هل تنجح الأمم المتحدة في فصل حركة طالبان عن تنظيم القاعدة؟

 

شبكة النبأ: في 17 حزيران/يونيو، أدخل مجلس الأمن تغييرات جذرية على نظام العقوبات الدولية ضد تنظيم «القاعدة» وحركة طالبان - وهو تحول هام خيمت عليه الخطة التي أعلن عنها الرئيس الأمريكي أوباما لسحب 10,000 جندي من أفغانستان خلال الشهور القادمة.

وفي تحرك وصفته وزارة الخارجية الأمريكية بأنه "مؤشر ملموس على دعم المجتمع الدولي لجهود المصالحة الأفغانية"، تبنى مجلس الأمن قرارين يهدفان إلى الفصل بين تنظيم «القاعدة» وحركة طالبان في أعقاب مقتل أسامة بن لادن.

فبموجب القرارين 1988 و1989، تم تقسيم "القائمة الموحدة" للأفراد والكيانات المصنفة على أنها تدعم تنظيم «القاعدة» وحركة طالبان، مع إنشاء لجان جديدة للعقوبات لإدارة كل قائمة. بحسب معهد واشنطن لدراسات الشرق الادنى.

نظام العقوبات

فرداً على هجوم تنظيم «القاعدة» على السفارتين الأمريكيتين في كينيا وتنزانيا عام 1998، تبنى مجلس الأمن القرار رقم 1267 لسنة 1999 - في محاولة للضغط على حكومة طالبان من أجل تسليم بن لادن، وذلك عن طريق أمر كافة الدول الأعضاء بتجميد الأموال التي تسيطر عليها الجماعة بشكل مباشر أو غير مباشر، إلى جانب تدابير أخرى. كما قام المجلس بتشكيل "لجنة عقوبات تنظيم «القاعدة» وحركة طالبان" للإشراف على تنفيذ القرار 1267 وتصنيف أولئك الذين انتهكوا تلك العقوبات.

وقد جاء عدد من قرارات المجلس اللاحقة لتعديل نظام القرار 1267 من جوانب هامة:

• عمد القرار 1333 (من عام 2000) إلى تمديد العقوبات لتشمل بن لادن و تنظيم «القاعدة» والأفراد/الكيانات ذات الصلة. كما وجه اللجنة إلى إنشاء القائمة الموحدة والاحتفاظ بها.

• أمر القرار 1526 (من عام 2004) بتأسيس "فريق الأمم المتحدة لمراقبة الدعم التحليلي والعقوبات"، وهو عبارة عن لجنة تضم ثمانية خبراء لتقديم المشورة إلى اللجنة ورفع تقارير بشأن فعالية العقوبات وتقديم توصيات حول تدابير تحسين النظام.

• أمر القرار 1904 (من عام 2009) بإنشاء "مكتب أمين المظالم" لمساعدة اللجنة في دراسة طلبات الشطب من القائمة.

القراران الجديدان

يهدف القراران 1988 و1989 إلى البناء على الخطوات السابقة من خلال تحسين مصداقية ونزاهة نظام العقوبات. ووفقاً لما ذكره منسق "فريق مراقبة" [نشاطات تنظيم «القاعدة» وحركة طالبان] ريتشارد باريت، فإن قرار تقسيم القائمة الموحدة يعكس حقيقة أن "تنظيم «القاعدة» وحركة طالبان أصبحا كيانين مختلفين، لكل منهما أهدافه ومناطق عملياته المختلفة". إن إنشاء لجان منفصلة للإشراف على كل قائمة سيتيح لمجلس الأمن الرد على التحديات الفريدة التي تشكلها كل منظمة.

وبموجب القرار 1988، ستنظر اللجنة الجديدة المتخصصة في شؤون طالبان في حذف بعض المرشحين من قائمة العقوبات كل ستة أشهر. وسوف تتضمن طلبات الشطب ضرورة إدراج توصية من "المجلس الأعلى للسلام" التابع للحكومة الأفغانية - وهو عبارة عن هيئة مكونة من متمردين سابقين وقادة مجتمع مدني وشخصيات من الحكومة والمعارضة - وقد تأسس في أيلول/سبتمبر 2010 لتشجيع محادثات السلام مع حركة طالبان. ومن خلال الإسراع في عملية شطب الأفراد الذين يلبون المعايير المحددة لنبذ العنف وقطع الروابط مع منظمات إرهابية دولية واحترام الدستور الأفغاني، تأمل الولايات المتحدة والأمم المتحدة في إرساء الأساس للتوصل إلى حل سياسي للصراع.

وبالإضافة إلى إعادة التأكيد على التزام المجتمع الدولي بمكافحة تنظيم «القاعدة»، سنّ القرار 1989 عدداً من الخطوات لمواجهة الانتقادات الماضية لنظام العقوبات. والأمر الأكثر أهمية هو أنه رداً على الاتهام بأن الأفراد المدرجين على القائمة يفتقرون إلى آلية فعالة للاستئناف، فقد عزز القرار على نحو كبير من دور "أمين المظالم" في اللجنة، الذي يتمتع مكتبه حالياً بصلاحية تقديم توصيات بالشطب من جانبه. يتعين على اللجنة أن تبت في طلبات الشطب هذه خلال ستين يوماً ولا يمكنها رفضها بدون تصويت بالإجماع - هذا وإلا فإنه سيتم إحالة طلبات أمين المظالم إلى مجلس الأمن الدولي.

تداعيات لجهود المصالحة

تضغط الحكومة الأفغانية منذ فترة طويلة لكي تحظى بدور أكبر في عملية إدراج أعضاء طالبان على القائمة وشطبهم منها. [وفي هذا الصدد]، يقول زهير تانين، سفير أفغانستان لدى الأمم المتحدة "كنا أحياناً في وضع مهين، فقد كان الأفراد مستعدون للانضمام إلى عملية السلام ومشاركة المستقبل مع الأفغان، لكن لم نكن قادرين على شطب أسمائهم من القائمة. والآن يمكننا ربط المصالحة بنظام العقوبات". مثال على ذلك: من بين الخمسين اسماً الذين تسعى الحكومة إلى شطبهم من القائمة هناك أربعة هم أعضاء في "المجلس الأعلى للسلام".

وعلاوة على ذلك، وبالنظر إلى التراجع الكبير في القدرات العملياتية الرئيسية لـ تنظيم «القاعدة» والضرر الذي لحق بجاذبيتها الأيديولوجية عقب اغتيال بن لادن، قد تقرر طالبان أن تكاليف ارتباطها بـ «القاعدة» تفوق مزاياه. وكما أورد التقرير الحادي عشر لـ "فريق المراقبة التابع للجنة" التي تأسست بموجب القرار 1267، والصادر في نيسان/أبريل 2011، غالباً ما تقوم العلاقات بين المنظمتين على روابط شخصية قائمة منذ فترة طويلة. فعلى سبيل المثال، تعود علاقات زعيم "شبكة حقاني" جلال الدين حقاني مع بن لادن إلى الأيام الأولى من حملة مقاومة السوفيت في أفغانستان. ومع مقتل هؤلاء القادة الكبار أو إلقاء القبض عليهم، قد لا يشعر قادة طالبان الجدد بأنهم مجبرون على استمرار العلاقة على نفس المستوى.

ويقيناً، فإن المحاولات السابقة للمصالحة مع زعماء حركة طالبان لم تلق سوى نجاحاً محدوداً - بل إن أحد المسؤولين الأمريكيين سخر من الاجتماعات السابقة بين ممثلي الحكومة الأفغانية وممثلي طالبان والتي انعقدت في مكة وجزر المالديف ووصفها بأنها "سياحة المصالحة". ومع ذلك فإن إلغاء العقوبات الدولية كان مطلباً رئيسياً لمفاوضي طالبان، وقد يغري احتمال الشطب بعض القادة على إلقاء أسلحتهم. وتشير بعض الأدلة إلى أن ذلك يحدث بالفعل؛ فاعتباراً من نيسان/أبريل، كانت "لجنة 1267" تدرس مقترحات لشطب أكثر من ثلث من جميع أعضاء حركة طالبان المدرجين على القائمة الموحدة.

بيد، تثير حركة طالبان الباكستانية ("تحريك طالبان") مسائل أكثر صعوبة. ففي حين أن طالبان الأفغانية هي حركة إسلامية وطنية بحتة تربطها روابط مفككة بـ تنظيم «القاعدة»، فإن حلفاءها الباكستانيين هم أقرب إلى «القاعدة» ولديهم طموحات دولية. كما أن "تحريك طالبان" لها أيضاً علاقات معقدة، غالباً ما تهدد العلاقة مع الحكومة الباكستانية، في حين أن نظيراتها الأفغانية لها علاقات اوثق بإسلام أباد وتتمتع بحرية عملياتية نسبية في "المناطق القبلية التي تديرها الحكومة الاتحادية" في البلاد. وعلاوة على ذلك، فإن الهجمات باستخدام طائرات بدون طيار والتي قتلت كبار قادة حركة طالبان الباكستانية (بما في ذلك بيت الله محسود في عام 2009) لم تفت في عضد طالبان الأفغانية وتضعف إرادتها في القتال.

الخلاصة

أثبت نظام العقوبات الصادر بموجب القرار 1267 على مدى العقد الماضي أنه أحد الأدوات الأكثر فعالية في الحد من قدرة «القاعدة» وطالبان على جمع الأموال وتجنيد أعضاء جدد. ومن خلال إعادة تركيز الجهود على الخطر الذي يشكله تنظيم «القاعدة» وأتباعه، مع ضمان نزاهة القوائم ودقتها، واتخاذ خطوات لجلب حركة طالبان إلى طاولة المفاوضات، يمثل قرارا مجلس الأمن 1988 و1989 تطوراً إيجابياً في جهود الأمم المتحدة الرامية إلى مكافحة الإرهاب.

نبذة عن معهد واشنطن

الجدير بالذكر ان معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى بحسب موقعه الالكتروني أسس عام 1985 لترقية فهم متوازن وواقعي للمصالح الأمريكية في الشرق الأوسط. وبتوجيه من مجلس مستشارين بارز من كلا الحزبين من اجل توفير العلوم والأبحاث للإسهام في صنع السياسة الأمريكية في هذه المنطقة الحيوية من العالم.

وينقل موقع تقرير واشنطن الالكتروني إن الهدف من تأسيسه كان دعم المواقف الإسرائيلية من خلال قطاع الأبحاث ومراكز البحوث وان لجنة العلاقات الأمريكية-الإسرائيلية المعروفة بإيباك كانت المؤسسة الأم للمعهد حيث أن مديره المؤسس هو مارتن إنديك رئيس قسم الأبحاث السابق باللجنة. وتزعم المنظمة أنها اختارت مصطلح "الشرق الأدنى" لتعريف الهوية الذاتية للمعهد (بدلا من "الشرق الأوسط) لأنه المصطلح المعترف به في الخارجية الأمريكي لوصف العالم العربي والدول المجاورة.

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 7/تموز/2011 - 5/شعبان/1432

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1432هـ  /  1999- 2011م