(نواخذة) الفاو... صيحات لا تزال تتردد في عمق الخليج

تحقيق: نهلة جابر

 

شبكة النبأ: "الصيد مهنة ازلية في بلاد الرافدين"، هذا ما دونته أنامل المدونين عبر سفر التاريخ العراقي في وادي الرافدين وخصوصا في مجال صيد الأسماك كي تحتفظ به سجلات وقاعات مكتباتنا.

وعرف الانسان في العراق مهنة الصيد منذ اقدم العصور ومارسها كحرفة ساعدته على العيش والاستمرار وقد وجدت نماذج لقوارب مصغرة في منطقة اريدوتعود لعام 4000 ق م. وتظهر الرسوم على جدران المعابد "اله الماء" في قارب صيد في منطقة الاهوار الجنوب منذ اقدم الأزمنة.

وما ان تطأ قدميك ساحل البحر في الفاو حتى تقف مذهولا امام شكوى السفن الجاثمة في المراسي تلاطمها الامواج بشغف وهي تنظر الى البحر والشباك بحزن المودع، بعد ان هجرها اصحابها، بسبب مزاحمات القوات الامنية لدول الجوار وتقليص حصص الكاز وارتفاع اسعار الثلج واجور الصيادين وتدني سعر الاسماك المستوردة.

كانت وقفتنا الاولى مع احد اقدم صيادي الفاو "87 عام" مارس الصيد وهو لم يتجاوز العاشرة من العمر، فكان حديث "شبكة النبأ المعلوماتية" مع سيد عبد لخالق عباس، الذي فرضت عليه طبيعة مدينته الريفية وقربها من البحر ومصادر الاسماك امتهان الصيد حسب قوله.

يقول عبد الخالق، كانت طرقنا بدائية وتختلف عن الصيد في الوقت الحاضر.. وبما اننا نحاذي السواحل المطلة على البحر، كنا نصيد بشبكة تسمى "الكركور" او "الكفة" تضع في ساحل البحر وخصوصا مع ارتفاع المد ،هذا الصيد البسيط .

اما في اعماق البحر فنستخدم  "البوم"  او الأبلام  التي تتمكن من قطع مسافات كبيرة داخل العمق البحري.

ويضيف، كما نضع قطع القماش التي يصل قطرها " 50 م" تثبت بالقصب او جريد النخل ونقوم نحن مجموعة من الصيادين باثارة الاسماك لغرض الامساك بها وحجزها داخل الدائرة.

ويتابع، هذا عملنا في الجنوب، اما في شمال البصرة فيكثر استخدام الفالة وهو نوعان من الصيد ويتم في الليل والنهار ويسمى "الطرد او الطراد" ويستخدم في الليل جهاز "اللوكس" وهو المصدر الرئيسي للضوء يربط على قمة البلم او الشختور. وينوه، في هذا النوع من الصيد يستخدم الصياد ذو الخبرة في دقة الصيد والملاحظة.

ويتابع الشيخ سرد ذكرياته القديمة التي بدت آثار سنواتها كتجاعيد ملئت وجه، "هناك انواع متعددة من الشباك الخاصة بالصيد.. واكثر هذه الشباك كانت تغزل وتحاك باليد ومن خيوط القطن ولها اساتذة متخصصون ايضاً".

ويشير، هناك صيد الدست وهو عبارة عن شبك مغزول من خيوط قطنية تثبت بقصب خاص يربط على الدراغ"الجرس" لتنبية الصياد وتعريف بدخول السمك. اما صيد النصب تكون لمسافة اطول من سابقتها تمتد الى 10 امتار،يتم فيها تثبيت الشبك بواسطة القصب الفارسي والذي يعرف بقوته ومتانته وهذه تستخدم في الاهوار.

ويستطرد، الحياة جميلة جدا سابقا، كنا نعمل بلا كلل او ملل لم نعرف التعب مطلقا، ساعات العصر كنا نستخدم "البلد" هو عبارة عن خيط تربط مع السنارة "ثكالة" من الرصاص وسنارة للصيد فيها طعم لصيد السمك.

وتعد (اللنجات) في الفاو من اهم الوسائل لصيد الاسماك، حيث يمتلك أهالي الفاو العشرات من اللنجات الكبيرة منها والصغيرة اضافة الى البوم والابلام وغيرها من الالات الصيد.

ويقوم البحارة التي يصل عدادهم الى اثنا عشر بحاراً برئاسة قائد "اللنج" المسمى "النوخذة" يعملون تحت امرته، ويقوم البحارة برمي الشبك المربوط بـ"الطاقات" وهي عبارة عن براميل معبأة بالهواء ومحكمة الاغلاق تمتد في البحر لمسافات طويلة، بعد فترة 24 ساعة يتم بعدها سحب الشباك بطريقة خاصة بحيث يلتقي طرفها وتغلق من الاعلى تماماً لأجل وضعها على ظهر اللنج وتتم بعد ذلك التصفية.

احد صيادين تحدث عن ذلك لـ(شبكة النبأ المعلوماتية) قائلا، "نفضل نصب الشباك ليلاً، وقد يستمر بقائها في مكانها عدة ايام مع الاستمرار بإخراج الاسماك العالقة بين فترة وأخرى".

فيما يشير النوخذة ابو صالح، الذي يقول بانه يعرف البحر كما يعرف نفسه، ويسمع ضربات موجه، المد والجزر ومتى ينتفض، "هناك تسميات مختلفة للشباك وحسب نوعية السمك المراد صيدها فمنها " الهديشي، والعشيري، والتسيعي، والثميني، والسبيعي..." وكانت الشباك تغزل في البصرة وخصوصا من مناطق باهلة وجليل وحلاف ومناطق في ميسان والفاو وغيرها".

ويتابع باستهزاء، "اما الآن فنعتمد على المستورد".

ويختتم النوخذة حديثه معددا انواع اسماك البحرية التي يصفها بكثيرة، فيقول، "الزبيدي، الشانك، الخباط، النوبي، الهامور، البياح، الشماهي، الجفوت، لسان الثور، الطعطوع، الحمرة، الشصم، السكنة، كبكب، السمك الشعري، تبت النوخذة، الجامبو، الدكاكوك، الزلك، الروبيان، الصبور وهو سمك مهاجر".

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 24/أيلول/2011 - 25/شوال/1432

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1432هـ  /  1999- 2011م