الجمال وتأريخه... قبل وما بعد الحداثة

ترجمة: علي إسماعيل الجاف

 

شبكة النبأ: لدينا أمثلة عن الفن قبل التاريخ، ولكنها نادرة، وان أسلوب إنتاجها واستخدامها لم يكن واضحا، ولهذا اننا بصورة واضحة ننقل وليس نخمن حول المخطوطات الفنية التي أبرزت إنتاجها وتفسيرها.

كان الفن القديم ضخما بحجمه ولم يكن معتمدا بصورة كاملة على الحضارات الستة العظيمة: مصر، مسييوبوتوميا، اليونان، الرومان، الهند والصين. وان كل هذه المراكز الحضارية قد طورت بصورة واضحة أسلوب موحد وموصوف في فنها.

وبالتأكيد فان اليونان لديه التأثير الأكبر على تطوير علم الجمال في الغرب. وشهدت فترة الفن اليوناني تبجيد وتمجيد للشكل. الجسدي الإنساني وتطوير المهارات الإعلامية لإظهار القوة البدنية، والتوازن والجمال والاتزان وصحة النسب القياسية التشريحية.

كانت بمثابة شيئا جميلا وشعر افلاطون ان الاشياء الجميلة تتباين بالنسب و التنسيق والوحدة بين اجزائها. وبالمثل أوجز ارسطو في الاشياء ما وراء الطبيعة بان عناصر الجمال العالمية هي التنظيم، الترتيب، والوضوح.

علم الجمال الاسلامي

رفض الفن الاسلامي التعلم الجمالي المبكر وتصوير الله، بنو البشر، او المخلوقات (لانها ربما تغوي الناس لعبادة الاصنام)، وبالرغم من ان هذه الانتقادات القياسية قد تفككت تدريجيا وفقط المتعصبين من المسلمين يرفضون الصورة او اللوحة الانسانية اليوم. وبصورة اوسع يعتبر الله شيء محصن لا يمكن تمثيله كصورة او تمثال. لهذا يؤكد علم الجمال الاسلامي على الوظيفة الزخرفية للفن او وظائفه الآنية عن طريق عدم تمثيل الاشياء. وان الاشياء والنماذج الهندسية والأخرى المتعلقة بالأزهار والمحسوسة شائعة كما كان فن تحسين الخطوط او ما يعرف بالخط الجميل بحيث كان الترتيب و الوحدة معاني شائعة.

علم الجمال الهندسي

علم الجمال الهندسي بتأكيده على التركيز على حالات فلسفية وروحية خاصة لدى الجمهور، او تمثيلهم بصورة رمزية او تصويرية. وطبقا الى كابيلا فاتسيلين ان الفن المعماري والنحتي والرسمي والادبي والموسيقي و الترفيهي والهندسي الكلاسيكي يطور قواعدهم المشروطة باعلام التعبير، ولكنهم يتقاسمون مع بعضهم ليس فقط المفاهيم الروحية العميقة او الدفينة للفعل الفلسفي الديني الهندسي، ولكن ايضا الاساليب التي بواسطتها علاقة الرمز والحالات الروحية تفاعل بصورة تفصيلية.

علم الجمال الصيني

لدى الفن الصيني تاريخ طويل فيه اساليب متنوعة وتشديدات عديدة ففي العصور القديمة كان الفلاسفة يناقشون علم الجمال. اكد كونفيوش على دور الفنون والدراسات الانسانية (خصوصا الموسيقى و الشعر) في توسيع مكانة الطبيعة الانسانية والمساعدة في ارجاعها نحو الخلف لمعرفة اساس الانسانية. وناقش خصمه موزي بان الموسيقى والفنون العذبة او الداخلية كانت بمثابة اشياء كلاسيكية وهدر للوقت والمستفيد هو الفني وليس الناس العاميون.

وبحلول القرن الرابع كان الفنانون يناقشون ايضا كتايبا حول الاهداف الصحيحة للفن ويملك كوكازهي ثلاثة كتب خالدة على نظرية الرسم وكونها ظاهرة غير شائعة ان نجد ان العلماء والفنانين فيما بعد يخلقون الفن ويكتبون عن تكوين الفن. وكان التأثير الفلسفي والديني شائعا على الفن (ومتباني)، ولم يكن شاملا ومن السهل ان تجد فنا يسهل بصورة كبيرة الفلسفة والدين غالبا في كل اوقات الصينيين.

علم الجمال الافريقي

العلاقة البارزة التي تشير الى الجامع العظيم هي المنارات الثلاثة التي تسيطر على السوق المركزي لي دجين اي: "علم الجمال الميلاني الموحد."

وظهر الفن الافريقي باشكال واساليب عديدة وبتأثير قليل معتدل من خارج افريقيا. اغلبه يتبع الاشكال القديمة وكانت التقاليد الفنية تسلم شفهيا وكتابيا. وان فن النحت والاداء الفني بارزين، والاشياء المحسوسة او الاشكال المحسوسة جزئيا تقيم وبصورة جيدة قبل مجيئ التأثير للتقاليد الغربية. وان الثقافة لنوك هي شهادة على هذا، وبين جامع تمبوكيتو المناطق الافريقية الخاصة التي طورت علم الجمال الموحد.

علم الجمال للقرون الوسطى

بالاطلاح على الفن الوسيط نجده دينيا بصورة تركيزية كبيرة، ويمول بصورة نموذجية من قبل (كنيسة وافراد من رجال الدين العظماء، او برعاية من علمانيين اغنياء وأثرياء (قساوسة). وغالبا ان القطع فيها هدف لوظيفة طقوس دينية امثال قطع مذبح الكنيسة او التماثيل. والواقعية لم تكن انموذجا لهدف مهم ولكن كانت بمثابة رفع شأن ديني.

وكذلك يتبع الانعكاس على طبيعة ووظيفة الفن والخبرات الفنية نفس الخطوط وان اس تي بونا فينجا تعقب الفنون للوصول الى اللاهوت (فلسفة الالهيات) وهو شيئا نموذجيا ويناقش المهارات لصاحب حرفة كهدايا منحت من قبل الله بهدف ايضاح قرابة الله عز وجل من بنو البشر عن طريق أربعة "انوار" ضوء المهارة في الفنون الميكانيكية التي تقرب عالم الحقائق الفنية الموجه بواسطة ضوء الادراك الشعوري التي بدورها تقرب عالم الاشكال الطبيعية الذي يوجه بواسطة ضوء الفلسفة والذي بدوره يقرب عالم الحقيقة الفكرية، الذي يدار بواسطة ضوء الحكمة السماوية التي تقرب عالم انقاذ الحقيقة.

وكما تحول عالم القرون الوسطى نحو الفن التجديدي وعاد ثانيا للتركيز على هذا العالم وعلى المسائل العلمانية من حياة الانسان واعيد تلائم الفلسفة الفنية للرومان واليونان القدماء ومثال على هذا لورش كوبسل عام 778 – 820 ملعب المدرسة المعروفة بالجالمنجن.

علم الجمال الحديث

بأواخر القرن السابع عشر وبداية القرن العشرين شهد علم الجمال الغربي ثورة بطيئة بما نسميه غالبا الحداثة. واكد المفكرون الالمان والانكليز على الجمال كجزء أساسي للفن وللخبرة الفنية وراو بان الفن يهدف بصورة اساسية الى الجمال.

وبالنسبة الى بوم كازنت فان علم الجمال هو علم خيرات الاحساس الاخت الشابة للمنطق، وبالتاكيد فان الجمال هو النوع الكامل للمعرفة التي يمكن للخبرة الحسية امتلاكها. وبالنسبة الى كانت ان الخبرة الجمالية للجمال هي الحكم الموضوعي ولكنه يمثل الحقيقة الشاملة، بحيث ان كل الناس تثقف على ان "هذه الزهرة او الورقة جميلة" اذا كانت كذلك بالحقيقة. وبالتالي لا يمكن تقبل الجمال لاية شيء غير المجموعة الاساسية من صفاتها.

ومن جانب اخر يرى شيلد ان النثيم الجمالي للجمال هو الاصلاح والتسوية التامة والفائقة للاجزاء الشعورية والاصلاحية في طبيعة الانسان.

وبالنسبة الى هيكل ان كل الثقافة هي موضوع "للروح الكاملة" تظهر وتعلن عن نفسها تدريجيا. والفن هو المرحلة الاولى وفيه الروح الكاملة تظهر مباشرة الى موضوع الجمال وبالنسبة الى مشو بنهور ان التفكير والتامل الجمالي في الجمال هو الاكثر حرية بحيث ان العقل الصافي يمكنه ان يتكون من ما تمليه الرغبة او الارادة، هنا تتامل في كمال الشكل بدون اية نوع من الاجندة العالمية وبالتالي اية تدخل منفعي او سياسي سيحطم نقطة الجمال.

وكان البريطانيون منقسمين بصورة كبيرة في معسكرات تحليلية و حدسية. ويعتقد اصحاب الحدس ان التجربة الجمالية كانت مفتوحة وفكرة عقلية فريدة لبعض الانواع. وبالنسبة الى الايدل (نيبل انكليزي برتبة السامي) لي شفتس بيوري كان هذا محدد للاحساس الاخلاقي لان الجمال يكشف بالاحساس العقلي الداخلي، ولكنها حقيقة موضوعية اكثر من حقيقة عرضية وان النظريات التحليلية وروادها امثال لورد كامس، وليم هوكرث وادوموند بورك يأملون في تقليل الجمال ليكون في قائمة الجمال ما يتكون من:

(1) ضبط الاجزاء لبعض التصميم.

(2) التنويع في العديد من الطرق ان توفرت الامكانية.

(3) التوكيد والتنظيم والتنسيق الذي يكون فقط جميلا عندما يساعد في الحفاظ على شخصية الضبط.

(4) البساطة او الفطرة التي تعطي المتعة ليس بذاتها ولكن من خلال تكمين العين بالتمتع مع توفر التنويع السهل.

(5) التوطيد الذي يزود التوظيف لطاقاتنا الفعالة، بتوجيه العين بصفة او اسلوب "مطاردة بنوع مطلق العنان".

(6) والنوعية او الاهمية التي تسرق انتباهنا وتنتج الاعجاب والغرابة.

وبعدها سعى الجماليون التحليليون لربط الجمال ببعض من النظرية العلمية لعلم النفس (امثال جيمس مل) او بالعلوم الاحيائية امثال (هيربرت سنبسر).

علم الجمال ما بعد الحداثة

في نهاية مجموعة بلومس بيوري العائدة الى الفن ما بعد الانطباعي في الاعوام 1990و 1912 فقد كان هناك افتراض شائع في القرن بان كل الفن يجب ان يهدف نحو الجمال، وبالرغم من ان ماتيسي وآخرون بدوا تحدي هذه الفكرة. وخلال القرن العشرون كان هناك تمرد حاد نوعا ما ضد الجمال كحجز اساس لعلم الجمال او الفن. وغالبا كان يهدف ذلك الى توحيد الاحاسيس الجميلة للثقافات الغربية وغير الغربية لانها جزءا مهما لعلم الجمال ما بعد الحداثة. وان اجريت العديد من المحاولات لاستبدال الأفكار الاخرى بحيث توحد الفن وعلم الجمال معا. واقترح كروز بان " التغير" مركزيا بطريقة يكون بها الجمال يعتقد انه لمدة محددة واقترح جورج دكي بان التاسيسات المنطقية الاجتماعية للعالم الفني هي بمثابة الغراء التي تثبت الغطاء الخارجي للفنون الاحساسية نحو التوحيد.

واقترح مارشل ماكلوهان بان الفن دائما يوظف كبيئة عكسية صممت لجعل المرء عادة غير مرئي حول مجتمع ما. وشعر ثدور ادورنو بان علم الجمال لا يمكنه الاستمرار بدون مواجهة دور الثقافة الصناعية في السلعة الفنية والتجربة الجمالية.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأحد 17/تموز/2011 - 15/شعبان/1432

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1432هـ  /  1999- 2011م