تغيير القادة الأمنيين وهيكلة الاجهزة الامنية في العراق

التغييرات الوسطى والرأسية بشكل تدريجي، منهجية جديدة لأستبدال القادة

كتب:المحلل السياسي

 

شبكة النبأ: تتزايد الدعوات يوم بعد آخر من أجل وضع خطط أمنية للوقوف امام تنامي الاعمال الارهابية التي تقع في مناطق مختلفة من العراق، ومن اجل السيطرة على الوضع الأمني ووقف الخروقات كانت هناك مقترحات عديدة من بينها إحداث تغيير إستراتيجي في هيكلية الأجهزة الأمنية التي تبدأ من القيادات.

وقد شكلت التنقلات بين القيادات الأمنية في محافظات مختلفة من العراق حدثا مهما من جهة تصعيد المواقف السياسية التي نددت بالتغييرات الجزئية وبين مؤيد لذلك ومع هذا لم تستطع الحكومة العراقية الخلاص من دائرة الاتهامات فكانت من بين الاتهامات ان ماحدث من تنقلات للقادة الامنيين هو عملية فيها دوافع طائفية.

وكانت وزارة الدفاع اصدرت امرا بنقل اللواء الركن علي المفرجي قائد الفرقة 17 بدلا من اللواء الركن ناصر احمد غنام قائد الفرقة الثانية المتمركزة بالموصل.

والامر ذاته صدر بنقل اللواء الركن باسم الطائي قائد الفرقة الاولى- تدخل سريع بديلا للفريق الركن حسن كريم خضير قائد عمليات نينوى.

ويرى محللون سياسيون ان استقدام قادة امنيين ممسومون بانهم غير طائفيين سيعزز الامن والامان في محافظات العراق وانه من الاهمية بمكان ان تتعاون القيادات الامنية الجديدة وبشكل مباشر والالتزام بحضور الاجتماعات الامنية.

ورجح مراقبون بأن استبدال القادة الأمنيين الحاليين سيعيد ثقة المواطن بالمؤسسة الأمنية التي أخفقت نسبيا في التصدي للهجمات الارهابية التي حصدت أرواح العراقيين الابرياء، وهذه الخطوة بغض النظر عن أبعادها ونتائجها المتوقعة هي أفضل من بقاء الوضع على ما هو عليه، فالامر بات يتطلب تجربة لكافة الحلول بدلا من البقاء دون تحريك ساكن.

ويبدو أن العراق ينغمس في مزيد من المشاكل فهو أقرب إلى دراما شكسبيرية منه ديمقراطية حقيقية.

فهنالك حديث عن محاولات انقلابية لعزل أو طرد رئيس الوزراء. ومن جهة أخرى فهنالك العديد من الاعتقالات بين متهمين بالتآمر ضد الحكومة في بغداد وديالى.

ويقول محللون سياسيون ما يمكنك قراءته في الأجواء الساخنة هذه في خفايا الوضع القائم يوضح وجود صراع بين القوى السياسية الداخلية والخارجية من أجل تحقيق تقدم سياسي وإعادة صياغة الحكومة العراقية خاصة بعد تضاؤل الدور الأمريكي في العراق.

ويتسائل محللون عن الصراع الحقيقي حول: ما هو مدى سلطة بغداد على المحافظات بالمقارنة بسلطة المحافظات أنفسها؟ من سيمسك بالقوة ومن سيتخلى عنها؟

افتقار للنظم الأمنية

تقرير المفتش العام لوزارة الدفاع الأميركية البنتاكون، الذي كشف بأن كلا من وزارتي الدفاع والداخلية والجيش ووحدات الشرطة التي تدعمهما تفتقر إلى النظم التي تحافظ على استعداد قوات الأمن، وذلك بعد إهدار نحو 24 مليار دولار خلال ثماني سنوات من تدريب ومراقبة الأسلحة والمعدات.

وتقرير الوزارة يبعث على الإحباط، وذلك بعد وصفه وزارة الدفاع الحالية بأنها عاجزة بشكل عام عن التخطيط والبرمجة ووضع الميزانيات وتنفيذ العمليات، بل إن وزارة الداخلية طالبت بشراء مروحيات قيمتها 200 مليون دولار من دون أن تستعد لشراء قطع غيار أو أدوات لصيانتها.

وسيكون العراق بحاجة إلى 600 مليون دولار سنوياً لصيانة المعدات العسكرية لديه التي يقدر ثمنها بـ10 مليارات دولار بداية من العام القادم 2011، إلا أن وزارة الدفاع الحالية خصصت 40 مليون دولار فقط في ميزانية 2010 من أجل عمليات الصيانة.

وعلى صعيد التدريب فان المسؤولين الأمريكيين بدأوا بإعادة النظر في خطة تدريب العسكريين العراقيين لعام 2012، بعد ان أعلنت القيادة العراقية انها لن تعطي حصانة للجنود الأمريكيين الذي سيبقون في البلاد بعد 31 ديسمبر/كانون الثاني القادم، وهو الموعد الرسمي لاتمام انسحاب القوات الأمريكية من العراق.

وأوضح محللون سياسيون ان الطرفين الأمريكي والعراقي بدئا البحث عن سبل بديلة لتنظيم التدريبات بعد ان توجهت القيادة العراقية رسميا الى واشنطن بطلب مواصلة تدريب العسكريين العراقيين، ومن بين الاقتراحات التي تطرح لحل الأزمة، نقل مسؤولية التدريب رسميا من الجيش الأمريكي الى شركات أمنية خاصة أو حلف الناتو.

ويقول مسؤول في وزارة الخارجية الأمريكية انه من المستبعد ان يتراجع العراق عن إصراره على عدم منح الحصانة للقوات الأمريكية ولذلك يجب البحث عن سبل أخرى لمواصلة المهمة الأمريكية لتدريب القوات العراقية.

استبدال القادة الامنيين

وحث مثقفون وشيوخ عشائر السلطات في محافظة بابل إلى إجراء تغييرات في القيادات الأمنية نتيجة التراجع في الملف الأمني في المحافظة، وقالوا إن الحكومة المحلية تتحمل مسؤولية التدهور الأمني في المحافظة لعدم إجرائها تغييرات في القيادات الأمنية خلال السنوات الخمس الماضية.

ورأى عدد من المثقفين في المحافظة أن إجراء التغييرات في القيادات الأمنية أمر ضروري، حيث أن مجيء مسؤول أمني جديد سيساعد في تجاوز الأخطاء السابقة.

من جهته، قال رئيس مجلس المحافظة كاظم تومان إن إجراء أي تغيير في القيادات الأمنية والإدارية يتطلب تقديم طلب من 10 أعضاء في المجلس المحلي أولا.

من جهته دعا عضو دولة القانون والنائب عن التحالف الوطني خالد الاسدي، القائد العام للقوات المسلحة بتغيير القيادات الأمنية، نافياً أن يكون المالكي قد بدأ بهيكلة وزارتي الدفاع والداخلية.

وكانت هناك معلومات تشير بأن رئيس الوزراء والقائد العام للقوات المسلحة نوري المالكي بدأ بهيكلة وزارتي الدفاع والداخلية وبعض القيادات الامنية والمستشارين.

وقال الخالدي هناك مطالبات من قبل السياسيين بضرورة معالجة الخروقات الامنية التي تحدث نتيجة الاختراقات داخل وزارتي الدفاع والداخلية "، نافياً أن يكون المالكي بدا بهيكلة الوزارات لأنها لا يمكن هيكلتها.

وأضاف على المالكي أن يبذل مابوسعه من جهد لمعالجة الخروقات الامنية وتغيير بعض القيادة الامنية لانها تحتاج إلى أن تكون اجهزة خالية من الاختراقات وأن تكون هناك دقة في اختيار القادة الامنيين.

وفي وقت سابق، دعا وزير الامن الوطني السابق والنائب عن التحالف الوطني شيروان الوائلي الى شمول القيادات الامنية بعملية الترشيق الحكومي التي ستطال المؤسسات التنفيذية.

وقال الوائلي في تصريح سابق: ان قوات الدفاع العراقي الخارجي غير مستكملة لانها غير مجهزة بغطاء جوي وايضا البحري بمستوى التهديدات، اما الوضع الامن الداخلي يحتاجه الى استقرار سياسي، مشيرا الى ضرورة اعادة النظر بالمنظومة الداخلية في جانب الامن والمعلومات والمخابرات، لانها حرب ضد الارهاب وليس مع الجيوش، وبالتالي يستوجب منظومة امنية عالية المستوى.

واضاف النائب عن الوطني: الترشيق يفترض ان يشمل الجميع وان بعض القيادات ترهلت واصبح لديها عدد سنين طويلة في هذا المجال وبالتالي من المفترض ان تشكل قيادات جديدة لادارة الملف الامني.

الأمين العام لائتلاف أبناء العراق عباس المحمداوي من جهته دعا رئيس الوزراء نوري المالكي الى استبدال القيادات الأمنية الحالية باخرى أكثر كفاءة ومهنية وقدرة في الحفاظ على ارواح العراقيين.

واضاف المحمداوي إن موجة التفجيرات الاجرامية تؤشر الى ضعف الاجهزة الأمنية وعدم قدرتها على وضع حد لحمام الدم المستمر في الساحة العراقية. وإن هذا الوضع المأساوي يفرض على المالكي بصفته القائد العام للقوات المسلحة استبدال القيادات الأمنية باخرى أكثر كفاءة ومهنية يكون من شأنها فرض هيبة الدولة في الشارع وردع كل من تسول له نفسه ارتكاب جرائم بحق العراقيين.

التحالف الكردستاني من جهته طالب بتغيير القيادات الأمنية وتوحيد الاجهزة الاستخبارية لكي تستطيع اداء مهامها بشكل صحيح.

وقال النائب محسن السعدون ان تعدد الاجهزة والجهات الاستخبارية بشكل غير منظم وعدم توحيدها مركزيا سيؤدي الى عدم دقة في المعلومات ما يسبب بحدوث خروقات امنية واضحة.

وشدد السعدون على ان الخروقات الامنية في العاصمة بغداد لها انعكاسات سلبية على العملية السياسية برمتها.

من جانب آخر اقترح خبير أمني، تغييرا مشروطا للقيادات الأمنية والعسكرية في بغداد لصد اساليب وبرامج تنظيم القاعدة الجديدة.

وقال توفيق الياسري ان تغيير القيادات الأمنية والعسكرية في غرف عمليات بغداد باتت ضرورية، شرط أن تبدأ من القيادات الوسطية صعودا الى القيادات الرأسية وبشكل تدريجي وعلمي.

وأضاف الياسري ان تغيير القيادات الأمنية شيء منطقي، على ان لا يكون هو القاعدة وان لا يشتمل كسحا كاملا للقيادات، معللا ذلك ان قاعدة المعلومات التي بنيت عليه المنظومة الامنية ستتعرض الى ضرر كبير نتيجة التغيير الجذري الكامل.

وتابع ان أي قيادات امنية وبعد مرور مدة من خططها وبرامجها وتوجهاتها تقابل بتطوير لخطط وبرامج وادوات المنظمات الارهابية"، داعيا الى "ضخ دماء وعقول وخطط وبرامج وادوات جديدة تتناسب مع ما توصلت اليه ادوات الارهاب من تطوير لعملياتها وخططها وبرامجها.

وكانت قيادة عمليات بغداد قد أكدت على أن خلايا تنظيم القاعدة لاتزال تنشط في مناطق جنوب العاصمة بغداد وتحاول إعادة ترتيب صفوفها مجددا.

هذا وقد كشف نائب رئيس لجنة الأمن والدفاع اسكندر وتوت عن وجود رغبة شديدة لدى اللجنة بتغيير القيادات الأمنية التي تحصل ضمن قواطعهم خروقات متكررة لاسيما في الانبار.

وأوضح وتوت أن لجنة الأمن والدفاع تدرس جميع الخروقات التي حصلت في الفترة الأخيرة لمحاسبة المقصرين مؤكداً أن أن لجنة الأمن والدفاع شكلت لجنة لتغيير بعض القيادات المقصرة في الانبار والفرات الأوسط.

يشار الى ان نائب رئيس اللجنة الأمنية النيابية اسكندر وتوت كان قد رأى أن قيادة عمليات بغداد بحاجة إلى تغيير جذري لإحداث تطورات في الخطط الأمنية المتبعة لتحسين الواقع الأمني.

وفي محافظة ديالى الأكثر خطرا بين المناطق كشف نائب المحافظ، عن شمول غالبية القيادات الأمنية في المحافظة بإجراءات الاجتثاث، لكن هيئة المساءلة والعدالة لم تطبق الإجراءات بحقهم بعد أن أعلنوا براءتهم من حزب البعث وكانوا يشغلون مناصب مهمة فيه قبل عام 2003.

وقال فرات محمد التميمي ان إجراءات المساءلة والعدالة بحق القيادات الأمنية ضمن تشكيلات الجيش والشرطة لم تنفذ بسبب ظرف المحافظة الأمني والفراغ الذي تتركه القيادات المشمولة بالاجتثاث وصعوبة تعويض ذلك الفراغ من قبل المحافظة أو الوزارات الأمنية المعنية بالموضوع.

ولفت إلى أن الكثير من القيادات الأمنية حصلت على استثناءات من هيئة المساءلة والعدالة بعد إعلانها البراءة من حزب البعث، مشددا بالقول لو طبقت إجراءات الاجتثاث فإنها ستطيح بأغلب القيادات الأمنية العليا ومسؤولين كبار في المحافظة.

واستبعد التميمي وجود أي تأثير سلبي على وضع المحافظة الأمني جراء عدم اجتثاث القيادات المشمولة بالمساءلة والعدالة وبقائها في مناصبها الحساسة، واصفا الخروقات الأمنية في ديالى بـ حرب العصابات التي لا تستطيع الأجهزة الأمنية السيطرة عليها.

واعتبر أن الخروقات الأمنية التي تشهدها المحافظة بين الحين والآخر لا ترقى إلى مستوى التهديد أو الانهيار، مضيفا أن وضع ديالى الأمني حاليا أفضل بكثير من المحافظات الأخرى وحتى التي نفذت فيها إجراءات الاجتثاث بحق قياداتها الأمنية ولا زالت تشهد خروقات أمنية مستمرة.

ويعزو الكثير من المسؤولين في ديالى تلكؤ تنفيذ إجراءات المساءلة والعدالة إلى الضغوطات الحزبية والسياسية فضلا عن المعايير الطائفية والمصالح الشخصية والفئوية مما سبب عرقلة عمل القضاء وتفشي ظاهرة الدعاوي الكيدية التي طالت الكثير من مسؤولي ومواطني المحافظة.

وقال عضو مجلس النواب عن كتلة الأحرار حسين همهم ان قانون المساءلة والعدالة يجب تنفيذه في ديالى وغيرها من المحافظات.

ولفت إلى أن تأثير وجود مثل هؤلاء على القوات الأمنية لا تكمن بعددهم وإنما بوضعهم في أماكن حساسة جدا ولهم تأثير مهم تبعا لذلك.

وأضاف أن القانون جاري التنفيذ. أما الانتقائية في التطبيق فمرده إلى ان الموجودين في مناصب أمنية حساسة مدعومون من جهات سياسية متنفذة.

وأشار همهم إلى أن هناك مسؤولين وقيادات أمنية يشغلون مناصب حساسة دون ان يستلموا رواتب من الحكومة ويعملون على تنفيذ أجندات معينة لا تصب  في صالح الشعب، حسب قوله.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 17/تشرين الأول/2011 - 19/ذو القعدة/1432

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1432هـ  /  1999- 2011م