انهيار وشيك لشراكة الموت بين القاعدة وطالبان

باسم حسين الزيدي

شبكة النبأ: يبدوا ان الحركات الاسلامية المتشددة تعيش ايام حرجة وسط التداعيات التي تشهدها يوماً بعد الاخر، فبعد مقتل اسامة بن لادن زعيم تنظيم القاعدة (التنظيم الاكثر دموية بين الحركات الاسلامية المتطرفة)، يأتي خبر احتمال مقتل الملا عمر قائد حركة طالبان (الوجه الثاني لحركة للقاعدة) في افغانستان، اضف الى ذلك الالاف من الذين القوا السلاح من المتمردين في افغانستان وكذلك التظاهرات العارمة التي قام بها الشباب العربي في ربيع الثورات والتي استطاعوا فيها تغيير النظم الدكتاتورية بالطرق السلمية مما ادى الى تحطيم نظرية العنف التي روجت لها هذه الحركات المتطرفة.

من جهة اخرى فأن التسريبات الصحفية تشير الى قرب اتفاق امريكي مع حركة طالبان بحلول الانسحاب الامريكي المرتقب من افغانستان، واذا تم هذا الامر فما مصير الشركة المهزوه بين القاعدة وطالبان؟ وهل ستكون القاعدة مع افكارها التكفيرية قادرة على مواجة العالم بمفردها بعد ان تخسر اخر معقل من معاقلها؟ او ربما تكون القاعدة هدفاً مشروعاً لاسلاحة طالبان وينقلب السحر على الساحر ويصبح شركاء الامس اعداء اليوم. 

بين القاعدة وطالبان

فقد قال ثاني أكبر مسؤول عسكري أمريكي في أفغانستان ان أقل من 100 من أعضاء تنظيم القاعدة ما زالوا في أفغانستان لكنهم يشكلون مجموعة أساسية تمد حركة طالبان الافغانية بالموارد والمهارات الفنية الخاصة بميادين القتال، كما ذكر اللفتنانت جنرال ديفيد رودريجز أن الوقت ما زال مبكرا للقول ان مقتل أسامة بن لادن زعيم تنظيم القاعدة كان له تأثير على حركة طالبان أو على انسحاب تدريجي للقوات الامريكية من المقرر أن يبدأ في يوليو تموز، وقال رودريجز الذي يتولى قيادة العمليات اليومية للقوات التي يقودها حلف شمال الاطلسي في أفغانستان والتي يبلغ قوامها 150 ألف فرد في تصريحات للصحفيين "ما زلنا نعتقد أن هناك أقل قليلا من 100 من أعضاء تنظيم القاعدة في أفغانستان"، واضاف "لكن ما يفعلونه هو نوع من أدوار الكوادر حيث يساعدون في توفير الموارد والمهارات الفنية لبقية مقاتلي طالبان هنا"، وقال الرئيس الافغاني حامد كرزاي ومسؤولون أفغان كبار ان مقتل بن لادن خلال عملية أمريكية في باكستان يظهر أن الحرب على الارهاب تدور خارج أفغانستان "لا في القرى الافغانية". بحسب رويترز.

كما تساءل محللون عن مدى العلاقة بين تنظيم القاعدة والمتشددين الذين تقودهم حركة طالبان في أفغانستان قائلين ان العلاقات كانت متوترة بالفعل قبل هجمات 11 سبتمبر أيلول عام 2001 في الولايات المتحدة التي خططها بن لادن، كما كان رد فعل طالبان التي اوت بن لادن في الماضي بطيئا لمقتله على عكس جماعات اسلامية أخرى في أنحاء العالم دعت الى الانتقام ويقول محللون ان هذه اشارة الى أن الحركة تحاول أن تنأى بنفسها عن تنظيم القاعدة، وذكر رودريجز أن القاعدة تعمل مع جماعات متشددة مختلفة في أفغانستان على "مستويات متعددة" لزيادة كفاءتها لكن الوقت ما زال مبكرا لتحديد ما اذا كان مقتل بن لادن سيؤثر على طالبان، وقال "حدث الكثير من الثرثرة هنا وهناك لكن لا تأثير نستطيع أن نراه في هذه المرحلة، أعتقد أن الوقت ما زال مبكرا لنرى ذلك لكننا نواصل رصد ذلك بحذر مع مضي الوقت"، وكان وزير الدفاع الامريكي روبرت جيتس قال ان مقتل بن لادن يمكن أن "يغير من قواعد اللعبة" في الحرب في أفغانستان بينما طالب مشرعون أمريكيون في أعقاب مقتل زعيم القاعدة بسرعة انسحاب القوات الامريكية، وذكر رودريجز أن مقتل بن لادن لم يغير المهمة التي يقودها حلف الاطلسي في أفغانستان وأنه لم يصدر أي قرار بعد بخصوص حجم انسحاب القوات وسرعته، وقال "حركة القاعدة لا تقوم على فرد واحد فحسب، يتعين أن ننتظر لنرى مدى تأثير ذلك على قوة القاعدة والحركات المرتبطة بها لكن ذلك لم يحدث بعد"، وأجاب رودريجز على سؤال عما اذا كان مقتل بن لادن ينبغي أن يكون له تأثير على سرعة انسحاب القوات الامريكية قائلا "سنرى كيف تسير الامور لكن لم يتخذ قرار بخصوص ذلك بعد."

طالبان ومقتل الملا عمر

بدورها فقد نفت حركة طالبان الافغانية انباء وردت في كابول ان قائدها الملا عمر قتل في باكستان معتبر انها "مجرد دعاية"، وقال المتحدث ذبيح الله مجاهد "انها مجرد دعاية، هذا امر غير ممكن على الاطلاق" مضيفا ان الملا عمر موجود حاليا في افغانستان حيث "يقود المجاهدين"، كما نفى المتحدث باسم حركة طالبان باكستان احسان الله احسان هذه الانباء واعلن ان الملا عمر "بخير في مكان آمن"، واضاف احسان "ان نبأ مقتله عار عن الصحة وكان الهدف منه اضعاف حركة طالبان"، وكان مصدر في وكالة الاستخبارات الافغانية افاد ان اجهزة الاستخبارات الباكستانية قتلت الملا عمر، فيما قال مصدر اخر انه مفقود منذ 11 يوم، واوضح المصدر الاول ان الملا عمر قتل استنادا الى معلومات تلقاها من مصادر داخل شبكة حقاني المتمردة التي يتمركز قادتها في باكستان، وقال المصدر انه "بناء على تعليمات من وكالة الاستخبارات الباكستانية وصلته من خلال (رئيس الوكالة السابق) الجنرال حميد غول، ابلغ الملا محمد عمر بان ينتقل من مدينة كويتا الباكستانية الى شمال وزيرستان"، وتابع المصدر انه "اثناء قيام اجهزة الاستخبارات الباكستانية بنقل الملا عمر من كويتا الى شمال وزيرستان قامت بقتله سرا"، غير ان مصدرا ثانيا في اجهزة الاستخبارات الافغانية طلب ايضا عدم كشف اسمه قال ان الملا عمر مفقود منذ 11 يوما بعد لقائه مع غول. بحسب فرانس برس.

وقال المصدر "مضى 11 يوما بدون ان تتلقى الاوساط القريبة منه والمحيطة به اي معلومات حول مكان وجوده، وقيادة طالبان قلقة حيال اختفاء الملا عمر بشكل مفاجئ"، واعتبر غول ان ما اعلنه المصدران "خاطئ تماما"، وقال "لم التق الملا عمر ولا حتى مرة واحدة في حياتي"، وقال ان "اللوبي الهندي وراء هذه الادعاءات للاساءة الى باكستان والي شخص، لا اعتقد انه في باكستان فهو لم يأت ابدا الى باكستان حتى خلال فترة الحرب مع الاتحاد السوفياتي (في افغانستان)"، وتتبادل افغانستان وباكستان باستمرار الاتهامات بايواء متمردي طالبان فيما يثير دور وكالة الاستخبارات الباكستانية شكوكا كبرى لاتهامها بالتواطؤ مع حركة طالبان التي ساهمت في انشائها في التسعينيات، وتزعم الملا محمد عمر الذي نادرا ما يظهر علنا، نظام طالبان الذي قاد افغانستان من ايلول/سبتمبر 1996 الى خريف 2001،  وقد فر منذ اطاحة نظام طالبان من قبل تحالف دولي في نهاية 2001، وعرضت الولايات المتحدة مكافاة بعشرة ملايين دولار لمن يساعد في احالته امام القضاء.

اتصالات سرية

من جهتها ذكرت صحيفة واشنطن بوست أن الولايات المتحدة كثفت محادثاتها المباشرة مع حركة طالبان الافغانية للتوصل لتسوية سياسية تنهي الحرب الدائرة منذ عشر سنوات في خطوة سبق وأن قال محللون انها ستكون أيسر بعد مقتل أسامة بن لادن زعيم تنظيم القاعدة، وذكر التقرير نقلا عن مسؤول أفغاني أن ممثلا للولايات المتحدة حضر ثلاثة اجتماعات على الاقل في قطر وألمانيا أحدها كان قبل "ثمانية أو تسعة أيام" مع مسؤول في طالبان يعتبر قريبا من زعيم الحركة الملا محمد عمر، وأضافت الصحيفة أن واشنطن تأمل في تحقيق تقدم في هذه المحادثات قبل يوليو تموز عندما يعلن الرئيس الامريكي باراك أوباما عن أول سحب لقواته من أفغانستان في اطار عملية لنقل المسؤوليات للقوات الافغانية بحلول عام 2014، وجاء نبأ تكثيف المحادثات بعد نحو أسبوعين من مقتل بن لادن على أيدي قوات أمريكية خاصة بباكستان في خطوة قال محللون انها تساعد على تمهيد الطريق لتسوية سياسية في أفغانستان اذ أنها تسهل على طالبان قطع العلاقات مع تنظيم القاعدة، واوت طالبان بن لادن في أفغانستان لسنوات الى أن أطاحت بها قوات أفغانية مدعومة من قبل الولايات المتحدة عام 2001 مما أشعل شرارة حرب بين قوات حلف شمال الاطلسي بقيادة واشنطن وبين الحركة الاسلامية، ولكن مع تصاعد العنف في أفغانستان لاعلى مستوى منذ سنوات وتراجع التأييد الداخلي للحرب ساندت دول غربية منها الولايات المتحدة جهود الرئيس الافغاني حامد كرزاي للسعي للتصالح مع طالبان، يذكر ان المحادثات مع طالبان دارت من خلال وسطاء غير حكوميين وحكومات عربية وأوروبية، كما أن طالبان أصرت على اجراء مفاوضات مباشرة مع الامريكيين واقترحت فتح مكتب رسمي وقالت ان قطر مكان محتمل، ولا تزال المناقشات في مراحلها التمهيدية، وقالت الصحيفة ان طالبان قدمت قائمة مطالب تنادي بها منذ فترة منها الافراج عما يصل الى 20 مقاتلا محتجزين في خليج جوانتانامو في كوب، وتريد طالبان أيضا انسحاب كل القوات الاجنبية وضمان حصولها على دور رئيسي في الحكومة، أما الحكومتان الامريكية والافغانية فتريدان أن تنهي طالبان كل أشكال العنف وأن تلتزم بالدستور الافغاني بما فيه من احترام لحقوق المرأة والاقليات وحكم القانون. بحسب رويترز.

من جهة اخرى قالت وزيرة الخارجية الامريكية هيلاري كلينتون في تصريحات تساءل بعض المحللين عن فحواه، ان مقتل أسامة بن لادن يعزز الدعوات لحركة طالبان بالتخلي عن تنظيم القاعدة والتفاوض لانهاء الحرب في أفغانستان، وقتل بن لادن في غارة شنتها طائرات هليكوبتر على مجمع فخم بالقرب من العاصمة الباكستانية اسلام اباد لتنتهي بذلك عملية بحث طويلة شارك فيها العديد من دول العالم عن العقل المدبر لهجمات 11 سبتمبر أيلول عام 2001 في الولايات المتحدة، ورغم أن بن لادن عثر عليه في مدينة أبوت اباد الباكستانية فقد دافعت كلينتون ايضا عن التعاون الامريكي مع باكستان قائلة انه ساهم في رصد مكان زعيم تنظيم القاعدة وان واشنطن ملتزمة بالشراكة مع اسلام اباد، وقالت كلينتون في كلمة مقتضبة بمقر وزارة الخارجية "في أفغانستان سنواصل قتال تنظيم القاعدة وحلفائه في طالبان" معربة عن أملها أن يتنبها الى مدى تصميم الولايات المتحدة، وأضافت "لا يمكنكم أن تتربصوا بنا الدوائر، لا يمكنكم أن تهزمون، لكن تستطيعون أن تختاروا التخلي عن القاعدة والاشتراك في عملية سياسية سلمية"، وكان الرئيس الامريكي باراك أوباما الذي أعلن أن قوات أمريكية خاصة قتلت بن لادن يعتزم البدء في سحب بعض القوات الامريكية التي يبلغ قوامها 100 ألف فرد من أفغانستان في شهر يوليو تموز رغم أعمال العنف التي وصلت الى مستوى قياسي في البلد، وذكر برايان كاتوليس من مركز الابحاث المسمى مركز واشنطن للتقدم الامريكي الذي تربطه علاقات وثيقة بالبيت الابيض أنه ليس واضحا ما اذا كان مقتل بن لادن يمكن أن يدفع طالبان الى قطع الروابط مع القاعدة أو السعي الى حل سياسي.

وقال "البعض جادلوا بأن أعضاء في طالبان تعلموا الدرس بالفعل من التعاون مع القاعدة قبل مقتل بن لادن لكن التعاون في المجال التكتيكي مستمر."وأضاف "لا أعتقد أن ثمة معلومات ذات مصداقية تكفي للاشارة الى أحد الاتجاهين أو الى الاخر خصوصا بالنظر الى مدى تفكك طالبان في الوقت الراهن"، وذكرت وزيرة الخارجية الامريكية السابقة كوندوليزا رايس أن مقتل بن لادن ربما يؤثر على حسابات طالبان لكنها لم تشأ ان تبالغ في ذلك التأثير، وقالت "لا أريد أن أبالغ في تقدير التأثير على ما ستفعله طالبان لكني واثقة جدا أن هذا وقت عصيب عليهم، لهم الية مختلفة ومصالح مختلفة لكن هذا الامر (مقتل بن لادن) سوف يساعد"، ويعتقد مسؤولون أمريكيون منذ وقت طويل أن الملاذات الامنة في الجانب الباكستاني من الحدود ساعدت حركة طالبان الافغانية، وصب بعض كبار المشرعين الامريكيين انتقاداتهم على باكستان احدى الدول الرئيسية المتلقية للمعونات الامريكية قائلين ان اسلام اباد عليها أن تجيب على أسئلة عدة عن كيفية جهلها بوجود بن لادن داخل المجمع المترامي الاطراف، لكن كلينتون دافعت عن العلاقات الامريكية الباكستانية قائلة "التعاون مع باكستان ساعد في توصيلنا الى بن لادن، نحن ملتزمون بهذه الشراكة، نعتقد أنها تخدم أمن الولايات المتحدة وأمانها على أفضل وجه"، كما ذكرت كلينتون أن الثورتين التين أطاحتا بنظامين مستبدين في تونس ومصر أبطلتا جاذبية أيديولوجية بن لادن حيث أثبتتا أن المسلمين يستطيعون تحسين أحوالهم من خلال احتجاجات سلمية لا عن طريق العنف، وقالت "سيسجل التاريخ أن مقتل بن لادن جاء في وقت شهد حركات عظيمة نحو الحرية والديمقراطية في وقت ترفض فيه الشعوب في أنحاء الشرق الاوسط وشمال أفريقيا أحاديث التطرف وترسم طريقا سلميا نحو التقدم، لا يوجد رفض أقوى من ذلك لتنظيم القاعدة وعقيدته الشائنة."

طالبان والتصعيد العسكري

في سياق متصل قالت حركة طالبان في افغانستان ان حملتها العسكرية لفصل الربيع قد انطلقت، وانها تخطط لاستهداف القوات الاجنبية والافغانية وقوات الامن الحكومية، والمسؤولين الحكوميين، في سلسلة من الهجمات تشمل انحاء البلاد، وقال بيان عن الحركة، نقلته وكالات الانباء مؤخراً، ان على المدنيين الافغان البقاء بعيدا عن التجمعات العامة والقواعد العسكرية والقوافل، وتجنب التواجد قرب مقار الحكومة، لانها ستكون ضمن الاهداف، وجاء الاعلان عن تهديدات الحركة بعد يوم من تحذيرات بعض كبار المسؤولين الععسكريين الغربيين من احتمال تزايد هجمات المسلحين الافغان في البلاد، فقد أعلنت وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون) أن زيادة التعزيزات العسكرية الأمريكية في افغانستان سددت ضربة قوية الى قوات حركة طالبان، إلا ان الوتيرة العامة للعنف في البلاد قد ارتفعت، وقال البنتاغون في تقريره الذي يصدر مرتين سنويا ويقدمه الى الكونغرس، إن ارتفاع وتيرة العنف هناك التي تشمل تفجير شحنات ناسفة على الطرق والحرائق المباشرة وغير ذلك، تعود جزئيا إلى تعزيز القوات الأمريكية التي تصعد من استهدافها لمواقع اختباء المسلحين وأيضا بسبب الظروف الجوية المعتدلة نسبيا والتي تشهدها البلاد في فصل الشتاء، وكان الرئيس باراك اوباما قد ارسل حوالي 30 ألف جندي امريكي الى افغانستان بينما بلغت اعمال العنف أعلى معدل لها عام 2010 منذ بدأت الحرب هناك قبل شعر سنوات، وحذر البنتاجون من احتمال تصعيد طالبان هجماتها في العام الجاري في اطار سعيها للسيطرة على مناطق في جنوبي البلاد، وحذر التقرير الذي يغطي الفترة من اوائل اكتوبر/ تشرين الاول 2010 الى 31 مارس/ آذار 2011 أيضا من أن تقوض التحديات السياسية والبطء في فرض سيطرة الحكومة الافغانية على أمور البلاد، ما تحقق من نجاحات على المستوى العسكري، في الوقت نفسه يسعى الرئيس الأمريكي من خلال تعيين فريق جديدة لقيادة الحرب في أفغانستان بعد تقاعد وزير الدفاع روبرت غيتس قريبا إلى تعزيز موقعه من اجل الخروج من النزاع المستمر هناك. بحسب رويترز.

وقام أوباما عند وصوله الى البيت الابيض بدرس استراتيجية جديدة في افغانستان ودارت عندها مناقشات حادة بين مستشاريه من جهة وجيتس ووزيرة الخارجية هيلاري كلينتون والقادة العسكريين المتحفظين على فكرة البدء بسحب القوات الأمريكية في تموز/ يوليو 2011، ومن المتوقع أن يترك روبرت جيتس منصبه في نهاية حزيران/ يونيو ويتولى الجنرال ديفيد بترايوس القائد الحالي للقوات الدولية في افغانستان ادارة السي اي ايه خلفا لليون بانيتا قبل ان يتقاعد الاميرال مايكل مولن رئيس هيئة اركان الجيوش الأمريكية في نهاية ايلول/ سبتمبر، وقال الجنرال ديفيد بتريوس قائد القوات الامريكية وقوات حلف شمال الاطلسي في افغانستان ان نحو 5000 من متمردي حركة طالبان اما ألقوا السلاح أو يتجهون الى هذ، واطلقت الحكومة الافغانية عملية "اعادة دمج في المجتمع" تهدف الى تشجيع المتمردين على التخلي عن اسلحتهم والعودة الى قراهم، وبحسب البرنامج فان المقاتلين الذين يرغبون في التخلي عن العنف يتم فحصهم ونزع اسلحتهم واعطاؤهم وظائف، وقال بتريوس لمعهد رويال يونايتد سيرفيسيز وهو معهد متخصص في شؤون الدفاع يتخذ من لندن مقرا "هناك نحو 700 شخص او نحو ذلك كانوا ينتمون الى طالبان خضعوا رسميا لكافة خطوات عملية اعادة الدمج في المجتمع."واضاف "هناك 2000 اخرون او نحو ذلك في مراحل مختلفة من العملية ونعتقد ان هناك الفين اخرين عادوا الى منازلهم ببساطة والقوا اسلحتهم"، وقال الرئيس الافغاني حامد كرزاي ان المرحلة الاولى للانتقال التدريجي للمهام الامنية من قوات حلف شمال الاطلسي الى القوات الافغانية في يوليو تموز ستشمل سبع مناطق وهي الخطوة الاولى في عملية الهدف منها اتمام سحب كافة القوات الاجنبية المقاتلة من افغانستان بحلول عام 2014، وقال بتريوس ان كرزاي اراد بوضوح التواصل مع قادة طالبان، وقال "كانت هناك جهود عديدة لفعل ذلك وعلى مستويات مختلفة"، وقال انه كانت هناك اتصالات مع اعضاء رفيعي المستوى من طالبان "ولكني لا اريد المبالغة من شأنها ولا استطيع القول بوضوح مع من جرت في الاشهر الاخيرة"، وعقد كرزاي محادثات متقطعة مع اعضاء سابقين وحاليين في طالبان لكنها لم تحقق نتائج ملموسة، وقال قادة طالبان انه لا يمكن اجراء محادثات سلام بينما لا تزال القوات الاجنبية في افغانستان.

طالبان تدمر أفغانستان

على صعيد متصل قال مهندسو اتصالات انه تم قطع خدمة الهواتف المحمولة في اقليم هلمند بجنوب أفغانستان بناء على أوامر طالبان مما يذكر بنفوذ الحركة في منطقة وقع الاختيار عليها لتكون مثالا لتسليم المسؤوليات الامنية للقوات الافغانية، وانقطعت خدمات جميع الشبكات منذ خمسة ايام في اقليم هلمند المقرر أن يتسلم الجيش والشرطة الافغانية المسؤولية عن عاصمته لشكركاه من القوات الاجنبية في يوليو تموز كخطوة أولى نحو تسليم المسؤولية الامنية بالكامل.وعلى مستوى افغانستان حطم المتشددون أبراج شبكات الشركات التي ترفض وقف الخدمات حين تأمرها الحركة، وتقول طالبان ان القوات الاجنبية تستخدم اشارات الهواتف المحمولة في مراقبة مقاتليه، وقال المهندس احمد شاه رئيس شركة (ايه.دابليو.سي.سي) للهواتف المحمولة في الجنوب "حركة طالبان تهددنا لنغلق الشبكة ويصفوننا بأننا محطة للتجسس، من ناحية أخرى الحكومة تضايقنا حين نستمع الى المتمردين"، وأضاف شاه أن طالبان حطمت بالفعل برجي اتصالات لشركته في منطقة جيرشيك مما سبب خسائر بمئات الالاف من الدولارات، وأكد قاريء يوسف احمدي المتحدث باسم طالبان وقف الخدمة قائلا ان هذا لمنع الغارات الليلية التي تشنها القوات الاجنبية وسيفيد سكان هلمند، وقال "القيادة قررت وقف كل شبكات الهاتف وهذه الخطوة افضل بالنسبة لكل سكان هلمند"، وأضاف "جواسيسهم يمدونهم بالمعلومات بالهاتف المحمول مما يؤدي الى سقوط قتلى مدنيين"، ولم يتسن الاتصال بمسؤولين من اقليم هلمند للتعقيب على قطع الخدمة لان أرقامهم المتوفرة لدى رويترز هي أرقام هواتف محمولة، وقالت القوات التي يقودها حلف شمال الاطلسي انه لا توجد تقارير رسمية عن انقطاع الخدمة. بحسب فرانس برس.

الى ذلك قال مسئولون بالاستخبارات الأفغانية إن ملالى طالبان بأفغانستان يقومون بتجنيد الأطفال فى سن التاسعة لتنفيذ هجمات انتحارية ضد أهداف تابعة لحلف شمال الأطلسى "الناتو"، وأوضحت صحيفة الديلى تليجراف أن الشرطة الأفغانية احتجزت أطفالا بين سن التاسعة والرابعة عشر كانوا يحاولون عبور الحدود إلى شرق أفغانستان، وقال المتحدث باسم الاستخبارات أن هناك أطفالا فى عمر الخامسة يتم استخدامهم لزرع قنابل فى إقليم هيلمند، ويوضح المتحدث باسم الشرطة الأفغانية أنه يتم منح الأطفال الانتحاريين تمائم تحتوى على آيات قرآنية، حيث يتم إيهامهم أنها ستحميهم من الانفجار، وأنه عند عودتهم سيتم الإشادة بهم كأبطال، بالإضافة إلى ضمان الجنة لآبائهم، ويضيف غلام فاروق، طفل فى التاسعة من عمره "الملا لدينا أخبرنا أننا حينما ننفذ الهجوم فإن جميع من حولنا سيموت، ولكننا سنبقى على قيد الحياة"، ولفتت الصحيفة إلى زيادة كبيرة فى استخدام الأطفال كانتحاريين فى الآونة الأخيرة، مما جعلهم مسئولين عن العديد من التفجيرات المميتة فى الأشهر الماضية، ووفقا لتقرير نشرته الأمم المتحدة فى وقت مبكر من هذا العام، فإن هذا التكتيك الذى يترافق مع زيادة فى القنابل المزروعة بالطرق العشوائية دفع بارتفاع أعداد القتلى من الأطفال إلى متوسط طفل فى اليوم، كما يذكر ان اجهزة الاستخبارات الافغانية اعتقلت "جلاد" طالبان المسؤول عن قطع رؤوس السجناء "المحكوم عليهم بالاعدام" من قبل المتمردين في جنوب افغانستان، وقال المتحدث باسم الادارة الوطنية للامن لطف الله مشال خلال مؤتمر صحافي ان "الملا جمعة اقر بانه عمل جلادا لطالبان في اقليم هلمند منذ 2009 وانه قطع رؤوس عشرات الاشخاص"، واضاف مشال ان الملا جمعة (30 عاما) واثنين من "زملائه" قطعوا في 21 اذار/مارس الماضي رؤوس ثلاثة افغان متهمين بانهم حراس يؤمنون امن قوافل الائتلاف الدولي الذي يدعم حكومة كابول ضد طالبان، وكانت احدى "المحاكم" التي اقامتها طالبان في عدد من المناطق النائية الواقعة تحت سيطرتهم، قد حكمت بالاعدام على الرجال الثلاثة، وقدمت للصحافيين صورا للملا جمعة يظهر فيها بلحية طويلة سوداء، واوضح مشال ان طالبان تسيطر على السكان في مناطق نفوذها ب"الارهاب" خصوصا من خلال "الاغتيالات وقطع الرؤوس والجلد في الشارع"، ويشكل اقليم هلمند مثل باقي مناطق جنوب افغانستان، احد معاقل طالبان التي اطيح بها نهاية 2001 والتي تزداد سيطرة على الارض في السنوات الاخيرة.

متزلجون يتحدون الخوف

بدوره ما زال ياسر خان يرتعد عند ذكر عناصر طالبان الذين هددوه قبل ثلاث سنوات بقطع رأسه اذا عاد الى ممارسة رياضة التزلج على الثلج في مالام جابا في وادي سوات في باكستان الذي طردت قوات الجيش منه المتمردين الاسلاميين المتشددين في العام 2009، وينطلق ياسر خان في التزلج في مدرج التزلج الوحيد في هذه المنطقة التي ترتفع 2630 مترا عن سطح البحر، رغم ان القلق ما زال يساروه من جيوب التمرد التي ما زالت قائمة في الجبال المحاذية ومن فكرة أن تشويه الهجمات الانتحارية جمال هذا الوادي شمال غرب باكستان، وانضم الى ياسر خان اربعون شخصا تحدوا الخوف وانتظموا في مسابقة تزلج ينظمها الجيش الباكستاني في محاولة لاعادة تنشيط السياحية في هذه المنطقة التي كانت في ما مضى الوجهة الاولى للسياح الاجانب في البلاد، في العام 2007 سقط وادي سوات في يد المتمردين الاسلاميين الذين يقودهم مولانا فضل الله، في الوقت الذي أعلنت حركة طالبان المتحالفة مع تنظيم القاعدة الجهاد ضد اسلام آباد بسبب تعاونها مع واشنطن في "الحرب على الارهاب" التي أطلقت في نهاية العام 2001، وتمكن التمردون حينها من السيطرة على الوادي دون اطلاق رصاصة واحدة، اذ استقبلهم بترحيب كبير سكانه الذين عانوا الكثير جراء الفساد وغياب مساعدات السلطات المحلية أو تلك الحكومية، لكن حركة طالبان سرعان ما فرضت قانونها المرتكز على نظرة متشددة للشريعة الاسلامية، فمنعوا وسائل الترفيه وأحرقوا المدارس وزرعوا الرعب بين السكان من خلال تنفيذ اعدامات ميدانية وقطع رؤوس معارضيهم.

وفي مالام جابا، أحرق عناصر طالبان فور سيطرتهم على المنطقة، فندقا من 72 غرفة في موقع التزلج، وفجروا المقعد الهوائي (تيليسياج) الذي بني بتمويل نمسوي في العام 1988، واليوم، وبعد سنتين على انطلاق الهجوم المضاد الذي نفذه الجيش الباكستاني لاستعادة المنطقة واستعادتها ببطء، ما زال ياسر خان يتذكر ذات يوم من أيام العام 2007، عندما صادر عناصر من طالبان مدججون بالسلاح الواح التزلج منه، ويقول هذا الشاب البالغ اليوم من العمر 19 عاما "كنت تحت تأثير الصدمة عندما عرضوا علي ان اتابع تدريبا عسكريا معهم بدل التزلج على الثلج، ونصحوني بأن انضم الى الجهاد"، ويضيف "ثم كسروا الواح التزلج، وقالوا لي عليك ان تتجنب القدوم الى هذا المكان اذا اردت ان تحافظ على رأسك"، تقع مالام جابا على مسافة 300 كيلمتر شمال غرب اسلام آباد، وهي قريبة من المناطق القبلية المحاذية لافغانستان، والتي تعد معقل حركة طالبان باكستان والمقر الرئيسي لتنظيم القاعدة في العالم، والقاعدة الخلفية لحركة طالبان افغانستان، وهي المرة الاولى التي تفتح فيها هذه المحطة السياحية ابوابها منذ العام 2007، لكن الامل بعودة السياح الى هذه المنطقة ذات الجود العكسري الكثيف ما زال ضئيل، فالفندق ما زال مدمرا، والمشاركون في مسابقة التزلج التي ينظمها الجيش عليهم ان يتسلقوا مدرج التزلج على اقدامهم بسبب تدمير المقعد الهوائي، وقد عمد بعض من سكان المنطقة فقط الى تحويل منازلهم الى فنادق.واضافة الى غياب التجهيزات والبنى التحتية اللازمة، ما زال عامل الخوف مسيطرا هو الآخر في هذه المنطقة كما في كل انحاء البلاد، فخلال ثلاثة اعوام ونصف عام وقع في باكستان حوالى 450 هجوما، معظمها هجمات انتحارية، أسفرت عن مقتل 4200 شخص، يقول العقيد عرفان الله خان "لقد نظمنا هذا الحدث لنقول للعالم ان السلام عاد الى وادي سوات"، أما رحمة علي، احد هواة التزلج، فيقول أمام نحو 300 متفرج معظمهم من سكان المنطقة "الناس خائفون. هم ما زالوا يخشون من خروج عناصر طالبان من مخابئهم وعودتهم"، ومن هذه المؤشرات على سيطرة الخوف، ان هناك اربعين مشاركا في المسابقة من بينهم 27 مقيمون في مالام جابا ومحيطها، أما الباقون فمن العسكريين والموظفين، وليس من بين اولئك المتزلجين امرأة واحدة.

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 26/آيار/2011 - 22/جمادى الآخرة/1432

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1432هـ  /  1999- 2011م