سرقة بوابة الشرق

قصة حقيقية بطلها القرصان بريمر

كاظم فنجان الحمامي

ارتبط اسم الشرق العظيم منذ زمن بعيد بأشهر عمليات السطو والنهب والسلب والاختلاس، فكنوز الشرق وثرواته لا تنضب ولا تتبدد ولا تقدر بثمن، فهي الأغنى والأغلى والأعلى في كل المقاييس، وربما كانت رواية (سرقة قطار الشرق) هي الأقرب للذاكرة السينمائية، التي جسدتها سلسلة الأفلام الأمريكية بالأسود والأبيض، فأغرت استوديوهات هوليود، ودفعتها لإرسال ابنها البار (بريمر) ليتسلل إلى البوابة الشرقية للوطن العربي، ويتقمص دور (علي بابا) في النسخة الأخيرة للفلم الهوليودي الملون، ويعتمر طاقية الإخفاء، ويسطو على كنوز بغداد وخزائنه، فيصبح في غضون عام واحد من أكبر الَنشّالين السياسيين على وجه الأرض منذ بدأ الخليقة، ويسرق (17) مليار دولار ، مليار ينطح مليار من الأموال، التي وردت تفاصيلها في تقرير مؤلف من خمسين صفحة، أعدته لجنة النزاهة في البرلمان العراقي، ورفعته إلى مكتب الأمم المتحدة في العراق، لغرض عرضه أصولياً على المراجع العليا في الأمم المتحدة، في محاولة لتخطي قرارات مجلس الأمن الدولي، التي تمنع العراق من إقامة دعاوى قضائية ضد سلطات الاحتلال الأمريكي، ويقول التقرير أن تلك الأموال نُقلت جواً من الولايات المتحدة إلى العراق للمساعدة في إعادة إعمار البلاد، وكانت تحت تصرف (بريمر البربري).

تقول صحيفة (لوس انجلوس تايمز) في تقرير زلزالي كتبه (بول ريختر) بلغت قوته سبع درجات بمقياس والده (ريختر)، قال فيه: أن الأموال شحنت إلى العراق عندما كان يمر باحلك الظروف الأمنية، وكانت محشوة بأكياس وعلب وصناديق، تقدر أوزانها الإجمالية بـ (336) طن، ووصلت الشحنة النقدية الورقية إلى بغداد، عن طريق الجو، بطائرات نقل عسكرية طراز (سي 130)، لكن الأموال فُقدت واختفت وتلاشت في مثلث (بريمر)، من دون أن تمر بمثلث (برمودة)، ولم يُعرف مصيرها حتى الآن.

والعجيب بالأمر أن هذه الفضيحة المالية، التي ارتكبها القرصان الأمريكي (بريمر بابا)، جاءت متوافقة ومتطابقة من حيث الزمن والمبلغ مع الأموال المسروقة من البنوك الكازاخستانية، والبالغة (17) مليار دولار أيض، وتعادل الميزانية الاستثنائية التي حصل عليها الجيش الإسرائيلي عام 2009، وتعادل أيضاً قيمة العجز المالي في الميزانية السعودية العامة لسنة 2009، وتتساوى رقميا مع الميزانية التونسية المهدورة والضائعة عام 2009 والبالغة (17) مليار دينار تونسي، وتتساوى رقمياً أيضا مع قيمة الخسائر المصرية التي أفصح عنها وزير المالية عام 2009، والبالغة (17) مليار جنيه مصري.

فهل تطايرت أوراق هذه المبالغ الضخمة كلها في الهواء، وذهبت في مهب الريح لتهبط في أماكن مجهولة من جزر الواق واق؟، وهل سمعتم من قبل بشحنة مالية بهذا الحجم وبهذا الوزن وبهذه القيمة نُقلت في ظروف صعبة وغامضة عن طريق الجو إلى منطقة غير مستقرة أمني، ومشتعلة بالنزاعات والانفجارات؟، ثم ما سر المليارات السبعة عشر المفقودة في كازاخستان وعربستان ومصرستان وتونستان وعراقستان؟، وهل لهذا التوافق الرقمي والنقدي للأموال المنهوبة والمسروقة من كنوز الشرق علاقة مع ميزانية الجيش الإسرائيلي، والتي بلغت (17) مليار دولار بالتمام والكمال؟، أغلب الظن أن الجواب سنجده عند كهنة البيت الأبيض، وسيُفصَح عنه في يوم من الأيام بعد مضي (17) مليار شهر؟...

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 7/تموز/2011 - 5/شعبان/1432

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1432هـ  /  1999- 2011م