تونس تستنشق ثقافة الحرية

عناوين سياسية ودينية في صدارة واجهات المكتبات التونسية

 

شبكة النبأ: (ايديولوجيا الاسلام السياسي) و(الحبيب بورقيبة المهم والأهم) و(حاكمة قرطاج) عناوين لكتب ليس من المرجح تداولها قبل ال14 من يناير الماضي هي الان في صدارة واجهات المكتبات التونسية.

اذ أطلقت (ثورة الياسمين) قيد أبناءها من حصار ثقافي امتد عقودا ومنحتهم الى جانب الحرية وحقوق الانسان حق المعرفة لاسيما في مجال انتاج الكتاب ونشره وتوزيعه.

وتمارس مكتبات العاصمة هذه الايام نشاطها المفترض والطبيعي في تغذية القراء بكل ما هو جديد سواء كان هذه الجديد من الانتاج السياسي او الديني او النقدي بعيدا عن اجراءات الرقابة المسبقة او سياسة التوجيه والمنع.

وتشهد حركة المكتبات اقبال شرائح مختلفة من القراء كالطلبة والجامعيين والاطفال والمثقفين والبسطاء للاطلاع على احدث الاصدارات بعد رفع القيود المفروضة من النظام السابق على نشر الكتب لاسيما السياسية والفكرية.

فهناك كتب استبعدت طويلا من التداول مثل (تونس بن علي) للفرنسي فلورانس بوجيه و(بن علي صديقنا الوجه الآخر للمعجزة التونسية) للمؤلف نيكولاس بيو و(أوروبا ومستبدوها) للصحافية التونسية والناشطة الحقوقية سهام بن سدرين وأعمال اخرى لصحافيين تونسيين انتقدوا رئاسة بن علي.

ومن العناوين الدينية وكتب الاسلام السياسي (لا تحزن) للكاتب والداعية السعودي عايض القرني و(ايديولوجيا الاسلام السياسي) للدكتور سامح اسماعيل و(الحاكمية) لمحمد أبو القاسم حاج و(تاريخية الدعوة المحمدية في مكة) لهشام جعيط.

يضاف الى ذلك عودة الصحف اليومية الفرنسية للظهور في الأكشاك والارصفة في العاصمة التونسية والتي كانت كثيرا ما تمنع خلال حكم النظام السابق.

وكان اصدار الكتب ونشرها يخضع لرقابة وزارة الداخلية بصفتها مسؤولة عن امكانية دخول الكتب أو حظرها لاسيما تلك المتعلقة بالجانب السياسي والديني والامر ذاته يقع على المجلات والصحف.

وأعلنت اجهزة الجمارك التونسية في ال22 من يناير الماضي أن استيراد الكتب والمجلات والأقراص المضغوطة والأفلام لم يعد يخضع لأي ترخيص مسبق اذ كان توريدها هنا سواء على النطاق الفردي أو الجماعي يخضع للترخيص المسبق من جهاز رقابة تابع للداخلية.

وعلى واجهات المكتبات تطل كذلك احدث الكتب والعناوين المواكبة للاحداث التاريخية التي شهدتها تونس اخيرا ومنها (ثورة الشجعان) للصحفي محمد الكيلاني و(عندما ينجح الشعب) لبوجمعة الرميلي وهما باللغة الفرنسية.

وتعرض مجموعة من الكتب ايضا حول الزعيم الحبيب بورقيبة وفترة حكمه ومنها (العقود الثلاثة لحكم بورقيبة) للوزير السابق الطاهر بلخوجة و(الحاكم بأمره بورقيبة الأول) للباحث في التاريخ الحديث عميرة علية الصغير و(الحبيب بورقيبة المهم والأهم) لرجل السياسة ورئيس الحكومة الانتقالية الحالية الباجي قائد السبسي.

ويقبل القراء ورواد المكتبات على اقتناء الكتب التي تتناول فترة حكم الرئيس السابق على غرار (بن علي الفاسق) للبشير التركي ورواية (سنوات البروستاتا) للأديب والصحافي الصافي سعيد و(دكتاتوريات على حافة الانهيار) للسياسي والحقوقي منصف المرزوقي و(طريقنا الى الديمقراطية) وهو مجموعة نصوص لهيئة كتاب(18 أكتوبر).

ومن بين هذه الكتب كتاب (حاكمة قرطاج) حول ليلى الطرابلسي زوجة الرئيس السابق والذي ألفه كل من نيكولاس بيو وكاثرين جراسيت وهو كتاب مهم حول عائلة الرئيس السابق يركز بشكل خاص على دور زوجته ليلى.

واكدت رابطة الناشرين الدوليين ان هذا الكتاب حقق أكبر نسبة من المبيعات ففي فترة وجيزة بيع أكثر من 26 الف نسخة.

واوضح مؤلف الكتاب للصحافيين خلال لقاءات متعددة هنا حضرها عدد كبير من التونسيين ان "خمسه آلاف نسخة" من الكتاب تم اقتناؤها في تونس حتى منتصف فبراير في حين بيعت نحو 15 الف نسخة اخرى في فرنسا.

وكشف الكاتب الفرنسي عن تحضير كتيب يضم 50 صفحة حول العلاقة المتوترة بين باريس وتونس خلال فترة حكم بن علي.

ويتحدث كتاب (حاكمة قرطاج) الصادر عن دار النشر (لاديكوفرت) الفرنسية كيف تمكنت عائلة زوجة الرئيس السابق من السيطرة على قطاعات واسعة من الاقتصاد التونسي ودورها في تدبير شؤون البلاد منددا ب"صمت" باريس.

وجاء في الصفحة الاخيرة من غلاف الكتاب ان ليلى الطرابلسي "تسير على خطى وسيله بورقيبه التي حكمت تونس في ظلال رئيس عجوز ومريض" في اشارة الى الرئيس الراحل الحبيب بورقيبه.

واعتبر مؤلفا الكتاب انه في وقت كانت تستعد فيه البلاد لانتخابات رئاسية مزورة فان ليلى الطرابلسي حاولت ان تفرض نفسها بمثابه "وصيه على العرش" بمساعده اقاربها.

وكانت ليلى الطرابلسي رفعت عام 2009 اثر صدور الكتاب دعوى عاجلة امام القضاء الفرنسي من اجل منع نشر وتوزيع الكتاب وسحب النسخ التي وزعت في وقت سابق مدعية ان الكتاب يتضمن فقرات تحمل قذفا وسبا الا ان المحكمة رفضت قبول تلك الدعوى.

وفي هذا الصدد أكدت صاحبة احدى المكتبات الاستاذة جميلة بن عمار "الاقبال التاريخي" من الجمهور على اقتناء احدث الكتب بعد ان تزينت مكتبات تونس بعناوين ظلت ممنوعة لعقود. بحسب الوكالة الانباء الكويتية (كونا).

واوضحت ان هناك طلبات متنوعة ومختلفة العناوين للقراء يتم تسجيلها كي يتم استيرادها من الخارج خلال المرحلة المقبلة مؤكدة وجود طلبات كثيرة على الكتب السياسية والدينية.

واضافت ان (حاكمة قرطاج) و(الحبيب بورقيبة المهم والأهم) و(لا تحزن) و(الحاكمية) و(ايديولوجيا الاسلام السياسي) من بين اكثر الكتب مبيعا.

ولعل هذا التطور في المشهد الثقافي يكون مدخلا لتحقيق واحد من مطالب التونسيين بتحرير الاعلام وتشجيع الابداع وارساء تعددية فكرية فعلية دون اقصاء أو تضييق والتخلص من "منظومة احادية" مارسها النظام السابق أثرت في الوقائع المادية (المجتمع والاقتصاد والتعليم) كما فعلت في الوقائع المعنوية (الثقافة والقيم والكتب) وفق ما اعتبره عدد من الاكاديميين.

فمثلما حمل 14 يناير للتونسيين تحولا تاريخيا على المستويين السياسي والاقتصادي شمل على جانبه الاخر بعدا اجتماعيا ثقافيا تخطى الرقابة والقيود.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 9/آيار/2011 - 5/جمادى الآخرة/1432

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1432هـ  /  1999- 2011م