العراق... منجم أزمات داخلية وإقليمية

بغداد في مواجهة... التوسع الكردي والتعويضات الإيرانية وميناء مبارك الكويتي

محمد حميد الصواف

 

شبكة النبأ: بالرغم من التحسن الميداني والاستقرار النسبي الذي يشهده العراق، الا ان ذلك البلد لايزال يعاني جملة من التهديدات الجدية التي تستهدف صميم الدولة ومؤسساتها الحيوية، سيما على الصعيد السياسي داخليا وإقليميا.

فالدولة الفتية في العراق تشكو ركة غير مسبوقة منذ تاريخ تأسيسها، حيث تشوب الصراعات السياسية بين مكونات البلاد بشكل يبعث عن القلق، خصوصا مع اقتراب موعد انسحاب القوات الامريكية نهاية العام الحالي، وعجز الكتل البرلمانية عن تمرير اتفاقية تؤمن استمرار بقائها، فيما يعزز من جملة التهديدات فشل الحكومة في القضاء على ظاهرة الفساد المالي والاداري المتفشي.

في حين تشخص للعيان المشاكل الاقليمية المستديمة مع دول الجوار كمحنة للعراقيين تؤرق صانعو القرار في بغداد سيما مع الكويت وايران، والذي لا تزال الكثير من المسائل العالقة بسبب الحروب الدامية وما تمخض عنها من ارهاصات سياسية تداعياتها ماثلة الى الان.

الامم المتحدة

فقد عين الامين العام للامم المتحدة بان كي مون الالماني مارتن كوبلر رئيسا لبعثة الامم المتحدة لمساعدة العراق (يونامي) المكلفة مساعدة حكومة بغداد على النهوض بالبلاد.

وكوبلر (58 عاما) دبلوماسي الماني سابق رفيع متخصص في مساعدة الدول التي تشهد نزاعات، وقد سبق له ان عمل سفيرا لبلاده في بغداد. وكان كوبلر حتى تعيينه في هذا المنصب من ابرز مسؤولي بعثة الامم المتحدة في افغانستان.

ويحل كوبلر في العراق محل الهولندي اد ملكرت الذي ترأس منذ تموز/يوليو 2008 يونامي، وهي بعثة خبراء. واعرب الامين العام للامم المتحدة عن "امتنانه" للعمل الذي قام به ملكرت، كما جاء في بيان اصدره مارتن نيسيركي المتحدث باسم بان كي مون.

نزوح المئات

فيما اعلنت المنظمة الدولية للهجرة ان العائلات العراقية التي تركت قراها بسبب القصف الايراني الحدودي تحتاج الى مساعدة عاجلة بينما اكد مسؤول محلي ان القصف اصبح "متقطعا".

وقالت المنظمة ان "حوالى 203 عائلات نزحت من قراها بسبب الاشتباكات الحدودية" المستمرة منذ اسابيع بين القوات الايرانية وحزب الحياة الحرة (بيجاك) الكردي المتمرد.

وحذرت من ان هذه العائلات "لا يمكن ان تستمر طويلا من دون مساعدة (...) العديد من هذه العائلات غادرت من دون ماشيتها الامر الذي سيقصر من دون شك المدة التي يمكن ان تبقى فيها على قيد الحياة من دون مساعدة".

وكانت اللجنة الدولية للصليب الاحمر اعلنت في وقت سابق انها "قدمت مساعدات انسانية الى اكثر من 800 نازح في شمال العراق". واضافت ان هؤلاء "غادروا منازلهم بسبب اعمال القصف في جبال قنديل" الحدودية بين العراق وايران. بحسب فرانس برس.

وفي 23 تموز/يوليو شن الحرس الثوري الايراني هجوما واسع النطاق على قواعد حزب المعارض على جانبي الحدود مع كردستان العراق حيث قتل ثمانية من عناصره.

وقال قائمقام قضاء جومان الحدودي والتابع لمدينة اربيل (350 كلم شمال بغداد) عبد الواحد كواني ان "القصف المدفعي الايراني مستمر لكن ليس كالسابق، فهو بات متقطعا بعدما كان عبارة عن قصف مكثف".

واشار الى انه "في منطقة باليان وبالتحديد عند قرية ماونان، تم تشييد مخيم للقرويين النازحين"، مضيفا ان "حكومة الاقليم شكلت ثلاث لجان لتقييم الاضرار التي الحقها القصف بالقرى وتسليم تقريرها الى الحكومة المركزية والمنظمات الدولية".

وكانت الحكومة المحلية اكدت في بيان "على منع اية قوة او طرف استخدام اراضي اقليم كردستان للهجوم على البلدان الجارة". واكدت في الوقت ذاته "ضرورة ان تحترم البلدان الجارة سيادة ارض العراق والاقليم، والا تلجأ في تسوية مشاكلها الى القصف المدفعي".

ويخوض الحزب الكردي مواجهات مسلحة مع القوات الايرانية التي تقوم بعمليات قصف انتقامية للمناطق الحدودية الجبلية لكردستان العراق التي ينطلق منها المقاتلون الانفصاليون

مسألة سياسية

من جهته صرح قائد حرس الحدود العراقي الفريق الركن محسن الكعبي بأن وفدا عراقيا إيرانيا عقد اجتماعا لمناقشة مواضيع تتعلق بأمن الحدود بين الجانبين. وقال للصحفيين إن هذا الاجتماع يعقد بصورة دورية على مستوى القادة العسكريين وقادة الحدود ويتناول فيه الطرفان مواضيع أبرزها أمن الحدود بين البلدين ومكافحة التسلل والتهريب والخروقات الحدودية وتثبيت الدعامات الحدودية، إضافة إلى موضوع القصف الإيراني لمناطق شمال العراق. بحسب الوكالة الالمانية للانباء.

وأوضح أن موضوع "قصف المناطق العراقية الشمالية هو مسألة سياسية أكثر من كونها مسألة حدودية ونحن لا نتدخل في القضايا السياسية". وأكد أن معظم الخطوط الحدودية مع إيران قد تم الاتفاق عليها باستثناء المناطق التي توجد فيه ألغام من مخلفات الحرب العراقية الإيرانية 1980 - 1988 فلا يزال العمل بشأنها متواصلا.

إيران تسعى للحصول على تعويضات

من جانبها اعلنت ايران انها تسعى للحصول على تعويضات من العراق عن الاضرار التي تكبدتها جراء الحرب بين الدولتين في ثمانينات القرن الماضي. وصرح المتحدث باسم وزارة الخارجية الايرانية لوكالة مهر للانباء " السعي للحصول على تعويضات من العراق عن الاضرار التي تكبدتها ايران خلال الحرب التي فرضها الرئيس العراقي الراحل صدام حسين مدرج ضمن جدول اعمال محادثاتنا مع المسئولين العراقيين". واضاف " متابعة الموضوع رهن بالظروف السائدة في المنطقة وفي داخل العراق".

وكان البرلمان الايراني قد اعلن في شهر اب /اغسطس العام الماضي انه بصدد صياغة خطة للحصول على تعويضات من العراق عن الاضرار التي تكبدتها البلاد جراء الحرب التي استمرت من عام 1980 الى عام 1988. وصرح النائب البرلماني ايفاز حيدر بور انذاك ان العراق كبد ايران خسائر بلغت قيمتها تريليون دولار خلال الحرب.

ميناء مبارك

من جهة أخرى اعلنت الكويت رفضها الطلب الرسمي الذي تقدم به العراق لوقف بناء ميناء مبارك على جزيرة بوبيان في اقصى شمال غرب الخليج بالقرب من الحدود العراقية، حسبما افادت وكالة الانباء الكويتية.

واعرب مصدر مسؤول في الخارجية الكويتية في تصريحات نقلتها الوكالة عن "استغراب" الكويت للطلب العراقي "بشأن مطالبة جمهورية العراق دولة الكويت بوقف العمل في مشروع ميناء مبارك الكبير الى حين التاكد من ان حقوق العراق الملاحية لن تتأثر بهذا الميناء".

واكد المصدر ان "هذا الطلب لا يستند الى اي اساس قانوني او اعتبار منطقي حيث ان الميناء يقام على اراض كويتية وفق سيادتها على اراضيها ومياهها في الوقت الذي اكدت فيه مرارا وتكرارا بأن ميناء مبارك الكبير لا يشكل أي اعاقة لا من قريب ولا من بعيد للملاحة البحرية في خور عبدالله".

وشدد على ان الكويت "تؤكد على استمرار اعمال البناء في ميناء مبارك الكبير في جزيرة بوبيان وفق البرامج المعتمدة". الا ان المصدر اكد على "استعداد الكويت مجددا لاستقبال اي وفد فني عراقي لاطلاعه على المعلومات الفنية اللازمة والتي تؤكد على انسيابية وسلامة الملاحة البحرية في خور عبدالله"، وذلك "حرصا من دولة الكويت على الحفاظ على علاقات الاخوة وحسن الجوار مع الاشقاء في العراق".

وكانت بغداد دعت الكويت رسميا الى وقف العمل في مشروع بناء ميناء مبارك الى حين التأكد من ان حقوق العراق في المياه المشتركة لن تتأثر بهذا الميناء، مشيرة الى ان وفدا فنيا سيتوجه الى الكويت لبحث هذه المسألة.

وكانت الكويت وضعت في نيسان/ابريل حجر الاساس لبناء ميناء "مبارك الكبير" في جزيرة بوبيان التي تقع في اقصى شمال غرب الخليج. ويرى خبراء عراقيون ان بناء الميناء سيؤدي الى "خنق" المنفذ البحري الوحيد للعراق لانه سيتسبب في جعل الساحل الكويتي ممتدا على مسافة 500 كيلومتر، بينما يكون الساحل العراقي محصورا في مساحة 50 كيلومترا.

ويحتج العراق بصورة خاصة على ترسيم الحدود الذي اجراه مجلس الامن الدولي عام 1993 بموجب القرار 883. وهو يبدي استعداده للاعتراف بحدود الكويت البرية، الا انه يطالب بتوسيع منفذه البحري على الخليج.

قلق الاكراد

محليا، عندما أرسل اقليم كردستان العراق وحدة من القوات لتطويق كركوك في فبراير شباط فربما كان هذا مؤشرا على التوازن الدقيق الضروري في الفترة المقبلة عندما تنسحب القوات الامريكية من المدينة النفطية المتنازع عليها.

من الناحية الرسمية كان هناك عشرة الاف أو ما يوازي ذلك من قوات البشمركة لحماية سكان كركوك من أي عنف مرتبط باحتجاجات عمت البلاد. لكن وجودهم أشعل فتيل حملة دبلوماسية مكثفة من الولايات المتحدة لتهدئة التوتر بين الحكومة المركزية في بغداد وأربيل العاصمة الكردية.

يقول محللون ان عملية نشر القوات الكردية ربما كانت بالون اختبار لرئيس الوزراء نوري المالكي وتحذيرا لبغداد وواشنطن وابلاغهما بأن وجود القوات الامريكية ضروري كقوة عازلة في الاراضي الشمالية المتنازع عليها من الجانبين.

قال جوست هيلترمان وهو محلل في المجموعة الدولية لمعالجة الازمات "كانت المناورة العسكرية الكردية في كركوك في فبراير شباط رسالة للولايات المتحدة للابقاء على قواتها على الارض لما بعد 2011 وهو في مصلحة الاكراد وفي الوقت ذاته وسيلة اختبار لمدى عزيمة الحكومة في بغداد." واستغرقت عملية اقناع كردستان العراق شبه المستقل بسحب الوحدة شهرا بأكمله.

وقال الكولونيل مايكل بابال قائد أحد ألوية القوات الامريكية في كركوك "تطلب قدرا كبيرا من الدبلوماسية أن نقول 'انظروا هذا ليس صحيحا. ان هذا يضر بالمنطقة. انه لا يؤدي الى استقرار'."

وبعد ثماني سنوات من اطاحة قوات بقيادة الولايات المتحدة بصدام حسين ما زال العراق يبني قوة الشرطة والجيش لمواجهة تمرد جماعات من السنة والشيعة في الداخل وكذلك لمواجهة الاخطار الخارجية.

ومع انحسار العنف تعتبر كركوك وغيرها من المناطق الشمالية المتنازع عليها نقاط توتر محتملة في منطقة تعج بالصراع العرقي والطائفي والسياسي. وقال مسؤولون عسكريون أمريكيون ان توغل قوات من كردستان العراق في أواخر فبراير شباط لم يكن بدافع اللحظة وأشعل رد فعل سريعا من الامريكيين الذين قالوا للقادة الاكراد أنه لن يسمح بوجود قواتهم في كركوك.

وقال اللفتنانت كولونيل جوي هولاند وهو قائد أمريكي في كركوك "لا نرسل فرقا عبر الحدود دون الكثير من التخطيط والاعداد... وضع جيش على طريق يستغرق وقتا وهذا ما فعلوه."

وقال مسؤول كردي ان الوحدة كان قوامها 12 ألف فرد بينما قدر الجيش الامريكي أن قوامها كان ما بين ثمانية الاف وتسعة الاف. وقالت مصادر ان الاكراد كان في حوزتهم بنادق كلاشنيكوف ومدفعية وعربات مدرعة. بحسب رويترز.

وقال هولاند ان هذه هي المرة الثالثة خلال 20 عاما التي يدخل فيها الاكراد منطقة كركوك. وكانت أول مرة عام 1991 بعد غزو الكويت والثانية في 2003 عندما أطيح بصدام.

وطالبت حكومة المالكي بسحب قوات البشمركة ورفضت حكومة كردستان العراق في البداية مما أدى لتصاعد التوتر. وكادت القوات العراقية والكردية تشتبك على مدى العامين المنصرمين مع احكام بغداد قبضتها على كركوك.

وقال مسؤولون عراقيون ان التوغل غير مشروع. ومن الناحية الرسمية فان قوات الحكومة المركزية تؤمن المدينة التي تضم طبقا لبعض التقديرات أربعة في المئة من احتياطي النفط العالمي. وقال هولاند "كان الاثر هو حدوث انقسام كبير في العلاقات بيننا وبين الاكراد."

وتعاني كركوك من تغييرات كبيرة في التركيبة السكانية في العقود القليلة الماضية من حملات "التعريب" التي كان يطلقها صدام الى خطوات حديثة من الاكراد لاستعادة أجزاء من المدينة.

وقال مسؤول كبير في وزارة الدفاع العراقية "انهم يبعثون برسالة الى الحكومة المركزية مفادها 'يمكن ان ندخل كركوك في أي وقت ولا يمكنكم منعنا'." وأضاف المسؤول أن حكومة كردستان لن تغزو كركوك بعد أن تنسحب القوات الامريكية لكنها ستسعى لطرد العرب. وأضاف أن عدد السكان الاكراد ارتفع من 150 ألفا الى 350 ألفا منذ عام 2003 .

لكن البشمركة يمثلون تحديا كبيرا للجيش العراقي. وقال المسؤول ان الاكراد لديهم 100 ألف جندي وتسليح أفضل وزعماء من ذوي الخبرة. وأردف قائلا "بعد 2003 استولوا على دبابات الجيش العراقي السابق. اختفت نحو أربعة الاف دبابة تركها الجيش العراقي السابق في الشوارع والمدن وتشير تحرياتنا الى أن الاكراد لديهم أغلبها وأن ايران حصلت على الجزء المتبقي."

وقال وين وايت وهو محلل في معهد الشرق الاوسط ان نشر قوات البشمركة كان يحمل رسالة مفادها أنه بدون وجود قوات عازلة محايدة مثل القوات الامريكية فان المنطقة الكردية ربما "تشعر بأنها مضطرة لاستعراض العضلات العسكرية للدفاع عن مصالحها." ومضى يقول "لذلك ففي حين أن هناك مؤشرا على أن حكومة كردستان لن تتهاون مع أي عبث بمصالحها في كركوك فان عملية النشر تقوم أيضا بدور التذكرة لكل من واشنطن وبغداد بأن هناك ضرورة لبحث عملية اطالة أمد وجود عسكري أمريكي ذي مغزى بدرجة أكبر."

لكن هيلترمان قال انه نظرا لان المالكي لم يمثل تحديا كبيرا وربما كان يظن أن الامريكيين سيضغطون على حلفائهم الاكراد للانسحاب فلم تكن عملية الانتشار اختبارا فعالا يهدف الى ضمان السيطرة الكردية على كركوك.

وأضاف "سيتعين انتظار هذا عندما لا يكوك للقوات الامريكية وجود... في تلك النقطة فان كل الاتفاقات لن تكون سارية ويمكن ان يتصاعد التوتر بسهولة سواء عمدا أو عند غير عمد ليتحول الى صراع أكبر على الاقل ما دام النزاع بين بغداد واربيل قائما."

الحد الادنى

من جانبه دعا متحدث باسم الزعيم الشيعي العراقي مقتدى الصدر الحكومة الى الموافقة على ابقاء "الحد الادنى" فقط من المدربين الاميركيين الى ما بعد موعد الانسحاب، وعدم منحهم اية حصانة.

وجاء ذلك بعدما وصف النائب جواد الحسناوي المنتمي الى كتلة التيار الصدري تفويض الحكومة بدء محادثات مع واشنطن لبحث مسالة تدريب القوات العراقية بعد موعد الانسحاب نهاية 2011، ب"الخيانة" التي تفتح الباب امام "احتلال جديد".

وقال صلاح العبيدي "ننتظر ما ستقرره الحكومة، وقد يفرز هذا التفويض قناعة ايجابية تجاه الحكومة اذا تصرفت بشكل ايجابي من خلال العمل على اعطاء الموافقة على الحد الادنى من المدربين وعدم منحهم حصانة".

وراى ان "مسالة تحديد اعداد المدربين تركت وبشكل مطاطي للحكومة، ومع ثقتنا بان هناك قناعات سياسية جيدة لانهاء الاحتلال، لدينا قناعات بان هناك قادة عسكريين يملكون قناعات تابعة للاحتلال". وتابع "نحن ما زلنا على موقفنا الرافض للاحتلال ولن نغير هذا الموقف".

وبعد اجتماع دام اربع ساعات في منزل الرئيس العراقي جلال طالباني، فوض قادة الكتل السياسية العراقية الحكومة بدء محادثات مع واشنطن لبحث مسالة تدريب القوات العراقية حتى ما بعد موعد الانسحاب. واعلن طالباني انه تم "التوصل الى اتفاق بالاجماع ما عدا تحفظ الاخوة الصدريين على موضوع التدريب الاميركي".

وجاء ذلك بعد ساعات قليلة من دعوة رئيس هيئة الاركان الاميركية مايكل مولن في بغداد الى الاسراع في اتخاذ قرار من مسالة الانسحاب، معتبرا ان هذا القرار يجب ان يشمل موافقة برلمانية على منح الجنود الاميركيين حصانة ضد المحاكمات، وهو امر يتمتع به الجنود فقط في اطار اتفاقية امنية موقعة بين واشنطن وبغداد.

ولا يزال الجيش الاميركي ينشر حوالى 47 الفا من جنوده في العراق، علما انه يتوجب ان ينسحب هؤلاء بالكامل من البلاد نهاية العام الحالي وفقا لاتفاقية امنية موقعة بين بغداد وواشنطن.

وقد ضغط المسؤولون الاميركيون على نظرائهم العراقيين لاشهر بهدف دفعهم نحو تحديد موقف من امكانية الطلب من القوات الاميركية ابقاء عدد من جنودها الى ما بعد نهاية العام.

ويتناقض التقييم الذي اعده المفتش العام الخاص لاعادة اعمار العراق بشكل ملحوظ مع آراء كثير من قادة الجيش الاميركي الذين يعبرون عن تفاؤلهم بصورة متكررة بشأن زيادة قابلية القوات العراقية في تحمل المسؤولية بمفردها.

في سياق ذي صلة تبنى لواء "اليوم الموعود"، الجناح المسلح لتيار الزعيم الشيعي مقتدى الصدر، تنفيذ 16 عملية عسكرية ضد القوات الاميركية في العراق خلال شهر تموز/يوليو.

واوضح بيان بثته الجماعة المسلحة على موقعها الالكتروني في خطوة نادرة ان "اللواء نفذ 16 عملية خلال شهر تموز الماضي في محافظات بغداد وديالى وذي قار وواسط وميسان والديوانية والنجف".

واضاف ان العمليات شملت "عشر عبوات ناسفة واحد عشر صاروخ كاتيوشا، مع صاروخ شديد الانفجار من طراز +حيدر+، استهدفت من خلالها آليات وقواعد الجيش الاميركي، اضافة الى السفارة الاميركية في بغداد". واكد البيان ان "العمليات اسفرت عن سقوط قتلى وجرحى من الجنود الاميركيين، فضلا عن خسائر مادية".

وكان الزعيم الشيعي شكل عام 2008 لواء "اليوم الموعود" كقوة سرية منتخبة من عناصر "جيش المهدي" لمقاتلة القوات الاميركية بعد تجميد انشطة مليشيا "جيش المهدي" اثر مواجهات دامية مع قوات الامن العراقية. وهدد الصدر بمقاتلة الاميركيين اذا لم تنسحب القوات الاميركية في الموعد المقرر بنهاية العام.

وفي تموز/يوليو، اعلن المتحدث باسم القوات الاميركية الميجور جنرال جيفري بيوكانن ان "المجموعات الشيعية المدعومة من ايران باتت تصعد اعمال العنف ضد قواتنا وضد اهداف اخرى". واضاف "شهدنا تصاعدا في هذه الهجمات في جميع انحاء البلاد، لكنها تركزت في بغداد والمحافظات الجنوبية وتنفذها ثلاث مجموعات هي كتائب حزب الله وعصائب اهل الحق ولواء اليوم الموعود".

وكان حزيران/يونيو الشهر الاكثر دموية في صفوف القوات الاميركية في العراق منذ ثلاثة اعوام حيث تعرضت لسلسلة هجمات ادت الى مقتل 14 جنديا ونفذتها ميليشيات تعارض بقاء هذه القوات بعد الموعد المحدد لانسحابها بنهاية العام.

صفقات سلاح ضخمة

من جانب آخر أعلن رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي أن اتفاقات التسلح المقبلة ستتطلب تواجد مدربين مختصين في البلاد لمساعدة القوات العراقية على استخدام هذه الأسلحة موحيا بذلك الى إمكانية تجاوز البرلمان في مسألة إبقاء قوات أميركية إلى ما بعد موعد الانسحاب المقرر بنهاية العام.

وفي هذا السياق أعلن المالكي أن العراق جدد مفاوضاته مع الولايات المتحدة لشراء مقاتلات أميركية من طراز "اف 16" وأن هذه المفاوضات باتت تدور حول 36 مقاتلة.

وقد كان من المخطط شراء ثماني عشرة مقاتلة إف 16 فقط لكن الحكومة العراقية قررت مضاعفة العدد. وكانت خطة شراء الطائرات المقاتلة قد أرجئت عندما أعلن مسؤولون عراقيون في وقت سابق أن الأولوية بالنسبة لهم هي استيراد مواد غذائية لسد النقص في الأسواق العراقية.

وتبلغ قيمة هذه الصفقة مليارات الدولارات وهي تهدف لإعادة بناء سلاح الجو العراقي الذي كان يعد في عهد صدام حسين من أضخم أسلحة الجو في العالم لكنه دمر في حرب الخليج الأولى عام 1990/ 1991 .

بقايا القاعدة

من ناحيته قال مسؤول بارز في وزارة الداخلية العراقية إن قوات الامن تمكنت من القاء القبض على 16 عنصرا من اعضاء "تنظيم القاعدة" يشتبه في ضلوعهم باكثر من 100 عملية اغتيال شهدتها العاصمة بغداد في الاشهر الاخيرة.

واتهم المسؤول المعتقلين الـ 16 بتنفيذ عملية اغتيال علي اللامي الذي كان يرأس هيئة اجتثاث البعث. وقال المسؤول احمد ابو رغيف إن العملية الامنية التي اسفرت عن اعتقال افراد الخلية المذكورة استغرقت 20 يوما. واضاف ان قوات الامن تمكنت ايضا من ضبط مستودع للاسلحة تابع للخلية اضافة الى ورشة تقع جنوبي بغداد كانت تستخدمها لاعداد الاسلحة الكاتمة للصوت والقنابل اللاصقة.

وقال ابو رغيف إن الخلية مسؤولة ايضا عن محاولة الفرار الفاشلة التي شهدها سجن وحدة مكافحة الارهاب التابعة لوزارة الداخلية ببغداد في شهر مايو / ايار المنصرم، والتي راح ضحيتها 18 شخصا بمن فيهم احد زعماء "تنظيم القاعدة" واحد كبار مسؤولي مكافحة الارهاب.

لاجئون ايرانيون

الى ذلك انتقدت جماعة ايرانية في المنفى الولايات المتحدة لعدم مساعدة ضحايا اشتباكات وقعت في مخيم للجماعة الايرانية المنشقة في العراق. ويمثل مخيم أشرف الذي يبعد نحو 65 كيلومترا من بغداد قاعدة لمنظمة مجاهدي خلق الايرانية المعارضة التي شنت هجمات في ايران قبل اطاحة الغزو الذي قادته الولايات المتحدة بالرئيس العراقي السابق صدام حسين عام 2003.

وما زال مصير المخيم الذي يعيش فيه أكثر من ثلاثة ألاف شخص مجهولا منذ أن سلمت الولايات المتحدة التي تعتبر مجاهدي خلق منظمة ارهابية المخيم الى الحكومة العراقية. وتنوي بغداد اغلاق المخيم قبل نهاية العام الحالي.

وقتل اكثر من 30 شخصا في اعمال عنف بين سكان المخيم وقوات الامن العراقية في ابريل نيسان. وتقول منظمة العفو الدولية ان سكان المخيم يتعرضون لمضايقات من جانب الحكومة العراقية ولا يسمح لهم بالحصول على الادوية الضرورية.

وقال ممثل لمجاهدي خلق في باريس ان القوات الامريكية لم تبذل ما يكفي لحماية المخيم. وقال محمد محدثين للصحفيين في بروكسل "الولايات المتحدة لم تقدم ما يكفي من المساعدة للجرحى.

وعرضت الولايات المتحدة نقل سكان مخيم اشرف مؤقتا الى موقع جديد في العراق لكن السكان رفضوا العرض قائلين ان محاولة نقلهم ستؤدي الى "مذبحة". ودعا سكان المخيم الامم المتحدة الى توفير الحماية لهم بمساعدة الولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي.

وقال محدثين في بروكسل ان الولايات المتحدة كان بوسعها تقديم المساعدة بسهولة. وأضاف "من السهل على الولايات المتحدة ان تعين 30 او 20 جنديا (لحماية المخيم")

بينما قال رئيس سابق لمكتب التحقيقات الاتحادي الامريكي كان موجودا بالمؤتمر الصحفي ان خطط اعادة توطين سكان المخيم في العراق غير "معقولة."

شبكة النبأ المعلوماتية- الأحد 14/آب/2011 - 13/رمضان/1432

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1432هـ  /  1999- 2011م