الهجرة إلى أوروبا... خوف من الثقافة والإسلام

 

شبكة النبأ: يسعى الاتحاد الاوربي من خلال تقنين شروط الهجرة والإقامة على أراضيه إلى الحد من تلك الظاهرة الآخذة بالاتساع، خصوصا ان شواطئ المتوسط الشمالية باتت تتأثر يوما بعد يوم بتردي الأوضاع المعيشية المستمر في دول الشرق الأوسط وإفريقيا والاضطرابات السياسية المصاحبة.

فيما تدفع بعض الجهات والأحزاب الأوروبية ذات الطابع اليميني الأكثر تطرفا إلى سن قوانين اكثر صرامة لقطع السبيل امام المهاجرين الجدد، الى جانب التضييق على الجاليات المهاجرة القاطنة في دول القارة الأوربية.

وتخشى القارة العجوز وان لم تعلن عن مخاوفها بشكل رسمي ان تشهد بعض دولها تغييرات ديموغرافية كبيرة وإعادة تشكيل جديدة للثقافات المحلية والسلوكيات المتبعة الى جانب انتشار ظاهرة الاسلمة في اوروبا.

الاتحاد الاوروبي يشدد اجراءات مواجهة الهجرة

فقد وافق الاتحاد الاوروبي على سياسة متشددة جدا حيال المهاجرين في فضاء شنغن تتيح امكانية اعادة العمل بالحدود الوطنية وسياسة لجوء انتقائية، وذك خصوصا تحت تاثير النفوذ المتزايد للاحزاب الشعبوية.

وكل هذه التدابير التي اقرها قادة بلدان الاتحاد الاوروبي خلال قمة في بروكسل، كانت تطالب بها فرنسا لمكافحة الهجرة السرية بعد التوترات مع ايطاليا الناجمة عن تدفق مهاجرين اتين من تونس.

واكد الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي في تصريح صحافي ان "ذلك لا يشكل اعادة نظر في مبدأ حرية تنقل" المواطنين في فضاء شنغن، بل "يتيح مراقبة حرية التنقل هذه".

من جهته، اشار رئيس الحكومة الايطالية سيلفيو برلوسكوني الى ان الهدف من هذه السياسة "تحسين شنغن وجعلها اكثر تطابقا مع مطالب المواطنين".

والعنصر المثير للخلاف هو امكانية اعادة عمليات المراقبة على الحدود الوطنية لبلدان فضاء شنغن، عندما تعجز دولة عن مراقبة جزء من حدودها الخارجية اذا ما شكل تزايد الهجرة ضغطا "قويا وغير متوقع".

ويشدد الاعلان المشترك لرؤساء دول وحكومات الاتحاد الاوروبي على "طابعها الاستثنائي" ويشترط للاستعانة بها قيام "وضع حرج فعلا" مع تحديد مدة هذه الاجراءات وينص على تقويم مشترك لاسبابها واسسها. وطلب من المفوضية الاوروبية اعداد المعايير لتطبيق هذا الاجراء الوقائي.

وقال الرئيس الفرنسي ان "التحليل يبقى على مستوى الاتحاد، لكن القرار وطني لاعادة المراقبة على الحدود"، مشيرا الى الصعوبات التي يتعين تجاوزها اذا كان قرار اعادة الحدود الوطنية سيتخذ بالاجماع او بالاكثرية الموصوفة.

والهدف هو منع الحكومات من اتخاذ تدابير من جانب واحد كما حاول ان يفعل الدنماركيون. لكن المطلب الفرنسي اثار بعض الاستياء. فهو يكشف في الواقع انعدام الثقة حيال اليونان وايطاليا وبلغاريا ورومانيا لجهة قدراتها على تأمين مراقبة الحدود المشتركة للاتحاد الاوروبي مع تركيا وبلدان شمال افريقيا.

واعربت سيسيليا مالمستروم، المفوضة الاوروبية المسؤولة عن اللجوء والهجرة عن قلقها من مخاطر الانحراف الامني الذي تمليه احزاب اليمين المتطرف والحركات الشعبوية التي يزداد تأثيرها في الاتحاد الاوروبي.

وقد غذت هذا القلق المواقف التي اتخذها الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي الذي يرفض الطلبات المتعلقة باللجوء والحماية الدولية، "حرصا منه على الا تشكل سابقة" يعتد بها لاحقا.

وتدعو فرنسا ايضا الى ربط الشراكة مع بلدان شمال افريقيا بأن تتعهد باستعادة المهاجرين الذين انطلقوا بطريقة غير قانونية من اراضيها.

وحذرت سيسيليا مالمستروم عشية القمة من ان على اوروبا الا تتخلى عن قيم التضامن والتسامح والاحترام المتبادل. وقالت ان "القادة السياسيين في كل مكان من اوروبا سارعوا الى ادانة اعمال العنف في ليبيا وسوريا وساحل العاج. لكن عندما يتعلق الامر بمواجهة هذه التطورات وخصوصا ادارة وصول الرجال والنساء والاطفال الذين يأتون الى اوروبا بحثا عن حماية او حياة افضل، هنا يبدو القادة الاوروبيون اكثر تحفظا في تقديم دعمهم" لهؤلاء الضحايا.

مجزرة النرويج

الى ذلك بعد أقل من أسبوعين على مجزرة النرويج، بات واضحا أن ثمة تحولا قد طرأ على النقاش الدائر حول الإسلام واليمين المتطرف في أوروبا. ففي الوقت الذي استمرت فيه الشرطة في النرويج وخارجها في البحث عن شركاء محتملين في هذه التفجيرات، ذهبت التعبيرات عن الغضب الشديد نتيجة لوقوع الكثير من الضحايا إلى ما هو أبعد من المنظور السياسي. وقد تم التنديد بأعضاء في أحزاب اليمين المتطرف في كل من السويد وإيطاليا من داخل صفوف الأحزاب نفسها، نتيجة إلقائهم مسؤولية هذا الهجوم على التعددية الثقافية. كما تم فصل أحد أعضاء الجبهة الوطنية الفرنسية اليمينية المتطرفة بسبب إشادته بمنفذ الهجوم. ومن الممكن أن تؤدي مثل هذه المآسي إلى حدوث تحولات في الرأي العام.

ولا يمكن توجيه اللوم للأحزاب السياسية غير العنيفة على أعمال العنف التي يرتكبها أحد الإرهابيين أو أي شخص يميل إلى ارتكاب جرائم القتل، لكن مع ذلك بدأ السياسيون يسألون عن السبب وراء استخدام خطاب مثير في النقاش الدائر حول المهاجرين.

وفي حديثه لوكالة الأنباء الألمانية، الأربعاء، قال رئيس الحزب الديمقراطي الاشتراكي الألماني، سيغمار غابرييل، إن الخوف من الأجانب وكرههم والتمسك بالقومية في المنطقة قد ساعد على ارتكاب الهجوم الذي وقع مؤخرا في النرويج. وفي مجتمع يتم فيه التساهل مع المشاعر المعادية للإسلام والعزلة «سيكون هناك أناس مخبولون يشعرون بأنهم يملكون الشرعية لاتخاذ تدابير أكثر صعوبة». وأضاف غابرييل: «يجب على المجتمع أن يوضح أنه لا يوجد هناك مكان لمثل هذه الأمور. هناك شعور عميق في المجتمع بأن المؤشر قد بدأ يتأرجح بعيدا جدا باتجاه الفردية».

ومن السابق لأوانه تحديد التداعيات السياسية التي ستخلفها الهجمات. ومن المعروف أن اليسار في أوروبا قد أصبح خارج السلطة في الدول الكبرى، بما في ذلك بريطانيا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا، ولذا يسعى جاهدا لإيجاد سبب لإحيائه، أو على الأقل وضع إطار جديد للجدل الدائر حول الهجرة. ومن ناحية أخرى، فإن التيار اليميني السائد يمكن أن يجد صعوبة أكبر في قبول الدعم من الأحزاب اليمينية المتطرفة في أعقاب الأحداث الدموية التي وقعت في أوسلو وجزيرة أوتوياه. بحسب رويترز.

«يكمن التحدي الأكبر في انتهازية الوسط، وأعتقد أن هذا سوف يتغير الآن»، كانت هذه هي كلمات يوشكا فيشر، وزير خارجية ألمانيا السابق واليساري البارز، في إشارة إلى تعاون الحكومة الدنماركية مع حزب الشعب اليميني الدنماركي المتطرف.

لا يمكن التنبؤ بالتداعيات السياسية بسبب وجود تنوع في المشهد السياسي الأوروبي، حيث تملك كل دولة تاريخا وثقافة مختلفة، فالنرويج، على سبيل المثال، ليست عضوا في الاتحاد الأوروبي. وقد يجعل هذا من الصعب على السياسيين ذوي الميول اليسارية اغتنام المبادرة في مواجهة المحافظين بنفس الطريقة التي استخدمها الرئيس الأميركي الأسبق بيل كلينتون بعد تفجيرات أوكلاهوما سيتي، التي قام بتنفيذها متطرف يميني. كذلك، فإن محاولة الربط بين السياسيين وبين معتقدات أندرس بيرينغ برييفيك، الذي يقول المسؤولون النرويجيون إنه أعلن مسؤوليته عن الحادث والذي يقول محاميه إنه مختل عقليا، تعد أيضا محاولة محفوفة بالمخاطر.

وقال باسكال بيرينو، وهو أستاذ في معهد الدراسات السياسية بباريس، إن الأحزاب الفرنسية «حذرة بشدة» في نهجها فيما يتعلق بهذه المأساة خوفا من أن تبدو وكأنها تستغل ما يحدث. ووفقا لبيرينو، كان من المرجح أن يحدث تحول في ميزان القوى بين اليمين واليسار في فرنسا، ولكن هذا من شأنه أن يجعل الأمر أكثر صعوبة بالنسبة للجبهة الوطنية اليمينية المتطرفة وزعيمتها، مارين لوبن، في الانتخابات.

وتحتوي الرسالة التي نشرها برييفيك على الإنترنت والمكونة من 1500 صفحة على الكثير من المطالبات بالعنف، كما تشمل بعض المقاطع التي تردد قلق القيادات السياسية بشأن المحافظة على الهوية والقيم الوطنية. وقال دانيال كوهن بنديت، الرئيس المشارك لكتلة الخضر في البرلمان الأوروبي إن «كثيرا مما كتبه يمكن أن يتردد على لسان أي سياسي يميني، وسيكون من السهل الآن طرح التساؤلات حول الكثير من الجدل الدائر حول المهاجرين والأصولية الإسلامية».

وقد يكون أوضح دليل على وجود تغيير في اللهجة في هذه المرحلة المبكرة هو الطريقة التي تحاول بها الأحزاب المعادية للمهاجرين كبح جماح أعضائها، حيث تم فصل جاك كوتيلا من عضوية الجبهة الوطنية بسبب تصريحه على المدونة الخاصة به بأن برييفيك قد أصبح «رمزا»، ثم استبدل ذلك بملاحظة تقول إنه ندد بما قام به برييفيك.

وكتب إريك هيلسبورن، وهو سياسي محلي لحزب الديمقراطيين السويديين، في بلدة فاربيرغ الجنوبية، على مدونته قائلا «لم تكن مثل هذه المأساة لتحدث لو كانت النرويج تضم الشعب النرويجي فقط»، حسب ما جاء في صحيفة «هالاندس نايثر» المحلية. ونأى جيمي اكيسون، زعيم حزب الديمقراطيين السويديين، بنفسه عن مشاعر هيلسبورن خلال تصريحاته لصحيفة «سفينسكا داجبلاديت» يوم الأربعاء، وقال: «لا يمكنك إلقاء اللوم على تصرفات الأفراد بشكل اجتماعي من هذا القبيل».

وفي حديثه لأحد البرامج الحوارية الإذاعية يوم الاثنين، قال ماريو بورغيزيو، وهو نائب إيطالي في البرلمان الأوروبي: «يمكننا أن نتفق بكل تأكيد» مع بعض مواقف برييفيك فيما يتعلق بالتهديد الإسلامي لأوروبا، ووصف هجمات أوسلو بأنها «خطأ من مجتمع متعدد الأعراق»، ووصف هذا النوع من المجتمع بأنه «مثير للاشمئزاز».

ومن جانبه، قال وزير الخارجية الإيطالي فرانكو فراتيني، وهو عضو في حزب شعب الحرية الذي يتزعمه رئيس الوزراء سيلفيو برلسكوني، إنه يتعين على بورغيزيو أن يقدم «اعتذارا شخصيا» للنرويج، وهو ما فعله بالفعل يوم الأربعاء.

وقد سعت الجماعات اليمينية المتطرفة الأخرى إلى أن تنأى بنفسها عن برييفيك وما قام به وعن أعمال العنف بشكل عام. وبعد ورود تقارير بأن برييفيك كان على اتصال مع رابطة الدفاع الإنجليزية اليمينية، أصدرت الرابطة بيانا هذا الأسبوع قالت فيه إنه «يمكن القول بشكل قاطع إنه لم يكن هناك أي اتصال رسمي بينه وبين رابطة الدفاع الإنجليزية».

ومن جهتها، شكلت الشرطة الأوروبية (يوروبول) فرقة للتحقيق في التهديدات التي تواجه الدول الاسكندينافية والعلاقات بين الجماعات المتطرفة في جميع أنحاء أوروبا. ويشعر بعض المسؤولين بالقلق من أن يكون برييفيك جزءا من شبكة منظمة تضم غيره من المتطرفين. وقامت الشرطة في ولاية بادن فورتمبيرغ الألمانية بمداهمة 21 منزلا يوم الأربعاء في إطار التحقيق مع مجموعة تنتمي لليمين المتطرف، ونفت الشرطة وجود علاقة بين ذلك وبين أحداث أوسلو.

وفي الوقت نفسه، ثمة مناقشات حول كيفية اتخاذ إجراءات صارمة ضد المتطرفين، بما في ذلك تكثيف عملية المراقبة على مجموعات الدردشة على الإنترنت. وقد جدد أندريا ناهليس، وهو عضو بارز في الحزب الديمقراطي الاشتراكي الألماني، دعوة الحزب لحظر الحزب الوطني الديمقراطي المتطرف. ومع ذلك، يقول خبراء إن حظر الأحزاب السياسية يمكن أن يؤدي إلى نتيجة عكسية، حيث يمكن أن يشجع فلسفة الرفض التي تؤدي إلى العنف.

كما يبدو أن إغلاق اتصالات المتطرفين على الإنترنت أمر شبه مستحيل، حسب تصريحات بيتر مولنار، وهو خبير في قانون حرية التعبير وأحد مؤسسي مركز دراسات الإعلام والاتصال بجامعة أوروبا الوسطى في بودابست. وأضاف أن «ذلك يشبه محاولة القفز على الظل».

الثورات العربية

وما إن بدأت الثورة الشعبية في تونس بداية العام الجاري حتى بدأت أعداد من المهاجرين الفارين من حالة عدم الاستقرار، تتوافد إلى الحدود الأوروبية، وما إن تفشت الثورات في البلدان المجاورة حتى راح الآلاف من اللاجئين يفرون من العنف ويبحثون عن ملاذ آمن لهم ولعائلاتهم. وتسبب تدفق اللاجئين في أزمة دبلوماسية في أوروبا، وتوقفت القطارات بين فرنسا وإيطاليا، التي تعد بوابة المهاجرين إلى القارة الأوروبية، في حين تفكر ألمانيا في القيام بالخطوة نفسها. وأصبحت جزيرة لامبدوسا الإيطالية محطة استقبال اللاجئين من الثورات العربية، في تونس ومصر وليبيا. وخشية أن تصبح المحطة الأخـيرة للأعداد الكبـيرة من اللاجئين، قررت باريـس توقيف خطوط السكك الحـديدية التي تربـط شمال إيطاليا بجنوب شرق فرنسا، الأمر الذي تسبب في مشكلة إنسانية لهؤلاء النازحين الذين فروا من المعارك الدائرة في بلدانهم. وتبادلت روما وباريس التهم بإساءة معاملة اللاجئين الذين تحميهم الاتفاقات الدولية والمعاهدة الأوروبية بخصوص حقوق الإنسان. واتهم وزير الداخلية الإيطالية روبرتو ماروني، فرنسا بخرقها للمواثيق الدولية، وقال «هذه الإجراءات غير قانونية وتخالف المبادئ الأساسية للاتحاد الأوروبي»، مشيرا إلى تعطيل حركة التنقل بين البلدين، التي تضمن حريتها معاهدة «شنغن». وأضاف ماروني أن السلوك الفرنسي يهدد تماسك المنظومة الأوروبية. وفي سياق متصل، يتوقع المراقبون أن تنضم ألمانيا إلى الخلاف الحالي حول اتفاقية التنقل الحر، وعارضت برلين منح إيطاليا تصاريح اللاجئين العرب تسمح لهم بالتنقل داخل البلدان الموقعة للاتفاقية. وقالت ألمانيا انها مستعدة لإرسال المعونات الإنسانية إلى شمال إفريقيا إلا أنها لا تريد لاجئين من تونس أو مصر أو ليبيا على أراضيها. وهددت السلطات الألمانية بوضع نقاط تفتيش على الحدود مع النمسا (التي تفصل ألمانيا وإيطاليا) في حال لم تعد هذه الأخيرة النظر في منح المهاجرين العالقين في لامبدوسا، وثائق عبور أوروبية. وقال وزير الداخلية في ولاية بافاريا، جواشيم هيرمان، ان بلاده لا تسمح بما تقوم به الحكومة الإيطالية، التي تعتبر اللاجئين التونسيين سياحا وترسلهم إلى داخل أوروبا. وفي الوقت الذي تتقاذف فيه القوى الأوروبية الكبرى كرة اللاجئين، تبدو إيطاليا الأسوأ حظا في هذه الأزمة السياسية، كونـها الأقرب إلى شمال إفريقيا. وتحاول فرنسا أن تقدم مبررات لعدم سماحها بدخول اللاجئين الجدد، حيث تستضيف ملايين المهاجرين القادمين من الضفة الجنوبية للمتوسط. والسماح بدخول آلاف النازحين قد يؤدي إلى تردي الخدمات الإنسانية، بحسب المسؤولين في باريس، كما سيؤثر سلبا في البنية التحتية للبلاد. كما أن ألمانيا التي تستضيف بدورها ملايين المهاجرين، تريد أن تبقى بعيدة عن هذه الأزمة. وينحي البعض باللائمة على المسؤولين في الاتحاد الأوروبي الذين فضلوا الصمت إلى الآن، الأمر الذي ربما يدل على عجز الهيئات الأوروبية عن إيجاد حل لخلاف نشب بين عضوين في الاتحاد، بسبب اللاجئين من شمال إفريقيا. كما أن هذه الأزمة تهدد مبدأين أساسيين من بين المبادئ التي قام على أساسها الاتحاد الأوروبي وهما: الحدود المفتوحة والتضامن الأوروبي. الأزمة في طريقها إلى التعقيد لأن الأمر لن ينتهي عند اللاجئين من تونس، إذ يتوقع تدفق آلاف المهاجرين من ليبيا ومصر مستقبلا، ومن ثم فإن بقاء الاتحاد بشكله الحالي بات أمراً يثير التساؤلات. وفي هذا السياق صرح ماروني بأن ما يحدث يدفع بإيطاليا لإعادة النظر في بقائها ضمن الاتحاد الأوروبي، لأنها لم تتلق دعمه في مواجهة أزمة المهاجرين غير الشرعيين. وتقول مديرة المعهد الأوروبي لأبحاث الاندماج، أولغ بوتمكينا، إن «الوضع معقد حقا، وهذا يمثل اختيارا حقيقيا في ما يخص التضامن بين أعضاء الاتحاد الأوروبي»، وتضيف «المشكلة في هذه الأزمة أن هؤلاء اللاجـئين ليسوا كلهم لاجئين سياسيين، ولكنّ عددا كبيرا منهم فر بسبب الظروف القاسية في بلادهم، حيث لم يتقدم اللاجئون القادمون من تونس بطلبات لجوء سياسي».

أكثر من ألفي جزائري معتقل

على صعيد متصل كشفت وزارة الدولة للجالية الجزائرية في الخارج عن وجود ألفي جزائري معتقل في مراكز الهجرة غير الشرعية في أوروبا. ونقلت صحيفة "الخبر" الجزائرية عن مصدر رسمي من وزارة الدولة المكلفة بالجالية قوله إن لجنة عليا شكلها كاتب الدولة حليم بن عطا الله، أحصت توقيف أكثـر من ألفي مهاجر غير شرعي جزائري من طرف قوات بحرية أجنبية، من بين 6631 مهاجرا غير شرعي، دون توضيح إذا كان هذا العدد يشمل المعتقلين في مراكز حجز المهاجرين غير الشرعيين في ألميريا الإسبانية أو جزيرة لامبيدوزا الإيطالية أومراكز أخرى في حوض البحر الأبيض المتوسط.

وأكد المصدر نفسه توقيف 6631 مهاجرا جزائري غير شرعي حاولوا الهجرة إلى أوروبا على متن زوارق صيد صغيرة، واستطاعت فرق حرس السواحل التابعة لقوات البحرية الجزائرية توقيف 4536 مهاجرا غير شرعي قبل وصولهم إلى السواحل الأوروبية، وتم تحويلهم إلى السلطات القضائية لمحاكمتهم، بينما تمكنت القوات البحرية الأوروبية من توقيف 2095 مهاجرا جزائري غير شرعي قرب سواحلها. بحسب يونايتد برس.

وأشار نفس المصدر إلى أن كتابة الدولة لم تقدم أرقاما رسمية بخصوص المهاجرين غير الشرعيين المفقودين في البحر، ولم تعلق حول قضية ''600 جثة" لمهاجرين توجد في غرف حفظ الجثث في إسبانيا، والتي كشف عنها إمام بمدينة ألميريا الإسبانية خلال لقاء نظمته اللجنة الوطنية لحماية الشباب الجزائري التابعة للرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان.

حق الإقامة في بريطانيا

في سياق متصل انتقد نواب في البرلمان البريطاني منح عشرات آلاف اللاجئين حق الإقامة في بريطانيا، ووصفوه بأنه أشبه بمنح عفو للمتجاوزين لقوانين الهجرة. وتقول لجنة الشؤون الداخلية في البرلمان إن من بين 403500 حالة تعاملت معها وزارة الداخلية منذ عام عام 2006، منحت نسبة 40 في المئة من المتقدمين حق الإقامة في بريطانيا.

وتضيف اللجنة إن وكالة مراقبة الحدود التابعة لوزارة الداخلية (يو كي بي أيه) ليست لديها فكرة عما حدث لعشرات الآلاف من المتقدمين الذين لم يبت في امرهم بعد.

لكن وزير الهجرة داميان غرين قال إنه لا يوجد عفو على الإطلاق وأن النظام المعمول به آخذ في التحسن . وكان وزير الداخلية البريطاني السابق جون ريد وصف نظام الهجرة البريطاني عام 2006 بأنه غير مناسب للمهمة ، بعد أن رشحت أنباء عن تراكم حوالي 450 ألف طلب للجوء لم يتم التعامل معها.

وتعهد ريد حينها بالتعامل مع هذه المشكلة، كما أكد التحالف الحاكم في بريطانيا -بعد وصوله إلى الحكم العام الماضي- أنه سيبت في امر هذه الطلبات بحلول الصيف الحالي. لكن لجنة الشؤون الداخلية في البرلمان البريطاني انتقدت تعامل الحكومة مع قضية اللاجئين في تقرير صادر عنها. وقالت اللجنة إن هدف الحكومة المتمثل في البت في ملفات اللجوء المتراكمة خلال الصيف الحالي يبدو أنه يحقق بصورة كبيرة باللجوء بصورة متزايدة إلى منح حق الإقامة .

كما انتقد رئيس منظمة مراقبة الهجرة البريطانية اندرو جرين منح أعداد كبيرة من اللاجئين حق الإقامة في بريطانيا.

وقال جرين إن ترحيل اولئك الاشخاص الذين تجاوزوا فترة الإقامة التي سمحت بها تأشيرات الدخول الممنوحة لهم هو أمر هام دون شك لموثوقية النظام (نظام الهجرة) بالكامل .

وقال نواب بريطانيون إن اللوائح المتعلقة بهذا الشأن قد تم تعديلها مما سهل على مسؤولي وزارة الداخلية منح حق الإقامة للمتقدمين بطلبات اللجوء.

وأشار النواب إلى أنه صار من الممكن منح حق الإقامة للمتقدمين الذين ظلوا في بريطانيا لفترة تتراوح بين 6 و8 سنوات، بدلا عن المدى الزمني السابق وهو 10 إلى 12 عاما. وانتقد النواب منح 161 ألف شخص من المتقدمين بطلبات اللجوء هذا الحق. وأشاروا إلى أن منح مثل هذه النسبة الكبيرة يرقى في الواقع إلى مرتبة العفو .

إيطاليا طردت 7 آلاف ومنحت 188 ألف تصريح إقامة

من جهتها طردت إيطاليا في الأشهر العشرة الأخيرة سبعة آلاف مهاجر غير شرعي بينما منحت 188 ألف تصريح إقامة. ونقلت وكالة الأنباء الإيطالية "آكي" عن إدراة الهجرة بمديرة أمن العاصمة الإيطالية روما انها أصدرت حوالي 188 ألف تصريح إقامة خلال الأشهر العشرة الماضية، بينما إقتربت من السبعة آلاف قرارات الطر بحق مواطنين أجانب مقيمين بطريقة غير شرعية.

وأشار بيان الإدارة إلى أنها تقوم "برعاية وتوفير الأمان لـ215 ألف مواطن من البلاد الواقعة خارج الإتحاد الاوروبي بينهم 218459 امرأة".

وقال البيان إن "نشاط الإدارة يهدف لدمج هؤلاء المهاجرين في المجتمع بينما يقوم في الوقت ذاته بنشاط كبير في مكافحة الهجرة غير الشرعية". وارتفع عدد المهاجرين غير الشرعيين في إيطاليا بشكل كبير في الآونة الأخيرة بعد بدء الانتفاضات الشعبية في عدد من الدول العربية.

قرية رياتشي

ثلاث إفريقيات يطرزن ويثرثرن في الظل على إيقاع أغنية بوب إثيوبية... مشهد مألوف في رياتشي هذه القرية الصغيرة والفقيرة في إقليم كالبريا (جنوب إيطاليا) التي تتميز بنجاحها في إدماج مئات اللاجئين الهاربين من النزاعات وأعمال العنف في بلدانهم.

خلال بضعة أيام، من المزمع أن تستقبل هذه القرية التي تقطنها 1800 نسمة، 130 مهجرا من منطقة القرن الإفريقي كانوا قد وصلوا منذ فترة قصيرة إلى جنوب إيطاليا على متن زوارق بالية، حالهم حال آلاف المهجرين الذين وقعوا بطريقة غير مباشرة ضحية النزاع الذي يهز ليبيا. وينضم هؤلاء إلى مئتي مهجر وفدوا خلال السنوات الأخيرة من العراق وإريتريا وأفغانستان.

من مكتبه الذي فقدت جدرانه بعض دهانها، يفسر دومينيكو لوكانو رئيس بلدية رياتشي اليساري "هؤلاء الأشخاص يهربون من الحرب. وهم تعرضوا للتعذيب وعاشوا أحداث مأساوية."

وبغية إيواء اللاجئين، تم ترميم عشرات البيوت الحجرية في أحياء رياتشي القديمة التي هجرها سكانها بسبب نقص في فرص العمل وقد هاجروا بكثافة طوال القرن الماضي إلى الأميركيتين أو شمال إيطاليا المزدهر. بحسب فرانس برس.

قبل أربع سنوات، وصل إلى هنا أسعدالله أحمدزي من أفغانستان وهو أب لطفلين ولدا في هذه القرية. يقول "هما من كالبريا. أهل القرية مثل عائلتي.. وصدرهم رحب".

فتوافقه الرأي مجموعة من المتقاعدين الذين يلعبون الورق. ويذكر نيكولا البالغ من العمر 87 عاما ب"حفاوة الاستقبال التي تشتهر" بها رياتشي وهي التي استقبلت مهجرين من مدينة غوريتسيا على الحدود السلوفينية التي قسمت إلى جزئين خلال الحرب العالمية الثانية.

ويجمع اللاجئون جميعا على ان الأجواء هنا ليست ابدا مشحونة بالاستهزاء الذي يستهدف المهاجرين، كما هي الحال في الشمال حيث يعمل أسعدالله في الشتاء.

في محله الصغير لبيع الحقائب والمجوهرات الأفغانية، يخبر "في مطعم أصدقائي في انكونا كنت أجني قرابة ألفي يورو شهريا. لكن ابني كان يبكي طوال الوقت، فهو كان يريد العودة إلى رياتشي هربا من سوء معاملة الأجانب".

وتمكنت رياتشي بفضل حسن استقبالها للاجئين الذين تزايد عددهم بكثرة خلال السنوات العشر الماضية من استعادة سكانها ونشاطها الاقتصادي على حد سواء.

ويفسر رئيس بلديتها "تمكننا من إعادة فتح المدرسة وإنشاء شركات صغرى ومشاغل حرفية محلية (تطريز وزجاج وخزف) حيث يعمل قرويون وأجانب يدا بيد". يضيف رئيس البلدية الذي صنف ثالث "أفضل رئيس بلدية في العالم" في العام 2010، "الأهم يبقى أننا وجهنا رسالة إنسانية إلى العالم. وقد تحولت هذه الأرض من نقطة انطلاق وهجرة إلى نقطة وصول".

إلى ذلك، اجتذت هذه المبادرة انتباه وحماسة المخرج فيم فاندرز الذي صور فيها فيلما وثائقيا خياليا بعنوان "إل فولو".

هيلين في ال29 من عمرها، وقد بلغت القرية قبل عامين قادمة من أثيوبيا. هنا، تعلمت اللغة الإيطالية والتطريز وصناعة السجاد، ما سمح لها من خلال عملها المشترك مع امرأة من سكان القرية، بإضافة مبلغ يتراوح بين 4 و 500 يورو إلى مبلغ مئتي يورو تقدمه الحكومة شهريا إلى طالبي اللجوء.

وتقول هذه المرأة وهي أم لطفلتين، "لا أريد العودة إلى إثيوبيا مسقط رأس والدتي ولا إلى أريتريا مسقط رأس والدي، فالحرب مستفحلة بين البلدين".

وقد باشرت رياتشي أيضا بمبادرة السياحة التضامنية مع وصول مجموعات من التلاميذ والسياح بهدف مد يد العون إلى هذه القرية الفقيرة.

وتدير العملية منظمة "تشيتا فوتورا" بفضل دعم مالي يقدمه إقليم كالبريا الذي يعتبر اكبر مشغل في رياتشي، حيث يعمل 40 شخصا في إطار عملية إدماج اللاجئين.

وتقول كوسيمينا إيرينو التي تعد دورات محو أمية للأهل صباحا وتساعد الأولاد في فروضهم مساء، ان المنطقة "تسمح لكثيريت بمعاودة العمل. فأنا معلمة وكنت عاطلة عن العمل.

حكواتيون أجانب

من جانبها تشهد ألمانيا تحسنا نسبيا في تعاملها مع سكانها ذوي الأصول الأجنبية من خلال إشراكهم في مشاريع تحسن. أحد هذه المشاريع يهدف إلى تعزيز مكانة لغات المهاجرين في رياض الأطفال الألمانية، لمكافحة التهميش الذي تعاني منه هذه الفئات.

ما زالوا يتناولون فطورهم مع باقي أطفال الروضة، لكن ملامح الإثارة والانفعال البادية على وجوههم تميزهم عن غيرهم. سبب انفعال عمر وألف وسناء هو أن اليوم يصادف مجيء فاطمة، فاطمة قردش الحكواتية التركية، التي تزور الروضة الواقعة في حي يقطنه الكثير من الأجانب كل يوم خميس لتروي قصصها باللغة التركية وتعلم الأطفال بعض الألعاب والأغاني التقليدية التي يعرفها أبناء سنهم في موطن أجدادهم.

عند مجيء فاطمة وبعد ترحاب حار من قبل الأطفال، ينزل الأولاد معها إلى الطابق السفلي ويستقرون في غرفة الأشغال اليدوية. الغرفة فسيحة بما فيه الكفاية وتسمح للمجموعة بالانهماك في أشغالها بدون إزعاج الآخرين. تبدأ فاطمة في سرد قصتها وعيون الأطفال متعلقة بوجهها المتفاعل بمهارة مع كلماتها، يرددون نهايات جملها ويردون على أسئلتها الهادفة إلى تحفيزهم على الكلام بالتركية.

بيترليش: "من المهم أن يعيش الأطفال اللغة، أن تدخل في حسهم وشعورهم، لأن اللغة لا تتعاطى فقط. لذلك نعرّض الأطفال إلى اللغة من خلال الألعاب والأغاني والتمثيل". تجاهلت ألمانيا لعقود أنها بلد هجرة، فاستفاقت على واقع المهاجرين الصعب في شتى المجالات. بعد محاولة ساستها لحل المشاكل من خلال فرض حلول ألمانية، ابتداء بمطالبة الأجانب بالمزيد من الاندماج في المجتمع الألماني ووصولاً إلى حظر استعمال لغات المهاجرين في بعض المدارس. لكن بعضهم أنتبه إلى أن الحل الأمثل يكمن في إشراك المهاجرين أنفسهم في مشاريع تحسن أوضاعهم.

أحد هذه المشاريع يحتضن المبادرة التي تنشط فيها الحكواتية فاطمة ويحمل عنوان "جداتنا وأجدادنا يحكون بلغات كثيرة". ويشارك في هذا المشروع عدد من رياض الأطفال تقع غالبيتها في مناطق متفرقة من ولاية شمال الراين ويستفاليا، تشترك في كون نسبة سكانها من المهاجرين مرتفعة. ويضم المشروع عدة لغات من لغات المهاجرين التي لا تحظى باعتبار كبير في المجتمع الألماني، منها التركية والعربية والروسية.

ولقد وجدت فاطمة، وهي أم لأربعة أطفال، في هذا المشروع فرصة مواتية لاستثمار طاقتها وخبرتها التربوية لمساعدة أبناء جاليتها من الأتراك. مساعدة تلقى تقبلاً أكبر من طرف المعنيين لكون المساعد ينتمي إليهم. إضافة إلى ذلك، تستفيد فاطمة شخصياً من المشروع، فهو يحفزها على الاحتكاك بالمجتمع الألماني، مما مكنها من تحسين لغتها الألمانية كثيراً، فضلاً عن نمو ثقتها في نفسها وشعورها بالرضا لمساهمتها في شيء مفيد.

قبل الانضمام إلى المبادرة، شاركت الحكواتية في تدريب مركز للإلمام بمهامها الجديدة، التي تقول عنها فاطمة: "أعلم الأطفال ألعاباً كنت نفسي ألعبها في طفولتي. وقبل الشروع في القراءة، أتأمل معهم الصور الموجودة في الكتاب. وبعد الانتهاء من الرواية، أطلب من كل طفل أن يقص علي صفحة من القصة".

هذا الأسلوب ليس بالعشوائي وإنما يرتكز على منظومة علمية يشرف على تطبيقها في هذا المشروع أكسل بيترليش من "مركز تعدد اللغات والاندماج" المدعوم من قبل مدينة كولونيا وجامعتها. مغزى هذا الأسلوب يشرحه بيترليش قائلاً: "من المهم أن يعيش الأطفال اللغة، أن تدخل في حسهم وشعورهم، لأن اللغة لا تتعاطى فقط. لذلك نعرّض الأطفال إلى اللغة من خلال الألعاب والأغاني والتمثيل".

ويعود الفضل الأكبر في تمكين هذه المبادرة إلى تغير النموذج العلمي  لدى بعض الساسة الألمان المعنيين فيما يخص تعدد اللغات. فبعد إصرارهم لمدة طويلة على ضرورة تعلم اللغة الألمانية على حساب لغة الأم، ظناً منهم أن الاندماج في المجتمع الألماني يقتضي فقدان الهوية واللغة الأصليتين، وصل إلى مسامعهم أن نظريات اللسانيات تقول إن تعلم أي لغة ثانية، وهذا هو حال الألمانية بالنسبة لأبناء المهاجرين، يشترط لغة أم سليمة ومتينة. مما أدى إلى توفير بعض الدعم للمبادرات والمشاريع الرامية إلى تعزيز لغات المهاجرين الأصلية.

المشروع ساهم فعلاً في تحسين قدرات الأطفال اللغوية، حتى الألمانية منها، مما يعزز فرص أبناء المهاجرين في إكمال مشوارهم الدراسي المشروع ساهم فعلاً في تحسين قدرات الأطفال اللغوية، حتى الألمانية منها، مما يعزز فرص أبناء المهاجرين في إكمال مشوارهم الدراسي

مشروع فاطمة يلقى دعماً من قبل جمعية "الأسر ثنائية الجنسية" وحكومة ولاية شمال الراين ويستفاليا، ويهدف إلى منح أبناء المهاجرين ثقة في النفس يفتقدونها في أغلب الأحيان لكون المجتمع الألماني ينظر إليهم على أنهم مشكلات لا غير، كما تقول ناتاشا فروليش، المشرفة على المشروع في مدينة كولونيا: "الأطفال يشعرون بافتخار كبير وهم يرون لغاتهم تحظى بالاهتمام. خاصة وأن هذه اللغات هي لغات ليس لها قيمة في ألمانيا. هدفنا الثاني هو أن يطالب الأطفال أولياءهم بأن يتلوا عليهم قصصاً بدورهم، مما يساهم في ترسيخ المطالعة لدى الفئات المنحدرة من أصول أجنبية ويزيد في مستوى تثقفهم".

من جهته يرى بيترليش في مشروعه مساهمة كبيرة في السلام الاجتماعي واندماج الأجانب: "عندما نلوم الآخرين مراراً وتكراراً ونقول لهم إن هويتهم الثقافية ليست لها قيمة وإن لغاتهم الأصلية مرفوضة في المجتمع الألماني، فمن الطبيعي جداً أن يشعروا بالتهميش". ويلاحظ بيترليش أن المشروع ساهم فعلاً في تحسين قدرات الأطفال اللغوية، حتى الألمانية منها، مما يعزز فرص أبناء المهاجرين في إكمال مشوارهم الدراسي وفي الحصول على وظيفة محترمة في المستقبل.

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 4/آب/2011 - 3/رمضان/1432

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1432هـ  /  1999- 2011م