نَاصَر الحق... فانتصر؟!

غريبي مراد

من محن الزمن العربي المعاصر، أنك إذا حاولت أن تقول للظالم إنك ظالم، فحتما ستعامل كخارج عن العرف العربي، هكذا حدث مع المدون الفاضل ناصر آبل حسن دشتي، الذي حاول خفافيش الاستبداد والانسداد السياسي العربي أن يحملوه جريمة هو بريء منها، وكل القضية من يونيو الماضي إلى غاية يوم الثلاثاء الماضي كانت تصفية حساب مع فكر حر برمته في عالم عربي لا يحترم الحريات، كما يفتقر لأبجديات الجدال بالتي هي أحسن.

 ومأزق الأخ ناصر أنه كان صيدا ثمينا لثلة من رواد الفكر المتحجر ليفرغوا غلهم وينفسوا عن عقدهم الباراسيكولوجية التي كثيرا ما تحدث عنها الدكتور طارق الحبيب في برنامج صباح فضائية الشرق الأوسط...

بصراحة: عبر الزمن الانساني، صراع الأفكار والارادات والمواقف، أثبت أمرا وحيدا أقره العقل والشرع الإسلامي وهو: من أراد أن يقهر مظلوما فليعلم أنه يقهر نفسه من حيث لا يعلم، ومحنة الأخ ناصر آبل، لا تخرج عن هذا القانون الاجتماعي العظيم، كما نلاحظ ما يحدث في اليمن والبحرين وسورية وما هنالك، لا يمكنك أن تخنق الحرية بالتسلط أو التزييف أو التضليل، الحرية في أسمى معانيها هي أكسجين الكرامة الإنسانية، ومن أراد كبتها وإزالتها فإنه قد استكبر وتدّخل في شأن من شؤون خالق الوجود والنتيجة أن الخيبة هي عاقبته...

بكلمة: ما حدث للمدون ناصر آبل حسن دشتي، يتمثل في أن المنطق الاستعلائي الجاثم على التفكير الديني بالعالم العربي الراهن، حاول أن يصارع فكر آبل وحريته وأخلاقه ورساليته، ليوصل رسالة لرواد تجديد الفكر الديني والحرية السياسية والديمقراطية الإسلامية، بأنه ذلك التطلع كله خط أحمر في الراهن العربي، لكنه نسي أن الحياة ثقافة قبل أن تكون تسلطا، وأن السلطة بلا حكمة هي سم بمذاق العسل، يقتل صاحبه بين عشية وضحاها...

ببساطة: المدون ناصر آبل، أبدا لم يخرج عن الأدب ولا العرف ولا القانون، وبغض النظر عن ثبوت كون صفحته بشبكة التواصل الاجتماعي تويتر قد تعرضت لقرصنة الكترونية، واستكمالا للقراءة المقتضبة لمحنة الواقع العربي في مظلومية المدون ناصر أقول: ما هكذا يواجه ناصر...!!! ليس بمنطق لكم السجن ولنا الرأي، لكم النار ولنا الجنة، ولكم القهر ولنا الحرية، حيث من مكر بالكويتي الحر ناصر آبل حسن دشتي المخلص لأميره ووطنه ودينه وأصالته وإنسانيته، لأنه مارس حريته في التعبير عن الرأي، القضية كلها أن هناك نرجسية تسلطية تأبى أن تفهم: «بقاء الحال من المحال»؟!...

الأهم هنيئاً للمدون الكويتي ناصر آبل معاينته لحرية التعبير في عالم يسكنه العرب، لأن هناك معادلة عربية قديمة تقول: من يمارس حرية التعبير أكيد ليس عربيا!!! لكن آبل نَاصَر الحق وخرج عن المعادلة العربية فانتصر..والله من وراء القصد.

http://www.aldaronline.com

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 3/تشرين الأول/2011 - 5/ذو القعدة/1432

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1432هـ  /  1999- 2011م