حوار بلا نتائج

جواد العطار

لا نعرف متى تنتهي الحوارات الثنائية بين دولة القانون والعراقية، والتي طال مداها حتى اصبح واسعا جدا على تنفيذ اتفاق او تشكيل حكومة او حتى اقرار مبدأ الشراكة او المشاركة... فاذا كان ذلك اللقاء المشترك مقبولا، في الفترة التي تلت الانتخابات التشريعية التي جرت في السابع من اذار العام الماضي، بمسعاه المشروع آنذاك لتهيئة النصاب اللازم لتشكيل الحكومة، فان استمراره بعد اتفاق اربيل وتشكيل الحكومة والاتفاق على الرئاسات الثلاث اصبح لا يعني المواطن بشيء ولا يخدم العملية السياسية لانه ببساطة مسعى لترتيب اوراق القائمتين وتقاسم المناصب، وما الشراكة والمشاركة الا ستار تختبئ خلفه تلك المفاوضات...

والاقسى من ذلك ان اللجان التفاوضية القائمة على الاجتماعات والمداولات تحمل معول التصعيد وخلق الازمة السياسية التي لا تنتهي ولم تنتهي... بين توقف المفاوضات والتئامها من جانب واستمرار معاناة المواطن من جانب آخر... بآلية تضر بالوضع العام خصوصا حينما يتوجه كبار المفاوضين الى الاعلام.

فماذا حققت تلك الاجتماعات؟ والى ماذا توصلت؟

لا يختلف اثنان ان المفاوضات لم تحقق اي شيء يذكر مع تعنت جانب ونقضه للاتفاقات وامل الطرف الآخر؛ الذي لا يوقفه شيء؛ بدفعه الى الاقرار بالاتفاق او الالتزام به، اما النتائج التي توصلت اليها حوارات القائمتين، فهي كثيرة منها:

• استمرار الازمة السياسية بشكل يضر بواقع المواطن وعمل الوزارات وبوضع العراق وسمعته الدولية.

• امتداد آثار الخلاف والجدل البيزنطي بين القائمتين بتأثيره السلبي؛ للاضرار بعلاقات العراق مع جواره الاقليمي الى الدرجة التي بدأت بعض الدول باستغلاله بشكل ملفت... مثل قضية الخطوط الجوية العراقية التي لم تحل... ليظهر ميناء مبارك الكويتي موخرا بعد ان عجزت الحكومة والقوى السياسية على ايجاد موقف موحد قادر على وأده قبل ولادته.

• الاخفاق في تسمية الوزراء الامنيين رغم تدهور الوضع الامني وكثرة الخروقات في بعض المحافظات.

• فقدان المواطن الثقة؛ بقواه السياسية التي انتخبها.

• اتساع رقعة الشرخ في جدار الثقة بين المكونات السياسية واتساعه، ويأس بعض المراقبين والمتابعين من امكانية اصلاحه ضمن الخارطة السياسية الحالية. بمعنى تشكيل حكومة اغلبية سياسية او دعوة مبكرة لانتخابات تشريعية جديدة قد تعيد رسم الخارطة السياسية بناءا على معطياتها الماضية.

بعد كل ما تقدم... اما آن للعراقية ان تدرك ان المفاوضات عقيمة وان لا جدوى من استمرارها وانها تخسر من الخوض فيها اكثر مما قد تربح في مجلس السياسيات الستراتيجية او في وزارة الدفاع... وما آن لدولة القانون ان تصارح الجميع بانها نقضت اتفاق اربيل او وجدت سقفه عاليا؛ وان تعلن للجميع بانها تعمل اليوم وفقا لسياسة الامر الواقع، لتنتهي الى غير رجعة هذه المفاوضات والمداولات التي تشغل الرأي العام والاعلام وحتى السياسيين عن اداء اعمال اكثر اهمية... الى مجرد البحث والتباحث ونقل الرسائل.

ان الحل المطروح للخروج من دوامة المفاوضات والامل المعقود عليها، ممكن ان يتم عن طريق خيارين امام المفاوضين من الكتلتين بعد ان وصلت الى طريق مسدود:

الاول: توجه الكتلتين دولة القانون والعراقية الى مجلس النواب والتباحث خلف كواليسه، لانهما اصلا ممثلتين في ذلك المجلس وجزءا رئيسيا من مكوناته وبالتالي فان اللجان التفاوضية المشكلة والمكونة من اعضاء المجلس ذاته بامكانها ان تجتمع وتعمل بصمت بعيدا عن الضجيج والاعلانات ووسائل الاعلام والتصريحات التصعيدية او المنرفزة التي تضر ولا تنفع.

الثاني: توجه احد الطرفين الى المعارضة (العراقية)، والعمل بطريقة جدية لايجاد احدى الآليتين:

1. المراقبة الفعالة للاداء الحكومي بصورة تقومه وتعدل مسار المنحرف منه، خدمة للمواطن – الناخب وتطلعاته.

2. جمع النصاب اللازم (ان رأت في ذلك مصلحة وطنية) لسحب الثقة من الحكومة.

وفي حال فشلت كل المحاولات فان مفاوضات استمرت لقرابة العام والنصف، ولم تأتي بنتيجة كاملة شاملة ومانعة تقوم النظام السياسي تقويه وتجعله اكثر فعالية وتظهر فيه القوى السياسية بشكل اكبر بعين المواطن مثلما يظهر البلد بصورة اقوى واعظم تجاه محيطه الاقليمي والدولي، لا طائل من استمرارها وليبحث من وضع الامل فيها يوما ما عن مخرج او منفذ للهروب منها قبل ان تنهيه وتطيح بمستقبله السياسي.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأربعاء 8/حزيران/2011 - 6/رجب/1432

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1432هـ  /  1999- 2011م