التصحيح الذي أتى

والتصحيح الذي لن يأتي

د.  أحمد راسم النفيس

قبل أيام نقل موقع اليوم السابع تصريحا للشيخ السلفي الشهير وصف فيه من يعارضون بعض قرارات المجلس العسكري بأنهم (كالمرتدين بعد وفاة الرسول "صلى الله عليه وسلم" الذين لبسوا الحق بالباطل فقالوا: "كيف ندفع الزكاة ونطيع أحدا طالما مات الرسول صلى الله عليه وسلم، فلا طاعة لأحد علينا ولا لأحد زكاة علينا).

إنه تصريح بالغ الخطورة يشكل اجترارا لفتوى التكفير التي أطلقها ابن تيميه صاحب فتوى (قتال الطائفة الممتنعة) وهي الفتوى التي أسست لكل المجازر الجماعية التي ارتكبتها تلك الجماعات المسماة بالإسلامية لذا فقد قمنا بالرد على (الشيخ) عبر موقعنا حيث قام  هؤلاء كعادتهم بإرسال كتائب السب الجماعي في محاولة لإرهاب كاتب هذه السطور، إلا أن أنصار الشيخ لم يكتفوا بإطلاق صورايخ البذاءات بل أضافوا إليها نفيا ملتفا وملتويا لهذه الفتوى في محاولة للتنصل من مضمونها.

الذي يقرأ أدبيات ما يسمى بتنظيم الجهاد يرى بسهولة أن البنية التكفيرية لهذا التنظيم واستباحته لدماء المسلمين قامت على أساس فتوى الطائفة الممتنعة التي تضفي على أي مسلم يتهم بمخالفة ما صفة المرتد وتبيح دمه وماله وعرضه.

الفتوى تقول أن [كل طائفة خرجت عن شريعة من شرائع الإسلام الظاهرة والمتواترة فإنه يجب قتالها باتفاق أئمة المسلمين وإن تكلمت بالشهادتين فإذا تكلموا بالشهادتين وامتنعوا عن إقامة الصلاة أو الزكاة أو عن صيام رمضان أو حج البيت أو أو و أخذ يعدد الذنوب التي تبيح القتل فلم يبق شيئا حتى قال أو التكذيب بما كان عليه جماعة المسلمين على عهد الخلفاء الراشدين أو الطعن في السابقين الأولين من المهاجرين و الأنصار].

الأصل لدى هؤلاء الدمويين على ما يبدو هو استباحة الدماء أما السلم وحقن الدماء فهو الاستثناء.

الذي يقرأ التاريخ القديم والمعاصر يرى بوضوح أن هذه الفتوى تسببت في إزهاق أرواح الملايين من المسلمين بدءا من مجزرة كسروان التي أشرف عليها بنفسه شيخ الإسلام لا لشيء إلا لأنهم (لا يبيحون الفقاع "البيرة" ولا يرون جواز المسح على الخفين ولا يؤمنون بأن الله فوق السماوات) ناهيك عن اعتقادهم بالمهدي المنتظر).

ولذا فقد (اتفق العلماء) حسب شيخ الإسلام ابن تيميه على (جواز قطع الشجر وتخريب العامر عند الحاجة إليه، فليس ذلك بأولى من قتل النفوس. وما أمكن غير ذلك، فإن القوم لم يحصر كلهم من الأماكن التي اختفوا فيها ويئسوا من المقام في الجبل إلا حين قطعت الأشجار).

التصحيح الذي أدلى به شيخ السلفيين لا يعدو كونه محاولة للتنصل من آثار الفتوى في وقت تنهال فيه الضغوط على هذا التيار حيث تشير أصابع الاتهام الرسمية إلى وجود اختراق وتحريض صهيوني لهذا التيار على تأجيج الفتن والاقتتال الداخلي.

إنها ليست تحليلات أو تخيلات من بنات أفكار العلمانيين كما يزعم هؤلاء بل هي وقائع وتسجيلات ونيران حقيقية جرى إشعالها بتحريض موسادي واضح وصريح.

التصحيح المطلوب الذي لم يأت بعد وأظن أنه لن يأتي في زمن قريب هو الإعلان الواضح والصريح عن احترام حرية الاعتقاد وحرمة الدماء.

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ) البقرة 208.

www.elnafis.com

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 20/حزيران/2011 - 17/رجب/1432

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1432هـ  /  1999- 2011م