انتفاضة البحرين وصراع إثبات الوجود

متابعة: علي الطالقاني

 

شبكة النبأ: تشهد البحرين صراعا بين النظام الحاكم (الأقلية) والمعارضة (الأكثرية) حول طبيعة الحكم والنظام السياسي، وهناك قلق متنامي بسبب غياب الحلول مما حول البحرين الى جبهتين. فالاحتجاجات قابلها النظام بالقمع وخرج المشهد عن جادة الأدعاءات التي تدعيها السلطة من اصلاحات، التي تجهد في الوقت ذاته في حملة موسعة لإقناع المحتجين بطرق مختلفة بفشل ثورتهم تحت حجج مختلفة، تقف في طليعتها التلويح بنشوب حرب أهلية.

لكن ما يراه المعارضون عكس ذلك، مؤكدين على نجاح الانتفاضة بالرغم مما تكبدهم من خسائر مادية ومعنوية، حيث قال على سلمان، الأمين العام للوفاق، "إذا كنا فشلنا فى جلب الديمقراطية إلى هذا البلد حاليا، لكننا سننجح فى تحرير البحرين، لكن لا أعلم متى ربما بعد سنة وسنتين، لا أعرف.

وقد مهدت ظاهرة غياب المساواة المتأصلة في تركيبة الدولة البحرينية لاستمرارية الأجواء المضطرة، فالغالبية الشيعية تصل إلى 70 % من السكان، ويسعون السنة، إلى السيطرة على زمام الحكم، حتى وصل الربيع العربى للبلدان العربية، انتهز الشيعة الفرصة للحصول على حريتهم.

دوليا، رجح وزير الدفاع البريطاني وليام فوكس من أن البحرين ستكون برلين أخرى، مشيرا، (نظرا لوجود قطع بحرية لنا هناك، فقد نصحنا الملك وولي العهد بتطبيق إصلاحات، إذ يجب احترام حقوق الإنسان وهناك حاجة لإصلاحات اقتصادية).

وأضاف فوكس إنه سعى مع جهات أخرى بالمنطقة من أجل إجراء إصلاحات بالبحرين، لأن هذا سيساعد بحل مشاكل أخرى بالمنطقة. لكن على خلاف ذلك وما حذر منه بعض المحللين السياسيين فقد اتخذت الحكومة البحرينية طرق ملتوية والتصعيد لمواجهة الأزمة.

فقد حكمت محكمة خاصة في البحرين مؤخرا على 26 من المحتجين الشيعة شيعيا بالسجن حتى 15 سنة. وحكمت محكمة السلامة الوطنية الابتدائية (خاصة) على تسعة اشخاص بالسجن 15 سنة. وفي قضية ثانية، حكم على اربعة اشخاص.

اما في القضية الثالثة، فقد حكم على ستة اشخاص بالسجن عشر سنوات وعلى ثمانية اخرين بالسجن خمس سنوات. وحكمت محكمة خاصة على 36 شيعيا بينهم طلاب بالسجن بين 15 و25 سنة في ثلاث قضايا منفصلة مرتبطة باحداث الحركة الاحتجاجية.

الامر الذي خلف استياء لدى معظم الناشطين البحرينيين، يقول احدهم، ان المحاكمات القاسية وغير القانونية وغير الدستورية التي تجري في البحرين ضد النشطاء السياسيين هي محاكمات سياسية بامتياز. فيما يجدها الناشط عبد الاله الماحوزي ان الهدف من هذه المحاكمات هو اخضاع الشعب لهيمنة النظام الذي يريد ان يقول له بان مصير كل معارض سيكون مصير هؤلاء المعتقلين.

ويعلل الماحوزي قائلا، أن سبب عدم إصغاء النظام للمنظمات الدولية والحقوقية في العالم يعود الى دعم الادارة الاميركية والنظام السعودي لهذا النظام ظنا منه بان هذه الدول ستدعمه الى ما لا نهاية وهذا خطا وقعت فيه بقية الانظمة الديكتاتورية في المنطقة العربية.

وأشار أيضا، النظام المخيف في البحرين يمارس ابشع القمع والتعذيب وعمليات القتل والضرب واقتحام البيوت والاعتداء على النساء أمام مرأى كل العالم مؤكدا ان المنظمات الحقوقية في العالم مارست الضغوط على هذا النظام الا ان الاستكبار العالمي والدول الاستكبارية هي التي تحول دون ان يكون لهذه المنظمات اي تاثير على النظام.

واعلن الماحوزي عن تاسيس منتدى لحقوق الانسان في الخارج من اجل ملاحقة المجرمين ونشر الفضائع وانتهاكات حقوق الانسان التي يمارسها النظام البحرينيف ستكون له فعاليات لفضح هذه الجرائم والانتهاكات.

من ناحية اخرى حظرت البحرين تنظيم تظاهرة بدعوة من ابرز حركة معارضة شيعية كانت تعتزم التظاهر احتجاجا على عقوبات السجن التي صدرت بحق ناشطين بتهم المشاركة في حركة الاحتجاج في شباط/فبراير وآذار/مارس. واحتجت جمعية الوفاق على هذا القرار معتبرة اياه "غير شرعي" ورأت فيه "مساسا بحرية التعبير".

صراع العائلة المالكة

ومع تصاعد حركة الاحتجاجات يتصاعد يوم بعد آخر صراعات السلطة داخل العائلة المالكة فى البحرين من شأنها تعميق الانقسامات فى محيط العائلة الحاكمة، مما رجح عملية وقف الضباط المتهمين بتعذيب المواطنين فى البحرين باعتباره إشارة على تزايد الصراع داخل عائلة آل خليفة على مدى العنف الذى يمكن استخدامه لقمع المتظاهرين.

وتقول بعض قوى المعارضة فى البحرين قولهم: "إن 90% من الضباط الذين أساءوا معاملة المتظاهرين قد ألغيت عقودهم وتم ترحيلهم إلى الأردن، ولكن ليس واضحاً، إلى الآن، ما إذا كان الهدف من ذلك الإجراء تطهير الجهاز الأمني من الذين انتهكوا حقوق المحتجين حقاً، أو أنه لمجرد إبعاد الشهود، على استخدام العنف، من الساحة البحرينية".

ويقول الكاتب باتريك كوكبرن أن تزايد الانقسامات داخل العائلة السنية المالكة قد أصبح أكثر بروزًا، خاصةً بعد تصريحات الملك حمد بن عيسى آل خليفة التى تهدف إلى مصالحة الأغلبية الشيعية فى البحرين ولكنها جميعاً دون تطبيق عملى على أرض الواقع.

وأضاف الكاتب أن المتشددين فى العائلة المالكة يتزعمهم قائد الجيش، أحمد بن خليفة، وابن أخيه وزير الديوان الملكى الشيخ خالد بن أحمد، مدعومين من السعودية بهدف تهميش الدور الذى يلعبه ولى العهد سلمان بن حمد، لأنه أكثر العناصر الليبرالية الموجودة فى العائلة المالكة.

من جانب آخر وعلى الصعيد الدولي اكد عضو مركز البحرين لحقوق الانسان عباس العمران ان انعكاسات الوضع البحريني على الصعيد العالمي بات أكثر وضوحا واصبح يشكل احراجا للادارة الاميركية. وقال العمران ان وسائل الاعلام الاميركية باتت تحذر ادارة الرئيس باراك اوباما بسبب سياساتها من البحرين وأهمالها لملف الاحتجاجات والمطالبات الشعبية في هذا البلد.

وعقب احتجاجات جمعة الاصرار لا يزال خبراء في البحرين ينتقدون تعاطي اوباما مع الملف البحريني وهذا يعكس وبوضوح تاثير هذا الملف على السياسات الشرق اوسطية للولايات المتحدة.

واستطرد العمران قائلا ان خبراء دوليين، اعترفوا بشكل واضح بأن حليف واشنطن أي الاسرة الحاكمة في البحرين تعاني من متاعب وان ادارة اوباما في حيرة من امرها حيث لم ترسل منذ شهر أي مسؤول للمنامة للوقوف على اوضاع هذا البلد. وتابع العمران ان انعكاس الملف البحريني على الصعيد العالمي بات اليوم اكثر وضوحا ما سيتسبب في متاعب جمة لنظام الحكم في المنامة وعلى صعيد آخر سيضع الغرب والولايات المتحدة في مأزق حال استمرارهم في سياساتهم الداعمة لاسرة آل خليفة المستمرة في قمع الشعب ومنعه من الحصول على حقوقه.

كما اشار العمران الى ان الاعلام الغربي والمؤسسات البحثية في الولايات المتحدة تتوقع ان تزداد حدة الاحتجاجات والمظاهرات في البحرين بسبب استمرار النظام الحاكم في هذا البلد بقمعه لمعارضية من جهة وعدم وجود رؤية واضحة للدول العربية والادارة الاميركية تجاه ما يحدث في البحرين من جهة أخرى.

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 6/تشرين الأول/2011 - 8/ذو القعدة/1432

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1432هـ  /  1999- 2011م