الأبلة... الق المرافئ العراقية المنسي

نهلة جابر

 

شبكة النبأ: الابلة "مربض الخيل" وهي تعريب يوناني لمفردة "ابولوجس" ويقال انها في زمن من الازمنة كانت تسمى ايضا "مستودع لتجارة الخليج العربي، وتسمبه العرب بخليج البصرة".

والبصرة التي اشتهرت بعدد انهارها التي تقارب الألف نهر صغير ومتوسط وكبير تجرى من خلالها الزوارق وا لسفن الصغيرة، امست اليوم وبعد تسليط االمياه الثقيلة تئن من التلوث، ويعتبر نهر المعقل من اشهر الانهر فيها، ويشار الى منطقة الابلة يقطعها نهر الابلة الذي تم حفره في زمن الخليفة عمر الخطاب" على يد الفاتح "يسار المازني" وكان طول كل منهما اربعة فراسخ ويمتد من البصرة نحو الجنوب الشرقي.

كانت تمتد على جانبي النهر بساتين وقصور واسواق الابلة وكانت تعتبر من جنائن الدنيا الاربع ويقول المؤرخون "ان هناك عشائر تمتلك مايقارب البلدة التي كانت تسكنها امرأة "خمارة" تعرف ب"هوب" في زمن النبط، وعندما جاءت الفرس غيروا اللفظ فقلو "هوبلت" ثم عربتها اللغة العربية وسمتها "الابلة". وذكرها العرب بانها تسمية البصرة الاولى سابقا.

والابلة هذه يرجع تاريخها إلى العهد الأسباني بل إلى أقدم من ذلك وهي على الفيض (نهر شط العرب) ذات الهواء الحار.

ولما بنى المسلمون البصرة مدينتهم الجديدة جعلوها في الداخل عند طرف البادية، وكانت الابلة، عند مدخل النهر من قبل الشمال في الجزيرة الكبرى وبإزائها من نحو الجنوب للبلدة المسماة بشق عثمان ويقال ان عثمان هذا حفيد سمية أم الخليفة الثالث العباسي وكانت الابلة في سنة " 400"هجرية ويقال بانها بلدة كبيرة ذات مسجد جامع ونهر، وهما على ما روى لازالت عامرتان.

واضاف احد الادباء المتولد في الابلة "ان المدينة واسواقها كانت عامرة وفي حالة مزدهرة لكن المغول خربوها واقامو السدود على النهرفي عام "700هجرية_1300م" اما الرحالة ابن بطوطة وصفها"انها قرية نهضت من حالتها التي الت اليها حين قامت البصرة الحديثة من موضوعها القديم الى الجديد ".

وقال "ذكر ابن سيراييون الانهار التسعة التي تصب في شط العرب وما تسمى "بفيض البصرة" وهي "نهر المرأة في السيبة، نهر الدير، الذي يعرف بشق النهرين، ونهر الابلة، نهر اليهودي، نهر ابي الخصيب، نهر الامير في مدخل العشار، ونهر الخندق، ومن جانبي نهر الابلة وثلاثة فوق او اربعة جنوب البصرة وبين نهر الابلة وفم الفيض "شط العرب"

واضاف مدير مركز دراسات الخليج العربي عثمان يوسغ "عن فتح الأبلة وذكر أحداثها منذ أيام القادسية، فذكر بعد انتصار المسلمين في معركة القادسية عزم عمر بن الخطاب على إرسال جيش إلى الأبلة ليشغل الفرس عن مساعدة إخوانهم في المدائن، وذلك تيسيراً لفتح مدينة المدائن على الجيش الإسلامي المتوجه من القادسية، فيرسل جيشاً إلى الأبلة على رأسه عتبة بن غزوان من صحابة النبي ولم يكن جيشاً كبيراً فقد وصل عدده إلى خمسمائة مجاهد كان غرضهم شغل الهرمزان عن هذه المنطقة.

بعد ذلك فتحت الحيرة وما حولها "يقصد منطقة القادسية"، وقتل الفرس (يقصد رستم)، ووطئت خيل المسلمين أرض بابل بعد انتصار المسلمين في موقعة بابل وفي اتجاه المسلمين من القادسية إلى المدائن" بعد ذلك ارسل الجيش الى الابلة لتامين مناطق العراق من الغزو من قبل الفرس سابقا.

وتكلم احد شيوخ الابلة "حجي جاسب 86 عام"، التسمية اطلقت على البصرة سابقا وكانت مركز البصرة في منطقة الابلة، وقال "نحن نسمع من اجدادنا بان منطقة الابلة كانت من اهم الاماكن في البصرة وفيها دفنت الكثير من البحارة والسفن والمحاربين وغيرهم، وتذكر لنا جداتنا في حكواتهن بان ارض الابلة ملعونة وهي موطأ اقدام الغزاة الذين عبروا الى العراق من تلك البوابة، ويصف لنا الاجداد الذين فتحوا مكنونات صدورهم "بان الزوارق كانت تعبرنهر الابلة البالغ طوله اربعة فراسخ وعلى جانبيه حدائق وجواسق ومناظر لا تنقطع على شاطئيه،ويقال ان النهر تتفرع منه الترع الكبيرة التي تكون بمثابة نهر في هذا الزمن.

ويذكر بان بين البصرة والابلة عشرة اميال، ببساتين متصلة عن يمين ويسار النهر،وكان الباعة يبيعون الخبز والسمك واللبن والفواكه كم يقال في تلك الحقبة من التاريخ التي نمني النفس بعودتها،الآن نتحسر على السنين الماضية بسبب الاهمال الذي يشهده الواقع الخدمي والبيئي، اصبحت المنطقة مكبا للنفايات ومنطقة يقطنها الحواسم.

من ناحيته قال رئيس المجلس البلدي المنحل في الابلة خلف الخالدي، تعتبر المنطقة من المناطق التي لا تمتلك مقومات البسيطة للحياة،البنى التحتية والماء والكهرباء وغيرها من الخدمات المقدمة من الدولة، الابلة ترزخ تحت وطأة الازبال والقمامة ونقص الخدمات المقدمةمن الدولة.

وناشد الخالدي الحكومة المحلية باعادة النظر بتقسيم الخدمات حسب الاولية للمناطق المحرومة والتي تقادمت السنون عليها مما جعل منظر المدينة بائسا جدا ولايمت للمدنية والتحضر بصلة.

ايضا المجلس البلدي يقدم خدماته للمواطنيين، ولكن بدون رواتب وبجهد ذاتي لخدمة الاهالي، نحن نواجه مشكلة حقيقية وهي عدم توفير الماء الصالح للفعاليات الحياتية، اضف اليها مشكلة الحواسم والمتجاوزين على الاراضي التي يمارس فيها الشباب العابهم مما افقدهم الامكنة التي يمارسون فيها طقوسهم الرياضيية، اضافة الى ازدياد الاعباء على الخدمات المقددمة من قبل ميريات الماء والمجاري والكهرباء ووكلاء البطاقة التموينية.

من جهتم طالب عدد كبير من الشباب الدولة العراقية بالالتفات الى المنطقة باعتبارها قاعدة عريضة للثقافة وحاضنة للعدد الاكبر من ادباء وعللماء البصرة، ومن هنا انطلقت الاقلام المبدعة التي رفدت الثقافة العراقية والعربية بالكثير، كم جميل لو اقيمت المنتديات الثقافية التي تشرف عليها الدولة بدل المقاهي التي يقدم فيها النرجيلات والمخدرات وغيرها من الممنوعات التي تنحدر بالشبيبة الى مهاوي الرذيلة والفساد الاخلاقي مما يفقد البلد اهم عنصر من عناصر البناء والتطوير.

وقال الشبيبة المتواجدين في احد المقاهي يذاكرون للامتحانات النهائية، ضروي جدا ان تضع الدولة يدها على اصحاب المقاهي والكوفي شوب والالتفات الى مايجري خلف الستار فهنالك امور تخالف الثقافة العامة للبلد والعرف والتقاليد، نحن نخاف على انه بمرور الوقت سوف تتحول تلك الممارسات الى طبيعة لايمكن التخلي عنها، من هنا يبدء الانهيار في البلد.

واشار مثقفو الابلة الى ان هناك من كتب عن التحولات التي مرت بها المنطقة في حقبة سنوات السبعينات والاعوام الماضية التي الت اليه تقريبا مناطق البصرة عامة والابلة بشكل خاص،منوهين الى ان هناك تحولات فردية ومجتمعية غيرت من خارطة المنطقة الجغرافية.

وعندما التقينا عائلة الشاعر "عبدالحسين الحلفي" قالو ان الشاعر كان يعتز بهذه البقعة الجغرافية التي تمتد من منطقة المعقل الى خمسة ميل مما حد به ان يقوم بكتابة قصيدة جميلة جدا عنها،والتي رفضت والدته ان تعطينا النص التي تعتز به وتحتفظ به كذكرى من الشاعر الذي وافاه الاجل قبل برهة من الزمن.

شقيق الحلفي اشار الى اهمية الاهتمام بشرائح المجتمع البصري الزاخر بالكفاءات والعطاء والمواهب القابعة وراء جدران البيوت والازقة والامكنة.

ام محمد 73 عاما، البصرة روح الدنيا كما نراها بعيوننا اجمل من سواها، زارنا ابني المغترب منذ سنوات وقال لففنا الدنيا بشرقها وغربها لكن عيوننا تبقى مشدودة الى ايام الصبا والطفولة التي رسخت في ذاكرتنا مهما ابتعدنا عن تلك الامكنة,مشيرة الى ان العراق بلد غني بطاقاته الابداعية التي افترشت من تلك البلدان الغريبة امكنة حالت دون عودتها الى البلد.

يبقى ان يقال ان كل من زار البصرة في الماضي اشاد بجماليتها ووصفها الرحالة الايراني "ناصر خسرو بانها من جنان الدنيا الثلاث، او الاربع.

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 15/أيلول/2011 - 16/شوال/1432

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1432هـ  /  1999- 2011م