صناعة السجاد في الديوانية... تراث فلكوري على حافة الانقراض

تقرير – دعاء القريشي

 

شبكة النبأ: تعتبر حرفة الحياكة والغزل التي اشتهرت بها الكثير من النساء في مدينة الديوانية جنوب العراق، وخاصة كبيرات السن، من الحرف التجارية والتراثية التي اشتهرت بها المحافظة وخاصة منطقة اهل الشط على وجه التحديد.

يشير طالب كشاش وهو المسؤول عن تمويل النساء اللائي يزاولن هذه الحرفة منذ سنوات طوال، الى ان عمر هذه الحرفة في الديوانية يعود الى العشرينات من القرن الماضي.

وقال خلال حديثه لـ(شبكة النبأ المعلوماتية)، ان هذه الحرفة انتقلت الى الديوانية من قضاء الحي في الكوت، وقد تعلمناها ابا عن جد، وهي ليست حكرا على النساء دون الرجال او العكس، بل شملت الرجال والنساء على حد سواء.

مستدركا لكن الرجال تخصصوا بالغزل، اما النساء فقد تخصصن بالحياكة، معتبرا هذه الحرفة من التجارات الرابحة ولهذا هم عازمون على تعليمها او توريثها لأولادهموبناتهم، محذرا من انقراضها، التي قال انها لاحت للعيان، بعد ان ارتبط العاملون فيها بأعمال اخرى ذات الربح الاكثر.

وعدّ تحسّن الاوضاع المادية او الاقتصادية للمواطن او المستهلك في البلاد بعد سقوط النظام من بين الاسباب المهمة التي ادّت الى تراجع الاقبال على شراء منسوجاتنا. وأضاف كشاش ان منسوجاتهم وخاصة الصوفية منها تباع الى تجار المنسوجات الموجودين في محافظات مختلفة مثل بغداد والسماوةوالناصرية والنجف، اضافة الى ان افرادا من العرب كذلك يأتون ويشترون منا منسوجاتنا التي نصنعها بأيدينا.

موضحا ان المواد التي يستخدمونها في المنسوجاتهي من شعر الماعز لأنه اقوى من بين شعر الحيوانات، ويتميز بالدفء خلال ايام الشتاء والبرد القارس. لافتا الى وقال صعوبة الحصول على المواد التي تصنع منها هذه المنسوجات خاصة في فصل الصيف.

مبيّنا ان عمل هذه المنسوجات يتطلب جهودا كبيرة وهو متعب جدا، مشيرا الى تأثر هذه التجارة كثيرا بالمنسوجات الحديثة، واعرب عن امله في دخول الحداثة بصنع هذه المنسوجات، مستدركا لكن هذا يتطلب وجود مصنع وعمال ومكائن لصنع هذه المنسوجات وفق الطرق الحديثة.

وأردف كشاش انهم بصفتهم عاملين بهذه الحرفة، لا يملكون المبالغ الكافية لفتح المعمل وادارته، وعزا ذلك الى ان المعمل مكلف جدا ويتطلب التدريب وتحضير الكثير من المواد الاولية التي تدخل في صناعة هذه المنسوجات، متمنيا ان تمد الحكومتين المركزية والمحلية ان تقدم لهم الدعم لضمان ديمومة واستمرارية عملهم قبل ان ينقرض نهائيا.

وأشار الى ان منسوجاته شاركت في العديد من المعارض والمهرجانات الفنية، ومنها ان الفنانين العراقيين سامي قفطان وعدنان شلاش اشتروا بيوتا كاملة من منسوجاته لغرض استخدامها في بعض العروض التمثيلية التي يقدمونها.

وشكا كشاش المنسوج الاجنبي الذي قال انه غزا الاسواق المحلية، وقلل من حجم الاقبال على منسوجاتنا وصناعاتنا اليدوية، وهذا قد يتسبب بالقضاء على تراث عراقي له عمر طويل في مجال المصنوعات او المنسوجات اليدوية.

فيما لفتت ام حيدر المياحي التي دخلت في عقدها السادس، الى ان المنسوج الاجنبي يعتمد على المعامل الآلية، اما منتوجاتنا المحلية فأنها تعتمد على ادوات وعدد بسيطة مثل (المظراب) اليدوي، وعلى سبيل فرض المقارنة بين المنسوجات سابقة وحاليا، فانه في الخمسينات كانوا يأتون بالشعر ويغزلوهبـ (المظراب) اما الآن فقد تطورت بجلب مكينة (الندافة) التي تندف الشعر ثم يقوم العامل بحياكتها بيده.

واضافت المياحي في حديثها لـ(شبكة النبأ المعلوماتية)، انها تحاول قدر الامكان على تحبيب هذه المهنة للأولاد والاحفاد وخاصة الاناث منهن، اثناء مزاولتنا هذه الحرفة او عمل المنسوجات، حيث نبدأ بشرح بسيط وواف عن حيثيات هذه المهنة، ونحاول تشجيعهم على المبادرة لمساعدتنا، وتستمر الحال على هذا المنوال، حتى يتشجعون ويزاولون هذه المهنة اما على نحو الهواية او الحرفة.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأربعاء 12/تشرين الأول/2011 - 14/ذو القعدة/1432

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1432هـ  /  1999- 2011م