السياحة البيئية: جهود واعية للتمتع بالطبيعة النقية

باسم حسين الزيدي

 

شبكة النبأ: في اطار الحفاظ على سلامة الارض، التي انهكت كثيراً بعد ان دفعت ضريبة التقدم الصناعي، باتت الانظار والرغبات تتجه شيئاً فشيئا الى السياحة البيئية التي لا تكلف البيئة جهداً او تلوث، بل قد تسهم ايضاً في الحفاظ على خضار الارض والتنوع الحياتي والبيئي فيه، كما تضمن دوام التمتع بالمناظر الطبيعية الخلابة وعدم المساس او تغيير المعادلات الطبيعية، خصوصاً وان الشعوب المتمدنة والمحبة للسياحة قد بادرت للقيام بالخطوة الاولى على الطريق الصحيح.

السياحة المستدامة

حيث يعتبر الألمان أحد أكثر شعوب العالم حبا للسياحة والسفر، ولكن معظم السياح يختارون وجهتهم السياحية حيث توجد الشمس الساطعة، وحيث تكون التكلفة منخفضة، دون تفكير بالبيئة وحمايته، إلا أن هذا الانطباع السائد بدأ بالتغير مؤخر، يزداد عدد الألمان الذين يفكرون بالبيئة عند اختيار وجهتهم السياحية، حتى وإن اضطروا إلى دفع المزيد من المال، مكاتب الرحلات السياحية أدركت مبكرا هذا التوجه، وعملت بسرعة على الاستجابة للطلب المتزايد، وذلك بتوسيع عروضها بما يتلاءم مع التوجه الجديد لدى زبائنه، وهكذا اشتعل التنافس بين منظمي الرحلات السياحية، ولأنه لا يوجد معايير محددة للسياحة المستدامة، أصبح باستطاعة أي منظم رحلات أن يسمي رحلته بأنها مستدامة، وهذا ما يثير أسف مارتن شميد، الخبير المتخصص في السياحة الصديقة للبيئة في معهد أبحاث البيئة في برلين، فيقول، “الأمر المهم بالنسبة للسياحة المستدامة يتمثل في الجمع بين أهداف اقتصادية واجتماعية وبيئية مع بعضها البعض، ولكن هذا الأمر لا نطبق على الصناعة السياحية بأعداد كبيرة، وفي ألمانيا يوجد الكثير من منظمي رحلات السياحة المستدامة، أحد هؤلاء هو عبد العزيز المخفي، الذي تعلم خلال دراسته الكثير من النشاط الاجتماعي الذي يقوم به الألمان، وفي بداية هذا العام 2011، خطرت له فكرة تنظيم رحلات سياحية مستدامة إلى المغرب، ويركز عبد العزيز على ثلاثة أمور أساسية عندما يضع خطة الرحلة لزبائنه، وذلك “بأن يشعر الزائر بالطبيعة عن قرب، دون أن يضر بها، وأن يعيش الثقافة الحقيقية لسكان البلد، وثالثا يجب أن تكون الرحلة فرصة للمساهمة في تطوير البلد الذي تم زيارته”.

ولذلك يحرص عبد العزيز على أن يبيت زبائنه في منازل وفنادق صغيرة، يتم تزويدها بالتيار الكهربائي، عبر الطاقة الشمسية، كما يشارك السياح في النشاطات والفعاليات المحلية التقليدية، يقدمون بعض المساعدات والمشاريع الصحية في المدارس الريفية، أما الطعام فيتم شراء مواده من الفلاحين مباشرة، والرحلات تكون محلية ويتم قطعها إما على الأقدام أو على الدراجات أو الحمير والأحصنة، وقبل أن يتمكنوا من امتطاء الحمير والأحصنة في الأرياف المغربية، لابد للسياح الألمان من الوصول إلى المغرب أولا، وذلك بواسطة الطائرة طبع، ومن المعروف أن السفر عبر الطائرة لا يعد صديقا لا للمناخ ولا للبيئة، ولذلك ينصح عبد العزيز المخفي زبائنه، وكنوع من التعويض للمناخ، بأن يقوموا، بشكل تطوعي، بدفع مبلغ معين كتعويض عن الكميات الكبيرة الصادرة من غاز ثاني أكسيد الكربون، ومن أجل هذا الغرض هناك العديد من العروض، كما يؤكد خبير السياحة مارتن شميد، "إمكانية جيدة تقدمها مبادرة "Atmosfair"، فرحلة إلى جزر البحر الكاريبي، تكلف 100 يورو إضافية كتعويض للمناخ، ولكن المال يصرف بوجه رشيد ولصالح المناخ، وإذا ما أراد المرء أن يعرف مسبقا كم تكلف هذه العملية، فما عليه سوى الاطلاع على ذلك على صفحة "Atmosfair" على الانترنت، فهناك يمكن ادخال بيانات متعلقة بالرحلة، من أين وإلى أين، ومن ثم يخرج الناتج الذي ينصح بدفعه كتعويض، والذي يتم استثماره في مشاريع لحماية المناخ.

ولكن السياح حساسون تجاه مسألة الأسعار والتكاليف، فمعظمهم ينتظر العطلة بشوق كبير طوال العام، ولا يحبذ أي تضييق أو تحديد لمتعته في الرحلة، ولذلك يحذر مارتن شميد بالقول، "الكثير من السياح ينظرون إلى موضوع السياحة المستدامة وصداقة البيئة على أنها فرامل لمتعتهم في الرحلة، ولذلك لا يعد أمرا مثمرا إذا ما ازدادت تكاليف الرحلة"، ولذلك لا زال معظم الألمان يحبذون العروض السياحية الشاملة، التي تكون عادة أرخص من غيره، لو دفع كل سائح مبلغا بسيطا كمساهمة منه في مشاريع خاصة لحماية المناخ، لكان ذلك تعويضا مناسبا عن الكميات الكبيرة التي تطلقها الطائرات من الغازات الضارة"هدفنا هو الوصول إلى أولئك السياح الذين يبحثون عن المميز، والذين هم على استعداد لدفع مزيد من المال من أجل ذلك، وغالبا ما يكونوا من أصحاب الدخل المرتفع، ولديهم تحصيل أكاديمي عال"، هذا ما يرويه عبد العزيز المخفي عن تجربته، ويبدو أن الفرص تزداد شيئا فشيئا في السوق، والاهتمام والطلب يزداد على  السياحة المستدامة، وحتى الدول السياحية بدأت تتفاعل مع هذا الاتجاه الصاعد في عالم السياحة، فأخذت بتقديم عروض تتلاءم فعلا مع السياحة المستدامة، وبتجهيز بنى تحتية مناسبة، ومن تلك الدول المغرب، الذي يرى في السياحة المستدامة فرصة استثمارية كبيرة لدعم المناطق المحلية التي تعاني اقتصاديا، بتأمين مزيد من فرص العمل في هذا القطاع لسكانه، وقطاع السياحة المستدامة يبشر بمستقبل واعد، كما يرى مارتن شميد، من معهد أبحاث البيئة في برلين، فقد أجرى شميد دراسة حول هذا الموضوع، وتوصل إلى نتيجة مفادها أن "30 بالمائة من السياح، مستعدون للحديث عن السياحة المستدامة"، وتشكل نسبة الأشخاص الذين يختارون السياحة المستدامة، قرابة اثنين بالمائة فقط في السوق. بحسب وكالة الانباء الالمانية.

هذا الاتجاه الجديد في عالم السياحة، أثار اهتمام كبرى شركات السياحة في ألمانيا، وذلك لأن العديد من زبائن هذه الشركات، هم من أصحاب الدخل المرتفع، وذوي القدرة الشرائية العالية، وبهذا أصبح جانب السياحة البيئية جزءا لا يتجزأ من برنامج عروض تلك الشركات، ولكن إذا ما كانت تلك العروض السياحية هي مستدامة وصديقة للبيئة فعلا، يبقى مثار جدل، ويفرق مارتن شميد في هذا السياق بين مجموعتين من الشركات السياحية، الأولى، هي تلك التي تسعى لتحقيق أكبر قدر من الأرباح، والتي لا ترى في السياحة البيئية سوى أنها إستراتيجية جديدة من أجل التسويق والاستثمار، أما المجموعة الثانية فتضم تلك الشركات السياحية التي اقتنعت فعلا بفكرة السياحة المستدامة، وبدأت بالعمل على أن تكون صديقة للبيئة في نشاطها، وأن تساهم في تطور المجتمعات الفقيرة، كما هو الحال مع عبد العزيز المخفي مثلا، الذي يحاول من خلال مشروعه أن يساهم في تطوير بلده الأم المغرب، وأن يتيح الفرصة للسكان المحليين هناك لكي يكون لهم نصيب من الملايين التي يتم إنفاقها في سوق السياحة.

السياحة البيئية في سويسرا

في سياق متصل فان الأنهار الجليدية تذوب، وفي الجبال تنمو أنواع نباتية جديدة بينما تنقرض أنواع أخرى، إن تبعات التغير المناخي تتجلى بوضوح في المناطق الجبلية عن غيرها من المناطق، وهذا ينطبق تماما على جبال الألب السويسرية، ومنذ منتصف الثمانيات نقص طول كل الأنهار الجليدية، وبلغ ذلك أقصى مدى له في عام 2003، حيث نقص طول تلك الأنهار بنسبة تصل إلى خمسة في المائة، وتركت هذه التغييرات أيضا أثرها على قطاع السياحة الجبلية في مناطق جبال الألب، وهي تمثل مصدرا مهما للدخل، ومن هنا كان من الضروري إيجاد طرق أخرى للحفاظ على ذلك القطاع، لكن من الصعوبة بمكان العمل على تلافي آثار التغير المناخ في تلك المنطقة بعينها، إذ ينبغي للسياحة الجبلية نفسها أن تكون رفيقة بالمناخ، وهذا هو الهدف الذي ترمي إليه مفاهيم السياحة البيئية الجديدة، وهناك مشروع رائد في جبال الألب ويعرف بـ"كوخ مونتي روزا الجديد"، وقد تم افتتاحه في عام 2010، ويتمتع المبنى بالاكتفاء الذاتي على نطاق الطاقة، فهو يولد ويسد احتياجاته من الطاقة دون اللجوء إلى توليدها من مصادر أحفورية كالنفط أو الفحم، إذ يتم توفير إمدادات الطاقة عبر الألواح الشمسية، حيث يتم من خلال ذلك تسخين المياه اللازمة للاستخدام في المنازل، وذلك بأسلوب رفيق بالبيئة، كما تم تركيب أنظمة للتهوية والإضاءة، تعمل أيضا بأسلوب صديقة للبيئة، وفي حال كان إنتاج الطاقة زائدا عن الحاجة، فيمكن تخزينها باستخدام بطاريات خاصة. بحسب وكالة الانباء الالمانية.

كنوز السياحة في لبنان مهددة

الى ذلك وعلى بعد اقل من كيلومتر واحد من جبال قضمتها الكسارات والمقالع يجاهد ناشطون بيئيون انضووا تحت لواء جمعية حماية جبل موسى في لبنان للحفاظ على محمية طبيعية، وعبر احد الممرات الثلاثة للمحمية والتي غطت ارضها عبوات فارغة لبنادق الصيد تجمع العشرات من ناشطي البيئة للسير على درب روماني كانت تعبره القوافل من الساحل في اتجاه سهل البقاع الشرقي فسوريا صعودا ونزول، وفوق الجبال تترامى محمية جبل موسى التي صنفتها اليونيسكو العام الماضي على انها جزء من مجموعة النطاق الحيوي التابعة له، وهكذا اصبح جبل موسى ثالث محمية نطاق حيوي في لبنان، وتقع محمية جبل موسى في قضاء كسروان على مسافة 45 كيومترا شمال العاصمة بيروت وتبلغ مساحتها 6500 هيكتار ويتراوح ارتفاعها عن سطح البحر بين 350 مترا غربا و1700 مترا شرق، وتحتوي محمية النطاق الحيوي في جبل موسى على ثروة غنية ومتنوعة من النباتات والحيوانات ويوجد فيها اكثر من 350 نوعا من النباتات و20 نوعا من الاشجار على الاقل وحوالي 30 نوعا من النباتات الفريدة في لبنان، وقال رئيس جمعية حماية جبل موسى بيار ضومط وهو يشرح كيف يقود الدرب الروماني الى محميات طبيعية ومواقع اثرية ودينية في كسروان "السياسيون هم اكبر اعداء للطبيعة لان معظم الكسارات وراءها سياسيون".

وسأل ناشط بيئي وزير السياحة فادي عبود الذي شارك في رحلة المسار القصير في المحمية مع مجموعة من ناشطي البيئة "لماذا اي شخص يرتكب جريمة يدخل الى السجن بينما الذي يرتكب جريمة بيئية لا يعاقب؟"، لكن عبود اشتكى من انه كان هو نفسه احد ضحايا الكسارات في جبل لبنان معتبرا انه بسبب موقفه ضد احدى الكسارات المدعومة من احد السياسيين تعرض "لابشع حملة كذب وافتراءات"، واضاف "الكسارات مافيا كبيرة جدا وهذه المافيا موجودة وتعمل من سنين، عندما نفرغ الجبال من رمالها فهذا يكون له تأثير كبير على المياه الجوفية وعلى مسار المياه"، وقال عبود في رحلة المسير على الدرب الروماني نزولا من الجبل بمحاذاة المحمية "السياحة البيئية قد تكون من اهم السياحات التي نريد تنميتها في لبنان، الان نسير على درب روماني عمره الاف السنين، الرومان كانوا عندنا منذ الاف السنين ومشوا هذه الجبال الحلوة، ربما يكون الموضوع البيئي من اهم كنوز لبنان"، وتهدف عدة انواع من المحميات ايضا الى تسويق السياحة البيئية وهو مفهوم جديد نوعا ما في لبنان حيث ظلت السياحة تعتمد لسنوات طويلة على مواقع مثل بعلبك وجبيل والارز بالاضافة الى التسوق والحياة الليلية في بيروت، وساهمت السفارة الايطالية في بيروت بدور اساسي في المساعدة على تأهيل المحمية التي تعد من املاك البطريركية المسيحية المارونية في لبنان وتحتوي على منازل اثرية يجري العمل على اعادة ترميمها فضلا عن دير قديم. بحسب رويترز.

وعلى عكس الدروب الجبلية القفر المشهورة في أمريكا الشمالية فان درب جبل موسى اللبناني به عدة بلدات تمتد من قرى قهمز ونهر الدهب ويحشوش الى غباله والعبره وشوان وتعلق الامال على انتعاشها اقتصاديا جراء تسويق بعض منتجاتها القروية على السياح، ورحلة المسار الطويل التي استمرت ساعات شارك فيها متسلق الجبال اللبناني مكسيم شعيا الذي سبق له ان زرع العلم اللبناني فوق قمة جبل افرست وفي القطب الجنوبي، وقال "من الضروري ان نعرف اللبنانيين الذين لا يعرفون الجبل كثيرا ان لدينا كنز في هذا الخضار ومن الضروي ان نهتم به ليس لنا فقط ولكن للاجيال القادمة"، وتتميز محمية جبل موسى بثروة غنية من النباتات والحيوانات بعضها لا يمكن العثور عليه في اماكن اخرى كما امكن رصد حيوانات باتت نادرة الوجود في جبل لبنان كالطبسون والذئب والضبع وغيره، وتعد القمامة والصيد وقطع الاشجار والحرائق وعمليات البناء غير الشرعية من بين العديد من العوامل التي تهدد الحياة البرية والطبيعية في لبنان، وقال شفيق الحلبي وهو ناشط بيئي ان اللبنانيين لا يلتزمون بأصول الطبيعة من صيادين ورعاة وسياسيين "يجب ان يكون لدينا ثقافة بيئية ونعرف اهمية الطير والشجر، الصياد في لبنان انا اراه شخصا مجرما وقاتلا لانه لا يراعي قوانين الصيد.

دعوة للسياحة على الفيسبوك

بدورها نظمت وزارة البيئة حملة ترويجية مكثفة بمحمية وادى دجلة بالمعادى لتنشيط السياحة البيئية، ورفع الوعى البيئى بأهمية المحميات الطبيعية، وشارك فى الحملة 600 شاب وفتاة من مختلف الجامعات المصرية بمبادرة سباقة لهم من خلال الموقع الاجتماعى الشهير الـface book لإنعاش الاقتصاد القومى، انطلاقاً من مسئوليتهم الوطنية لدفع عجلة التنمية فى البلاد، ويهدف الشباب من خلال هذه المبادرة التعاون مع وزارة البيئة توجيه أنظار العالم لأهمية سياحة المحميات الطبيعية لما تحتويه من تنوع بيولوجى، وطالب شباب الجامعات بضرورة تكرار هذه التجربة فى مختلف المحميات الطبيعية تنشيطاً للسياحة البيئية، مخاطبين السائحين فى جميع دول العالم بزيارة محميات مصر الطبيعية والتى تشكل 29 محمية فى مصر تنتشر فى جميع أرجاء الوطن وتغطى 15% من مساحة أرض مصر، وتتنوع المحميات الطبيعية بين محميات بحرية تضم شعاب مرجانية وأسماك رائعة الجمال، ومحميات الأراضى الرطبة والتى تعد موطناً هاماً للطيور المهاجرة، ومحميات الجبال والصحارى والتى تشتمل على نباتات وحيوانات برية فريدة، وتضم المحميات الجيولوجية التكوينات الجيولوجية الفريدة والحفريات الفقارية واللافقارية والتى تروى تاريخ تطور الأراضى المصرية عبر ملايين السنيين وتراث إنسان ما قبل التاريخ، يذكر أن الحملة تم تنظيمها من خلال إدارة التوعية والثقافة البيئية بصندوق حماية البيئية وبالتعاون مع قطاع حماية الطبيعة وبدعم من الإدارة العامة للتوعية والثقافة البيئية بجهاز شئون البيئة.

من جانبه قال المهندس ماجد جورج وزير الدولة لشئون البيئة إن هناك إمكانيات للتعاون مع أريتريا بتوفير فرص تدريب لخبراء إريتيرين فى مجال إدارة المحميات الطبيعية والإدارة المتكاملة للمناطق الساحلية، بالاضافة الى الاتفاق على دراسة توقيع مذكرة تعاون بين البلدين فى مجالات المحافظة على السياحة البيئية والإدارة الساحلية والموارد المائية والغابات، واكدت إسكالو منقريوس وزيرة السياحة الإريترية وسفير إريتريا بالقاهرة فى إطار زيارة رسمية لمصر، ولقاء المهندس ماجد جورج وزير البيئة أن سواحل إريتريا على طول ساحل البحر الأحمر تعتبر سواحل بيئية بحرية بكر وتحتوى على أكثر من ألف نوع من الأحياء المائية و22 نوع من الشعاب المرجانية و 851 ك2 مربع من غابات المانجروف، وخلال الزيارة أهدى جورج الوزيرة مجموعة من المطبوعات الخاصة بالمحميات الطبيعية فى مصر، وبحث سبل التعاون بين البلدين فى مجال إدارة المحميات الطبيعية والتى تعد مجالا هاما فى النشاط السياحى فى دولة إريتريا.

رحلة سياحية لحماية البيئة

على صعيد مختلف ينعكس تقاطر السياح بأعداد كبيرة على منطقة محددة سلبا على الإنسان والبيئة، الأمر الذي دفع بقطاع السياحة إلى الاهتمام بتطوير السياحة البيئية التي تراعي حماية المناخ والحفاظ على التنوع البيئي والثقافي في المناطق السياحية، في الثامنة صباحا تكون كل المقاعد المخصصة للاسترخاء أمام حوض السباحة محجوزة، وبانتظار افتتاح البوفيه، حيث يأكل النزيل ما طاب له مقابل مبلغ ثابت All-you-can-eat، أما العاملون في الفندق فهم يتحدثون الألمانية، هكذا تبدو الصورة تقريبا عند قضاء سائح ألماني لعطلة في جزيرة مايوركا الإسبانية، وتبلغ التكلفة لقضاء عطلة من هذا القبيل في الأسبوع 287 يورو، تشمل تذكرة الطائرة والمرطبات، ويمثل السيناريو السابق الذي تم سرده، إحدى الإمكانيات للهروب من روتين الحياة اليومية دون تحمل تكاليف مادية كبيرة، إلا أن ذلك يمثل في الوقت ذاته خطرا داهما على البيئة، فتوافد السياح المستمر بأعداد هائلة على جزيرة مايوركا يمثل عبئا على المنطقة ويضر بالطبيعة، وتعاني مايوركا من عدد من المشاكل من ضمنها نقص المياه وتراجع مساحات الشواطئ بسبب المجمعات الفندقية، وهذه إحدى التبعات التي ترتبت على السياحة الجماعية من الدول الصناعية المتقدمة كألمانيا وانجلترا منذ الخمسينات، وهناك بدائل أخرى متاحة غير التزاحم على شواطئ العالم الرائعة، والبديل يتمثل فيما يعرف بـ "السياحة الناعمة"، ويُفهم تحت هذا المصطلح الجامع عدة مضامين وأفكار ترتبط بالسياحة البيئية، إلا أن الأساس واحد وهو أن السفر حول العالم يجب أن يراعي كل الأبعاد الاجتماعية وألا تتعرض المنطقة السياحية للتدمير أو التغيير من قبل السياح، إن السياحة البيئية تمثل شكلا من أشكال السفر والتنقل المسؤول يؤدي في المحصلة إلى تحقيق هدف حماية البيئة ويأتي لمصلحة السكان المحليين في المنطقة السياحية المحددة، وكما يوضح الياكو ايزاكي من التجمع العالمي للسياحة البيئية TIES، فمن المفترض أن تعود السياحة بالفائدة على الطبيعة والإنسان، وذلك على المستويات الثقافية والاقتصادية والبيئية. بحسب وكالة الانباء الالمانية.

ولتحقيق هذا الهدف المنشود يجب على السياح إنفاق المزيد من المال، وهو السبيل لتجنب تأنيب الضمير، إن بعض السياح لا يشعرون بالرضي لاستهلاك كمية كبيرة من المياه عند الاستحمام، بينما يعاني السكان المحليون من نقص في مياه الشرب النظيفة، إن تحولا من هذا القبيل ضروري بالنظر إلى ظاهرة التغير المناخي التي تتزايد حدته، في الماضي كانت تكاليف السفر مرتفعة إلى درجة كان السفر متاحا لقلة قليلة فقط من الناس، أما في العقود الأخيرة فقد أصبح السفر لقضاء العطلة من المسلمات، على الأقل بالنسبة لسكان الدول الصناعية المتقدمة، وعلى المستوى العالمي يبلغ عدد السياح حوالي 900 مليون شخص في العام، ويرتبط هذا بتبعات وخيمة، فتزايد النمو في القطاع السياحي يقابله ارتفع انبعاث غاز ثاني أكسيد الكربون بمعدل متسارع، إلا أن قطاع السياحة البيئة يشهد بدوره نموا ملحوظا، وبحسب التجمع العالمي للسياحة البيئية TIES، فإن معدل النمو السنوي وصل إلى 34 في المائة منذ عام 1990، ويعتقد جوناتان تورتيلو من مركز ناشونال جيوغرافيك للتنقل المستدام أن هذا التطور يرجع إلى زيادة الوعي بحماية البيئة وبالجهود لمكافحة التغير المناخي، وكما يقول تورتيلو فإن "الطلب يزداد على المناطق السياحية التي تحافظ على شكلها الطبيعي الأصلي دون تغيير، وبالطبع فإن الطائرة تظل وسيلة السفر الأساسية حتى في قطاع السياحة البيئة، والسفر بالطائرة يتسبب في نسب إضافية من انبعاثات الغازات الضارة، بالإضافة إلى ذلك، فإن المراكز السياحية تستهلك كميات كبيرة من الكهرباء، حيث غالبا ما يتم الاعتماد على الوقود الأحفوري بشكل أساسي لتوليد الطاقة اللازمة لتشغيل مصافي المياه في حمامات السباحة وأنظمة التكييف وكذلك نظم الإضاءة، إن تقليص الأضرار التي تلحق بالبيئة أمر ممكن، على سبيل المثال من خلال الاعتماد على مصادر الطاقة المتجددة لتشغيل الأنظمة الضرورية في المراكز السياحية.

وتمثل جزيرة خو خاو التايلاندية نموذجا للمسار المختلف الذي يمكن إتباعه لدى تنفيذ المشروعات السياحية، إذ إن شاطئ الجزيرة على سبيل المثال، يغطي جزءا كبيرا من احتياجاته من الطاقة عبر نظام هجين هو مزيج من محطة للطاقة الشمسية وطاقة الرياح، ويتمثل الهدف المنشود من خلال ذلك، في خفض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون بنسبة 20 في المائة، وعلى المدى الطويل يطمح المسؤولون لأن تصبح الجزيرة برمتها نموذجا للسياحة المستدامة، وعلى نقيض السياحة التقليدية تعتمد السياحة البيئية في الجزيرة على الطبيعة الأصلية في المنطقة دون إدخال تغييرات عليه، وليس على السياح هنا  قضاء وقتهم في بيئة نظيفة مصطنعة بجوار الفندق، وإنما التعرف على البيئة المتنوعة في المنطقة والاستمتاع بالجمال الطبيعي فيها، وفي هذا بالتحديد تكمن القدرات الكبيرة التي تمتلكها الجزيرة، إن هذه الجزيرة تمثل البيئة الطبيعية لحياة السلاحف البحرية والدلافين والطيور النادرة، لذا يعتبر التطور الحذر الذي يراعي سلامة البيئة في القطاع السياحي، من الأهمية بمكان لحماية هذه الكائنات، إن أهداف السياحة البيئية لا تقتصر على حماية المناخ فحسب، وإنما أيضا يتم إدراج هذا المفهوم في المناقشات بخصوص السياسات التنموية، وكما يوضح اياكو ايزاكي من التجمع العالمي للسياحة البيئية TIES  فإن السياحة البيئية من شأنها تمكين المجموعات المحلية من تفعيل جهودها لمكافحة الفقر وتحقيق التنمية المستدامة، وهي تتيح علاوة على ذلك للسياح التعرف على ثقافة البلد الذي يزورونه والاختلاط مع السكان المحليين والتحدث إليهم، وكما يقول إيزاكي فإن "السياحة البيئية هي طريق بمسارين، وعلى الرغم من أنها متبعة حاليا في كثير من بلدان الجنوب لتكون بمثابة نموذج تنموي، إلا أن هذا لا يعني أنه لا وجود لها في البلدان الغنية اقتصاديا"، وعلى سبيل المثال يعمل مركز ناشونال جيوغرافيك للتنقل المستدام بالتعاون مع مبادرة في "وادي دورو" في البرتغال لتعزيز السياحة المستدامة في المنطقة، كما أن هناك بادرة أمل في جزيرة مايوركا، إذ أن العديد من المشاريع نفذت بهدف إظهار جمال الطبيعة والحفاظ عليه بعيدا عن السياحة الجماعية، وفي هذا الإطار فرضت الحكومة الاسبانية إجراءات ترمي لوقف بناء الفنادق بعض المناطق.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأحد 16/تشرين الأول/2011 - 18/ذو القعدة/1432

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1432هـ  /  1999- 2011م