مكافحة التدخين... من النصائح إلى التجريم

باسم حسين الزيدي

شبكة النبأ: تتنوع الحروب التي يخوضها الانسان ضد خصومه وتختلف تسمياتها بحسب طبيعته، فبين الحرب على الارهاب والفساد والادمان والجريمة، تبرز حرب من نوع اخر، ضد عدو عنيد بطول بضع سانتمترات يحوي على مواد فتاكة امثال النيكوتين والقطران مع اكثر من اربعة الاف مادة سمية تسبب العديد من الاضرار القاتلة للأنسان من خلال تأثيرها المباشر على الجهاز التنفسي والقلب والشريان فضلاً عن السرطانات والاورام الخبيثة في نواحي عديدة من جسمه.

من ناحية اخرى فان "السيجارة" وعادة التدخين لايقتصر تأثيرها المدمر على المدخنين فحسب، بل يمتد على من لم يدخنوا ولو مرة واحدة في حياتهم، حيث اشارة الدراسات الحديثة ان الملايين يفقدون حياتهم حول العالم بسبب مايعرف "التدخين السلبي" حيث يجتمعون مع المدخنين في مكان واحد "مغلق" بسبب العمل او داخل الاسرة او السيارة ويتنشقون دخانهم، كما ويمتد الاثر السلبي حتى الى الجنين في بطن الام المدخنة.

ضحايا التدخين في العراق

فقد تقدم عدد من أعضاء البرلمان العراقي باقتراح قانون جديد لمكافحة التدخين، يقضي بمنع التدخين في الأماكن العامة، وهو الاقتراح الذي آثار كثيراً من الجدل حول مدى أهمية مثل هذا القانون في دولة أصبح صوت التفجيرات والرصاص الحي من الأمور المعتادة فيه، ويعتقد بعض العراقيين، خاصةً بين المدخنين، أن جهود البرلمان لسن تشريع لمكافحة التدخين، هي مضيعة للوقت، على اعتبار أن هناك مسائل أكثر أهمية من التدخين، بحسب رأيهم، الشاب العراقي أبو علي، البالغ من العمر 37 عاماً، والذي كان يدخن الأرجيلة بصحبة أصدقائه، في إحدى مقاهي وسط العاصمة بغداد، حين سؤل عن رأيه في هذا القانون، أجاب، "إن تدخين سيجارة هو أسهل ما يمكن فعله في العراق"، وقال أبو علي "من الصعب تفعيل مثل هذا القانون في العراق، فنحن لسنا مثل الشعوب الأمريكية أو الأوربية المرفهة، فبالنسبة لهم جميع القضايا الرئيسية محسومة، وبلادهم تنعم بالاستقرار"، وأشار الشاب العراقي إلى أن معظم أبناء بلده لديهم أموراً أخرى أكثر أهميته. بحسب السي ان ان.

واضاف، "يجب النظر إليها قبل قضية التدخين، حيث يسقط آلاف الضحايا نتيجة الحروب والأعمال الإرهابية التي تحدث يومياً، أما التدخين فلا يشكل مثل هذه الخطورة"، على حد قوله، وبدأ البرلمان العراقي مؤخراً نظر مشروع قانون لمكافحة التدخين، قدمه النائب جواد البازوني، عضو اللجنة الصحية، والذي لم يتوقع أن يثير اقتراحه هذا الجدل الكبير بين المشرعين، لكونه يتعلق بقضية صحية تبدو وكأنها تحظى باتفاق الغالبية عليه، وقال البازوني "إن قضية التدخين هامة جداً، وليست فرعية كما يظن البعض، فعدد ضحايا التدخين، يفوق عدد ضحايا الحروب والعمليات الإرهابية بالعراق"، من دون الإشارة إلى الأعداد الرسمية للضحاي، ويُذكر أن قانون مكافحة التدخين في الغرب، يقضي بمنع التدخين في المناطق العامة، ويجبر الشركات المصنعة والموزعة للسجائر على طباعة جملة "التدخين ضار جداً بالصحة" على علب السجائر، ويمنع إعلانات السجائر في وسائل الإعلام المختلفة، وهذا الأمر من الصعب تطبيقه، في بلد لا تتجاوز تكلفة علبة السجائر فيها 33 سنتاً أمريكياً، فالعراق تحتوي أعلى معدل مدخنين في الشرق الأوسط.

اقرار سياسة مقززة

من جانبها كشفت إدارة الغذاء والدواء الأمريكية مؤخراً عن تسعة رسوم تحذيرية توضيحية "بشعة" و"مقززة" سيتم وضعها على علب السجائر كتحذير للمدخنين حول أضرار التدخين، وتهدف إدارة الغذاء والدواء الأمريكية من هذه الرسوم أن تكون جزءاً من حملة في سعيها لممارسة سلطة أكبر على التدخين ومنتجاته، وستحمل علب السجائر لوناً محدداً إلى جانب الصور "المقززة" إضافة إلى تحذير يحمل واحدة من عدة عبارة  مثل "التدخين إدمان" و"تدخين السجائر يمكن أن يلحق الضرر بأطفالك" و"التدخين يقتلك" و"التدخين يسبب السرطان" و"التدخين يتسبب بمرض الرئة القاتل" و"التدخين يسبب الذبحات الصدرية وأمراض القلب" و"التدخين أثناء الحمل يلحق الأذى بالجنين" و"التدخين يسبب أمراض الرئة لغير المدخنين" و"الإقلاع عن التدخين الآن يقلل الأخطار الصحية التي قد تصيبك"وستكون التحذيرات على الجزء الأعلى من علبة السجائر، وعلى الجهتين الأمامية والخلفية منها، بحيث تغطي 50 في المائة من العلبة، في حين يغطي التحذيران مساحة 20 في المائة من إعلانات السجائر، وكذلك سيتضمن لاتحذير رقماً هاتفياً يستطيع المدخنون الاتصال به للحصول على المساعدة من أجل الإقلاع عن عادة التدخين السيئة. بحسب السي ان ان.

يشار إلى أن بريطانيا كانت قد بدأت في أكتوبر/تشرين الأول عام 2008 حملة جديدة ضد التدخين وتمثلت في نشر رسوم وصور تحذيرية على علب السجائر حول الآثار المدمرة للتدخين على الصحة، وذلك كجزء من المبادرة الحكومية للحيلولة دون انتشار التدخين بصورة أكبر بين المواطنين، وتضمن التحذير آنذاك صوراً لورم أحمر ظهر على رقبة رجل، وأخرى لرئة تالفة لمدخن باللونين البني والأصفر، وسيجارة "مترهلة" في إشارة إلى تأثير التدخين على العجز الجنسي، وكانت الحكومة البريطانية قدمت في العام 2007 تشريعات وقوانين تطالب الشركات المصنعة للسجائر بأن تبدأ بإصدار تحذيرات ضد التدخين على علب السجائر، وحلت الصور التحذيرية محل التحذيرات المطبوعة التي تحذر المدخنين بعبارات مقتضبة من مخاطر التدخين، وقالت وزارة الصحة البريطانية إن التحذير المطبوع، الذي يتضمن عبارة مختزلة مفادها أن "التدخين يقتل"، مثلت نجاحاً كبيراً، ما حفز أكثر من 90 ألف مواطن على الاتصال بهاتف المساعدة على وقف التدخين، وذلك خلال السنوات الخمس الماضية.

مكافحة التدخين

من جهة اخرى كشفت الحكومة الاسترالية عن خطط لاتخاذ بعض من أقسى قوانين العالم لمكافحة التدخين قائلة انها ستجبر شركات التبغ الكبيرة على استخدام علب خضراء قبيحة لتعبئة السجائر برغم تهديد القائمين على صناعة التبغ باتخاذ اجراء قانوني حيال هذا الامر، وقالت وزيرة الصحة نيكولا روكسون ان مشروعات القوانين التي ستقدم قريبا الى البرلمان ستساعد اذا ما تمت الموافقة عليها في خفض الالاف من الوفيات المرتبطة بالتدخين كل عام والتي تكلف الاقتصاد المحلي 31.5 مليار دولار استرالي "32.9 مليار دولار"، وقالت روكسون للصحفيين "هذا التشريع الخاص بالتعبئة يضع العالم في المقام الأول ويبعث برسالة واضحة مفادها ان البهجة انتهت، عبوات السجائر ستظهر الان الموت والمرض الذي يمكن ان يتسبب فيه التدخين"، وحقق سوق التبغ الاسترالي عائدات اجمالية قيمتها 9.98 مليار دولار استرالي في عام 2009 مقارنة مع 8.3 مليار دولار استرالي في العام السابق مع ان التدخين تراجع بشكل عام، وتباع نحو 22 مليار سيجارة في استراليا سنوي، وتقول السلطات الصحية في البلاد ان الامراض المتعلقة بالتدخين تقتل أكثر من 15 الف استرالي سنويا وان التدخين هو ابرز متسبب في المرض والوفاة يمكن منعه، ولم تقرر المعارضون المحافظون بعد اذا كانوا سيدعمون التشريع مما يعني ان حكومة الأقلية العمالية ربما تضطر الى اقناع المشرعين المستقلين والمنتمين لحزب الخضر بدعمه، وقالت شركة بريتش امريكان توباكو استراليا التي من بين منتجاتها سجائر وينفيلد ودانهيل وبينسون اند هيدجس ان خطط الحكومة ستنتهك القوانين الدولية للعلامات التجارية وحقوق الملكية الفكرية، وتبحث نيوزيلندا وكندا والاتحاد الاوروبي وبريطانيا اصدار قوانين مماثلة وتراقب الحكومات في هذه الدول تجربة استراليا عن كثب لمعرفة ما اذا كانت ستنجح. بحسب رويترز.

بينما قطعت حكومة نيوزيلندا عهدا على نفسها مؤخراً بالعمل على ان تصبح البلاد خالية من التدخين خلال 14 عاما من الان، هناك واحد من بين كل كل اربعة بالغين في نيوزيلندا يدخن السجائر، وقال القائمون على حملات مناهضة التدخين إنهم لا يتصورون صدور قرار بحظر التدخين أو تجريمه، ولكن المستهدف هو خلق مناخ يساعد على انقراض هذه العادة واقعي، كما أشادت تاريانا توريا مساعدة وزير الصحة، وهي تنتمي لطائفة الموراي العرقية للسكان الاصليين، وهي عرقية تعد الاكثر استهلاكا للتبغ في البلاد بإعلان الحكومة بوصفه يمثل لحظة تاريخية في الحرب ضد التبغ الذي يعد "شبح الموت والمرض حيث عانت منه تقريبا جميع الاسر في نيوزيلندا"، وأضافت "علينا تأكيد هويتنا كشعب وأن نحدد لانفسنا الدور الذي يلعبه التبغ في حياة هذه البلاد، فهذا أمر لن نتركه في أيدي صناعة التبغ"، ويذكر أنه بحسب بيانات وزارة الصحة النيوزيلندية تبلغ نسبة التدخين بين طائفة الموراي 45 في المئة وقاد نواب هذه الطائفة في البرلمان حملة ضد التبغ ودعوا إلى تحركات بهدف التوصل الى اعلان البلاد خالية من التدخين بحلول 2025 وذلك بعد القيام بتحقيق شامل حول هذه الظاهرة العام الماضي، ورغم أن حكومة يمين الوسط برئاسة جون كي اعتمدت هذا الهدف، إلا أن كي قال علنا إنه سيكون "من الصعب للغاية" تنفيذه، واوضح رئيس الوزراء ان سياسة حكومته تتمثل في مواصلة زيادة أسعار السجائر والتبغ حيث ثبت أن ذلك يمثل عامل ردع لمن تتراوح أعمارهم بين 15 و19 عاما وهم الذين يمثلون الفئة الاكبر بين أوساط المدخنين.

ومازال المراهقون يمثلون الشريحة الاكبر في استهلاك التبغ، وبصفة خاصة هؤلاء الذين ينتمون للموراي التي تمثل نحو 15 في المئة من تعداد سكان البلاد وذلك رغم التعديلات القانونية التي استهدفت فرض قيود على التدخين الذي يودي بحياة 5 آلاف نيوزيلندي سنويا، بحسب المسئولين، وجرى حظر التدخين في كافة اماكن العمل والمقاهي والحانات والمطاعم في كانون أول /ديسمبر 2004، وقبل ثلاثة أعوام تم إلزام شركات صناعة السجائر بوضع رسومات على علب السجائر توضح الامراض التي يسببها التدخين، بل أكثر من ذلك، أعلنت الحكومة أنها ستمنع المحال قانونا من عرض السجائر والتبغ في وقت لاحق من العام الحالي واجبار تلك المحال على وضع هذه المنتجات في مكان غير ظاهر، وأوضحت توريا "لا يزال هناك الكثير الذي يجب القيام به، لكنني أصبحت واثقة أكثر من أي وقت مضى من قدرتنا على بلوغ الهدف وهو جعل نيوزيلندا بلد خال من التدخين"، وقال دالتون كيلي، رئيس جمعية مكافحة السرطان، "في وسع نيوزيلندا أن تقود العالم من خلال الالتزام بجعل البلاد خالية من التدخين بحلول 2025، لكن هناك شكوكا حول ما نعنيه على وجه الدقة بعبارة "خالية من التدخين".

التدخين ممنوع

في السياق ذاته وقع عمدة ولاية نيويورك مايكل بلومبرغ على قانون يحظر التدخين في الكثير من الأماكن العامة وخصوصاً المنتزهات والشواطئ، وأفاد ان القانون الجديد الذي وقعه بلومبرغ سيجعل من التدخين أمراً غير قانوني في 1700 منتزه وعلى طول شواطئ مدينة نيويورك، كما سيمنع المدخنون من إشعال سجائر في الأماكن المخصصة للمشاة في "تايمز سكوير"، ويرمي القانون، الذي صادق مجلس المدينة عليه في وقت سابق من هذا الشهر، إلى التخفيف من تأثير التدخين على غير المدخنين، إلى جانب تقليل النفايات، وقال بلومبرغ قبل التوقيع ان "التدخين على الشواطئ وفي المنتزهات لا يؤذي الناس الذين يحاولون الاستمتاع في هذه الأماكن المخصصة للترفيه بل يتسبب بمشكلة النفايات التي تؤذي جمال منتزهاتنا"، وانضمت نيويورك الآن إلى لوس أنجلس وشيكاغو وسان فرانسيسكو وسالت لايك سيتي ويوتا التي سبق ومنعت التدخين في منتزهاته، وتطبق إدارة المنتزهات حظر التدخين، الذي يسري مفعوله بعد 90 يوماً، وتفرض على المنتهكين غرامة تقدر بـ50 دولارا". بحسب يونايتد برس.

كما قررت الحكومة البريطانية فرض حظر على عرض السجائر في المتاجر بموجب قوانين مشددة جديدة، وذكرت شبكة "سكاي نيوز" البريطانية ان منتجات التبغ ستبقى بموجب القواعد الجديدة تحت طاولة البيع في المتاجر الكبرى بدءاً من أبريل/نيسان 2012 وفي جميع المتاجر بدءاً من أبريل/نيسان 2015، وهذه الخطوة ستجعل بريطانيا أول بلد أوروبي يفرض مثل هذه القيود على منتجات معينة، وقال وزير الصحة أندرو لانسلي ان "طموحي هو تخفيف معدلات التدخين في السنوات الخمس المقبلة أسرع مما حصل في السنوات الخمس الماضية"، وأضاف "نريد أن نفعل كل شيء لمساعدة الناس على وقف التدخين والشباب على عدم التدخين من الأساس".

الأفلام تغري المدخنين

على صعيد اخر لا شك أن مشاهدة شخص ما يدخن تُعد من أكثر الأمور التي تغري المدخنين لأن يقوموا هم أيضاً بإشعال سيجارة، وقد شغل هذا الأمر كثيراً من العلماء الذين سعوا للبحث عن تفسير علمي لهذه الظاهرة، وبالفعل تمكن فريق من العلماء من التوصل إلى إدراك ما يمكن أن يدور في مخ المدخنين عند التعرض لمثل هذه الأمور، بشكل أكثر فهماً، لتفسير مدى الرغبة والإصرار لديهم لممارسة التدخين، عند تعرضهم لمثل هذه المثيرات الظرفية، ووجدت دراسة علمية حديثة، نُشرت في مجلة "نيروساينس" مؤخراً، أن مشاهدة شخص ما يقوم بالتدخين في أحد الأفلام، تعمل على تنشيط الخلايا التي تتحكم في الرغبة بالتدخين لدى الأشخاص المدخنين، وفي تفسيره لهذا السلوك، قال ديلان واغنر، مُعد الدراسة والباحث في كلية "دارتموث" الأمريكية "هذا يمثل أحد العوامل المحتملة التي قد تدفع الشخص إلى الانخراط في التدخين، أو التوقف عن التدخين"، واعتمدت الدراسة على نتائج تجربة قام بها الباحثون، بمشاركة 34 شخصاً، نصفهم من المدخنين والنصف الآخر من غير المدخنين، حيث عرضوا عليهم مشاهد من فيلم "Matchstick Men"، والذي يقوم أبطاله بالتدخين في العديد من مشاهد الفيلم، ورغم أن الدراسة أشارت إلى صغر عدد المشاركين في التجربة، إلا أنها أكدت أن هذا العدد كان ذا مغزى في دراسة "مسح المخ"، لمعرفة ما يدور في أذهان هؤلاء، أثناء مشاهدتهم للفيلم.

وخضع هؤلاء لمسح بأجهزة الرنين المغناطيسي لوظائف المخ، لمعرفة أي أجزاء تنشط في المخ بشكل أكبر، أثناء مشاهدة أشخاص يقومون بالتدخين على الشاشة، وكغيرها من التجارب السابقة، وجدت هذه التجربة أن هناك علاقة بين السلوك والنظام المكافئ للمخ، إلا أن التجربة الأخيرة كشفت أيضاً أن مناطق المخ، التي تتحكم في التخطيط، والمراقبة، وإصدار الأوامر لحركات اليدين، لها دور في هذه الممارسات، وبحسب واغنر، فإن الخطوة التالية من الدراسة ستسعى إلى معرفة ما إذا كانت هناك علاقة بين مشاهد التدخين في الأفلام، وزيادة معدل التدخين لدى الأشخاص المدخنين، بعد مشاهدة تلك الأفلام، وتابع قائل، "يجب أن يعلم المدخنون أن هذا التأثير المحتمل قد يدفعهم إلى زيادة رغبتهم في التدخين"، ويأتي الإعلان عن نتائج هذه الدراسة بعد أيام على دراسة أخرى، أظهرت أن كثرة تعرض المراهقين لدعايات إعلانية عن السجائر، قد تدفعهم نحو التدخين، وتورطهم في هذه العادة المضرة بالصحة، التي تفتك بخمسة ملايين شخص سنوياً حول العالم.

نصائح ذهبية

من جانبهم فان «غالبية المدخنين يرغبون فعلياً في الإقلاع عن التدخين، لكن لا يتسنى للكثيرين منهم تحقيق ذلك، لأن البيئة المحيطة بهم في كل مكان تشجعهم على التدخين»، هكذا يرى البروفيسور شتيفان أندرياس، أخصائي طب الرئة بمستشفى الرئة التخصصي «إمينهاوزن» بالقرب من مدينة كاسيل الألمانية، وحسب أندرياس يتوقف نجاح الإقلاع عن التدخين في المقام الأول على كيفية بدء الطريق نحو آخر سيجارة، إذ يقدم خبراء الصحة نصائح ذهبية للمدخنين الراغبين في وضع أقدامهم على طريق الإقلاع عن التدخين، منه، بدء الإقلاع عن التدخين بشكل منظم، للتخلص من التدخين بشكل دائم ينصح شتيفان أندرياس ببدء طريق الإقلاع عن التدخين بشكل منظم،  ونصيحته للمدخنين هي لا تقلع عن التدخين على الفور، وبالإضافة إلى ذلك ينبغي على الراغبين في التوقف عن التدخين إشراك المحيط الاجتماعي في هذا العزم، حيث يقول «الأشخاص المحيطون بالمدخن يجب أيضاً أن يعلموا بهذا العزم، كما ينبغي عليهم دعمه ومساندته»، فإذا كان الأقارب والأصدقاء على علم بذلك، فسيحرصون على ألا يقدموا للمدخن سجائر ليدخنه، وأوضح أن التخطيط للإقلاع عن التدخين يتضمن أيضاً إعادة النظر في العادات الشخصية الحالية التي يسلكها المرء، فعلى سبيل المثال قد يكون من المفيد في مرحلة التخلص من عادة التدخين السيئة التوقف عن الذهاب إلى المقاهي المعتادة، فبذلك لن يتم إغواء المرء مجدداً بتدخين سيجارة وسط صحبة من المدخنين، ويؤكد البروفيسور أندرياس على ضرورة أن يمعن المدخنون التفكير مسبقاً في كيفية التعامل مع الانتكاسات على وجه الخصوص، فتدخينهم سيجارة واحدة مجدداً يجب ألا يعني حتماً نهاية مساعيهم الحثيثة للإقلاع عن التدخين. بحسب وكالة الانباء الالمانية.

وينصح المركز الاتحادي للتوعية الصحية بمدينة كولونيا غرب ألمانيا، في حال اكتمال الاستعدادات، بأن يحدد المدخنون موعداً زمنياً لبدء الإقلاع عن التدخين، وفي أيامهم الأخيرة كمدخنين ينبغي على الراغبين في الإقلاع عن التدخين الخروج من المنزل من دون أن تكون علبة السجائر معهم. وفي عشية آخر أيام التدخين يجب التخلص من كل أدوات التدخين مثل السجائر ومنفضة السجائر والولاعة، وينبغي على من ربط نفسه بمواقف تدخين مميزة، البحث عن بدائل تغنيه عن السيجارة، ومن أمثلة هذه البدائل ينصح بممارسة تدريبات الاسترخاء بدلاً من التدخين في مواقف التوتر والشد العصبي، ويمكن القضاء على عادة تدخين سيجارة مع تناول قدح من القهوة من خلال التحول في بادئ الأمر إلى احتساء الشاي بدلاً من القهوة، ومن اعتاد دائماً على أن يُشعل سيجارة فور الاستيقاظ من النوم مباشرة، ينبغي عليه إبعاد علبة السجائر عن الكومودينو ويستبدلها بكوب من الماء، وبعد بدء الإقلاع عن التدخين يكون من المفيد غسل جميع قطع الملابس للتخلص من رائحة الدخان العالقة به، وبالإضافة إلى ذلك ينصح بتنظيف الأسنان وتلميعها لدى طبيب الأسنان، وفي بعض الحالات يمكن أن تدعم الأدوية عملية الإقلاع عن التدخين، وبحسب البروفيسور أندرياس يكون من المفيد استخدام لصقة أو علكة أو مضادات النيكوتين على سبيل المثال مع المرضى الذين يعانون من مرض بالرئة، فبفضل العلاج ببدائل النيكوتين يكون من الأسهل عليهم التخلص من المادة التي تعتبر مادة إدمان شديدة، ويشير أندرياس إلى أن ضرر النيكوتين ليس بقدر الضرر الناجم عن دخان التبغ الذي يعتبر خطراً بالغاً على الصحة ويزيد من متاعب المرضى، واللياقة البدنية بعد الإقلاع عن التدخين بفضل المشي العادي أو المشي السريع أو ركوب الدراجات أو السباحة يمكنها أن تسهم في زيادة قدرة التحمل والجلد لدى المدخن بعد الإقلاع عن التدخين، فمن يتمتع باللياقة البدنية وبصحة جيدة، يقل لديه بناءً على ذلك الاحتياج إلى التدخين.

المدخنات والامراض القلبية

من جانب اخر أفادت إحدى الدراسات الطبية أن النساء اللواتي يدخن حاليا أو اللواتي لديهن ماضي مع التدخين يكن عرضة أكثر للإصابة بمرض الشريان المحيطي PAD، وإن التوقف عن التدخين من شأنه أن يقلل بشكل ملحوظ من مخاطر هذا المرض لكنه لا يزيلها بشكل نهائي، وبينت الدراسة، التي نشرت نتائجها في حوليات الطب الباطني وتم عرضها في اجتماع العام الماضي للجمعية الأوروبية لأمراض القلب، بأن مرض الشريان المحيطي يحث عندما تتراكم الترسبات الدهنيه على الجدران الداخلية للشريان في الساقين والحوض وتسد بذلك تدفق الدم بالمعدل الطبيعي، ومن بين الأعراض المصاحبة لذلك الشعور بالألم والتشنجات والإعياء والإحساس بالثقل في الساقين والأرداف عند القيام بأي نشاط إضافة إلى صعوبة معالجة حالات ضغط الدم بشكل مفاجئ، وبحسب جمعية القلب الأمريكية فإن هناك حوالي 8 ملايين أمريكي مصابون بهذا المرض وإن هذا المرض يصبح أكثر شيوعا مع التقدم بالسن، وإذا بقي المرض دون معالجة فإنه يمكن أن يتسبب في وقف تدفق الدم إلى أعضاء أخرى حساسة من الجسم بما فيها الكلى والقلب والدماغ، كما أن مرضى الشريان المحيطي يكونون عرضة أكثر لمخاطر الإصابة بالسكتة الدماغية أو النوبة القلبية، وعند مباشرة العمل بالدراسة تبين أن النساء اللواتي يدخن 15 سيجارة أو أكثر في اليوم يكن عرضة للإصابة بهذا المرض بمعدل عشرة أضعاف أكثر من غير المدخنات، كما أن النساء اللواتي لم يدخن على الإطلاق كانت حالات الإصابة لديهن قليلة جدا. بحسب السي ان ان.

وفي الوقت الذي ثبت فيه أن المدخنات السابقات قلت خطورة إصابتهن بالمرض  خاصة مع مرور الوقت، فقد تبين للمشرفين على الدراسة أن النساء اللواتي أقلعن عن التدخين قبل أكثر من 20 عاما لا تزال هناك خطورة إصابتهن بالمرض بنسبة أكبر من النساء اللواتي لم يدخن على  الإطلاق، ورغم أن هناك دراسات أخرى أظهرت العلاقة بين  التدخين والإصابة بمرض الشريان المحيطي، فقد وجد القائمون على الدراسة، وهم مجموعة باحثين في عدد من المستشفيات من بينها  المستشفى الجامعي في مدينة بازل بسويسرا ومستشفى النساء في بريغهام وكلية الطب في هارفارد وكلية هارفارد للصحة العامة، أن المعلومات المتوفرة لديهم تؤكد وجود ارتباط أقوى من أي وقت بين التدخين وهذا المرض، وشملت الدراسة ما يقارب 40 ألف امرأة مسجلات لدى دائرة الصحة النسائية في أمريكا وكان يتعين على هؤلاء النسوة أن يملأن استمارة صحية مرتين خلال السنة الأولى من الدراسة التي بدأ العمل بها عام 1993 ثم بعد ذلك تعبئة الاستمارة مرة واحدة لمدة حوالي 13 سنة من عمر الدراسة، ومن بين الأسئلة المطروحة في الدراسة فيما إذا واجهت المرأة أعراض المرض في السابق أو أنها خضعت لإجراء طبي لفتح الشرايين وهو ما يشير إلى وجود هذا المرض، وكان بإمكان الباحثين التأكد من إصابة المرأة بالمرض من خلال مقابلتها واستعراض سجلها الطبي، وينصح الباحثون الأشخاص المصابين بهذا المرض أن بإمكانهم إتباع نمط حياة وتناول علاج مناسب لإبطاء حدة المرض أو حتى التخلص منه، مثل، الإقلاع عن التدخين من شأنه أن يقلل نسبة خطورة الإصابة بالمرض أو التعرض للسكتة الدماغية والنوبة القلبية، تناول الغذاء الصحي والأطعمة التي تحتوي على القليل من الكولسترول مسألة مهمة لأن ارتفاع معدل الكولسترول في الجسم يرتبط كثيرا بهذا المرض، وهناك أيضا ممارسة التمارين الرياضية وهي في غاية الأهمية لتقليل خطر الإصابة بالمرض.

الإصابة بسرطان الثدي

في سياق متصل أفادت دراسة علمية حديثة أن النساء اللواتي يدخّن تزداد لديهم خطر الإصابة بسرطان الثدي، خصوصا إذا بدأن التدخين في سن مبكرة، ويزداد خطر الإصابة بالمرض بين المدخنات الشرهات، وتصل إلى 28 في المائة بين من يدخن علبة سجائر يومياً على مدى 30 عاماً، وتنخفض إلى 6 في المائة بين المواظبات على التدخين مقارنة بالنساء اللائي لم يسبق لهن التدخين، وقالت كارين ميشيل، أستاذ علم الأوبئة السرطانية وأمراض النساء، والمؤلف الرئيسي للدراسة، "لن نضع التدخين على قائمة عوامل الخطر الهامة، ولكن عندما ننظر إلى مجموعة فرعية من المدخنين الشرهين الذين يبدأون التدخين في سن مبكر ولفترة طويلة، فالأمر عندها أكثر خطورة"، ويشار إلى أن دراسة سابقة أجريت للربط بين التدخين وسرطان الثدي جاءت نتائجها مختلطة، فقد وجد بعضها أن التدخين يزيد من خطر الإصابة به، ولم تجد أخرى أي  تأثير له، وذهب البعض إلى ربط التدخين بتقليل خطر الإصابة بسرطان الثدي، ففي حين أن دخان السجائر مادة مسرطنة قوية، فالتدخين يقلل أيضا مستويات هرمون الأستروجين، وأحد الأسباب الأساسية وراء سرطان الثدي. بحسب السي ان ان.

وفي الدراسة، التي نشرت في "أرشيف الطب الباطني" وأوردتها مجلة الصحة، قام الباحثون في بيانات تعود لثلاثين عاماً لأكثر من 110 آلاف امرأة شاركن في دراسة صحية، وأصيبت خلال تلك الفترة 8227 مشاركة بسرطان الثدي، وقالت جوان موريتايمر، مدير برنامج سرطان المرأة في مركز مدينة الأمل للسرطان في كاليفورني، "ليس من المستغرب أن الخطر كان منخفضا جدا لأن سرطان الثدي توجهه عوامل هرمونية"، وأضافت، "خطر سرطان الثدي ويكمن في الفترة الانتقالية للهرمون بين الفترة التي تسبق سن اليأس وبلوغه، حيث تحدث الكثير من التغييرات في وظائف الهرمون"، ووجدت الدراسة أن التدخين عقب بلوغ سن اليأس يخفض خطر الإصابة بسرطان الثدي مقارنة بغير المدخنات، وفي مايو/أيار الماضي، أطلقت منظمة الصحة العالمية حملة لمكافحة أنشطة تسويق التبغ التي تستهدف النساء والفتيات، وتُعد المرأة هدفاً رئيسياً لدوائر صناعة التبغ التي تحتاج إلى ضم مدخنين جدد لتعويض نصف المدخنين الحاليين الذين سيموتون قبل الأوان من جراء الإصابة بالأمراض التي يتسبب فيها تعاطي التبغ، علماً أن تعاطي التبغ قد  يتسبب في وفاة مليار شخص خلال هذا القرن.

التدخين السلبي

من جهتها أظهرت دراسة دولية حديثة أن واحد في المائة من سكان العالم، يلقون حتفهم سنوياً نتيجة تعرضهم للتدخين السلبي، وأكدت أن ما يقرب من ثلثي الوفيات الناجمة عن هذه الظاهرة، يكون ضحاياها من الأطفال، وبحسب تقديرات منظمة الصحة العالمية WHO، فإن أكثر من مليار شخص بمختلف أنحاء العالم يمارسون عادة التدخين، كما أن حوالي خمسة ملايين يموتون سنوياً نتيجة إصابتهم بأمراض تتعلق بـ"التبغ"، وهو ما يعني أن شخص واحد يموت كل ست ثواني، ولكن التقديرات الخاصة بالضحايا الذين قد يفقدون حياتهم نتيجة التدخين السلبي لم تكن واضحة بالشكل الكافي خلال الفترة الماضية، مما دفع الباحثين إلى إجراء مزيد من البحث لاكتشاف أبعاد هذه المشكلة، التي أصبحت تتزايد عاماً بعد عام، ووفق معلومات تم جمعها من 192 دولة في عام 2004، قدر الباحثون أن "ما يزيد على 40 في المائة من الأطفال، و35 في المائة من النساء، بالإضافة إلى 33 في المائة من الرجال، يتعرضون لأخطار التدخين السلبي في الأماكن المغلقة"، وجاء في دراسة لمنظمة الصحة العالمية، نشرتها مجلة "لانسيت" الطبية البريطانية، أن "استخدام التبغ يشكل أحد أكبر تهديدات الصحة العامة التي يواجهها العالم"، وأشارت الدراسة إلى أن أكثر من 80 في المائة من بين ما يزيد على مليار شخص مدخن حول العالم، يعيشون في دول ذات دخل منخفض أو متوسط، حيث ترتفع بها معدلات الإصابة والوفاة الناجمة عن التدخين، وقدرت الدراسة أن نحو 165 ألف طفل دون الخامسة من عمرهم يموتون سنوياً نتيجة إصابتهم بأمراض ناجمة عن تعرضهم للتدخين السلبي، وغالبية هذه الوفيات تحدث في أفريقيا وجنوب آسيا. بحسب السي ان ان.

وقال كل من جوناثان ساميت وهيثر ويبفلي، خبراء الصحة العامة بجامعة جنوب كاليفورنيا، إن دراستهما التي شملت 31 دولة، وجدت أن 88 في المائة من الأباء المدخنين يقومون بممارسة هذه العادة داخل المنزل، كما أن نحو 80 في المائة يقومون بالتدخين بالقرب من أطفالهم، وقبل نحو شهرين، أظهر تقرير لـ"مراكز التحكم والوقاية من الأمراض"، أن أكثر من نصف الأطفال في الولايات المتحدة الأمريكية، بين عمر الثالثة و11 عاماً، يحتوي دمهم على ما يفيد بتعرضهم للتدخين السلبي، كما أظهرت دراسات سابقة أنه حتى لدى الأطفال الذين تم اكتشاف وجود مستويات ضئيلة من أثار التدخين في دمائهم، تبين أنهم يتعرضون لتغييرات غير معتادة في التركيب الجيني لتلك الخلاي، وكان تقرير سابق لمنظمة WHO قد أظهر وفاة نحو مائتي ألف عامل غير مدخن يموتون سنوياً بسبب التدخين السلبي، داخل أماكن عملهم، وأنه يمكن القياس على هذا الرقم في سائر الأماكن المغلقة التي تتشبع بدخان التبغ، مثل المطاعم والحانات والمقاهي وغيره، ويذكر انه بحلول عام 2030 يمكن أن يصل عدد الوفيات سنويا بسبب التدخين إلى ثمانية ملايين، وحثت المنظمة التابعة للأمم المتحدة مزيدا من الحكومات للتوقيع على معاهدة مكافحة التبغ وتطبيقها وحذرت من انه اذا استمرت الاتجاهات الحالية فقد يتسبب التبغ فيما يصل إلى مليار حالة وفاة في القرن الحادي والعشرين وهي زيادة هائلة من 100 مليون حالة وفاة في القرن السابق، وحتى الآن وقعت 172 دولة والاتحاد الأوروبي على اتفاقية منظمة الصحة العالمية الإطارية بشأن مكافحة التبغ التي دخلت حيز التنفيذ في عام 2005 والزمتهم باتخاذ خطوات لخفض معدلات التدخين والحد من للتدخين السلبي والحد من الإعلان عن التبغ والترويج له، واشارت منظمة الصحة العالمية إلى بعض الخطوات المشجعة التي حدثت في الاونة الأخيرة فتفرض أوروجواي الآن تحذيرات صحية تغطي 80 بالمئة من سطح علب التبغ وطبقت الصين مؤخراً حظرا على التدخين في الأماكن العامة مثل المطاعم والحانات، لكن المنظمة قالت انه اذا كان للاتفاقية الإطارية تحقيق إمكاناتها الكاملة "كاقوى أداة لمكافحة التبغ" ينبغي القيام باكثر من ذلك، وقالت مارجريت تشان المديرة العامة لمنظمة الصحة العالمية في بيان "لا يكفي أن تصبح طرف، ينبغي على الدول أيضا سن التشريعات اللازمة أو تعزيزها ومن ثم تنفيذها بصرامة".

وذكرت دراسة ان دخان السجائر يرتبط بزيادة خطر الاصابة بالنوع الثاني من البول السكري الذي كان يعرف من قبل باسم سكري الكبار لكل من المدخنين ومن حولهم، وذكرت الدراسة التي نشرت في دورية رعاية البول السكري انه كلما تعرض المدخنون السلبيون للدخان كلما زاد خطر اصابتهم بالسكري الذي ينتج عن مقاومة الانسولين حيث تفشل الخلايا في استخدام الانسولين على نحو سليم، وكتب جون فورمان من مستشفى بريجهام للنساء في بوسطن الذي قاد الدراسة "كشف الادلة المتراكمة على وجود ارتباط ايجابي بين التدخين الايجابي وخطر الاصابة بالبول السكري لكن الدراسات السابقة كان لديها معلومات محدودة عن التدخين السلبي او التغيرات في سلوك التدخين مع مرور الزمن"، وتتبعت الدراسة 100 الف امراة خلال 24 عام، وفي 1982 قدمت السيدات المشاركات في دراسة صحة الممرضات معلومات عن الوقت الذي يقضينه على مقربة من دخان السجائر، وخلال السنوات الاربع والعشرين التالية تم تشخيص اصابة سيدة من بين كل 18 سيدة بالنوع الثاني من البول السكري، ووجد فورمان ومجموعته ان النساء اللائي دخن اكثر من علبتي سجائر يوميا كان لديهن اعلى احتمالات الاصابة بالسكري مع اصابة حوالي 30 من المدخنات الشرهات بالسكري سنويا من بين كل 10000 امراة في الدراسة مقارنة بحوالي 25 امراة لم يدخن ولم يقضين وقتا معرضات لدخان سجائر اشخاص اخرين، وكانت المخاطر اعلى بالفعل بالنسبة للمدخنات السابقات والنساء اللاتي تعرضن لتدخين سلبي في هاتين المجموعتين وأصيبت حوالي 39 امرأة من بين كل 10000 امراة بالبول السكري كل عام، وعند الاخذ في الاعتبار متغيرات مثل الوزن والعمر وتاريخ الاسرة بالاصابة بالسكري فان المدخنات السابقات يتزايد لديهن خطر الاصابة بالبول السكري بنسبة 12 بالمئة مقارنة بالنساء اللاتي كان يتعرضن بانتظام للتدخين السلبي.

التدخين وحماية المفاصل

الى ذلك أثارت دراسة أسترالية شكوكاً حقيقية حول ما إذا كان التدخين يساعد في حماية المفاصل، مع العلم بأن الأطباء متفقون على أن التدخين يزيد مخاطر الإصابة بالسرطان وأمراض القلب والسكتة الدماغية، ولاحظ مناتزاغانيان وهو طالب دكتوراه في جامعة أديلايد بأستراليا أن المدخنين ليسوا بحاجة إلى الخضوع لجراحة لاستبدال مفصل ما، سواء في الركبة أو منطقة الحوض، مستقبلاً، بنفس القدر لدى غير المدخنين، ودرس الطالب وفريق من الباحثين بيانات تخص 11388 رجلا مدخنا في أستراليا حتى مارس 2007، من بينهم 857 خضعوا لعملية استبدال مفصل، منهم 59% استبدلوا مفصل الركبة و41% مفصل الورك، ووجد أن الذين دخّنوا لحوالي 48 عاماً أو أكثر، بعد تخطيهم مرحلة المراهقة، هم أقل عرضة بنسبة 51% لتغيير مفصل كامل من غيرهم ممن لم يقدموا على التدخين قط، وقال إن دراسات سابقة كانت لفتت الانتباه إلى وجود صلة محتملة بين التدخين والتهاب المفاصل، إلاّ أن هذه الدراسة هي الأولى التي تظهر علاقة واضحة بين عدد السنوات التي يمارس خلالها الرجال عادة التدخين، واحتمال خضوعهم لجراحات تغيير المفاصل، وفي الوقت نفسه اكتشف مناتزاغانيان ورفاقه بأن البدانة وممارسة الرياضة القاسية من الأسباب الرئيسية للإصابة بالتهاب المفاصل، والتي تكون أقل شيوعاً بين المدخنين، ويبدو عموماً أن النيكوتين ربما له دور في ذلك، حيث أن تجارب سابقة أُجريت على حيوانات وأنسجة بشرية، أظهرت أن النيكوتين قد يحفز نشاط الخلايا الموجودة في الغضروف المفصلي، ما قد يساعد في تخفيف الإصابة بهشاشة العظام. بحسب يونايتد برس.

خطر النرجيلة

بدورهم يلجأ الشباب الأميركي بشكل متزايد إلى تدخين النرجيلة ظناً منهم بأنها أكثر أماناً من السجائر، في حين تظهر دراسة أن للنرجيلة الخطر نفسه الذي تحدثه السجائر، ونقل موقع "لايف ساينس" الأميركي عن الباحثة المسؤولة عن الدراسة في مركز "وايك فورست بابتيست الطبي"، ارين ساتفين، أن "رواج تدخين النرجيلة بين الشباب ينذر بالخطر مع احتمال الآثار السلبية على الصحة".وأضافت "للأسف فإن الكثير من الشباب لديهم معلومات خاطئة بشأن سلامة تدخين النرجيلة، ويعتقد بعضهم خطأ بأنه أكثر أماناً من تدخين السجائر"، ووجد الباحثون في استطلاع اجروه بـ 8 جامعات في كارولينا الشمالية أن 40.3% من الشباب أي أكثر من ثلث الطلاب، دخنوا التبغ عبر النرجيلة، فيما 46.6% دخنوا السجائر، وتبين أن 25% من الطلاب يدخنون السجائر حالياً، مقابل 17.4% يستخدمون النرجيلة، وظهر أن الذكور أكثر استخداماً للنرجيلة، وتبيّن أن هناك اعتقاداً سائد بين الشباب بأن النرجيلة أقل أذية من السجائر، وحذر الباحثون من أن انابيب النرجيلة وخاصة تلك الموجودة في المقاهي قد لا تكون منظفة جيداً، وبالتالي فهي قد تنقل الأمراض المعدية بين مستخدميه، وقال العلماء إنه في حين الأبحاث ما زالت جارية بشأن تدخين النرجيلة، إلا ان الأدلة تظهر أنه يشكل الخطر نفسه الذي تحدثه السجائر، فقد تحتوي النرجيلة على كميات عالية من المركبات السامة، بينها أول اوكسيد الكربون، والمعادن الثقيلة، والمواد الكيميائية المسببة للسرطان. بحسب يونايتد برس.

الى ذلك دعت لجنة استشارية في إدارة الأغذية والأدوية في الولايات المتحدة إلى سحب منتجات السجائر التي يدخل في تصنيعها زيت المينثول ليجعلها بطعم النعناع من السوق المحلية بشكل كامل كونها المسؤولة الأولى والأساسية عن ارتفاع عدد المدخنين الأطفال وشرائح أخرى في المجتمع، ونقل عن اللجنة أن هذا النوع من السجائر غير مرتبط بزيادة نسب الأمراض بين مدخنيه، ولكن خطره الأساسي يتركز في أنه يشجع الأطفال على الإقبال على التدخين، ويزيد بالتالي فرص تحولهم إلى السجائر العادية في المستقبل، وقال جوناثان ساميت، الطبيب المتخصص في اللجنة، إن وجود هذا النوع من السجائر "يؤدي إلى زيادة المدخنين، ويفتح الباب أمام ارتفاع نسب وفاة صغار السن"، من جانبه، قال لورنس دايتون، مدير مركز منتجات التبغ لدى إدارة الأغذية والأدوية، إن التقرير سيخضع للتقييم من قبل إدارة المركز لاتخاذ القرار المناسب حوله ومراجعة كافة المعلومات العلمية المتوفرة حول تأثير المينثول على الصحة، وأضاف أن التقرير قدّم رسمياً في 23 مارس/آذار، وسيصار إلى تقديم تقييم أولي حوله خلال 90 يوماً، وأشار إلى أنه خلال هذه الفترة لن يكون هناك أي تأثير على توافر منتجات سجائر المنثول في الأسواق، وعلى صعيد شركات التبغ، قالت "رينولدز أميركان" التي تمتلك عدة شركات تعمل تحت مظلتها، إنها ستواصل العمل حول القضية مع إدارة الأغذية والأدوية، أما شركة "لوريلارد،" أكبر المصنعين لسجائر المينثول، فقد أعربت عن ثقتها بأن التحقيقات التي ستجريها إدارة الأغذية والأدوية ستؤكد أن هذه السجائر ليست مضرة أكثر من السجائر العادية، ولا ضرورة لمعاملتها بطريقة مختلفة من قبل السلطات أو سحبها من السوق.

التدخين في الأفلام

الى ذلك أصدرت الهيئة المسئولة عن مراقبة الأفلام والأعمال التلفزيونية في الصين أوامرها بمنع "مشاهد التدخين المتكررة" في الأعمال الصينية قائلة أنها تمثل مثالا سيئا للشباب، وجاء في بيان نشر علي الموقع الإلكتروني لإدارة الإذاعة والسينما والتلفزيون "إن تكرار مشاهد التدخين في الأفلام والأعمال التلفزيونية لا يتناسب مع موقف الصين بالنسبة للحد من استهلاك التبغ مما سوف يضلل المواطنين وخاصة الشباب"، وأضاف البيان أنه يتعين علي الأعمال السينمائية والتلفزيونية أن لا تظهر أنواع التبغ أو مشاهد تدخين تضم شباب، وقال إذا كان مشهد التدخين أساسيا فيجب "أن يكون قصيرا للغاية"، ويأتي هذا الأمر بعد الانتقادات التي تعرضت لها الصين مؤخراً لفشلها في تحقيق وعودها وفقا للاتفاقية الاطارية لمنظمة الصحة العالمية للحد من التبغ والتي صدقت عليها عام 2003 وكان يجب أن تطبقها عام 2006، وذكرت وكالة أنباء الصين الجديدة "شينخوا" إن نحو الثلث من بين 11 ألف مراهق جري استطلاع أرائهم في مسح أجري في المدارس في بكين قالوا إنهم يريدون تجربة التدخين بعدما رأوا الممثلين يفعلون ذلك، وجاء في تقرير للحكومة الصينية وخبراء دوليين إن معدلات الوفاة بسبب التدخين في الصين من الممكن أن تتضاعف ثلاث مرات من 2ر1 مليون إلي 5ر3 مليون علي مدار الأعوام القليلة المقبلة، ويشار إلي أن الصين بها نحو 300 مليون مدخن وتعد أكبر منتج ومستهلك للسجائر، وتمثل السجائر نحو 7 % من إيرادات الدولة مما يشير إلي أن الحكومة لا تستطيع أن تفرض قيودا مشددة علي التدخين.

إرادة وعـــــــــلاج

من جانب اخر تسعى حملات التوعية بأضرار التدخين، إلى تسليط الضوء على طرق الإقلاع عن تلك العادة التي تشير تقارير منظمة الصحة العالمية إلى أنها تقضي على حياة أكثر من خمسة ملايين نسمة حول العالم سنوياً، وهو رقم مرشح للزيادة في كل عام، وتمثل حملة «لا للتبغ» التي انطلقت أخيراً وتستمر حتى 11 من أغسطس المقبل في مراكز تسوق وأماكن مختلفة في الإمارات، فرصة للراغبين في الإقلاع عن التدخين الذي يتطلب إرادة وعلاج، وتعمل الحملة على تقديم علاجات للمدمنين على التدخين، وتجري فحوصاً مجانية لمعرفة نسبة النيكوتين في الدم للحد من تلك الظاهرة، إلا أن قرار التوقف عن تلك العادة يحتاج إلى جانب العلاجات المساعدة، حسب مختصين ومدخنين التقتهم «الإمارات اليوم»، إلى إرادة قوية من المدخن نفسه، قال اللبناني نادر سري الدين الذي أقلع عن التدخين، «كنت أدخن بصورة شرهة خصوصاً أيام العطلة، لنحو 13 عاماً، وكان قرار الإقلاع عن التدخين صعبا جدا، لأن معظم أصدقائي من المدخنين»، مشيراً إلى أن الإرادة هي المطلب الأول ليتمكن المرء من الإقلاع عن التدخين، لاسيما حين يسمع عن الأمراض التي تسببها هذا العادة، ولفت سري الدين إلى أن تغيير أسلوب حياته هو الذي ساعده على التوقف عن التدخين، وذكر أن ممارسته الرياضة هي التي جعلته ينفر من الدخان، مشيراً إلى أن التوقف النهائي عن تلك العادة استغرق منه ما يقارب الشهرين بالاعتماد على بدائل النيكوتين، معتبراً أن القرار ليس سهلا على الإطلاق مع مشكلات العمل التي يمر بها المرء يومياً.

بينما ذكر رفعت أبوعساف الذي يدخن منذ تسع سنوات، أنه حاول التخلص من تلك العادة، خصوصاً أنه يدخن بشراهة، ومخاطر تلك العادة باتت تثير قلقه، لاسيما أنه يشعر بأنها تضعف صحته، ولكنه لم يستطع التمكن من ذلك، مشيراً إلى أن التدخين بالنسبة إليه بات مزعجاً في الأماكن العامة، فيشعر المرء بأنه غريب فيها لأن معظم تلك الأماكن يحظر فيها التدخين، لذا يشعر المدخن أحيانا بأن تلك العادة تسبب له الحرج، أما السورية ريم الصغير التي تدخن الشيشة يومياً ولا ترغب في الإقلاع، فبرأيها «الشيشة لا تحمل الأضرار التي تحملها السيجارة»، معتبرة أنها مجرد تسلية، ولفتت إلى أنها تدخن رأس شيشة يومياً، ولكن في العطلة الأسبوعية أكثر من ذلك، مشيرة إلى أنها لا تعتبر الشيشة إدماناً على الإطلاق، بل هي للتسلية ليس أكثر، وقال مدير فرع الخليج العربي لشركة «نوفارتس» التي تنظم الحملة بالتعاون مع شركة «ايه اكس هيلث»، فايز عوادة، إن «الحملة ليست الأولى في الإمارات، إذ نظمنا حملات سابقة بالتعاون مع العديد من العيادات الخاصة التي أسهمت في مساعدة الناس على التخلص من التدخين، وستستمر «لا للتبغ» التي تهدف إلى تقديم الفحوص والعلاجات المجانية للمواطنين وكذلك بنسبة 50٪ للوافدين بتقبل تسجيل طلبات الإقلاع حتى نهاية الشهر في مراكز التسوق، ومتنقلة بين إمارات الدولة المختلفة»، مشيراً الى أن المدخن يتجه بعد التسجيل في المراكز إلى عيادات وزارة الصحة للإقلاع عن التدخين، وتجرى له الفحوصات هناك، وكذلك يتلقى العلاج اللازم لذلك، وأكد عوادة أن الفحوص التي يمكن ان يقوم بها المرء في العديد من العيادات وكذلك مراكز التسوق تساعده على التخلص من التدخين، لأنها ستكشف نسبة النيكوتين في الدم، ما يشعره بالخوف ويشجعه على التوقف عن تلك العادة السيئة، مضيفا أن «العلاجات التي تقدمها الحملة تعتمد على بدائل النيكوتين، وهي عبارة عن علاج يدوم لـ12 أسبوعاً، وتمد المعالج بجرعات محددة من النيكوتين التي تخف تدريجياً حتى يكره المرء التدخين ولا يشعر بحاجة إلى السيجارة»، وأكد عوادة أن تجاوب الناس مع الحملة كبير، مشيراً إلى وجوب حصول المرء على الدعم من المقربين كي يتمكن من التخلص من التدخين، لاسيما أن طريقة الإقلاع لا تعتمد على الأدوية التي قد يخاف البعض من آثارها الجانبية.

وأوضح أن الشيشة تعد من أساليب التدخين التي تحتاج إلى علاج أيضاً، لأن الدراسات أثبتت أن كل رأس شيشة يعادل 25 سيجارة، واعتبر ان الحملة التي تقام للمرة الأولى في مراكز التسوق ستكون أفضل من الأعوام السابقة كونها ستتجه لشريحة أكبر، وأفاد بأن العيادات استضافت في الحملات السابقة أكثر من 8000 شخص يرغبون في التوقف عن التدخين، وذكرت الاختصاصية في الطب الأسري، ومديرة مراكز الرعاية الصحية الأولية في دبي، ورئيسة فريق مكافحة التبغ في وزارة الصحة الدكتورة وداد الميدور، أن «استخدام التبغ بدأ يأخذ أكثر من شكل، كالشيشة والمدواخ، ولكنها في النهاية كلها إدمان على النيكوتين، التي تعتبر مادة شديد الإدمان تصل إلى الدماغ خلال سبع ثوان، وتبدأ بتنمية مستقبلات لها في الدماغ، ومع الوقت تزداد المستقبلات، وبالتالي تصبح الحاجة إلى النيكوتين مرتبطة بالفترة الزمنية التي اعتادها المرء»، مشيرة إلى أنه لذلك قد يتعصب المدخن أو يحكمه ألم في الرأس إن لم يأخذ السيجارة في الموعد الذي يعتاد فيه التدخين، وهذا يدل على إدمان تلك العــادة، ونوهت الميدور بوجود درجات من الإدمان، وطالما أن المرء يستمر في عملية التدخين فهذا يعني أنه مدمن على تلك العادة، وإن كان يتناول كمية من السجائر أسبوعيا، مشددة على أن الإقلاع عن التدخين يجب أن يرافق الرغبة والإرادة، وقالت ان «الفحص الذي يجرى للمدخنين في الحملة، يحدد نسبة أول أوكسيد الكربون في النفس، وبالتالي يحدد ما يقابله من نيكوتين في الدم، بالإضافة إلى فحص الرئة وعملها، وكذلك الوزن لمتابعة المرء كي نجنبه زيادة الوزن في أثناء الإقلاع عن التــدخين»، معتبرة أن العلاج بالبدائل يعد من أفضل طرق العلاج حالياً، لأنه يؤمن نتـــيجة مضمونة على المدى البعيد، ولاسيما أن هناك الكثير من الأدوية غير المأمون استخدامه، وأفادت الميدور بأن التوقف نهائيا يحتاج إلى نحو ثلاثة أشهر، والأسابيع الستة الأولى تكون مع بدائل النيكوتين، فيما الأسابيع اللاحقة تكون من دونها، مشيرة إلى أن الدراسات التي أعدت حول العالم أكدت أن 70٪ من المدخنين كانت لهم على الأقل محاولة واحدة للتوقف عن التدخين، وأن نسبة العودة للتدخين مع عدم إكمال العلاج تراوح بين 60 و70٪، علماً أن الإحصاءات التي أجريت في الإمارات بينت أن نسبة الإقلاع تراوح بين 16 و20٪ تقريباً.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأربعاء 20/تموز/2011 - 18/شعبان/1432

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1432هـ  /  1999- 2011م