العراق وأمريكا... بقاء القوات وفكرة القرارات الخجولة

متابعة: علي الطالقاني

 

شبكة النبأ: لازال موضوع انسحاب القوات الامريكية يشكل جدلا واسعا بين اروقة السياسة فهناك قرارا خجولة وأخرى حاسمة من أجل انهاء ملف الانسحاب، لكن مايجري على الساحة العراقية من تداعيات أمنية وسياسية جعل هناك مخاوف من التسرع باتخذا قرار مناسب، الولايات المتحدة من جهتها لم تنهي الامر ولم تتخذ قرارا نهائيا بعد يخص باقي القوات في العراق، فقد  نفى وزير الدفاع الأمريكي ليون بانيتا انه تم اتخاذ اي قرار بابقاء بعض القوات الامريكية في العراق بعد حلول موعد انسحابها في نهاية العام مع تزايد التكهنات بأن حكومة الرئيس باراك أوباما تؤيد الاحتفاظ بقوة تدريب صغيرة في البلاد.

وكان بانيتا أيد خطة ابقاء ما بين 3000 و4000 من الجنود الامريكيين في العراق بعد الموعد النهائي للانسحاب في نهاية العام الذي تم الاتفاق عليه في اتفاق امني ثنائي.

ان الخطة التي يؤيدها بانيتا أقل كثيرا من اقتراح الجنرال لويد اوستن أعلى قائد عسكري امريكي في العراق بابقاء ما بين 14 ألفا و18 ألفا من القوات الامريكية في البلاد. غير ان البنتاجون والبيت الابيض نفيا انه تم اتخاذ قرار بشأن عدد القوات الامريكية التي قد تبقى في العراق قائلين ان ذلك لن يتم الا بعد مفاوضات بين واشنطن وبغداد. وقال بانيتا للصحفيين خلال رحلة الى نيويورك لم يتخذ قرار فيما يتعلق بعدد الجنود الذين سيبقون في العراق. بحسب رويترز

وفي البيت الابيض نفى المتحدث جاي كارني أيضا ان بانيتا قدم توصية الى الرئيس أوباما بخفض مستويات القوات في العراق نحو 3000 فرد بنهاية العام. وقال كارني قلنا من قبل انه اذا قدمت الحكومة العراقية الينا طلبا بشأن مهمة تدريب في المستقبل فاننا سندرسه قطعا. ولكن ذلك الطلب لم يتم تقديمه ولم تتخذ اي قرارا.

اسئلة حول حجم القوات

من جهته شدد البنتاغون على ان اي قرار لم يتخذ بعد حول حجم القوات الاميركية في العراق في المستقبل، في وقت اعرب فيه اعضاء في الكونغرس عن قلقهم ازاء تقارير تشير الى ان البيت الابيض يسعى لابقاء 3 الاف عنصر فقط على الارض.

واعرب مسؤولون عراقيون عن عزمهم التفاوض مع واشنطن حول ابقاء حول قوة عسكرية اميركية بعد مهلة نهاية العام، لكن لا يزال من الضروري الاتفاق حول حجم هذه القوة المستقبلية.

وواجه البنتاغون اسئلة حول الخطط المستقبلية للقوات الاميركية بعد ان اوردت شبكتا "فوكس نيوز" و"سي ان ان" وصحيفة "نيويورك تايمز" ان مستشاري الرئيس الاميركي باراك اوباما يدرسون امكانية ابقاء قوة اقل حجما من 3 الاف عنصر في العراق بالمقارنة مع القوة الحالية البالغ عديدها 46 الفا.

وقال مسؤولون ان وزير الدفاع الاميركي ليون بانيتا ايد خيار ابقاء 3 الاف عنصر فقط. بحسب فرانس برس.

الا ان بانيتا رفض تحديد ماهية الخيارات المطروحة لمستقبل القوات في العراق وقال ان حجمها بعد العام 2011 رهن بما ستفضي اليه المباحثات مع بغداد. وصرح بانيتا امام صحافيين خلال زيارة الى النصب الجديد لذكرى اعتداءات 11 ايلول/سبتمبر في نيويورك لم يتخذ اي قرار حول عدد القوات.

واضاف لا استطيع ان احدد رقما او ان اقول ما سيكون عليه تقريبا، فالامر متعلق بالمفاوضات".

ويتعين على الولايات المتحدة بموجب اتفاق امني مع العراق في العام 2008 سحب قواتها من البلاد بحلول نهاية العام ما لم يتوصل الجانبان الى اتفاق جديد.

وكان بانيتا المح سابقا الى ان القادة العراقيين يريدون بقاء قوات اميركية في البلاد، وان المباحثات ستركز على الاتفاق حول التفاصيل. وصرح انه لا علم له بان الحكومة العراقية اقترحت عددا محددا للقوات لكنه اشار الى انها اعربت عن رغبتها في بقاء مدربين.

وقال بانيتا بحسب نص مقابلة ضمن برنامج تشارلي روز شو على شبكة بي بي اس، من الواضح ان عدد القوات المتواجدة لن يكون كبيرا  خصوصا اذا تعلق الامر بمهمة تدريب.

واشار مسؤولون عسكريون اميركيون وعراقيون على حد سواء الى ان القوات العراقية بحاجة الى مساعدة خارجية للدفاع عن المجال الجوي للبلاد وحدوده البحرية والبرية. الا ان تواجد القوات الاميركية لا يزال يشكل مسالة سياسية دقيقة، فقد هدد الزعيم الشيعي المعارض للولايات المتحدة مقتدى الصدر بنشوب "حرب" في حال بقاء القوات الاميركية بعد العام 2011.

وفي واشنطن، يواجه الرئيس الاميركي باراك اوباما مطالب متناقضة حول وتيرة انسحاب القوات الاميركية اذ يحثه بعض افراد حزبه على اتمام انسحاب كامل بحلول نهاية العام. الا ان العديد من اعضاء الكونغرس اعربوا عن قلقهم من ان قوة من ثلاثة الاف عنصر يمكن ان تهدد الاستقرار في العراق. واعلنت رئيسة لجنة الاستخبارات التابعة لمجلس الشيوخ ديان فينستيان اعتقد انه خطا ومتسرع.

واصدر ثلاثة اعضاء اخرين في مجلس الشيوخ كانوا من مؤيدي ارسال قوات اضافية في العام 2007، بيانا مشتركا اعربوا فيه عن قلقهم ازاء تقارير حول ابقاء قوة اقل حجما. وجاء في البيان الصادر عن السناتورين الجمهوريين جون ماكين وليندسي غراهام والسناتور المستقل جو ليبرمان انه عدد اقل بكثير مما اعلنه لنا المسؤولون العسكريون اثر زيارات متكررة الى العراق بانهم يحتاجون اليه وما هو ضروري لحماية المكتسبات التي حققها البلدان اثر جهود وتضحيات كبيرة. وغالبا ما تراوحت تقديرات حجم القوة الاميركية المستقبلية بين 10 و15 الاف عنصر. وكتبت نيويورك تايمز ان قائد القوات الاميركية في العراق الجنرال لويد اوستن اقترح بقاء قوة اكبر يتراوح عديدها بين 14 و18 الف عنصر.

إبقاء قوات

وأفاد مسؤولون عسكريون أميركيون بأن وزير الدفاع ليون بانيتا يؤيد خطة تقضي بإبقاء ما بين ثلاثة آلاف وأربعة آلاف جندي أميركي لأغراض التدريب في العراق عقب انتهاء انسحاب القوات الأميركية المقرر نهاية هذا العام.

وقالت صحيفة نيويورك تايمز إن هذا التوجه يخالف ما تعهد به الرئيس الأميركي باراك أوباما منذ فترة طويلة بإجلاء كافة القوات الأميركية من العراق عند انتهاء المدة المحددة. وتابعت أن هذا التوجه أيضا –إذا ما تمت الموافقة عليه من قبل البيت الأبيض والحكومة العراقية- يعكس التغير في الوقائع السياسية في كلا البلدين.

كما أن هذه الخطة –والكلام للصحيفة- تعكس الفجوة بين تعهد أوباما بإعادة كافة القوات الأميركية وبين الرأي الذي يتبناه العديد من القادة، وهو أن العراق غير قادر بعد على توفير الأمن.

وتشير نيويورك تايمز إلى أن الخطة أيضا تعكس حجم الضغوط الرامية لخفض تكاليف القتال في العراق وأفغانستان، ولا سيما أن هاتين الحربين لم تعودا تحظيان بشعبية مع اقتراب الذكرى العاشرة لأحداث 11 سبتمبر/أيلول.

وتقول الصحيفة إن وكالة المخابرات المركزية الأميركية (سي آي أي) ستحافظ على وجود كبير لها في العراق إلى جانب متعاقدين أمنيين يعملون لصالح الخارجية الأميركية، حتى بعد تخفيض القوة العسكرية.

فكرة سيئة

من جانب آخر رجح محللون سياسيون تفضيل إدارة أوباما، والحكومة العراقية الحفاظ على القوة المتبقية، لأنه بذلك سيطيل أمد المشكلة، بالإضافة إلى كونه انتهاكاً للاتفاق المبرم العراق وإدارة الرئيس الأمريكى السابق بوش الابن.

وقال محللون سياسيون في صحيفة واشنطن بوست أن إطالة أمد الوجود الأمريكى فى العراق فكرة سيئة، خاصةً بعد أن راح ضحيته 4.474 أمريكى فى حرب دموية وغير ضرورية من البداية، مضيفةً إذا كان ضرورياً تواجد القوات الأمريكية فى العراق فلتكن إذاً بأعداد قليلة، وليكن 5.000 جندى، ومن ثم يصبح أمراً مقبولاً باعتباره وسيلة لحشد قوات الأمن العراقية، واستمرار عمليات التدريب.

وهناك انتقادات حول تواجد أعداد كبيرة من الجنود الأمريكيين، مثلما يطالب البعض بوجود 18.000 جندى بحجة ضمان المكاسب التى تحققت فى العراق، لأنه يصعب بعدها إنهاء الوجود الأمريكى العسكرى فى العراق فإن الولايات المتحدة أهدرت الموارد، والوقت منذ قامت بغزو العراق فى عام 2003 فى احتلال غير متكافئ، ولكن، بعد مرور ثمانى سنوات، أصبح للعراق حكومة منتخبة، والحالة الأمنية فى تقدم مستمر، لذلك يتعين على الرئيس أوباما أن يأخذ الاتفاق مع العراقيين على محمل الجد، مما يعنى تواجد قوات صغيرة فى العراق.

احصائيات حول التفجيرات

من جانب آخر  وعلى الصعيد الأمني كشفت دراسة بريطانية جديدة أن التفجيرات الانتحارية في العراق أودت بحياة 12 ألف مدني و200 جندي من قوات التحالف منذ غزو العراق العام 2003، في وقت كشفت وثيقة لـ«ويكيليكس» نقلا عن مقرر تابع للامم المتحدة ان الجيش الاميركي نفذ مجزرة بحق عشرة مدنيين عراقيين في بغداد قبل نحو خمسة اعوام.

وذكرت صحيفة ذي اندبندنت البريطانية الصادرة امس ان الدراسة، التي شاركت في اعدادها «كلية لندن الجامعية» ومنظمة «احصاء قتلى العراق» ومقرها لندن ومنظمات أخرى، وجدت أن الأطفال العراقيين هم أكثر عرضة للوفاة من البالغين إذا ما تعرضوا لإصابة في تفجير انتحاري.

وقالت الدراسة إن «أكثر من 30 ألف مدني عراقي أُصيبوا بجروح وقُتل 12284 مدنياً في نحو 1000 تفجير انتحاري خلال الفترة من 20 مارس 2003 إلى 31 ديسمبر 2010، أي ما يعادل 10 في المئة من الوفيات و25 في المئة من الاصابات بين صفوف المدنيين العراقيين جراء العنف المسلح خلال الفترة نفسها».

واضافت أن «نحو ثلث القتلى العراقيين، أي ما يعادل 3963 قتيلاً، تم التعرف عليهم ديموغرافيا وأشارت الدراسة إلى أن «200 جندي من قوات التحالف قُتلوا في الهجمات الانتحارية خلال الفترة نفسها، من بينهم 175 جندياً اميركياً لقوا حتفهم في 76 هجوماً انتحارياً، و16 جندياً ايطالياً بهجوم واحد، وثلاثة جنود بريطانيين بهجوم واحد، وأربعة من الجنود البلغار واثنين من الجنود التايلنديين بهجوم واحد».

مجزرة إميركية

إلى ذلك، قدم مقرر تابع للامم المتحدة للولايات المتحدة تقريرا بشأن اعدام جنود اميركيين لعشرة عراقيين على الاقل بينهم اربع نساء وخمسة اطفال خلال عملية عسكرية العام 2006 شمال بغداد، بحسب برقية دبلوماسية اميركية نشرها موقع «ويكيليكس».

وتشير البرقية المؤرخة في السادس من ابريل 2006 إلى رسالة من المقرر الخاص بشأن الاعدامات خارج اطار القانون فيليب الستون، اكد فيها ان القوات الاميركية قيدت واعدمت تسعة افراد من عائلة واحدة وامرأة كانت تزورهم في منزلهم في مدينة بلد على بعد 70 كيلومترا شمال بغداد، ثم طلبوا شن الجيش الاميركي غارة جوية لمحو الادلة.

وكتب الستون بحسب البرقية: اريد ان الفت انتباه حكومتكم إلى عملية نفذتها القوة المتعددة الجنسيات في 15 مارس 2006 في منزل فايز حرات خلف المجمعي وهو مزارع في بلد في محافظة صلاح الدين.

وأضاف الستون: بحسب المعلومات التي وردتنا، عند اقتراب القوات الاميركية عند فجر 15 مارس 2006، يبدو انه سمع اطلاق نار مصدره منزل فايز كما حصل تبادل لاطلاق النار استمر 25 دقيقة. ثم اقتحم الجنود الاميركيون المنزل واوثقوا ايدي قاطنيه ثم قتلوهم.

وتابع ان الجنود الاميركيين أبلغوا بعدها الصحافة أن العسكريين هاجموا هذا المنزل للقبض على مقاتل أجنبي على صلة بتنظيم القاعدة.

2400

أظهرت إحصاءات أميركية وعراقية أن 2400 على الأقل من المدنيين والشرطة والجنود العراقيين، إلى جانب 35 عسكريا أميركيا، قتلوا في أعمال عنف بالعراق، منذ أنهت واشنطن رسميا العمليات القتالية قبل عام، والبدء بمهمة جديدة أطلق عليها عملية الفجر الجديد.

وبينما تتأهب القوات الأميركية لمغادرة العراق بحلول نهاية العام، أظهرت الأرقام الجديدة أن العنف انحسر بصورة كبيرة منذ أوج العنف الطائفي في 2006-2007 إلا أن تمردا يشنه مسلحون ما زال يسفر عن سقوط الكثير من الضحايا.

وتشير إحصاءات لوزارة الصحة العراقية إلى أن 1449 مدنيا لقوا حتفهم في أعمال العنف خلال المدة من الأول من سبتمبر في العام الماضي وحتى بداية أغسطس. كما تظهر أرقام وزارة الدفاع الأميركية أن 56 من الجيش الأميركي قتلوا منذ بدء عملية الفجر الجديد في الأول من سبتمبر، منهم 35 في حوادث.

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 1/تشرين الأول/2011 - 3/ذو القعدة/1432

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1432هـ  /  1999- 2011م