العراق وحكومة المالكي... من الشراكة الى الأغلبية

محمد حميد الصواف

 

شبكة النبأ: تتباين آراء المحللين للشؤون العراقية حول مصير حكومة المالكي مع اقتراب مهلة المائة يوم التي قطعها على نفسه لتحسين الخدمات المتعسرة على صعيد الطاقة والاقتصاد والمرافق الاساسية الاخرى.

فعلى الرغم من القرارات السريعة التي اطلقها المالكي في سبيل معالجة الازمة المستدامة التي يعاني منها العراق منذ سنوات، الا ان ذلك بدا غير كافيا ولم يستطع نيل رضا المواطن العراقي حسب التقارير والاستطلاعات التي اجريت مؤخرا.

ويذهب العديد من العراقيين في رأيهم الى كون ما تحقق لا يزال غير منظور على الصعيد الفعلي، ولم يسجل فارق يذكر على الارض، حيث تستمر المعاناة اليومية لدى السكان مع غياب الاحتياجات الضرورية، كالكهرباء والماء بالاضافة الى ارتفاع معدلات البطالة والتضخم.

ويمر العراق في فترة بالغة الحساسية، سيما ان تفاقم الازمة تزامن مع اقتراب موعد انسحاب القوات الامريكية حسب الاتفاقية المبرمة بين بغداد وواشنطن، التي تنهي تواجد الجيش الامريكي في العراق، بعد ان بات ذلك محط سجال بين الكتل السياسية المطالبة بالتمديد لبقاء القوات الاجنبية.

الضغوط على المالكي

فلو طلب رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي من مديرة المدرسة فضيلة سلمان تقييم التحسينات التي ادخلتها حكومته على الخدمات العامة فانه سيصاب بخيبة أمل.

وقالت سلمان التي تدير مدرسة للفتيات في عاصمة البلد الذي مزقته الحرب "سأعطيه صفرا.. يجب ان يأتي أحد الى مدرستي ويرى الطالبات وهن يؤدين الامتحانات في قاعات شديدة الحرارة ليس بها كهرباء."

ويقول العراقيون في انحاء الدولة العضو بمنظمة البلدان المصدرة للبترول (اوبك) من الجنوب الشيعي الذي يغلب عليه الفقر الى الشمال المضطرب ان حكومة المالكي تفشل في اداء مهامها لا سيما فيما يتعلق بامدادات الكهرباء التي تعد ضرورية للغاية حيث ان درجات الحرارة تصل في فصل الصيف الى 50 درجة مئوية.

ويتأهب المعارضون لحكومة المالكي لاستغلال حالة السخط العام لتقويض ائتلافه الهش المتعدد الطوائف والذي يواجه ضغوطا متزايدة للاجابة على السؤال الصعب بشأن ما اذا كان يتعين بقاء القوات الامريكية بعد نهاية العام وعندما ينتهي سريان الاتفاقية الامنية الموقعة بين البلدين.

ومن المرجح ان يجتاز المالكي - الذي يشارك ائتلافه الشيعي في حكومة مع كتل مسلمة سنية وكردية - الصراعات السياسية. لكن حكومته قد تواجه اختبارا صعبا حيث ان الفصائل المتنافسة تنحي باللائمة على بعضها البعض فيما يتعلق بحالة الاحباط لدى المواطنين.

وبعد اسابيع من الاحتجاجات واسعة النطاق بشأن الخدمات العامة حدد المالكي لوزرائه مهلة مدتها 100 يوم تنتهي في اوائل يونيو حزيران الجاري لتكثيف جهود الاصلاح والا فسوف يتم اقالتهم. ويرى البعض انها فرصة له لتوجيه اللوم لوزراء جرى اختيارهم من فصائل منافسة.

وخفت حدة العنف في العراق منذ ايام العنف الطائفي التي بلغت ذروتها عامي 2006 و2007 رغم استمرار التفجيرات وعمليات القتل بشكل يومي.

وبدأ العراق يجتذب في الوقت الراهن المستثمرين الحريصين على تطوير امكانياته النفطية الضخمة. لكن العراقيين مستاءون بسبب معاناتهم مع نقص الكهرباء والحصص الغذائية والوظائف.

وتوفر شبكة الكهرباء الوطنية الكهرباء لبضع ساعات في اليوم وهو ما يجبر معظم الناس على الاعتماد على المولدات المنزلية او التي يديرها القطاع الخاص في الاحياء السكنية.

وقال صفاء حمدان وهو تاجر في مدينة البصرة الجنوبية وينفق 700 دولار شهريا على المولدات من اجل منزله وتجارته "صدقني الكهرباء هي الاساس..اذا أمدت الحكومة المواطنين بالكهرباء فسوف تحل كل المشكلات." بحسب رويترز.

وبعد سنوات من الحرب والعقوبات يشعر كثيرون بالاحباط لعدم الاستفادة بشكل كبير من صناعة النفط المزدهرة بالبلاد. ويفتقر معظم سكان العراق للمياه النظيفة ولانظمة الصرف الصحي المناسبة بسبب انهيار البنية التحتية.

وخرج الاف العراقيين الى الشوارع في فبراير شباط للمطالبة باصلاحات مستلهمين احتجاجات ضد الحكومات في انحاء العالم العربي. لكنهم كانوا يركزون على تحسين الخدمات ومحاربة الفساد وليس الاطاحة بحكومتهم.

وبدأ خصوم المالكي في كتلة العراقية المدعومة من السنة ينتقدون اداء الحكومة بشأن الخدمات باعتباره وسيلة اخرى للضغط على المالكي في صراعهم المستمر على السلطة داخل الائتلاف الذي شكل بعد اشهر من الانتخابات.

ويطالب المالكي المواطنين التحلي بالصبر ويقول ان ما تم تدميره في العراق لا يمكن اصلاحه في ايام. وقال مسؤولو الكهرباء بالفعل ان تحسين الخدمات سيحتاج الى المزيد من الوقت وان النقص في الكهرباء قد يستمر حتى عام 2013.

والجدال حول ما اذا كان يتعين بقاء القوات الامريكية بشكل ما للمساعدة في تدريب القوات العراقية يثير ايضا التوترات حيث يعارض احد حلفاء المالكي من الشيعة علنا استمرار اي وجود للقوات الامريكية في العراق. وبالنسبة للعراقيين فان الخلافات السياسية لا تبعث على الارتياح.

وقال سلام فهد وهو حارس امن شارك في احتجاج في بغداد "وعود المالكي مجرد مخدر لتهدئة الاحتجاجات. لم يحدث شيء الى الان. لم يقدم ولو حتى مسؤول واحد للمحاكمة بتهمة الفساد."

وفي العاصمة حيث لا تزال الجدران المضادة للتفجيرات ونقاط الامن تنتشر حول العاصمة يقول مسؤولون محليون انهم بدأوا في تحسين سبل جمع القمامة التي تغطي الشوارع والارصفة بالاضافة الى اتمام بعض مشروعات المياه.

وقال رئيس بلدية بغداد صابر العيساوي ان المدينة تسلمت 42 مليون دولار من فائض عائدات النفط ستستخدم لتمويل المزيد من المشروعات. وقال ان الامر سوف يستغرق عامين او ثلاثة اعوام على الاقل لحل ازمة الخدمات في بغداد.

ويضم التحالف الحكومي خصوم المالكي ومناصريه على حد سواء ومن جميع الكتل التي شاركت بالانتخابات من السنة والشيعة والاكراد حيث اتفق الجميع بعد تسعة اشهر من المشاحنات والتناحر على تشكيل حكومة اتفق على تسميتها حكومة شراكة وطنية تم فيها توزيع المناصب الوزراية بين الجميع وفق قاعدة الاستحقاق الانتخابي التي يراها البعض وخاصة القائمة العراقية الفائزة بالانتخابات بانها لم تكن عادلة وانها حُرمت من تشكيل الحكومة.

وسيتزامن انتهاء مهلة المئة يوم مع اقتراب موعد انسحاب القوات الامريكية حيث سيتعين على المالكي منذ الان وحتى حلول شهر اب اغسطس حسم موقفه بشكل نهائي من مسالة بقاء او عدم بقاء قوات امريكية في العراق بعد العام 2011 وهو الموعد الرسمي لانسحاب القوات الامريكية من العراق بالكامل حسب الاتفاقية الموقعة بين البلدين.

ويتوقع ان يتعرض المالكي الى ضغوطات اخرى وبالذات مع اعلان الزعيم الشيعي الشاب مقتدى الصدر وهو الذي ادى تحالفه مع المالكي الى تمهيد الطريق امامه للفوز بتشكيل الحكومة ورئاستها معارضته لاي اتفاق قد يؤدي الى بقاء قوات امريكية في العراق بعد العام 2011. وهدد الصدر بتصعيد العمل المسلح واحياء مليشيات جيش المهدي اذا ماقامت الحكومة بعقد مثل هذا الاتفاق مع امريكا.

وكان المالكي قد عبر في تصريحات سابقه عن تاييده لبقاء قوات امريكية قال ان مهمتها ستكون للتدريب وتقديم المشورة وهو موقف شاركه فيه عدد من كبار مؤيديه وعدد من قادة الجيش العراقي اضافة الى بعض المسؤولين الامريكيين الذين عبروا عن عدم اكتمال جاهزية القوات العراقية بما يؤهلها للوقوف وحدها امام التحديات الامنية الداخلية والخارجية.

وقد يكون هذا التناحر وعدم وجود توافق بين مكونات الائتلاف الحكومي سببا في عدم ضمان تحقيق تكتل معارض قوي قادر على تحقيق الاغلبية المطلقة من الاصوات داخل البرلمان العراقي المكون من ثلاثمائة وخمسة وعشرون صوتا وبالتالي اسقاط حكومته المالكي.

وستسعى العراقية الى ضمان وجود تاييد كتل اخرى لها داخل البرلمان اذا كانت تسعى لازاحة المالكي عن رئاسة الحكومة. ولن يكون امام القائمة العراقية الا استثمار الخلاف بين قائمة المالكي وقوائم اخرى داخل تكتل التحالف الوطني الشيعي مثل قائمة المجلس الاسلامي الاعلى في العراق وقائمة الصدر.

ويسود حاليا جو من التوتر بين مكونات التحالف الوطني وخاصة بين قائمتي المجلس الاعلى وقائمة الصدر من جهة وقائمة المالكي من جهة اخرى.

لكن المالكي الذي اظهر في الكثير من المناسبات التي واجه فيها اوقات عصيبة قدرة على المناورة والتكتيك السياسي قد يلجأ الى استخدام ورقة الاصلاح والاداء الحكومي وعدم تحقيق انجاز فيما يتعلق بوعود المتظاهرين خلال فترة مئة يوم ورقة ضد وزراء حكومته الذين فرضوا عليه رغما عنه ابان تشكيل الحكومة.

وسيحاول المالكي اظهار ان مرد هذا الفشل هو وجود مثل هؤلاء الوزراء الذين يفتقرون الى الكفاءة وبالتالي سيحاول اخراجهم من الحكومة او حتى اقناع البرلمان بتشكيل حكومة اغلبية سياسية جديدة سيسعى من خلالها الى فرض قوته عليها وبشكل محكم.

وكان المالكي قد عبر مرارا عن عدم رضاه عن التشكيلة الحكومية الحالية وعن العديد من وزراء الكتل الاخرى الذين لم يكن مقتنعا بهم لكنه قال انه لم يكن امامه من بد الا القبول بهم لتشكيل حكومته.

وكرر المالكي في اكثر من مناسبة انه لن يتردد اذا ماسنحت الفرصة امامه لتشكيل حكومة وصفها بالرشيقة ويصفها اخرون بحكومة اغلبية لا تتجاوز العشرين حقيبة وزارية بدل الحكومة الحالية التي تضم اكثر من اربعين حقيبة.

وقال ايهم كامل في ايجاز لمجموعة اسيا-اوروبا للشرق الاوسط "حتى لو افترضنا سقوط حكومة المالكي فانه سيكون من الصعب تخيل وجود تحالف حكومي جديد بدون وجود المالكي". ويعتقد كامل ان المالكي "وبناء على هذه المعطيات سيبقى رئيسا لاي حكومة قادمة في الوقت لحاضر".

نقص الوظائف وسئم الحرب

الى ذلك يبلغ المعدل الرسمي للبطالة في العراق 15 في المئة لكن يعتقد أن الرقم الحقيقي نحو 30 في المئة. ويعتمد 60 في المئة من السكان تقريبا على برنامج حصص الغذاء التموينية الحكومي.

ويذكي ارتفاع معدل البطالة المخاوف من اتجاه الشباب المحبط الى الميليشيات والجماعات المسلحة التي لاتزال قادرة على شن هجمات فتاكة في العراق غير أن العنف في مجمله تراجع بعد أن بلغ ذروته في أوج الحرب الطائفية عامي 2006 و2007 .

وتحتاج البلاد الى استثمارات هائلة في كل قطاع. ولا يزال القطاع الخاص صغيرا نسبيا بالمقارنة بالشركات الحكومية ولاتزال الحكومة اكبر مستخدم. ويعتمد العراق على صادراته النفطية في 95 في المئة من عائدات الحكومة.

وقال مهدي العلاق وكيل وزارة التخطيط ورئيس الجهاز المركزي للاحصاء ان 25 بالمئة على الاقل من العراقيين بين عمر 16 و29 عاما يعانون من البطالة.

ويقول بعض الطلبة العراقيين ان هناك أدلة على أن الجماعات المسلحة لها تأثير وتقوم بتجنيد عناصر من الجامعات.

وأضافوا أن معظم الطلبة العراقيين يعتبرون الحرم الجامعي مكانا يهربون اليه من المشاكل الطائفية والعنف ويتحدثون اكثر عن أحدث الصيحات والفن.

وقال عمار نعيم (22 عاما) ويدرس هندسة البترول "بعد سقوط نظام (صدام) أصبح هناك نفوذ لطائفة اسلامية معينة على الجامعة." بحسب رويترز.

وأضاف "البعض ينضمون اليها للحصول على مزايا والبعض الاخر بسبب معتقداتهم. لكنهم لا يستطيعون تقسيم الطلبة... يجب أن يكون الدين خارج الحرم الجامعي بوجه عام."

وأحجم نعيم عن تحديد الطائفة المعنية قائلا انه يخشى الانتقام منه. وفي ظل الاجواء الطائفية المشحونة بالعراق تتنافس الجماعات الدينية والسياسية على حشد الانصار من الشبان الغاضبين والقلقين.

وقال الدكتور قاسم شاكر رئيس قسم الجغرافيا بمركز الدراسات العربية والدولية بالجامعة المستنصرية ان الشباب العراقي يستطيع أن يبتعد عن الماضي ويقيم صلات مع الدول الاخرى وشبابها من خلال الفيسبوك والانترنت.

وقال ان معظم الطلبة ليبراليون وليسوا محافظين مضيفا أن الانترنت أصبحت همزة الوصل بين شباب العالم وأن الشباب يتعلمون الكثير من ثقافات وحضارات الشعوب الاخرى.

ومضى يقول ان الطالب الجامعي يمضي الان بين ثلاث وأربع ساعات يوميا على الاقل في تصفح الانترنت للحصول على معلومات وان الطلبة الان اكثر انفتاحا على العالم الخارجي.

وكحال بقية العالم العربي هذا العام لم يسلم العراق من الاحتجاجات الشعبية التي نظمت أساسا من خلال مواقع التواصل الاجتماعي مثل فيسبوك.

وعلى الرغم من أن العراقيين لم يطالبوا باصلاح شامل لحكومتهم المنتخبة ديمقراطيا والتي تتألف من طوائف مختلفة فان كثيرين عبروا عن غضبهم بسبب نقص الخدمات الاساسية والوظائف.

ولم تسهم الخطة الخمسية للتنمية الاقتصادية التي وضعها العراق وتهدف الى توفير ما بين ثلاثة وأربعة ملايين وظيفة بحلول عام 2014 بالكثير لتخفيف حدة هذه المخاوف.

ويقول منتقدون ان الهدف الطموح لتوفير فرص العمل لا وجود له فيما يبدو الا على الورق ولا تبدو اي مؤشرات تذكر على تحوله الى حقيقة. ويضربون مثلا بالتوسع المستمر في قطاع النفط الذي لم يؤد بعد الى الزيادة الموعودة في فرص العمل المتاحة للعراقيين.

وقال محمد سمير عباس وهو طالب بالسنة الثانية في كلية الاداب ويدرس اللغة الفرنسية "المشكلة التي نعاني منها كشباب هي أننا حين نتخرج لا نجد وظائف... ما الذي تفعله الحكومة؟"

ترقب الاحتجاجات

في السياق ذاته تواجه الحكومة العراقية احتمال عودة التظاهرات المطالبة بتحسين مستوى الخدمات التي تقدمها بعد انتهاء فترة المئة يوم التي منحت الى الوزارات لتطوير ادائها. ووجه ناشطون بالفعل دعوات للتظاهر في الفترة التي تلي يوم السابع من حزيران/يونيو والتي قد يجري خلالها رئيس الوزراء نوري المالكي تعديلا وزاريا على خلفية اداء الحكومات في المئة يوم التي سبقتها.

وضاعفت الوزارات العراقية خلال الاشهر الثلاثة الماضية جولاتها التفقدية الميدانية التي غالبا ما ترافقت مع تغطية اعلامية كبيرة، فيما قامت بتنفيذ مشاريع لاصلاح الطرقات ووقعت عقودا لبناء مساكن جديدة، كما قامت بتوزيع الوقود على المولدات الكهربائية الخاصة بالاحياء السكنية مجانا.

وقال المحلل علي الصفار من الوحدة الخاصة لمجلة الايكونومست البريطانية ان "مهلة المئة اليوم كانت تنطوي على قرار ذكي لشراء الوقت والخروج من دائرة الضغوط".

وشهد العراق في بداية العام الحالي اكبر تظاهرات منذ سقوط نظام صدام حسين عام 2003، استلهم فيها آلاف العراقيين الحركات الاحتجاجية في العالم العربي، منددين بعدم كفاءة الطبقة السياسية.

ويشير الصفار الى ان "المهلة الممنوحة الى الوزارات كانت اقصر من ان تؤدي الى تحقيق نتائج مستدامة، الا ان الهدف منها كان على ما يبدو القيام باجراءات على المدى القصير تحظى بالشعبية".

من جهته يرى رئيس تحرير موقع "هيستوريا" ريدر فيسر انه "لم يتحقق اي تقدم خلال هذه المهلة حول السؤال الاساسي الذي يطرحه الجميع ويتعلق بمسالة بقاء القوات الاميركية في البلاد او مغادرتها" في نهاية العام الحالي وفقا لاتفاقية موقعة بين بغداد ووشنطن. ويضيف "لا مؤشرات تفيد ايضا بان تحسنا كبيرا سيطرأ قريبا على المسائل الحيوية الاساسية، وبينها مشكلة الكهرباء".

ويقول فيسر ان "الحكومة لم تكتمل بعد"، في اشارة الى العجز عن اختيار وزراء للداخلية والدفاع والامن الوطني رغم مرور حوالى خمسة اشهر على تشكيل حكومة الوحدة الوطنية.

ويحذر من انه "اذا لم يحدث المالكي اي تقدم في هذه المسائل فانه سيكون في مواجهة مع الجماعات القادرة على تحريك الشارع".

ومن المحتمل ان يشهد جنوب العراق اعمال شغب دامية كتلك التي حدثت في حزيران/يونيو عام 2010، بسبب النقص الكبير والمتواصل في الكهرباء، وسط ارتفاع درجات الحرارة في فصل الصيف.

وتقول الخبيرة في شؤون الشرق الاوسط في معهد كارنيغي للسلام الدولي مارينا اوتاوي ان المالكي امضى معظم فترة المئة اليوم "وهو يحاول صنع السياسات بدل ان يطبقها على الارض".

ويرى الصفار ان "مهلة المئة يوم كانت مبادرة شخصية، لذا فان قياس النتائج سيكون امرا صعبا على اعتبار ان الاهداف كانت غير واضحة".

وتقول اوتاوي ان "الانقضاض على احد الوزراء، مهما تدنى مستوى كفاءته، سينظر اليه من جانب الحزب الذي ينتمي اليه هذا الوزير على انه قرار سياسي".

استقالة نائب الرئيس العراقي

من جهته قال عمار الحكيم زعيم المجلس الاعلى الاسلامي العراقي ان عادل عبد المهدي نائب الرئيس العراقي استقال من منصبه وهو ما يعد علامة على وجود خلافات في الحكومة الائتلافية التي تضم كتلا شيعية وسنية وكردية.

وجاءت استقالة عبد المهدي في وقت يتصدى فيه رئيس الوزراء نوري المالكي لمنتقدين يقولون انه لم ينفذ وعوده بشأن اقتسام السلطة منذ تشكيل الائتلاف الهش في ديسمبر كانون الاول بعد جمود استمر تسعة أشهر.

وقال الحكيم ان عبد المهدي وهو سياسي شيعي رفيع في المجلس الاعلى الاسلامي قدم استقالته لكنها لا تزال تنتظر موافقة الرئيس جلال الطالباني وهو كردي.

وقال الحكيم "ان طلب الاستقالة تم تأخيره لحين عودة رئيس الجمهورية من سفره خارج البلاد حتى تسلم له مباشرة وما ان عاد حتى تم تسليم الاستقالة له." وعبد المهدي أحد ثلاثة نواب عينهم البرلمان هذا الشهر في الحكومة التي يتزعمها المالكي.

وقال الحكيم انه يأمل ان تدفع الاستقالة اخرين الى ان يحذوا حذو عبد المهدي لخفض حجم الحكومة. وتوجد انقسامات بين الحلفاء الشيعة.

ومنصب نائب الرئيس رمزي الى حد بعيد حيث لا صلاحيات حقيقية له لكنه كان جزءا من اتفاق اقتسام السلطة بين الفصائل السياسية في العراق لتشكيل الحكومة.

ومن غير المرجح ان تمثل استقالة عبد المهدي ضغوطا على الائتلاف الذي ما زال يتمتع بتأييد معظم الكتل الشيعية الاخرى في الحكومة بما في ذلك التيار الصدري الذي يشغل 39 مقعدا في البرلمان.

الدور المتنامى للشباب

من جانبها ذكرت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية على صدر صفحتها الرئيسية، أن النواب الشباب فى البرلمان العراقى والذين تأثروا كثيرا بالانتفاضات الديمقراطية المنادية بالتغيير فى العالم العربى، يتنافسون ضد النخبة السياسية المتحجرة، التى لا تزال يهيمن عليها هؤلاء المنفيون الذين تبعوا الدبابات الأمريكية إلى العراق، لتأسيس ديمقراطية هشة يتخللها العنف.

وقالت الصحيفة الأمريكية إن صوت المتظاهرين الشباب فى الشارع والصحفيين أسكتته الهراوات والرصاص وأجهزة الأمن رفيعة المستوى، التى لا تستجيب سوى لرئيس الوزراء الذى يقول عنه المسئولون، إنه يبعث شخصيا بأوامره عبر الرسائل النصية.

ورأت "نيويورك تايمز" أنه فى دولة تعتبر فيها التركيبة السكانية أصغر من تلك الموجودة فى دول مثل مصر، وتونس، ولبيبا، أظهرت موجة التغيير السياسى التى اجتاحت المنطقة مدى اتساع الفجوة بين الأجيال فى العراق، والشعور بالاستياء الذى غذته الديكتاتورية والحرب، وبين توق الشباب للمشاركة فى تشكيل العراق الجديد.

ونقلت الصحيفة عن رواد كوشنوا، وهو عضو فى البرلمان الكردى، قوله فى مقابلة أجريت معه حديثا: "جيل الشباب مستعد للمضى قدما، فهم لا يحملون هذا القدر من الاستياء"، غير أن قوى الشباب أضعفت من قبل نفس القوى التى سلبت الكثير من المجتمع العراقى لفترة طويلة، مثل العنف وتراجع المستوى الاقتصادى والسياسى وانتشار الطائفية، الأمر الذى حال دون ظهور فئة سياسية جديدة لتحرك دفة العراق نحو مستقبل ديمقراطى جديد.

وأشارت "نيويورك تايمز" إلى أن عشرات المقابلات التى أجريت مع الشباب العراقى، عكست نفس الشعور، المتمثل فى خيبة أمل مستمرة حيال كل من قادتهم السياسيين، والمنحنى الذى باتت الديمقراطية تسير على دربه الآن، "فالشباب فئة مستبعدة من المجتمع العراقى، لذا هم يحاولون توحيد صفوفهم على الفيس بوك، أو الانترنت أو من خلال المظاهرات، أو الاجتماع على المقاهى والندوات والجامعات، غير أنهم لا يملكون السلطة"، هكذا أكد سواش أحمد، البالغ من العمر 19 عاما، ويدرس الحقوق فى كركوك.

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 7/حزيران/2011 - 5/رجب/1432

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1432هـ  /  1999- 2011م