في يومهم العالمي... احتفالات العمال تتحول الى تظاهرات غاضبة

شبكة النبأ: اجمعت التظاهرات التي شهدتها العديد من عواصم العالم على مطالب العمال في عيدهم العالمي بتحسين الاجور بالشكل الملائم لطبيعة مع الاوضاع الاقتصادية السائدة.

حيث شكى العمال خلال تنظيمهم للتظاهرات من اهمال الحكومات بشكل مستمر لتردي الاوضاع التي تكتنف حياتهم اليومية، وعدم الاكتراث للاحوال الصعبة التي يمرون بها، على الرغم من كونهم يمثلون شريحة واسعة في المجتمعات.

فيما تطابقت الاحتجاجات في مختلف الدول، المتقدمة منها والنامية على حد سواء، مما يعكس ظاهرة دولية يعيشها معظم العمال في العالم.، تتمثل بغبن كبير لحقوقهم في العدالة الاجتماعية المفترضة.

المطالبة بزيادة في الاجور

فقد خرج مئات الاف العمال في مختلف انحاء العالم بمناسبة عيد العمال، في الاول من مايو وتظاهروا في هونغ كونغ وبرلين وزوريخ مطالبين خصوصا بزيادة الاجور.

وفي بولندا عدلت الكونفدرالية النقابية الكبيرة او.بي.زاد.زاد هذه السنة عن مسيرتها التقليدية في وارسو لعدم التشويش على الاحتفالات بطوباوية البابا السابق يوحنا بولس الثاني.

واكتسى عيد العمال منحى سياسيا بامتياز في روسيا حيث اغتنمت الاحزاب الموالية للكرملين الذكرى لاستعراض قواها مع اقتراب استحقاقات انتخابية هامة بشعارات مثل "مدفيديف! بوتين! روسيا الى الامام!". واعتبرت السلطات الروسية التي اثار تفريقها بالقوة عدة تظاهرات معارضة خلال الاشهر الاخيرة، هذه التجمعات فرصة لابداء شكل من اشكال حرية التعبير. لكن مثليي الجنس منعوا من التظاهر في وسط سان بطرسبورغ.

وفي افريقيا كان عيد العمال فرصة اغتنمتها النقابات لرفع "مطالبها" الى السلطات كما حصل في بنين وتوغو.

وفي تونس حيث اطاحت انتفاضة شعبية بالرئيس زين العابدين في كانون الثاني/يناير الماضي، خرج مئات المتظاهرين الى شارع الحبيب بورقيبة في قلب العاصمة مطالبين ب"عمل وكرامة وحرية"، بينما انفرد مشجعو كرة القدم بشوارع العاصمة الجزائرية مرددين هتافات قبل مباراة نهائي كاس الجزائر 2011.

وفي المغرب يتوقع ان يتظاهر شبان ونقابيون وشباب حركة العشرين من فبراير التي تتطالب بالمزيد من الديمقراطية في عدة مدن، وخرج نحو ثلاثة الاف متظاهر في الرباط مرددين خصوصا "تسقط التعسفية" و"كفى تهميشا".

وفي آسيا وبعد اقل من شهرين عن حادث محطة فوكوشيما النووية خرجت تظاهرات في الاول من ايار/مايو تندد بالطاقة النووية.

وفي هونغ كونغ تطابق الاول من ايار/مايو مع بداية تطبيق الحد الادنى من الاجور في هذه المنطقة التابعة للصين، وتعتبر النقابات التي جمعت اربعة الاف متظاهر، الحد الادنى المقدر ب28 دولار هونغ كونغ في الساعة (2,43 يورو) والذي يشكل تقدما، انه غير كاف لقوت عائلة. كذلك كانت الرواتب في صلب المطالبات في الفيليبين حيث ارتفعت اسعار المواد الاولية. وفي سيول عاصمة كوريا الجنوبية طالب اكثر من خمسين الف متظاهر بمزيد من الامن في التوظيف والزيادة في الرواتب منددين بتعاظم انعدام المساواة.

وفي اسبانيا التي يجهد اقتصادها في الخروج من الازمة وحيث تطالب البطالة اكثر من عامل من بين خمسة، توقعت النقابات تنظيم اكثر من ثمانين تجمعا وتظاهرة اكبرها في فلانسيا (شرق). وفي اليونان حيث طلبت تضحيات من الشعب منذ سنة تفاديا لافلاس الدولة تجمع الاف المتظاهرين وسط اثينا احتجاجا على مزيد من التقشف.

وفي البرتغال وفي خضم المفاوضات حول خطة المساعدات المالية المطلوبة من الاتحاد الاوروبي وصندوق النقد الدولي، يتوقع ان تقوم النقابات باستعراض قواها عشية اعلان اجراءات تقشف جديدة.

وفي فرنسا بدا الاف الموظفين يتظاهرون صباح الاحد احياء لعيد العمال العالمي لكن المسيرات لم تحشد اعدادا كالسنة الماضية في حين حشد اليمين المتطرف في احيائه ذكرى جان دارك اعدادا اكبر من 2010. وفي بلجيكا حيث تفاقهم الازمة الاقتصادية والاجتماعية ازمة سياسية منقطعة النظير، ركزت اهم تدخلات اليسار على قضية الرواتب والعلاوات التي يتقاضاها كبار المسؤولين. ودافع رئيس النقابة الاشتراكية اف.جي.تي.بي رودي دي لوو على ربط الاجور بالاسعار في بلجيكا وهو اجراء انتقده خصوصا البنك المركزي الاوروبي.

وفي برلين حيث سار الاف المتظاهرين في هدوء، حذر رئيس اتحادية النقابات الالمانية دي.جي.بي مايكل سومر من تضخم الرواتب وتفضيل ارباب العمل تشغيل عمال قادمين من شرق اوروبا برواتب "متدنية" مع فتح سوقي العمل الالمانية والنمساوية امام اولئك العمال.

تراجع نسبة المشاركة

في ذات الصدد اظهرت احصاءات للحكومة الفرنسية ان نسبة المشاركة في تجمعات عيد العمال في فرنسا يوم الاحد كانت اقل بالمقارنة مع العام الماضي بسبب خفوت الحماس بعد اخفاق احتجاجات ضخمة في الشوارع العام الماضي في وقف اصلاح لا يحظى بشعبية في نظام المعاشات.

وقالت وزارة الداخلية الفرنسية إن 77 الف شخص شاركوا في مسيرات في 200 موقع مقابل 195 الف شخص العام الماضي. وابلغ اكبر اتحاد للعمال في فرنسا رويترز ان 120 الف محتج شاركوا في المسيرات السنوية.

ونظم ملايين الاشخاص مسيرات لاسابيع اواخر العام الماضي ضد اصلاح الرئيس نيكولا ساركوزي لنظام المعاشات ولكن الاصلاح اجيز دون منح تنازلات تذكر.

ولكن شعبية ساركوزي تأثرت بشدة مما ادى الى تقويض فرصه لاعادة انتخابه في انتخابات رئاسية تجري في ابريل نيسان المقبل.

وفي اليونان ايضا شارك عدد اقل في تجمعات عيد العمال ضد اجراءات التقشف بالمقارنة مع السنوات السابقة وتقول النقابات العمالية ان اضرابا تعتزم تنظيمه في وقت لاحق من الشهر الجاري سيعكس بشكل افضل السخط العام على اجراءات التقشف.

وفي تركيا تجمع الاف من النقابيين والنشطين السياسيين اليساريين يوم الاحد في ميدان تقسيم باسطنبول للسنة الثانية من احتفالات عيد العمال.

وحظرت تجمعات عيد العمال في ميدان تقسيم منذ ان وصل الجيش الى السلطة في عام 1980. وحتى العام الماضي كانت الشرطة تمنع الجماعات التي تحاول تنظيم مسيرات الى الميدان في يوم عيد العمال الامر الذي كان يؤدي في الغالب الى وقوع مصادمات.

وكان مسلح مجهول قد اطلق النار على عشرات الاشخاص او دهسهم بسيارة حتى الموت في مظاهرات عيد العمال في ميدان تقسيم عام 1977.

وفي العراق خرج مئات الاشخاص ومن بينهم كثيرون من أعضاء الحزب الشيوعي العراقي في مظاهرة في العاصمة العراقية يوم الاحد للمطالبة بالمزيد من الوظائف والمساواة في حقوق العمل بين الرجال والنساء.

وشهد العراق في الاشهر القليلة الماضية مظاهرات شارك فيها الالاف ممن يستلهمون الانتفاضات الشعبية التي تشهدها دول عربية اخرى لكن المظاهرات العراقية تطالب بتحسين الخدمات الاساسية ووضع حد للفساد.

وسار المتظاهرون وقد حمل كثير منهم الاعلام الحمراء رمز الحزب الشيوعي العراقي في مسيرة سلمية في ميدان الفردوس بوسط بغداد مرددين ان الاول من مايو ايار هو يوم عيد العمال.

وحمل بعضهم لافتات تقول "شرعوا قانونا جديدا للعمل يكون ديمقراطيا وعادلا" ولافتات اخرى تطالب بالحقوق العادلة للعمال.

وما زال العراق بعد ثماني سنوات من الغزو الذي قادته الولايات المتحدة والاطاحة بصدام حسين بطيئا في الوقوف على قدميه مجددا وفي اعادة بناء الاقتصاد الذي دمرته الحروب والعقوبات.

وتقول وزارة التخطيط العراقية ان نحو 23 في المئة من سكان العراق يعيشون تحت خط الفقر. وتصل النسبة الرسمية للبطالة الى 15 في المئة بينما يعمل 28 في المئة من القوة العاملة بدوام جزئي.

الالاف في ميدان التحرير بالقاهرة

كما تظاهر الاف العمال المصريين في ميدان التحرير بوسط القاهرة يوم الاحد للمطالبة بزيادة الحد الادنى لرواتب العمال والبالغ 400 جنيه مصري (67 دولارا) شهريا وبحقوق اخرى.

وكانت المظاهرة اصغر حجما بكثير مقارنة بالاحتجاجات الحاشدة خلال الاشهر القليلة الماضية التي ادت الى الاطاحة بالرئيس حسني مبارك. وكانت الاسباب الاقتصادية من بين الدوافع لهذه الاحتجاجات.

وقال المتظاهرون انهم يطالبون ايضا بتثبيت العمالة المؤقتة وانهم يتظاهرون احتجاجا على قانون جديد يقيد قيام العمال بالاضرابات والاعتصامات والمظاهرات.

وقال المحامي رامي غانم (33 عاما) عضو الجبهة الوطنية للعدالة والديمقراطية التي ساهمت في تنظيم مظاهرة يوم عيد العمال "لم يكن يسمح لنا بالتعبير عن تضامننا مع العمال في ظل مبارك. والان وقد اصبح ذلك ممكنا فعلينا ان نفعله."

وتواجه الحكومة الجديدة التي عينت بعد استقالة مبارك في 11 فبراير شباط صعوبات في التعامل مع التوقعات الكبيرة للعمال في وقت تسببت فيه الفوضى السياسية في هروب السياحة والاستثمارات الاجنبية وهما اثنان من المصادر الرئيسية للدخل في مصر.

ويعتقد كثير من المصريين ان المستوى المعيشي في بلادهم من الممكن ان يتحسن كثيرا باستعادة مئات المليارات من الدولارات التي يعتقدون ان المسؤولين ورجال الاعمال الفاسدين قد استولوا عليها خلال حكم مبارك. بحسب رويترز.

وقال علاء ابراهيم (58 عاما) الذي يملك دار نشر صغيرة "حين اندلعت الثورة كانت بالاساس لاسباب اقتصادية. لكن محللين ماليين يقولون انه سيكون من الصعب تعقب الاموال التي جرى تهريبها الى الخارج.

حركة الاصلاح في المغرب

من جهتها ألقت النقابات العمالية في المغرب بثقلها يوم الاحد وراء مطالب الاصلاح في مواجهة أقدم أسرة حاكمة في العالم العربي ونظمت مظاهرات شارك فيها الالاف في شوارع الدار البيضاء.

وربما تسبب هطول أمطار غزيرة في احجام البعض عن المشاركة في المظاهرات بالعاصمة التجارية للمغرب والتي كانت أعداد المشاركين منخفضة في احتجاجات سابقة بها منذ فبراير شباط والتي اثارت قلق السلطات من احتمال حدوث انتفاضة شعبية على غرار النموذج المصري.

لكن يوم الاحد الذي صادف عيد العمال شهد أول مشاركة لبعض النقابات العمالية المغربية في الاحتجاجات منذ تفجر حركة 20 فبراير شباط التي يقودها الشباب مستلهمة الثورات الشعبية في أجزاء أخرى من العالم العربي.

وشاركت النقابات العمالية رغم تعهد حكومة الملك محمد السادس بزيادة رواتب العاملين بالقطاع العام ورفع الحد الادنى للاجور اعتبارا من أول مايو ايار. وكان هذا أحدث اجراء في سلسلة المنح التي يحاول من خلالها الملك محمد السادس منع امتداد الانتفاضة الشعبية من الدول الاخرى في شمال افريقيا.

واكتسبت الاحتجاجات في تونس والتي أطاحت بالرئيس زين العابدين بن علي في يناير كانون الثاني قوة دفع حين شاركت فيها النقابات العمالية بقوة. بحسب رويترز.

وشكا عامل النسيج المغربي محمد معدور من ان زملاءه سيحصلون فقط على نصف الزيادة الموعودة للحد الادنى للاجر وقدرها 10 في المئة. وقال "لم نفهم لماذا نخص بالتمييز في حين ان صناعة النسيج الاكثر ربحية في البلاد وأكثرها تشغيلا للعمال."

لكن الانقسامات واضحة ويمكن ان تضعف الدعوة للتغيير مع نأي بعض النقابات بنفسها عن اعتصام حركة 20 فبراير في المدينة.

وقال عبد الحق تفنوت من النقابة الوطنية للابناك (المصارف) "نشارك في المسيرات لاننا نريد ان ندفع من أجل برنامج اجتماعي لا علاقة له بالبرنامج السياسي لحركة 20 فبراير."

وأيد نحو 1500 فقط من أعضاء نقابة الاتحاد المغربي للشغل المستقلة وهي أكبر نقابة عمالية في البلاد الاعتصام بشكل صريح. وغابت عنه قيادات النقابة.

ومن بين مطالب المحتجين الحد من النفوذ السياسي للملك والتحرك لمواجهة الكسب غير المشروع وعزل افراد من المقربين من الملك يتهمونهم باساءة استخدام السلطة وممارسات الاعمال.

وعين العاهل المغربي لجنة لاصلاح الدستور لكي يتنازل عن بعض السلطات وتعهد بجعل جهاز القضاء مستقلا وباطلاق سراح المعتقلين السياسيين.

وقال المحتجون انهم لن يتراجعوا بسبب المخاوف الامنية بعد الانفجار الذي وقع في مقهى بمدينة مراكش السياحية يوم الخميس وأسفر عن مقتل 15 شخصا بينهم كثير من السائحين الاجانب.

وقال يوسف ميزي أحد منظمي حركة 20 فبراير "نفهم ان بعض الرموز البارزة في النظام القديم سترغب في استخدام الهجمات لوقف هذه الحركة من اجل التغيير والاصلاح لكنهم لن يستطيعوا ذلك."

ورفع المحتجون لافتات مكتوب عليها "لا للارهاب ونعم للاصلاح" و "ايها المغاربة..التفجيرات مهزلة."

العمال في الأردن

في سياق متصل أفاد تقرير اقتصادي أردني صدر في عمان في مناسبة «عيد العمال»، بأن من أبرز التحديات التي يواجهها العمال في الأردن تدني أجورهم ومنافسة اليد العاملة الوافدة في السوق المحلية، وغياب السياسات الاقتصادية الواضحة، وأن معظم العمال في الأردن يعانون من تدني الأجور.

وأضاف التقرير الذي أصدره مركز «الفينيق للدراسات والبحوث الاقتصادية» (هيئة بحثية مستقلة)، أن «نحو 27 في المئة من العمال تبلغ أجورهم الشهرية 200 دينار (282 دولاراً) أو أقل».

وأوضح التقرير أن «هذه الأرقام تأخذ دلالة أكبر عند الإشارة الى أن خط الفقر المطلق (الغذائي وغيره) للأسرة المعيارية البالغة في الأردن 6 أفراد يبلغ 323 ديناراً أو ما يعادل 456 دولاراً، بمعنى أن الأسرة التي لا تستطيع أن تنفق هذا المبلغ تكون مصنفة ضمن الفقراء، يرافقها حد أدنى للأجور منخفض جداً يبلغ 150 ديناراً شهرياً (211 دولاراً)، ما يشير بوضوح الى أن غالبية العاملين بأجر في الأردن يصنفون ضمن العمال الفقراء».

وتطرق التقرير الى المنافسة التي يواجهها العمال من قبل الأجانب أو الوافدين، محذراً من «غياب التنظيم وضبط الأعداد والأوضاع». وأشار إلى أن «عدد العمالة الوافدة الحاصلة على تصاريح عمل من وزارة العمل بلغ في نهاية عام 2010 نحو 300 ألف عامل، إلى جانب نحو 300 ألف وافد آخر غير مسجلين في الوزارة، يعملون من دون تصاريح ويتركز عمل غالبيتهم في المهن المغلقة والمخصصة للأردنيين، والقطاعات الاقتصادية غير النظامية أو يعانون من البطالة الموقتة ويبحثون عن فرص عمل». بحسب يونايتد برس.

ونقل التقرير عن مدير مركز «الفينيق» أحمد عوض قوله: «هناك الكثير من التحديات التي تواجه العمال في الأردن، منها غياب سياسات عمل واضحة ومحددة، ما أدى الى تباين الإجراءات المتعلقة بسوق العمل بين الحكومات الأردنية المتعاقبة، خصوصاً أن ذلك ترافق مع ظاهرة قصر عمر الحكومات، واعتياد المسؤولين تحميل الأزمات الاقتصادية العالمية والظروف الخارجية، المسؤولية في المشكلات التي نعاني منها».

وجاء في التقرير أن «السياسات الاقتصادية في الأردن اتسمت بالانتقائية، وأضرت بالعامل الأردني وزادت من معاناته، إذ تم تحرير الأسعار، ما أدى إلى ارتفاع كبير في أسعار السلع والخدمات».

وتابع: «تم تنفيذ سياسات ضريبية غير عادلة، إذ فرضت الضريبة العامة على المبيعات بنسب عالية تتراوح بين 16 في المئة و 20، في حين لا تزيد حصيلة ضريبة الدخل على 4 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي بسبب ضعف أساليب التحصيل والتهرب الضريبي، إلى جانب أنها تقوم على أسس غير تصاعدية. ما أدى إلى زيادة العبء الضريبي إلى مستويات مرتفعة بلغت 21 في المئة عام 2010». وتابع: «كما أنها أدت إلى اتساع رقعة الفقراء». وأشار إلى أن «سياسات تحرير التجارة الخارجية أدت إلى تدمير الكثير من القطاعات الاقتصادية وتسريح العاملين فيها».

ولفت الى أن «هناك قطاعات واسعة جداً من العاملين تتعرض لانتهاكات شديدة، وما زالت أجور عشرات الآلاف تقل عن الحد الأدنى للأجور، ونسبة كبيرة منهم لا تتمتع بأي شكل من أشكال التأمينات الاجتماعية والصحية، ويعملون لساعات طويلة تزيد عما هو مقرر في قانون العمل أي 8 ساعات، ويفتقرون إلى أبسط شروط الصحة والسلامة المهنية، إضافة الى عدم حصولهم على الإجازات الرسمية والسنوية والمرضية».

العمال في الجزائر

اما في الجزائر فقد سمحت هذه التحولات العميقة التي تشهدها بإعادة بعث المئات من المؤسسات الاقتصادية التي دفعت ظروف الازمة الاقتصادية والامنية في الجزائر التي حدثت في التسعينات الى غلقها وتسريح عمالها.

واسترجع الالاف من العمال الجزائريين مناصبهم بفعل سياسة تشجيع خلق المؤسسات الصغيرة والمتوسطة التي انتهجتها الحكومة الجزائرية وتيسيرها الحصول على القروض الاستثمارية من البنوك ومنح الاولوية في صفقات انجاز المشاريع البنى التحتية للمؤسسات الاقتصادية الجزائرية.

وبحسب تقرير لوزارة العمل الجزائرية فإن هذه السياسة ادت ايضا الى خلق فرص عمل وخفض نسبة البطالة الى ادنى مستويات لها منذ 30 عاما في البلاد اذ انخفضت من 30 في المئة في عام 1999 الى 10 في المئة في نهاية 2010.

وحقق العمال الجزائريون خلال هذه السنة جملة من المكاسب والانجازات التي تتعلق بزيادة الرواتب وسن قوانين خاصة تتيح الزيادة التدريجية للاجور والترقية والتدريب ابرزها في قطاع التربية والصحة والادارة والتوظيف العمومي والالاف من عمال المؤسسات الاقتصادية والتجارية الحكومية.

وبلغت الزيادات في اجور العاملين في القطاعات السابقة من 20 في المئة الى 40 في المئة بالاضافة الى تعديل سلم المنح والتعويضات ومنح المرأة الماكثة في المنزل والضمان الاجتماعي. بحسب وكالة الانباء الكويتية.

وشملت الزيادات كذلك العاملين في سلك الشرطة والامن والدفاع المدني والعاملين تحت النظام الشبه عسكري.

وعلى الرغم من هذه المكاسب فان الجزائر لاتزال تشهد منذ اشهر مضت سلسلة من الاضرابات والاحتجاجات العمالية في مختلف القطاعات للمطالبة بزيادة الرواتب وتحسين الظروف المهنية والاجتماعية ورفع مستوى القدرة الشرائية.

ويأتي قطاع التربية على رأس القطاعات التي نفذت الاضرابات في الاونة الاخيرة كما هددت نقابات مستقلة بخوض اضراب عام بدءا من يوم غد الاثنين للمطالبة بتحسين اوضاع المعلمين في مختلف المراحل الدراسية.

يليه بعد ذلك قطاع الصحة الذي يطالب فيه الاطباء والموظفون في المستشفيات والمراكز الصحية بزيادة اضافية لرواتبهم ومراجعة سلم منح العمل في الفترات الليلية ومنح العدوى وغيرها.

وفي سياق اخر تتيح السلطات الجزائرية منذ عام 1989 حرية العمل للنقابات المستقلة اذ يتكون المشهد النقابي في الجزائر من (الاتحاد العام للعمال الجزائريين) الذي يعد اكبر النقابات في البلاد وتقابله مجموعة من النقابات المستقلة التي تعمل في قطاعات متعددة.

وبعد فترة من احتكار التمثيل النقابي للعمال من قبل (الاتحاد العام للعمال الجزائريين) تمكنت نقابات مستقلة من السيطرة على قطاعات حساسة في البلاد كالتربية والمعلمين والصحة والادارة والاطباء والطيارين والاسطول التجاري وغيرها اضافة الى المؤسسات الاقتصادية.

وتطالب هذه النقابات بإشراكها في المفاوضات السنوية حول الاجور والمطالب الاجتماعية المهنية للعمال التي تجريها الحكومة مع اتحاد العمال وتكتل رجال الاعمال والمؤسسات الخاصة.

إندونيسيا

الى ذلك شهدت العاصمة الإندونيسية جاكرتا مصادمات بين قوات الأمن ومئات العمال، الذين خرجوا في مظاهرات حاشدة الأحد، الذي يصادف الاحتفال بعيد العمال، للمطالبة بتحسين الأجور، وتوفير المزيد من فرص العمل.

واندفع العمال المتظاهرون نحو القصر الرئاسي، وأشعلوا النار في عدد من إطارات السيارات، وهم يرددون الشعارات الداعية إلى تنحي الرئيس الإندونيسي، سوسيلو بامبانغ يودهويونو، ونائبه بوديونو.

وقالت الجهة المنظمة للمسيرة إن قرابة 50 ألف عامل من 66 نقابة عمالية مختلفة، سوف ينضمون للمشاركة في الاحتجاجات، غير أنه لم يتضح الحجم الفعلي للمشاركين. بحسب السي ان ان.

ونقلت السلطات الأمنية إن زهاء 7 آلاف رجل أمن نشروا في شوارع العاصمة تحسباً للمسيرات. ويطالب المحتجون برفع الحد الأدنى للأجور، ووضع حد للاستعانة بمصادر خارجية من قبل الشركات، والحقوق النقابية، وتنفيذ نظام ضمان اجتماعي، أجازه البرلمان، لجميع الإندونيسيين.

يُشار إلى أن الحكومة الإندونيسية لا تفرض قانوناً يحدد الحد أدنى للأجور، وتعمل كل حكومة إقليمية على تحديد ذلك في المناطق والمحافظات الخاضعة لها.

تركيا تحتفل وسط اجراءات أمنية مشددة

في حين شهدت مدينة اسطنبول التركية اليوم احتفالا كبيرا بعيد العمال العالمي الذي يصادف الأول من مايو من كل عام دون وقوع اعمال شغب وفوضى.

وذكرت وكالة أنباء الأناضول التركية أن أكثر من ميلون تركي تدفقوا منذ ساعات الصباح الباكر الى ميدان تقسيم وسط اسطنبول للاحتفال بعيد العمال العالمي مضيفة أن ما يقارب 39 ألف و500 رجل شرطي يجوبون المنطقة للحفاظ على الأمن تحسبا لأي أعمال فوضى وشغب.

ويرتبط اليوم الأول من مايو من كل عام في ذاكرة الشعب التركي بأحداث العنف والاضطرابات الدموية التي تعم المناطق والمدن وبصفة خاصة مدينة اسطنبول لذا فان الأتراك اطلقوا عليه تعبير يوم (الدم) أو (القتل). بحسب وكالة الانباء الكويتية.

وكان الأول من مايو مدرجا على لائحة الأعياد الوطنية في تركيا بين عامي 1935 و1980 تحت اسم (عيد الربيع ومهرجان الزهور) للتمويه وتجنب المعنى الطبقي الذي تكتسبه المناسبة العالمية حتى جاء يوم ال 12 سبتمبر من عام 1980 بعد انقلاب العسكر بقيادة قائد الجيش كنعان آفرين فألغي العيد الا ان البرلمان التركي وافق العام الماضي على ادراج هذا اليوم لائحة الأعياد الوطنية في تركيا.

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 3/آيار/2011 - 30/جمادى الاولى/1432

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1432هـ  /  1999- 2011م