الاقتصاد الامريكي... كبوة عابرة أم نهاية لعصر العملاق؟

الأسواق العالمية تتدهور وأوباما يبعث رسائل اطمئنان

 

شبكة النبأ: خفضت وكالة ستاندرد اند بورز للتصنيف الائتماني الجمعة علامة الدين السيادي للولايات المتحدة، في اول اجراء من نوعه في تاريخ هذا البلد. واعلنت ستاندرد اند بورز في بيان انها خفضت بمقدار درجة واحدة علامة الدين السيادي الاميركي من "ايه ايه ايه"، الدرجة الاعلى على الاطلاق، الى "ايه ايه+"، مبررة اتخاذها هذا الاجراء، الاول من نوعه لوكالة تصنيف ائتماني عالمية، ب"مخاطر سياسية" بان تكون اجراءات واشنطن غير كافية لمواجهة عجز الموازنة الفدرالية.

وارفقت الوكالة هذا الخفض بتوقعات "سلبية" ما يعني ان ستاندرد اند بورز تعتقد ان التغيير المقبل الذي سيطرأ على هذا التصنيف سيكون للاسوأ وسيتم خفض علامة الدين السيادي الاميركي مجددا.

وكانت ستاندرد اند بورز حذرت منذ نيسان/ابريل من انها تفكر بخفض التصنيف الائتماني للولايات المتحدة بسبب استمرار العجز في الموازنة عند مستويات مرتفعة وارتفاع العجز العام.

وتأكدت مخاوف الوكالة بعد الانقسامات الحادة بين الحزبين الديموقراطي والجمهوري بشأن الموازنة العامة والتي تجلت في سجالات وخلافات كادت تؤدي بالبلاد الى التخلف عن السداد لاول مرة في تاريخها، وهي كارثة تجنبتها واشنطن في اللحظة الاخيرة الثلاثاء بالاتفاق بين البيت الابيض والكونغرس على رفع سقف الدين العام. بحسب فرانس برس.

وقالت ستاندرد اند بورز ان "خطة اعادة التوازن الى الموازنة والتي اتفق عليها مؤخرا الكونغرس مع السلطة التنفيذية ليست كافية بالمقارنة بما هو ضروري، من وجهة نظرنا، لتهدئة نشاط الدين العام على المدى المتوسط". واضافت انها "متشائمة حيال قدرة الكونغرس والحكومة على تحويل الاتفاق الذي توصلا اليه هذا الاسبوع الى خطة اشمل لاعادة التوازن الى الموازنة".

التعاون من اجل الاقتصاد

من جهته دعا البيت الابيض الحزبين الجمهوري والديموقراطي الى الوحدة من اجل انعاش وضع الاقتصاد والموازنة في البلاد غداة تخفيض وكالة ستاندارد اند بورز مستوى تصنيف الولايات المتحدة لاول مرة في تاريخها. وقال المتحدث باسم البيت الابيض جاي كارني في بيان "علينا بذل مزيد من الجهد لاثبات ارادتنا والتزامنا العمل معا لمواجهة التحديات امام الاقتصاد والموازنة".

وقال كارني "يرى الرئيس انه من المهم ان يتحد النواب لتعزيز الاقتصاد والنهوض بالميزانية" مشيرا الى ان اتفاق الحد من عجز الميزانية الذي اقر في الكونغرس يشكل "خطوة في الاتجاه الصحيح". واضاف "لكن الطريق (المفاوضات) للتوصل الى ذلك كانت طويلة وعكست احيانا الشرخ بين الحزبين".

واضاف كارني "في الاسابيع المقبلة سيشجع الرئيس بقوة اللجنة الخاص من الحزبين وجميع اعضاء الكونغرس الى ابداء التزامنا المشترك من اجل انتعاش قوي ومستقبل صحي للموازنة متجاوزين الخلافات الايديولوجية والسياسية".

اوباما يطمئن العالم

الى ذلك طمأن الرئيس الاميركي باراك اوباما العالم الى ان الاقتصاد الاميركي سيتعافى بعد عام مضطرب، وذلك وسط تزايد المخاوف من ان تباطؤ الانتعاش يمكن ان يتطور الى انكماش اقتصادي جديد.

وقال اوباما عقب الاضطرابات التي شهدتها الاسواق العالمية لاسباب من بينها المشاكل التي يشهدها الاقتصاد الاميركي "اريد ان يعلم الشعب الاميركي وشركاؤنا في العالم ما يلي: سنتجاوز هذه المرحلة، وستتحسن الامور".

واظهرت البيانات الرسمية توفر 117 الف وظيفة جديدة الشهر الماضي، مما اتاح لاوباما الذي عانى مؤخرا من الكثير من الصعوبات السياسية، متنفسا جديدا الجمعة. واشار اوباما الى انه رغم "عام مضطرب" الا ان الاقتصاد اضاف وظائف جديدة في القطاع الخاص للشهر ال17 على التوالي، الا انه حذر من ان وتيرة نمو الوظائف غير كافية للتعويض عن ثمانية مليون وظيفة فقدت خلال فترة الانكماش.

وقال اوباما "نحتاج الى خلق دائرة مستمرة بحيث ينفق الناس وتقوم الشركات بالتوظيف وينمو فيها اقتصادنا".واضاف "ان ما يقلقني الان، وما هو محل تركيزي، هو الشعب الاميركي -- اعادة العاطلين عن العمل الى اعمالهم، وزيادة رواتبهم واعادة بناء الاحساس بالامان الذي فقدته الطبقة الوسطى لسنوات".

ويرجح ان تكون نسبة البطالة التي بلغت 9,1 بالمئة في انحاء البلاد واعلى من ذلك في بعض الولايات، عاملا مهما في النقاشات حول حالة الاقتصاد التي يتوقع ان تهيمن على حملة اوباما لاعادة انتخابه رئيسا العام المقبل.

ويبدو ان تصريحات اوباما تتعدى حدود الولايات المتحدة مع تزايد المخاوف في دول العالم من تدهور الاقتصاد الاميركي في الوقت الذي تعاني فيه اوروبا من مشاكل اقتصادية عميقة.

الصين تنتقد

في السياق ذاته تبنى دائنو الولايات المتحدة مواقف معتدلة، لكن وكالة الانباء الصينية دعت واشنطن الى الكف عن العيش فوق امكانياتها، بما ان بكين هي الدائنة الاولى لها.

ورأت الصين التي تعد اكبر دائن عالمي على الاطلاق للولايات المتحدة ان كل ما فعلته وكالة التصنيف هو تأكيد "حقيقة مخيفة". واضافت بكين انها "باتت تملك كل الحقوق لمطالبة الولايات المتحدة بالتصدي لمشكلة دينها البنيوية" كما اوردت وكالة انباء الصين الجديدة.

واضافت الوكالة الصينية في اول تعليق بعد خفض علامة الولايات المتحدة ان "الايام التي كان بامكان +العم سام+ المثقل بالديون، ان يبدد فيها كميات لا حدود لها من القروض من الخارج تبدو معدودة".

وحذرت من انه ان لم تجر واشنطن اقتطاعات كبيرة في "نفقاتها العسكرية الضخمة" وكذلك في "الكلفة الهائلة للمساعدة الاجتماعية"، فان خفض علامة ستاندارد اند بورز لن تكون سوى "مقدمة لتخفيضات اخرى مدمرة للعلامة" الاميركية. وعبرت الدول الاخرى عن مواقف اكثر اعتدالا.

فقد صرح وزير المال الفرنسي فرنسوا بروان ان "فرنسا لديها ثقة تامة بمتانة الاقتصاد الاميركي واسسه". الا انه اضاف ان "وزراء مالية مجموعة السبع على اتصال دائم لمراقبة وضع الاسواق ومناقشة التحركات الضرورية".

اما اليابان الدولة الثانية في العالم التي تملك ديونا اميركية، فقد اكدت ثقتها في سندات الخزينة الاميركية وان استراتيجيتها لمشتريات هذه السندات لم تتغير.

وقال مسؤول حكومي ياباني لوكالة داو جونز نيوزواير ان "ثقتنا في سندات الخزانة الاميركية وجاذبيتها كاستثمار لن تتغير بسبب هذا الاجراء".

وليس لليابان التي تحاول حاليا وقف اي ارتفاع في سعر عملتها مقابل الدولار، اي مصلحة لبيع موجوداتها بالدولار بما ان ذلك سيعزز الين.

وفي كوريا الجنوبية عقد مسؤولون كوريون جنوبيون كبار السبت اجتماعا طارئا لتحليل نتائج خفض التصنيف لكن الحكومة حذرت من اي رد فعل مبالغ فيه. وقال نائب وزير المالية يم جونغ يونغ "علينا الا نقلق كثيرا على اقتصادنا وعلى اسواق المال".

ودعت رئيسة الوزراء الاسترالية جوليا غيلارد ايضا الاسواق الى الهدوء. وقالت ان "الوكالتين الاخريين موديز وفيتش ما زالتا تتصنفان الاقتصاد الاميركية بدرجة ايه ايه ايه". واضافت "اعتقد انه على الناس ان يأخذوا في الاعتبار كل الوقائع".

اما وزير المالية الهندي براناب موخرجي فاعتبر ان "الوضع خطير"، موضحا ان "تحليل انعكاسات هذه الخطوة سيستغرق بعض الوقت". واتهمت الحكومة الاميركية وكالة ستاندرد اند بورز بانها استندت في قرارها الى اخطاء خطيرة في الحسابات.

وقال متحدث باسم وزارة الخزانة للصحافيين اثر اعلان قرار ستاندارد اند بورز تخفيض تصنيف الدين العام الاميركي، ان "تصنيفا مشوبا بخطأ قدره الفا مليار دولار يتحدث عن نفسه بنفسه".

واكدت وسائل الاعلام الاميركية ان الحكومة اعترضت بقوة على توقعات محللي الوكالة بعد ان تفحصت نتائج ستاندارد اند بورز، لكن بدون جدوى. ويتوقع ان يكون لخسارة هذه العلامة الممتازة انعكاسات قاسية في الاسواق المالية يصعب تصورها في الوقت الحاضر.

وسندات الخزينة الاميركية تعتبر مرجعا مسلما به: فهي معيار لكلفة المال واداة تستخدم عادة "ضمانة" في العديد من المعاملات وملجأ للمستثمرين في الفترات المضطربة. وجاء اعلان ستاندارد اند بورز في وقت اقفلت فيه الاسواق لعطلة نهاية الاسبوع.

وسجلت معظم البورصات الخميس والجمعة تراجعا حادا بسبب مخاوف مرتبطة بوضع الاقتصاد الاميركي وازمة الدين في منطقة اليورو.

وقال يه كيم لينغ الاقتصادي في مكتب الدراسات المالية "آر ايه ام هولدينغس" انه يتوقع تقلبات جديدة.

الاسواق العالمية

وبالرغم من البيانات التي اظهرت تحسنا مفاجئا في سوق العمل الاميركي، الا ان ذلك لم يترك سوى اثر بسيط على الاسواق المالية في الولايات المتحدة، مما اثر على المستثمرين المتضررين من اسبوع من الخسائر الجسيمة بسبب بطء النمو والمخاوف من ديون منطقة اليورو.

وسجلت البورصات الاوروبية في البداية انخفاضا بنسبة 3-4% بعد ان سجلت نظيراتها الاسيوية انخفاضا كبيرا، وسجلت ارتفاعا بعد اعلان واشنطن خلق 117 الف وظيفة جديدة في تموز/يوليو، الا ان ذلك الارتفاع سرعان ما تلاشى.

واغلق مؤشر فوتسي-100 على انخفاض بنسبة 2,71% ليصل الى 5246,99 نقطة لتكون نسبة الخسارة الاسبوعية 9,8% والتي تترجم بخسارة نحو 150 مليار جنيه استرليني (137 مليار يورو) من القيمة الاجمالية للسوق خلال الايام الخمسة الماضية.

وفي فرانكفورت انخفض مؤشر داكس بنسبة 2,78% ليصل الى 6236,16 نقطة، بحيث وصلت نسبة الانخفاض خلال الاسبوع 13,3%.

وفي باريس انخفض مؤشر كاك-40 بنسبة 1,26% ليصل الى نسبة 3278,56 نقطة، مسجلا عاشر خسارة يومية قياسية على التوالي.

وفي تعاملات مضطربة للغاية تعافت اسواق مدريد وميلانو في وقت ما اليوم الجمعة بسبب شائعات بان البنك المركزي الاوروبي يستعد لشراء سندات اسبانية وايطالية متضررة. الا ان السوقين عادا وانخفضا مجددا.

واغلق سوق مدريد على انخفاض بنسبة 0,18 الجمعة، بينما وصل معدل الانخفاض 10% خلال الاسبوع، وانخفض سوق ميلانو بنسبة 0,70 وخسر 13,12% خلال الاسبوع.

وافتتحت بورصة "وول ستريت" على ارتفاع على خلفية بيانات الوظائف القوية، الا انها سرعان ما انخفضت. وانخفض مؤشر داو جونز الصناعي بنسبة 1,9% ليسجل 11168,17 نقطة عند الساعة 16,00 تغ، وانخفض بنسبة 8,03% من اغلاقه الاسبوع الماضي.

وانخفض مؤشر اس اند بي 500 بنسبة 2,5% الى 1198,67 نقطة، بينما انخفض مؤشر ناسداك بنسبة 3,4% ليصل الى 2470,17 نقطة.

وقال مانوج لادوا كبير المتعاملين في شركة "اي تي اكس كابيتال" في لندن "يبدو ان انعكاسات انكماش الاقتصاد العالمي بدأت تظهر اخيرا حيث ان الاسواق تواصل انخفاضها". واضاف ان "المستثمرين بدأوا يحسبون التباطؤ في النمو ومشاكل الديون السيادية مع انخفاض الاسهم بشكل عام".

وسعى الاتحاد الاوروبي الى تهدئة الاسواق. وقال المفوض الاوروبي المكلف الشؤون الاقتصادية اولي رين في مؤتمر صحافي الجمعة ان المفوضية الاوروبية والبنك المركزي الاوروبي وصندوق الدعم الاوروبي، تعمل "ليلا ونهارا" لحل الازمة الاقتصادية.

البورصات الاسيوية

في حين لحقت البورصات الاسيوية بنظيراتها الاوروبية والاميركية فسجلت تراجعات هائلة لدى فتح جلسات التداول الجمعة لتتراوح خسائرها بين حوالى 3 و5%. وفي بورصة طوكيو وقرابة الساعة 00,40 تغ خسر مؤشر نيكاي الرئيسي 347,22 نقطة وهبط الى 9311,96 نقطة، بتراجع قدره 3,59%، بعدما كان في الدقائق الاولى من الجلسة تراجع باكثر من اربع نقاط مئوية مسجلا ادنى مستوى له خلال جلسة منذ 18 آذار/مارس حين عصف باقتصاد البلاد الزلزال المدمر الذي اجتاح شمال اليابان وخلف 20 الفا بين قتيل ومفقود وتسبب بكارثة نووية.

وفي طوكيو ايضا خسر مؤشر توبيكس الاوسع نطاقا 27 نقطة خلال الجلسة وبلغ 799 نقطة بتراجع قدره 3,30%. وفي سيدني لم تكن الحال افضل، فقد تراجعت البورصة باكثر من 4% لدى الافتتاح وهبط مؤشر ستاندرد اند بورز/ايه اس اكس 200 بمقدار 174 نقطة الى 4102 نقطة قرابة الساعة 10,10 (00,5 تغ).

بدورها فتحت بورصة سيول جلسة التداولات الجمعة على تراجع حاد زادت نسبته عن 4%، وخسر مؤشر كوسبي الرئيسي 81,30 نقطة وهبط الى 1937,17 نقطة.

اما اعظم التراجعات الاسيوية فسجلت في بوصة هونغ كونغ التي فتحت جلسة تداولات الجمعة على خسارة ناهزت ال 5% حيث هبط مؤشر هانغ سينغ الرئيسي بنسبة 4,81%.

وكانت البورصات العالمية منيت الخميس بخسائر فادحة مدفوعة بالمخاوف من تباطؤ النمو الاقتصادي العالمي وفشل تدخل طال انتظاره من رئيس البنك المركزي الاوروبي جان كلود تريشيه في تهدئة المخاوف حول الازمة في منطقة اليورو.

وهوت بورصة نيويورك بشكل كبير الخميس وسط المخاوف من تباطؤ النمو الاقتصادي العالمي: فقد خسر مؤشر داو جونز 4,31% ليصل الى المستوى الذي كان عليه في كانون الاول/ديسمبر، اما مؤشر ناسداك فقد خسر 5,05%.

وفي اميركا اللاتينية اغلقت بورصة ساو باولو على خسارة ضخمة بلغت 5,72%، بينما تراجعت بورصة مكسيكو بنسبة 3,3% عند الاغلاق الخميس، مدفوعة بشكل رئيسي بالانهيار الذي اصاب وول ستريت، في بلد يعتبر فيه كل ما يجري في الولايات المتحدة يؤثر بشكل مباشر في المكسيك التي تصدر اليه 80% من صادراتها بحسب احد المحللين.

وتراجعت سائر البورصات الاوروبية الكبرى اكثر من 3% عند الاغلاق. فقد خسرت بوصة باريس 3,90% في اعلى تراجع لها خلال عامين وفي استمرار للتراجع لليوم التاسع على التوالي، للمرة الاولى منذ العام 2002. وخسرت بورصة لندن 3,43% وفرانكفورت 3,40%.

وفي ميلانو، اغلق مؤشر اف تي اس ايه ميب الذي توقف التداول باسهمه لساعات عدة، على خسارة 5,16%. وتراجعت بورصة مدريد 3,89% وكذلك البورصة السويسرية التي خسرت 3,61%.

كما عمق اليورو خسائره امام العملة الخضراء وهبط لفترة وجيزة الى ما دون 1,41 دولارا، في حين قفز الذهب الى سعر قياسي جديد بلغ 1681,72 دولارا للاونصة، بينما هوى سعر النفط الى 85,71 دولارا في التعاملات الالكترونية الاسيوية.

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 9/آب/2011 - 8/رمضان/1432

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1432هـ  /  1999- 2011م