أمريكا وازدواجية المعايير الإنسانية والسياسية

عصام حاكم

 

شبكة النبأ: تحتم علينا الحقائق التاريخية أن نتذكر القائد ارنستو تشي جيفارا، لنستعرض من هناك شعاره الخالد أينما يوجد مظلوم فهذا وطني وهي دعوة صريحة لمعادات الظلم والظالمين وتأسيس قاعدة انسانية هدفها صيانة كرامة الإنسان ونشر ثقافة العدل والمساواة بين بني البشر. وهذا ما لم تؤيده الإدارة الأمريكية جملة وتفصيلا، خصوصا اذا ما تعلق الامر بشيطان النفط والمصالح الاستراتيجية العليا، ولولا تلك الحقيقة المهينة والمذلة لما تحرك الغرب لنصرة الانتفاضات الشعبية في كلا من تونس وليبيا واليمن ومصر تحت مظلة حماية المدنين وحرية التعبير عن الرأي، إلا ان تلك النظرية تبقى قاصرة ومقيدة وغير قابلة للتنفيذ اذا ما استجدت حقائق أخرى من شانها ان تعكر صفو القرارات الدولية وان تعطل المفاهيم الانسانية وتحد منها، وهذا ما احببنا أن نرسي قواعده لنستشف من وراء ذلك مصداقية الرهان الإنساني وحتمية المعايير المزدوجة لاسيما ونحن نناقش أحوال الانتفاضة البحرينية وسر صمت المجتمع الدولي إزاء تلك الأزمة.

حيدر النجفي ناشط في حقوق الانسان تحدث إلينا بصراحة مطلقة وهو يتهم الانسانية بكل مفاصلها بالقصور والتجني على الضعيف، معتبرها لا تحترم الا القوي وهذا هو سر جدلية الصراع القائم اليوم، يقول النجفي، قد لا يستثني من تلك النظرية مخططات العالم المتطور، لاسيما وان استراتيجية العالم الغربي قائمة على أساس المصالح، وعلى التوافقات الدولية وليس على اسس انسانية كما يتصور البعض.

ويضيف، المعايير الاخلاقية بدءت تضيق وتنكمش بسبب سخف الاولويات والاعتبارات السطحية.

سمير الوادي ماجستير علوم اسلامية يقول لنا ليست امريكا من تفكر بعواطفها وهي الدولة العظمى التي امتلكت زمام الدنيا من اقصاها الى اقصاها.

ويتابع، هذه حقيقة يجب الاعتراف بها حتى تتضح الصورة ونكون غير معنيين برسم احلام وردية وغير مدركين لحقائق الامور. ويضيف، الحال لا يختلف كثيرا في ما تشهده الساحة العربية من انتفاضات شعبية.

ويشير الوادي، الخيارات المحتملة التي سوف ينزلون عندها وهذا ليس واقعا غريبا او عملا مفاجئا ونحن الذين تعودنا دوما ان نراقب الاحداث عن بعد ونرصد مواقف تلك الدول، ومستوى انحيازها لذلك الطرف على حساب الطرف الاخر.

ويختتم، المعادلة ليست صعبة في ظل الاستراتيجيات الدولية حيث المكتسبات والمصالح المرتقبة في حال نجاح هذه الثورة او تلك وعندها تتكشف أي الاطراف هو المهم والاهم ومن حق تلك الدول من وجهة نظر عاقلة وليست عاطفية ان تنتصف لنفسها اولا وتختار من يحقق لها الاهداف المرجوة.

كريم جواد معلم، يبرأ ساحة الدول الغربية من أي قصور، ويرى انها غير معنية بلملمت التفكير العربي وانضاج تجربته الحياتية والسياسية. ويقول، العالم العربي اعتاد دوما ان يفكر بعواطفه وانفعالات النفسية، وغالبا ما ينخدع بعناوين زائفة ولا ترتقي الى مستوى التطبيق الا في حدود معينة، وبما يخدم مصالح رافعي هذه الشعارات.

ويتابع، نلمس ذلك اليوم بشكل واضح من خلال التصرفات الميدانية التي تمارسها تلك الدول ومدى استجابتها المعاكسة للمطالب الشعبية في كلا من سوريا والبحرين وانها وصمة عار في جبين دعاة حقوق انسان وفشل ذريع في اتمام سيناريو حرية التعبير وحق تقرير المصير.

نشوان رشيد يجزم على حقيقة واحدة ولا يختلف عليها اثنان من وجهة نظره وهي ان الازدواجية حاضرة وبقوة لدى الدولة العظمى.

ويقول، الكيان الاسرائيلي هو احد النماذج الحية التي تعصف بوجدان العدالة الانسانية غير المتوازنة في تضامنها مع الشعب الصهيوني على حساب الشعب الفلسطيني المضطهد.

ويتابع، يجب ان لا نعول كثيرا على النظم الغربية في مدى حرصها على انجاح الثورات الشعبية العربية، لاسيما وانها تصنف تلك الثورات على اساس البعد الاستراتيجي والاقتصادي، وقيمه الامنية، ومدى توافق هذه الثورة عن تلك مع المشروع الاوروبي والامريكي.

وينوه، ليست هناك مرجعيات اخلاقية او انسانية، بل ثمة عناصر مادية هي من تتحكم بالارادات الدولية.

فيما تتفق الحقوقية نسرين العلي مع ما جاء قائلة، نحن امام جدلية واضحة ولا غبار عليها البترول هو من يحرك المواقف ويغير القناعات سواء كانت سلبا او ايجابا، واذا ما احببنا ان نسوق بعض الادلة الواقعية فالسعودية على سبيل المثال هي عنوان الارهاب والمحرك القوي للفكر السلفي والتكفيري المعادي للوجود الامريكي الا ان الاسرة الحاكمة في السعودية لها صلات وثيقة ومصالح مشتركة مع القوى العظمى وهذا مما يجعلها في مأمن من العقاب والحساب ولولا تلك القضية المفصلية لكان للعالم حديث آخر مع المملكة السعودية في هذا الشأن.

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 16/حزيران/2011 - 13/رجب/1432

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1432هـ  /  1999- 2011م