جنوب المتوسط عوضا عن مارشال الأمريكي

خطط اقتصادية لدعم الديمقراطيات العربية

شبكة النبأ: بدأت الدول الأعضاء والمنظمات ال63 التي تراقب البنك والتي اجتمعت في استانا (عاصمة كازاخستان) ، المسيرة الرامية الى تقييم اوضاعها وتوسيع نطاق نشاطها الى دول شمال افريقيا والشرق الاوسط بعد ان كان محدودا حتى الان باوروبا ودول الكتلة السوفياتية سابقا ومنغوليا.

وقال البنك في بيان "ان مثل هذا التطور سيشكل مساهمة كبرى في رد المجتمع الدولي على الربيع العربي"، مبديا استعداده لاستثمار 2,5 مليار يورو سنويا في جنوب المتوسط.

وكان البنك ابدى منذ شباط/فبراير رغبته في الاستثمار في دول العالم العربي والتي يشهد بعضها حركات احتجاج شعبية، لدعم عملية احلال الديموقراطية فيها.

دعما للديموقراطية

فقد اطلق البنك الاوروبي لاعادة الاعمار والتنمية الذي انشىء قبل عشرين عاما بهدف مساعدة الدول الشيوعية سابقا للانتقال الى اقتصاد السوق، السبت عملية توسيع نطاق مهمته الى دول العالم العربي التي تمر في حالة من الاضطرابات بهدف دعم مسيرتها نحو الديموقراطية.

وتقع عدة دول في طليعة الاستفادة من هذه الاستثمارات: فقد طلبت مصر رسميا العام الماضي الاستفادة منها واعرب المغرب (المساهم في البنك) عن "اهتمامه الكبير" فيها.

كما ان تونس التي انطلقت منها شرارة الانتفاضات الشعبية في الاشهر الاخيرة، تحتل هي الاخرى مقدمة لائحة الدول التي قد ينشط فيها البنك الاوروبي لاعادة الاعمار والتنمية.

وصدور الموافقة المبدئية من الدول المساهمة لن يشكل مفاجأة. فقد ابدت عدة دول تأييدها في الاسابيع الاخيرة لمثل هذا التطور، وبينها فرنسا والولايات المتحدة والمانيا.

وتضم لائحة المساهمين في البنك الاوروبي لاعادة الاعمار والتنمية الدول ال29 حيث ينشط وابرز الدول المتقدمة اضافة الى بضع دول اخرى مثل مصر والمغرب واسرائيل.

وتبقى التفاصيل التطبيقية بحاجة الى تحديد، ذلك ان الوسائل والجدول الزمني للتوسع الجغرافي للبنك لم يتم وضعها بعد، اضافة الى ان تحويل مهمته سيستدعي مراجعة انظمته.

وطلب المساهمون من مجلس ادارة البنك الاوروبي لاعادة الاعمار والتنمية ان يقدم لهم من الان وحتى 31 تموز/يوليو مقترحات ملموسة، وسيصادقون لاحقا بالاجماع على تطوير الانظمة وهي عملية قد تستغرق سنة ونصف السنة.

لكن البنك سيدرس امكانيات البدء بالاستثمار "في اسرع وقت ممكن" في دول جديدة قبل نهاية هذه العملية حتى. وقد يكون بامكانه ان ينشىء "صناديق خاصة" لهذه الدول الجديدة.

الا ان البنك اشار الى ان "اي قرار بشأن البدء بالاستثمار في المنطقة سياخذ في الاعتبار الاجراءات التي اتخذتها الدول المعنية تمهيدا لاصلاحات سياسية واقتصادية". بحسب فرانس برس.

الى ذلك، فان البنك سيقوم بتمويل اي استثمار جديد من دون مطالبة مساهميه بالموافقة على اي زيادة، ذلك انهم وافقوا العام الماضي على زيادة رأسماله من 20 الى 30 مليار يورو.

واخيرا، لن يحصل هذا التوسيع على حساب الدول التي يتدخل فيها البنك منذ سقوط جدار برلين وانهيار الاتحاد السوفياتي لان مهمته لم تقترب من نهايتها بعد، كما ذكر رئيسه توماس ميرو. وحدها الجمهورية التشيكية توقفت في 2007 عن تسلم استثماراته.

ويتوقع البنك ان يستثمر ايضا ما بين 8,5 و9 مليارات يورو سنويا حتى العام 2015 في منطقة عمله الحالية التي تمتد من اوروبا الوسطى والشرقية الى آسيا الوسطى ومن البلطيق الى البوسفور.

الاتحاد من اجل المتوسط

من جهته قال وزير الدولة الفرنسي للتجارة الخارجية بيار لولوش ان الاتحاد من اجل المتوسط يجب ان يكون الوسيط لدعم "الربيع العربي" بما في ذلك ماليا. وقال لولوش على هامش منتدى منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية في باريس "انا شخصيا ادافع عن فكرة استخدام الاتحاد من اجل المتوسط وتحويله الى اتحاد من اجل الديموقراطية في المتوسط وفصله عن القضية الاسرائيلية-الفلسطينية لجعله هدفا ذا اولوية للوسائل المالية والتجارية من اجل بناء الديموقراطية".

ورأى ان على الدول الغنية ان تعد خلال قمة مجموعة الثماني في دوفيل (شمال غرب) "مجموعة من المقترحات، رزمة مالية وتجارية في آن، لادارة هذه المرحلة الانتقالية الى الديموقراطية وفي الخطوط الامامية الدولتان المعنيتان بشكل مباشر تونس ومصر".

وقال "علينا تعبئة المؤسسات المالية الدولية، السعي لايجاد اموال على الصعيد الوطني"، مضيفا "اننا نعمل على وضع آليات في اطار نادي باريس للتخفيف بعض الشيء من ضغط الدين وتحويل جزء منه الى استثمارات".

وقال بعدما تباحث مع مساعد وزيرة الخارجية لشؤون الاقتصاد والتجارة بوب هورماتس في مقر منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية "اننا نعمل معا، اوروبيين واميركيين، لفتح التجارة من اجل مساعدة هذه الدول حتى تتمكن من التصدير باسرع ما يمكن". واضاف "كل هذا يشبه الى حد ما خطة مارشال" موضحا "لن نعلن عن مبالغ مالية طائلة، بل عن تدابير ملموسة، مجموعة ادوات قد تكون اكثر فاعلية". بحسب فرانس برس.

وقال ان واشنطن وباريس متفقتان على ان "الربيع العربي" يشكل "فرصة تاريخية" شبيهة بانهيار الانظمة الشيوعية في اوروبا عام 1989. لكنه اشار الى ان "مأساة هذه المرحلة هي ان هذه الفرصة الهائلة تأتي في وقت تعاني فيه ميزانيات الدول الصناعية الكبرى من الضيق والضغط".

ومن المقرر ان تتفق الدول الصناعية الكبرى في مجموعة الثماني (الولايات المتحدة واليابان والمانيا وكندا وفرنسا وبريطانيا وايطاليا وروسيا) في دوفيل على المساعدة المالية الواجب تقديمها لتونس ومصر لمساعدتهما على انجاز عملية الانتقال الى انظمة ديموقراطية.

التبادل الحر

كما دعا السناتور الاميركي جون ماكين الى المزيد من الاستثمارات واتفاقات التبادل الحر لتحفيز اقتصاديات دول الشرق الاوسط وشمال افريقيا، مبديا اسفه لغياب خطة مارشال بسبب الصعوبات المالية الاميركية. وقال السناتور الجمهوري في خطاب في المعهد الاميركي للسلام "ينبغي ان لا يتوقع احد خطة مارشال للشرق الاوسط".

واوضح السناتور ان خطابه كان متوقعا قبل خطاب الرئيس باراك اوباما حول الموضوع نفسه، في وقت سابق خلال النهار. لكنه اقر "بانه من المستحيل حجب رئيس ولا سيما اذا كان يتمتع ببلاغة الرئيس اوباما".

واعتبر ماكين ان خطة مساعدة كبيرة للشرق الاوسط مستحيلة لان نواب الكونغرس ارسلوا الى واشنطن لانتخابات تشرين الثاني/نوفمبر 2010 بهدف "الحد من النفقات".

وشجع السناتور واشنطن على العمل "بصورة عاجلة للبدء بمفاوضات حول التبادل الحر مع مصر وتونس". ودعا ايضا "الى اقامة مناطق للتبادل الحر في الشرق الاوسط وشمال افريقيا". واضاف ماكين "ان هدفنا هو توسيع مدى الرسالة التي تقول ان اصلاحات ديموقراطية اكبر يمكن ان تؤدي الى المزيد من الاستثمارات الاجنبية"، موضحا انه سيتوجه الى تونس ومصر الشهر المقبل برفقة رئيس مجموعة جنرال الكتريك جيفري ايمالت على راس وفد من رؤساء شركات اميركية.

من جهة اخرى، عرض ماكين في خطابه اربعة اهداف هي تشجيع التغييرات "السلمية" للانظمة و"تعزيز" عمليات الانتقال الديموقراطية ودعوة دول المنطقة الى دعم هذا التطور واختيار حل الدولتين (اسرائيل وفلسطين) اللتين تعيشان "جنبا الى جنب بسلام وامن".

اقراض الدول العربية

على صعيد متصل اعلن صندوق النقد الدولي في مذكرة الى مجموعة الثماني انه يعتزم اقراض الدول العربية حتى 35 مليار دولار اذا طلبت حكومات المنطقة مساعدته. وقال صندوق النقد انه على استعداد لاقراض الدول المستوردة للنفط في الشرق الاوسط وشمال افريقيا، وهي التي تحتاج الى مساعدة مالية. وعملا بالقواعد المطبقة اثناء تقديم القروض في الفترة الاخيرة "فان مبلغا اجماليا من حوالى 35 مليار دولار قد يوضع في تصرف" هذه الدول، كما اعلنت المؤسسة في واشنطن، في حين يبحث قادة دول مجموعة الثماني في دوفيل (شمال غرب فرنسا) دعمهم لحركات الاحتجاج الشعبية في دول عربية.

ووفقا لحسابات صندوق النقد الدولي "فان حاجات التمويل الخارجية للدول المستوردة للنفط في المنطقة، في اطار السيناريو المركزي الحالي الذي لا ياخذ في الاعتبار الاصلاحات التي ستقوم بها الدول، ستتجاوز ال160 مليار دولار بين 2011 و2013، والتي سياتي جزء مهم منها من صناديق مالية رسمية"، اي مؤسسات دولية كبيرة.

وتحاول هذه المذكرة لمجموعة الثماني استخلاص العبر الاقتصادية من الاضطرابات السياسية في العالم العربي منذ بداية العام.

وكتب الاقتصاديون في صندوق النقد الدولي "ان الاستقرار الاجتماعي والسياسي لن يتوفر الا اذا اوجدت المنطقة ما بين 50 الى 75 مليون فرصة عمل في العقد المقبل للذين سينضمون الى اليد العاملة النشيطة ولتقليص البطالة، واذا ما تبين ان النموذج الاقتصادي عادلا ومفيدا للجميع".

واضافوا "ان تغييرات تدريجية لن تؤدي الى مثل هذه النتيحة. ان زيادة كبيرة في وتيرة النمو الاقتصادي ضرورية الامر الذي يدعو الى سياسات تدعم بيئة مشجعة للقطاع الخاص".

وصندوق النقد الذي يستعد ليبحث مع مصر في شروط تقديم قرض، وضع الخطوط الكبرى للاصلاحات التي يدعو اليها.

ودعا الى سياسات اقتصادية توفر "الاستقرار" (في الموازنة والتضخم) "وبيئة اكثر انفتاحا وتشجيعا للقطاع الخاص" و"حماية اجتماعية كاملة وذات اهداف جيدة" و"بناء مؤسسات فعالة وشفافة".

أربعة مليارات دولار من السعودية لمصر

من جانبها وافقت المملكة العربية السعودية على تقديم أربعة مليارات دولار لدعم الإقتصاد المصري الذي تضرر بعد ثورة الخامس والعشرين من يناير الماضي، وذلك حسبما ذكرته وكالة أنباء الشرق الأوسط المصرية الرسمية أشا .

وكانت القاهرة قد طلبت من الدول المانحة ومن صندوق النقد الدولي مساعدتها على سد عجز التمويل بالموازنة المصرية للعام 2011/2012 وذلك بما يتراوح بين 10 و 12 مليار دولار ، وهو العجز الناجم عن توقف عجلة الاقتصاد المصري أثناء الثورة، وخاصة توقف القطاع السياحي الذي يعد أكبر مصدر للدخل القومي في مصر وكذلك توقف الاستثمارات الأجنبية ، فضلا عن الآمال الكبيرة التي علقت على الثورة وأثقلت كاهل الموازنة.

ونقلت وكالة أنباء الشرق الأوسط عن المشير محمد حسين طنطاوي وزير الدفاع ورئيس المجلس العسكري الحاكم في مصر قوله إن المليارات الأربعة التي ستقدمها السعودية لمصر ستكون موزعة بين قروض ميسرة وودائع ومنح . ولم تكشف الوكالة عن توقيتات حصول مصر على تلك المساعدات أو تفاصيل أخرى.

ولكن صحيفة الأهرام شبه الرسمية المصرية قالت نقلا عن مصدر لم تكشف عنه إن المساعدات السعودية ستسهم في دعم الموازنة المصرية العامة والبنك المركزي المصري وجهود التنمية والإعمار ومجالات أخرى.

وكان سمير رضوان وزير المالية المصري قد أعلن أنه يتوقع ألا يزيد معدل النمو في الاقتصاد المصري عن 3 أو 4 في المائة خلال العام الحالي.

وأعلن الرئيس الأمريكي باراك أوباما في خطابه الأخير الخاص بالشرق الأوسط عن أعفاء مصر من مليار دولار من الديون المستحقة عليها للولايات المتحدة فضلا عن تقديم قروض قيمتها مليار دولار أخرى للمساهمة في استحداث فرص عمل جديدة في مصر.

وقال الخبراء إن مساعدة مصر قد تبدأ بقروض تتراوح بين 100 و 200 مليون يورو ، كما أوضح متحدث باسم البنك أن فريقا من البنك سيتوجه إلى القاهرة المقبل للتعرف على مشروعات البنية الأساسية والزراعة وغيرها التي ستكون مرشحة للتمويل.

مشاركة الإخوان

كم جهتهم أعلن سياسيون أمريكيون رفضهم منح أموال المساعدات الجديدة التى تعهد بها الرئيس باراك أوباما إذا كانت الحكومة التى تتولى المسئولية تضم جماعة الإخوان المسلمين.

وأشارت مجلة "فورين بولسى" الأمريكية إلى أن كلاً من كاى جرانجر، رئيس لجنة الاعتمادات والمساعدات الخارجية بمجلس النواب الأمريكى، ونيتا لوى، الديمقراطية البارزة ورئيس اللجنة الفرعية للعمليات الخارجية، قد تحدثتا أمام مؤتمر إيباك بواشنطن.

ورداً على سؤال حول ما إذا كانتا تدعمان مبادرة أوباما الجديدة بتقديم مساعدة لمصر، خاصة فى ظل تزايد نفوذ الإخوان المسلمين واحتمال أن تصبح الجماعة حزءاً من حكومة منتخبة، ردت جرانجر بالقول إن إجابتها على هذا السؤال هى النفى، فهى لا توافق على ذلك، فصفق لها الحشد الموجود فى المؤتمر.

واستطردت، قائلة: "ما هى الحكومة الجديدة فى مصر.. لا أعلم وهذه مشكلة، لأنها كانت ثورة شعبية، فليس هناك تنظيم ولا نعلم الأحزاب ولا نعرف ما يستلزمه الأمر لتحقيق فوز فى الانتخابات، لكن الإخوان المسلمين يعلمون جيداً لأنهم متواجدون منذ فترة طويلة، ومن ثم، فإن أمامهم فرصة لكى يكونوا جزءًا من الحكومة".

ورأت السياسية الأمريكية أنه يجب أن يكون هناك حذر شديد إزاء منح الأموال الأمريكية لحكومة غير معروف ماهيتها.

أما نيتا لوى، فقالت إنها تدعم استخدام هذه الأموال لبناء الديمقراطية المصرية، لكنها أكدت أن الكونجرس لن يعتمدها، وأن على أوباما أن يجد مكاناً آخر ليمررها من خلاله. وأضافت: لن نعتمد هذه الأعمال للحكومة المصرية.. فنحن نمنحهم بالفعل مليارات الدولارات فى شكل مساعدة عسكرية، وسوف ننظر فى هذا الأمر أيضاً.

ومضت فى القول: "إن هذه ليست أموالاً جديدة، فهى تأتى من بنوك متعددة الأطراف، والأموال التى يتم اعتمادها لا تخص الولايات المتحدة فقط، فمن أجل التخفيضات الأخرى فى الميزانية، نحن لا نريدها أن تكون أموال جديدة".

بنك قطر للتنمية

وتحت عنوان الديمقراطيات العربية تحظى بتعهدات مساعدات من مجموعة الثماني تنشر صحيفة الفاينانشيال تايمز تقريرا عن قمة مجموعة الثماني في فرنسا. يقول التقرير ان دول العالم الغنية تعهدت بتقديم مساعدات بمليارات الدولارات لتونس ومصر، اللتان تخلصتا من الحكم الديكتاتوري فيهما ويمران بعملية تحول ديمقراطي.

وعلى عشاء عمل بحث زعماء الدول الثماني تفاصيل خطة الدعم التي تتضمن الغاء ديون وتقديم المنح والمساعدات.

الا ان الفاينانشيال تايمز تقول ان دولة قطر تجري محادثات مع بقية دول الخليج النفطية لانشاء بنك للتنمية في الشرق الاوسط لدعم الدول العربية التي تشهد تحولا ديمقراطيا.

وتستوحي قطر الفكرة من نموذج بنك التنمية والتعمير الاوروبي الذي ساهم في بناء اقتصادات ومجتمعات دول الكتلة الشرقية في نهاية الحرب الباردة.

وتنقل الفاينانشيال تايمز عن مصدر مطلع على الخطة القطرية لاقامة بنك التنمية الشرق اوسطي ان الهدف هو تقديم قروض ميسرة بعشرات مليارات الدولارات سنويا لعمليات التحول السياسي. ويضيف المصدر ان قطر تسعى للحصول على دعم السعودية والكويت والامارات لخطتها.

وكان رئيس الوزراء القطري حمد بن جاسم اشار الى المشروع في خلال خطاب له في مركز اوكسفورد للدراسات الاسلامية.

وقال المسؤول القطري: هناك الكثير من الاسباب تبرر انشاء بنك التنمية الشرق اوسطي منها عدم التنوع الاقتصادي اضافة الى ارتفاع معدلات البطالة بين الشباب . واضاف: ومن خلال مثل هذا البنك يمكن تعبئة الموارد والقدرات المحلية واستقدام الخبرات الاجنبية .

وتقول الصحيفة ان الملكيات والمشيخات المحافظة في الخليج قلقة من انتشار الاحتجاجات المطالبة بالديمقراطية في المنطقة لكنهم محرجون من الوقوف موقف المتفرج بينما الغرب يتخذ خطوات لدعم التحول الديمقراطي ماليا.

وعن الدعم الغربي تقول الفاينانشيال تايمز انه مقيد بالوضع المالي المتردي في الدول الصناعية المتقدمة، الى جانب وجود معارضة شعبية في دول مجموعة الثماني للانفاق على المساعدات الخارجية.

نقص الخبرة الاقتصادية

الى ذلك مازالت اثار الجداريات الثورية قائمة بالقرب من مكتب رئيس الوزراء التونسي لكن في حي بلفيدير لم يكن صالح البقال مبتهجا ازاء التوقعات الاقتصادية لبلاده في فترة ما بعد الاضطرابات.

يقول صالح وهو يقوم بتلبية طلبات الزبائن بتقديم المشروبات والسجائر "الامن مشكلة والعمل ضعيف .. لا نثق في الحكومة المؤقتة ... هي عديمة الخبرة تماما."

ألهم التونسيون عندما أطاحوا بالزعيم المستبد زين العابدين بن علي في يناير كانون الثاني الانتفاضات الاخرى في أنحاء العالم العربي وحظيت تلك الدولة الصغيرة في شمال أفريقيا باشادة من جانب زعماء الغرب باعتبارها منارة للديمقراطية.

لكن الثورة لم تحرز مثل هذا الانتصار في مجال الاقتصاد اذ تسببت الاضرابات وأعمال العنف في تراجع الانتاج. ويتخوف المستثمرون من أن الديمقراطية الفتية في تونس حاليا وان كانت تشوبها الفوضى لن تساعد في تحقيق زعامة اقتصادية قوية.

وتقول ليز مارتينز وهي خبيرة اقتصادية كبيرة لدى اتش.اس.بي.سي "تونس كانت مبهمة لسنوات كثيرة جدا ولدينا فكرة ضعيفة جدا عما سيحدث من الناحية السياسية قياسا الى مصر على سبيل المثال."

وقالت "ما يرغب المستثمرون في رؤيته هو وجود برلمان مفوض يقوم بسن قوانين صارمة ويجري اصلاحات قوية. هناك عدد كبير من الاحزاب الجديدة عديمة الخبرة تتصارع فيما بينها من أجل مصلحتها الخاصة."

وأضافت "اذا نظرت الى الديمقراطيات الجديدة كالعراق ستجد في الغالب أن هناك شللا في المجلس التشريعي نظرا لان الاحزاب كلها جديدة وليس لديها خبرة في الحكم. المستثمرون يفضلون أن يروا حكومة قوية تستطيع سن تشريعات جديدة وتجري اصلاحات اقتصادية."

ويعرب الكثير من خبراء الاقتصاد عن تفاؤلهم بأنه اذا أحسنت الحكومة الجديدة استغلال أصول مثل بنيتها الاساسية المتطورة بشكل جيد وموقعها القريب من أوروبا واستغلال القوة العاملة المتعلمة فانه يمكن لتونس أن تكون واحدة من قصص النجاح في شمال افريقيا.

لكنها مهمة ثقيلة على عاتق السياسيين الذين يكافحون من أجل تشكيل ادارة جديدة ولاسيما بالنسبة لاولئك الذين يفتقرون الى الخبرة في الشئون المالية العالمية. بحسب رويترز.

ويعد المديرون الاقتصاديون المخضرمون في الظروف الحالية سلعة نادرة لان غالبية الذين خدموا في عهد بن علي قد تشوهت سمعتهم كما أن المجموعة الجديدة من السياسيين الذين يناضلون لتولي مقاليد الحكم لم يشغلوا أبدا أي منصب حكومي.

ومعظم قادة الاحزاب الرئيسية في السياسة التونسية هم من الاكاديميين والناشطين والمحامين لا من خبراء الاقتصاد.

ويقول أحد الاقتصاديين "تعرفت على مصريين وشعوب أخرى من شمال افريقيا لكن لا يمكنني القول انني قابلت تحديدا تونسيين في صندوق النقد الدولي أو البنك الدولي."

ويستعد حوالي سبعين حزبا سياسيا للتنافس في أول انتخابات تونسية بعد الثورة لتشكيل المجلس التأسيسي لوضع الدستور. وسيحدد المجلس شكل الحكومة الجديدة والمدى الزمني لاجراء مزيد من الانتخابات.

ولم يتأكد بعد موعد اجراء الانتخابات اذ تقول الحكومة انها ستجري يوم الرابع والعشرين من يوليو تموز بينما يقول مسؤولون في اللجنة المستقلة للانتخابات ان ذلك الموعد لا يترك هامشا زمنيا كافيا وان الانتخابات ستجرى في السادس عشر من أكتوبر تشرين أول.

ومن المنتظر على نطاق واسع أن يحرز حزب النهضة الاسلامي الذي يتزعمه راشد الغنوشي (69 عاما) نتائج طيبة في الانتخابات كما يتمتع الحزب التقدمي الديمقراطي بزعامة المحامي نجيب الشابي بشعبية هو الاخر.

وأيا كان من سيفوز بالانتخابات فانه سيتعرض لضغوط من أجل تعزيز عملية الاستقرار بشكل سريع. ومن المتوقع أن يعاني الاقتصاد التونسي بالفعل من تباطوء النمو هذا العام ليصل الى واحد الى اثنين بالمئة فقط وفقا لتوقعات محلية مقارنة بحوالي أربعة بالمئة العام الماضي.

وفي ظل المناخ الثوري السائد في الاونة الاخيرة لم يتحدث السياسيون الا أقل القليل عن خططهم طويلة الاجل للنمو.

وقال جان بابتيست جالوبين من شركة كنترول ريسكس الاستشارية "النهضة الذي يحتل حاليا أفضل مركز في الانتخابات القادمة يتسم بالغموض الشديد ازاء السياسة الاقتصادية". وقال "أمينه العام يقول مرارا ان الاقتصاد هو قضية ملحة من حيث معالجة قضايا التوظيف وقضايا تكاليف المعيشة لكن سياسة الحزب الاقتصادية على المدى الطويل أقل وضوحا."

وقال فيليب دوبا بانتاناكس من ستاندرد تشارترد ان السياسيين سيدركون تماما مدى أهمية تحقيق الاستقرار الاقتصادي اذ أن مبادرات الحكومة المؤقتة للتصدي للمشاكل الاجتماعية الطارئة مثل دفع مبلغ شهري بقيمة 130 دولارا للخريجين الباحثين عن وظيفة من المتوقع أن تبلغ تكلفتها 2.1 مليار دولار.

وبغية تمويل ذلك الانفاق طلبت الحكومة مساعدة من البنك الدولي بقرض يبلغ 1.5 مليار دولار على الاقل و500 مليون دولار من البنك الافريقي للتنمية و100 مليون دولار من فرنسا. لكن ذلك ليس حلا للاجل الطويل.

وقال جاكوب كولستر المدير الاقليمي لمنطقة شمال افريقيا لدى البنك الافريقي للتنمية "في الاجل القصير جدا .. من ثلاثة الى ستة الى تسعة أشهر .. يمكن أن تقوم الحكومة التونسية بشكل رئيسي بأمرين من أجل توفير تمويل خارجي.

"الامر الاول هو أن تطلب منحا وقروضا. والثاني هو أن تستعيد الثقة في تونس بحيث يعود المستثمرون الاجانب ويبدأون في الاستثمار في تونس." وسيكون وجود قيادة قوية مع تركيزها على النمو عنصرا مهما في تحقيق ذلك.

وينظر الى محافظ البنك المركزي التونسي مصطفى كمال النابلي على نطاق واسع بأنه الشخص الذي يعتمد عليه في الاقتصاد. وسيأمل أصحاب المتاجر والمستثمرون على حد سواء أن تتمخض الانتخابات عن مزيد من الكفاءات.

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 31/آيار/2011 - 27/جمادى الآخرة/1432

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1432هـ  /  1999- 2011م