التوحد... وباء ينتشر

باسم حسين الزيدي

شبكة النبأ: كثيرة هي الامراض التي تصيب بني البشر في مختلف دول العالم وتختلف اعراضها او تتشابه بحسب توع المرض، لكن يبقى مرض التوحد الذي يلازم الانسان منذ ولادة وربما الى وفاة، الاغرب والاكثر غموضاً بين جميع هذه الامراض من ناحية اسباب الاصابة به وفهم طبيعة اعراضه وحتى ايجاد العلاج المناسب له او الوقاية منه.

وقد قامت العديد من الدراسات والتي استمرت لسنوات طويلة بالعديد من التجارب والابحاث العلمية للتوصل الى فهم هذا المرض الذي حير العلماء ودفعهم الى استخدام كل امكاناتهم وطرقهم العلمية المتاحة من اجل التواصل مع الذين يعانون من هذا المرض االغامض الذي عزلهم اجتماعياً عن العالم ومنعهم من التواصل مع الاخرين وبناء عالم خاص بهم يختلف عن كل العوالم الذي نعرفها.

ولا يخفى عن العالم الاضرار الكبيرة التي يسببها التلوث الصناعي بالماء والهواء والغذاء الذي بدوره ينعكس سلباً على الحياة العامة والصحة في المجتمعات، وقد اشارت احدى الدراسات المهمة الى امكانية حدوث مرض التوحد نتيجة لأنبعاثات الزئبق الصناعية، بينما قامت دراسة وطنية كبرى في الولايات المتحدة الامريكية بدراسة العديد من الامور التي يمكن ان يسبب تلوثها في مرض التوحد الذي اصيب به عشرات الملايين حول العالم.

مرض التوحد الغامض

فبرغم مرور أربعة أعوام على إعلان الثاني من إبريل يوماً عالمياً للتوعية باضطراب التوحد، لا تزال أسباب المرض مجهولة، ولم يتوصل الباحثين إلى علاج جذري له، ويعد مرض التوحد من أكثر الاضطرابات "النمائية" تأثيراً على المجالات الرئيسة، كالتفاعل الاجتماعي والتواصل اللغوي والمجال الإدراكي، ومن هذا المنطلق فقد جذب اهتمام الاختصاصيين والباحثين، وتشير الإحصائيات الأخيرة التي جمعتها مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية إلى أن عدد الأطفال الذين يعانون من التوحد في تزايد مستمر، ففي الولايات المتحدة الأميركية يصاب طفل من بين 110 أطفال بهذا المرض، وتختلف حدة أعراض المرض ما بين سطحية إلى حادة، ويمكن أن تظهر الأعراض من سن 12 شهراً، وتصبح واضحة عند سن العامين، ويؤكد الأطباء أن الاكتشاف والتدخل العلاجي المبكر للمرض، يؤدي أحيانا كثيرة إلى تحسن كبير في حياة الطفل، وربما الحدث الأبرز المرتبط بمرض التوحد هذا العام، هو الدراسة الذي نشرتها المجلة الطبية البريطانية في يناير/كانون الثاني الماضي في ثلاثة أجزاء. بحسب السي ان ان.

وقد كشفت فيها عدم صدق البحث المثير للجدل الذي نشره الدكتور "أندرو ويكفيلد" في عام 1998، ودراسة ويكفيلد كانت قد ربطت تزايد المرض باللقاحات الخاصة بالحصبة والنكاف والحصبة الألمانية، ما جعل الكثير من الآباء يعزفون عن تلقيح أبناءهم ضد هذه الأمراض، خشية أصابتهم بمرض التوحد، وأثبت التقرير تزوير ويكفيلد للتاريخ المرضي لـ12 مصابا بالتوحد، يشكلون إجمالي  الحالات التي أستند إليها في دراسته، وتجري حالياً دراسة واحدة كبيرة في مختلف أنحاء الولايات المتحدة الأمريكية تحت اسم" الدراسة الوطنية للطفولة"، تبحث في الآثار المترتبة على البيئة، لتشمل عوامل مثل الهواء، والماء، والغذاء، والصوت، وديناميكيات الأسرة والمجتمع والتأثيرات الثقافية، والجينات الوراثية وتأثيرهم على تنمية وصحة الأطفال، وسيتابع الباحثون الأطفال منذ بدأ تكوينهم داخل رحم الأم وحتى بلوغهم 21 عاماً.فربما تستغرق هذه الدراسة وقتاً طويلاً، لكنها ستقدم بالتأكيد بيانات ستساعد الباحثين لسنوات عديدة قادمة.

مؤشرات مبكرة

في سياق متصل هناك بعض السلوكيات البسيطة التي تلفت انتباه الآباء في وقت من الأوقات إلى إصابة طفلهم بمرض التوحد، منها ألا يأتي الطفل برد فعل حينما يبتسم له شخص ما، ولا يضحك هو نفسه، ويفضل اللعب بمفرده على اللعب مع الأطفال الآخرين، ويشعر كثير من الآباء بالقلق والفزع حينما يلاحظون ظهور مثل هذه الأعراض المبكرة الدالة على إصابة الطفل بالتوحد، غير أن هناك عدداً ليس بالقليل منهم لا يلقي بالاً لهذه المؤشرات التحذيرية، ولكن ينبغي على الآباء أن يعلموا أن ليس كل تأخر في نمو الطفل يجب أن يعني بالضرورة إصابة الطفل بالتوحد، وللتأكد من إصابة الطفل بالتوحد يتطلب الأمر إجراء فحوص عديدة، وبالإضافة إلى ذلك تختلف الأعراض المميزة للتوحد بشدة في ما بينها من طفل لآخر، وقالت رئيسة إحدى الرابطات المحلية لعلاج التوحد بمدينة غوتنغن الألمانية ريناتا زوينر «لاحظنا أن شيئاً ما ليس على ما يرام، حينما كان أحد أطفالنا يجلس مع طفل الجيران داخل صندوق الرمال في رياض الأطفال»، موضحة أن ما أثار قلقها أن طفلها لم يستطع بكل بساطة اللعب مع الطفل الآخر، وأضافت زوينر «لم يبال طفلنا إطلاقاً بما إذا كان هناك طفل يجلس معه أم لا»، مشيرة إلى أنه في ذات مرة رغبت مشرفة رياض الأطفال في معاقبة طفلها بعدم السماح له باللعب مع الأطفال الآخرين، غير أن طفلها كان سعيداً بذلك. بحسب وكالة الانباء الالمانية.

ولفتت إلى أن فقدان طفلها الرغبة في اللعب مع أقرانه كان في بادئ الأمر لافتاً للنظر بشدة، ولكن الوضع تحسن مع مرور الوقت، وأوضح رئيس قسم اضطرابات النمو بمستشفى هيكشر بمدينة ميونيخ جنوب ألمانيا، مارتن سوبانسكي، أن الأعراض الرئيسة لمرض التوحد تتمثل في اضطرابات التواصل اللفظي وغير اللفظي، مضيفاً «الرُضع الأصحاء يتمتمون بكلام غير مفهوم، أما الرُضع المصابون بالتوحد فلا يظهرون أي علامات تدل على بدء التعبير اللغوي»، وبالإضافة إلى ذلك يشيرون فقط بأصابعهم إلى اتجاه مكان ما أو يمدون أذرعهم نحو آبائهم، ويبدون كأنهم ليسوا بحاجة إلى التعبير عن أنفسهم والتواصل مع الآخرين عبر الإيماءات والإشارات، من جهتها أشارت رئيسة عيادة الطب النفسي والطب النفس جسدي والعلاج النفسي في مرحلة الطفولة والمراهقة في جامعة فرانكفورت غرب ألمانيا، البروفيسورة كريستين فرايتاغ، إلى أن الخلل الملحوظ في التطور اللغوي يمكن أيضاً أن يكون أحد المؤشرات الدالة على التوحد، موضحة أنه ليس بالضرورة أن يظهر هذا العرض، لاسيما مع الأطفال الذين تكون حالتهم المرضية بسيطة.

وأضافت «من الأمور الأكثر لفتاً للأنظار أن الطفل لا تكون لديه رغبة في اللعب مع الأطفال الآخرين، وبوجه عام يكون اهتمام الأطفال المصابين بالتوحد باللعب مع أقرانهم أقل من اهتمامهم باللعب نفسه، ويمكن أن ينشغلوا بهذه اللعب لوقت طويل جداً»، معللة ذلك بأن الأطفال المصابين بالتوحد ينغمسون غالباً في عالمهم الخاص، واستطردت فرايتاغ «يمكن أيضاً الاستدلال على إصابة الطفل بالتوحد حينما لا يأتي برد فعل حيال من يبتسم له، مفسرة ذلك بأن الأطفال المصابين بالتوحد لا يكون بمقدورهم في الغالب إدراك أحاسيس الأشخاص المحيطين بهم، فمن المألوف حينئذ ألا يقوم الطفل المصاب بالتوحد بمواساة طفل آخر حينما يصاب بأذى أثناء اللعب مثلاً»، مشيرة إلى أن الطفل المصاب بالتوحد لا يلقي في الغالب بالاً لهذا الموقف ويدير بكل بساطة ظهره للطفل المصاب، وللتأكد من إصابة الطفل بالتوحد، ينبغي على الآباء مراقبة الطفل جيداً، مع مراعاة التحدث مع مشرفي رياض الأطفال أو المدرسين في هذا الشأن، وفيما يتعلق بالتشخيص، أوضح سوبانسكي أنه يمكن التوصل إلى تشخيص موثوق به بدءاً من عمر ثلاث سنوات تقريباً، وبصفة أساسية يقوم التشخيص على إجراء مقابلة مع الآباء، وملاحظة الطفل بشكل مباشر. وينبغي أن تعطي المقابلة صورة واضحة وشاملة عن التطور الحالي للطفل. ووفقاً لنموذج محدد يتم إخضاع الطفل لموقف سلوكي قرابة الساعة بغرض ملاحظة طريقة لهوه وكيفية تصرفه، وبالإضافة إلى ذلك يتضمن التشخيص إجراء فحوص جسدية وعصبية ونفسية.

ودلل سوبانسكي ذلك قائلاً «التشخيص المحض للتوحد لا يعود بأي فائدة على الطفل، فمن المهم أيضاً فحص مستوى ذكائه وتطوره اللغوي وحركيته»، وأكد سوبانسكي أن المقابلات الشخصية ومواقف الملاحظة لا تعطي نتائج مؤكدة مثل التشخيص المختبري، مشيراً إلى أنه بات حاليًا من الممكن التوصل إلى تشخيص مبكر للحالات التي يوجد فيها الطفل بنطاق رمادي على حافة طيف التوحد، مضيفاً «في عياداتنا يتعين علينا كثيراً أن نقول، لا يمكننا اليوم التوصل إلى تشخيص سليم 100٪، ويجب علينا ملاحظة الطفل لمدة أطول»، وعلل سوبانسكي ذلك بأن الطفل المصاب بالتوحد غالباً ما يكون مستثاراً في مواقف الملاحظة الغريبة، لأنه يكون حساساً للغاية تجاه التغيرات التي تطرأ على بيئته، وفي بادئ الأمر يقابل كثير من الآباء التشخيص بالرفض التامو وعن رد الفعل هذا قال سوبانسكي «يمكن تفهم ذلك تمام، فالأمر في نهاية المطاف يتعلق بتشخيص مدى الحياة»، وإذا اتضح أن التشخيص سليم إلى حد ما، فإن سوبانسكي ينصح الآباء بأن يتعرفوا مبكراً إلى آباء الأطفال الآخرين المصابين بالتوحد، فتبادل الخبرات بين الآباء يخفف عنهم ويواسيهم، كما أنهم غالباً ما يسدون لبعضهم البعض نصائح عملية للغاية حول كيفية التعامل الصحيح مع اضطراب النمو هذا.

المتوحدون والمتوحدات

الى ذلك يلفت الأطفال المصابون بالتوحد المبكر الأنظار إليهم في سنواتهم الأولى، فهم «لا يسمحون باقتيادهم من أيديهم من قبل الكبار، ولا يتحدثون إلا نادرا، ولا يتبادلون النظرات مع غيرهم»، حسب ما أوضحت ماريا كامينسكي من الاتحاد الألماني لمرضى التوحد، ويطور هؤلاء الأطفال اهتمامات مكثفة في موضوعات بعينها، مثل الكهرباء أو أجهزة المطبخ، ولكنهم لا يكترثون بالناس، وغالبا ما يكونون غير قادرين على إقامة علاقات اجتماعية، كما أن الأشياء الجديدة عليهم تمثل عبئا ثقيلا بالنسبة لهم، وليس من النادر أن يكون الأطفال المصابون بالتوحد المبكر عدوانيين، ويكرر الكثير منهم الحركات نفسها، مثل نفض اليدين «فتربية مثل هؤلاء الأطفال تمثل تحديا هائلا للوالدين»، كما قالت كامينسكي من مدينة أوسنابروك غرب ألماني، وأعلنت الأمم المتحدة، قبل سنوات، يوماً عالمياً سنوياً للتوحد، وهو الثاني من أبريل من كل عام، وبهذه المناسبة تقيم جمعيات ألمانية محلية تنتمي للاتحاد الألماني للتوحدأأ فعاليات عن التوحد، ويتوقع باحثون أن يكون واحد من كل 100 ألماني مصابا بأحد اضطرابات التوحد، ولكن ليست هناك بيانات دقيقة بهذا الشأن في ألمانيا، وترجح الأمم المتحدة وجود نحو 67 مليون شخص متوحد على مستوى العالم. بحسب وكالة الانباء الالمانية.

وتقول الأستاذة الألمانية كريستيانه فرايتاج، من جامعة فرانكفورت، إن نسبة الإصابة بهذا المرض بين الفتيان أربعة أمثالها بين الفتيات، غير أنه ليس كل المصابين يعانون اضطرابات توحدية مبكرة وشديدة، حسب فرايتاج، التي أوضحت أن من بين أعراض التوحد ما يسمى «متلازمة أسبرغر»، التي تظهر بدءا من العام الثالث أو الرابع من عمر الطفل تقريبا، وأن «الأطفال المصابين يجدون صعوبات في التعامل مع الآخرين، ويعتبرهم الناس انعزاليين ذوي قدرات خاصة، ولا يواجه هؤلاء غالبا مشكلات في سن المراهقة، لأنهم يلاحظون أنهم مختلفون عن الآخرين، كما أنهم كثيرا ما يقعون فريسة للمضايقات من قبل آخرين»، ولكن، ماذا نعرف عن أصل التوحد بجميع أشكاله؟ تجيب الأستاذة فرايتاج، التي شاركت في مشروع عن المجموع الوراثي للتوحد، عن هذا السؤال بالقول، «نعرف، منذ سنوات كثيرة، أن هناك تركيبة جينية معينة للمصابين بالتوحد»، وتناولت الدراسة المجموع الوراثي لـ1000 شخص مصابين بالتوحد، و1300 من دون اضطراب في النمو، ونشرت نتائجها في مجلة «نيتشر» المتخصصة، وتقول فرايتاج، «تبين، من خلال الدراسة، غياب مقاطع كاملة من الصبغيات الوراثية، أي جينات عدة، أو أنها موجودة بشكل مضاعف، وبعض هذه الحالات غير موروثة، بل ناتجة عن تحور جيني»، وحسب دراسات في السويد وبريطانيا، فإن ما يصل إلى ربع مرضى التوحد ذوي الموهبة الجيدة «يمكن أن ينجحوا في العيش بشكل طبيعي، وأن يعيشوا بشكل مستقل تماما، بدءا من سن البلوغ».

مخاطر الخجل الاجتماعي

بدورها قالت مدير مركز دبي لتطوير نمو الطفل في هيئة تنمية المجتمع الدكتورة بشرى الملا، بأن «مراكز التوحد في الدولة لا تملك احصاءات حديثة للأطفال المصابين باضطراب التوحد، بسبب الخجل الاجتماعي وإخفاء معلومات الاصابة من قبل الأسر، الأمر الذي يسهم في انتشار المرض ويؤخر فرص علاجه»، لافتة إلى أن «هيئة الإمارات للهوية الوطنية تلزم المواطنين ضمن شروط الحصول على البطاقة الادلاء بمعلومات صحيحة حول الإعاقات والامراض في الأسرة، الأمر الذي يسهم في عمل قاعدة بيانات حديثة بالإعاقات والأمراض في الدولة»، وأفادت الملا في مؤتمر صحافي، بأن «هيئة تنمية المجتمع ستنظم ندوة التوحد حول العالم 2010 المنصرم،  بهدف تعزيز وعي الأسر والمجتمع باضطراب التوحد، وأهمية إدراك سبل التعامل مع الأطفال المصابين بأنواع الاعاقات كافة، وأهمية التدخل المبكر واكتشاف الحالة قبل تفاقمها وتأخر علاجها»، وأشارت إلى أن «المؤتمر يستعرض مستجدات وأحدث الأساليب المتطورة في علاج اضطراب التوحد، إضافة إلى تبادل الخبرات والتجارب، الأمر الذي ينعكس إيجابياً على نوعية الخدمات التي تقدمها مراكز التوحد في الدولة»، وذكرت الملا أن «التوحد اضطراب عصبي وليس مرضاً كما هو شائع في المجتمع، ينتج عنه خلل في وظائف الدماغ غالباً ما يظهر إعاقة تطورية أو نمائية عند الطفل خلال السنوات الثلاث الاولى من عمره. بحسب وكالة الانباء الالمانية.

ويلاحظ على طفل التوحد علامات رئيسة منها تأخر في تطور المهارات اللفظية وغير اللفظية، واضطراب السلوك وصعوبة التفاعل والتواصل الاجتماعي»، لافتة إلى أن «اضطراب التوحد يصيب الذكور أكثر من الاناث بنسبة إصابة أربعة أضعاف»، من جانبها، أكدت مؤسسة مركز الطفل للتدخل الطبي المبكر الدكتورة هبة الشطا، أن «ندوة التوحد في العالم تستهدف المختصين بمجال التوحد والمعالجين النفسيين، وسيتم التركيز على أسر الأطفال المصابين بالتوحد، من خلال تقديم معلومات شاملة حول طبيعة الاضطراب وكيفية التعامل مع طفل التوحد»، وأوضحت أن «الأطفال المصابين باضطراب طيف التوحد لا يمكن ملاحظة اصابتهم من قبل الأسرة، الأمر الذي يؤخر علاجهم، خصوصاً أن اكتشاف الاضطراب يتم غالباً بعد التحاق الطفل بالمدرسة والاحتكاك بأقرانه»، وأضافت الشطا أن «أعراض التوحد تتفاوت حسب الأطفال، لذلك لا تظهر العلامات المجتمعية عليهم، منها المهارات اللفظية والسلوكية والتفاعل الاجتماعي»، لافتة إلى أن «طفل التوحد غالباً ما يميل إلى العزلة وفتور المشاعر، والارتباط غير الطبيعي بالأغراض مثل الدمى، في المقابل يمكن لطفل التوحد أن يصبح عبقرياً ويبدع في مجالات الرياضيات والفيزياء إذا ما تلقى العلاج المناسب والمخصص لحالته، خصوصاً أن طفل التوحد يمتاز بالذكاء الحاد».

في اسيا

من جهتهم قال باحثون ان واحدا من بين كل 38 طفلا في كوريا الجنوبية ربما يعاني من مرض التوحد وهي نسبة مرتفعة ظهرت في منهج بحثي جديد يتعامل مع مرض التوحد على انه مرض عالمي لا يتم تشخيصه بدرجة كافية، وتترجم هذه الارقام الى 2.64 في المئة وهي نسبة مرتفعة جدا بالمقارنة بمعدل واحد في المئة الذي توصلت اليه دراسات سابقة في الولايات المتحدة وأوروب، وهذه أول دراسة تقدر عدد مرضى التوحد بين أطفال كوريا الجنوبية وعلى الرغم من ان الدراسة بحاجة الى مزيد من الابحاث لدعمها الا انها تشير الى ان مرض التوحد منتشر بصورة أكبر مما كان متصورا من قبل، وأشرف على الدراسة الدكتور يونج شين كيم من جامعة ييل ومولتها جماعة (أوتيزم سبيكس) Autism Speaks ونشرت في الدورة الامريكية للطب النفسي، واستخدم فريق كيم منهجا بحثيا مضنيا استوجب تصوير 55 الف طفل تتراوح أعمارهم بين 7 و12 عاما في مدينة جويانج بكوريا الجنوبية، كما أجرى الفريق مسحا عن رؤية الاباء لتصرفات أطفالهم وأعقب ذلك تقييم للاطفال المحتمل انهم مصابون بمرض التوحد لتشخيص حالتهم، وكان القصد من هذا التوجه البحثي القائم على السكان رصد الحالات التي يمكن ان تمر دون ملاحظة في الاساليب البحثية الاخرى التي تستند الى سجلات المدارس والسجلات الطبية للتعرف على الاطفال المصابين بمرض التوحد. بحسب رويترز.

وقال كيم "ارتفاع العدد يرجع الى هذا التوجه السكاني الجديد الذي شملته دراستنا للاطفال الذين لم يرصد لديهم اي تأخير في النمو او مشاكل في الصحة العقلية"، وارتفع معدل الاصابة بمرض التوحد في العقد المنصرم ويرجع ذلك جزئيا الى تغير طريقة تشخيصه، وبدلا من شخيص مرض التوحد بشكل أحادي الجانب بدأ تشخيصه على انه مجموعة من الامراض مجتمعة بدءا من عدم القدرة على التواصل مع الغير الى التخلف العقلي الى أعراض أبسط كثير، وفي اسيا لا يعرف الاباء الكثير عن هذا المرض الذي لاعلاج له ويرفضون الاعتراف به، وقالت جيرالدين دوسن من جماعة أوتيزم سبيكس ان هذه الدراسة "تؤكد ان مرض التوحد مشكلة صحية عالمية مهمة" لكنها توحي ايضا بأن مناهج البحث الحالية تؤدي الى التقليل من أعداد المرضى في الولايات المتحدة وأماكن أخرى من العالم.

الطرق السريعة

الى ذلك يبدو أن هناك أسباب كثيرة تجعل السكن بالقرب من الطريق السريعة أمرا مزعجا، مثل الضوضاء، ورداءة نوعية الهواء، لكن المخاطر ربما تكون أكبر من كثير وفقا لباحثين، إذ أن دراسة جديدة نشرت في مجلة "الصحة البيئية،" تقول إن الأطفال الذين يعيشون بالقرب من الطرق السريعة عند ولادتهم، عرضة للإصابة بمرض التوحد أكثر بنحو مرتين من أقرانهم، وأجرى الباحثون مقابلات وفحوصات على نحو 304 طفل مصابين بالتوحد، بينهم 259 طفلا يعيشون في مدن أمريكية رئيسية مثل لوس أنجلوس وسان فرانسيسكو، وسكرامنتو والمناطق الحضرية، ووجد الباحثون أن الأطفال الذين تعيش أسرهم ضمن مسافة ألف قدم الطريق السريع عند الولادة، أي نحو 10 في المائة من الأطفال في الدراسة، كانوا عرضة بنحو الضعف لإمكانية الإصابة بالتوحد من أولئك الذين يعيشون بعيدا عن الطريق السريع.

وقالت المؤلفة الرئيسي للدارسة هيذر فولك، والباحثة في معهد بحوث سابان للأطفال، لصحيفة "لوس أنجلوس تايمز"، إن "هذه الدراسة لا تقول إن التعرض لتلوث الهواء أو التعرض لحركة مرور سريعة تسبب التوحد، لكن ذلك يمكن أن يكون أحد العوامل التي تسهم في زيادته"، ومعلوم أنه لا يوجد علاج للتوحد، والباحثون ما زالوا يدرسون المرض وأسبابه التي تتنوع بين مزيج من الجينات والعوامل البيئية، غير أنه في السنوات الأخيرة، أحرز العلماء تقدما في تحديد بعض التغييرات التي يتسم بها دماغ المصاب بالتوحد، والتي قد تؤدي إلى مساعدة التشخيص في وقت مبكر، ويعد التشخيص المبكر لمرض التوحد، في عاملا مهما يؤدي إلى التدخل في بداية التشخيص، ويعتقد الباحثون أن العلاج المبكر يمكن أن يخفف من أعراض التوحد أو في بعض الحالات يمنع الاضطرابات التي تصاحبه.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 16/آيار/2011 - 12/جمادى الآخرة/1432

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1432هـ  /  1999- 2011م