التكبر... ثقة زائدة أم عاهة مرضية؟

تحقيق: عصام حاكم

 

شبكة النبأ: التكبر والغطرسة والتعالي أسماء ومسميات لا غبار عليها في سياق تفردها بالمعنى وهي تحمل رائحة وعبق الاشتقاقات اللفظية التي تمتاز بها اللغة العربية لترسم من هناك ملامح وآبعاد النظرة الضيقة التي يتصف بها بعض الاشخاص ممن يعشقون شهوة الاعتداد بالنفس والثقة المفرطة وتحجيم الاخرين او تلاشيهم من على وجه الارض وعلى هذا الاساس حاولنا ان نستعرض أراء من التقيناهم عسى ان تسفر تلك المحاولات عن نتائج طيبة في تشخيص تلك الحالة ان كانت سلوكا طبيعيا ام عاهه مرضية.

 حسن عداي (45) يعمل مدرس وناشط في مجال الاعلام وكان اقرب ما يكون بتحليلاته وتصوراته الى النزعة الشعورية التي يتصف بها اولئك الاشخاص الذين ينعتهم بالمرضى والعدائيين وذلك اعتقدا منهم بان الفرصة مواتية للتعويض عن النقص الحاصل ي داخل الذات.

ويضيف عداي، ولولا تلك الحقائق لما نهانا الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم وحذرنا من خضراء الدمن، والمعنى يكاد ان يكون واضح ومعلوم كي لا ننخدع بالمساحات الخضراء اذا ما كانت تتغذى وتستقر فوق مياه راكدة وآسنة لان مصدر غذائها غير نظيف وملوث.

على نايف الحسيني يعمل مدير ادارة في اذاعة كربلاء وطالب في الماجستير ويحسب هذا الموضوع من الموضوعات المهمة لاسيما وهي تحاكي خواص الانسان الظاهرية والمستترة ولها انعكاسات ملموسة على المجتمع من وجهة نظره وان من الاخطاء الشائعة ان نسمي الثقة الزائدة بالنفس بانها تكبر وهذا الرؤيا غير دقيق الى حدا ما.

ويتابع الحسيني مضمون ما يود التحدث عنه قائلا: خصوصا اذا ما اخذنا بنظر الاعتبار خاصية الاقدام في كل المجالات الاجتماعية واتخاذ القرارات التي تتعلق بمسئوليات الاسرة والعمل والمجتمع والميدان والجهاد وكل تلك الامور تتعلق بمبدىء الثقة بالنفس وان هذا الشىء ممدوح في الكثير من الاحيان.

ويضيف لـ(شبكة النبأ المعلوماتية): وان التكبر بمعناه المجرد هو سمه مرضية يعود تاريخها من وجهة نظر علماء النفس والاجتماع الى بداية نشوء الانساني ويعبر عنها من خلال نظرية ادلر التي تتحدث عن النقص الحاصل في الصغر يتم التعويض عنه في الكبر وهذه النظرية قد يكون لها شىء من الصحة بالنسبة للسلوك الانساني ممكن ان يكون الحرمان وظلم الكبار للصغار دافع مهم واساسي للجوء للانتقام والتعويض وهناك جملة من الاحاديث وفي مقدمتها التكبر رداء الله ومن لبس رداء الله هلك وان صفة التكبر لا تصدق على الانسان باي حال من الاحوال بل هي من صفه من صفات رب العزة والجلالة.

عبد الامير السيلاوي ناشط في مجال الاعلام وكان شديد الحساسية في تقبل تلك الصفه لانها منبوذة في المجتمع حسب ما يعتقد وهي التي اخرجت ابليس من رحمة الله وان التكبر صفه من صفات لله سبحانه وتعالى ولا تليق بالانسان.

ويكمل السيلاوي ما بدأه: وان العقلاء واهل الرأي كانوا دائما ما يحثون الناس على التواضع حتى يتسنى لهم معرفة أنفسهم على حقيقتها وان من بين الصورة المؤلمة اليوم هي مشاهدة بعض الشخصيات السياسية وهي تمارس دورة التكبر على الناس لاسيما وهم يعتقدون بانهم اصحاب فضل على المجتمع، وهذا خلاف ما جاء به سيد البلغاء والمتكلمين حينما قال الناس صنفان إما أخ لك في الدين أو نظير لك في الخلق وهذا يعني ان الانسان مطلوب منه التجرد عن حب الانى والذات لانها رأس كل خطيئة وان من اصعب الامور التي يمكن التأكيد عليها هي القدرة على ترويض النفس والهوى.

 ام حسين حاصلة عل شهادة الماجستير في العلوم الاسلامية وتعمل مدرسة في احدى الاعداديات وهي تؤكد على تفاهه الشخصية الانسانية وان الانسان لا يسمو الا باخلاقه وحسن معشره وما عداها ليس هناك من شىء يستحق التكبر فالانسان بمجمله كائن كله نقص وهو احوج ما يكون للمساعدة واذا ما اردنا ان نسلسل احتياجاته فهو يحتاج الى ضوء الشمس ونور القمر ويحتاج الى الماء والى الغذاء ويحتاج الى الهواء وكل هذه الامور هي عنوان واضحة لمدى ضعف الانسان وقدرته المتواضعة.

حسن حناني باحث اجتماعي ومختص في دراسة السلوك البشري والذي هو في الاساس قائم على التناقضات ولو تلك التناقضات لوجد الانسان نفسه على وتيرة واحدة ونسخة واحدة وان لهذا المعنى مضامين ايجابية مهمة من شانها ان تعطي للانسان مساحة واسعة في كيفية التعاطي مع الحياة باشكالها المختلفة.

ويضيف حناني لـ(شبكة النبأ المعلوماتية): ولكن الرواسب الاجتماعية والمورث ومستوى الثقافة هي من تفضي الى خلق الحالات الشاذة لاسيما ونحن نتحدث الان عن موضوع التكبر واساس تلك المشكلة هي ردود أفعال موجله لحالة الاضطهاد والعوز المادي والحرمان وهذا بطبيعة قد يخلق اضطرابات نفسية حادة لدى بعض الاشخاص مما يجعلهم يفكرون بالانتقام ورد جزء يسير من كرامتهم المهانة وذلك عن طريق الانتقاص من الناس ومحاولة زرع المفاضلة الشكلية كي يحصنوا أنفسهم باللجوء الى سطوة التكبر وربما تكون تلك الصفة في بعض الاحيان لا ارادية ومتشكله في ضمير الانسان اللاواعي .

وفي ذات السياق تحدثه الينا الدكتور عصام رشاد وهو مختص في الامراض النفسي متحدثا لـ(شبكة النبأ المعلوماتية): من الاشياء المهم التي نتبعها مع هكذا حالات نحاول ان نستعرض معهم فترات حياتية مهمة والاطلاع على ادق التفاصيل واهم المواقف التي تعرضوا لها والامر يستمر لعدة جلسات يحاول من خلالها الدكتور فهم الحالة واسباب وجودها وهناك بالتاكيد ثمة طرائق نفسية وعلاجية تستطيع ان تحتوي تلك الازمة والانسان بطبيعية كائن اجتماعي الا ان الانعزالية والتوحد والتراكمات الماضية قد تنشىء تلك الحساسية والنرجسية العالية والمجتمع قد يتحمل جزء كبير من هذه المشكلة اذا ما كان قائم على وضع استثنائيات لاشخاص دون غيرهم.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأربعاء 25/آيار/2011 - 21/جمادى الآخرة/1432

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1432هـ  /  1999- 2011م