إصدارات جديدة: تنزه العباد في مدينة بغداد

 

 

 

الكتاب: تنزه العباد في مدينة بغداد

الكاتب: لنابليون الماريني

تحقيق: باسم عبود الياسري

الناشر: دار ضفاف للنشر

عدد الصفحات: 250 صفحة

 

 

 

 

 

شبكة النبأ: صدر في بغداد عن دار ضفاف كتاب "تنزه العباد في مدينة بغداد" لنابليون الماريني، الصادر عام 1887، وهو من تحقيق الدكتور باسم عبود الياسري، وقام بمراجعته وقدم له الدكتور طالب البغدادي، وهو الثاني في سلسلة كتب يهديها الدكتور الياسري لمدينته بغداد، فقد جاء في صفحة الإهداء (الى بغداد... مدينتي التي كلما انتكست، نهضت من جديد، وستنهض يوماً)، وهذا هو الكتاب الثاني له بعد (مزارات بغداد) للأب انستاس ماري الكرملي. يقول د. طالب البغدادي في مقدمته للكتاب " تحقيقه لمخطوط الأب أنستاس ماري الكرملي، الموسومة (مزارات بغداد) أضاف الأستاذ المحقق الدكتور باسم عبود الياسري فناً جديداً التحقيق عند قيامه بترجمة المخطوط المذكور من اللهجة العامية إلى اللغة العربية، و ذلك حقق الدكتور الياسري نقلة فن التحقيق وسابقة ثقافية تسجل له عالم المعرفة، وقد فتح أفقاً جديداً للمحققين الراغبين تحقيق المخطوطات والمؤلفات، إذ أن النجاح الذي حققه الإنجاز المذكور يعطي الدلالة القاطعة على أهمية تطوير القوالب الثقافية التي اعتاد عليها الوسط الثقافي، وجعلها أكثر مرونة من حيث التعاطي الفكري الذي يهدف بالنتيجة إلى تطوير البيئة المعرفية على المستويين العمودي والأفقي. وقد حصل الدكتور الياسري نتيجة ذلك على دعم عدد كبير من الأساتذة المتابعين والمهتمين والمتخصصين لتلك الخطوة التي لا تخلو من الجرأة الأدبية والإقدام الثقافي."

وقد أضاف الدكتور الياسري خطوة جديدة إلى فن التحقيق قد يكون أكثر جرأة وإقداماً تحقيقه لكتاب مطبوع وهو ما يقدمه هنا للقراء، بعنوان (تنزه العباد مدينة بغداد – لنابليون الماريني) ليجتاز بذلك حدود المخطوط إلى المطبوع القديم، مستنداً بذلك على ما يعتقده من أن المحقق يعيد اكتشاف المعرفة وتقديمها وفض سرها أمام القارئ وجعلها مقبولة متناول عدد كبير من القراء بلغة عصرية، واضحة ميسرة من خلال الهوامش دون المساس بالنص.

يقول د. البغدادي: فالكتاب المطبوع قبل أكثر من مائة وعشرين عاما، دون أن تعاد طباعته يحمل من المعرفة ما لا يقل أهمية عن تلك التي تحملها المخطوطات. إن إعادة اكتشاف المعرفة تتطلب تحديث مفرداتها عن طريق التعريف والشرح التي باتت غامضة أو مجهولة بالنسبة للأجيال الجديدة من القراء، وبعض هذه المطبوعات تتسم بالندرة حتى وإن كانت مركونة رفوف بعض المكتبات العامة أو الخاصة، وندرتها هذه لا تقل بل تزيد أحياناً عن ندرة كثير من المخطوطات، إذ أن محدودية تقنية الطبع والنشر تلك الفترة، لا تسمح للمطبوع إلا أن يكون بنسخ قليلة، قد تفنى أو تندثر بمرور فترات زمنية على صدورها، مما يعني النتيجة ضياع المضمون المعر عن القارئ المعاصر، وغياب تأثير ذلك المضمون إغناء المعرفة المستمرة التي تشكل الواقع عماد الثقافة.

وعن عمله يقول المحقق (إن هذا الكتاب وإن لم يكن مخطوطاً، لكن اختفاءه من المكتبات العامة وربما الخاصة، وحاجة القارئ المعاصر إلى معرفة الكثير من تفاصيله التي جعلها بعد الزمن مجهولة للكثيرين، جعلنا نقوم بما يشبه التحقيق. إن الفرق بين تحقيق المخطوط وهذا العمل، أن المحقق يبذل جهداً فك خط الكاتب الغالب، بينما هذا الكتاب لا يحتاج إلى ذلك إلا لماماً، وما عداه فهو يشترك مع الكتاب المحقق من حيث الشروح والتعريفات والإحالات التي ضمها الكتاب).

ويقول المحقق: يستمد هذا الكتاب قيمته التاريخية من قدم تأليفه النسبي، وقلة المؤلفات لتلك الفترة، ويشير المؤلف إلى أن مادة كتابه جمعها من الاستانستيق التركي، وهو جدول الوقائع. ما إن عثرت على هذا الكتاب وقد أصابه التلف بعض أجزائه دون أن تؤثر على قراءته، حتى تحمست إلى إعادة طباعته ولكن مع تحقيق له، فهذا الكتاب الذي وضعه مؤلفه ليكون كتابا منهجيا لمدارس بغداد، جاء تأليفه علميا فكان دقيقا ما ورد فيه من معلومات وبيانات اجتهد جمعها وتقديمها إلى القارئ.

يقع الكتاب ٨١ صفحة، وطبع بالمطابع القديمة، فجاء خطه أقرب الى خط يدوي جميل، كل صفحة ٢٠ سطراً، ويحتوي كل سطر على ٨ كلمات، بعض حروفه مطموسة، وهناك بعض الأغلاط والكلمات غير المفهومة، وقد أشرنا إليها وهي قليلة. يبدأ المؤلف كتابه بالديباجة، ثم بأسلوب تتضح فيه ثقافته المسيحية"بسم الله الأبدي الحي السرمدي"، لكنه ينهيها مثل أي مؤلف آخر، متأثرا بالثقافة الإسلامية الطاغية آنذاك، فيقول: "هذا وإني أرتجي عن رصفائي الكرام أن يتجاوزوا عما يرونه الناس خطأ أدى إليه الوهم، أو قصر عنه الفهم. وأن يقابلوا بالعفو، ما يرون من السهو، لأن العصمة لله وحده، وهو حسبي وإليه أنيب." وكذا الحال خاتمة الكتاب حيث يقول: "قال منشئ هذه النبذة الفقير إلى عفوه تعالي نابليون بن ميخائيل بن يوسف بن الماريني: هذا ما رغبت نفسي تعليقه هذه النبذة، وتاقت إليه الدارسون هذه البلدة، وكان الفراغ من طبعها٢٠ تشرين الأول سنة ١٨٨٧ مسيحية.وبالله التوفيق والكمال ذي القدرة والجلال، لقد جاء الكتاب بقسمين غير متساويين، ضم القسم الأول: بناء بغداد وتسميتها والعوارض التي وقعت عليها، وهو القسم الأقل عدد الصفحات، وهو المتعلق باسم بغداد وموقعها والخلفاء الذين تعاقبوا عليه. أما القسم الثاني: فهو القسم الأوسع وقد ضم معلومات كثيرة تجارة بغداد ومعاملها ومصنوعاتها، ودار الكتب العمومية فيها، وتحدث عن مدارسها وأشهر معلميها، وعرج على معابدها ومقابرها وغيرها مما يتعلق بالحياة العامة فيها. ثم اختتم القسم الثاني بما قيل فيها من أشعار من مدح وغيره.

ويشير المحقق الى قيمة المواطنة حين يقول هنا لابد من الإشارة إلى أهمية ارتباط المرء بوطنه، وعندي أن الوطنية قبل كل اعتبار، وإذا كان بعض الناس ينتقص من ولاء غير المسلمين لأوطانهم فإننا نجد غير ذلك، من خلال عدد كبير منهم ممن خدموا لغة القرآن باعتبارها اللغة الوطنية لعل أشهرهم الأب انستاس ماري الكرملي، كوركيس عواد، وميخائيل عواد، وبطرس البستاني، وناصيف اليازجي ومارون عبود وغيرهم كثيرون. وهذا ما يشير إليه المؤلف ديباجته "أخذتني الغيرة العربية وهزتني المحبة الوطنية" فالمواطنة شعور يطغى على كل شئ ويوحد أبناء البلد الواحد، وينبغي أن لا يقذف من غير المسلمين بنقص الوطنية، وإذا كان بعضهم كذلك، فهم بشر مثل غيرهم.

يقع الكتاب في حدود 250 صفحة معززا بصور قديمة لبغداد، وقد صدر عن دار ضفاف للنشر التي تعود للمحقق نفسه.، ويسعى من خلالها الى نشر التراث العربي، وتقديم الإبداع العراقي الى العالم.

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 23/تموز/2011 - 21/شعبان/1432

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1432هـ  /  1999- 2011م