العراق ينقب عن آثاره من جديد مع عودة البعثات الدولية

محمد حميد الصواف

 

شبكة النبأ: يسعى العراق الى معاودة التنقيب عن آثاره مجددا بعد عقود من وقف البحث التي تسببت به الحروب والأوضاع السياسية الماضية، ويشير المختصون في هذا البلد على وجود الآلاف من الواقع الأثرية غير المكتشفة. في حين تشكو المئات من المواقع غير المنقبة الإهمال الحكومي المستمر، في الوقت الذي تطمح العديد من الدول والمنظمات نيل فرصة التنقيب الآمن في العراق، نظرا لأهمية ذلك تاريخيا وعلميا.

وشهد ذلك البلد الخارج من أتون الحرب الأهلية عودة لا بأس بها لفرق التنقيب الدولية، خصوصا في مناطق شمال ووسط العراق، التي توقعت العثور على بعض الكنوز لأمم الغابرة، والسلالات التي حكمت العراق والتي لا تزال آثارها تحت باطن الأرض.

الجدير بالذكر أن إحدى عجائب الدنيا السبع القديمة المتمثلة بالجنائن المعلقة، موجودة في مدينة بابل الأثرية الواقعة جنوب العاصمة العراقية بغداد.

مدينة اور التراثية

ويصعب على قاصدي موقع اور الاثري الا يحلموا بالكنوز التي يحجبها التراب والغبار عن اعينهم، لكن الاهم بالنسبة للخبراء حاليا هو ضرورة حفظ الروائع التي جرى اكتشافها في القرن الماضي في هذا الموقع السومري في جنوب العراق.

مر نحو نصف قرن من دون ان تجري اي اعمال ترميم في هذا الموقع، مسقط رأس النبي ابراهيم على ما ورد في الانجيل، فيما تحمل معالمه ندبات صراعات العقود الاخيرة او تلك الناتجة عن ظروف مناخية قاسية في هذه المنطقة الجافة.

واطلقت السلطات العراقية اخيرا بمساعدة صندوق التراث العالمي، وهو منظمة اميركية غير حكومية، مشروعا لاعادة تأهيل هذا الموقع الذي يقع على بعد حوالى 300 كلم من بغداد، والذي لم يكشف حتى الآن عن اكثر من 10 % من اسراره.

ويقول باحث الاثار العراقي واحد المسؤولين عن المشروع عبد الامير حمداني لوكالة فرانس برس، ان "الكنوز موجودة الآن تحت اقدامنا"، مشيرا الى كومة تراب على بعد بضعة امتار.

واضاف "عندما تزيلون كومة التراب السميكة هذه، قد تجدون معبدا او جدارا او منزلا يعود الى الالفية الخامسة قبل الميلاد". بحسب فرانس برس.

ويتابع العالم العراقي الحائز شهادة دكتوراه من احدى جامعات نيويورك، ان "العالم كله متحمس لفكرة القيام بحفريات هنا. ولكن ما الفائدة من تكديس هذه الكنوز في المتاحف اذا لم نستطع الحفاظ على المعالم؟"

وهناك ضرورة عاجلة لانقاذ هذه المدينة التي كانت قبل حوالى 4100 سنة، عاصمة امبراطورية مزدهرة حكمت بلاد ما بين النهرين، قبل ان تتعرض للاهمال في القرن الرابع قبل الميلاد بعدما ابتعد عنها مجرى نهر الفرات الذي كان يمدها بالماء والحياة.

ويرفض المشرفون على صندوق التراث العالمي الاستعجال في البدء باعمال التنقيب. ويقول مدير الصندوق جيف مورغان ان "اولويتنا تتركز على احترام القواعد العلمية في حفظ المعالم"، علما ان المنظمة ستقوم باستثمار 580 الف دولار في هذا المشروع على مدى السنوات الخمس المقبلة، آملة في ان تساهم الحكومة العراقية ايضا بمليون دولار.

وقبل الانتقال الى المعالم، فان الخطوة الاولى من المشروع ستتركز على تحديد الموقع الكامل للمدينة، من خلال تقنيات لم تستخدم من قبل في اور وتستند الى الاقمار الاصطناعية ورادار مخصص لذلك.

وبعد ذلك فقط، يمكن البدء بالعمل على اعادة تأهيل المدينة التي لم تسجل حتى الآن الا على قائمة التراث العالمي المقتة التابعة لمنظمة اليونيسكو. ويرى حمداني ان الجهود يجب ان تتركز على "تحفتي الموقع"، وهما المقبرة الملكية والزقورة.

واعيد ترميم هذه المعالم المتجذرة في التاريخ القديم، وبينها معبد نانا، إلهة القمر السومورية، في ستينات القرن الماضي، الا انها تعاني منذ الكشف عنها من "التآكل البطيء"، على ما يؤكد العالم الايطالي اليسندرو بيانكي.

ويقول بيانكي الذي امضى الاشهر الستة الماضية في تأهيل ستة عراقيين مكلفين ترميم احجار الاجر التي تملئ المكان، ان هذه المعالم تتعرض الى الهواء المصحوب بالحرارة العالية جدا خلال فصل الصيف، وتعاني من ملوحة الارض.

وليس المناخ وحده مسؤول عن التدهور الحاصل في هذا الموقع الاثري، الذي عانى ايضا من وجود قاعدة عسكرية عراقية بقربه وجرى استهدافها خلال الحرب الخليجية بين عامي 1990 و1991.

ويعتبر حمداني ان ارتباط الموقع بعد عام 2003 بقاعدة عسكرية اميركية، ابعده عن اعمال العنف والسرقة التي طالت عددا كبيرا، تصل لحوالى 12 الف موقع اثري في العراق.

ولم تجر اي حملة تنقيب كبيرة في الموقع منذ اعمال المتحف البريطاني وجامعة بنسلفانيا في عشرينات وثلاثينات القرن الماضي. الا ان عمل صندوق التراث العالمي سيمهد الطريق امام علماء الاثار الراغبين بالعودة.

وبالنسبة الى مورغن، فان هذا المشروع سيؤدي الى تحسين احد اهم المعالم الاثرية في بلد يملك قدرة سياحية كبيرة تقتنص من اهميتها اعمال العنف المتواصلة منذ الاجتياح الاميركي للبلاد قبل ثماني سنوات. ويسأل "كل السياح زاروا مصر خلال السنوات الثلاثين او الاربعين السابقة. لكن من زار منهم العراق؟"

عودة حذرة لعلماء

الى ذلك بدأ علماء اثار اجانب يعاودون استكشاف المواقع الاثرية العراقية، الا ان الوضع الامني الذي يبقى هشا بعد ثماني سنوات من سقوط نظام صدام حسين، لا يزال يردع غالبية هؤلاء عن الخوض في خبايا جنوب العراق، قلب بلاد ما بين النهرين.

من اقليم كردستان الشمالي الذي يتمتع باستقرار امني نسبي، اختار معظم علماء الاثار الانطلاق في مهماتهم من جديد في العراق الذي يحتضن اكثر من 12 الف موقع اثري، بقيت على مدى ثلاثة عقود محاصرة بنيران الحروب والعقوبات الدولية.

وتقول عالمة الآثار الفرنسية ومديرة الابحاث في المعهد الوطني للابحاث العلمية كريستين كبينسكي ان "العلماء الاجانب يراقبون الوضع عن كثب، الا ان عددا قليلا منهم فقط يتوجه الى بغداد". وتوضح ان "اعدادنا تزداد في كردستان تحديدا"، مشيرة الى نشاطات منذ العام 2006 لجمعيات وعلماء آثار من تشيكيا وايطاليا وبريطانيا وهولندا واليونان وفرنسا والمانيا.

ويقوم علماء المان منذ العام 2009 بالتنقيب في موقع صغير قريب من قلعة اربيل (320 كلم شمال بغداد)، على ما تؤكد مديرة قسم الشرق في المعهد الالماني لعلوم الاثار مارغاريت فان اس.

وكانت كبينسكي وفان اس شاركتا العام 2002 في آخر حملتين اجنبيتين للتنقيب عن الاثار في العراق قبل الاجتياح الاميركي للبلاد في العام التالي. وكان هدف البعثة الفرنسية مدينة سنجار على بعد حوالى 400 كلم من شمال غرب بغداد، فيما كانت نظيرتها الالمانية تعمل في اوروك جنوب البلاد. بحسب فرانس برس.

ويذكر ان قطاع الاثار العراقي شهد تجميدا للاعمال فيه خلال الحرب العراقية الايرانية (1980 - 1988) والعراقية الكويتية عامي 1990 و1991.

ويختار علماء الاثار الاجانب اليوم البدء في رحلتهم من كردستان، مستندين في هذا القرار الى امرين اساسيين، اولهما انه لم يجر اكتشاف هذا الاقليم بشكل كامل بعد، والاهم من ذلك انه يتمتع بهدوء واستقرار بعدما استطاع، الى حد بعيد، تجنب اعمال العنف التي لا تزال تهز البلاد يوميا منذ العام 2003.

ورغم ذلك، يخطط بعض العلماء والخبراء للعمل في جنوب البلاد، وبينهم العالم اللغوي الايطالي والبروفسور في جامعة سباينزا في روما فرانكو داغوستينو.

ويامل داغوستينو في زيارة موقع ابو طبيره قرب مدينة الناصرية (305 كلم جنوب بغداد) في الخريف المقبل، على ان تشكل رحلته "مهمة التنقيب الاجنبية الاولى في الجنوب العراقي منذ العام 2003"، على ما يقول.

ويقول داغوستينو ان هذه المهمة تحمل ايضا طابعا "سياسيا". ويرى انه "من المهم اظهار ان المهمات الاجنبية تستطيع العودة للعمل في العراق، وتجاوز المخاوف والثقة بالعراقيين"، مضيفا انه "اذا قال زملائي العراقيون اننا نستطيع العودة، فيجب ان نستمع اليهم".

ويقول العالم الايطالي انه "في حال حدوث مشكلة معنا، فان عمليات التنقيب ستتأجل لعشرين سنة اخرى".

وشهدت بلاد ما بين النهرين في القرن التاسع عشر منافسة بين علماء الآثار البريطانيين والفرنسيين، قبل ان ينضم الى هذه المناسفة الاميركيون والالمان وعلماء وباحثون من دول اخرى بحثا عن الكنوز الاثرية في العراق.

ويقول دبلوماسي غربي ان "منطق الاستعمار هذا لم يعد موجودا". ويوضح انه "لا تزال هناك مدارس مختلفة تعمل في هذا القطاع، لكن بعيدا عن روح المنافسة التي كانت تقوم على افكار جيوسياسية ومادية، حيث ان البعثات كانت تغادر العراق وحقائبها مليئة بالاثار لوضعها في متاحف بلادها".

ويشدد الدبلوماسي الغربي على ان "العراقيين يريدون وضع يدهم على كل ما يتعلق بهذه الآثار، ولذا فنحن نعمل على اعادة اطلاق مهمات التنقيب بروح تعاون".

البحث عن معركة جرت قبل ثلاثة قرون

فيما يقوم علماء آثار يونانيون بالبحث عن الساحة التي جرت فيها المعركة الكبرى بين الاسكندر المقدوني وداريوش الاخميني قبل اكثر من ثلاثة قرون قبل الميلاد، في مدينة اربيل كبرى مدن اقليم كردستان العراق.

ويرئس الفريق البروفسور قسنطينوس كوبانياس من جامعة اثنيا، ويضم 14 باحثا في مجال الاثار والتنقيبات. وينقسم الفريق الى قسمين، الاول مختص بالتنقيب، وآلاخر بإعداد دراسة على ساحة معركة "كوكاميلا".

ويقول كوبانياس لوكالة فرانس برس ان "عمليات البحث بدأت قبل ايام عدة من قبل فريق يضم علماء آثار وتأريخ".

ومعركة كوكاميلا، هي المعركة الكبرى التي جرت بين الاسكندر الكبير وداريوش، وكانت احدى اهم المعارك في التاريخ القديم. ويقوم الفريق بالبحث في ثلاث محافظات هي اربيل ودهوك ونينوى.

وقال حيدر حسن حسين مدير آثار اربيل لوكالة فرانس برس ان "عمليات البحث تجري في منطقة شمامك (شمال غرب مدينة اربيل) وكذلك في حدود منطقة بردرش (التابعة لمدينة عقرة في محافظة دهوك) وارتفاعات جبل مقلوب شمال الموصل". واضاف ان "الهدف من وراء ذلك هو معرفة مكان وقوع هذه المعركة، ومكان مبيت الجيوش، وكم قاتلت قوات الاسكندر المقدوني وداريوش، واين انتهت المعركة، وعدد قتلى الحرب، والاسلحة والادوات التي استخدمت في هذه المعركة".

وقامت العديد من فرق الاثار الاوروبية خلال السنوات القليلة المنصرمة بتنقيبات بحثا عن هذه الارض منها فرق هولندية والمانية وفرنسية.

وبحسب عبدالله خورشيد الاكاديمي المختص في مجال الاثار فان "اربيل اشتهرت بمعركة +اربائيلا كوكاميلا+ الحاسمة التي جرت بالقرب من اربيل سنة 331 قبل الميلاد والتي انتصر فيها اسكندر المقدوني على داريوش الاخميني". واضاف ان "هناك غموضا حول الموقع الذي جرت فيه المعركة، وهناك مصادر عديدة تتضارب فيها الاقوال حوله".

وتابع قائلا إن دائرته "تفتقر الى دراسات في هذا المجال، والمختصون يريدون مسائل حتمية بهذا الخصوص ونأمل ان يتوصل الفريق اليوناني الى نتائج ايجابية و حتمية".

وقال كوبانياس "نحن نريد ان ندرس الموقع ككل، كي نفهم افضل تاريخ شمال بلاد ما بين النهرين". واضاف "وجدنا حتى آلان عددا من الانشاءات مبنية من الطين الاجر، استخدم بعضها كمطابخ وأخرى للتخزين، والكثير من العظام المحروقة، لكن يتعين علينا القيام بمزيد من التنقيبات لمعرفة ما سنعثر عليه".

واوضح ان "الفريق عثر في تل نادر حتى الان على سبعة الاف مادة فخارية و1700 اداة حجرية، وننتظر المزيد لاننا لم نحفر بعمق ونعمل بتأن وحرص شديد، ونقوم بجمع كل شيء من اجل التوصل الى افضل النتائج".

وتضم أرض العراق آثارا من الحضارات القديمة والحديثة التي تعاقبت عليه، بدءا من الاكادية والسومرية والاشورية والبابلية مرورا بالفارسية والبيزنطية وانتهاء بالاسلامية وخصوصا العباسية والعثمانية.

وفي السنوات الماضية، فقدت المتاحف العراقية نحو 15 الف قطعة اثرية، تمت اعادة حوالى ستة الاف منها حتى الان.

وتشمل الاثار المسروقة مسكوكات ومخطوطات وحليا وفخاريات وتماثيل والواحا مكتوبة بالخط المسماري يعود بعضها للعصور السومرية والاشورية والبابلية والاسلامية تم نهبها خلال الفوضى التي رافقت دخول القوات الاميركية الى بغداد عام 2003.

وقد اعلنت وزارة السياحة والاثار مطلع نيسان/ابريل 2009 العثور على اربعة الاف قطعة اثرية خلال 2007 و2008 تعود الى حقبات زمنية مختلفة في 19 موقعا في محافظات كربلاء وميسان والسماوة وبابل (جنوب) والانبار (غرب) وصلاح الدين (شمال)".

أمريكا تعيد لبغداد تحفا نهبت

من جانب آخر أعاد مسؤولون أمريكيون للحكومة العراقية تحفا أثرية بعضها يرجع الى العصر البابلي من بينها عقد من الخرز ولوحات من الفخار احداها لعشتار الهة الحب والحرب وملصقات للديكتاتور صدام حسين.

وتسلمت الحكومة العراقية هذه التحف وبعضها يرجع 4000 عام الى الوراء وجاء ذلك في اطار مهمة جارية لمعرفة مكان أكثر من 15 ألف قطعة يعتقد انها نهبت من متاحف العراق ومواقعه الاثرية منذ بدء الغزو الذي قادته الولايات المتحدة عام 2003.

وقال سمير الصميدعي سفير العراق في الولايات المتحدة ان هذه الجهود تكتسب أهمية خاصة مع اعادة بناء العراق واستعداد القوات الامريكية للانسحاب من البلاد بحلول نهاية العام.

وقال الصميدعي لرويترز "حين نعيد الى الوطن المزيد والمزيد من القطع يترسخ الشعور بأن العراق يتعافى."

وتتضمن التحف أواني ولوحات من الفخار (تيراكوتا) من عام 1600 الى عام 2000 قبل الميلاد تصور الحياة اليومية لالهة ما بين النهرين. وعثر الخبراء في مزاد بصالة كريستي على عقد من الخرز يرجع الى عام 2500 قبل الميلاد يعتقد انه من المقابر الملكية لمدينة أور وهي من المدن السومرية القديمة.

وحققت مهمة خاصة تابعة لمكتب التحقيقات الاتحادي الامريكي (اف.بي.اي) عام 2006 مع متعاقدين في مجال الدفاع اتهموا بتلقي رشا والاحتيال وكان بعضهم يجمع ويهرب التحف العراقية الى الولايات المتحدة. وخلال التحقيق عثر رجال اف.بي.اي على قطع الخزف والفخار التي استوثق قسم الجرائم الفنية من انها القطع الاصلية المنهوبة.

وقال رونالد هوسكو المسؤول عن القسم الجنائي في المكتب الميداني للمكتب الاتحادي في واشنطن "بالاضافة الى كشف مخطط احتيال المتعاقدين نحن نعيد الى شعب العراق تلك التحف الاثرية التي لا تقدر بمال."

واكتشفت قطع أخرى على موقع (كريجزليست) للخدمات الاعلانية على الانترنت. وفي سبتمبر ايلول عام 2010 اتصل رجال متنكرون من اف.بي.اي ببائع تحف كان حينها جنديا في الجيش الامريكي ونشر اعلانا على الموقع. وحين التقاه الرجال في منزله عرض عليهم لوحا سميكا من المرمر من قصر صدام في بغداد. وقبل مصادرة القطعة قال لهم انه اشتراها من بائع في العراق. وقال كومار كيبل نائب مدير ادارة الهجرة والجمارك ان الولايات المتحدة أعادت 1200 قطعة فنية الى العراق.

33 دير في النجف

من جهته اعلن استاذ علم التاريخ في جامعة الكوفة حسن الحكيم عن وجود 33 ديرا تم اكتشاف بعضها في منطقة النجف حيث كانت مملكة الحيرة تحت حكم المناذرة قبل الفتح الاسلامي في القرن السابع ميلادي.

وقال الحكيم خلال ندوة ثقافية "لقد احصيت 33 ديرا بنيت في الكوفة ابان دولة المناذرة محصورة الان بين النجف والكوفة". واكد ان "عددا هذه الاديرة قد تم اكتشافه، لكن القسم الاكبر لم يكتشف حتى الان (...) ادعو المسؤولين الى الاهتام بهذة المنطقة المهمة". واضاف الحكيم "لقد ثبت بان منطقة عاقولاء، بين الحيرة والكوفة، كانت مركزا للسريان وثقافتهم وما تزال اثارها ماثلة حتى الان". ونظمت الندوة ضمن فعاليات "النجف عاصمة الثقافة الاسلامية".

يذكر ان دائرة الاثار في محافظة النجف كانت اعلنت منتصف كانون الاول/ديسمبر 2009، اكتشاف دير في الكوفة عبارة عن منزل كبير مكون من 46 غرفة اضافة الى قاعات للدراسة وغرف منامة كان يستعملها رهبان من احدى الكنائس المسيحية. بحسب رويترز.

ومنطقة الحيرة كانت مملكة لسلالة المناذرة بين القرنين الرابع والسابع (310-628 ميلادي). ووفقا للمصادر التاريخية، كان في الحيرة رهبان من مذهب النساطرة (الاشوريون حاليا)، واليعاقبة (السريان).

وقد وصلت المسيحية الى الحيرة نحو العام 410 ميلادي، لكن الحرجة تسارعت بقدوم النساطرة واليعاقبة في القرن السادس الميلادي.

معرض قطع أثرية

على صعيد متصل طرح عرض مجموعة من القطع الأثرية المرتبطة بحضارة بلاد ما بين الرافدين في أبو ظبي في دولة الإمارات العربية المتحدة أسئلة متجددة عن التاريخ القديم لهذه الأرض وتقاطعه مع محطات تاريخية لحضارات معروفة كالسومرية والآشورية والبابلية.

كذلك أعطى إشارات عن طبيعة المشاريع المستقبلية في "جزيرة السعديات" التي تسعى العاصمة الإماراتية لتحويلها الى مقصد ثقافي اقليمي وعالمي. وأثار المعرض الذي يستمر حتى 27 حزيران/يونيو أيضا أسئلة عن توقيت هذا العرض وأعاد فتح جدال قديم حول أحقية الجهات الأجنبية، مثل المتحف البريطاني، بامتلاك وتخصيص جولات عرض لقطع أثرية تعود في الاساس الى هذه المنطقة.

وافتتح في "منارة السعديات" معرض "روائع بلاد الرافدين"، الذي يضم أكثر من 200 قطعة أثرية من كنوز هذه الحضارة. واشتملت على ألواح تؤرخ لشكل من أشكال الكتابة البدائية يعود أقدمها الى العام 3301 قبل الميلاد، اضافة الى مجوهرات ملكية تعود الى الفترة ذاتها، وتمثال حجري لملك آشوري يعود الى عام 859 قبل الميلاد.

وتعود ملكية هذه القطع الى مجموعة الشرق الأوسط في المتحف البريطاني الذي كلف بتنظيم العرض من قبل شركة التطوير والاستثمار السياحي، المطور الرئيس للمنطقة الثقافية في الجزيرة.

وعرضت في المكان ذاته مع أخرى من مجموعة "متحف العين الوطني"، عثر عليها في مناطق أثرية في الامارات تعود الى حضارتين محليتين هما "أم النار" و "حفيت"، يعتقد أنهما عاصرتا الحضارة السومرية وارتبطتا معها بعلاقات تبادل تجاري وثقافي. وتعكس هذه المعروضات مستوى تطور الحرفيين ومهارتهم، وأهمية تجارة المواد الخام في المنطقة خلال تلك الحقبة.

وتقول ريتا عون، مديرة القسم الثقافي في شركة التطوير أن هذا المعرض يظهر كيف "لعبت الإمارات في تاريخ موغل في القدم دورا حضاريا في كونها معبرا لحركة تجارة وثقافة الحضارات العظمى".

ويشرح بول كولينز، منسق المشروع، من المتحف البريطاني أن "تاريخ هذه المنطقة (الخليج والإمارات) جزء من التاريخ الشامل لمنطقة الشرق الأوسط ولا يمكن أن تستعيد رواية جزء من دون أن تعرض الأجزاء المتبقية"، في إشارة الى ايجاد الروابط المشتركة بين الأثريات الآتية من لندن وتلك التي عثر عليها محليا.

ووزعت المعروضات على ثلاثة أقسام بما في ذلك قسم يختص بالحضارة السومرية، التطور المبكر لمنطقة الرافدين ونمو مجتمعاتها واتصالها مع بقية أنحاء العالم في الألفية الثالثة قبل الميلاد.

أما القسم الثاني فيركز على المملكة الآشورية التي ازدهرت في القرن الأول قبل الميلاد، وتعد أعظم إمبراطوريات بلاد الرافدين التي امتدت لتشمل أغلب أنحاء منطقة الشرق الأوسط. ويضم هذا القسم مكتشفات أثرية من مدينتي نمرود ونينوى. وعلى سبيل المثال، يتضمن المعرض تمثالا للملك آشورناصربال الثاني يعود تاريخه إلى نحو 875-860 قبل الميلاد، وهو موضوع فوق قاعدته الأصلية في معبد عشتار.

ويوثق القسم الأخير من المعرض تاريخ الحضارة البابلية التي كانت تعتبر المركز الثقافي الرئيسي لبلاد الرافدين، إذ يضم مجموعة كبيرة من المعروضات الأثرية التي توضح الملامح التاريخية لهذه الإمبراطورية ومكانتها الرائدة كعاصمة ثقافية في زمنها.

ويأتي هذا الحدث في سياق الجهود التي تهدف الى الترويج للمكان الذي سيحتضن مجموعة من المتاحف العالمية مثل "لوفر" و"غوغنهايم"، وخصوصا "زايد الوطني" المتوقع افتتاحه في 2014 في الجزيرة.

وكان الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان (1918-2004) مؤسس دولة الإمارات قد استقدم منتصف القرن الماضي علماء آثار هولنديين للحفر في منطقتي "أم النار" و"حفيت".

ويوضح كولينز "لو لم تتم تلك الخطوة، وتكتشف آثار تعود الى الألفية الثالثة قبل الميلاد تحت الأرض الاماراتية، لظننا أن العلاقات التجارية والثقافية اقتصرت على ما نعرفه عنها بين حضارة ما بين الرافدين ووادي الهندوس".

وتشمل المعروضات مجموعة مجوهرات عثر عليها في مقابر ملكية تعود الى 2600 سنة قبل الميلاد استخدمت في تصنيعها مواد من أفغانستان وباكستان "من المرجح أن تكون عبرت في الأراضي الاماراتية قبل وصولها الى وجهتها في بلاد الرافدين".

وكثفت الحكومة العراقية الفترة الماضية جهودها في حصر عدد القطع التي فقدت بعد احتلال العراق في العام 2003 من متحف بغداد الوطني ومواقع أثرية أخرى، وعممت على المتاحف في العالم وعلى جهات أمنية صورا للمفقودات التي يعتقد أن عددها يصل الى 7 آلاف قطعة اختفت في الأيام الأولى للحرب.

ويقول كولينز "المعروض في أبو ظبي لا علاقة له بتلك الآثار، انها مجموعة تعود ملكيتها وحقوق استغلالها للمتحف البريطاني". ويشرح أنه "قبل العام 1936 كان مسموحا تصدير الآثار التي يعثر عليها في أرض العراق، وهكذا حصل المتحف البريطاني على هذه المجموعة، كما حصل متحف جامعة بنسلفانيا الأميركية على حصص، وبقيت آثار في متحف بغداد".

ويختم قائلا "من جهتنا، نقوم حاليا بالتعاون مع الحكومة العراقية من أجل توحيد الجهود المعرفية واللوجستية لضمان نجاح حملة استرداد الآثار المفقودة. فهذا ارث عالمي مشترك".

شبكة النبأ المعلوماتية- الأحد 17/تموز/2011 - 15/شعبان/1432

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1432هـ  /  1999- 2011م