من أسباب عزوف الشباب عن شراء الكتب

علي حسين عبيد

 

شبكة النبأ: يمكننا ملاحظة التراجع الملحوظ في معدل اقتناء الكتب على نحو عام، ولعل اختيار شريحة الطلبة الجامعيين كمعيار في هذا المجال، يأتي من باب كونهم الاقرب الى الثقافة، والبحث عن المعلومة في الآداب أو العلوم، وثمة أمر آخر هو توافر الكثير من الكتب، في العديد من المواقع والمراكز المتخصصة بنشر الكتب ألكترونيا، ولجوء الطلاب وغيرهم الى الانترنيت كوسيلة بديلة عن شراء الكتب، إذ لا يمكن أن نلغي عامل الاسعار المتصاعدة للكتب التي تعرض حاليا في المكتبات، وهو أمر يدعو للعجب حقا، حيث يغيب دور الدولة او الجهات الرسمية كليا، في دعم سعر الكتاب وجعله مناسبا لكي يكون في متناول الجميع، طلابا أو غيرهم، واذا أضفنا الى ما سبق قوله، ما طرأ من تغييرات كبيرة على طبيعة الحياة العراقية نفسها، حيث التعامل السهل مع وسائل الاتصال المختلفة، شكل نوافذ متاحة على نحو واسع لاهمال القراءة، فإنسان هذا العصر –العراقي- سواء كان طالبا او غيره، ليس مستعدا لهدر الوقت ولا الجهد او الثمن المطلوب لكي يطور نفسه عبر القراءة والكتب، وبات يعتقد أن مستوى الثقافة نفسه يمكنه أن يصل اليه عبر وسائل الاتصال السريعة والمتاحة له بيسر ودونما عناء.

لهذا قد لا نخطئ إذا قلنا أن عملية العزوف عن شراء الكتب ترافقها عملية تدني ثقافي ملحوظ سواء بين الطلبة الجامعيين او غيرهم، نعم هناك شبان مثقفون، ولكن كم هي نسبة المثقفين من بين شريحة الشباب والطلبة والقراء عموما؟ الجواب: إن النسبة مخيفة حقا، هناك أمية ثقافية مروّعة بين الشباب وغيرهم، وهو واقع حال يعلن نفسه من دون مواربة او تردد.

لذا تبرز الحاجة الى مهمة الترويج للكتب عموما، ومن بينها الكتب الادبية، إذ لا تتعلق هذه المهمة بالمثقف او مؤلف الكتب الادبية حصرا، لكن لابد أن لا يتراجع كتّاب الادب عن دورهم في حث الشباب على قراءة كتبهم، بمعنى أوضح هناك جانب من المسؤولية يقع على كاتب الرواية او الديوان او المسرحية كي يصل مؤلَّفه للقراء لا سما للشباب بأعلى نسبة معينة.

وهنا تحضرني تجربة لا تزال قريبة وساخنة بهذا الصدد، فحين اصدرت الروائية لطفية الدليمي روايتها (سيدات زحل) في العام الفائت، لم تكتف بما نشرته دار النشر من تعريف لها ولا بما قدمته الصحف العراقية والعربية والمواقع الالكترونية من تعريف بهذا الكتاب، بل سرعان ما اتصلت بجميع اصدقائها، وقد قمت بنفسي بتوزيع عدة نسخ من سيدات زحل لعدد من الاصدقاء وسرعان ما وصلت الرواية الى عدد جيد من القراء عبر سلسلة مقالات نشرت في الصحف والمواقع وغيرها، أظن أن ما قامت به لطفية الدليمي يعمل به الكتاب الآخرون ولكن بنسب متفاوتة. وهكذا يبقى دور الكاتب يدور في هذا المجال لا اكثر، لكن الدور الاكبر يتعلق بمنظومة تسويق الكتاب والترويج له وجعله سلعة اقتصادية تخضع لعمليات الربح، وهذه قضية تتطلب تعاملا علميا تشترك فيه جهات رسمية وأهلية معنية بترويج الكتاب تحت دوافع اقتصادية اولا ثم دوافع ثقافية وغيرها، واذا تحدثنا عن الشباب او الطلبة حصرا، فإن الجهد هنا يكون فرديا من لدن الكاتب كأن يزور الجامعات وغيرها من اجل الترويج لكتابه.

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 4/تشرين الأول/2011 - 6/ذو القعدة/1432

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1432هـ  /  1999- 2011م