أمريكا والعراق... الانسحاب بين تشبث الكرد وتعنت الصدر

محمد حميد الصواف

 

شبكة النبأ: أثقلت الولايات المتحدة الامريكية كاهل الحكومة والكتل السياسية في البرلمان العراقي بمطالبتها اقرار قانون يمنح في حال بقاء بعض القوات العسكرية حصانة ضد أي ملاحقة قانونية في المستقبل.

ويبدو ان محاولات التغطية على نشاط القوات الأمريكية التي سوف تتواجد بصفة مدربين في حال إقرار الاتفاق، لن يحد من قيام تلك القوات بمهام قتالية ان لزم الامر، خصوصا ان أكراد العراق يطالبون بالإبقاء على انتشار القطعات الأمريكية في المناطق المتنازع عليها بحسب زعم سياستهم.

في الوقت الذي اعلنت بعض الجهات الداخلية عن استمرار عمليات استهدافها لتلك القوات بغض النظر عن عنوان وطبيعة تواجدها بعد نهاية العام الحالي، في تحدي صريح لنوايا الحكومة العراقية بالتمديد.

الاكراد والانسحاب الامريكي

فعندما أرسل اقليم كردستان العراق وحدة من القوات لتطويق كركوك في فبراير شباط فربما كان هذا مؤشرا على التوازن الدقيق الضروري في الفترة المقبلة عندما تنسحب القوات الامريكية من المدينة النفطية المتنازع عليها.

من الناحية الرسمية كان هناك عشرة الاف أو ما يوازي ذلك من قوات البشمركة لحماية سكان كركوك من أي عنف مرتبط باحتجاجات عمت البلاد. لكن وجودهم أشعل فتيل حملة دبلوماسية مكثفة من الولايات المتحدة لتهدئة التوتر بين الحكومة المركزية في بغداد وأربيل العاصمة الكردية.

يقول محللون ان عملية نشر القوات الكردية ربما كانت بالون اختبار لرئيس الوزراء نوري المالكي وتحذيرا لبغداد وواشنطن وابلاغهما بأن وجود القوات الامريكية ضروري كقوة عازلة في الاراضي الشمالية المتنازع عليها من الجانبين.

قال جوست هيلترمان وهو محلل في المجموعة الدولية لمعالجة الازمات "كانت المناورة العسكرية الكردية في كركوك في فبراير شباط رسالة للولايات المتحدة للابقاء على قواتها على الارض لما بعد 2011 وهو في مصلحة الاكراد وفي الوقت ذاته وسيلة اختبار لمدى عزيمة الحكومة في بغداد." واستغرقت عملية اقناع كردستان العراق شبه المستقل بسحب الوحدة شهرا بأكمله. بحسب رويترز.

وقال الكولونيل مايكل بابال قائد أحد ألوية القوات الامريكية في كركوك "تطلب قدرا كبيرا من الدبلوماسية أن نقول 'انظروا هذا ليس صحيحا. ان هذا يضر بالمنطقة. انه لا يؤدي الى استقرار'."

وبعد ثماني سنوات من اطاحة قوات بقيادة الولايات المتحدة بصدام حسين ما زال العراق يبني قوة الشرطة والجيش لمواجهة تمرد جماعات من السنة والشيعة في الداخل وكذلك لمواجهة الاخطار الخارجية.

ومع انحسار العنف تعتبر كركوك وغيرها من المناطق الشمالية المتنازع عليها نقاط توتر محتملة في منطقة تعج بالصراع العرقي والطائفي والسياسي.

وقال مسؤولون عسكريون أمريكيون ان توغل قوات من كردستان العراق في أواخر فبراير شباط لم يكن بدافع اللحظة وأشعل رد فعل سريعا من الامريكيين الذين قالوا للقادة الاكراد أنه لن يسمح بوجود قواتهم في كركوك.

وقال اللفتنانت كولونيل جوي هولاند وهو قائد أمريكي في كركوك "لا نرسل فرقا عبر الحدود دون الكثير من التخطيط والاعداد... وضع جيش على طريق يستغرق وقتا وهذا ما فعلوه."

وقال مسؤول كردي ان الوحدة كان قوامها 12 ألف فرد بينما قدر الجيش الامريكي أن قوامها كان ما بين ثمانية الاف وتسعة الاف. وقالت مصادر ان الاكراد كان في حوزتهم بنادق كلاشنيكوف ومدفعية وعربات مدرعة.

وقال هولاند ان هذه هي المرة الثالثة خلال 20 عاما التي يدخل فيها الاكراد منطقة كركوك. وكانت أول مرة عام 1991 بعد غزو الكويت والثانية في 2003 عندما أطيح بصدام.

وطالبت حكومة المالكي بسحب قوات البشمركة ورفضت حكومة كردستان العراق في البداية مما أدى لتصاعد التوتر. وكادت القوات العراقية والكردية تشتبك على مدى العامين المنصرمين مع احكام بغداد قبضتها على كركوك.

وقال مسؤولون عراقيون ان التوغل غير مشروع. ومن الناحية الرسمية فان قوات الحكومة المركزية تؤمن المدينة التي تضم طبقا لبعض التقديرات أربعة في المئة من احتياطي النفط العالمي. وقال هولاند "كان الاثر هو حدوث انقسام كبير في العلاقات بيننا وبين الاكراد."

وتعاني كركوك من تغييرات كبيرة في التركيبة السكانية في العقود القليلة الماضية من حملات "التعريب" التي كان يطلقها صدام الى خطوات حديثة من الاكراد لاستعادة أجزاء من المدينة.

وقال مسؤول كبير في وزارة الدفاع العراقية لرويترز "انهم يبعثون برسالة الى الحكومة المركزية مفادها 'يمكن ان ندخل كركوك في أي وقت ولا يمكنكم منعنا'." وأضاف المسؤول أن حكومة كردستان لن تغزو كركوك بعد أن تنسحب القوات الامريكية لكنها ستسعى لطرد العرب. وأضاف أن عدد السكان الاكراد ارتفع من 150 ألفا الى 350 ألفا منذ عام 2003 .

لكن البشمركة يمثلون تحديا كبيرا للجيش العراقي. وقال المسؤول ان الاكراد لديهم 100 ألف جندي وتسليح أفضل وزعماء من ذوي الخبرة.

وأردف قائلا "بعد 2003 استولوا على دبابات الجيش العراقي السابق. اختفت نحو أربعة الاف دبابة تركها الجيش العراقي السابق في الشوارع والمدن وتشير تحرياتنا الى أن الاكراد لديهم أغلبها وأن ايران حصلت على الجزء المتبقي."

وقال وين وايت وهو محلل في معهد الشرق الاوسط ان نشر قوات البشمركة كان يحمل رسالة مفادها أنه بدون وجود قوات عازلة محايدة مثل القوات الامريكية فان المنطقة الكردية ربما "تشعر بأنها مضطرة لاستعراض العضلات العسكرية للدفاع عن مصالحها."

ومضى يقول "لذلك ففي حين أن هناك مؤشرا على أن حكومة كردستان لن تتهاون مع أي عبث بمصالحها في كركوك فان عملية النشر تقوم أيضا بدور التذكرة لكل من واشنطن وبغداد بأن هناك ضرورة لبحث عملية اطالة أمد وجود عسكري أمريكي ذي مغزى بدرجة أكبر."

لكن هيلترمان قال انه نظرا لان المالكي لم يمثل تحديا كبيرا وربما كان يظن أن الامريكيين سيضغطون على حلفائهم الاكراد للانسحاب فلم تكن عملية الانتشار اختبارا فعالا يهدف الى ضمان السيطرة الكردية على كركوك. وأضاف "سيتعين انتظار هذا عندما لا يكوك للقوات الامريكية وجود... في تلك النقطة فان كل الاتفاقات لن تكون سارية ويمكن ان يتصاعد التوتر بسهولة سواء عمدا أو عند غير عمد ليتحول الى صراع أكبر على الاقل ما دام النزاع بين بغداد واربيل قائما."

الزعماء السياسيون

من جانبهم وافق الزعماء السياسيون للعراق على السماح لرئيس الوزراء نوري المالكي بالتفاوض مع الولايات المتحدة بشأن هل ينبغي ابقاء قوات أمريكية لتدريب القوات العراقية بعد انتهاء مهلة لرحيل تلك القوات عن العراق بنهاية العام.

وتقرب هذه الموافقة العراق خطوة من اتخاذ قرار بشأن هل ما اذا كان بعض الجنود الامريكيين سيبقون لكن اتفاقا نهائيا ما زال بعيدا مع بقاء اسئلة صعبة بشان هل سيكون المدربون متعاقدين مدنيين او جنود امريكيين في الخدمة وبشان حصانتهم القانونية في العراق.

وبعد اكثر من ثمانية أعوام من الغزو الذي قادته الولايات المتحدة والذي أطاح بصدام حسين فان القوات الامريكية الباقية في العراق وقوامها 46 ألف جندي من المقرر ان تغادر البلاد في نهاية العام وهو موعد انتهاء اتفاقية امنية ثنائية.

واجتمع زعماء الاحزاب الرئيسية في العراق لمناقشة مسألة القوات الامريكية بعد ساعات من قول رئيس هيئة الاركان الامريكية المشتركة اثناء زيارة لبغداد ان أي اتفاق لوجود امريكي سيتطلب ان يوافق البرلمان العراقي على حصانة قانونية للجنود الامريكيين.

وقالت الاحزاب في بيان "اتفق القادة السياسيون على تكليف حكومة العراق أن تبدأ المحادثات مع الجانب الامريكي مقتصرة على مسائل التدريب تحت اتفاقية الاطار الاستراتيجي لحاجة العراق للتدريب."

وسيحتاج اي اتفاق لموافقة البرلمان العراقي حيث يرفض بعض حلفاء المالكي أي تمديد لبقاء القوات الامريكية في العراق. وتضع المسألة ضغوطا على التحالف الهش المتعدد الطوائف والذي يضم كتلا سنية وشيعية وكردية. وقال الرئيس العراقي جلال الطالباني بعد الاجتماع ان ممثلي الصدر رفضوا الاقتراع بالموافقة على المحادثات بشان التدريب.

وقال عباس البياتي النائب عن التحالف الوطني وعضو لجنة الامن والدفاع بالبرلمان ان من المبكر جدا اتخاذ قرار بشأن الحصانة.

وانحسر العنف في العراق بشكل حاد من مستويات الذروة للقتل الطائفي في 2006 و2007 لكن الهجمات والتفجيرات والاغتيالات ما زالت تحدث بشكل يومي. وغالبا ما يستهدف المسلحون الحكم المحلي وقوات الامن لمحاولة اظهار ان السلطات لا يمكنها توفير الامن بينما تستعد القوات الامريكية للرحيل.

وقال المالكي مرارا ان الجيش والشرطة العراقيين يمكنهما التصدي للتهديدات الداخلية لكن ضباطا عراقيين يعترفون بوجود ثغرات في قدراتهم خصوصا في الدفاع الجوي والبحري عن حدود البلاد وجمع معلومات المخابرات.

الحصانة الامريكية

الى ذلك قال الاميرال مايك مولن رئيس هيئة الاركان الامريكية المشتركة ان اي اتفاق لبقاء قوات أمريكية في العراق بعد المهلة المحددة للانسحاب بنهاية العام سيتطلب موافقة البرلمان العراقي على منح الجنود الامريكيين حصانة قانونية.

ويمكن لمسألة تمتع الجنود الامريكيين بالحصانة في العراق ان تعقد المناقشات الصعبة التي تجريها بالفعل الحكومة العراقية الائتلافية الهشة التي يتعرض قادتها لضغوط حتى يقرروا ما اذا كانوا يحتاجون بقاء بعض القوات الامريكية في البلاد.

وصرح نوري المالكي رئيس الوزراء العراقي بأن العراق قد يحتاج الى مدربين لا جنود أمريكيين وهو تفسير قد يسمح له بتخطي مفاوضات متشرذمة شاقة في البرلمان. لكن مسؤولين امريكيين يقولون ان اي اتفاق للتدريب سيشمل على الارجح قوات امريكية وهو ما سيتطلب موافقة البرلمان على الحصانة.

وقال مولن حين سئل عما اذا كان اتفاق بقاء قوات أمريكية سيتطلب موافقة البرلمان على الحصانة "اي اتفاق يشمل مزايا وحصانة للمجندات والمجندين الامريكيين سيحتاج ان يمرر (في البرلمان)."

ومن المقرر ان تناقش الكتل السياسية العراقية اليوم الثلاثاء مسألة استمرار الوجود العسكري الامريكي. وعبر المالكي هذا الاسبوع عن امله في التوصل الى اتفاق قريبا لتقديم مطالب الحكومة لواشنطن.

وبقاء القوات الامريكية على أرض العراق بعد ثماني سنوات من الغزو الامريكي والاطاحة بالرئيس العراقي الراحل صدام حسين مسألة حساسة تختبر تماسك الحكومة الائتلافية الهشة التي تضم تكتلات شيعية وسنية وكردية.

وقال مولن ومسؤولون امريكيون اخرون ان على القادة العراقيين ان يبتوا سريعا في امر احتياجهم لبقاء بعض القوات الامريكية قبل ان يكون من الصعب تعديل خطة الانسحاب.

وقال مولن "اعتقد انهم يفهمون ايضا ان الوقت ينفد امامنا للتفكير في اي مسار اخر. حكومتي أوضحت بشكل واضح انها مستعدة للتفكير في بقاء بعض القوات."

وقال مسؤولون عراقيون انهم يميلون الى توقيع اتفاقات مع مدربين مدنيين ورفضوا فكرة تمتع هؤلاء الخبراء بحصانة في العراق. وأنهت القوات الامريكية المهام القتالية في اغسطس اب من العام الماضي وتقوم القوات الباقية وقوامها 47 الفا في الاساس بتقديم المشورة للجيش العراقي ومساعدته في عمليات مكافحة الارهاب.

وفور انتهاء مهلة انسحاب القوات الامريكية تعتزم الخارجية الامريكية استخدام اكثر من 5000 متعاقد لحماية البعثة الامريكية بقيادة مدنيين لدعم اعادة اعمار العراق. والحصانة مسألة حساسة في العراق بعد ان اتهم بعض المتعاقدين الامريكيين بارتكاب انتهاكات. وصرح مولن أيضا بأن ايران مازالت تتدخل في العملية السياسية العراقية وتسلح ميليشيات تشن هجمات وتوجه ضربات صاروخية رغم تراجع الهجمات على الجنود الامريكيين في العراق. وقال مولن "من الواضح ان ايران تريد عراقا ضعيفا."

الصدر يهدد

من جانبه حذر رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر من استهداف المدربين العسكريين الامريكيين اذا بقوا في العراق بعد نهاية العام الجاري وهو الموعد النهائي لانسحاب القوات الامريكية.

وارسل اتباع الصدر رسائل متباينة في هذا الشأن لكن اي اتفاق يتضمن ابقاء قوات امريكية في العراق حتى وان كانت من المدربين يمثل حساسية شديدة في بغداد وواشنطن بعد ثماني سنوات على الغزو الامريكي الذي اطاح بالرئيس العراقي السابق صدام حسين.

وقال الصدر في بيان نشر على الانترنت يوم السبت "سوف يعامل كل من يبقى بالعراق كمحتل غاشم يجب مقاومته بالقوة العسكرية والحكومة التي ترضى ببقائهم ولو للتدريب فهي حكومة (ضعيفة").

وتم حل ميلشيا جيش المهدي الى حد كبير لكن المسؤولين الامريكيين يقولون ان الجماعات الصدرية المتفرقة ما زالت تشن هجمات على القوات الامريكية المتمركزة في العراق.

وترى الولايات المتحدة والمسؤولون العراقيون ان قوات الامن العراقية قادرة على التعامل مع التحديات الامنية الداخلية لكنهم يقولون انها ما زالت في حاجة الى التدريب والتسليح الثقيل مثل الدبابات والدفاعات الجوية والبحرية.

وسبق ان هدد الصدر باعادة بناء ميلشيا جيش المهدي الشيعية اذا بقيت القوات الامريكية في العراق لكن مصادر في تيار الصدر قالت ان الميلشيا تعاني من انشقاقات وانقسامات داخلية.

تراجع ملحوظ في هجمات تدعمها ايران

في السياق ذاته قال الاميرال مايك مولن رئيس هيئة الاركان الامريكية المشتركة ان الهجمات التي تشنها ميليشيات عراقية تدعمها ايران على القوات الامريكية انخفضت بشدة بفضل العمليات العسكرية الامريكية والعراقية والجهود السياسية لبغداد.

ولم يقدم مولن تفاصيل الخطوات المحددة التي اتخذت ردا على موجة من الهجمات جعلت من شهر يونيو حزيران أكثر الشهور دموية للقوات الامريكية في العراق منذ عام 2008 .

وقبل ان يصل الى مدينة الموصل في شمال العراق صرح مولن للصحفيين بأن العمليات الامريكية والعراقية بالاضافة الى تحركات الزعماء السياسيين العراقيين نجحت فيما يبدو في وقف الهجمات الان.

وقال مولن "فعلنا هذا. قوات الامن العراقية فعلت هذا. الزعماء السياسيون تعاملوا مع الامر. ولذلك شهدنا خلال الاسبوعين او الثلاثة الماضية انخفاضا ملموسا (في العنف).

وقتل 14 جنديا امريكيا في يونيو حزيران وأرجع مسؤولون أمريكيون معظم الخسائر في الارواح الى هجمات صاروخية شنتها ميليشيات شيعية تسلحها ايران.

وقال وزير الدفاع الامريكي الجديد ليون بانيتا خلال رحلة لبغداد يوم 11 يوليو تموز ان الولايات المتحدة ستتخذ من جانب واحد كل الاجراءات الضرورية للتعامل مع المخاطر التي تهدد القوات الامريكية في العراق من جانب الميليشيات الشيعية التي تسلحها ايران.

259 عراقيا قتلوا خلال شهر تموز

من جهتها اعلنت مصادر رسمية مقتل 259 عراقيا وجرح 453 في اعمال عنف وقعت خلال تموز/يوليو الماضي، في ثاني اعلى معدل للضحايا في شهر واحد خلال العام الحالي.

واوضحت حصيلة اعدتها وزارات الدفاع والداخلية والصحة ان "259 عراقيا بينهم 159 مدنيا و44 عسكريا و56 شرطيا قتلوا خلال تموز/يوليو". كما اشارت الحصيلة الى اصابة 453 عراقيا بجروح بينهم 199 مدنيا و119 عسكريا و135 شرطيا بجروح خلال الشهر ذاته.

ومثلت الحصيلة انخفاضا محدودا مقارنة بعدد ضحايا شهر حزيران/يونيو الذي قتل خلاله 271 شخصا وجرح 454. وتمثل حصيلة تموز/يوليو ثاني اعلى معدل للضحايا في شهر واحد خلال العام الحالي. في المقابل، قتل "22 ارهابيا واعتقل 115 اخرين" خلال الشهر الماضي، وفقا للمصادر ذاتها.

وقتل خمسة عسكريين اميركيين خلال الشهر ذاته ما يرفع الى 4474 عدد العسكريين الاميركيين الذين قتلوا منذ الغزو الاميركي للعراق في 2003 الذي ادى الى الاطاحة بنظام الرئيس العراقي الراحل صدام حسين، بحسب حصيلة اعدتها وكالة فرانس برس بالاستناد الى موقع الكتروني.

مقاتلات اف-16

من جهة أخرى صرح الناطق باسم وزارة الدفاع الاميركية الكولونيل ديفيد لابان ان وفدا عراقيا سيتوجه في آب/اغسطس الجاري الى الولايات المتحدة لشراء دفعة اولى تتضمن 18 طائرة مقاتلة من طراز اف-16.

وقال المتحدث باسم البنتاغون لصحافيين ان "العراق طلب 36 طائرة اف-16 وسيأتي وفد هذا الشهر لدفع المفاوضات قدما بشأن 18 من هذه المقاتلات". واضاف "ما زلنا في مرحلة المفاوضات لكن ليس هناك اتفاق رسمي".

وكان رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي صرح لصحافيين انه استأنف المفاوضات المجمدة منذ اشهر لشراء 36 طائرة اف-16 بدلا من 18 كانت مقررة مبدئيا.

واكد المسؤولون العسكريون الاميركيون في العراق حيث ينتشر 46 الف جندي اميركي، مرات عدة ان القوات العراقية قادرة على الحفاظ على الامن داخليا لكنها لا تستطيع حماية المجال الجوي والمياه الاقليمية والحدود.

وقال الكولونيل لابان ان المفاوضات لشراء طائرات اف-16 ما زالت في "مراحلها الاولى"، موضحا ان تسليم الطائرات وتدريب الطيارين قد "يستغرق سنوات" على حد قوله.

وطائرات اف-16 التي تنتجها مجموعة جنرال دايناميكس وتصدر الى حوالى عشرين بلدا، هي المقاتلة الاكثر استخداما في العالم.

مسؤول التعذيب في ابو غريب

من جانب آخر اعرب العراقيون الاحد عن غضبهم واستيائهم جراء اطلاق سراح المسؤول الاول عن تعذيب سجناء عراقيين في سجن ابو غريب، مطالبين بعدم منح القوات الاميركية في البلاد اي حصانة في المستقبل.

واعلنت المتحدثة باسم الجيش الاميركي ريبيكا ستيد لوكالة فرانس برس في واشنطن الافراج المشروط عن تشارلز غرانر (42 عاما) الذي حكم عليه بالسجن عشر سنوات قضى منها ست سنوات ونصف وذلك لدوره في فضيحة ممارسة التعذيب في سجن ابو غريب العراقي عام 2004.

وفي بغداد، تلقى العراقيون قرار الافراج اليوم بغضب وانتقادات حادة، مؤكدين رفضهم منح حصانة قانونية لاي جندي اميركي قد يبقى في البلاد الى ما بعد موعد الانسحاب الكامل نهاية 2011 لتدريب قواتهم الامنية.

وقال وائل صفاء جاسم (23 عاما) امام محله في بغداد "هذا قرار جائر ولا ينبغي الافراج عن الذين ارتكبوا مثل هذه الجرائم" بسهولة. بحسب فرانس برس.

واضاف انه "من الخطأ يمنحوا الحصانة" للجنود الاميركيين الذين قد يبقون في العراق بعد نهاية العام الحالي.

وقال الموظف الحكومي السابق انور حمود (41 عاما) غاضبا ان "المجرم الذي اطلق سراحه (...) يجب ان يحاكم في محكمة عراقية، وان يعدم على جريمته التي اقترفها في ابو غريب".

وراى ان "منح الحصانة مجددا لهؤلاء الجنود يعني ان شيئا لم يتغير. سيرتكبون جرائم اخرى".

وتابع ان "الحصانة في العراق يجب ان تلغى، كما وجودهم هنا. العراق يجب ان يتمتع بسيادة كاملة".

وكان غرانر يقود مجموعة من ستة حراس اتهموا قبل سبع سنوات بارتكاب تجاوزات بحق معتقلين في سجن ابو غريب القريب من بغداد. وقد اثارت الصور التي تسببت باندلاع الفضيحة موجة من الاحتجاجات الدولية. وظهر بعض السجناء عراة او في وضعيات مذلة في حين وقف الجنود الاميركيون الى جانبهم متباهين بانفسهم. وحكم على غرانر باقسى عقوبة سجن. كما ادينت رفيقته في تلك الاونة ليندي انغلاند التي اصبحت رمزا لفضيحة ابو غريب وحكم عليها بالسجن ثلاث سنوات.

وسألت ريم راضي (42 عاما) "لماذا اطلقوا سراحه؟ المجرم يجب ان يعاقب" بغض النظر عن الجنسية التي يحملها". واضافت الاستاذة السابقة التي تحاول العثور على عمل منذ سنوات "نرفض منح الحصانة للجنود الاميركيين اذا بقوا هنا. الكثير من الناس تعرضوا للاذى بسبب تلك الحصانة".

وذكرت ان "هؤلاء الجنود يملكون حصانة، وهم يقتلون ويعتقلون الناس في كل مكان، هل ان ذلك عدل؟ هل يقبل المواطنون الاميركيون بامور مماثلة؟ لا اريدهم ان يبقوا هنا".

شبكة النبأ المعلوماتية- الأربعاء 10/آب/2011 - 9/رمضان/1432

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1432هـ  /  1999- 2011م