الصومال... بين لظى مجاعة وأتون إرهاب

شبكة النبأ: باتت الأحداث الأخيرة التي تعرضت لها الصومال تتصدر اهتمام العالم بكل منظماته وحكوماته ومؤسساته الإنسانية، حيث تعرض المواطنون في الصومال إلى أسوء موجة  جفاف في العالم والتي خلفت ملايين الجياع والمرضى، وأدت إلى إعلان حالة الطوارئ فيها من قبل الأمم المتحدة بعد أن وضعت على خط المجاعة، حيث طالبت من جميع الدول والمانحين من المؤسسات والمنظمات الإنسانية إلى تقديم مساعدات عاجلة وفورية للسيطرة على الأوضاع الكارثية في الصومال.

إلا إن الأمر لم يقف عند هذا الحد، حيث ابتليت الصومال بوباء أخر لا تقل وطأة عن المجاعة، والمتمثل بحركة "الشباب المجاهدين" الإرهابية المتطرفة والتي راحت تشرد الآلاف وتعرقل الجهود الدولية لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من أرواح البشر اثر موجة القحط والجفاف التي مرت بها خلال العام الجاري، وبين أزمتين احدهما أمر من الأخر تعيش الصومال على وقع طبول القتل والجوع والمرض وهي تتطلع إلى مزيداً من العون والجهد الدولي الذي لم يرقى لغاية ألان إلى الطموح والأمل.

لا يوجد مجاعة

فقد قال المسلحون المتشددون في الصومال إنهم تراجعوا عن السماح لهيئات الإغاثة الأجنبية بشأن العمل في المناطق المنكوبة بالمجاعة في الصومال، وقال المتحدث باسم  حركة الشباب المجاهدين في الصومال، علي محمود راجي، في تصريح لإذاعة المسلحين "الفرقان" رفع الحظر على هيئات الإغاثة لا يتضمن الهيئات التي كانت قد منعت من العمل في مناطق نسيطر عليها لأنها لا تقوم بأعمال إغاثة، فهناك جواسيس وتعمل وفقاً لأجندة سياسية"، ويتعارض تصريحه هذا مع تصريح سابق له بأن المسلحين سوف يسمحون لهيئات الإغاثة بالعمل في المناطق المنكوبة بالمجاعة والتي تسيطر عليها الجماعة المسلحة في الصومال، وكانت حركة الشباب المجاهدين قد حظرت عمل منظمات الإغاثة الدولية في المناطق الخاضعة لسيطرتها في جنوب السودان منذ العام 2009، وشمل الحظر منظمات برنامج التنمية الدولي وبرنامج الغذاء العالمي ومنظمة كير الدولية، وقال المتحدث باسم الشباب، "تتحدث الأمم المتحدة عن وجود مجاعة في الصومال، هذا ليس صحيح، إنها كذبة وهم يسيّسون القضية، لا يوجد في الصومال مجاعة وإنما جفاف". بحسب السي ان ان.

وكانت الأمم المتحدة أعلنت، عن تعرض منطقتين على الأقل في جنوب الصومال إلى "مجاعة"، نتيجة أسوأ موجة جفاف تضرب منطقة القرن الأفريقي منذ 60 عاماً، ووجهت نداءً عاجلاً إلى المجتمع الدولي لسرعة تقديم مساعدات الإغاثة لسكان المناطق المنكوبة بالمجاعة، وذكرت المنظمة الدولية إن موجة الجفاف دفعت عشرات الآلاف إلى النزوح، سيراً على أقدامهم ولعدة أيام، إلى دول مجاورة، بحثاً عن مصدر للغذاء، وقالت إن حوالي خمسة آلاف من سكان جنوب الصومال، يتدفقون أسبوعياً على مخيمات اللاجئين في كل من كينيا وإثيوبيا المجاورتين، وقال مارك بودين، منسق الشؤون الإنسانية للأمم المتحدة في الصومال، إن "ما يقرب من نصف سكان الصومال (حوالي 3.7 مليون شخص) يعيشون الآن ظروفاً مأساوية، من بينهم حوالي 2.8 مليون شخص، يعيشون في الجنوب"، وأعلنت الأمم المتحدة نقل إمدادات إنسانية طارئة بالجو إلى الصومال بعد تعهد المتمردين المتشددين رفع الحظر الذي حظروه على المساعدات الإغاثية في المناطق الخاضعة تحت سيطرتهم في الدولة الإفريقية التي مزقتها الحروب وتعاني من قحط، هو الأسوأ منذ 6 عقود، يهدد حياة الملايين.

أزمة مستفحلة

في سياق متصل، من المرجح أن تستمر أزمة الغذاء في منطقة القرن الأفريقي طوال الجزء الأكبر من عام 2011، ومن المتوقع أن تنتشر المجاعة في جميع أرجاء جنوب الصومال، كما قالت الأمم المتحدة يوم 29 يوليو"، ومن المتوقع أن تستمر حالة الطوارئ الحالية في الأمن الغذائي في جميع أنحاء المنطقة طوال الشهور الثلاثة أو الأربعة المقبلة،" كما أفاد مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) في نظرة عامة إقليمية جديدة، ومن المتوقع أن تتفاقم الأزمة في الصومال "بحيث تنزلق جميع المناطق في الجنوب إلى المجاعة،" وفقاً لمكتب تنسيق الشؤون الإنسانية، وذكرت أوتشا أن من بين أسباب هذه التوقعات المستويات العالية من سوء التغذية الحاد، ووفيات الأطفال دون سن الخامسة، وتوقعات أن يكون الحصاد أقل من المتوسط، وتدهور الأوضاع الرعوية والزيادات المستمرة في أسعار الحبوب، وأعادت وكالات الأمم المتحدة النظر في الاحتياجات الإنسانية ورفعتها قائلة نحتاج الآن لجمع 2.48 مليون دولار، تم التبرع ب 1.5 مليار دولار منها حتى الآن، في الوقت الحاضر، يتأثر 12.39 مليون شخص بشدة في جميع أنحاء المنطقة من جراء هذه الأزمة، وهم بحاجة ملحة إلى المساعدات المنقذة للحياة، وقال مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية أن هذا الرقم يمكن أن يرتفع بنسبة 25 بالمائة في الأشهر القادمة.

وأعاق الوضع الأمني في الصومال جهود الإغاثة بصورة خطيرة، فقد اندلع القتال في العاصمة الصومالية مقديشو في 28 يوليو، واشتبكت قوات الاتحاد الإفريقي مع متشددين في هجوم استهدف حماية جهود تقديم المعونة، ولا يمكن الوصول إلى حوالي 2.2 مليون شخص بحاجة إلى مساعدات غذائية جنوب الصومال، وأضاف مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية أنه "إذا لم يتحسن وصول المساعدات الإنسانية وعمال الإغاثة إلى المناطق الأكثر تضرراً في الصومال، نتوقع استمرار تدفق اللاجئين إلى الحدود الكينية والإثيوبية"، وهناك الآن أكثر من 350،000 مواطن صومالي في داداب، في شمال شرق كينيا، وحوالي 130،000 في دولو ادو، بإثيوبيا، وفقاً لمكتب تنسيق الشؤون الإنسانية، وفي كل يوم، يصل 1،300 صومالي آخرين إلى داداب، و 240 إلى المخيمات الأثيوبية"، ولا يزال سوء التغذية مصدر قلق كبير في دولو ادو، حيث يعاني 30 بالمائة من الوافدين الجدد من سوء التغذية الحاد الشديد،" كما أفادت فاتوماتا ليجيون كابا، المتحدثة باسم المفوضية السامية لشؤون اللاجئين في تصريحات للصحافيين في جنيف، وأضافت ليجيون كابا "يذكر الوافدون الجدد على نحو متزايد أنهم قرروا الفرار في نهاية المطاف، عندما ماتت أخر حيوانات كانوا يمتلكونها ولم يعد لديهم أي مصدر آخر للدخل أو الغذاء.

تأمين المساعدات

فيما تقول الأمم المتحدة انها تتفاوض مع الميليشيا الاسلامية في الصومال للحصول على ضمانات امنية بشان توزيع المساعدات بعد إعلان المنظمة رسميا عن مجاعة في أجزاء من البلاد بسبب أسوأ موجة جفاف منذ نحو نصف قرن، وتسيطر ميليشيا حركة "الشباب المجاهدين" على المنطقتين المتضررتين من المجاعة وهما باكول وشبيلي السفلى، وتعد هذه المرة الأولى التي يعلن فيها رسميا عن مجاعة في الصومال منذ نحو 19 عام، كما أعلنت الولايات المتحدة أنها سترسل مساعدات إلى المناطق المتضررة، لكنها تريد ضمانات من حركة الشباب بعدم التدخل في طريقة توزيعه، وتقول الأمم المتحدة والولايات المتحدة إن منظمات الإغاثة الإنسانية تريد المزيد من الضمانات من حركة الشباب، قبل أن تستأنف العمل في الصومال، ويشار إلى أن إدارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما أدرجت في أبريل/نيسان 2010 حركة "الشباب المجاهدين" على القائمة الأمريكية لـ "المنظمات الإرهابية" وهو مايعني حظر إرسال مساعدات إنسانية إلى مناطق تسيطر عليه، وأكد مايكل بلاوت محلل الشؤون الافريقية أن قرار إرسال المساعدات الأمريكية يعد تحولا في سياسة واشنطن تجاه الصومال، من جهتها اعلنت وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون أن بلادها ستقدم 28 مليون دولار إضافية كمساعدات طارئة، وقالت كلينتون إن الولايات المتحدة قدمت بالفعل هذا العام 431 مليون دولار مساعدات إلى دول منطقة القرن الافريقي ولكن هذا لم يعد كافي، وكانت حركة الشباب قد رفعت مؤخرا حظرا على وكالات المساعدات الاجنبية وسمحت لمنظمة الأمم المتحدة للأمومة والطفولة( يونيسيف) بنقل مساعدات جوا إلى مدينة بيدو، وتشير التقديرات إلى أن موجة الجفاف في القرن الافريقي أضرت بنحو عشرة ملايين شخص وأدت إلى لجوء نحو 166 ألف صومالي إلى كينيا وإثيوبي، ومعظم المناطق المنكوبة بالجفاف تقع في جنوب الصومال الذي تسيطر عليه حركة الشباب. بحسب البي بي سي.

مساعدات عاجلة

من جهة اخرى يمر ما لا يقل عن 1،000 طفل، من بين حوالي 14،000 يعانون من سوء التغذية في 50 مخيماً للنازحين بسبب الجفاف في العاصمة الصومالية، في حالة حرجة، مما دعا مسؤولين حكوميين إلى طلب مساعدات فورية، وأخبر آدم إبراهيم، وزير الصحة في الحكومة الاتحادية الانتقالية في الصومال أن "العينات التي أخذتها الوزارة والمنظمات الشريكة تشير إلى أن حوالي 14،000 طفل يعانون من سوء التغذية الخطير في 50 مخيماً للنازحين بسبب الجفاف في مقديشو"، وأضاف أن "الوزارة تركز على الأطفال دون سن الخامسة ومعظمهم يعانون من أمراض مثل الحصبة والاسهال وسوء التغذية وما إلى ذلك"، ووفقاً لتحديث العمل الإنساني الأخير الصادر عن منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف)، يواجه أكثر من نصف مليون طفل ممن يعانون من سوء تغذية شديد في منطقة القرن الإفريقي خطر الموت الوشيك، وذكرت المنظمة أنه ينبغي تحسين فرص حصول هؤلاء الأطفال على الغذاء فور، وفي الصومال، قالت اليونيسف أن "معدلات وفيات السكان أعلى من مستوى المجاعة، إذ يموت أكثر من شخصين لكل 10،000 شخص يومياً، أو أربعة أطفال لكل 10،000 طفل كل يوم، ومن أصل 3.7 مليون شخص في جميع أنحاء الصومال، هناك حوالي 1.85 مليون طفل بحاجة إلى مساعدات إنسانية عاجلة، وهو ما يمثل زيادة قدرها 85 بالمائة منذ منتصف عام 2010، وأكثر من 35 بالمائة، أو مليون شخص، منذ شهر يناير من هذا العام"، وقالت المنظمة أن هناك حاجة ماسة إلى المساعدات الغذائية للحيلولة دون تدهور محنة الأطفال والأسر النازحة، وأضافت أن "عدد الأطفال الذين يعانون من سوء التغذية الحاد ارتفع من 476،000 في يناير إلى 780،000، مع وجود 82 بالمائة من المصابين بسوء التغذية الحاد في الجنوب حيث يعاني 640،000 طفل من سوء التغذية الحاد، كما أن معدل وفيات الأطفال الذين تقل أعمارهم عن خمس سنوات أعلى من 4 أطفال لكل 10،000 طفل يومياً في جميع مناطق الجنوب التي تتوفر عنها بيانات، وتبلغ ذروتها 13-20 لكل 10،000 طفل يومياً في المناطق النهرية والزراعية الرعوية في شبيلي السفلى"، وأوضحت اليونيسف أن "العمليات الإنسانية كانت ولا تزال صعبة جداً، لكنها ليست مستحيلة، في ظل الاختبار التدريجي لزيادة فرص الوصول إلى الجنوب، وستواصل المنظمة العمل مع الحكومة ووكالات الأمم المتحدة الأخرى والمنظمات غير الحكومية الدولية وشبكة من الشركاء الوطنيين الأكفاء في عام 2011 من أجل تلبية الاحتياجات الملحة لـ 1.85 مليون طفل". بحسب ايرين.

من جهتها، أفادت لول محمد محمود، مديرة مستشفى بنادير، وهو المستشفى الأكبر في مقديشو، أن عدد الأطفال الذين يعانون من سوء التغذية يتزايد يومياً بمعدل ينذر بالخطر، وأضافت قائلة "ستكفي مستلزمات التغذية لشهر فقط بسبب ارتفاع عدد الأطفال المصابين بسوء التغذية في مقديشو واتساع المنطقة التي يغطيها المستشفى في البلدة، وبحلول الشهر المقبل، لن يكون لدينا أية مستلزمات خاصة بالتغذية"، وبنادير هو أحد مستشفيين يقدمان الخدمات للأطفال الذين يعانون من سوء التغذية، ومعظمهم من الأجزاء الجنوبية من مقديشو، وقالت محمد أن "المستشفى الآخر الذي يخدم الأطفال في مقديشو هو مستشفى إس أو إس في شمال المدينة، أما في الجنوب، حيث يوجد معظم النازحين، فإن مستشفى بنادير هو الوحيد الذي يقدم خدمات للأطفال الذين يعانون سوء التغذية"، ووفقاً لتقرير صادر عن برنامج الأغذية العالمي، أظهرت أدلة علمية أن النقص المزمن في التغذية في العامين الأولين من الحياة يؤدي إلى أضرار لا رجعة فيها، وهذا يعني أن الأطفال قد لا يتمتعون أبداً بكامل قواهم العقلية والجسدية، وأفاد البرنامج أنه "عندما يفتقر الطفل دون سن الثانية إلى التغذية السليمة بشكل مزمن، تكون الأضرار النفسية والجسدية لا رجعة فيه، وهذا النقص في التغذية يجعل الأطفال أكثر عرضة للمرض طوال حياتهم، ويصبحون أعضاء أقل إنتاجية في المجتمع، وأثناء حالات الطوارئ، لا يزيد ضعف الأطفال فقط، ولكن تزداد فرص الإصابة بالأمراض أيض، وهو ما يشكل تهديداً مزدوجاً للصحة والرفاه"، وأضافت المنظمة الأممية أن الأطفال الذين يعانون من سوء التغذية المزمن أثناء صغرهم قد يتعرضون لخطر الإصابة بالأمراض المزمنة مثل السكري وأمراض القلب والأوعية الدموية في وقت لاحق من الحياة، من ناحية أخرى، توقف الأطفال الذين ينتمون إلى الأسر الفقيرة وممن يرتادون المدارس في مقديشو عن التعلم بسبب عدم وجود مدارس حكومية في المدينة، وأخبر حسين جمعالي ، وهو مدرس في مدرسة مقديشو الابتدائية الخاصة في العاصمة، أن "هناك المئات من المدارس الخاصة في المدينة، ولكن الرسوم التي يدفعها التلاميذ مختلفة. فعلى سبيل المثال، تتقاضى المدارس الثانوية ما بين 10 و12 دولاراً عن كل طالب في الفصل الدراسي الواحد، في حين تتقاضى المدارس الابتدائية ما بين 7 و10 دولارات عن كل طالب في الفصل الدراسي الواحد أيضاً وأضاف قائل، "لقد كان لذلك أثر سلبي على الأطفال في مقديشو، وأعتقد أنه أحد الأسباب التي دفعت الأطفال للخروج إلى الشوارع لأن أسرهم عاشت مع العنف والنزوح خلال العشرين سنة الماضية، ولا يمكنها تحمل الرسوم المدرسية"، وقال جمعالي أن الحكومة لديها "بعض" السيطرة على ثلاث مدارس فقط، يدرس بها مجتمعة 700 طالب، "أما جميع المدارس الأخرى التي كانت حكومية من قبل فقد أصبحت الآن مؤسسات خاصة.

وضع اسوء

بدورها أعلنت الأمم المتحدة أن الأزمة الإنسانية في الصومال قد تحولت إلى مجاعة في منطقتين من مناطق البلاد وأنها قد تزداد سوءاً لأنه من غير المرجح أن تنتهي حالة الجفاف "التي تعد سبباً رئيسياً من أسباب الأزمة التي تتفاقم أيضاً بسبب انعدام الأمن وغياب المساعدات وتضخم أسعار المواد الغذائية" قبل ديسمبر أو يناير 2012، وأفاد مارك باودن، منسق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة في الصومال "ما زلنا لا نملك جميع الموارد المطلوبة لتوفير المواد الغذائية والمياه النظيفة والمأوى والخدمات الصحية لإنقاذ حياة مئات الآلاف من الصوماليين ممن هم بحاجة ماسة إلى المساعدة"، ولا بد من اتخاذ إجراءات فورية لتجنب انتشار المجاعة في جميع المناطق الثمانية التي يتكون منها جنوب الصومال، وقال باودن في مؤتمر صحفي عُقد في نيروبي يوم 20 يوليو "كل يوم تأخير هو حرفياً مسألة حياة أو موت بالنسبة للأطفال وأسرهم في المناطق المتضررة من المجاعة،" مضيفاً أن "هذا هو الوقت المناسب لاتخاذ إجراءات استثنائية" من حيث سرعة تسليم المساعدات والشروط التي على أساسها ستكون الجهات المانحة على استعداد للعطاء.وقد أعلنت الأمم المتحدة أن المجاعة قد ضربت منطقتي شبيلي السفلى وباكول الجنوبيتين بعد تخطي معدلات سوء التغذية نسبة 50 بالمائة في بعض المناطق، وقال باودن أن تقييماً حديثاً أبرز "حدة الأزمة"، مؤكداً أن باقي المناطق الصومالية "تقترب من حالة المجاعة"، ووفقاً لمقياس تصنيف المراحل المتكامل الذي يتكون من خمس نقاط، يتم الإعلان عن المجاعة عندما يواجه ما لا يقل عن 20 بالمائة من الأسر نقصاً حاداً في الغذاء وتكون قدرتها على التكيف محدودة ويتجاوز انتشار سوء التغذية الحاد العام نسبة 30 بالمائة ويتخطى معدل الوفيات نسبة اثنان بالألف يومي، ولكن أطلاق مسمى مجاعة على أزمة غذاء لا يتطلب من الناحية القانونية القيام بالاجراءات التي يتطلبها الإعلان عن إبادة جماعية، على الرغم من تسييس هذا المصطلح وخطورة التسمية. بحسب ايرين.

وقال برونو جيدو، ممثل المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين "من الناحية الأخلاقية، المجاعة مصطلح يجب أن يثير السخط الأخلاقي، ومن الناحية العاطفية، ينبغي أن يدفع هذا المصطلح الناس إلى عمل المزيد"، وقالت جوزيت شيران، المدير التنفيذي لبرنامج الأغذية العالمي "لقد تنبأ برنامج الأغذية العالمي بحالة الطوارئ هذه، ومن الضروري أن يتلقى الآن تحالف العمل الدولي "الذي يشمل وكالات الأمم المتحدة والحكومات والمنظمات غير الحكومية والمنظمات الإقليمية" الدعم السخي والتبرعات اللازمة بسرعة من أجل إحداث فرق"، وكانت حركة الشباب، التي تسيطر على أجزاء من الصومال، قد طلبت مؤخراً تقديم مساعدات غذائية دولية، غير أن عدم قدرة الوكالات الإنسانية على العمل في المنطقة منذ أوائل عام 2010 منع وصول المساعدات إلى الأشخاص الذين يعانون من الجوع الشديد، لاسيما الأطفال، مما ساهم في تفاقم هذه الأزمة، من جهته، قال عبد القادر حرسي، عضو لجنة الجفاف الحكومية في مقديشو أن "نحو 11،000 شخص لقوا حتفهم بسبب الجفاف في الـ 45 يوماً الماضية، من بينهم 9،000 في مناطق باي وباكول وشبيلي السفلى، والباقون في مناطق أخرى في جنوب ووسط الصومال"، وأضاف أن "الحكومة وعامة الناس يساعدون الضعفاء، فعلى سبيل المثال، وزع الرئيس 1،000 خيمة و1،000 بطانية و1،000 حصيرة على بعض النازحين في مقديشو"، لكن مع تعرض ما يقرب من نصف سكان الصومال "3.7 مليون شخص" لهذه الأزمة، يقيم ما يقدر بنحو 2.8 مليون شخص منهم في الجنوب، فإن حجم الأزمة ضخم للغاية، وقال رئيس الوزراء الصومالي عبد الولي محمد علي "اليوم انتباه العالم مسلط على بلدي، ولكنني أطلب من العالم معالجة الأسباب الأساسية لهذه الكارثة الإنسانية، وأطلب بإلحاح الموارد اللازمة لإعادة بناء الدولة الصومالية في خضم الصراع الدائر،" مضيفاً أن "الوضع سيزداد سوءاً بالنسبة للشعب الصومالي، قبل أن يتحسن"، وقد أجبرت الأزمة آلاف الصوماليين على النزوح إلى العاصمة مقديشو، وقالت فرحية عثمان أحمد، وهي أم لخمسة اطفال تبلغ من العمر 28 عاماً، "بعد عامين متتاليين من الجفاف وموت جميع مواشينا، قررت أن أتوجه إلى مقديشو على أمل إنقاذ أطفالي، وعند وصولنا إلى المدينة، مرض أطفالي، لا أعرف الأمراض التي كانوا يعانون منه، مات ثلاثة منهم، والرابع لا يزال مريضاً، وقد ساءت حالته في الأسبوعين الماضيين".

وقد كثف المجتمع الإنساني استجابته للأزمة من خلال تنفيذ أنشطة المال مقابل العمل أو الإغاثة النقدية وتوزيع الغذاء، وتقوم منظمة العمل ضد الجوع، على سبيل المثال، بنقل عدة أطنان من المواد الغذائية جواً إلى الصومال، كما أضافت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين أملاح معالجة الجفاف التي تؤخذ عن طريق الفم والبسكويت عالي البروتين وأقراص تنقية المياه إلى لوازم الطوارئ الخاصة بها، وهي أشياء لا تضاف في الظروف العادية"، وقد التزمت الجهات المانحة حتى الآن بدفع أقل من 200 مليون دولار، مما يترك فجوة تمويلية قدرها 800 مليون دولار،" كما أفادت منظمة أوكسفام البريطانية في إشارة إلى الاحتياجات التمويلية للوضع الإنساني في منطقة القرن الإفريقي قبل الإعلان عن المجاعة، ولن تصل المعونة قبل عدة أشهر، على الرغم من قيام شبكة الإنذار المبكر من المجاعة بالإبلاغ عن علامات الإنذار قبل عام عن طريق وحدة تحليل الأمن الغذائي والتغذية، ووفقاً لكريس هيلبرنر، مستشار دعم القرار والتخطيط في الشبكة، فإن الأزمة تبين أن توفير معلومات جيدة ودقيقة نسبياً بشكل مبكر يساعد في الاستجابة للأزمات، وأخبر باودن أنه على الرغم من أن معلومات الإنذار المبكر والتحليل كانت متميزة، إلا أنها لم تترجم إلى وقاية، "إذ يوجد في الصومال عدم تطابق بين الإنذار والاستجابة،" مضيفاً أنه "ينبغي علينا الإصغاء إلى أنظمة الإنذار المبكر الخاصة بنا والحفاظ على نزاهة استجابتنا الانسانية"، من جهتها، طالبت فران اكويزا، المديرة الاقليمية لأوكسفام، باتخاذ إجراءات عالمية سريعة لتجنب تكرار مثل هذه الأزمات، موضحة أن "لإغاثة الطارئة ضرورية في الوقت الراهن، ولكننا نحتاج أيضاً أن نسأل لماذا حدث هذا، وكيف يمكننا أن نمنع حدوثه مرة أخرى"، وأضافت قائلة "لوحظت العلامات التحذيرية منذ عدة أشهر، ولكن العالم كان بطيء الحركة، وهناك حاجة أكبر بكثير للاستثمار طويل الأجل في الإنتاج الغذائي والتنمية الأساسية لمساعدة الشعوب على التكيف مع ندرة الأمطار والتأكد من أن هذه المجاعة ستكون الاخيرة في المنطقة.

الحلقة الاضعف

من جهتها أفادت منظمة الصحة العالمية التابعة للأمم المتحدة أن مئات الأطفال الذين تقل أعمارهم عن خمس سنوات أصيبوا بجروح في جولة القتال الأخيرة التي وقعت في العاصمة الصومالية مقديشو، وهذا يمثل ما يقرب من نصف جميع حالات الإصابة في شهر مايو، وفي بيان صحفي صدر في 31 مايو، ذكرت منظمة الصحة العالمية أن البيانات الحديثة أظهرت أن الأسباب الرئيسية للوفاة بين الأطفال دون سن الخامسة كانت الإصابة بالحروق وإصابات الصدر والنزيف الداخلي بسبب الجروح والشظايا الناجمة عن الانفجارات والرصاص، كما ذكرت المنظمة أنه "من بين الإصابات الناتجة عن الأسلحة النارية والبالغ عددها 1،590 حالة في شهر مايو فقط، كانت 735 حالة أو 46 بالمائة من تلك الحالات لأطفال تقل أعمارهم عن خمسة أعوام مقارنة بـ 3.5 بالمائة في أبريل، وذكرت مارثي إفيرارد، ممثلة منظمة الصحة العالمية بالصومال أن "هذا هو أكبر عدد لأطفال مصابين يتم الإبلاغ عنه منذ بداية هذا العام"، وقد تصاعدت حدة القتال في مقديشو في الأسابيع الأخيرة بين القوات الحكومية المدعومة من قبل بعثة الاتحاد الإفريقي في الصومال من جهة وحركة الشباب من جهة أخرى وذلك في محاولة من القوات الحكومية لطرد المسلحين من أجزاء عديدة من المدينة التي كانت تحت سيطرتهم، وكان معظم القتال يدور حول بكارة، أكبر سوق مفتوح في الصومال، مع سعي القوات الحكومية للإطاحة بحركة الشباب من المنطقة، وقال أحمد ديني من مؤسسة "خط السلام"، وهي مؤسسة مجتمع مدني صومالية تهتم بقضايا الأطفال في البلاد، أن العدد قد يتزايد إذا "أخذنا في الاعتبار أن العديد من الأسر غير قادرة على الوصول إلى المستشفيات لذلك تترك أطفالها الجرحى بالمنزل وتحاول تقديم أفضل قدر ممكن من الرعاية لهم، وأضاف ديني " للأسف، في جميع الأحداث بمقديشو سواء كانت نزوح أم فقر أم عنف، فإن الأطفال هم الأكثر تضرراً"، وذكر أن جماعات المجتمع المدني قامت في العديد من المناسبات بمناشدة الأطراف المتنازعة لوقف قصف المناطق المأهولة بالسكان وتقليل الخسائر في صفوف المدنيين، وأضاف ديني قائلاً "نطلب منهم أيضاً السماح بالوصول إلى المستشفيات لهؤلاء الذين لا يستطيعون الوصول إليها، فلدينا تقارير عن أطفال يموتون بسبب عدم قدرتهم على الحصول على الرعاية الطبية"، وطبقاً لمنظمة الصحة العالمية، فإن العاملين في المجال الصحي في مقديشو محملون بأعباء العمل لدرجة لا تمكنهم من معالجة العدد الكبير من جرحى الحرب، كما أنهم يفتقرون في الكثير من الأحيان إلى المعدات والوسائل اللازمة لتغطية جميع الحالات، وقالت إفيرارد في بيان منظمة الصحة العالمية "يصطدم تقديم الخدمات الصحية بعقبات كثيرة في الصومال منها ضعف النظام الصحي والبنية التحتية وعدم وجود عدد كاف من المنشآت الصحية بالإضافة إلى نقص العاملين الصحيين المؤهلين، ففي أي مكان تعمل فيه المرافق الصحية، فإنها غالباً ما تفتقر إلى الأدوية الأساسية والإمدادات والمعدات والدعم التشغيلي واللوجستي، وقال عبد الرزاق حسن علي، مدير مستشفى بنادير للأطفال بمقديشو، أنه منذ بداية الشهر استقبل المستشفى المزيد والمزيد من الأطفال الجرحى، وأضاف علي قائلاً "نحن نستقبل في المعدل ما بين 20 و30 طفلاً جريحاً في اليوم، وفي تصريح سابق له ذكر علي أن المستشفى كان يستقبل حوالي 10 أطفال جرحى يومي، وأضاف ديني أن "الفرق بين القتال الأخير والصراع السابق هو أن الأخير أكثر استدامة ودون تهاون، في السابق كان لدينا قتال عنيف لكنه كان يتوقف بعد أيام قليلة، ولكن يصر كل طرف على الاستمرار في المواجهة. بحسب ايرين.

الأمطار تزيد الاحوال سوءاً

كما قد يجلب بداية موسم الأمطار الطويل في الصومال، الذي تأخر شهراً، بعض الراحة للمزارعين والرعاة في البلاد، ولكن بالنسبة لمئات الآلاف من النازحين الذين تزدحم بهم منطقة يسيطر عليها المتمردون وتخلو بالكامل تقريباً من المساعدات الإنسانية، فإن هذا الطوفان لا يجلب إلا المزيد من المشاكل، وعادة ما تبدأ أمطار غو في مطلع أبريل، ولكنها تأخرت هذا العام في معظم أنحاء البلاد، ففي مقديشو والمناطق المحيطة بها، بدأت الأمطار في الأسبوع الثاني فقط من شهر مايو، وقد نزح أكبر تركيز سكاني في الصومال، حوالي 410،000 نسمة، بسبب النزاع بين الحكومة الانتقالية الفدرالية والجماعات المسلحة مثل حركة الشباب، وهم يعيشون الآن في ممر أفغوي الذي يبلغ طوله 30 كيلومتراً، جنوب العاصمة، ويقع هذا الممر تحت سيطرة حركة الشباب، وقالت جواهر علمي، رئيسة منظمة شؤون المرأة الصومالية، وهي واحدة من المنظمات القليلة التي تقدم المساعدة في الممر أن "على النازحين الآن التعامل مع المياه المتسربة من القماش المشمع والخيام"، وأضافت أنه حتى الآن، لم تكن الأمطار غزيرة جداً، وبالتالي لم تقع أضرار كثيرة في مخيمات النازحين، وأفادت علمي أن هناك حاجة ملحة للمواد الخاصة بالمأوى، "فهناك نقص في الأغذية والأدوية، ولكن تبقى مواد المأوى هي الأكثر إلحاحاً في الوقت الراهن"، ووقالت حليمة الشيخ حسن، وهي أم لسبعة أطفال، أنها تعيش في مخيم أربيسكا بممر أفغوي منذ عامين. بحسب ايرين.

وأضافت قائلة "أسكن مع أولادي في مأوى صغير ولكن الأغطية البلاستيكية التي تغطي بيتي أصبحت قديمة وبها ثقوب كبيرة"، وأضافت أنها ونازحين كثيرين غيرها كانوا يجدون أعمالاً في سوق بكارة بمقديشو، "ولكن هذا غير ممكن الآن، نظراً لازدياد حوادث العنف، فالسوق مغلق تقريباً، ومعظم التجار أمثالنا فروا للنجاة بحياتهم"، وأفادت أنه في الماضي كان العديد من النازحين يعتمدون على المنظمات الإنسانية خلال الأوقات الصعبة، ولكن لا توجد الآن وكالات على الأرض بعد أن رحل معظمها منذ أكثر من سنة، وأضافت قائلة "في ظل هطول الأمطار، ووجود كميات قليلة جداً من الطعام، أو انعدامه كلياً ومع هذا النوع من المأوى، لست أعرف كيف سنبقى على قيد الحياة هذا العام"، وأخبر عامل طبي أن العديد من النازحين معرضين لمخاطر بالفعل، لاسيما الأطفال والنساء الحوامل والمرضعات، وقالت عائشة حسن عثمان، من منظمة شؤون المرأة الصومالية "لدينا بالفعل العديد من حالات الحصبة والإسهال المائي الحاد في عيادتنا، والأمطار ستزيد الوضع سوءاً"، وكانت خديجة فيدو، وهي نازحة أخرى، تغطي نفقاتها من خلال بيع العشب للرعاة، ولكن مع هطول الأمطار، لم يعد الرعاة بحاجة لشراء العشب من التجار، وعن ذلك قالت "كنت أكسب حوالي 80،000 شلن (حوالي 2.8 دولاراً) يومياً من بيع العشب، وهو ما كان كافياً لشراء وجبة واحدة في اليوم، هناك خطر الآن، ولا أعرف ماذا سيحدث بعد ذلك، يبدو أن الأمور تسير من سيء إلى أسوأ بالنسبة لن، كان الله في عوننا"، ووفقاً لتقديرات الأمم المتحدة، يحتاج ما لا يقل عن 2.4 مليون صومالي إلى مساعدة في جميع أنحاء البلاد، وهذا العدد يشمل النازحين في المناطق التي تسيطر عليها حركة الشباب المعارضة: 410،000 في ممر أفغوي، و15،200 في ممر بلد "30 كيلومتراً شمال مقديشو" و55،000 في داينيل، شمال غربي مقديشو.

مكاسب الصحة والتعليم

من جهة اخرى أفاد قادة أرض الصومال المعلنة من جانب واحد أن الجمهورية أدخلت تحسينات رئيسية على قطاعات مثل الصحة والتعليم والبنية التحتية خلال العقدين الماضيين، على الرغم من عدم الاعتراف الدولي به، وقال الرئيس أحمد محمد محمود سيلانيو في 18 مايو خلال احتفال الإقليم بالذكرى العشرين لإعلان الاستقلال من جانب واحد عن بقية الصومال أن "إحدى العقبات الرئيسية أمام دولة أرض الصومال هي عدم الاعتراف بها ولكن حكومتي لن تتخلى أبداً عن محاولة كسب هذا الاعتراف"، وقال سيلانيو أن جهود المصالحة وبناء الدولة ووضع مسودة للدستور الجديد قد ساعدت على تعزيز السلام في الإقليم، وأضاف قائلاً "لقد وفرنا جوازات سفر وعملة جديدة وشجعنا على عملية التحول الديمقراطي والانتخابات متعددة الأحزاب وقمنا بتحسين الحصول على الرعاية الصحية والتعليم واحترام حقوق الإنسان وحرية التعبير وتسهيل اقتصاد السوق الحر"، وأضاف قائلاً "كان بقية الصومال في حالة من الفوضى وغياب القانون خلال العشرين عاماً الماضية ولذلك أناشد السياسيين الصوماليين رعاية مواطنيهم والنظر في المشكلات التي يعيشون فيها وحل خلافاتهم من أجل إعطاء فرصة للسلام"، وقال نيمو حسين، نائب وزير الصحة أن زيادة خدمات الرعاية الصحية "عن طريق الحكومة والقطاع الخاص" كان أحد التطورات التي تحققت منذ عام 1991، وأضاف أن معدل الوفيات النفاسية كان يبلغ 1،600 وفاة لكل 100،000 امرأة في عام 1991 مقارنة بـ 1،044 وفاة لكل 100،000 امرأة في 2006، كما كان معدل وفيات الأطفال يبلغ 275 وفاة في عام 1990 وقد انخفض إلى 188 وفاة في 1999 ثم إلى 166 وفاة في 2006، وأضاف حسين أن هذا "يشير إلى انخفاض كبير عند مقارنته بالمعايير العالمية".

وأوضح أن أرض الصومال حققت مكاسب في حربها ضد الملاري، فقد شهد العامان الماضيان خلو الإقليم تقريباً من مرض الملاري، وقد قام الإقليم أيضاً بنزع الألغام من مساحات كبيرة من الأراضي المزروعة بالألغام بين عامي 1981 و1991 أثناء الحرب بين الجيش الوطني الصومالي وحركة تحرير أرض الصومال وكذلك أثناء الحرب بين الصومال وإثيوبيا بسبب النزاع على منطقة أوغادين (المعروفة الآن بإقليم الصومال في إثيوبيا)، وقال أحمد حسين عيسى، أستاذ العلوم في جامعة هرجيسا "في عام 1992 عندما بدأ سكان أرض الصومال في العودة من مخيمات اللاجئين في إثيوبيا إلى قراهم ومدنهم التي أحرقتها الحرب واجهوا واقعاً فظيع، فالألغام الأرضية كانت في كل مكان والتنقل كان أمراً محفوفاً بالمخاطر"، وقال عيسى أنه منذ ذلك الحين جعلت جهود نزع الألغام الإقليم أكثر أماناً، موضحاً أن "حكومة أرض الصومال وشعبها لعبوا دوراً محورياً في جعل أراضي إقليم أرض الصومال آمنة من الألغام إلى حد كبير في أقل من عشر سنوات"، وأضاف أن "مبادرة العمل المتعلقة بالألغام في أرض الصومال الممولة بشكل كبير من الأمم المتحدة تقوم بتنسيق جميع جهود الأعمال المتعلقة بالألغام، وعلى الرغم من عدم قدرة حكومة أرض الصومال على التوقيع على معاهدة حظر الألغام كدولة عضو ذات سيادة في الأمم المتحدة، إلا أنها قبلت مع ذلك جميع التزاماتها بما في ذلك تمرير قانون محلي يحظر استخدام الألغام الأرضية ويصوغ خطة عمل لمكافحة الألغام"، وأضاف عيسى أنه فضلاً عن ذلك، قامت أرض الصومال بتدمير المخزونات التي كانت تحت سيطرة جيشها وكذلك الألغام التي تمت مصادرتها من المدنيين، وقال عيسى أنه "مع احتفال أرض الصومال بالذكرى العشرين، فإن شعب أرض الصومال يمكنه أن يعرض على العالم قصة نجاح من خلال جهوده في نزع الألغام، فأطفال المدارس لم يعودوا يخشون اللعب في ملاعب المدارس".

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 30/آب/2011 - 29/رمضان/1432

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1432هـ  /  1999- 2011م