العراق وعودة الأمريكان للقتال

كتب المحلل السياسي

 

شبكة النبأ: وجدت القوات الأميركية في العراق نفسها مجبرة على العودة إلى العمليات القتالية بعد ان اقترب موعد الانسحاب المقرر في نهاية هذا العام، فقد قتل 18 فردا من عناصرها مؤخرا. وبدلا من أن تستمتع تلك القوات بعد تنازلي هادئ وتترك البلاد في النهاية إلى قوات أمن عراقية قادرة على حفظ القانون والنظام، وجدت نفسها تحت النار مجددا.

سقوط جنود قتلى أدى إلى إعطاء وزارة الدفاع الأميركية الضوء الأخضر لما تبقى من قواتها في العراق لأخذ زمام المبادرة والبدء في تعقب المهاجمين. ويقول خبراء عسكريون هناك أدلة على وقوف ايران خلف تلك الهجمات على الجنود الأميركيين، لكن طهران نفت تلك الاتهامات.

ويعتقد محللون سياسيون أن تحريك طهران للمقاتلين يأتي ضمن تحرك إيراني لممارسة ضغوط على رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي الذي يجري مفاوضات مع الأميركيين بشأن إمكانية تعديل الاتفاقية الأمنية العراقية الأميركية لكي تسمح ببقاء القوات الأميركية بعد كانون الأول القادم.

وكان وزير الدفاع الأميركي ليون بانيتا المعين حديثا قد أبدى قلقه من ارتفاع وتيرة النشاط العسكري للمجموعات الشيعية المتمردة بالعراق. بانيتا الذي زار العراق مؤخرا أوضح أن على القوات العراقية اتخاذ الخطوات اللازمة للتصدي لتلك النشاطات التي تستهدف الجنود الأميركيين، ولكنه أكد في الوقت نفسه أن جنوده سوف يكون لهم دور في لجم إيران.

وقد اشارت تقارير غير مؤكدة تفيد بمفاوضات لبقاء قوة أميركية يتراوح عددها بين خمسة وعشرة آلاف عسكري أميركي بالعراق لأغراض التدريب في مجالات الدفاع الجوي والطيران والتكامل الاستخباري.

فمن المرجح إن مهمة المالكي في إبقاء جزء من القوات الأميركية مهمة يشوبها التعقيد حيث إن مقتدى الصدر حليفه السياسي الرئيسي والذي يعتمد عليه بشكل كبير في البقاء بالسلطة، ضد فكرة بقاء جزء من القوات الأميركية، ويريد أن يكون 31 كانون الأول موعدا لمغادرة جميع العسكريين الأميركيين العراق، وهدد ببدأ شن هجمات على الجنود الأميركيين إذا بقي أحد منهم في العراق.

ويمكن القول ان المالكي يعلم أن طهران تنتظر قراره حول الموضوع، وما موجة الهجمات التي شنت على الأميركيين الأسابيع الأخيرة إلا تذكرة لما يمكن أن يواجهه المالكي إذا أجاز بقاء جزء من القوات الأميركية.

ويأمل الرئيس الأميركي باراك أوباما بأن يخاطب شعبه بعد انسحاب قواته من العراق وفق الموعد المقرر، قائلا إن الحرب على العراق قد انتهت، وليس المهمة أنجزت كما قال سلفه جورج بوش بشكل متسرع عام 2003.

وزير الدفاع الأميركي ليون بانيتا من جهته طلب من المسؤولين العراقيين أن يسرعوا باتخاذ قرارهم النهائي حول الطلب من القوات الأميركية البقاء في العراق بعد موعد انسحابها المقرر نهاية هذا العام.

وقال مسؤولون أميركيون رفيعو المستوى إن الولايات المتحدة لا تنوي لعب دور الوسيط بين الأطياف العراقية للتوصل إلى قرار نهائي، وهو ما يعتبر خروجا عن العادة التي دأب عليها المسؤولون الأميركيون الذين ذهبوا إلى العراق خلال عهد الرئيس الأميركي السابق جورج بوش، وبضمنهم جو بايدن نائب الرئيس الحالي باراك أوباما وهي الضغط على الأطراف العراقية للتوصل إلى اتفاقات وحلول للخلافات السياسية.

وتأتي زيارة بانيتا بعد ثمانية أشهر من زيارة بايدن التي قام خلالها بلعب دور في إقناع الأطراف العراقية على تشكيل حكومة جديدة، بعد شهور من الجمود السياسي إثر الخلافات على تسمية رئيس الوزراء، بعد انتخابات عام 2010.

إن الأمور لا تزال متعثرة في العراق حتى بعد ذلك الاتفاق الذي كان بايدن أحد الذين تبنوه ودعموه، حيث ما تزال قضايا مثل المجلس الإستراتيجي للأمن الوطني وتعيين وزيري الداخلية والدفاع تراوح مكانها.

ويحذر بعض المسؤولين العراقيين من أن تلك الإخفاقات تلقي بظلالها الثقيلة على أي فرص للتوصل إلى اتفاق حول بقاء القوات الأميركية من عدمه.

وحتى هذه اللحظة، من غير الواضح إن كان رئيس الوزراء نوري المالكي ورئيس الوزراء السابق إياد علاوي قادريْن على الاتفاق والتوصل إلى تسوية.

فأنه بدون توافق مع علاوي، فإن المالكي لن يستطيع أن يمرر توصية بالبرلمان بتعديل الاتفاقية الأمنية العراقية الأميركية لكي تسمح ببقاء جزء من القوات الأميركية بالعراق بعد موعد الانسحاب المقرر نهاية العام. ويعتمد المالكي حاليا على دعم مقتدى الصدر للبقاء بالسلطة، ولكن الأخير يدعو علنا وبشكل مكثف لمغادرة جميع القوات الأميركية.

أعضاء القائمة العراقية بدؤوا يتساءلون من جهتهم عن سبب وجيه يدفعهم إلى تأييد بقاء القوات الأميركية، خاصة وأن الاتفاق الذي رعته الولايات المتحدة في تشرين الثاني الماضي لم يتجسد على أرض الواقع، وهم يرون أمامهم المالكي يقبض على وزارتي الداخلية والدفاع بدون أن تحرك الولايات المتحدة ساكنا.

يُذكر أن الأكراد اقترحوا مؤخرا أن يجتمعوا مع علاوي والمالكي لاختيار وزراء للوزارات الأمنية الشاغرة، وأوصوا الاثنين بأن يسموا ممثلين لهم في حال عدم استطاعتهم حضور الاجتماع. القائمة العراقية التي يرأسها علاوي وافقت، ولكن ائتلاف المالكي لم يرد على المقترح ولزم الصمت.

في السابق كانت الولايات المتحدة تعتمد على زيارات مسؤوليها الرفيعي المستوى لتسوية الخلافات التي تنشب بين الأطراف السياسية بالعراق، ولكن بانيتا أوضح للمسؤولين العراقيين هذه المرة بأن ذلك لن يحدث هذه المرة وأن عليهم حل خلافاتهم بأنفسهم.

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 19/تموز/2011 - 17/شعبان/1432

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1432هـ  /  1999- 2011م