هل فقد العراقيون الثقة بقادة التحول الديمقراطي؟

مخاوف من مرحلة ما بعد الانسحاب الأمريكي

متابعة وتعليق: علي الطالقاني

 

شبكة النبأ: يعرب العراقيون عن قلق حول خفض العدد الإجمالي للقوات الأميركية مع نهاية العام، لأسباب مختلفة. حيث يشعر العديد من الساسة عن عدم رغبتهم بمغادرة القوات الامريكية، وهناك حيرة وخوف بعد الكشف عن عزم الولايات المتحدة الاحتفاظ بقوة لا يزيد قوامها على ثلاثة أو أربعة آلاف للعام المقبل.

ويقول محللون سياسيون إن التغيرات السياسة والمشكلات الأمنية التي جرت هنا دفعت العديد من العراقيين إلى تغيير رأيهم بشأن الانسحاب الأميركي، بسبب أن الأميركيين جلبوا التوازن للمجتمع العراقي.

ويعتقد خبراء في صحيفة نييورك تايمز أن الأحزاب البارزة التي تشارك في الحكومة الآن، تتصرف كالمستبدين، وهناك خشيته من أن يشجع الانسحاب الأميركي هذه الأحزاب على الاستبداد، فأن بضعة الآلاف من الأميركيين لن تكون كافية للتعاطي مع أي من هذه التهديدات التي تواجه العراق.

ويرى الكثير من الساسة ان العراق أمة لا تثق ولا تؤمن كثيرا بالقوات الأمنية أو القادة السياسيين، مضيفة أن العراق ما زال يحتفط بتصدعات الماضي: الشيعة مقابل السنة، والعرب مقابل الأكراد. ولكن ما لا يملكه العراق هو المؤسسات القوية أو الشعور الجماعي بالهدف الوطني من أجل الوحدة والتماسك.

وعلى عكس ذلك رأى يرى المتحدث باسم الجيش الأمريكي الجنرال ستيف لانزا إن الانسحاب المقرر للقوات الأمريكية المقاتلة من العراق سيستمر، ولن يتأثر بعمليات العنف الأخيرة. وأضاف أن الجيش العراقي مدرب بما فيه الكفاية من اجل استلام زمام الوضع الأمني و ان ادائهم يتحسن يوما بعد يوم.

وقال إن موعد الانسحاب يرتبط بالوضع الأمني العام في العراق والذي يظهر أن قوات الأمن العراقية تدربت جيدا مشيرا إلى أن معدلات حوادث العنف قد انخفض كثيرا مقارنة بمعدلات يناير/كانون الثاني 2004. وأضاف أن ذلك يشير إلى قدرة القوات الأمريكية على الوفاء بتعهداتها بخصوص تأهيل القوات العراقية، ومضى قائلا " لذلك سنكمل انسحابنا وفق الجدول الزمني المحدد يحتى يصل عدد قواتنا إلى خمسين ألف جندي بحلول الأول من سبتمبر المقبل".

وأكد انه بالتزامن مع عملية سحب الجنود "سنواصل تدريب القوات العراقية وتزويدها بالمعدات، وسنواصل دعم الحكومة العراقية من خلال إتمام مهمتنا هناك".

وجاء هذا التسليم كجزء من خطط خفض القوات الامريكية تهيئة للانسحاب الامريكي الكامل نهاية العام القادم.

هذا ودعا السيد مقتدي الصدر أتباعه لوقف الهجمات على القوات الامريكية لضمان مغادرتها العراق قبل نهاية العام. لكنه حذر من ان العمليات العكسرية سوف تستأنف اذا لم تغادر القوات الامريكية البلاد في الوقت المحدد وستكون ذات «بأس شديد». وقال الصدر في بيان تلاه المتحدث باسمه صلاح العبيدي «حرصا مني على اتمام استقلال العراق وانسحاب القوات الغازية من اراضينا المقدسة صار لزاما علي ان اوقف العمليات العسكرية... إلى حين اتمام انسحاب القوات الغازية.

«وفي حال لم يتم الانسحاب وبقي العراق غير مستقل الاراضي والقرار فسيتم ارجاع العمليات العسكرية بنهج جديد وبأس شديد.»

ويتفاوص الساسة العراقيون مع الولايات المتحدة في الوقت الحالي بشأن القضية الحساسة الخاصة ببقاء عسكريين امريكيين كمدربين بعد عام 2011 بعد اكثر من ثمانية اعوام من الغزو الذي قادته الولايات المتحدة في عام 2003. وكان قائد القوات الامريكية في العراق الجنرال راي اوديرنو قد صرح بأنه إذا لم يتم حل التوترات بين العرب والاكراد في شمال العراق قبل موعد انسحاب القوات الامريكية، فستكون هناك حاجة لهذه القوات لحماية المناطق المتنازع عليها.

وسياسيا حثت واشنطن مرارا خلال الأسابيع الماضية القوى العراقية على التوصل إلى اتفاق لتشكيل الحكومة. وقالت مصادر إن إدارة أوباما تدرس الآن خيارات من بينها استبقاء قوة تدريب صغيرة قوامها ثلاثة آلاف جندي في العراق. وربما لا تزال قاعدة أوباما من الديمقراطيين تشعر بأن هذا العدد أكبر مما ينبغي، بينما يقول المنتقدون الديمقراطيون إنه قليل بدرجة لا يتسنى معها ردع أي تصعيد خطير في العنف.

وفي خطابه عن حالة الاتحاد تعهد أوباما "بإنهاء مهمة إخراج القوات من العراق". وقال إن المدنيين سيدخلون في شراكة دائمة مع الشعب العراقي في إشارة لدور موسع تعتزم وزارة الخارجية الاضطلاع به.

ولمواجهة الانطباع بحدوث تراجع تدرس إدارة أوباما فيما يبدو فكرة إعادة تسمية العمليات العسكرية الحالية في العراق بأنها "قتالية" والمستقبلية بأنها "تدريبية".

غير أن هناك مشكلة تتمثل في إعلان أوباما بالفعل نهاية المهمة القتالية للقوات الأمريكية في العراق. وتقوم القوات المتبقية وعددها 43 ألف جندي أو نحو ذلك بالفعل بدور "إرشادي وداعم" رغم أن الجيش الأمريكي لا يزال ينفذ أحيانا ضربات جوية.

وبعد ثماني سنوات من إطاحة الولايات المتحدة بصدام حسين لا يزال العراق يبني شرطته وجيشه لمكافحة تمرد سني يشن هجمات قاتلة وميليشيات شيعية، فضلا عن التصدي للخطر الخارجي.

ورفضت وزارة الدفاع الأمريكية "البنتاجون" التعليق على المداولات الداخلية لكن مصادر مطلعة على القضية قالت إن الضباط الأمريكيين يشعرون بأنه ستكون ثمة حاجة لما لا يقل عن عشرة آلاف جندي لمساعدة بغداد في مواجهة جميع أوجه النقص ونقاط الضعف في قواتها الأمنية.وحتى مع ذلك لم يعبر رئيس هيئة الأركان الأمريكية المشتركة الجنرال رايموند اوديرنو الذي كان حتى العام الماضي قائدا للقوات الأمريكية في العراق عن انزعاجه من احتمال إبقاء ثلاثة آلاف جندي فقط.

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 13/أيلول/2011 - 14/شوال/1432

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1432هـ  /  1999- 2011م