أماكن الترفيه حق من حقوق الشعب

 

شبكة النبأ: تنشغل الحكومات الفاشلة في الغالب، بتحقيق أدنى مستوى من مستويات المعيشة لشعوبها، حتى أنها تعد توفير ما يسد الرمق للشعب، فتحا كبيرا ومكسبا لا يضاهيه مكسب، وتروج لنفسها بأنها ترعى شرائح الشعب كافة، وتتعب وتكد من اجل توفير الطعام والشراب وما شابه، في حين يؤكد القانون العالمي لحقوق الانسان، على أن الطعام هو من ابسط حق من حقوق الانسان على حكومته.

ولو تحدثنا عن جانب الترفيه في الدول المتعبة والفاشلة سياسيا، فإننا كمن يتحدث عن أشياء كمالية ليس لها دور جوهري في الحياة، بمعنى أن الترفيه بأنواعه سواء توفر للناس أم لم يتوفر، فهذه ليست مشكلة، المهم ان رغيف الخبر يصل للشعب، وما عدا ذلك ليس مهما ولا جوهريا، في حسابات الحكومات الفاشلة، وخاصة في دول الشرق الاوسط العربية وغيرها، اضافة الى دول افريقية ودول اخرى من امريكا اللاتينية وغيرها، هذه الدول لا تعطي الاهتمام المناسب للترفيه، باعتباره عاملا مجددا لطاقات الانسان وقدرته على الانتاج الامثل.

أما الدول المتطورة فإنها ترعى الترفيه، تماما مثلما ترعى عملية توفير الطعام والشراب والملبس، فالترفيه بالنسبة لها يمثل جانبا حياتيا مهما، ينبغي الاهتمام به بأقصى ما يمكن، حيث توضع الدراسات والخطط الكفيلة بالنهوض المتواصل بقطاع الترفيه، وهي تعمل لتوفير الطعام والترفيه على قدم المساواة، لأنها تؤمن وتعرف بأن حيوية الشعب تتأتى من الاهتمام به والترويح عنه، بعد مشاق العمل سواء اليومي او الموسمي أو السنوي، كالدراسة في المدارس والجامعات وما شابه.

أما في بلداننا، فإن الحكومة غالبا ما تغض الطرف عن الترفيه، بوصفه عنصرا هاما من عناصر مواصلة العيش بطريقة تليق بكرامة الانسان، ناهيك عن كونه دافعا من دوافع الانتاج الامثل، ولهذا تجد شرائح الشعب متعبة ومجهدة في الغالب، باستثناء الطبقة المتمكنة ماديا وهي طبقة الاثرياء والمسؤولين وذويهم، ما عدا ذلك تجد شرائح الشعب الاخرى منشغلة في توفير لقمة العيش، ومع قلة اماكن ووسائل الترفيه يغدو هذا الجانب امرا لا ضرورة له في حياة الفقراء.

على سبيل المثال ونحن مقبلون على مناسبة عزيزة على حياة الشعوب المسلمة، ألا وهي عيد الفطر المبارك، نلاحظ اهتماما جزئيا وانتقائيا بالترفيه، فهناك مناطق تجد فيها بعضا من هذه الاماكن كالحدائق ومدن الالعاب الصغيرة، وهي أفضل من لا شيء، في حين تغيب هذه الاماكن البسيطة عن مدن واحياء كبيرة وكثيرة، والسبب دائما خلل في الاداء الحكومي (البلديات) والحجة موجودة دائما، وهي ان الترفيه ليس اهم من تعبيد الشوارع او انشاء الجزرات الوسطية او بناء المدارس، وهكذا يتعرض الشعب الى غبن واضح في هذا المجال، اذ نجد الاثرياء وطبقة السياسيين والمسؤولين يقضون العطلة في السفر الى الخارج والتمتع بأرقى اماكن الترفيه، في وقت لا يهتم هؤلاء بتوفير ابسط الاماكن لعموم الناس داخل البلد.

واذا كانت هناك اماكن للالعاب وما شابه، فإنها تتطلب اسعارا عالية ابتداء من بطاقة الدخول مرورا بسعر كل لعبة، حيث يثقل هذا المبلغ كاهل العوائل الفقيرة المنهكة اصلا من الناحية الاقتصادية، خاصة بغياب الضوابط وتحديد الاسعار في هذه المتنزهات الاهلية وغيرها، مع غياب الجانب التنافسي بسبب قلة هذه الاماكن اصلا، لذا لابد للحكومة والوزارة المعنية أن تعطي جانب الترفيه ما يستحقه من الاهتمام خاصة انه يهم عموم شرائح الشعب.

فلابد من بناء وتشييد أماكن الترفيه، ومدن الالعاب بكثرة، وبما يتناسب مع زيادة السكان وارتفاع كثافتهم في المدن، ولابد ان توضع الخطط الكفيلة بالنهوض في هذا القطاع المهم، وليس من المقبول أن يتذرع المسؤولون بحجج واهية، مثل اعتبار الترفيه امرا كماليا، او خوفا من الارهاب، او حفاظا على سلامة ارواح الناس، وما شابه من اعذار واهية.

على الجهات الحكومية المعنية، ان تقوم بدورها المطلوب في هذا المجال، وعلى نواب الشعب مراقبة الاداء الحكومي في هذا الجانب، فمثلما نطالب الناس بالعمل والمثابرة والجدية في الانتاج، على المسؤولين أن يوفروا لطبقات الشعب كافة كل ما يساعدهم على تجديد نشاطهم، ودفعهم نحو الانتاج الافضل من خلال الترفيه الجيد والمريح، مع مراقبة الاسعار لألعاب الاطفال وحدائق الحيوان وماشابه.

ان ترفيه الانسان حق مكفول له كحق الاطعام والسكن وما شابه، وعلى الحكومة ان تعي دور الترفيه في تجديد العقول وتفجير الطاقات الكامنة للشباب والناس عموما، فالترفيه زاد الجسد وسبيله للعمل الافضل، مثلما هو العلم زاد العقل وسبيله للانتاج الفكري الأفضل.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأحد 28/آب/2011 - 27/رمضان/1432

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1432هـ  /  1999- 2011م