القطيف.. اختراق داخلي لا تدخل خارجي

ياسر محمد

تابعنا خلال الأيام الماضية مع ما تعيشه منطقة القطيف من أحداث ساخنة العديد من الأخبار والشائعات والبيانات المفبركة التي لو دقق المتأمل النظر فيها لوجد من الثغرات والسقطات ما يدخل المنطقة في دهاليز مظلمة وتضرب مكونات المجتمع بعضها ببعض وتعمق الهوة بين الجهات المسئولة وأهالي المنطقة.

فبعد حالة التصادم التي عاشتها بلدة العوامية بين بعض الشبان ورجال الأمن تناقلت الوسائط الإعلامية المختلفة العديد من البيانات المجهولة الداعية للمواجهة العنيفة في منطقة التماس وحشد كامل الإمكانيات وكافة السبل غير السلمية في التعبير عن الرأي ومواجهة القوى الأمنية والتي من شأنها تأزيم الأوضاع وتعقيدها وإعطاء صبغة عنفية عن المنطقة.

أضف إلى ذلك ما تم تداوله من رسائل شديدة اللهجة أدُعي أنها صادرة من جهات عليا تعرض سلسلة من التحذيرات والتهديدات للمنطقة وأهلها من شن عقوبات تتمثل في قطع الماء والكهرباء والفصل التعسفي من الوظائف نقطة أخرى محل نظر في موضوعنا.

كما أن البيان الذي ذيل باسم مجموعة كبيرة من علماء المنطقة وزجت فيه بعض الأسماء من عامة المجتمع وأضيف عليها سمة رجال الدين "الشيخ"، وخلو البيان من شخصيات من منطقة الحدث (العوامية) لهو دلالة أخرى من أن هناك من يحاول هز الثقة بين أبناء المنطقة مع تدقيق النظر في ركاكة بعض الكلمات والمواقف المتعجلة فيها.

وقد كانت تلك البيانات وغيرها دافعاً لترامي التهم وتصوير المنطقة على أنها منطقة خارجة عن القانون ومزعزعة لاستقرار الوطن ما يعني ضرورة استخدام القوة لقمع ما تم تضخيمه إعلامياً من احتجاجات تشهدها المنطقة بإيعاز من دولة خارجية!

وبعد أن شاركت الأياد البغيضة وعشاق الفتن الطائفية والمستفيدة من أي صراع داخلي باختراق الداخل القطيفي وتأجيج حالة الاحتقان توالت الأقلام التي تتغذى على الصراعات والفتن وشنت الصحف الرسمية حملة شعواء غاب عنها المصداقية وطرح الأزمة كما حدثت وسبل علاجها.

ومن أفظع ماقيل ما قرأه إمام الحرم النبوي الشيخ علي الحذيفي في خطبة الجمعة مكتوباً ونعت فيه الشيعة بالروافض وأنهم يتمتعون بكامل حقوقهم الوطنية في عهد الحالي وأنهم نالوا من الخيرات ما لا تعد ولا تحصى! وتسخيف عقيدة الشيعة بالإمام المهدي المنتظر (ع) وأنهم يقيمون الثورات باسمه ومطالبته لمنظمة المؤتمر الإسلامي بقول كلمة الحق في الممارسات المنافية للدين الإسلامي!

خطبة الحذيفي التي شن فيها هجوماً على إيران بأن لها اليد الطولى في ما جرى في المنطقة والبحرين وطرحه الموضوع من جهة طائفية قائمة على أن حراك الشيعة يقابله انتقاص لحقوق السنة في إيران، وعدم السماح لهم بممارسة العبادة على الدين الإسلامي الحق. كلام الحذيفي أعطى الضوء الأخضر لإشعال فتنة طائفية جديدة في العالم برمته لها انعكاسات كبيرة خاصة مع اقتراب موسم الحج واحتكاك المسلمين بعضهم ببعض وصلاتهم في الحرمين مالم تتدخل الجهات المسئولة وتوقف سيل الكتابات والخطب التي ستنشط وتتكاثر وتتسابق في رمي الشيعة بأقذع التهم خلال الفترة القادمة.

نعتقد بأن هناك من لا يريد الخير للمنطقة ويتحرك وبطرق وهمية لإشعال الأوضاع وتحريك الشارع من خلال شبكة الإنترنت، واستفزاز القنوات الطائفية المأجورة ودفعه نحو المواجهات، ومحاولة جر المنطقة للاستفزازات الطائفية لتشويه سلمية واستقرار هذا الجزء الغالي من الوطن.

فلنكن يقظين من أي دعوات تصدر وألا ننجر للشعارات ذات الطابع الصدامي التي لا تعود بالنفع بتاتاً على أي مطالب وحقوق نطمح لنيلها.

حمانا الله وحمى وطننا من المتربصين.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأحد 9/تشرين الأول/2011 - 11/ذو القعدة/1432

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1432هـ  /  1999- 2011م