العراق وأمريكا... مفترق طرق صعب

متابعة: علي الطالقاني

 

شبكة النبأ: يأمل الكثير من المراقبين للوضع في العراق وخصوصا مع اقتراب موعد انسحاب القوات الامريكية انهاء ازمة الوجود الامريكي لكن دعوة الرئيس الامريكي باراك اوباما لبقاء القوات الامريكية في العراق جعل هناك شكوكا تدور حول صحة خبر بقاء ثلاثة آلاف جندي أميركي في العراق بعد الانسحاب، لكن محللون سياسيون قالوا ان من شأن هذا النهج قد تجاهل اوباما توصيات القادة العسكريين، وتهديد الاستقرار الهش في العراق وتعريض جميع المكاسب التي حققتها أميركا بشق الأنفس للخطر بلا داع، وهي مكاسب كلفت الأميركيين دما ومالا.

ويتفق كل من النائبان الجمهوريان جون ماكين وليندسي غراهام والديمقراطي جوزيف ليبرمان على خطورة الانسحاب من العراق. وقالا النائبين في مقال لهما أنهم سافروا كثيرا إلى العراق، واجتمعوا مع القادة في بغداد والمسؤولين المحليين في جميع أنحاء البلاد، كما التقوا قادة عسكريين أميركيين ودبلوماسيين، وما سمعوه دائما هو أن الأمن والاستقرار في العراق يتطلب استمرار الوجود العسكري الأميركي بعد نهاية هذا العام، عند انتهاء الاتفاق الأمني ​​الحالي مع العراق. كما سمعوا أيضا أنه بالنظر إلى المهام الأساسية بعد نهاية عام 2011 التي تنفذها القوة الباقية، فإن العدد المطلوب من الجنود يجب أن يتراوح بين عشرة آلاف و25 ألف جندي، ولكن أحدا لم يقترح أن ثلاثة آلاف سيكون عددا كافيا. حسب صحيفة واشنطن بوست.

هذه المخاوف وضعت أمام لجنة القوات المسلحة بمجلس الشيوخ في فبراير/شباط الماضي من قبل كبار القادة المدنيين والعسكريين الأميركيين في بغداد، مثل السفير جيمس جيفري والجنرال لويد أوستن.

وكما جاء في الشرح، هناك فجوات كبيرة في قدرة قوات الأمن العراقية التي لا يمكن أن تكون جاهزة قبل نهاية هذا العام، بما في ذلك جمع المعلومات الاستخبارية وتحليلها، وعمليات مكافحة الإرهاب، والتدريب والصيانة، وحماية المجال الجوي العراقي. وخلصوا إلى نتيجة مفادها إما بقاء بعض القوات الأميركية لمساعدة العراقيين على سد هذه الثغرات، أو انسحابها ولكن على حساب أمن كل من العراق وأميركا.

ويعتقد محللون سياسيون إن الوضع في الشمال هو ما يثير القلق، حيث يشتد التوتر بين العرب والأكراد. ففي مناسبات عدة، كان آخرها في فبراير الماضي، كاد التوتر يتحول إلى عنف، إلا أن القوات الأميركية منعت نزاعا قد يشعل حربا أهلية جديدة. ولتجنب هذه النتيجة المروعة، فإنه من الضروري الاحتفاظ بوجود عسكري أميركي في هذه الأراضي المتنازع عليها بعد عام 2011، ومن المؤكد أن هذه المهمة لن تكون ممكنة بثلاثة آلاف جندي فقط.

كما عارض الكتّاب تصريحات بعض الداعين إلى تخفيض الوجود الأميركي لدواع ضريبية، حيث قالوا إنه لا فرق في الميزانية بين ثلاثة آلاف جندي أو عدد أكبر من ذلك، لكن الفرق سيكون بين عراق ديمقراطي ومستقر وموال لأميركا وعراق غارق في الفوضى ويمكن أن يكلف الأميركيين الكثير، وعندها يمكن أن يُنظر إلى الأمر من الخارج على أنه هزيمة كبيرة للولايات المتحدة وتراجع أمام أكبر عدوين لها وهما القاعدة وإيران.

وطالب النائبين من الرئيس باراك أوباما أن يصغي مرة أخرى إلى نصيحة القادة العسكريين وغيرهم من ذوي الخبرة في العراق وعدم الاستماع إلى المقترحات المطالبة بقوات أصغر هناك، لأن ذلك يجر مخاطر على السياسة الخارجية لأميركا وأمنها القومي.

وفي أطار متعلقات بقاء القوات الامريكية وفي شأن تنظيم القاعدة الذي يعد الذريعة الرئيسية لبقاء القوات قال مسؤولون كبار في أجهزة المخابرات الأميركية إن الضغط المتواصل على تنظيم القاعدة سيشل حركة المنتسبين إليه خلال عامين ويمنعهم من شن هجمات جديدة.

وقال وكيل وزير الدفاع لشؤون المخابرات مايكل فيكرز قوله إن تماسك القاعدة وقدراتها العملياتية قد تضمحل في فترة تتراوح ما بين 18 و24 شهرا.

إلا أن تصريحات فيكرز هي الأولى من نوعها التي تصدر عن مسؤول رفيع المستوى يحدد فيها إطارا زمنيا لانهيار المنظمة المتهمة بتنفيذ هجمات 11 سبتمبر/أيلول 2001. وتأتي تصريحات المسؤول الأميركي بالتزامن مع تقييمات قدمها مسؤولان في المخابرات للكونغرس.

وقال مسؤول أمريكي بارز في شؤون مكافحة الإرهاب إن الولايات المتحدة تمتلك حق التصرف الأحادي لملاحقة  الإرهابيين في دول أخرى، وذلك رداً على تقرير أشار إلى انقسام في إدارة واشنطن بشأن المدى الذي قد تذهب إليه البلاد لمطاردة الإرهابيين في الصومال واليمن.

وقال مستشار مكافحة الإرهاب بالبيت الأبيض، جون برينان في محاضرة بعنوان القانون والأمن والحرية بعد 11/9: النظر إلى المستقبل، إن الولايات المتحدة لا تنظر إلى أن سلطاتها لاستخدام القوة العسكرية ضد تنظيم القاعدة، تقتصر فقط، على ساحات المعارك الساخنة. مضيفاً: نحتفظ بحق التصرف الأحادي إذا، أو عندما، تصبح الحكومات الأخرى غير راغبة أو قادرة على اتخاذ التدابير الضرورية اللازمة بنفسها.

وفي الأثناء، قال مسؤولون أمريكيون، إن أجهزة الاستخبارات والجيش استخدامت وسائل مختلفة لملاحقة الإرهابيين، بالتعاون مع دول من جهة، أو بالتعامل بشكل منفرد، في ظروف معينة من جهة أخرى، لافتين إلى تنامي نشاط قيادة العمليات الخاصة المشتركة الأمريكية في بعض مناطق العالم.

وفي أول شهادة علنية له، قال مدير وكالة المخابرات المركزية (سي آي أي) ديفد بترايوس إن قتل زعيم القاعدة أسامة بن لادن والعمليات التي تلت ذلك فتحت نافذة أمام هشاشة نواة المنظمة في باكستان وأفغانستان.

وأكد بترايوس ومدير المخابرات الوطنية جيمس كلابر أن القاعدة مستمرة في تخطيط للهجمات، وأن منتسبيها في اليمن وأماكن أخرى ما زالوا يشكلون تهديدا خطيرا للولايات المتحدة الأميركية.

ووصف بترايوس القاعدة في شبه الجزيرة العربية -إحدى فروع التنظيم- بأنها القطب الأخطر في الجهاد العالمي بالمنطقة.

وقال إن الضغط على عناصر القاعدة وحركة طالبان في باكستان عبر ضربات الطائرات بدون طيار، قد يؤدي إلى فرار العناصر من المستويات المتوسطة إلى ملاذات آمنة في المنطقة الحدودية بأفغانستان أو مغادرة جنوب آسيا.

غير أن منتقدين شككوا في ما إذا كان بترايوس -الذي تقاعد من الجيش بعد قيادته الحرب في أفغانستان- قادرا على تقديم تحليل محايد لهذا الصراع.

وجاءت شهادتهما خلال جلسة استماع مشتركة يندر حدوثها من قبل لجنتي مخابرات تابعتين لمجلس النواب والشيوخ بهدف تقديم تقرير حالة عن القاعدة والجهود الأميركية في مكافحة الإرهاب في الذكرى العاشرة لأحداث 11 سبتمبر/أيلول. وكان اللقاء الأخير الذي جمع هاتين اللجنتين قد جرى عام 2002 عندما تعاونتا في ما بينها بشأن أول تحقيق في أوجه فشل المخابرات في درء الهجمات.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 19/أيلول/2011 - 20/شوال/1432

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1432هـ  /  1999- 2011م