البطاقة التموينية وآثارها النفسية لدى المواطن العراقي

عبد الكريم العامري

 

شبكة النبأ: تعتبر البطاقة التموينية في العراق من الدعامات النفسية للأفراد والأسر العراقية، انها كذلك، القوة الاقتصادية والاجتماعية. يحصل عليها كل عراقي من مختلف الشرائح، أبرزها، الكبير السن، المتقاعد، المريض العاجز، المعوق، ربة البيت التي فقدت معيلها، نزلاء الإصلاحيات، الذي ليس له عمل، وكل من يتضرر أكثر في مجتمعنا الكارثي.

من الأسباب الكثيرة التي تؤيد ان البطاقة التموينية تشكل قوة في نفسية المواطن:

1ـ العائلة الفقيرة والمتوسطة والفرد العراقي والطبقة الوظيفية ذات الدخل المحدود والعاطلين، يشكلون نسبة كبيرة من السكان التي هي أصلا تعتمد اعتمادا كليا على مفردات البطاقة التموينية رغم سوء نوعيتها. انها بحاجة إليها اقتصاديا واجتماعيا بالدرجة الأولى، تعتاش عليها كغذاء، هي حق له، كما أعتقد، كفلته المعاهدات والوثائق ولم يتحسن الوضع أبدا. مدعومة من قبل الدولة، والإضافات التي تحتاجها العائلة أحيانا من المواد الغذائية ليست كلها.

2ـ شكلت هوية ثانية للأفراد والجماعات، أيضا عنوان المحافظة والسكن ومطلب في كل المراجعات الرسمية وغير الرسمية. البعض من العشائر اعتمدتها في دعم الأسرة الفقيرة والفصولات العشائرية، كذلك المؤسسات الخيرية.

3ـ أصبحت في المحافل المحلية والعالمية سمة، منها معرفة أعداد السكان في العراق وخارجه، ما يتعلق بالمهجرين والمهاجرين.

4ـ يأخذ المواطن كفايته منها ويبيع الآخر، حيث توفر له دخلا مناسبا لاحتياجات أخرى، مما يولد لديه اطمئنان وأثر نفسي كبير. ينتظرها لمدة شهر، المواطن، يعد الزوجة والأطفال والدائن والمديون له، انها مقايضة نفسية أكثر من كونها عمل تجاري، شكلت لسنين طوال درعا حاميا للفرد والأسرة، المحتاج لها وغير المحتاج الذي يتبرع بمفرداتها للجار الضعيف.

5ـ تغطي احتياجات المواطن من المحروقات كالغاز والنفط والبنزين وأحيانا يحصل على قناني ومنظم غاز نتيجة التقديم عليها في محطات تعبئة الوقود أو غير ذلك ؟.

6ـ تحمل الوجبة غذاء للطفل الرضيع الذي تستلم له الأسرة نوعيات خاصة من الحليب غالية الثمن، هي بناء جسم الرضيع الذي يتغذى عليها لفقدانه الأم أو جفاف أو مرض أصابها أو الأسرة غير منتظمة النسل ولديها عدد كبير من الأطفال.

7ـ بعض الأدوية والمستلزمات والمعدات الطبية تصرف للشخص من المستشفيات والمراكز على البطاقة التموينية بمبلغ رمزي أو مجانا.

النتيجة التي يمكن التوصل إليها:

أـ تقنن الأسرة العراقية من خلال فرز الأبناء والبنات المتزوجين، الذين يشكلون أسرة نووية صغيرة، تجعلهم ينظمون حياتهم للمستقبل.

ب ـ تؤدي وظيفة خفض القلق نتيجة البطالة وعدم الاستقرار الاجتماعي والسياسي

ج ـ تحكمت كثيرا في مصير الناس واقتلاعها المفاجئ يؤدي الى اضطراب اجتماعي أسري أو تسلط جهات أخرى في الميدان اقلها التاجر والسياسي.

في السنوات الأخيرة، بدأت تتعثر مفرداتها نتيجة لأسباب كثيرة منها الفساد المالي والإداري. انعكس هذا التذبذب على المواطن من نواحي كثيرة منها: قلة المواد الغذائية التي يتم توزيعها، انخفاض عدد المواد، تباعد أوقات توزيعها، سوء النوعية. الحديث الحكومي بالغاء البطاقة وتنقيص موادها الأساسية إضافة الى التذبذب في التوزيع وسوء المادة الغذائية، يعني للمواطن الكثير، من ذلك:

1ـ تهديد أمن المواطن الواحد والأسرة، يجعلها تقلق من حاضرها ومستقبلها الأساسي الغذائي.

2ـ معناه السعي الى فك ارتباط العائلة العراقية بالدولة ووضع جدار بينه وبين لقمة العيش، ثم الضغط عليه حتى يغادر باتجاه سواحل الاضطراب.

3ـ إلغائها يعني انهيار بيت العنكبوت العراقي، وإنهاء حالة الثقة بين المواطن والدولة.

نستطيع القول بعد هذا، ان الدولة تقريبا ليس من مصلحتها إلغاء البطاقة في الوقت الحاضر، لأن الأمر يصبح موضع تحدي بين الدولة والمواطن. ففي الوقت الذي تملك الدولة القدرات كافة لا يزال المواطن يعاني من شحة و سوء التوزيع وعدم العدالة والإنصاف في تعامل الدولة مع البطاقة التموينية. كذلك، الأكثرية من الناس تعتاش عليها رغم رداءة مواصفاتها.عدم السيطرة على السواق والأسعار و تلاعب مستويات وظيفية كبيرة بها.

لذلك، يمكن الاقتراب من حلول تعويضية في حال الإصرار على إلغائها:

1ـ مبلغ يفوق ثمن الحصة يدفع للمواطن يجعله مسيطرا في عمليات البيع والشراء، هو بالتأكيد أقل مما تصرفه الدولة في حال استيراد المواد وتوزيعها وما يتبعه من فشل في العقود أو التلاعب بالمواد.. الخ.

2ـ إيجاد منافذ مبايعات حكومية كالأسواق والجمعيات التعاونية والبقاء على نفس الوكلاء ودعمهم بتوفير المادة الملغاة بسعر مدعوم يمكن التسوق من منافذها الحكومية من قبل المواطن تسد حاجاته الأساسية على ان يحظر بيعها في الأسواق، والمواطن يأخذ كمية كافية لا تفيض أو تنقص عن حاجته الحقيقية. هذه مسؤولية مشتركة بين الدولة والمواطن، يقابلها نص انضباطي بحرمان المواطن من البطاقة في حال ثبوت المتجارة فيها وإلغاء وكالة الذي يتلاعب بالمواد والأسعار.

3ـ ممكن البقاء على مادة غذائية أساسية منها الطحين والرز والزيت وحليب الأطفال.

أما إلقاء المواطن في الجب أو القول له اذهب أنت وربك أو تبقى تأخذ الدولة ولا تعطي أمام أنظاره، في بلد يعيش عليه الأجنبي ويحرم ابن البلد من خيراته، بالتأكيد يربك الوضع الأسري والمجتمعي والحكومي، لأن المواطن سيخرج أكثر ضعفا ومرضا وتمزقا وعوقا وبطالة، مما يتسبب في مشكلات كثيرة كالقتل، السرقة، النهب والسلب، الاعتداء على المال العام، من أجل البقاء على قيد الحياة بلقمة حلال أو حرام!.

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 20/أيلول/2011 - 21/شوال/1432

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1432هـ  /  1999- 2011م