روسيا تشكو العقر... وتعسكر في القطب الشمالي

محمد حميد الصواف

 

شبكة النبأ: احتلت روسيا على الدوام مكانة بارزة بين دول العالم في الوقت الحالي والعصور الغابرة أيضا، ولعبت دورا كبيرا في كتابة التاريخ الإنساني ولا تزال، بالرغم من مرورها بين الفينة والأخرى بأزمات عاصفة ومنعطفات خطيرة، على أكثر من صعيد حساس.

حيث مرت تلك الدولة العظمى عقب تفكيك الاتحاد السوفيتي السابق، الا انها استطاعت النهوض بكبوتها بعد الإصلاحات السياسية والاقتصادية الكبيرة، لتعود بعد ذلك الى وزنها الدولي المفترض.

إلا أن تلك الإخفاقات التي واجهت روسيا في السابق كان لها دون أدنى شك آثار ملحوظة على أكثر من صعيد، خصوصا اجتماعيا وثقافيا. يبدو انها ستدوم مع تلك الدولة لعقود قادمة.

21% من الروس يريدون الهجرة

فقد أظهر استطلاع روسي جديدة أن عدد الروس الذين يريدون ترك البلاد ارتفع في العام 2011 إلى 21% مقارنة بـ 5% في العام 1991. ونقلت وكالة أنباء "نوفوستي" الروسية عن مركز بحث الرأي العام الروسي أن 21% ممن شملهم الاستطلاع يريدون الهجرة إلى خارج البلاد، و20% يرغبون في العمل خارجاً. وتبيّن أن أكثر الراغبين بالهجرة هم من الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و24 عاماً، وقال 39% منهم إنهم جاهزون لترك أعمالهم والمغادرة.

وقال مركز البحث إن 75% من المواطنين يريدون البقاء في البلاد أغلبهم من كبار السن (93%) وذوي مستوى علمي منخفض (85%). وشمل الاستطلاع 1600 شخص يعيشون في 46 منطقة بروسيا.

ويبلغ عدد سكان روسيا في الوقت الحاضر 139 مليون نسمة مما يعتبر المؤشر التاسع في العالم من حيث عدد السكان. وستتراجع روسيا بحلول عام 2025 الى المرتبة الثانية عشرة ب 128 مليون نسمة. وستشغل عام 2050 المرتبة السادسة عشرة ب 109 مليون نسمة. جاء هذا التنبؤ في التقرير الاخير الذي قدمه مكتب إحصاء السكان في الولايات المتحدة. ويقول الخبراء الامريكيون معلقين على هذه الارقام ان مستوى الولادات يبقى متدنيا في روسيا الاتحادية شأنها شأن اليابان. لكن روسيا تتصف ايضا بمستوى مرتفع للوفيات.

هذا وتتصدر الصين والهند والولايات المتحدة لائحة الدول التي يعيش فيها اكبر عدد من السكان. وتليها اندونيسا والبرازيل وباكستان ونيجيريا وبنغلاديش وروسيا واليابان.

وينص المكتب الاحصائي على ان الهند ستسبق الصين من حيث هذا المؤشر وستليهما الولايات المتحدة واندونيسيا ونيجيريا والبرازيل وباكستان وبنغلاديش واثيوبيا والمكسيك، علما ان عدد سكان الهند سيبلغ 1,6 مليار نسمة بحلول عام 2050. وستشغل الفيليبين المرتبة العاشرة في هذه اللائحة. وبحسب توقعات الخبراء الامريكيين فان عدد سكان الولايات المتحدة سيشهد نموا مستقرا. وذلك من 311 مليون نسمة حتى 351 مليون نسمة عام 2025 و423 مليون نسمة عام 2050 حين ستشغل البلاد المرتبة الثالثة في العالم من حيث عدد السكان.

خطة لزيادة نسبة المواليد

من جهته كشف رئيس الوزراء الروسي، فلاديمر بوتين، عن خطة حكومية لزيادة نسبة المواليد في روسيا ووضع حد لانخفاض عدد السكان. وستخصص الحكومة 53 مليار دولار بهدف رفع نسبة المواليد وزيادة متوسط العمر المتوقع. وانخفضت نسبة السكان الروس بـ 6 في المئة منذ منتصف التسعينيات من القرن الماضي.

وقال بوتين إنه يتوقع أن يصل متوسط العمر المتوقع إلى سن 71 عاما وترتفع نسبة المواليد بنسبة تتراوح ما بين 25 و 30 في المئة مقارنة بالنسب المسجلة عام 2006. وأعلن بوتين عن الخطة الحكومية خلال خطاب له أمام مجلس الدوما (البرلمان الروسي) بشأن الوضعية الاقتصادية في روسيا وذلك قبل انتخابات رئاسية مقررة في مارس/ آذار 2012.

وألمح بوتين إلى أنه قد يعود إلى الرئاسة لكن ليس من الواضح ما إن كان الرئيس الحالي، ميدفيدف، سيمهد له الطريق.

وكان بوتين الذي ينظر إليه على أنه الحاكم الحقيقي لروسيا تنحى عن الرئاسة بعدما أنهى ولايتين رئاسيتين لأن الدستور الروسي لا يسمح له بالترشح لولاية ثالثة. ودعم بوتين الرئيس الحالي الذي ينظر إليه على أنه حليف سياسي له ليخلفه في الرئاسة.

وينظر إلى خطاب بوتين على أنه مناسبة ليعرض سياسته الاقتصادية قبل الانتخابات الرئاسية في مارس 1212 والبرلمانية في ديسمبر/كانون الأول 2011.

وطرح بوتين نفسه على أنه متشدد سياسيا في حين قدم ميدفديف نفسه على أنه وجه أكثر ليبرالية في النظام الروسي بانفتاحه على الغرب خلال رئاسته.

ويتهم الغرب بوتين بأنه يقمع المعارضة لكن هذا الأخير يقول إن الاستقرار السياسي أهم من الليبرالية المتسرعة.

وشدد بوتين على حاجة الاقتصاد الروسي إلى تنويع مداخيله بعيدا عن الطاقة والصادرات المعدنية وتقليص اعتماده على العالم الخارجي. وأضاف أن الاقتصاد نما خلال الربع الأول من السنة الحالية بنسبة 4.4 في المئة ما جعله أفضل الاقتصادات أداء داخل مجموعة الثماني. وتابع أن الحكومة تهدف إلى اجتذاب استثمارات أجنبية تتراوح قيمتها ما بين 50 و 60 مليار دولار مقارنة بـ 40.5 مليار عام 2010.

انتخابات الرئاسة

من جانبه صرح الرئيس الروسي ديمتري ميدفيديف بأنه يجد أن من الصعب أن يتنافس هو ورئيس الوزراء فلاديمير بوتين في انتخابات الرئاسة الروسية التي ستجرى العام القادم. وقال ميدفيديف إن المنافسة بينه وبين بوتين قد تكون ضارة. ولكن ميدفيديف امتنع في تصريحاته لصحيفة فاينانشيال تايمز البريطانية عن نفي أو تأكيد عزمه خوض الانتخابات للفوز بفترة رئاسية ثانية. وأكد أن التقارير التي تحدثت عن وجود منافسة بينه وبين بوتين غير صحيحة على إلاطلاق.

ويقول ستيف روزنبرج مراسل بي بي سي في موسكو إن تصريحات الرئيس الروسي جاءت حافلة بالرسائل المتناقضة. فلدى سؤاله في مقابلة الفاينانشيال تايمز عما إذا كان سيسعى للبقاء في الكريملين لفترة ثانية قال ميدفيديف إن أي قائد يتولى منصب الرئيس لا بد وببساطة أن يشعر بالرغبة في مواصلة ذلك ، ولكنه استدرك قائلا أما اتخاذ ذلك القرار من عدمه فهو قضية أخرى.

وبدا أن ميدفيديف يميل إلى استبعاد وقوفه في وجه فلاديمير بوتين إذا قرر ذلك الأخير أن يتقدم بأوراق ترشيحه لمنصب الرئيس.

وقال ميدفيديف أنا وفلاديمير بوتين نشكل ، وبدرجة كبيرة، نفس القوة السياسية الموحدة، وبوتين هو زميلي وصديق قديم، ولذلك فإن المنافسة بيننا قد تقضي على المهام الموكولة لنا والأهداف التي نتطلع إليها.

وجدد ميدفيديف تعهده بتحديث روسيا، وقال إن ذلك يعتمد على توسيع نطاق المشاركة السياسية. وحذر ميدفيديف من أنه في غياب المنافسة السياسية فإن دعائم اقتصاد السوق ستبدأ في الانهيار. وألمح إلى احتمال التراجع عن بعض مظاهر المركزية السياسية وسيطرة الدولة على الإقتصاد التي أرساها بوتين عندما كان رئيسا لروسيا. وقال إنه في بعض الدول هناك تعايش ناجح بين إقتصاديات السوق والمنافسة السياسية المحدودة، وإن كان ذلك لا يصلح لنا.

ويكشف مراسلنا ستيف روزنبرج عن أن الأيام القليلة الماضية شهدت توجيه ميدفيديف انتقادات متزايدة لرئيس وزرائه بوتين، ولكن بوتين سيظل في كل الأحوال هو الرجل القوي في روسيا في رأي الكثيرين وهو المرشح الأوفر حظا للفوز بالرئاسة الروسية للمرة الثانية في حياته.

الحقبة الستالينة

في السياق ذاته تعج اوساط المدونات الروسية بتعليقات منتقدة بعدما اطلق الجهاز المكلف ضمان امن المسؤولين الكبار في الدولة مثل فلاديمير بوتين، استدراج عروض لحصول على معاطف جلدية مقاومة للمطر تشبه كثيرا تلك التي كان يرتديها افراد شرطة ستالين السياسية.

هذه المعاطف الطويلة السوداء اصبحت مرادفا للشرطة السوفياتية السرية (ان كاي في دي) سلف الكاي جي بي التي كانت تشن عمليات تطهير خطط لها ستالين في نهاية الثلاثينات.

وجاء على موقع استدراج العروض التابع للحكومة ان هذه المعاطف الطويلة طلبها جهاز الحماية الفدرالي المكلف ضمان امن الشخصيات العليا في الدولة ما اثار سلسلة من التعليقات المنتقدة في اوساط المدونين الروس.

وقال احد المدونين الروس على موقع التواصل الاجتماعي "لايف جورنال"، "استدراج العروض المقبل سيشمل شاحنات شرطة سوداء وبنادق موزر".

وكانت شرطة ستالين غالبا ما توقف الاشخاص في منازلهم وتقتادهم في شاحنات سوداء وكان الضباط مسلحين خصوصا ببنادق موزر المانية الصنع.

واعتبر الخبير الروسي في مسائل الامن اندريه سولداتوف انه يجب عدم النظر الى ذلك على انه عودة الى النهج الستاليني بل فقط رغبة في التميز عن الوحدات الاخرى.

القطب الشمالي

فيما قال وزير الدفاع الروسي إنه يخطط لإنشاء لواءين عسكريين متخصصين يكون مقرهما القطب الشمالي. ويأتي الاعلان بعد ايام من تصريحات رئيس الوزراء الروسي فلاديمير بوتين بأن روسيا ستدافع بقوة عن مصالحها في المنطقة.

ونقلت وكالة ايتار تاس الروسية عن الوزير اناتولي سيرديوكوف قوله تعمل قيادة الأركان حاليا على خطط لإنشاء هاتين الوحدتين. وأضاف دون إعطاء المزيد من التفاصيل سيتم تحديد موقع اللواءين وكذلك أسلحتهما وإعدادهما وبنيتهما.

وذكرت وكالة ايتار تاس أن موقع اللواءين العسكريين قد يكون في مورمانسك أو ارخانجيلسك.

وأوضح سيرديوكوف إن بلاده قامت بدراسة القوات المتخصصة في القطب الشمالي في كل من فنلندا والنرويج والسويد.

ويقول مراسل بي بي سي في موسكو دانييل ساندفورد إن الخطط الروسية لزيادة عدد القوات في القطب الشمالي لاتزال في مرحلة مبكرة على الرغم من هذه التصريحات. وكان بوتين قد صرح بأن روسيا ستعزز وجودها في المنطقة لحماية مصالحها. وقال في اجتماع لحزب روسيا المتحدة الحاكم فيما يتعلق بمصالحنا في القطب الشمالي، سنحميها بحزم وبشكل دائم.

وكانت روسيا قد رسمت اواخر العام الماضي حدودا جديدة للقطب الشمالي بينها وبين النرويج واتفقت على تسهيل اجراءات المرور عبر الحدود على امل دعم التعاون المستقبلي بينهما في استكشاف الغاز والنفط.

وعززت ظاهرة الاحتباس الحراري التكهنات بأن القطب الشمالي ربما يوفر فرصا خاصة بالتعدين وصيد الاسماك والملاحة للدول التي تزعم السيادة على مناطق في القطب وهي روسيا والولايات المتحدة والدنمارك وغرينلاند وكندا والنرويج والصين.

الاصلاح في الجيش

على صعيد متصل قدم عدة جنرالات في الجيش الروسي استقالاتهم احتجاجا على سوء ادارة القوات المسلحة بحسب قولهم والاصلاح الذي يقوم به حاليا رئيس هيئة الاركان نيكولاي ماكاروف كما افادت صحيفة نيزافيسمايا غازيتا الروسية.

وبين المستقيلين خصوصا النائب الاول لرئيس هيئة الاركان الجنرال اندري تريتياك والنائب الاول لقائد سلاح البر سيرغي سكوكوف كما افادت الصحيفة ووكالة ريا نوفوستي.

ورفض المكتب الاعلامي لوزارة الدفاع الروسية تاكيد هذه الاستقالات. وقدم هؤلاء الجنرالات استقالاتهم بدون اعطاء اسباب لكن ضابطا رفيع المستوى في وزارة الدفاع الروسية قال رافضا الكشف عن اسمه للصحيفة انهم ارادوا عبر تلك الخطوة ابداء معارضتهم لادارة الاصلاح في الجيش من قبل الجنرال ماكاروف.

وقال هذا الضابط لصحيفة نيزافيسمايا غازيتا ان "التحضير الرائع للقوات المسلحة الذي يتباهى به رئيس هيئة الاركان ليس سوى وهم". بحسب فرانس برس.

من جهته قال ابرز خبير روسي في الشؤون العسكرية الكسندر غولتز لوكالة فرانس برس "لدي الكثير من الشكوك حول هذه الرواية. منذ 35 عاما وانا اتابع الشؤون العسكرية، لم ار ابدا جنرالا يستقيل بسبب خلاف ما. ان جنرالاتنا يتحملون كل شيء طالما لم يتم المس بمصالحهم الشخصية".

ويخوض الجيش الروسي منذ سنوات عدة عملية تفرغ جزئية في صفوفه وخفضا لعديده. ويتوقع ان يحال حوالى 200 الف ضابط للتقاعد بحلول العام 2012. وتضم القوات المسلحة الروسية حاليا مليون عنصر.

مكانة في الفضاء

من جهة أخرى بعد مرور خمسين عاما على الرحلة التاريخية لرائد الفضاء يوري غاغارين ما زالت روسيا تحتل مكانة لا غنى عنها في مجال الرخلات المأهولة الى الفضاء واطلاق الاقمار الصناعية، لكنها ترتكز في جزء كبير من ذلك على انجازات الحقبة السوفياتية.

فمن المقرر ان تطلق وكالة الفضاء الروسية هذا العام 48 صاروخا الى الفضاء، أي بزيادة نسبتها 50% عن العام 2010، وخصوصا اربعة صواريخ من طراز سويوز مأهولة باتجاه محطة الفضاء الدولية اضافة الى خمسة صواريخ من طراز بروغرس لنقل المؤن اليها، مؤكدة على موقعها الثابت في مجال اطلاق الاقمار الصناعية.

وقال الخبير في مجال الفضاء ايغور مارينين "لدينا العدد الاكبر من عمليات اطلاق المركبات الفضائية في العالم، وطلبات من الخارج لاطلاق صواريخ تضع اقمارا صناعية في مدارها". بحسب فرانس برس.

وما زالت عملية ارسال رواد فضاء الى محطة الفضاء الدولية حكرا على الولايات المتحدة وروسيا، لكن الاميركيين سيعهدون بهذا الامر الى صواريخ سويوز الروسية بعد إطلاق آخر مكوكين لهم، وذلك بانتظار الطراز الجديد من المكوكات الاميركية الذي لن يكون جاهزا قبل العام 2015.

وتعد صواريخ سويوز (الوحدة باللغة الروسية) رأس الحربة في قطاع الفضاء الروسي، فهذا الطراز من الصواريخ اوكلت اليه مهمة اطلاق اول قمر صناعي (سبوتنيك في العام 1957)، ومن ثم اطلاق رحلة غاغارين الى الفضاء بعد ذلك بأربع سنوات.

ويبلغ مجموع عدد المهمات التي نفذتها صواريخ سويوز اكثر من 1700، معظمها اطلق من قاعدة بايكونور الفضائية في كازاخستان، كما ان هذه الصواريخ اوكلت اليها مهمة الرحلات السياحية الى محطة الفضاء الدولية، والتي تصل كلفة الرحلة الواحدة منها الى عشرات الملايين من الدولارات.

وضع النموذج الاول من صواريخ سويوز في الخدمة العام 1957، وهو صاروخ بسيط آمن ورخيص الثمن. ومن المقرر ان تبدأ رحلات سويوز الى الفضاء انطلاقا من قاعدة كورو في غويانا الفرنسية في 31 آب/اغسطس وفقا لاتفاق فرنسي روسي في مجال الفضاء.

وسيتيح هذا الاتفاق لوكالة الفضاء الاوروبية ان يكون في متناولها مجموعة كاملة من الصورايخ الفضائية، اذ تنضم صواريخ سويو الى الصواريخ الاوروبية اريان 5 وفيغا.

وقد جرى تطوير صواريخ سويوز مرات عدة، لكن أي تعديل جذري لم يطرأ عليها منذ نسختها الاولى. إلا ان ايغور مارينين يرى ان برنامج الفضاء الروسي ينقصه الطموح مقارنة ببرنامج وكالة الفضاء الاميركية ناسا او وكالة الفضاء الاوروبية.

فالعديد من الاكتشافات الفضائية جرت على يد الاوروبيين، وهناك تعاون بين الاميركيين والاوروبيين في برامج استكشاف كوكب المريخ في المستقبل.

وبعدما حقق الاتحاد السوفياتي تقدما كبيرا في مجال الفضاء، عادت روسيا وانكفأت في هذا المجال واضطرت الى التعاون مع خصومها في الحرب الباردة بسبب نقص الاموال.

كما ان الروس اضطروا الى التخلي عن محطة مير الفضائية في العام 2001، والتي كانت منذ العام 1986 تشكل رمزا للنجاح السوفياتي في مجال الفضاء، وتعاونوا مع الدول الغربية في بناء محطة الفضاء الدولية.

وفي السنوات التي تلت تفكك الاتحاد السوفياتي في العام 1991، لجأت روسيا الى اعادة هيكلة قطاع الفضاء بسبب النقص في الموارد المالية.

لكن الوضع هذا تغير مع وصول فلاديمير بوتين الى الكرملين في العام 2000، وانتعاش البلاد جراء ارتفاع عائدات النفط.

ومنذ العام 2008، تضاعفت ميزانية وكالة الفضاء الروسية روسكوسموس أكثر من مرتين حتى وصلت في العام الجاري الى 94,3 مليار روبل (3,2 مليار دولار)، لكنها ما تزال بعيدة عن ميزانية وكالة الفصاء الاميركية الى تصل الى 19 مليار دولار، بحسب الخبير ايغور ليسوف.

وتسعى روسيا الى اطلاق نطام غلوناس، الذي تعود فكرته الى الثمانيات، في محاولة لمنافسة نظام جي بي اس الاميركي لتحديد المواقع الجغرافية ونظام غاليليو الاوروبي المماثل المرتقب، لكن غلوناس لم يبصر النور بعد.

وتأمل روسيا ان تطلق هذا العام المسبار فوبوس-غرانت الذي سيرسل صورا لاحد قمري كوكب المريخ "فوبوس"، وستكون هذه اول مهمة روسية الى كوكب آخر منذ 15 عاما.

هبة الله

من جانب آخر قال كبير الخبراء الاستراتيجيين في الكرملين في تصريح عام نادر ان الله ارسل رئيس الوزراء الروسي فلادمير بوتين لروسيا لمساعدة بلاده في واحدة من أشد الاوقات اضطرابا.

وقال فلادسلاف سوركوف المؤيد القوي لبوتين وأحد اقوى الشخصيات في روسيا في تصريح للتلفزيون الشيشاني الرسمي نقلته وكالة انترفاكس "في الحقيقة أؤمن ان بوتين شخص ارسل لروسيا عن طريق القدر ومن قبل الله في وقت صعب على روسيا." واضاف سوركوف الذي يشغل ايضا منصب النائب الاول لرئيس ديوان الكرملين "كتب عليه القدر ان يحمي شعبنا."

وشغل بوتين (58 عاما) الرئاسة خلال الفترة من عام 2000 وحتى 2008 قبل ان يصبح رئيسا للوزراء ويعتبر على نطاق واسع الصانع الرئيسي للقرار في روسيا.

واستعاد الضابط السابق في المخابرات السوفيتية السابقة كي.جي.بي الذي اختاره الرئيس الاسبق بوريس يلتسين رئيسا للوزراء ووريثا له العزة الوطنية لاعادته الجنود الى الشيشان لقمع تمرد مزدهر وأشرف على ادارة ازدهار اقتصادي طويل أعقب الفوضى التي تلت انهيار الاتحاد السوفيتي.

وسحق بوتين الذي يحظى بشعبية بين الروس العاديين قلة من رجال الاعمال كانت لهم طموحات سياسية بعد ان كونوا ثروات خلال عهد يلتسين وصنع نظاما سياسيا يعتمد على سلطته الشخصية وتهميش الخصوم.

ولم يعلن بوتين ولا الرئيس الحالي ديمتري ميدفيديف (45 عاما) ما اذا كانا ينويان خوض الانتخابات المقررة في مارس اذار. ويندر الدعم العلني من قبل المسؤولين لاي منهما.

وستتسبب تصريحات سوركوف الذي عمل في الكرملين طوال فترة رئاسة بوتين في انتقادات من قبل خصومه بأن نوعا من عبادة الشخصية يتكون حول رئيس الوزراء قبل الانتخابات الرئاسية المقررة في العام المقبل.

وقبل شهرين ظهرت طائفة في وسط روسيا وقالت ان بوتين قديس ومنقذ. وقال متحدث ان بوتين لا يوافق "على مثل هذا النوع من الاعجاب." واثار تحالف بوتين مع الكنيسة الاورثوذكسية توتر الاقلية المسلمة الضخمة في روسيا ومن يقولون انه يقوض الدستور الروسي العلماني.

من السياسة إلى التايغا؟

ويتباهى رئيس الوزراء الروسي فلاديمير بوتين بالتزامه قضية الأجناس المهددة، هو الذي التقطت له صور مع أنثى نمر في قلب التايغا وأخرى مع فهد ودببة قطبية في سيبيريا... لكن عددا من الخبراء يفضحون انتهاكات تتعرض لها بعض الحيوانات تحت غطاء برامج علمية.

والأسبوع الماضي، شوهد الرجل الأقوى في روسيا مع فهد ثلوج عبر شاشة التلفزيون الرسمي، وهو الذي يتبنى برامج حماية نمر سيبيريا والحوت الأبيض والدب القطبي.

وكان بوتين قد وصل مرتديا معطفا ومعتمرا قبعة تقليدية من الفرو إلى حيث ينتظره الفهد في قفص، على متن دراجة ثلجية يقودها هو. أما الفهد فكان قد زود بجهاز تحديد المواقع الجغرافية "جي بي أس".

وأوضحت المعلقة في التلفزيون الروسي أن "فلاديمير بوتين أصر على التأكد من سير الأمور على خير ما يرام، قبل أن يطلق الفهد في الطبيعة".

لكن هذه الحلقة التلفزيونية التي نظمت بالتعاون مع اختصاصيين يعملون لصالح برنامج وضعه معهد "سيفيرتسوف" في موسكو وتموله المجموعة النفطية العامة "ترانسنيفت"، كانت قد أثارت جدلا.

وكانت القناة الروسية التابعة للصندوق العالمي للطبيعة قد لفتت إلى إلقاء القبض على الحيوان قبل أيام عدة في منطقة أخرى ليتم نقله لاحقا في طائرة مروحية مسافة 160 كيلومترا، للمناسبة.

وفي بيان، رأى برنامج خاص بالتنوع الحيوي يموله برنامج الأمم المتحدة للتنمية أن اقتلاع الحيوان من بيئته الطبيعية يعتبر "جريمة". وأضاف أن عملية تزويد الفهد بجهاز مرسل لا تتطلب أكثر من ربع ساعة.

لكن معهد "سيفيرتسوف" دافع عن نفسه في بيان مؤكدا أنه أبقى على الحيوان محتجزا لمعالجة جراح كان قد أصيب بها. وأعلن ديميتري بيسكوف المتحدث باسم بوتين لوكالة فرانس برس أن الفهد "كان مريضا"، معتبرا أن الاتهامات "لا تستند على أي أساس".

لكن ألكسندر بونداريف رئيس البرنامج الذي يموله برنامج الأمم المتحدة للتنمية شكك بالرد الصادر عن المعهد. فقال "كما لو أن الفهد شفي لحظة رأى رئيس الوزراء".

يستطيع الحيوان البري أن يفتت أسنانه عندما يكون محتجزا. وليس هناك سوى مئة فهد تقريبا من فهود الثلوج في روسيا، "وكل فهد منها يساوي ذهبا"، بحسب ما يلفت بونداريف.

وكان برنامج معهد "سيفيرتسوف" الذي تدعمه السلطات الروسية قد وضع قائمة بستة فصائل مهددة من الثدييات، استفادت حيوانات عدة منها خلال السنوات الأخيرة من اهتمام بوتين الخاص.

وفي ربيع العام 2010، داعب رئيس الوزراء دبا قطبيا كان العلماء قد حقنوه بمنوم حتى يتمكنوا من تزويده بطوق مرسل. كما ظهر بوتين في حلقة أخرى مع حوت أبيض.

أما في العام 2008 فقد ظهر الرئيس الروسي السابق مع أنثى نمر سيبيريا في أقصى شرق روسيا.

إلى ذلك، يظهره فيلم فيديو يمكن الاطلاع عليه على موقع الحكومة الروسية، وهو يرتدي زيا خاصا بالصيد مقتربا من نمر وقع في شرك.

ويؤكد التعليق أن "فلاديمير بوتين يصل إلى المكان تزامنا مع هجوم أنثى النمر المفاجئ". فيطلق رئيس الوزراء باتجاهها سهما "تخترق كتفها الأيمن". وبعد أن تستسلم للنوم يضع لها الطوق المرسل.

في الواقع، سرت أخبار تقول بأن أنثى النمر هذه نقلت من حديقة حيوانات خباروفسك على بعد 500 كيلومتر وقد تم تنويمها لتصحو لحظة وصول بوتين، بحسب ما أشار لوكالة فرانس برس أحد الخبراء المتخصصين بهذه الفصيلة فضل عدم الكشف عن هويته. واقترح الخبير أن يتم التأكد من ذلك عبر مقارنة فرو أنثى النمر الذي يأتي فريدا بالنسبة إلى كل حيوان.

وفي حين تحظى البرامج ذات الرعاية الرسمية بتمويل وتغطية إعلامية، يشكو أهل الاختصاص من الأجور المنخفضة ومن تقليص عدد العاملين ميدانيا منذ حل الهيئة الفيديرالية لحماية البيئة الذي أقره بوتين في 17 أيار/مايو 2000، بعد عشرة أيام على بلوغه الكرملين.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأحد 17/تموز/2011 - 15/شعبان/1432

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1432هـ  /  1999- 2011م