باكستان والإرهاب... ظاهرة مكتسبة أم صفة متجذرة؟

باسم حسين الزيدي

 

شبكة النبأ: بعد أن زادت الخلافات الأمريكية-الباكستانية مؤخراً بشأن طريقة مكافحة الإرهاب واختلاف وجهات النظر بين "الحليفين أو الغريمين" حول عدة نقاط قد تعتبر جوهرية في أسلوب كل طرف وبحسب إستراتيجية الخاصة في التعامل مع الإرهاب، وفي السياق ذاته وبعد أن ألقي اللوم على تنظيم القاعدة وحركة طالبان الباكستانية وشبكة حقاني في المسؤولية عن هجوم وقع يوم 13 سبتمبر أيلول على السفارة الأمريكية في العاصمة الأفغانية وحادث اغتيال الرئيس السابق ومبعوث السلام برهان الدين رباني على ارض باكستانية أيض، والذي أدى إلى مزيد من التأزم في العلاقات الثنائية التي عانت كثيراً بعد مقتل "بن لادن" حتى وصل الأمر إلى "شبكة حقاني" بعد أن أعلنت الولايات المتحدة الأمريكية بأنها الذراع الحقيقية للمخابرات الباكستانية بحسب التصريحات التي أطلقها رئيس هيئة الأركان الأمريكية المشتركة الأميرال مايك مولن أمام الكونغرس، كما إن إعلان الرئيس الأفغاني "كرزاي" بضرورة التحاور المباشر مع باكستان بدلاً من طالبان بعث رسالة واضحة حول من يقف وراء الهجمات الأخيرة، ومع إصرار باكستان بنفيها القاطع لكل هذه الاتهامات، تبقى جميع الاحتمالات مفتوحة إمام تغير الولاء والازدواجية وقرارات اللحظة الأخيرة.

فرقة اغتيالات تثير الذعر

اذ يقف رجل معصوب العينين فوق متفجرات وترتعد فرائصه أثناء اعترافه بأنه تجسس لصالح وكالة المخابرات المركزية الامريكية في باكستان، ثم يتراجع مسلحون ملثمون شيئا فشيئا وتنسف المتفجرات الرجل، ويلتقط أحد الملثمين وهم أفراد في فرقة اغتيال تابعة للمتشددين في باكستان لقطات مقربة لرأس القتيل وأشلاء جسده ليتضمنها فيديو سيوزع لاحقا في الاسواق الشعبية على سبيل التحذير، وألقي اللوم على تنظيم القاعدة وحركة طالبان الباكستانية وشبكة حقاني في المسؤولية عن هجوم وقع يوم 13 سبتمبر أيلول على السفارة الامريكية في العاصمة الافغانية كابول واختارت الجماعات الثلاث أعتى المقاتلين في صفوفها عام 2009 لتشكيل وحدة خراسان لمهمة خاصة، وكانت ادارة الرئيس الامريكي باراك أوباما صعدت من هجمات الطائرات بدون طيار على المتشددين في المناطق القبلية الباكستانية على الحدود مع أفغانستان وكان يجب فعل شيء لوقف تدفق المعلومات التي تساعد الولايات المتحدة في حملتها الجوية، ولا تملك الجماعات المتشددة التكنولوجيا العسكرية التي يمكنها أن تضاهي البرنامج الامريكي للطائرات بدون طيار لكنها تدرك قيمة معلومات المخابرات وأيضا الخوف في الصراع.ولهذا السبب أرسلت وحدة خراسان لملاحقة وقتل أي شخص يشتبه بأنه يساعد الامريكيين أو الحكومة الباكستانية وحلفائها العسكريين، وقتل رجل أفغاني وزوجته بالرصاص بينما كانا يزوران باكستان للاشتباه بأنهما يتجسسان في وزيرستان الشمالية حيث تنشط فرقة الاغتيال، وقال شخص طلب عدم ذكر اسمه شأنه في ذلك شأن كل من أجريت معهم مقابلات خوفا من تعرضهم لهجمات انتقامية "المجتمع بأكمله يخاف من خراسان ونسأل بعضنا البعض أحيانا هل شاهدتم شرائط الفيديو"، وأضاف "لهم عيون في كل مكان، كيف لي أن أعرف من يعمل مخبرا لديهم ومن لا يعمل"، ومعظم أفراد فرقة اغتيال خراسان من دول عربية ومن أوزبكستان والاسم هو اسم مقاطعة كانت ضمن الامبراطورية الاسلامية القديمة. بحسب رويترز.

وهي فرقة سرية تضم نحو عدة مئات من الرجال الذين ينشطون في وزيرستان الشمالية التي يعتقد الزعماء في واشنطن أن قادة شبكة حقاني موجودون فيه، وقد يصعد طيارو وكالة المخابرات المركزية الامريكية الذين يتحكمون عن بعد في الطائرات بدون طيار من هجماتهم لملاحقة قادة شبكة حقاني بعد الهجوم الذي تعرضت له السفارة الامريكية في كابول الشهر الماضي وربما تصبح وحدة خراسان أكثر شراسة لهذا السبب بعدما احتجزت نحو 120 شخصا اتهمتهم بالتجسس منذ عام 2009، وعندما تعتقل الوحدة أشخاصا يعتقد بأنهم يقدمون خدمات تجسس فانها تحتجزهم في زنازين سجون سرية في وزيرستان الشمالية، وتقرر لجنة من رجال الدين في فرقة خراسان مصير المحتجزين، ويدان معظمهم بعد تحقيقات يعترف أفراد الفرقة بأنها تكون "قاسية للغاية"، وأضاف أحد الناشطين في خراسان "يتعرضون للصدمات الكهربائية، واذا لم يتعاونوا تستخدم الات الثقب الكهربائي أو يجبر الجواسيس على الوقوف على سخانات تعمل بالكهرباء"، أو تدق المسامير في أجسادهم"، وتكون أي محاولة للتدخل من أجل المحتجزين محفوفة بالمخاطر حيث تعتبر فرقة خراسان هذا الامر تعاونا مع العدو أيضا وتعاقب مرتكبيه بالقتل، وعندما تدين الفرقة أي شخص فانها تحرص على ابلاغ الجميع بالامر، وقال ناشط في الفرقة "ينقل الجواسيس الى خارج المناطق السكنية في الليل ويقتلون بالرصاص، وتلقى جثثهم على الطرق أو في الميادين بالبلدة وبجانبها ورقة تحذر الاخرين من الضلوع في التجسس القذر"، وأصبحت الوسائل التي تستخدمها الفرقة وحشية ومنتشرة لدرجة أن خراسان سببت نفورا لدى بعض قادتها الذين أنشأوها.

وقال حافظ جول بهادور وهو قيادي كبير في طالبان في وزيرستان الشمالية في بيان "حاولنا كثيرا اصلاح خراسان لكن فشلت المحاولات المتكررة لاصلاحهم"، ولا تعتمد خراسان على جماعات متشددة أكبر مثل طالبان لكنها تمول عملياتها عن طريق أعمال الخطف، وتصعب الفرقة على الجيش الباكستاني اقناع قبائل البشتون بتشكيل ميليشيا موالية للحكومة وهي خطوة أساسية في استراتيجيته لمكافحة التشدد، وقال شيوخ قبائل ان مسؤولين باكستانيين عسكريين كبار اشتكوا الى ميليشيا موالية للحكومة في وزيرستان الشمالية من أنه لا يمكنهم تحسين الامن بينما أسس المتشددون دولة داخل الدولة في المنطقة، وتتحدى وحدة خراسان المتشددين الاخرين الذين قد يفكرون في كبح جماحه، وقال متشدد في الوحدة "لا يوجد أحد فوق قانوننا."وتنتشر بسرعة أخبار التعذيب والقتل الذي تمارسه خراسان في القرى والبلدات الصغيرة في وزيرستان الشمالية التي قال أوباما انها "أخطر مكان في العالم"، ويعتقد الناس أن أفراد وحدة خراسان الملثمين دائما والذين يرتدون ملابس ألوانها داكنة على سبيل التمويه قادرون على مراقبة كل تحركاتهم، وقال ساكن في ميران شاه البلدة الرئيسية في ويزرستان الشمالية "يعلمون كل شيء عن الاشخاص الذين يحتجزونهم بل ان لديهم أجهزة يستخدمونها لتسجيل المكالمات الهاتفية لمن يراقبونهم"، وأضاف "يجرون عملياتهم في صمت وهم أكثر تطورا من قوات الكوماندوس التابعة للجيش"، ولا يدخل مقاتلو وحدة خراسان عادة في مواجهة مباشرة مع الجيش الباكستاني لكن مسؤولا عسكريا كبيرا قال ان هذا الوضع لن يستمر طويل، وقال جندي باكستاني طلب عدم ذكر اسمه "نواجه مشاكل جدية في المناطق التي تنشط فيها خراسان، لا يمكننا أن نغادر ثكناتنا ومعسكراتنا لانهم يبحثون عن، لا يمكننا تعريض أنفسنا للكمائن".

ادلة على اغتيال رباني

الى ذلك قالت وكالة المخابرات الافغانية انها سلمت باكستان ادلة على ان قيادة طالبان دبرت حادث اغتيال الرئيس السابق ومبعوث السلام برهان الدين رباني على اراض باكستانية، وذكرت مديرية الامن الوطني ان الهجوم الانتحاري الذي اودى في منتصف سبتمبر ايلول بحياة رباني الذي كان يقود فريق تفاوض حكوميا لاقرار السلام جرى التخطيط له في حي راق في مدينة كويتا في باكستان، ويعتقد ان مجلس قيادة طالبان ويعرف باسم مجلس شورى كويتا يتمركز في تلك المدينة رغم ان طالبان تقول انها تعمل من افغانستان فقط، وتنفي باكستان وجود اي مجلس لطالبان في كويت، وقال لطف الله مشال المتحدث باسم المديرية "يبين اعتراف احد من اعتقلوا لصلتهم باغتيال رباني تورطا مباشرا من شورى كويتا"، وقال في مؤتمر صحفي في العاصمة الباكستانية "قدم ادلة ووثائق سلمناها للسفارة الباكستانية، بموجب التعاون المشترك والعلاقات الدبلوماسية مع افغانستان، باكستان ملزمة بالتحرك"، وقال مشال انه جرى تدبير عملية اغتيال رباني في منطقة راقية في كويتا يقيم بها عدد كبير من المسؤولين والصفوة، وأضاف انه جرى تشكيل لجنة للتحقيق في اغتيال رباني وانه سيجري الكشف عن المزيد من التفاصيل قريب، وكان رباني رئيسا لافغانستان في اوائل التسعينات عقب سقوط الحكومة التي يدعمها السوفيت وقد قتله مهاجم انتحاري في منزله في كابول جاء زاعما انه يحمل رسالة سلام من قيادة طالبان، وقال مشال انه كان يمكن منع قتل رباني اذا شاركت وكالة المخابرات في الفحص الامني للمهاجم ويدعى عصمة الله وكان يخفي المتفجرات في عمامته، وتابع "ليس لدينا ان تفاصيل عن هوية عصمة الله في سجلات ادارتنا"، وبعد ساعات من مقتل رباني اعلن متحدث باسم عن مسؤولية طالبان عن اغتياله، ولكن المتحدث اصدر بيانات فيما بعد نفي فيه اعلانه مسؤولية طالبان وأضاف ان طالبان لا ترغب في التعليق على اغتيال رباني. بحسب رويترز.

رفض الاتهامات

في سياق متصل رفضت باكستان في غضب مزاعم مسؤولين أفغان عن أن المخابرات الباكستانية دبرت اغتيال كبير مفاوضي السلام الافغاني مع طالبان، وقال وفد من المحققين شكله الرئيس الافغاني حامد كرزاي ان الادلة واعترافات شخص شارك في قتل برهان الدين رباني يوم 20 سبتمبر أيلول الماضي كشفت أن المفجر كان باكستانيا وأن باكستان هي التي دبرت عملية الاغتيال، وقالت وزارة الخارجية الباكستانية في بيان "بدلا من الادلاء بمثل هذه التصريحات غير المسؤولة يتعين على أصحاب السلطة في كابول أن يفكروا لماذا يبعد كل هؤلاء الافغان الذين يجنحون الى السلام والى باكستان عن الساحة ويقتلون"، وأضاف البيان "هناك حاجة لتقييم الاتجاه الذي اتخذته هيئات المخابرات والامن الافغانية"، وعطل قتل رباني جهود بدء حوار مع طالبان لانهاء الحرب المستمرة منذ عشر سنوات وزاد المخاوف من اتساع خطير في نطاق الانقسامات العرقية في أفغانسان، وفي اشارة أخرى على تصاعد خيبة الامل الافغانية في اسلام أباد أكد مجلس السلام الذي كان يرأسه رباني مجددا تصريحات سابقة لكرزاي عن أن المفاوضات يجب أن تستمر لكن مع باكستان وليس مع طالبان فيما يشير الى أن اسلام أباد توجه بعض المتشددين من وراء الستار، ويشك زعماء أفغانستان منذ فترة طويلة في وعود اسلام اباد بالمساعدة في اقرار السلام في البلاد، ويشتبه في ان المخابرات الباكستانية تربطها صلات بجماعات متشددة في أفغانستان خاصة شبكة حقاني احدى أعنف هذه الجماعات، ويقول محللون ان باكستان ترى الجماعة باعتبارها من أصولها الاستراتيجية وتمثل ثقلا مضادا لنفوذ الهند المتنامي في أفغانستان، وقال أحمد شجاع باشا رئيس المخابرات الباكستانية ان باكستان لم تقدم قرشا واحدا أو رصاصة لشبكة حقاني قط، وقال زعيم الشبكة سراج الدين حقاني في حديث له ان جماعته لا تربطها أي صلة بالمخابرات الباكستانية. بحسب رويترز.

وتعرضت باكستان كذلك لانتقادات حادة من جانب حليفتها الولايات المتحدة "التي تقدم لها مساعدات بمليارات الدولارات" بسبب أسلوبها في التعامل مع المتشددين، واتهم الاميرال مايك مولن رئيس هيئة الاركان الامريكية المشتركة المنتهية ولايته المخابرات الباكستانية بدعم هجوم يزعم أن جماعة حقاني المقربة من تنظيم القاعدة نفذته على السفارة الامريكية في كابول يوم 13 سبتمبر أيلول الماضي، وفي مواجهة السخط الباكستاني نأى كل من البيت الابيض ووزارة الخارجية الامريكية بنفسه عن تصريحات مولن، وتريد الولايات المتحدة من باكستان الحمل على شبكة حقاني التي يعتقد انها تتخذ من وزيرستان الشمالية على الحدود مع أفغانستان مقرا لها وعلى نشطاء اخرين مناهضين لامريك، ويشك المحللون في أن تشن باكستان حملة على أعضاء جماعة حقاني بل يعتقدون انها ربما تحاول بدلا من ذلك كبح جماحهم لتجنب المزيد من الاحتكاكات مع واشنطن، وقال جنرال الجيش المتقاعد والمحلل طلعت مسعود "أعتقد أن باكستان بالتأكيد ستحاول على الاقل أن تعطي انطباعا بأنها تبذل بعض الجهد لتنأى بنفسها عنهم حتى لا تتعرض للحرج"، وأضاف "لا اعتقد انهم سيشنون حملة عسكرية لكنهم سيعملون على ضمان ألا يسببوا (اعضاء جماعة حقاني) المزيد من المشاكل لنا"، وبدلا من تصعيد الهجمات على المتشددين يبدو أن باكستان تبحث عن سبل أخرى لتحقيق الاستقرار في المناطق القبلية القريبة من الحدود مع أفغانستان، ونقلت الصحف الباكستانية عن يوسف رضا جيلاني رئيس الوزراء الباكستاني قوله ان الحكومة مستعدة للدخول في محادثات سلام مع المتشددين.

احتجاج مناهض

من جهتهم خرج مئات الافغان الى شوارع كابول للتنديد بقصف الجيش الباكستاني لبلدات حدودية مؤخرا واتهموا وكالة المخابرات التابعة له بالضلوع في اغتيال الرئيس السابق لبلادهم برهان الدين رباني، ويأتي الاحتجاج وسط توترات متصاعدة بين الجارتين حيث ينحي مسؤولون أفغان باللائمة على المخابرات العسكرية الباكستانية وكبار قادة حركة طالبان في التخطيط لاغتيال رباني، ومر التجمع الذي استغرق ساعة وخضع لحراسة مشددة دون مشاكل، لكن المحتجين بدوا غاضبين ورفعوا لافتات كبيرة تحمل شعارات مثل "الموت لباكستان" و"الموت للمخابرات العسكرية الباكستانية"، وقال داود كوداماني (22 عاما) وهو طالب جامعي "على باكستان ومخابراتها العسكرية الكف عن التدخل في افغانستان، صبرنا ينفد"، وأضاف "قتال أعداء بلادنا ليس جديدا على الافغان وباكستان عدو اخر لنقاتله"، ويتهم الكثير من الافغان باكستان ومخابراتها العسكرية منذ فترة طويلة بدعم الجماعات المتمردة لتعزيز مصالح اسلام اباد وهو ما تنفيه باكستان، وقتل رباني "الذي كان يرأس المجلس الاعلى للسلام المكلف بمحاولة الوصول الى تسوية عن طريق التفاوض في الحرب الممتدة منذ عشرة اعوام" في منزله بكابول في 20 سبتمبر ايلول في هجوم نفذه انتحاري زعم أنه يحمل رسالة للسلام من قيادة طالبان، واعتبر اغتيال رباني على نطاق واسع ضربة قوية لعملية السلام وجاء وسط تدهور الاوضاع الامنية في البلاد حيث بدأت القوات التي يقودها حلف شمال الاطلسي الاستعداد لانسحاب كامل من البلاد بحلول نهاية عام 2014. بحسب رويترز.

ولمح الرئيس الافغاني حامد كرزاي الى أنه فقد الامل في اجراء محادثات سلام مع حركة طالبان التي يعتقد أن مقر مجلس قيادتها او مجلس الشورى الخاص بها في مدينة كويتا الباكستانية، وقال كرزاي ان على أفغانستان أن تتفاوض على السلام مع باكستان بدلا من هذ، وقال مسؤولون اقليميون أفغان ان الجيش الباكستاني أطلق مئات الصواريخ بين 21 و25 سبتمبر ايلول على اقليمي كونار ونورستان بشرق افغانستان ولهما حدود طويلة مع مناطق قبلية تسودها الفوضى داخل باكستان، وعلى الرغم من أن القصف لم يؤد الى خسائر كبيرة في الارواح فانه جاء بعد اكثر من شهر من القصف الذي قاده الجيش الباكستاني في يونيو حزيران ويوليو تموز وقالت أفغانستان انه أسفر عن سقوط 42 قتيل، وألقت باكستان مرارا باللوم على افغانستان لتوفيرها ملاذات امنة للمتشددين على جانبها من الحدود خاصة في اقليم كونار مما يجعلها عرضة للهجمات المضادة حين تطاردهم ليخرجوا من مناطقها القبلية.

محادثات السلام

من جهة اخرى قال الرئيس الافغاني حامد كرزاي إن الحكومة الافغانية لم تعد تعقد اي مفاوضات سلام مع حركة طالبان، وقال امام مجموعة من الزعماء الدينيين في افغانستان إن مقتل برهان الدين رباني قد اقنعه بأن من الافضل التركيز على الحوار مع باكستان، بدلا من ذلك.وكان الرئيس الافغاني السابق رباني قتل من قبل انتحاري، وقال كرزاي إنه لم يكن ممكنا العثور على زعيم طالبان ملا عمر، وقال اين هو؟، لا نستطيع أن نجد مجلس طالبان؟، اين هو؟، واضاف كرزاي متحدثا في اللقاء جاء الرسول متنكرا في صورة عضو مجلس طالبان وقتل، وهم لم يؤكدوا او ينفو، من ثم، نحن لا نستطيع الحوار مع اي شخص سوى باكستان، واكمل من هو الجانب الاخر في عملية السلام؟، ليس لدي اي جواب آخر غير القول إن باكستان هي الجانب الاخر في محادثات السلام معن، واثنى بيان صدر عن مجلس عموم المشايخ الدينيين في افغانستان بالجهود التي بذلها رباني لتحقيق السلام في البلاد، وأدان مقتله بأشد العبارات، وكان الجيش الامريكي اتهم مؤخراً وكالة الاستخبارات الباكستانية بمساعدة شبكة مسلحي حقاني في هجومهم الاخير في كابول، ورد وزير الخارجية الباكستاني بالتحذير من ان الولايات المتحدة قد تفقد باكستان كحليف لها اذا استمرت في اتهام اسلام آباد علنا بدعم المسلحين، وتنفي باكستان باستمرار تقديمها أي دعم لجماعة حقاني، بيد إن القيام بمتابعة اهداف السياسة الخارجية عبر التحالف مع المسلحين سياسة قديمة قائمة منذ عقود، وطالبت واشنطن اسلام اباد بقطع صلاتها مع جماعة حقاني التي يقول المحللون ان لها جذور عميقة داخل الاراضي الباكستانية، ويقول المسؤولون الامريكيون انهم على وشك اتخاذ قرار بشأن تصنيف الجماعة كمنظمة ارهابية اجنبية، واعلنت وزارة الخزانة الامريكية عقوبات جديدة على خمسة اشخاص تقول انهم على صلة مع اخطر المنظمات الارهابية العاملة في افغانستان وباكستان. بحسب بي بي سي.

الجهاد ضد الولايات المتحدة

من جانبهم هدد مئات من رجال القبائل الباكستانية الولايات المتحدة بشن الجهاد ضدها اذا قامت باي عمل يستهدف شبكة حقاني المتطرفة في شمال وزيرستان على الحدود مع افغانستان، وفي تظاهرة نظمها حزب الجماعة الاسلامية، اكبر حزب اسلامي في باكستان، تجمع عدد من نشطاء الحزب رجال القبائل من المنطقة، تسلح بعضهم برشاشات كلاشنيكوف، في بلدة جمرود في منطقة خيبر القبلية على الحدود مع افغانستان، وتوجه المتظاهرون بعد ذلك في قافلة الى بلدة لانديكوتال على الحدود حيث من المقرر ان يلقي قادة الحزب كلمات في المتظاهرين، وهتف المتظاهرون بشعارات مثل "الموت لاميركا" و"الله اكبر" والجهاد الجهاد"، وتتزايد مشاعر الاستياء في باكستان من الضغوط الاميركية للتحرك ضد حركة حقاني المسلحة او مواجهة العواقب، وتاسست الحركة على يد جلال الدين حقاني الذي كان حليفا لوكالة الاستخبارات المركزية الاميركية (سي اي ايه) ولكنه تحول الى حليف لتنظيم القاعدة، ويتمركز قادتها في شمال وزيرستان، والولايات المتحدة وباكستان حليفتان اساسيتان في الحرب ضد المقاتلين الاسلاميين في افغانستان، لكن العلاقات بينهما توترت مرات عدة وبلغت ادنى مستوياتها بعد مقتل اسامة بن لادن في عملية سرية اميركية في باكستان في ايار/مايو، وكثف المسؤولون الاميركيون مؤخرا التصريحات التي تتهم باكستان بدعم هذا الفرع من المتمردين الافغان المقرب من القاعدة وتطلب منها قطع هذه العلاقات. بحسب فرانس برس.

المزيد من الاجراءات العسكرية

من جانب اخر قال عضو بمجلس الشيوخ الامريكي ان الدعم يتزايد داخل الكونجرس لتوسيع نطاق العمل العسكري الامريكي في باكستان ليتجاوز الغارات بطائرات بلا طيار التي تستخدم بالفعل لاستهداف المتشددين في الاراضي الباكستانية، وتأتي تصريحات السناتور لينزي جراهام وهو صوت مؤثر من الحزب الجمهوري على السياسة الخارجية والشؤون العسكرية بعد تصريحات أدلى بها الاميرال مايك مولن رئيس هيئة الاركان الامريكية المشتركة واتهم فيها باكستان بدعم الهجمات التي شنتها شبكة حقاني المتشددة في 13 سبتمبر ايلول على السفارة الامريكية في كابول، وفي ظل تزايد الدعوات لاتخاذ موقف اكثر صرامة من المتشددين المتهمين بشن هجمات على هذا المستوى قالت وزيرة الخارجية الامريكية هيلاري كلينتون ان واشنطن تقترب من اتخاذ قرار بشأن ما اذا كانت ستصنف شبكة حقاني كجماعة ارهابية، وتضغط الولايات المتحدة على باكستان منذ فترة طويلة لتلاحق شبكة حقاني وهي احدى اخطر الجماعات المتحالفة مع حركة طالبان الافغانية التي تقاتل القوات الغربية في أفغانستان، وسلطت الاضواء على شبكة حقاني ومقرها باكستان منذ اتهمها مسؤولون أمريكيون بشن الهجوم على سفارة الولايات المتحدة في كابول بدعم من وكالة المخابرات العسكرية الباكستانية، وقال جراهام ان النواب الامريكيين ربما يدعمون الخيارات العسكرية التي تتجاوز الغارات بطائرات بلا طيار والتي تنفذ منذ سنوات داخل الاراضي الباكستانية. بحسب رويترز.

وربما تشمل هذه الخيارات استخدام قاذفات قنابل أمريكية داخل باكستان، وقال السناتور الجمهوري انه لا يشجع ارسال قوات برية أمريكية الى باكستان، وأضاف "أود أن أقول انه حين يتعلق الامر بالدفاع عن الجنود الامريكيين فانك لا تريد أن تقيد نفسك، هذا ليس اشتباكا بجنود مشاة، أنا لا أتحدث عن هذا لكن لدينا أدوات كثيرة تتجاوز الطائرات بلا طيار"، وتابع قائلا "في عالم مثالي، كانت القوات الافغانية والباكستانية وقوات التحالف (القوات الامريكية وقوات حلف شمال الاطلسي) لتعمل معا على جانبي الحدود لحرمانهم (المتشددين) من أن تكون لهم ملاذات امنة داخل أفغانستان وعلى الجانب الاخر" في المناطق القبلية بغرب باكستان والتي يعتقد أن شبكة حقاني وغيرها من الجماعات المتشددة تنشط فيه، وقال جراهام ان النواب الامريكيين سيبحثون تصعيد الضغوط العسكرية وأضاف "اذا رأى الناس أن المسألة وصلت الى مرحلة تكون فيها هذه هي الطريقة الوحيدة لحماية مصالحنا فانني أعتقد أنه سيكون هناك الكثير من الدعم"، وقالت وزيرة الخارجية الامريكية هيلاري كلينتون "نحن في مرحلة المراجعة الرسمية الاخيرة التي يجب القيام بها لاتخاذ قرار على نطاق الحكومة لتصنيف الشبكة كتنظيم ارهابي أجنبي"، وأضافت أن واشنطن أدرجت بالفعل عددا من قيادات شبكة حقاني على قائمتها للارهاب.

تقليص عدد المدربين

بدورهم يواصل مسؤولون أمريكيون وباكستانيون محادثات حول مستقبل البعثة العسكرية الامريكية في باكستان لكن من المرجح أن يتقلص نفوذ واشنطن على القوات الخاصة الباكستانية مع تصاعد التوترات بين البلدين، وقال مسؤول أمريكي ان كلا البلدين يبحثان اتفاقا من شأنه السماح لما بين 100 و150 فردا من القوات المسلحة الامريكية بالتمركز في باكستان وهو عدد أقل مما كان في الماضي القريب، وقال المسؤول الذي طلب عدم نشر اسمه "هذا ما يسعون اليه"، وما زالت طبيعة الوجود العسكري الامريكي في باكستان وحجمه محل شك وكذلك العلاقة بين الطرفين بصفة عامة بعد أن تحدث مسؤول عسكري أمريكي كبير عن وجود صلة بين جهاز المخابرات الباكستانية وشبكة حقاني المتهمة بمهاجمة أهداف أمريكية في أفغانستان، ووصف الاميرال مايك مولن الذي تنحى عن قيادة هيئة الاركان الامريكية المشتركة شبكة حقاني بأنها "الذراع الحقيقية" لجهاز المخابرات الباكستانية، وأطلقت هذه المزاعم حربا كلامية ربما تهدد المساعي التي تبذلها الولايات المتحدة منذ سنوات لدفع باكستان لاتخاذ اجراء ضد شبكة حقاني وغيرها من الجماعات المتشددة التي تعمل انطلاقا من مناطق قبلية يغيب عنها القانون، وقال مولن انه يعتقد أن باكستان أبقت علاقاتها مع شبكة حقاني بهدف تحسين أمنها ويشعر أن هناك حاجة للتحدث صراحة لان الجماعة "مركزة باصرار في الوقت الحالي على قتل الامريكيين"، وشبكة حقاني متحالفة مع حركة طالبان الافغانية ويعتقد أن صلة وثيقة تربطها بتنظيم القاعدة، وينظر لها الان باعتبارها تهديدا رئيسيا للخطط الامريكية التي تهدف الى تحقيق قدر ولو بسيط من السلام أثناء انسحابها التدريجي من أفغانستان، وفي الماضي كان هناك ما بين 200 و300 فرد من الجيش الامريكي يتمركزون في باكستان الكثير منهم يدربون القوات الباكستانية الخاصة لمواجهة المتشددين، لكن اسلام اباد التي شعرت بغضب بالغ من العملية السرية التي قامت بها قوات أمريكية خاصة لقتل زعيم القاعدة أسامة بن لادن في مايو ايار دون علمها قلصت بشدة من حجم هذه البعثة.

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 6/تشرين الأول/2011 - 8/ذو القعدة/1432

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1432هـ  /  1999- 2011م