أوباما ومحنة العراق... بين وعود الانسحاب وضرورة البقاء

متابعة علي الطالقاني

 

شبكة النبأ: تضاربت الأنباء بخصوص بقاء او رحيل القوات الامريكية في العراق، فمن جهة يقول مسؤولون عسكريون أميركيون بأن وزير الدفاع ليون بانيتا يؤيد خطة تقضي بإبقاء ما بين ثلاثة آلاف وأربعة آلاف جندي أميركي لأغراض التدريب في العراق عقب انتهاء انسحاب القوات الأميركية المقرر نهاية هذا العام.

ويعتقد محللون سياسيون إن هذا التوجه يخالف ما تعهد به الرئيس الأميركي باراك أوباما منذ فترة طويلة بإجلاء كافة القوات الأميركية من العراق عند انتهاء المدة المحددة. وهذا التوجه إذا ما تمت الموافقة عليه من قبل البيت الأبيض والحكومة العراقية يعكس التغير في الوقائع السياسية في كلا البلدين. كما أن هذه الخطة تعكس الفجوة بين تعهد أوباما بإعادة كافة القوات الأميركية وبين الرأي الذي يتبناه العديد من القادة، وهو أن العراق غير قادر بعد على توفير الأمن.

يقول خبراء في صحيفة نييورك تايمز إلى أن الخطة أيضا تعكس حجم الضغوط الرامية لخفض تكاليف القتال في العراق وأفغانستان، ولا سيما أن هاتين الحربين لم تعودا تحظيان بشعبية مع اقتراب الذكرى العاشرة لأحداث 11 سبتمبر/أيلول.

لكن وكالة المخابرات المركزية الأميركية (سي آي أي) ستحافظ على وجود كبير لها في العراق إلى جانب متعاقدين أمنيين يعملون لصالح الخارجية الأميركية، حتى بعد تخفيض القوة العسكرية.

موقف العراق

مسؤول رفيع المستوى في الإدارة الأميركية أكد أن الحكومة العراقية صدقت على البدء بالحوار بشأن الوجود العسكري الأميركي، ولكنها أصرت على أن يقتصر ذلك على مهمة التدريب. وأكد مسؤولون أميركيون أمس أن العراقيين لم يتقدموا بأي طلب حتى الآن.

وقال إن توجه بانيتا لخفض القوات إلى نحو ثلاثة آلاف يأتي في إطار الاحتياجات العراقية. غير أن الأنباء بشأن هذا التوجه لقيت استياء من قبل ثلاثة أعضاء جمهوريين في مجلس الشيوخ زاروا العراق عدة مرات منذ الحرب التي بدأت عام 2003.

وقد أصدر الأعضاء الثلاثة بيانا ينتقدون فيه الخفض ويقولون إن ذلك أقل بكثير من العدد المطلوب لدعم العراق في حماية المكتسبات الأمنية التي حققها البلدان.

المسؤولين في الإدارة الأميركية رددوا على مدى العام التعهد بسحب كافة القوات ولكنهم تركوا احتمال تمديد المهمة مفتوحا إذا ما طلبت الحكومة العراقية ذلك.

وقد استمر أوباما في خفض القوات منذ توليه منصبه 2009 حتى بلغ قوامها في العراق نحو خمسين ألفا من أصل 140 ألفا.

تحجيم نفوذ إيران

وفي ظل تداعيات الانسحاب يبقى موضوع ايران حاضرا فإن القادة العسكريين الأميركيين وضباط الاستخبارات يسعون من أجل سلطة أكبر لقيادة عمليات لإجهاض النفوذ الإيراني بالعراق.

أن هذه الخطوة تأتي نتيجة لانشغال إدارة الرئيس باراك أوباما بسبب محاولات إيران بالشهور الأخيرة زيادة نفوذها بالعراق وكذلك الشرق الأوسط، بالإضافة إلى زيادة وتيرة تهريب إيران الأسلحة لحلفائها.

كما أوضحت وجود مخاوف تتعلق بتخفيض عدد الجنود الأميركيين بالعراق بنهاية السنة، وهو ما يفتح الباب أمام مزيد من النفوذ الإيراني.

ويقول محللون سياسيون في صحيفة وول ستريت جورنال أنه إذا وافق البيت الأبيض على الطلب، فسيتم وضع هذا النشاط السري ضمن نتائج بحث رئاسية على الأرجح، على عكس النظام السري الذي أذن بحملة وكالة المخابرات المركزية ضد تنظيم القاعدة عام 2001، رغم أن الاقتراح الحالي يوجد ضمن نطاقها كما يقول مسؤولون.

إلى أن خطوة كهذه تعكس جهود الولايات المتحدة لاحتواء النشاط الإيراني بالمنطقة، فإنهاء التدخل الأميركي بالعراق كان وعدا أساسيا بحملة أوباما عام 2008، ويريد البيت الأبيض التأكد من عدم الانسحاب إلا بعد ضمان انحسار النفوذ الإيراني.

مسؤولون أميركيون رفضوا تقديم تفاصيل على الخطة محل النقاش، لكنهم قالوا إنها قد تتضمن إجراءات قاسية على الحدود بين العراق وإيران وتصعيد تدابير وقف تهريب الأسلحة الإيرانية بعد الانسحاب الأميركي.

لكن واشنطن نفذت عمليات سرية ضد إيران بالعراق من قبل، ففي الأشهر الأخيرة زاد الجيش الأميركي وتيرة عملياته للقبض على العملاء الإيرانيين واعتراض دخول الذخيرة الإيرانية إلى العراق.

وأوضحت محللون سياسيون أن البيت الأبيض أصبح كثير القلق داعين القادة العسكريين والاستخباريين لتطوير أساليب مواجهة إيران.

المسؤولون الإيرانيون ينفون هذه الاتهامات، ويقولون إن الحديث الأميركي عن تهريب الأسلحة يهدف إلى تبرير الوجود العسكري الأميركي المستمر.

يقول المحلل العسكري بمركز الدراسات الإستراتيجية والدولية قوله إن التنافس الأميركي الإيراني على النفوذ بالعراق يُعد جزءا من محاولات البلدين للحفاظ على مصالحهما بالشرق الأوسط وسط تغييرات يشهدها العالم العربي.

وأضاف أنتوني كوردسمان من وجهة نظر أميركية، يُعتبر احتواء إيران أمرا حرجا، كما أن العلاقات الإستراتيجية مع العراق أمر حساس أيضا، وبالتالي تصبح هذه التحركات أشبه بلعبة شطرنج معقدة.

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 10/ايلول/2011 - 11/شوال/1432

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1432هـ  /  1999- 2011م