي لم تخلف بين شعوبها سوى القتل والتشريد والجوع والأوبئة والتخلف، حيث سيطر المتمردون والمليشيات والعصابات في العديد من الدول الأفريقية وحولوها إلى ساحة لصراع المصالح وسيطرة الأقوى وتطبيق نظام الغابة، لكن ومع كل تلك المعوقات التي تقف في وجه أفريقيا الأسمر، تحاول دول القارة الأفريقية بمختلف إيديولوجياتها إثبات وجودها ووضع قدمها على مسار الديمقراطية والتغيير، خصوصاً وان "تونس" ملهمة التغيير في العالم هي دولة افريقية علمت الآخرين سبل التغيير.

خارطة طريق مدغشقر

حيث قال وسطاء واحزاب سياسية ان رئيس مدغشقر اندريه راجولينا اذعن للضغط الخارجي ووقع خارطة طريق سياسية تسمح بعودة سلفه المنفي دون شروط قبل الانتخابات التي تجري في عضون عام، ووقع على الاتفاق اثنان من الاحزاب المعارضة الثلاثة الرئيسية في البلاد وقال دبلوماسي اوروبي ان ذلك يمهد الطريق أمام الدول المانحة لتعترف رسميا براجولينا رئيسا لاول مرة منذ قيادته لانقلاب في عام 2009، واكد الاتفاق الذي ابرم بوساطة مجموعة تنمية الجنوب الافريقي (سادك) رئاسة راجولينا رئيس بلدية العاصمة سابق، وصرح مامي راكوتواريفيليو رئيس الوفد الذي يمثل الرئيس السابق مارك رافالومانانا عقب توقيع الاتفاق "نحن راضون عن خارطة الطريق حتى ان لم تحقق جميع مطالبنا"، نعتقد ان مارك رافالومانانا سيتمكن من العودة فور تشكيل ادارة مؤقتة". بحسب رويترز.

وعانت مدغشقر من عدم استقرار وتراجع اقتصادي منذ اطاحة راجولينا برافالومانانا بمساعدة فصيل منشق من القوات المسلحة في مارس اذار عام 2009، وسبق ان اعلن راجولينا ان رافالومانانا لن يعود للجزيرة الواقعة في المحيط الهندي حتى يعود الاستقرار وان الرئيس السابق يمكن أن يساءل عن جرائم ارتكبت في الاسابيع الاخيرة له في السلطة، وحكم على رافالومانانا بالسجن مدى الحياة غيابيا بسبب مقتل متظاهرين على ايدي قوات خاصة قبل الاطاحة به، وتدعو خارطة الطريق لسرعة اصدار قانون عفو، وقال فيليبي ويلارت الذي يرأس وفد الاتحاد الاوروبي "المجتمع الدولي يعترف بخارطة الطريق"، وعلقت عضوية مدغشفر في مجموعة تنمية الجنوب الافريقي والاتحاد الافريقي مع سيطرة راجولينا على السلطة، وفرض الاتحاد الافريقي عقوبات على راجولينا وأكثر من مئة من مسانديه منذ ما يزيد عن عام كما جمد الاتحاد الاوروبي ومانحون اخرون معونات تقدر بملايين الدولارات، ولم يرد اي تعليق فوري بشان رفع العقوبات او تجميد المساعدات.

تحدي الرئيس الانغولي

في سياق متصل يتحدى الشباب في انغولا منذ اشهر الرئيس جوزيه ادواردو دوس سانتوس مطالبين بالحريات ويدينون حالة البؤس في بلد نفطي، في حركة محدودة لكنها تجعل السلطات في "حالة استنفار"، وليس لدى "الرفيق" دوس سانتوس (69 عاما) الذي يحكم انغولا منذ 32 عاما، ما يخشاه من معارضيه، فهو يسيطر بشكل شبه كامل على الدولة اذ يشغل حزبه الحركة الشعبية لتحرير انغولا، غالبية ساحقة في البرلمان منذ 2008 ويتولى المناصب العليا في قطاع النفط، ولا يتمتع اكبر احزاب المعارضة الاتحاد الوطني لاستقلال انغولا التام (يونيتا) الذي يعاني من نزاعات داخلية بفرص كبيرة للفوز في الانتخابات الرئاسية في 2012، ومع ذلك، تقمع الحكومة بقسوة منذ مطلع آذار/مارس مجموعات الشبان الصغيرة التي تدعو الى "التظاهر في جميع انحاء البلاد للمطالبة برحيل "زيدو" (لقب الرئيس) ووزرائه ورفاقه الفاسدين"، وقال اليكس فاينس من معهد العلاقات الدولية شاتهام هاوس ان "الربيع العربي وتوليه الرئاسة منذ 32 عاما عاملان يجعلانه في وضع الدفاع عن النفس"، مشيرا الى ان "الحكومة تبالغ في الرد في الاشهر الاخيرة ومنذ احداث مصر بالتحديد"، ومنعت السلطات تجمعا في السابع من آذار/مارس باعتقال حوالى 15 شخصا بينهم صحافيون، وفي ايار/مايو لقيت تظاهرات تضم كل منها نحو عشرة شبان المصير نفسه، لكن الرد لم يوقف هذه الظاهرة الجديدة نسبيا في بلد عاش حربا اهلية استمرت 27 عاما وما زال شعبه تحت صدمته، وقال مغني الراب جانغ نومادا (29 عاما) الذي يشارك في تنظيم المسيرات ان "الجيل الجديد لا يخاف من الحكومة"، والمتظاهرون يشبهون الشباب الذي اسقطوا الرئيسين السابقين المصري والتونسي حسني مبارك وزين العابدين بن علي، فهم شبان يستخدمون الفيسبوك ويؤكدون انهم لا ينتمون الى اي حزب سياسي بل يطلقون على انفسهم اسم "الحركة الثورة للتدخل الاجتماعي". بحسب فرانس برس.

وتفيد ارقام نشرتها مجلة "ذي ايكونوميست" ان 3 بالمئة من السكان فقط خارج العاصمة يحصلون على خدمة الانترنت، لكن في العاصمة هناك حوالى 2،5 مليون شاب يستخدمون بانتظام الشبكة، وقال جانغ ان "الحكومة ترد بهذ الشكل لانها لم تعتد بعد على رؤية شبان مصممين على الاحتجاج، انه نظام ديكتاتوري يواجه فيه اي شخص ينزل الى الشارع بالقمع"، وتحدث متظاهرون عن اعمال ترهيب وتهديدات بالقتل او تم اغراؤهم بسيارات وباموال ليتخلوا عن تحركاتهم، ومع ذلك بلغ عددهم 300 في ساحة الاستقلال حيث تجمعوا لادانة الفساد ونقص المياه والكهرباء، وانغولا التي تحتل المرتبة الثانية بين الدول المصدرة للنفط في افريقيا تشهد نموا يبلغ 12،5 بالمئة منذ 2002 بينما كلفة المعيشة مرتفعة في العاصمة لواندا حيث تبنى احياء جديدة لكن لا يمكن سوى للاغنياء الحصول عليه، وقد جرت صدامات مع الشرطة وحكم على 17 متظاهرا بينهم المغني كازيميرو كاربونو بالسجن لمدد تتراوح بين ثلاثين و45 يوما وبدفع غرامات، وقال الياس اسحق مسؤول انغولا في مؤسسة سوروس لمجتمع مفتوح "بسبب تاريخ الحرب، يضمن النظام بقاءه عن طريق العنف مستخدما الجيش والشرطة واجهزة الامن"، ويرى المحللون ان حركة الشباب لا تشكل تهديدا جدي، وقال رافايل ماركيس احد قادة حملات مكافحة الفساد ان "المهم ليس عدد المحتجين بل الطريقة التي ترد فيها الحكومة، انها تخاف من الناس".

ساحل العاج وقنوات الحوار

من جهته اعلن الرئيس الحسن وتارا عن تشكيل لجنة مصالحة لاعادة فتح حوار في ساحل العاج بعد الازمة التي اعقبت الانتخابات في مطلع العام واسفرت عن مقتل ما لا يقل عن ثلاثة الاف شخص، وكتبت صحيفة "فراترنيتيه ماتان" على صفحتها الاولى "حلم وتارا الكبير" في حين ان معسكر الرئيس المخلوع لوران غباغبو الملاحق قضائيا، لا يزال يشكك في هذه المصالحة، وستشكل لجنة الحوار والحقيقة والمصالحة بعد الظهر في العاصمة ياموسوكرو، وحدد موعد الانتخابات التشريعية التي يفترض ان تساهم في التطبيع رسميا في 11 كانون الاول/ديسمبر حتى وان رأت مصادر قريبة من الملف انه يحتمل ان يتم ارجاؤها الى مطلع العام 2012 بسبب تأخير في التحضيرات، وهذه اللجنة التي سيتولى رئاستها رئيس الوزراء السابق شارل كونان باني ستضم 11 عضو، والسنوات الماضية التي شهدت انقلابات واعمال عنف سياسية واثنية-دينية بلغت ذروتها مع الازمة التي اعقبت الانتخابات بين كانون الاول/ديسمبر 2010 الى نيسان/ابريل 2011، وكانت الازمة اندلعت في ساحل العاج عندما رفض غباغبو الاعتراف بهزيمته في اقتراع 28 تشرين الثاني/يناير 2010، وانتهت بعد حرب دامت اسبوعين اسفرت عن مقتل 3 الاف شخص، وقال وتارا ان اللجنة "ستكون مستقلة وستستمع الى الجميع". بحسب فرانس برس.

برنامج الكتروني للديمقراطية

الى ذلك ستدير بولندا قريبا برنامج محاكاة تدريبيا الكترونيا صمم في الولايات المتحدة لمساعدة المسؤولين البارزين في مصر وتونس وليبيا على تعلم كيفية ادارة الدول لدى خوض تجربة التحول السياسي، وبرنامج الاحتياجات الاقتصادية الاستراتيجية والتدريب الامني المعروف اختصارا ببرنامج (سنس) طوره المعهد الامريكي للتحليلات الدفاعية في فترة التسعينيات لمساعدة دول البلقان بعد حروب يوغوسلافيا السابقة، ويتيح البرنامج للمشاركين فيه خوض تجربة صنع القرار تحت ضغوط قوية ورؤية تأثيرات وتداعيات هذه القرارات في سيناريو عصري سريع التغيير، والبرنامج يضع في الحسبان التغييرات الاجتماعية والسياسية الداخلية والضغوط المتعلقة بالسياسات النقدية والمالية والعوامل الجيوسياسية مثل النزاعات الاقليمية والعقوبات، وبولندا التي خاضت تجربة التحول الجذري من الشيوعية الى الديمقراطية في الفترة من عام 1989 وحتى عام 1991 تعمل بشكل وثيق مع مطوري البرنامج منذ عام 2006 وهي الان مشغل ومعلم مفوض لنسخة البرنامج في اوروب، وقال ادم كولاخ كبير سفراء الخارجية البولندية لشؤون شمال افريقيا وسفير بولندا السابق في السعودية وليبيا في حديثة "هذا برنامج تدريبي يتيح محاكاة الكترونية لدولة كاملة تطبق اقتصاد السوق"، وتابع ان البرنامج "مصمم لدول لم تستقر بعد وتقف على اعتاب تغييرات سياسية". بحسب رويترز.

وأضاف "يتضمن البرنامج كل العوامل الداخلية والخارجية التي قد تؤثر على عمل الدولة وادارتها استراتيجيا وكيفية الحفاظ على الاستقرار والتعاطي مع الضغوط الاجتماعية وكيفية ادارة الاقتصاد"، وسيجري تنظيم تدريب مدته اسبوع واحد لمسوؤلين تونسيين في وقت لاحق هذا العام يعقبه تدريب اخر لمسؤولين مصريين، وتجري مناقشات مع المجلس الوطني الانتقالي في ليبيا لاجراء تدريب في بولندا قريبا يشمل ما يصل الى 50 مسؤول، وقال كولاخ الذي عمل مستشارا دبلوماسيا في ليبيا من عام 1993 الى عام 1999 وسفيرا لدى السعودية من 2004 الى 2010 "يعرفون بأمر البرنامج وهم حريصون على المشاركة لكن عليهم أيضا أن ينتهوا أولا من المهمة الاساسية على الارض"، وأضاف "من العناصر المهمة بالنسبة لليبيا تعلم كيفية التعامل مع الدعم الخارجي وكيفية استخدام الاموال الموضوعة تحت تصرفه، ليبيا ليست بحاجة للاعتماد على المساعدة الاجنبية لكنها تحتاج لبناء دولة من لا شيء"، ومضى قائلا "هناك دولة لكنها تفتقر لمقومات أساسية كثيرة جدا ولالية، انه نظام بلا نظام"، ومنذ عام 2006 ادارت بولندا البرنامج في مجموعة من الدول في شرق اوروبا ووسط اسيا من ضمنها مولدوفا وروسيا البيضاء واوكرانيا وجورجيا وصربيا وافغانستان واذربيجان.

مستشارين عسكريين الى افريقيا

من جهة اخرى قال الرئيس الامريكي باراك أوباما انه بدأ في ارسال نحو 100 عسكري أمريكي الى وسط افريقيا لدعم القوات الحكومية التي تقاتل متمردي جماعة جيش الرب الاوغندية للمقاومة المتهمين بارتكاب جرائم قتل واغتصاب وخطف اطفال، واوضح اوباما الذي ادان فيما مضى جماعة جيش الرب للمقاومة بوصفها "اهانة للكرامة الانسانية" ان هؤلاء الجنود سيعملون كمدربين ومستشارين في جهود تعقب الزعيم المتمرد جوزيف كوني ولن يشاركوا في اعمال قتالية الا دفاعا عن النفس، وفي رسالة الى الكونجرس قال اوباما ان اول قوات امريكية وصلت الى اوغندا وسيتم نشرها بجنوب السودان وجمهورية افريقيا الوسطى وجمهورية الكونجو الديمقراطية "شريطة موافقة كل من الدول المضيفة المعنية"، ويلزم قرار اوباما القوات الامريكية بالمساعدة في مواجهة جماعة متمردة اثارت ادانة دولية لعقود لارتكابها اعمال عنف تقشعر لها الابدان والتي شملت قطع اجزاء من اجساد الضحايا وخطف صبية صغار لاستخدامهم في القتال وفتيات لاستغلالهن جنسي، وعلى الرغم من احتفاظ الجيش الامريكي بقاعدة ضخمة في جيبوتي منذ عام 2003 فان احدث مهمة تمثل دورا موسعا في الصراعات في المنطقة الواقعة جنوب الصحراء بافريقيا من خلال الدفع بقوات امريكية في الميدان لدعم القوات المحلية في القتال المباشر مع المتمردين. بحسب رويترز.

وقال اوباما "أجزت نشر عدد قليل من القوات الامريكية المجهزة للقتال في وسط افريقيا لتقديم المساعدة للقوات الاقليمية التي تسعى لاخراج جوزيف كوني من ساحة المعركة"، وقال مسؤول كبير في الادارة الامريكية ان هذه المهمة "محدودة المدة" لن تستمر سوى اشهر، وصرح مسؤول بوزارة الدفاع الامريكية بأن الجزء الاكبر من القوة المؤلفة من نحو 100 عسكري التي تم ارسالها من القوات الخاصة، وربما تهدف شروط الاشتباك الى طمأنة الامريكيين الذين سئموا الحرب بانه لا ينوي الزج بقوات أمريكية مباشرة في صراع اخر في الوقت الذي تشارك فيه بالفعل في حربين في العراق وافغانستان وتقوم بدور مساعد في حملة جوية يقودها حلف شمال الاطلسي في ليبي، وقال السناتور جون مكين المنافس الجمهوري لاوباما في انتخابات الرئاسة في 2008 ان تشجيع استقرار افريقيا من خلال تقليص التهديد الذي يشكله جيش الرب للمقاومة "هدف وجيه" ولكن كان يتعين على اوباما التشاور مع الكونجرس قبل وضع جنود"في طريق الاذى"، وقال "اشعر بأسف ان هذا لم يفعل في حالة ما تم اعلانه اليوم من ارسال لقوات امريكية".

من دون رعاية صحية

على صعيد مختلف ذكر تقرير اصدرته المنظمة الدولية لحقوق الاطفال (انقذوا الاطفال) أن مئات ملايين الاطفال الافارقة لن يفحصهم أحد من مقدمي الرعاية الصحية في حياتهم أبدا مما يزيد من فرص وفاتهم بسبب أمراض يمكن الوقاية منه، وقال التقرير إن حوالي 350 مليون طفل على مستوى العالم لن يفحصهم احد العاملين في قطاع الصحة وان قرابة الثلثين منهم في أفريقيا جنوب الصحراء التي تعاني نقصا حادا في العاملين بالصحة، واضاف التقرير "الاطفال أكثر عرضة للوفاة بمقدار خمسة اضعاف قبل بلوغهم سن الخامسة اذا كانوا يعيشون في بلدان مثل نيجيريا واثيوبيا وليبيري، عن الاطفال الذين يعيشون في دول لديها ما يكفي من العاملين في قطاع الصحة"، ومن الامراض التي يمكن أن تقتل الاطفال اذا لم تعالج الالتهاب الرئوي والاسهال، واشار التقرير الى ان أفريقيا تدرب قليلا جدا من العاملين في الصحة وان ضعف الرواتب والمرافق يعني ان كثيرا من اطباء القارة من المرجح ان ينتهي بهم المطاف في المراكز الحضرية أو العمل في الخارج، وصدر التقرير ليتزامن مع اجتماع الجمعية العامة للامم المتحدة حيث سيكون هناك دفعة لتدريب المزيد من العاملين في مجال الرعاية الصحية في جميع أنحاء العالم. بحسب رويترز.

وفاة وانغاري ماثاي

من ناحية اخرى توفِّيت مؤخراً عن عمر ناهز الـ 71 عاما الكينية وانغاري ماثاي، أوَّل أفريقية تفوز بجائزة نوبل للسلام وواحدة من أبرز دعاة السلام وحماية البيئة في القارة السمراء، وذلك بعد صراع مرير مع مرض السرطان، وفي بيانها قالت حركة الحزام الأخضر، التي أسَّستها وانغاري قبل أكثر من 30 عاماً وغرست حوالي 30 مليون شجرة في أفريقي، بمزيد من الحزن والأسى تعلن حركة الحزام الأخضر رحيل مؤسستها ورئيستها، العالمة وانغاري موتا ماثاي، في الخامس والعشرين من سبتمبر/أيلول من عام 2011، في مستشفى نيروبي، وذلك بعد معركة شجاعة وطويلة مع مرض السرطان، وذكر البيان أن أحبَّتها كانوا إلى جانبها لدى وفاته، وأضاف، إن الرحيل المبكِّر البروفيسورة ماثاي خسارة كبيرة لكل أولئك الذين عرفوها، كأمٍّ وكقريبة وكزميلة عمل وكقدوة وكبطلة، وكذلك الأمر بالنسبة لأولئك الذين أُعجبوا بتصميمها بجعل العالم مكانا أكثر صحة وسلام، وكانت ماثاي قد فازت بجائزة نوبل للسلام في عام 2004، وذلك لدورها بحماية حقوق الإنسان والدفاع عن قضايا المرأة وترسيخ مبدأ الشفافية في الحكم، وإسهاماتها في مجال حماية البيئة، وفي خطاب قبولها للجائزة، قالت ماثاي إنها كانت تأمل بأن يكون نجاحها محفِّزا للنساء الأخريات للانخراط ولعب دور أكثر نشاطا في المجتمع، وأضافت آمل أن يشجِّعهن ذلك على رفع أصواتهن واحتلال مساحات أكبر في القيادة، فقد خاضت ماثاي، والتي عينها الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، مؤخراً سفيرة للسلام مع التركيز على قضايا البيئة وتغيُّر المناخ، معارك طويلة وشرسة للدفاع عن حقوق الإنسان، بالإضافة إلى قيامها بدور كبير في توفير مساعدات للفئات الأكثر فقراً في أفريقيا.

وأصبحت ماثاي، التي ولدت في الأول من أبريل/ نيسان عام 1940 لمزارعين في منطقة نيري الجبلية بكينيا، أوَّل امرأة في شرق القارة ووسطها تحصل على درجة الدكتوراه، بحسب ما أورد موقع الأمم المتحدة، وفي عام 1977 عملت أستاذة مساعدة في علم التشريح البيطري بجامعة نيروبي، وفي العام نفسه أسَّست حركة الحزام الأخضر، وهي منظمة بيئية شعبية ساعدت النساء وأسرهنَّ في زراعة ملايين الأشجار في عموم كينيا، بغرض حماية البيئة وتعزيز سبل مستدامة للعيش فيه، كما قادت أيضا حملة من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان والحفاظ على البيئة، وقامت بدور رئيسي في حملة لإلغاء ديون أفريقيا وحماية الغابات العامة، وتم تعيينها لاحقاً وزيرة للبيئة في الحكومة الكينية، وكانت ماثاي قد اعتُقلت مرَّات عدَّة في عهد الرئيس الكيني السابق دانيال أراب موي، وتعرَّضت إلى حملة تشهير وتشويه سمعة، وفي عام 2008، شاركت في مظاهرة احتجاجية ضد خطة الرئيس الكيني القاضية بزيادة عدد الوزراء في حكومته، وقد استخدمت السلطات الغاز المسيل للدموع لتفريق المشاركين في تلك المظاهرة التي أُصيب فيها.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 17/تشرين الأول/2011 - 19/ذو القعدة/1432

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1432هـ  /  1999- 2011م