مسلمو أمريكا... تطلعات لمستقبل اقل عدائية

شبكة النبأ: يبدو ان واقع الجاليات المسلمة في امريكا بات افضل حالا بعد عشر سنوات من وقوع اعتداءات سبتمبر، خصوصا بعد مقتل قائد تنظيم القاعدة اسامة بن لادن على يد قوات المارينز الخاصة في باكستان.

وتشير بعض الاستطلاعات التي اجريت مؤخرا على انحسار موجة الكراهية بشكل نسبي التي سادت الشارع الامريكي في الفترة الماضية ازاء المسلمين، مما اشاع شيء من الارتياح لدى تلك الجاليات في تلك الدولة، على الرغم من بقاء استمرار بعض الاعمال العنصرية والاستفزازية التي تجهد الجهات المتطرفة على القيام بها اتجاههم.

الاحوال أفضل

فقد أظهر استطلاع للرأي نشرت نتائجه ان المسلمين الامريكيين يشعرون بأن أحوالهم أصبحت أفضل حيث زادت نسبة المسلمين الذين يقولون ان "أحوالهم تزدهر" 19 في المئة منذ عام 2008.

ووجدت الدراسة ان 60 بالمئة من الامريكيين المسلمين الذين شملتهم الدراسة قالوا ان أحوالهم تزدهر بزيادة طفيفة عن الامريكيين الذين ينتمون لديانات اخرى باستثناء اليهود الذين تفوقوا عليهم بنقطة مئوية واحدة.

وأشارت استطلاعات الرأي بوجه خاص الى الزيادة السريعة في المشاعر الايجابية بين الامريكيين المسلمين حيث تفوق الزيادة التي بلغت 19 نقطة مئوية منذ عام 2008 مثلي نسبة الزيادة في أي دين اخر.

وقالت داليا مجاهد مديرة مركز جالوب أبوظبي لرويترز بالتليفون "يشعر الامريكيون المسلمون اليوم باحساس أكبر من الانتماء في بلدهم." بحسب رويترز.

وقال ثلاثة في المئة فقط من الامريكيين المسلمين انهم يقاسون بينما قال 37 في المئة انهم يجدون صعوبات. وقال القائمون على الدراسة انهم أرجعوا التغيير في توقعات المستقبل الى تحسن الاحوال الاقتصادية واحساس بمزيد من التحرر منذ انتخاب الرئيس باراك اوباما وهو مسيحي له جذور اسلامية تواصل مع المجتمعات الاسلامية في أنحاء العالم.

وقال التقرير ان شعبية اوباما (وهو ديمقراطي) بين الامريكيين المسلمين بلغت 80 بالمئة حيث تم تحديد انتماء 46 في المئة منهم للحزب الديمقراطي مقابل تسعة في المئة للحزب الجمهوري.

وقال التقرير "ربما يرون ان اوباما يروج لسياسات تتفق مع ارائهم السياسية أكثر من سياسات الرئيس السابق جورج بوش" الجمهوري.

وشعر الامريكيون المسلمون (بنسبة بلغت 64 في المئة) ان مستواهم المعيشي يتحسن ارتفاعا من 55 بالمئة في 2009 و46 بالمئة في 2008. والامريكيون اليهود لهم بعض الاراء التي تتفق مع الامريكيين المسلمين. وتتفق أغلبية من الديانتين على حل الدولتين للصراع الاسرائيلي الفلسطيني.

والامريكيون اليهود هم أكثر من يعتقدون ان الامريكيين المسلمين مخلصون للولايات المتحدة.. ويشاركهم الاعتقاد الامريكيون المسلمون بالطبع. وقال هذا نحو 80 في المئة من اليهود مقارنة مع 59 في المئة من الكاثوليك و56 في المئة من البروتستانت. وقالت مجاهد "يوجد مورد لم يستغل وعلاقة وربما ائتلاف بين المسلمين والامريكيين اليهود."

وقال مركز جالوب ان الدراسة كانت من أوسع الدراسات نطاقا للرأي العام لدى الامريكيين المسلمين حتى اليوم. وبدلا من ايجاد مشاركين من خلال اختيار اشخاص يحملون أسماء اسلامية شهيرة أو الذهاب الى اجزاء من البلاد فيها عدد كبير من المسلمين فان الدراسة شملت عينة عشوائية من الاسر الامريكية.

وقال جالوب انه أجرى مقابلات مع 3883 امريكيا مسلما بالغا في الفترة من يناير كانون الثاني 2008 الى التاسع من ابريل نيسان 2011 . وقال جالوب ان نسبة الثقة في مستوى البيانات يبلغ 95 في المئة.

أكثر تفاؤلا من باقي الجماعات الدينية

كما يبدو أن المسلمين الأمريكيين أكثر تفاؤلاً بالمستقبل من باقي الجماعات الدينية في الولايات المتحدة الأمريكية، وقال المحلل أحمد يونس الذي يعمل محللاً في مركز غالوب في أبوظبي: "عموماً يبدون أنهم أكثر تفاؤلاً ويحملون آراء إيجابية بشأن الحكومة الأمريكية ومؤسساتها وحيال المستقبل.. لكنهم أفادوا بوجود مستوى مرتفعاً من التمييز ضدهم."

وقال يونس إن نحو نصف المسلمين الأمريكيين الذين استطلع مركز غالوب آراءهم قالوا إنهم عاشوا تجربة التمييز العرقي أو الديني في الولايات المتحدة، مشيراً إلى أن قصة الأمريكي المسلم هي قصة الأمريكي بشكل عام من نواح عديدة. وأضاف يونس أن استطلاع آراء الجماعات الدينية الأخرى جاء داعماً لاستطلاع آراء المسلمين الأمريكيين.، منوهاً إلى أن آراء الأمريكيين مازالت منقسمة كما أن ولاء المسلمين الأمريكيين مازال موضع تشكيك من قبل جزء كبير من الأمريكيين، رغم أنهما عبروا عن ولائهم لبلدهم، كما لا يرون أن هناك تناقضاً بين كونهم أمريكيين ومسلميين في الوقت ذاته.

وبحسب الدراسة التي أجراها مركز غالوب أبوظبي على مدى عامين، فقد قال 93 في المائة من الأمريكيين المسلمين إنهم يعتقدون أن المسلمين الأمريكيين يدينون بالولاء للولايات المتحدة، بينما تشكك الأقليات الدينية الأخرى بهذا الولاء. بحسب السي ان ان.

37 في المائة من الأمريكيين البروتستانت و35 في المائة من الكاثوليك قالوا إنهم لا يوافقون على أن مسلمي الولايات المتحدة يدينون بالولاء لأمريكا.

وأوضحت الدراسة أن كل الأمريكيين المسلمين في الدراسة تقريباً أو ما نسبته 92 في المائة منهم يعتقدون أن السلمين الذين يعيشون في الولايات المتحدة غير متعاطفين مع تنظيم القاعدة، التي تتحمل مسؤولي هجمات الحادي عشر من سبتمبر/أيلول عام 2001.

ومع ذلك، وشأنهم شأن الجماعات الأخرى في الولايات المتحدة، فقد عبروا عن استيائهم من إجراءات مكافحة الإرهاب التي فرضت منذ الهجمات الإرهابية على نيويورك، كما لا يثق جزء كبير منهم بمكتب التحقيقات الفيدرالي الأمريكي FBI.

فقد قال 60 في المائة من المسلمين الأمريكيين إنهم يثقون بمكتب التحقيقات الفيدرالي مقارنة لنسبة 75 في المائة من بقية الأمريكيين. وأشار 81 في المائة من المسلمين الأمريكيين إلى أنهم يعتقدون أن من المستحيل تحديد هوية الإرهابي بناء على الصفات الجغرافية، بينما وافقهم في ذلك 49 في المائة من باقي الأمريكيين.

مسجد نيويورك

الى ذلك عادت قضية مسجد نيويورك الذي كانت إحدى الجمعيات الإسلامية الأمريكية قد اقترحت إقامته قرب "المنطقة صفر،" موقع هجمات الحادي عشر من سبتمبر/أيلول، إلى الواجهة من جديد، ولكن من الباب الانتخابي، فبعد الجدل الواسع حول المسجد قام مرشح جمهوري باتهام نظيره الديمقراطي بدعم المشروع، ما أثار حفيظة الثاني.

ويدور الصراع ضمن انتخابات تكميلية لمقعد في الكونغرس الأمريكي كان يشغله في السابق النائب الجمهوري أنطوني واينر، الذي استقال قبل فترة بسبب نشره لصور شخصية تحمل مدلولات جنسية، ويبدو السباق محتدماً في هذا الإطار بين المرشح الجمهوري، بوب تيرنر، وخصمه الديمقراطي، ديفيد ويبرن.

فقد أصدر مكتب تيرنر إعلانا تلفزيونيا يصار فيه إلى دمج صورة الرئيس باراك أوباما مع مشاهد لمركز التجارة العالمي وهو يحترق بسبب الهجمات التي استهدفته عام 2001، ومن ثم تظهر صورته وهو يبتسم إلى جانب صورة لمسجد.

ومن ثم يقول الإعلان: "السنوات العشر الفاصلة كانت قصيرة، ومازال الجميع يتذكر.. البعض أراد تخليد ذكرى هذه المأساة من خلال بناء مسجد في 'المنطقة صفر،' وقد قال الرئيس آنذاك إنها فكرة جيدة.. وكذلك فعل المرشح ديفيد وبرن."

وبعد ذلك تبث مقاطع صوتية لوبرن وهو يقول إنه يدعم مشروع بناء المسجد، في حين تبث أخرى للمرشح الجمهوري تيرنر وهو يعترض على الخطوة.

ورد وبرن على الإعلان ببيان، اعتبر فيه أن ما يظهر على الشاشات "معيب،" متهماً تيرنر بأنه يستغل اقتراب حلول موعد ذكرى الهجمات لأهداف سياسية.

وكان مشروع بناء مسجد على مقربة من موقع الهجمات التي تعرضت لها نيويورك عام 2001 قد أثار الكثير من الجدل منذ نهاية 2010، إذ اصطدمت الخطوة بمعارضة واسعة في المدينة والولايات المتحدة بشكل عام، وقادت حملة المعارضة عائلات قتلى الهجمات، وقوى يمينية ناشطة.

وبحسب استطلاعات الرأي فإن المشروع أثار الانقسام بين المسلمين والمسيحيين وكذلك معتنقي الديانات الأخرى، في الولايات المتحدة الأمريكية.

وفق الاستطلاع الذي أجراه مركز "غالوب"، فإن نحو ستة من كل عشرة أشخاص ممن يتبعون المذهب الكاثوليكي وكذلك المورمون، يعتقدون أنه يجب البحث عن موقع بديل لبناء المركز الإسلامي المثير للجدل، كما أن أقل من ثلث المسلمين يسودهم نفس الاعتقاد.

ويتفق مع التوجه نفسه غالبية الأمريكيين من غير المسيحيين، وأيضاً معظم غير المتدينين، بينما يقف اليهود الأمريكيون، من أتباع المذهب البروتستانتي، وكذلك الطوائف المسيحية الأخرى، موقفاً وسطاً بين أولئك وهؤلاء.

وكان المئات من الأمريكيين قد نظموا العديد من الاحتجاجات قرب موقع "المنطقة صفر"، وقاموا برفع شعارات تحذر من المد الإسلامي في البلاد، كما حذروا من انتشار المساجد التي اعتبروا أنها تهدد الحرية، وتذكّر بالهجمات التي وقعت عام 2001.

أوباما يثني على دور المسلمين

من جهته أثنى الرئيس الامريكي باراك أوباما على الدور الذي يلعبه المسلمون الامريكيون في المجتمع الامريكي خاصة بعد هجمات 11 أيلول/سبتمبر، وذلك خلال حفل إفطار استضافه البيت الأبيض.

وقال أوباما إن شهر رمضان هو 'وقت للتفكير والتقوى' بالنسبة لملايين المسلمين الامريكيين وأكثر من مليار مسلم حول العالم، متوجهاً للمسلمين بعبارة 'رمضان كريم'.

وتناول أوباما هجمات 11 أيلول/سبتمبر في نيويورك وواشنطن، وقال 'خلال شهر، سنحيي الذكرى العاشرة لتلك الهجمات المريعة التي جلبت الكثير من الألم لقلوبنا'، مضيفا إن الكثيرين من الامريكيين من أديان مختلفة وبينهم مسلمون امريكيون قضوا في تلك الهجمات.

وقال أن المسلمين كانوا من بين أوائل الأشخاص الذين سارعوا لتقديم النجدة والمساعدة وقت الهجمات. وأضاف أوباما 'دعونا لا ننسى أنه كلّ يوم خلال السنوات العشر الماضية، ساعد المسلمون الامريكيون على حماية مجتمعاتنا كرجال شرطة وإطفاء وغيره'. ودعا إلى أن تبقى امريكا ليس فقط 'دولة تتقبل الأشخاص من خلفيات ومعتقدات مختلفة ولكن امريكا يغنيها تنوعها'، وتدعم 'حقوق وكرامة الشعوب حول العالم، أكان شخصا يطالب بحريته في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا أو طفلا جائعا في القرن الأفريقي'. بحسب يونايتد برس.

يشار إلى أن حفل الإفطار في البيت الأبيض تقليد سنوي أطلقه الرئيس بيل كلينتون وحافظ عليه الرئيسان جورج بوش وباراك أوباما ويدعى إليه ممثلون عن البعثات الدبلوماسية وأبرز ممثلي المسلمين في امريكا.

شهر رمضان

كما هنأ الرئيس الاميركي باراك اوباما المسلمين في انحاء العالم بحلول شهر رمضان، مغتنما الفرصة للدعوة الى مساعدة ضحايا الجفاف والمجاعة في افريقيا. وقال اوباما ان رمضان "هو مناسبة للتأمل العميق والتضحية. وكما هو الحال في المعتقدات الاخرى، فان الصيام هدفه زيادة الروحانية والانضباط وادراك رحمة الله". واضاف "كما انه يذكر باهمية تقديم يد العون للمحتاجين. ان القصص عن من فقدوا حياتهم وصور العائلات والاطفال في الصومال والقرن الافريقي وهم يصارعون للبقاء على قيد الحياة يذكرنا بانسانيتنا المشتركة ويدفعنا الى العمل".

وقال "لقد حان الوقت الان للبلدان والشعوب لان تجتمع لكي تحول دون وقوع كارثة اسوأ، وذلك عن طريق تقديم الدعم والمساعدة لجهود الاغاثة المتواصلة".

وقد كثفت جماعات الاغاثة عملياتها لمساعدة ملايين الناس المتضررين من الجفاف الشديد في القرن الافريقي. والصومال هي الاكثر تضررا بالجفاف من بين دول المنطقة. واعلنت الامم المتحدة جنوب باكول ولاور شابيل الصوماليتين منطقتي مجاعة.

وقال "ان هذه الاوقات تذكرنا بالدرس الذي تعلمنا اياه جميع الاديان العظيمة بما فيها الاسلام -- اننا يحب ان نعامل الناس كما نحب ان يعاملونا". واضاف "وبهذه الروح، اتمنى للمسلمين في جميع انحاء العالم شهرا مباركا، واتطلع الى اقامة حفل افطار مرة اخرى هنا في البيت الابيض. رمضان كريم".

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 18/آب/2011 - 17/رمضان/1432

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1432هـ  /  1999- 2011م