اليمن والثورة... هل يقود الانقسام الى تفتيت الدولة؟

محمد حميد الصواف

 

شبكة النبأ: ما تمر بيه اليمن انعطاف خطير قد يفضي الى تفتيت الدولة وانهيارها، سيما بعد الانقسام الاجتماعي السائد هناك بين مؤيدي الرئيس ومناوئيه، لتكون السياسة عاملا يقود الى التفرقة، والسلطة وبالا يقوض الامن والاستقرار.

فتعنت الرئيس اليمني بالرغم من اتساع حركة الاحتجاجات، وما نجم عنه من اقتتال داخلي القائم، زاد من تردي الأوضاع على جميع الاصعدة، في بلد يشكو اصلا من مشاكل اقتصادية واجتماعية متفاقمة، ساهم تعنت صالح في تأجيج الخلافات وأجهض امل قيام دولة مستقرة في الوقت الراهن، ممهدا لحرب اهلية متسعة النطاق خلال الفترة القادمة، في تكرار لنموذج دولة الصومال التي مرت بنفس الظروف تقريبا.

انهيار الهدنة

حيث انهارت الهدنة الهشة التي أنهت أياما من معارك الشوارع بين رجال قبائل يمنيين وقوات الامن التابعة للرئيس على عبد الله صالح مما دفع البلاد أكثر الى شفا حرب أهلية, واتهمت الحكومة وأنصار صادق الاحمر زعيم قبيلة حاشد بعضهما بعضا بخرق الهدنة ودفع البلاد نحو حرب أهلية, وقال مسؤول حكومي حينما سُئل هل تسبب التراشق بالنيران الذي وقع مؤخراً بين الجانبين في انهيار الهدنة الهشة "انتهى اتفاق الهدنة", واستعاد مقاتلون موالون للاحمر السيطرة على مبنى الحزب الحاكم في اليمن في حي الحصبة بالعاصمة صنعاء الذي وقع فيه معظم القتال, وتسببت المعارك الليلة في صنعاء في انهاء اتفاق الهدنة الذي تم التوصل اليه, وقتل أكثر من 115 شخصا في معارك دارت في المدن بين الجانبين بالرشاشات وقذائف المورتر والقذائف الصاروخية في أشرس معارك منذ بدء الاحتجاجات المناهضة للحكومة قبل اكثر من أربعة أشهر, وخرقت الاشتباكات التي وقعت هدنة بين قوات صالح وقبيلة حاشد ذات النفوذ التي يتزعمها الاحمر في أعقاب القتال الذي سقط فيه أكبر عدد من القتلى منذ بدأت الاضطرابات في يناير كانون الثاني, وفي العاصمة صنعاء سُمع دوي عدة انفجارات وسط نيران الأسلحة الآلية في حي الحصبة الذي شهد قتالا على مدى أسبوع بين قوات صالح ورجال قبائل, وقال محمد القريطي وهو من سكان الحصبة "معارك الليلة الماضية كانت الاعنف حتى الان لم استطع النوم انا واطفالي طوال الليل بسبب اطلاق النار", ودعت قوى المعارضة الى تنظيم احتجاجات تشمل البلاد كلها في وقت لاحق, وفرقت قوات صالح احتجاجات مماثلة في تعرز التي تبعد نحو 200 كيلومتر الى الجنوب من العاصمة وفتحت الذخيرة الحية على الحشود ودهست البعض بالجرافات وقتلت 15 على الاقل وجرحت مئات, وفي تطور مشؤوم قال سكان ان قوات يمنية أطلقت ذخيرة حية على محتجين في مدينة تعز الجنوبية لتفريق تجمع حاشد يطالب بانهاء حكم الرئيس اليمني, وقالت مصادر طبية ان ثلاثة قتلى سقطوا حتى الآن, وقالت نافي بيلاي مفوضة الامم المتحدة السامية لحقوق الانسان ان تقارير تفيد بسقوط أكثر من 50 قتيلا في مدينة تعز اليمنية على أيدي القوات اليمنية التي تحاول كبح التجمعات الحاشدة المناهضة للحكومة, وتابعت في كلمة على الانترنت التقطت في دبي "تلقى مكتب حقوق الانسان التابع للامم المتحدة تقارير لم يتسن التأكد بعد من صحتها بشكل كامل تفيد بمقتل أكثر من 50 محتجا في تعز بأيدي الجيش اليمني والحرس الجمهوري وعناصر أخرى مرتبطة بالحكومة".  حسب رويترز.

والى الجنوب أكثر تحاول القوات الحكومية والسكان اخراج مقاتلي القاعدة ومتشددين إسلاميين آخرين من مدينة زنجبار الجنوبية التي سيطروا عليها, وقالت وكالة الانباء اليمنية (سبأ) ان 21 جنديا يمنيا قتلوا في الاشتباكات التي جرت بينما قصف سلاح الجو اليمني بالقنابل المدينة الساحلية قرب خليج عدن ويعيش فيها نحو 20 ألفا, وقال سكان ان الجثث ملقاة في الشارع واضرمت النيران في البنك الوطني اليمني وان الانفجارات تهز المدينة التي فر منها معظم سكانها, وقال أحد السكان "الانفجارات تضيء السماء, سقطت قذيفة في الشارع خلف بيتي حيث تمركز المتشددون", واتهم زعماء المعارضة الرئيس صالح بالسماح بسقوط مدينة زنجبار في أيدي القاعدة لإثارة القلق في المنطقة في مسعى من جانبه للحصول على مساندة, وضغطت القوى العالمية على صالح لتوقيع اتفاق نقل السلطة الذي توسطت فيه دول خليجية خوفا من ان يتحول اليمن الذي يوشك على انهيار اقتصادي ويتخذ فيه تنظيم القاعدة بجزيرة العرب مقرا الى دولة فاشلة تقع على ممر بحري حيوي وتتاخم المملكة العربية السعودية أكبر مصدر للنفط في العالم, وتخشى الولايات المتحدة والسعودية اللتان تعرضتا من قبل لهجمات تنظيم القاعدة في جزيرة العرب من اتساع الاضطرابات بما يشجع الجماعة على تحرك أكثر جرأة, وقتل ما لا يقل عن 320 شخصا في اليمن منذ ان بدأت قبل أربعة أشهر مظاهرات للمطالبة بانهاء حكم صالح المستمر منذ نحو 33 عاما مستلهمة انتفاضات "الربيع العربي" التي أطاحت برئيسي تونس ومصر, ورغم مطالبات القوى العالمية والاقليمية لصالح بالتنحي رفض الرئيس اليمني توقيع اتفاق رعاه مجلس التعاون الخليجي لبدء نقل السلطة بهدف تفادي نشوب حرب أهلية تهز المنطقة, وتحت حكم صالح أصبح اليمن مهددا بالانهيار الاقتصادي وهو أفقر بلد في شبه الجزيرة العربية الغنية بالنفط ويعيش نحو 40 في المئة من سكانه البالغ عددهم 23 مليون نسمة على أقل من دولارين في اليوم.

القاعدة في زنجبار

في سياق متصل أحكم تنظيم القاعدة قبضته على بلدة زنجبار الساحلية في الوقت الذي اشتعلت فيه اتون القتال بين قوات الرئيس علي عبد الله صالح ومقاتلين مسلحين تحول الى قتال في الشوارع هدد باشعال حرب أهلية في البلاد, واتهم زعماء المعارضة الرئيس صالح بالسماح بسقوط مدينة زنجبار المطلة على خليج عدن في أيدي المتشددين لاثارة القلق في المنطقة مما سيؤدي بالتالي الى حصوله على المساندة, وأصبح لمسلحين يعتقد أنهم من القاعدة سيطرة كاملة على مدينة زنجبار الساحلية في محافظة أبين المضطربة, وقال أحد السكان "جاء نحو 300 اسلامي متشدد ورجال من تنظيم القاعدة الى زنجبار وسيطروا على كل شيء", وانسحب الجيش من زنجبار بعد معركة مع المتشددين في مارس اذار لكنه استعاد السيطرة لاحقا, ويتهم دبلوماسيون وجماعات معارضة الرئيس اليمني باستغلال التهديد بتنظيم القاعدة في الحصول على مساعدات من قوى اقليمية تسعى للاستعانة بحكومته في محاربة المتشددين, وقال محللون ان هناك مخاوف متزايدة من أن يستغل تنظيم القاعدة في جزيرة العرب المتمركز باليمن الاوضاع في تنفيذ تفجيرات, ولقي نحو 300 شخص حتفهم على مدى الشهور الماضية أثناء محاولة الرئيس اليمني وقف الاحتجاجات المطالبة بالديمقراطية بالقوة, واليمن متاخم للمملكة العربية السعودية أكبر مصدر للنفط في العالم ويطل على ممر شحن يمر به نحو ثلاثة ملايين برميل من النفط يوميا, وقال علي دهمس وهو مسؤول يساري في المعارضة بمحافظة أبين "الامن انسحب وترك المدينة للعناصر الاسلامية المسلحة التي نهبت المؤسسات الحكومية", وأضاف "الان أفراد من الجيش ورجال القبائل يخوضون مواجهات مع العناصر المسلحة لطردها من المدينة", وتقول جماعات المعارضة ان من الممكن أن يكون أداؤها أفضل من الرئيس في احتواء تنظيم القاعدة, وفي صنعاء عاد المارة والسيارات الى شوارع صنعاء التي اندلعت بها معارك محتدمة خلال نحو أسبوع من القتال الذي أسفر عن سقوط 115 قتيلا على الاقل, وكان أحدث عنف الذي شهد مواجهة بين قوات صالح وأعضاء من قبيلة حاشد التي يتزعمها صادق الاحمر هو الاعنف منذ اندلاع الاحتجاجات المطالبة بالديمقراطية في يناير كانون الثاني وأشعله رفض صالح التوقيع على اتفاق لنقل السلطة, وقال شهود عيان ان أفراد قبيلة الاحمر أعادوا مبنى حكوميا لوسطاء في اطار اتفاق لوقف اطلاق النار. حسب رويترز.

وكان اول مبنى يسيطر عليه أفراد القبائل يجري تسليمه في اطار الهدنة التي تهدف الى اعادة الحياة لطبيعتها في صنعاء حيث دفع القتال بالاسلحة الالية والقذائف الصاروخية وقذائف المورتر الالاف للفرار, وفتحت متاجر الالكترونيات والعطور وغيرها من المصالح أبوابها لكن الزبائن عددهم محدود نظرا لان السكان يحاولون عدم انفاق المال تحسبا لاندلاع القتال مرة أخرى وهم يحتاجون الى شراء الاساسيات سريعا, وقال التاجر منصور عبد الرحمن "حال العمل سيء للغاية, اضطررنا لاقالة بعض العمال, ليس هناك مال ولا يمكنني دفع الايجار", وتمتد الهدنة أيضا لمناطق خارج صنعاء حيث اشتبك أفراد قبائل مع الحرس الجمهوري وهاجمت القوات الجوية أفراد القبائل المسلحين مستخدمة القنابل, وقالت مصادر قبلية ان بعض أعضاء الحرس في محافظة ذمار جنوبا انضموا للمعارضة, وعلى الرغم من الهدنة فان المحللين يساورهم القلق من احتمال اندلاع القتال مرة أخرى نظرا للعداء بين الاطراف المختلفة والغضب الشعبي المتزايد من صالح لتمسكه بالسلطة بعد 33 عاما قضاها في الرئاسة في أزمة جعلت البلاد على وشك الانهيار المالي, وقالت يسرا العبسي التي تشارك في اعتصام "ما زلنا موجودين هنا لاسقاط النظام, حتى اذا استغرق ذلك اسبوعا اخر, أو شهرا اخر أو عاما اخر", وأضافت "لقد استغل هو وأسرته ثروة البلاد لانفسهم", وقال وزير التجارة اليمني ان هذه الازمة السياسية أدت الى تكبد اقتصاد البلاد ما يصل الى خمسة مليارات دولار وهناك حاجة فورية لتقديم المساعدة لمنع الانهيار في البلد الذي يبلغ فيه الناتج المحلي الاجمالي الاسمي 31 مليار دولار, وقال مسؤولون أمريكيون ان الولايات المتحدة تشعر بالقلق من أن الخصومة بين القبائل المختلفة تعقد جهود التوصل الى اتفاق لنقل السلطة وتعتقد أن تنظيم القاعدة يحاول استغلال الاضطرابات هناك, وأغضب صالح المفاوضين الدوليين الذين يقولون انه يفرض مرارا وتكرارا شروطا جديدة في كل مرة يحل فيها توقيت توقيع اتفاق نقل السلطة برعاية دول مجلس التعاون الخليجي وكان أحدث طلب هو تنظيم مراسم عامة للتوقيع, لكن القوى العالمية ليس لديها ثقل يذكر للتأثير على الاحداث في اليمن حيث تمثل الانتماءات القبلية أكبر عنصر في النسيج الاجتماعي.

الحل بتنح صالح بسرعة

ربما تكون احتمالات أن يتفادى اليمن حربا أهلية قبلية ضئيلة في ظل انتشار القتال في العاصمة ما لم يتنح الرئيس علي عبد الله صالح بسرعة, لكن صالح على الارجح اتخذ قرارا بالفعل بمواصلة القتال للاستحواذ على السلطة في الدولة الاستراتيجية حيث ينتاب حلفاء خليجيون وغربيون القلق من أن الفوضى قد تعطي لتنظيم القاعدة في جزيرة العرب ومقره اليمن مساحة اكبر لممارسة نشاطه, وربما تقرر السعودية التي تخشى انعدام الاستقرار لدى جارتها المطلة على ممر ملاحي يمر عبره ثلاثة ملايين برميل من النفط يوميا ممارسة مزيد من الضغط على صالح حتى يرحل, لكن هذا لن يكون كافيا على الارجح الا اذا وقع انقلاب او تدخل عسكري, وقال المحلل الامني المقيم بدبي تيودور كاراسيك "يبدو أننا تجاوزنا نقطة اللاعودة هنا", وأضاف "سيبدو الوضع مثل ليبيا وقد أصبح الان مثل ليبيا, وأعتقد أن من المهم أن يعترف المجتمع الدولي بهذا", وأسفر القتال بين الموالين لصالح المسلحين جيدا وجماعات المعارضة عن مقتل عشرات اليمنيين منذ تفجر في صنعاء بعد يوم من رفض صالح للمرة الثالثة التوقيع على اتفاق أعد بوساطة خليجية وكان سينهي حكمه الممتد منذ 33 عاما في غضون شهر, وغاب عن تلك الاشتباكات عشرات الالاف من المحتجين الذين مازالوا ينظمون تجمعات حاشدة سلمية يوميا للمطالبة بتنحي صالح والانتقال الى الديمقراطية, ولم يتضح بعد كيف سيردون على تصاعد أعمال العنف.والاشتباكات التي دارت في الشوارع المحيطة بمنزل الزعيم القبلي الشيخ صادق الاحمر هي الاقوى حتى الان منذ نصب محتجون شبان خياما بالشوارع في أنحاء المدن اليمنية في فبراير شباط للضغط على صالح للتنحي.وتمثل العصبية القبلية العنصر الاقوى في نسيج المجتمع اليمني وقد بدأ القتال بالفعل يأخذ منحى عشائريا فيما يبدو, ودعا الاحمر زعيم اتحاد حاشد العشائري الذي تنتمي اليه قبيلة سنحان التي ينحدر منها صالح جميع القبائل اليمنية الى مساندته في مواجهة الرئيس, وقال الاحمر عن الرئيس اليمني انه سيترك اليمن حافي القدمين, كما صعد صالح من حدة لهجته واتهم الاحمر واخوته وهم أبناء شخصية قبلية بارزة كانت متحالفة معه بمحاولة الزج باليمن الى حرب مفتوحة قائلا انهم اتخذوا القرار الخاطيء بمواجهة الدولة. حسب رويترز.

ودعا قائد كبير بالجيش انضم للاحتجاجات التي استلهمت الثورتين اللتين أطاحتا بزعيمي مصر وتونس الجيش الى تحدي صالح, ووصف اللواء علي محسن الرئيس اليمني بأنه مختل متعطش للمزيد من الدماء, ويقول المحلل السياسي اليمني عبد الغني الارياني انها لم تصبح حربا أهلية بعد وأضاف أنه اذا تم احتواء الموقف في غضون يومين فستكون الامور على ما يرام اما اذا لم يتحسن الوضع فقد يؤول الى حرب أهلية, ومضى يقول انه اذا انضم اللواء على محسن الاحمر الى المعركة فسيدخلها الجيش بالكامل وستكون حربا شاملة, وفي مؤشر على أن المواطنين يتوقعون الاسوأ فرت أعداد كبيرة من اليمنيين الى خارج العاصمة, واندلعت الاشتباكات قرب المطار وسيطر مسلحون موالون للاحمر على مقار عدة وزارات, وعلق مجلس التعاون الخليجي الذي قاد جهود الوساطة مبادرته بعد أن حاصر مسلحون موالون لصالح عقدوا العزم على احباط المبادرة أمينه العام لساعات داخل سفارة الامارات العربية المتحدة, ورفض صالح فيما بعد التوقيع, ويخشى حلفاء اليمن من الغرب والخليج من وجود دولة فاشلة على اعتاب اكبر دولة مصدرة للنفط في العالم لهذا فانهم يريدون انتقالا سلميا للسلطة ويعتبرون صالح عبئا بشكل متزايد بسبب هجر أنصاره له, وصعدت الولايات المتحدة التي استعانت بصالح في مكافحة تنظيم القاعدة وفرنسا من دعواتهما ليرحل صالح وأنحتا باللائمة في سفك الدماء على تراجعه عن توقيع اتفاق نقل السلطة, ومن المرجح أن تحاول السعودية ممارسة مزيد من الضغط على صالح للتنحي تفاديا لكارثة في دولة يملك نصف سكانها البالغ عددهم 23 مليون نسمة سلاحا, وترتبط السعودية بعلاقات قديمة وقوية بالقبائل اليمنية, وقال الصحفي السعودي البارز جمال خاشقجي ان ما تبقى للسعودية هو أن تقدم دعما نفسيا ومعنويا او أن يخرج شخص ما ويطالبه صراحة بالاستقالة, وأشار الى أن هذا الطلب بالتنحي قد يوجه له باسم الاسلام والصداقة والقومية العربية, والسعودية الان في موقف صعب فهي لا تريد تشجيع الثورات في شبه الجزيرة العربية التي طالت البحرين وعمان ايضا وتخشى من أن تتسلل اليها في نهاية المطاف, ولا تريد المملكة أن يتعرض استقرارها لتهديد اذا زادت حدة الاضطرابات في اليمن اذا اشتدت المواجهة, ويتفق معظم المحللين على أن الضغوط السعودية لن تصل الى حد التدخل العسكري على الرغم من وجود سابقة لهذا, وانضمت الرياض الى الحرب الاهلية اليمنية ضد المتمردين الحوثيين الشيعة حين وقفت في صف الحكومة, وأرسلت السعودية قوات الى البحرين في مارس اذار لمساعدة جارتها في اخماد احتجاجات قادها الشيعة, ويشير كاراسيك الى أن الرياض قد تتدخل بناء على طلب القبائل اليمنية التي تربطها بها علاقات قديمة غير أنه لا توجد مؤشرات على أن هذا مطروح على الطاولة في الوقت الراهن, وقال اخرون ان السعودية ربما تحيل الامر الى جامعة الدول العربية لكن من غير المرجح أن يتمخض هذا عن اجراء ملزم, وقال خالد الدخيل استاذ العلوم السياسية السعودي ان هناك حاجة الى أن تأخذ الجامعة العربية موقفا لكن على السعودية أن تقود هذه الجهود لان لها نفوذا وحلفاء داخل اليمن.

اليمن يمنح الفرصة للقاعدة

وتتيح الحرب في اليمن مجالا أوسع لاكثر متشددي القاعدة جرأة لمهاجمة الغرب ورفع معنويات التنظيم بعد فقده زعيمه اسامة بن لادن, وفيما يزداد تأزم الصراع السياسي الذي تخوضه حكومة الرئيس علي عبد الله صالح من المرجح ان ينعم تنظيم القاعدة في جزيرة العرب بحرية أكبر ليستعل ما عرف عنه من مهارة في تدبير تفجيرات جريئة ومبتكرة, وليس للتنظيم الذي يقدر البعض انه يضم نحو 300 شخص شأن بانتفاضة الشباب التي تسعى لانهاء حكم صالح المستمر منذ فترة طويلة أو بقوات المعارضة التي اشتبكت مع انصار صالح في العاصمة صنعاء, ولكن لتنظيم القاعدة في جزيرة العرب اهمية دولية لانه يضم أكثر مقاتلي القاعدة جسارة وهو خبير في شن عمليات في الخارج وتصنيع واخفاء عبوات ناسفة متطورة وانتاج دعاية مؤثرة على الانترنت تحرض اخرين على شن هجمات, وستتنامي قدرته على القيام بجميع هذه الانشطة من مخابيء في مناطق نائية في اقاليم شبوة وابين والجوف ومأرب كلما ازداد انشغال اجهزة الامن في البلاد بالمشاكل السياسية, وقال جريجوري جونسن المتخصص في الشؤون اليمنية "في ظل انشغال حكومة صالح الكبير بمحاولة التشبث بالسلطة تتسع المساحة التى يمكن لتنظيم القاعدة في جزيرة العرب ان ينشط بها في الوقت الحالي", وقال مسؤول بريطاني بارز في مجال مكافحة الارهاب ان اوضاع تنظيم القاعدة في جزيرة العرب "مقلقة جدا" بما في ذلك طموحاته لتوجيه ضربة خارج اليمن في الدول المجاورة له وما وصفه بجهود تشكيل شبكات في شرق افريقيا واوروبا, وقال "اخترقوا انظمة الطيران العالمية ولديهم خبراء اكفاء جدا في (تصنيع) المتفجرات ونعتقد انهم اكثر كفاءة من خبراء القيادات البارزة لتنظيم القاعدة", وقال المسؤول ان القاعدة تعمل في "دولة في سبيلها للانهيار تحول اهتمام جهازها الامني, لامور اخرى تحديدا الابقاء على النظام مما اوجد مناطق في اليمن تقلصت فيها سلطة الحكومة عما كانت عليه قبل عام."ويوم الخميس قتل أكثر من 40 يمنيا في رابع يوم من الاقتتال عقب انهيار اتفاق لتنحي صالح ينهي أربعة أشهر من الاضطرابات. حسب رويترز.

ويؤدي انهيار كامل فى سلطة الدولة لتفاقم مجموعة من المشاكل تقلق اليمنيين أكثر من تنظيم القاعدة من بينها الفساد والجريمة والبطالة وضعف امدادات المياه, ولكن تنظيم القاعدة في جزيرة العرب يأتي في مقدمة المخاوف الامنية للغرب, وصرح صالح بقوله ان القاعدة كثفت هجماتها خلال الاشهر القليلة الماضية ولكن التنسيق مع واشنطن في محاربة الارهاب كان يسير بشكل جيد, ويقول منتقدوه ان سوء ادارته ادى لمجموعة من المشاكل قادت للتشدد الاسلامي للدرجة التي تجعل من نهاية حكمه مكسبا لقضية مكافحة الارهاب, وقالت ندوى الدوسري رئيسة منظمة شركاء اليمن وهي جماعة تهدف لمنع المنازعات تعمل مع المجتمعات القبلية "استمراره في السلطة يسهم فحسب في الاسباب الرئيسية الكامنة وراء تنامي قوة القاعدة في اليمن, نقص الفرص والفساد وقمع الحريات والحقوق وقتل مواطنين يمنيين بحجة محاربة القاعدة", وقالت "اذا بقي سيحبط الشبان الذين يتظاهرون الان وربما ينضمون للقاعدة في جزيرة العرب او لمجموعات اخرى تمارس التهريب او في عصابات وفي تهريب المخدرات او امراض اجتماعية اخرى", وتنتشر اراء مماثلة لرأي الدوسري ولكن محللين يحذرون من انه في حالة تنحي صالح فان من سيخلفه سيتعرض لنفس الضغوط من الغرب للتصدي للقاعدة, ويبقي بدون جواب سؤال عما اذا كانت سياسة الحكومة الحالية ستتغير كثيرا في ظل قيادة جديدة, ويشعر كثيرون ان التركيز الاكبر على تحسين ادارة الامن والقضاء سيكون أكثر تاثيرا من هجمات صاروخية امريكية من ان لاخر تسمح بها الحكومة او تتغاضى عنها.

وقال جونسن "لا يوجد حل صاروخي سحري لمشكلة القاعدة في جزيرة العرب في اليمن", وصرح "اذا استمرت الولايات المتحدة تنتهج استراتيجيات تركز فقط على قتل قادة تنظيم القاعدة في جزيرة العرب دون ان تربط ذلك بتوجه سياسي وتنموي اكثر قوة ودقة فانها ستواصل حصد مكاسب قصيرة الاجل على حساب تحقيق استقرار طويل الامد", وتحقيق تقدم دائم في مكافحة الارهاب سيظل امرا بعيد المنال في بلد غالبا ما تقتصر فيه سلطة الدولة على المدن الكبرى والطرق الرئيسية وحيث عادة ما تهيمن القبائل على الجبال والوديان والصحاري المحيطة بها, وقالت باربرا بودين التي عملت سفيرة للولايات المتحدة في الفترة من عام 1997 الى عام 2001 "ضرر الطائرات بدون طيار اكثر من نفعها ورغم مشاعر الاحباط فان الامر يتعلق في هذه الحالة بتوفير التدريب ودعم القدرات المحلية وليس الاضطلاع بالمهمة بانفسنا", وما من معلومة مؤكدة عن نطاق انشطة تنظيم القاعدة في جزيرة العرب ولكن محللين يرتابون بانها تبالغ في تقدير وجودها على ارض الواقع, وفي الشهر الماضي قال رجل دين من التنظيم انه يتنامى في محافظة مأرب ويبسط سيطرته علنا في محافظة شبوة, ويقول فرناندو كارفاجال الخبير في شؤون اليمن بجامعة اكستر البريطانية ان القادة الدينيين في مأرب لن يتوانوا عن طرد عناصر القاعدة من المنطقة اذا اضحوا عبئا على العلاقات داخل المجتمع.

امريكا بدأت تقلق

على صعيد متصل صرح مسؤولون امريكيون كبار بأن الولايات المتحدة تشعر بقلق من ان التناحرات القبلية تعقد الجهود الرامية الى التوصل لاتفاق لنقل السلطة في اليمن وتعتقد ان القاعدة تحاول استغلال عدم الاستقرار هناك, واضاف المسؤولون ان الولايات المتحدة ما زالت على اتصال وثيق بحلفائها الاوروبيين والخليجيين وتواصل مراجعة الخيارات لزيادة الضغط على الرئيس اليمني علي عبد الله صالح للتوقيع على اتفاق للتنحي, وادلت الحكومة الامريكية بهذه التصريحات على نحو حذر حتى في الوقت الذي اتفقت فيه الحكومة اليمنية ورجال قبائل مسلحون يطالبون بتنحي صالح على انهاء الاشتباكات التي دفعت اليمن الى حافة حرب اهلية, ولم تحل الهدنة الازمة السياسية الاوسع في البلاد.وكانت أحدث موجة من القتال الذي اندلع بين قوات الامن التابعة لصالح واعضاء من قبيلة حاشد القوية التي يتزعمها صادق الاحمر أكثر المواجهات دموية منذ اندلاع الاحتجاجات المطالبة بالديمقراطية في يناير كانون الثاني واطلق شرارتها رفض صالح التوقيع على اتفاق نقل السلطة, واثار القتال احتمال حدوث فوضى يمكن ان تفيد جناح القاعدة الذي يتخذ من اليمن مقرا له وتهديد السعودية اكبر مصدر للنفط في العالم, وقال مسؤول امريكي كبير شريطة عدم نشر اسمه "نشعر بقلق جدا من ان الوضع غير المستقر في اليمن يؤدي الى ظهور تناحرات قبلية قائمة منذ فترة طويلة الى السطح وهو ما يزيد من تعقيد عملية التوصل لاتفاق بشأن انتقال منظم للسلطة", وتحاول عناصر قبلية ومتطرفة استغلال عدم الاستقرار الحالي من اجل تعزيز مصالحها الضيقة", وعلى الرغم من تراجع الدعم الامريكي لصالح فان واشنطن تساورها ايضا شكوك خطيرة بشأن قبيلة الاحمر الثرية والقوية وترى انها من غير المحتمل ان تساعد في تحقيق اصلاحات شاملة في حال اكتسابها مزيدا من النفوذ, وبعثت الولايات المتحدة باشارة الى صالح بانه يتعين عليه التخلي عن السلطة بالتحذير من انها قد تراجع مساعداتها, ولكن خبراء يقولون ان وقف المساعدات لن يؤدي الا الى تقليص النفوذ الامريكي بشكل اكبر في بلد مهم للجهود الامريكية لمكافحة الارهاب. حسب رويترز.

كما أدى رفض الرئيس اليمني علي عبد الله صالح التنحي الى تزايد الضغوط على البيت الأبيض لقطع المساعدات الامريكية عن اليمن لكن ليس من المرجح أن يحدث ذلك فارقا كبير في وضع يتدهور بسرعة كبيرة رغم جاذبية هذا الخيار, وما من شك أن الولايات المتحدة ليس أمامها فيما يبدو خيارات جيدة فيما يتعلق باليمن كما ليس لديها تأثير يذكر على مسار الاحداث هناك رغم أنها ترسل نحو 300 مليون دولار من المساعدات الى اليمن سنويا, وبعثت واشنطن اشارة الى صالح مفادها أن عليه التنازل عن السلطة من خلال التحذير من أنها ربما تعيد النظر في أمر المساعدات لكن خبراء يقولون ان قطع المساعدات لن يؤدي سوى الى تراجع النفوذ الامريكي أكثر في بلد له أهمية محورية لجهود الولايات المتحدة في محاربة الارهاب, كما أنه ليس من المرجح أن تؤدي هذه الخطوة الى تغيير حسابات صالح فيما يتعلق بمسألة رحيله عن السلطة, ويمثل عدم وجود خيارات كثيرة عبئا بالنسبة للولايات المتحدة لان من المتوقع أن يكثف تنظيم القاعدة في جزيرة العرب المتمركز في اليمن والذي يثير قلق الولايات المتحدة بالفعل من عملياته بعد أن قتلت قوات أمريكية زعيم القاعدة أسامة بن لادن, وقبل أحدث رفض لصالح للتوقيع على اتفاق لتسليم السلطة قال مسؤول أمريكي ان جون برينان مسؤول البيت الابيض لشؤون مكافحة الارهاب اتصل بصالح بنفسه للضغط عليه كي يقبل الاتفاق رسميا, وحذر برينان من أنه في حالة عدم حدوث ذلك فسوف تنظر واشنطن في خيارات أخرى, ولم يتضح بعد ما اذا كان البيت الابيض سينفذ تهديداته, وهناك اتفاق بين الخبراء على أن النفوذ الامريكي محدود فيما يتعلق باليمن, وقالت باربرة بودين وهي سفيرة أمريكية سابقة في اليمن "ما هي الخيارات المتاحة لدينا لفرض تسوية ما", وأضافت "لا أعتقد حقا أن العقوبات ستساعدنا على حسم المسألة, وبالطبع التهديدات لن تفلح", وتدهور الوضع في العاصمة اليمنية صنعاء بصورة كبيرة في الايام القليلة الماضية, فقد أسفرت معارك بالاسلحة النارية بين مؤيدي صالح ومعارضيه عن سقوط أكثر من 40 قتيلا , هذا بالاضافة الى عشرات قال مسؤول حكومي في اليمن انهم قتلوا خلال اشتباك بين الطرفين.

وقالت وزارة الخارجية الامريكية ان الولايات المتحدة أمرت جميع الدبلوماسيين غير الاساسيين وافراد أسر العاملين بسفارتها بمغادرة اليمن وسط تصاعد العنف بين الموالين والمعارضين لصالح, وقالت الوزارة في بيان "مستوى التهديد الامني في اليمن مرتفع للغاية بسبب الانشطة الارهابية والاضطرابات المدنية, هناك اضطرابات مدنية مستمرة في ارجاء البلاد واحتجاجات واسعة النطاق في المدن الرئيسية", وتبرز المعضلة التي تقابلها واشنطن في اليمن مشكلة تواجهها الولايات المتحدة على مستوى العالم في محاربة المتشددين بمساعدة حكومات مثار قدر من الجدل, وفي حين ظهرت مطالب في الكونجرس الامريكي بقطع المساعدات عن باكستان بعد أن اتضح أن بن لادن كان مختبئا في البلاد منذ سنوات فان هذه الدعوة من غير المرجح أن تنفذ أيضا فيما يبدو, وأقر الرئيس الامريكي باراك أوباما بوجود تحالفات غير مثالية في الشرق الاوسط خلال كلمة ألقاها أمام البرلمان البريطاني, وقال أوباما "يجب أن نقر صراحة بأننا لدينا مصالح دائمة في المنطقة بالفعل, محاربة الارهاب, وفي بعض الاحيان مع شركاء ربما لا يكونون مثاليين", وفي وقت سابق من اليوم دعا أوباما صالح الى "التحرك فورا لتنفيذ التزامه بتسليم السلطة", لكن صالح الذي يتولى السلطة منذ أكثر من 30 عاما قال انه لن يرضخ "للاملاءات" الدولية كي يتنحى, وكان ينظر لصالح حتى فترة قريبة على أنه حليف حيوي للولايات المتحدة سمح للقوات الامريكية بتنفيذ عمليات سرية بما في ذلك ضربات بطائرات بلا طيار تستهدف تنظيم القاعدة في جزيرة العرب, وعزز استمرار العنف في صنعاء مخاوف من أن اليمن ربما يصبح دولة فاشلة مثل الصومال الى جانب حدوث ذلك على أعتاب المملكة العربية السعودية اكبر مصدر للنفط في العالم, ويقل دخل أكثر من 40 في المئة من سكان اليمن عن دولارين في اليوم في حين أن ثلثهم يعاني من جوع مزمن, وقال مارك تونر المتحدث باسم وزارة الخارجية الامريكية "الفوضى الحالية تمثل بالفعل مشكلات تثير قلقنا, الافتقار المتواصل للامن وأثره المحتمل على قدرة تنظيم القاعدة في جزيرة العرب على التدخل", وأضاف "لكن مرة أخرى يعزز هذا من حقيقة أن الرئيس صالح يجب بالفعل أن يوقع على الاتفاق وأن يضع اليمن على الطريق نحو تسوية سياسية".

ويقول مسؤولون امريكيون طلبوا عدم نشر أسمائهم ان الاضطرابات السياسية صرفت أنظار صالح عن محاربة القاعدة, وأعلن التنظيم مسؤوليته عن هجوم فاشل يوم عيد الميلاد عام 2009 استهدف طائرة ركاب أمريكية كانت متجهة لديترويت ومحاولة في أكتوبر تشرين الاول 2010 لتفجير طائرتي شحن متجهتين للولايات المتحدة بطردين ناسفين, وحتى قبل مقتل بن لادن كان العديد من كبار المسؤولين الامريكيين يعتبرون القاعدة في جزيرة العرب اكبر خطر ارهابي يواجه الولايات المتحدة, ويتهم البعض أوباما بأن حساباته خاطئة فيما يتعلق بعدم تبني موقف أكثر صرامة تجاه صالح في وقت سابق معتمدا بدلا من ذلك على تصريحات حذرة سعت لتحقيق توازن بين التعبير عن الخوف من العنف ودعوة المحتجين للتفاوض, وقال جريجوري جونسن وهو خبير في شؤون اليمن ان الولايات المتحدة أمضت وقتا كبيرا في التحري حول شكل الدولة التي ستكون بدون صالح وأعاقها الخوف من قدر أكبر من الاضطرابات, وأردف قائلا "السؤال الذي كانوا يحتاجون الى طرحه هو, ماذا سيكون شكل اليمن اذا استمر الرئيس صالح في حكمه, ما ادركته الولايات المتحدة هو أن الشكل الذي سيبدو عليه اليمن اذا ظل الرئيس صالح في السلطة سينطوي على مشكلات عدة بالنسبة للولايات المتحدة وخاصة بالنسبة للاعتبارات الامنية للولايات المتحدة", لكن عندما يتعلق الامر بالخيارات في اليمن يرى جونسون أنه لا توجد حلول سهلة وأضاف "أعتقد أن ما يحدث حاليا هو خارج نطاق التدخل الخارجي".

مجموعة الأزمات الدولية

بدورها دعت مجموعة الأزمات الدولية القوى السياسية المحلية في اليمن الى تفادي تصعيد العنف في اطار اتفاق لوقف إطلاق النار، يمكن التوصل اليه من خلال إقصاء أو الحد من تدخل أنصار الرئيس اليمني علي عبدالله صالح وأولاد الشيخ عبدالله حسين الأحمر, وحذرت المجموعة في تقرير من خطر الأزمة الراهنة في اليمن، لافتة الى ان «المفاوضات السياسية في البلاد أفسحت المجال أمام مواجهة عنيفة», ورأت انه «بغية تفادي المزيد من التصعيد وخسارة الأرواح، فإن الخطوة الأكثر إلحاحاً هي بقبول الطرفين مباشرة وقف اطلاق النار بتوسط من رجال الدولة والقادة القبليين في اليمن», وشددت على ان «العداء والمنافسة الشخصية بين أبناء الشيخ عبدالله بن حسين الأحمر وأبناء وأقارب الرئيس صالح تشكل عقبة للمفاوضات حول النقل السلمي للسلطة», ورأت ان هذا العداء «يهدد بجر البلاد الى حرب أهلية واسعة النطاق»، معتبرة انه فيما يتركز القتال بين هاتين الجماعتين، إلا انه يمكن ان يتصاعد ويجر قبائل أخرى ولاعبين اقليميين بالإضافة الى كتيبة مسلحة تحت سيطرة القائد العسكري على محسن الأحمر الأخ غير الشقيق للرئيس صالح والذي انشق عنه, واذ أشارت الى ان النزاع تخطى حدود الخلاف الشخصي، وان المواجهات المسلحة منذ 23 مايو أدت الى مقتل أكثر من 100 شخص، أوضحت ان المدنيين في العاصمة صنعاء في خطر كبير لأن الطرفين يتقاتلون في مناطق مدنية مكتظة بالسكان, وحذرت المجموعة من ان استمرار تصاعد الأزمة يعني ارتفاع طيف تجزئة الدولة، بما ان مجموعات في جنوب اليمن ترى في امتداد المواجهة في الشمال فرصة للانفصال وتشكيل دولتها الخاصة, وشددت على أن الأولوية الآن هي لوقف النار، فيما لابد ان تكون الخطوة التالية التخفيف من تصاعد التوترات «وهذا يمكن ان يحصل عبر انتقال سياسي يقبل بموجبه الرئيس صالح نقل السلطة الى حكومة انتقالية مدنية», ورأت ان مبادرة مجلس التعاون الخليجي مازالت تشكل أساساً لمثل هذا الانتقال، إلا أنه لابد من تعديلها بسرعة بغية عكس التطورات السياسية الجديدة. بحسب يونايتد برس.

واعتبرت انه من الضروري ان «يتم تقصير فترة الـ30 يوماً التي أعطيت لصالح حتى ينقل السلطة الى نائبه», وأضافت انه لابد من «وصف مهام كل طرف في الاتفاق بالتحديد» و«توسيع المشاركة في حكومة انتقالية تضم ممثلين عن الشباب والمجتمع المدني»، الى جانب «توسيع مدى تدخل أصدقاء مجموعة اليمن» أي مجلس التعاون الخليجي ومجموعة الـ8 وممثلي الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي وجامعة الدول العربية وصندوق النقد الدولي والبنك الدولي, وشددت المجموعة على ان الالتزام الدولي مهم لوقف انزلاق اليمن نحو نزاع مسلح، لكن «نظراً للطبيعة الشخصية والقبلية للخلاف بين آل صالح وآل الأحمر لا يمكن معالجة الوضع بشكل فعل من خلال التوسط والمبادرات الدولية فقط».وأضافت ان «المسؤولية الآن تقع على الوسطاء المحليين لتفادي التصعيد الخطير للعنف أولاً من خلال التوصل الى اتفاق على وقف اطلاق النار ومن ثم احتواء النزاع السام بين الجيلين الشابين من عائلتي صالح والأحمر», واعتبرت ان «الاتفاق الأمثل الذي يمكن التوصل اليه يكون باقصاء المجموعتين أو الحد من تدخلهما في المرحلة الانتقالية، وهذا سيوفر محفزات لصالح وعائلته حتى يتخلى عن السلطة لأنهم يخشون من سيطرة عائلة الأحمر بعد استقالة الرئيس», وأضافت ان هذا الأمر سيعطي اليمنيين أيضاً مجالاً سياسياً لإقامة تحالفات جديدة خارج مركزي السلطة المسيطرين, وختمت المجموعة بالقول إن عدم معالجة هذا التنافس بين العائلات يمكنه «أن يشعل العنف أكثر ويستمر في تقويض التطلعات من أجل اجراء إصلاح حقيقي».

ضياع مليارات الدولارات

بدوره قال وزير التجارة اليمني ان الازمة السياسية التي تدفع اليمن الى حافة الحرب الاهلية قد كلفت الاقتصاد ما يصل الى خمسة مليارات دولار وان هناك حاجة الى مساعدة عاجلة للحيلولة دون انهيار اقتصادي, وأسفرت ثلاثة أشهر من قتال الشوارع والاحتجاجات السياسية عن مقتل نحو 300 شخص واخافة المستثمرين وابعاد مساعدات أجنبية تشتد الحاجة اليها وتفاقم عحز الميزانية, وقال وزير التجارة والصناعة هشام شرف عبد الله "لدينا تقارير بأن الخسائر تتراوح بين أربعة الى خمسة مليارات دولار", ويدعو مانحون غربيون وخليجيون الرئيس علي عبد الله صالح الى التنحي بعد 33 عاما في السلطة بموجب اتفاق بوساطة خليجية وهم يحجمون عن ضخ المساعدات لحين ايجاد حل للازمة التي تدفع الدولة صوب الانهيار, وقال وزير التجارة "ينبغي ألا يكون الاقتصاد رهينة للازمة السياسية لان الوضع ينذر بالخطر", ويخشى العالم الخارجي من أن الفوضى في هذا البلد قد تصب في صالح تنظيم القاعدة في جزيرة العرب الذي يتخذ من اليمن مقرا وأن تهدد السعودية المجاورة أكبر بلد مصدر للنفط في العالم, كما يقع اليمن على طريق ملاحي تعبره ثلاثة ملايين برميل من النفط يوميا, وتعهدت مجموعة الثماني بمساعدات بعشرات المليارات من الدولارات لمصر وتونس خلال اجتماع قمة ولمحت الى احتمال تقديم المزيد لدعم الربيع العربي والديمقراطيات الجديدة الناشئة بعد انتفاضات شعبية, وقال عبد الله ان الصراع في اليمن ينال بشدة من قطاعي السياحة والبناء ويستنزف شبكة الكهرباء التي مازالت تعمل, وقال ان من المتوقع أن تتسبب الازمة السياسية في ارتفاع العجز الى سبعة بالمئة من الناتج المحلي الاجمالي مقارنة مع توقع أولي كان يبلغ أربعة بالمئة. بحسب رويترز.

ويرتبط بعض أكبر خسائر اليمن بالوقود في بلد يعتمد على النفط في 60 بالمئة من ايراداته وتبلغ القيمة الاسمية لناتجه المحلي الاجمالي 31 مليار دولار, وقال عبد الله ان اليمن اضطر في ابريل نيسان ومايو أيار الى استيراد الوقود والمشتقات البترولية بتكلفة بلغت مليار دولار على مدار الشهرين, وقال "بدأنا ذلك لان المعارضة دفعت القبائل الى تفجير خطوط أنابيب النفط التي مازالت مغلقة منذ نهاية مارس", كما تسببت الاضرار التي لحقت بخطوط الانابيب في قطع مصدر مهم للدخل بالنسبة لمصدر النفط الثاني والثلاثين على مستوى العالم والبلد الذي يحتل المرتبة السادسة عشرة عالميا بين مصدر الغاز الطبيعي المسال, وقال "المشكلة الاكبر بالنسبة لنا هي أننا غير قادرين على جذب الاستثمار الاجنبي المباشر لتوفير فرص عمل بسبب المشكلة الامنية في اليمن", لكن اقتصاديين يقولون ان المشاكل أعمق بكثير, وفي ظل حكم الرئيس صالح أصبح اليمن أفقر بلد في شبه الجزيرة العربية الغنية بالنفط حيث يعيش نحو 40 بالمئة من السكان على أقل من دولارين في اليوم, كان محمد الميتمي أستاذ الاقتصاد بجامعة صنعاء قال في وقت سابق هذا الشهر "ما لم يحدث ضخ من الخارج , فان اقتصاد اليمن سينهار بكل تأكيد", وقال "الريال سينهار والتضخم سيرتفع لمستوى لم يشهده اليمن من قبل والمواد الغذائية الضرورية لن تكون متاحة لمعظم السكان كونهم فقراء", ودعا عبد الله الى عودة المساعدات الاجنبية وتوقع أن تقدم المبادرة الخليجية لنقل السلطة مساعدة اقتصادية بنحو ملياري دولار الى ثلاثة مليارات, لكن الاهم من وجهة نظره هو أن الدولة بحاجة للمساعدة الان, وقال "ينبغي ألا نقحم الاقتصاد في اللعبة السياسية الدائرة حاليا".

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 4/حزيران/2011 - 2/رجب/1432

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1432هـ  /  1999- 2011م