تهديدات العراقية بالانسحاب.. موقف ام مناورة

ناجي الغزي

هددت القائمة العراقية أكثر من مرة بالانسحاب من العملية السياسية على لسان أعضاءها وزعماءها بوسائل الإعلام منذ تشكيل الحكومة العراقية في حال عدم تنفيذ اتفاق مفاوضات أربيل التي مهدت لتشكيل الحكومة العراقية بعد مخاض عسير استمر لتسعة أشهر.

 ومن خلال تلك التصريحات المتكررة لأعضاء العراقية, لم يجد المراقب أي جدية في تلك التصريحات على الرغم من أن خيار الانسحاب هو حق مكفول للعراقية وغيرها. وممارسة دور المعارضة داخل قبة البرلمان لكي تسير العملية السياسية بقطبين منتظمين ترتقي بهما مسيرة الديمقراطية الوليدة. ولكون تجربة الشراكة السياسية في الحكومة كما نراها فاقدة لمصداقيتها ومعانيها وسلوكها العملي. بسبب عدم إيجابية بعض الأطراف السياسية المشاركة في الحكومة وإزدواجية العمل والتعامل في تلك الحكومة لانها لا تؤمن بتلك الشراكة ولا بالتجربة السياسية.

ومبادرة أربيل التي أفضت إلى تشكيل حكومة الشراكة الوطنية بطاقم وزاري مترهل ووزارات أمنية معطلة ومجلس سياسات ستراتيجية لم يتشكل بعد بسبب وجود خلافات حول الصلاحيات التي ستمنح له. ورغم ما يدعيه وما يصرح به قادة العراقية حول تعطيل بنود الاتفاقية ومنها قانون المساءلة والعدالة والمصالحة الوطنية وتعديل الدستور والاصلاح السياسي والاصلاح القضائي وإعادة التوازن في الاجهزة الامنية, وفي حالة عدم التوصل سيكون موقف العراقية مغاير من العملية السياسية.

ورغم تلك التهديدات المتكررة في أجواء التراشق الكلامي بين الطرفين إلا أن أعضاء دولة القانون يقللون من أهمية الإنسحاب للعراقية ويعتبرونها بالخاسر الاكبر في حال تنفيذ تهديدها، وان انسحابها لن يحقق لها اي مطلب تنتظره وستخسر قواعدها الشعبية. وإن أصرار العراقية على حل هيئة المسائلة والعدالة دون ضمانات لعودة حزب البعث, يعقد المشهد السياسي ويوسع الهوة بين جميع أطراف القوى السياسية. لان حزب البعث ساهم في قتل الشعب العراقي من الشمال الى الجنوب وأضر بمقدراته العامة والشخصية. وهذه من النقاط الاستراتيجية التي لايحق لأي طرف سياسي التفاوض عليها أو الاستخفاف بها لانها مصدر قلق للشارع العراقي عامة ولضحايا النظام البائد خاصة.

وخطوة تعليق القائمة العراقية حضور وزرائها لاجتماعات مجلس الوزراء من الاثنين 30/5/2011 الى شعار آخر. هي مناورة أكثر من أن تكون موقف سياسي وقانوني, وذلك من أجل الضغط على أطراف العملية السياسية لتحقيق مكاسب وامتيازات سياسية معينة.

 وللأسف تحاول العراقية تكرار التهديدات أمام وسائل الأعلام التي تتغذى على خراب العراق وتجربته السياسية. وقد صرحت العراقية في حالة عدم الاستجابة لمطالبها السياسية ستنزل الى الشارع وتدعوا الى إسقاط الحكومة واعادة الإنتخابات. ونلاحظ أن أغلب التهديدات والرسائل الملغومة تشير الى فك عقد الشراكة انهيار العملية السياسية.

واذا سلمنا جدلا أن العراقية نفذت انسحابها من الحكومة فهل تدخل الحكومة في مأزق؟ وهل ستسقط حكومة المالكي ؟ باعتبار القائمة العراقية تمتلك ثلث المناصب في الحكومة. وهل من الممكن استجابة الاطراف المتآلفة مع العراقية لمطلب زعيم العراقية أياد علاوي؟ وهي بالأمس أنشقت عنها مجموعة العراقية البيضاء ناهيك عن العلاقة الحادة بين السيد علاوي وبعض قادة الكتل والاحزاب داخل العراقية. وهل يفرط هؤلاء الساسة بالمكاسب والامتيازات التي اجتمعت من أجلها المكاسب؟

والانسحاب إن حدث فهو موقف مؤثر في الشارع السياسي من جهة ولايؤثر على تشكيل الحكومة من جهة أخرى. بل على العكس سوف يمنحها قوة من الناحية الفنية والادارية ولكن يؤثر عليها من الناحية السياسية والأمنية. لان في إنسحاب العراقية فرصة للطرفين الاولى فسح المجال لتشكيل حكومة أغلبية بين الائتلاف الوطني والكردستاني وترشيق الوزارات وبذلك تستطيع الحكومة انقاذ نفسها من الفشل المؤكد.

والثانية تقوم العراقية ومن يتحالف معها بتشكيل حكومة ظل داخل البرلمان وقطب معارض قوي يرصد ويراقب سير عمل الحكومة, وبهذا تستطيع العراقية كسب الجماهير أمام تخليها عن المشاركة في السلطة. ومن خلال ذلك يمكن للعملية السياسية ان تصحح مساراتها الخاطئة وتسير بالاتجاه الصحيح بثنائية الحكومة والمعارضة.

واذا لم تنفذ العراقية وعودها ستبقى التهديدات في أطار المناورات والمزايدات وتزداد الازمة السياسية في البلد وتتعطل مسيرة الحكومة ويتدهور الوضع الامني والاقتصادي وتتسع الهوة بين الاطراف المتنازعة وهذا ينعكس سلبا على الشارع السياسي العراقي ويترك تداعيات خطيرة على البلاد لاتحمد عقباها.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 6/حزيران/2011 - 4/رجب/1432

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1432هـ  /  1999- 2011م