
شبكة النبأ: تباينت التحليليات
السياسية حول مواقف ايران ازاء الثورات العربية التي حدثت مؤخرا، وذلك
تبعا للإجراءات التي اتخذتها طهران ازاء ما حدث، فهناك من وجد ان
الانتفاضات الديمقراطية اجهضت آمالها في التدخل وتعزيز نفوذها في
المستقبل، وآخرون يجدون انها تترقب بعين لا تخلو الابتهاج مصير بعض
مناوؤيها في المنطقة، ومما لا يقبل الشك ان ما حدث حيد الانظار عن
طبيعة الصراع القائم حول برنامجها النووي.
فعلى الرغم من مواقفها المعلنة عن انتصارها للانتفاضات التي حدثت،
رصد العديد من المراقبين مواقف ايرانية تفند ما تعلنه، خصوصا على
الصعيد العملي، حيث يرى المراقبون ان ما يحدث يمثل تهديدا مباشرا في
الوقت ذاته للسلطات الايرانية، خصوصا انها تعاني من اضطرابات شبيهة من
اكثر من عام عقب الانتخابات الرئاسية الاخيرة.
تحفظ إيران
فعندما نزل الشيعة المحتجون الى شوارع البحرين قبل نحو ثلاثة أسابيع،
راقب المسؤولون الأمريكيون ومعهم أيضاً نظراؤهم في الشرق الأوسط تطور
الأوضاع بقلق لمعرفة كيف ستتدخل إيران فيها وما الدور الذي ستلعبه.
غير أن ما حدث فاجأ الجميع، إذ لم يقم أي رجل دين من إيران بزيارة
البحرين للإعراب عن شجبه لحكام البلاد السنّة، ولم يستغل المسؤولون
الإيرانيون ما حدث لإثارة مشاعر الغضب المناوئة للحكومة في الأحياء
الشيعية البحرينية بل وحتى المواقع الالكترونية، التي يسيطر عليها رجال
الدين الإيرانيون في الانترنت، كانت منضبطة على نحو غير عادي.
الحقيقة أن هذا الرد الصامت يتفق مع نهج أثار انتباه الخبراء ومحللي
الاستخبارات الغربيين منذ أن بدأت موجة الاضطرابات في الشرق الأوسط في
ديسمبر الماضي.
فإيران التي اعتادت العمل لتأكيد نفوذها في دول الخليج العربية
المجاورة لها اكتفت هذه المرة باتخاذ نهج متحفظ بدرجة كبيرة لاعتقادها
على ما يبدو أنها سوف تكسب ببساطة إذا لم تفعل أي شيء.
حول هذا، يقول مسؤول استخباراتي أمريكي سابق يتشاور مع الحكومات
العربية حول مسائل الأمن الداخلي: ترى إيران أن كل شيء بدءاً من دول
الخليج الى لبنان يسير بطريقة ملائمة لها، ولذا قرر الإيرانيون كبح
أنفسهم هذه المرة وعدم الاندفاع.
ويقول العديد من الدبلوماسيين ورجال الاستخبارات إن سياسة ضبط النفس
هذه تعكس ثقة متزايدة لدى إيران بالمنطقة.
فمن يناير الماضي رأت جمهورية إيران الإسلامية نظام الرئيس حسني
مبارك، الذي هو أكبر منافسيها الإقليميين، يتهاوى أمام احتجاجات
الجماهير في شوارع القاهرة وبقية المدن المصرية.
وفي الوقت الذي تمكن فيه حزب الله الذي تسانده إيران من تعزيز قبضته
على لبنان، تنشغل المملكة العربية السعودية التي هي أيضاً متراس إقليمي
آخر أمام التوسع الإيراني، بانتفاضات في جوارها في اليمن، عمان
والبحرين.
ولاشك أن فقدان أمريكا لحلفائها بهذه الطريقة من شأنه أن يؤثر في
هيبتها ويضعف نفوذها في المنطقة. لذا يتوقع مسؤولو الاستخبارات
والدبلوماسيون ان تكون الحكومات الجديدة في المنطقة أقل تأييداً الآن
للجهود الأمريكية الهادفة لعزل إيران سياسياً. من هنا من الضروري أن
تعيد إدارة أوباما الآن النظر في استراتيجيتها التي اعتمدت فيها على
حلفاء شرق أوسطيين لإيجاد توازن مع قوات طهران التقليدية ومنعها من
الالتفاف على قرار العقوبات الاقتصادية والإفلات من تطبيقه.
يقول روبرت باير ضابط الاستخبارات المركزية الأمريكية في الشرق
الأوسط سابقاً ومؤلف كتاب «الشيطان الذي تعرفه» ويتحدث فيه حول صعود
إيران كقوة إقليمية: من الواضح أن إيران ترتقي من خلال عثرات الآخرين
وهي الآن تنظر الى نفوذ الولايات المتحدة في الشرق الأوسط وتشعر أنه
بدأ يضعف بسبب ضعف حلفائها بل وربما رحيلهم عن المسرح بالكامل.
غير أن هذه المكاسب الجيوبولوتيكية التي حصدتها إيران الآن قد تكون
مؤقتة، طبقاً لما يقوله العديد من المسؤولين الأمريكيين والخبراء
الإقليميين. فعلى الرغم من فوزها في هذه الجولة على خصومها كما يبدو،
إلا أن استمرارها في اضطهاد المنشقين الإيرانيين ومجموعات المعارضة لطخّ
صورتها في عيون الملايين من العرب الذين يؤيدون الإصلاحات الديموقراطية
في بلدانهم ويتطلعون للعيش بحرية.
مصر الديموقراطية تقوض طموحات ايران
الى ذلك قال تقرير صادر عن معهد كارنيغي للبحوث في واشنطن «إن رد
فعل إيران على الصحوة العربية وثورات المجمعات يعكس انه في قلب
الاستراتيجيا الإيرانية للشرق الأوسط يوجد ازدراء مستتر للذكاء
والاستقلال والازدهار العربي» موضحاً «ان التحرك الذي يرى فيه شبان
إيرانيون كثر معركة مألوفة من اجل العدالة والكرامة الاقتصادية والتحرر
من الديكتاتورية، يدأب المسؤولون الإيرانيون على تصويره بأنه محاولة
عربية متأخرة لمحاكاة الثورة الإسلامية والانضمام الى طهران في معركتها
ضد أمريكا وإسرائيل».
واعتبر التقرير الذي كتبه المحلل الأمريكي من اصول إيرانية كريم
سادغابور» ان اوهام النظام الإيراني تعود في جزء منها الى هوة الأجيال»
اذ «ان النخبة الحاكمة في طهران لاتزال تتمسك بالايديولوجيا القديمة
للخميني» متجاهلة «ان الطفرة الديمغرافية في الشرق الأوسط ادت الى ظهور
جيل من الشباب العرب والإيرانيين الذي يربطون الخضوع والظلم لا بالقوى
الغربية، بل بأنظمة بلدانهم وحكوماته القمعية «مستنتجاً» ان طهران
استفادت حتى الآن من الاستياتيكو العربي: شعوب محبطة تحكمها أنظمة
عاجزة».
وأوضح التقرير «ان إيران توحي بأنها تتبنى قضايا المحرومين
والمضطهدين في المنطقة، إلا نها في الواقع تبتعد عن الفئات التي تتحرك
صعودا» وقال «إن استراتيجيتها تعتمد في محاولة هيمنتها على الشرق
الأوسط على ركيزتي النفط واثارة العداء بين شعوبه» مشيرا «ان طهران
تستخدم الاموال لتمويل المتشددين من خالد مشعل في سورية وحسن نصر الله
في لبنان الى مقتدى الصدر في العراق وغيرهم، وهم كلهم يستمدون زخمهم من
الإذلال الشعبي».
ورفض التقرير فكرة ان سقوط الانظمة العربية الاستبدادية يمثل ضربة
لواشنطن وهدية لطهران، واصفا اياه بـ«قصيرة النظر» وقال «إن العلاقة
بين مصر وإيران ستتحسن بالتأكيد، الا ان المنافسة بينهما ستشتد في
الغالب» مشيرا الى «ان صعود إيران خلال العقد المنصرم يعود الى تراجع
القاهرة وبالتالي فإن عودة مصر كدولة ديموقراطية سيقوض الطموحات
الإيرانية بأن تكون في طليعة الشرق الأوسط العربي ذي الغالبية السنية»
وقال «اذا نجحت مصر في خلق نموذج ديموقراطي يجمع بين التسامح السياسي
والازدهار الاقتصادي والدبلوماسية الذكية فإنها ستفضح النموذج الإيراني
اللامتسامح والضيق اقتصادياً» وقال «إن جماعة إيران في العالم العربي
سيجدون انفسهم في وضع حرج، كونهم يتلقون الدعم والأموال من سيد يقمع
العدل بهمجية في الداخل».
وخلص التقرير الى ان الانتفاضات العربية ستترك تأثيراتها البالغة
على إيران وقال «لطالما وجد انصار الديموقراطية في إيران عزاء في
الاعتقاد بأنهم متقدمون على جيرانهم العرب، وهم الآن سيواجهون تحدي
المعاناة التي يتسبب بها الحكم الإسلامي على خلفية الطابع العلماني
للثورتين المصرية والتونسية الذي سيخدش الكبرياء الإيرانية» وقال «كشفت
الثورات العربية ان الايديولوجية الإيرانية لم تفلس في الداخل فقط
وخسرت ايضا حرب الأفكار مع جيرانها العرب».
حولت أنظار العالم
من جانب آخر أدت موجة الاضطرابات التي تجتاح العالم العربي الى
تحويل أنظار العالم عن إيران التي ظلت طويلا تتصدر أولويات واشنطن في
سياستها تجاه الشرق الأوسط.
غير أن الشكوك لم تزل قائمة لدى بعض صانعي السياسة من أن الأحداث في
أماكن أخرى ليست غير وسيلة إلهاء عن "اللعبة الكبرى" في المنطقة
المتمثلة في الصراع بين إيران والولايات المتحدة، كما يشير روبرت تايت
مراسل إذاعة أوروبا الحرة في هذا التقرير:
بعد أن كانت إيران أكثر اللاعبين ظهورا في منطقة الشرق الأوسط تبدو
الآن هادئة وتكاد تكون منسية. ولكن بعد مضي ثلاثة أشهر على ما بات يوصف
بـ"الصحوة العربية" ما زالت إيران غير العربية تعتبر معضلة كبيرة أمام
صانعي السياسة في واشنطن.
ويعتبر البعض التطورات الحالية بأنها لا تتجاوز كونها فترة هدوء
مؤقت في الصراع طويل الأمد بين الولايات المتحدة والنظام الإسلامي، وهو
تفسير يشترك فيه كبار المسئولين في طهران على ما يبدو.
ويقول Trita Parsi رئيس المجلس الإيراني الأميركي في واشنطن إن
الانشغال يبدو واضحا في الأحاديث مع المسؤولين الأميركيين وفي قرارات
الإدارة المترددة حول ما اذا كانت ستدعم الاحتجاجات الشعبية التي أسفرت
في نهاية الأمر عن إطاحة الرئيس المصري حسني مبارك.
ويوضح Trita Parsi "من خلال حواراتي مع مسؤولي الإدارة حول ما يجري
في المنطقة كان من الواضح جدا الإطار الذي ينظرون من خلاله إلى ما يجري
يتمثل في: "كيف سيؤثر ذلك على المنافسة بين الولايات المتحدة وإيران؟"
فمن خلال النظر إلى ما كان يحدث في مصر، كان التساؤل الحقيقي يدور حول
ما هو الأفضل للشعب المصري أو للديمقراطية، بل كيف ستتأثر المنافسة
الجغرافية السياسية بين إيران والولايات المتحدة؟ وهل سيكون من شأن
القرارات الأميركية أو أي من التطورات أن تقوض موقف إيران في المنطقة؟"
أما الذي يعزز ذلك التوجه فهو الإحساس العام من أن الاضطرابات تخدم
مصلحة إيران، وتقول Suzanne Maloney الزميل الأقدم لدى مركز سابان
لسياسات الشرق الأوسط بمؤسسة Brookings إن حالات التمرد تخدم ميول
النظام الإسلامي نحو نشر واستغلال الخلافات، وتوضح قولها:
"أعتقد أن إيران هي المستفيد من معظم ما يجري في المنطقة، إذ وضع
العديد من خصوم إيران في وضع دفاعي، وأجبر واشنطن على إعادة تقييم بعض
السياسات وعلى التعامل مع قادة ونافذين جدد، وكل ذلك يعتبر وضعا
إيجابيا حقيقيا لكون الجمهورية الإسلامية لديها ميول طبيعية في اتجاه
الغليان وانعدام الاستقرار، وهي ليست بحاجة إلى وجود أنظمة حكم مطابقة
لما طورته لنفسها. كل ما يحتاجونه هو إزالة بعض خصومهم القدامى من
السلطة، وهم بحاجة إلى فرص تنمية حلفاء جدد".
ان الاضطرابات في البحرين، حيث تم أخيرا نشر قوات سعودية لمساعدة
النظام الملكي السني الذي تدعمه الولايات المتحدة في قمع ثورة الأغلبية
الشيعية في البلاد، تبدو انعكاسا مصغرا للشبح الإيراني. ولقد قامت
وسائل الإعلام الإيرانية الحكومية بتغطية واسعة لتلك الأحداث، نتيجة
وقوف الإيرانيين إلى جانب أقرانهم الشيعة، وهو وضع مغاير للأحداث
الدموية في سورية، الحليف المقرب لطهران، التي لا تنال أي اهتمام يذكر.
ولقد وجه مسؤولون إيرانيون، ومن بينهم الرئيس محمود أحمدي نجاد،
انتقادات مريرة إلى التدخل السعودي في البحرين، مع توقع بعضهم الانهيار
الوشيك للسلالة السعودية التي يدعمها الغرب.
ولقد وصفت مؤسسة Stratfor، في موقعها على الانترنت، الاضطرابات في
البحرين بأنها المركز لصراع أوسع وذي أهمية إستراتيجية أكبر بالمقارنة
مع أحداث ليبيا أو في غيرها من دول شمال أفريقيا، قائلة بلسان مديرها
التنفيذي George Friedman: ان "البحرين هي المحور في الصراع بين
السعودية وإيران من أجل السيطرة على الساحل الغربي للخليج" وأضاف أن
هدف طهران "هو جعل إيران القوة المهيمنة في الخليج".
ويقول Scott Lucas مدير موقع EA World View والمحلل في الشأن
الإيراني بجامعة Birmingham البريطانية ان "الولايات المتحدة تطبق
إستراتيجية قديمة نسبيا من خلال الارتباط مع رجال النخبة في المنطقة في
أوضاع جديدة، ولا أعتقد أنهم قد تدارسوا التداعيات. إنها معركة غير
متوازنة، فالشرعية السياسية هي التي تهم الناس، وليس الصراع الأميركي ـ
الإيراني. لذا وفي حال ظهورك وأنت تسعى إلى فرض المسألة الإيرانية فإنك
تخاطر باجتذاب رد فعل عكسي".
ويقول Lucas إن التوجه الإيراني مدفوع بغايات دعائية نابعة من
الحاجة إلى لفت أنظار الشعب الإيراني المستاء والذي ما زال متأثرا
بإعادة انتخاب أحمدي نجاد بتلك الطريقة المثيرة للجدل في 2009. أما
سياسة الولايات المتحدة، في المقابل، فتتم صياغتها عبر "توجهات خاطئة"
حول قوة إيران دون النظر إلى حالة الضعف الداخلي في البلاد:
وأضاف "الذي كان علينا أن نتعلمه مما حدث في مصر هو أن الطريقة
القديمة في اعتبار هذه الأوضاع "لعبة كبرى"، والدول مجرد بيادق في "اللعبة
الكبرى"، يتجاهل تماما الاعتبارات الداخلية في إيران، ذلك البلد
المبتلى بشؤون داخلية خطيرة. كل ما تفعله حين تعكس هذه اللعبة مع إيران
على الشرق الأوسط. لقد ارتكبت الولايات المتحدة ذلك الخطأ في 2009 حين
اختارت التركيز على العنصر النووي في تعاملها مع إيران، لتفوت على
نفسها الانتباه إلى ما كان يجري، وها هي ترتكب الخطأ ذاته في 2011."
ويعتبر Parsi أن التركيز الضيق على سياسة "واشنطن ضد طهران"
التقليدية تحجب ظهور الصراعات الجديدة في المنطقة، ويضيف "الضعف الكامن
في جميع هذه الإطارات هو أنها ربما ليست قادرة على استيعاب التطورات
الجديدة تماما وغير المتوقعة. صحيح أن المنافسة بين إيران والولايات
المتحدة لم تزل قائمة، لكنها ليست المنافسة الوحيدة، فهناك تطورات
جديدة في المنطقة، والتساؤل الرئيسي يدور حول كيفية تبدل الصورة في
المنطقة نتيجة العلاقات بين مصر وتركيا وإيران".
منعا لتدخل ايران
من جهته رأى وزير الدفاع الاميركي روبرت غيتس انه ينبغي على البحرين
اجراء اصلاحات سياسية هامة سريعة لوضع حد لاي تدخل ايراني. وقال غيتس
للصحافيين في طائرته العسكرية بعد زيارته للمنامة انه رغم عدم وجود أي
اشارة على تورط ايران في التحركات الاحتجاجية التي انطلقت في الرابع
عشر من شباط/فبراير، الا ان ايران قد تتدخل في الوضع السياسي في
البحرين بسبب الانقسام المذهبي بين الغالبية الشيعية والاسرة الحاكمة
السنية.
وتحدث غيتس عن لقائه مع كل من الملك حمد بن عيسى ال خليفة وولي
العهد الامير سلمان بن حمد ال خليفة قائلا "اعلنت أننا لا نملك أي دليل
على تدخل ايران في أي من الثورات الشعبية او التظاهرات في المنطقة، لكن
هناك ادلة ملموسة تشير الى أن طول أمد الازمة، لا سيما في البحرين،
سيدفع الايرانيين الى البحث عن وسائل لاستغلالها وخلق المشاكل". وقال
للقادة البحرينيين "الوقت ليس في صالحكم".
وكان غيتس وصل الى المنامة لحث القادة البحرينيين على السير في طريق
الاصلاحات السياسية، داعيا قادة البلاد الى اتخاذ "اجراءات واسعة
النطاق" تستجيب لمطالب المتظاهرين.
تقود السعودية إلى الهاوية
فيما اتهم أحد أفراد الأسرة الحاكمة في السعودية ايران بأنها تريد
ان تقود المملكة «الى الهاوية»، كما فعل حزب الله في لبنان، وكما فعلت
هي في العراق واليمن والبحرين. وقال خالد بن طلال، في تصريح خاص لموقع
«لجينيات»، «كان دائمًا هناك من وراء الكواليس شك بأن ايران من وراء ما
يحدث».
وأوضح الأمير خالد «أقول الرافضة والمعممين لأن الشعب أو المواطن
السعودي الذي ينتمي الى المذهب الشيعي لا أقول أنه رافضي، فأريد ان
أفرق بين هذا وهذا».
وأضاف «الشك بدأ يتأكد بل يكون يقينا ان هؤلاء (الايرانيون) هم وراء
من يثيرون الفتنة، ومن يحرضون، ومن يريدون ان يقودوا هذه البلاد (السعودية)
الى الهاوية، كما فعل حزب الله في لبنان، وكما فعلوا (الايرانيون) في
العراق من خراب وانتهاك للأعراض وتفجيرات، وكما فعلوا في اليمن مع
الحرب الحوثية، وآخرها ما حصل في البحرين»، في اشارة الى تظاهرات
المعارضة، الشيعية في غالبيتها، في المنامة.
وأشار الى ما حصل قبل ذلك «عدة مرات في المملكة العربية السعودية
ومنها البقيع (في المدينة المنورة غرب)، ثم ما حصل من قريب في الاحساء
شرق المملكة».
وأوضح خالد في مستهل حديثه أنه يتحدث كـ«أحد أبناء ولاة الأمر (الاسرة
السعودية) وأحد أبناء العلماء، وأحد مواطني هذا الشعب السعودي»، مشيرا
الى ان حديثه «يكتسب المصداقية والصراحة كما هي عادته دائما».
ولفت الى تصريح «أحد الخونة في الخارج»، في اشارة الى المعارض
السعودي في لندن سعد الفقية، «والذي قال ان الموضوع غير طائفي»، حيث
أشار الأمير خالد الى أنها «محاولة لابعاد الطائفية» عن التحركات في
المملكة، متسائلا «فما مصلحته من ذلك؟».
وأضاف «أن مصلحته من ذلك أنه يريد الفتنة بين أهل السنة في المملكة،
وبهذا القول كلمة حق أراد بها باطل، والله أعماه وكشف نفسه بنفسه».
معجزة التقارب مع السعودية
من جانبه وصف وزير الخارجية الإيرانية علي أكبر صالحي ما يجري في
المنطقة بأنه 'يشبه المعجزة'، وقال ان التقارب مع السعودية من بين
أولويات سياسة بلاده.
وقال صالحي في مقابلة مع صحيفة 'الأخبار' اللبنانية نشرتها ان
الحوادث الراهنة في المنطقة 'بلا شك، ستؤثر بإيجابية.. لكن هل كنا
نتوقع تطورات كهذه؟ في الحقيقة، لم يكن أحد منا يتصور شيئاً كهذا،
وبتقديري ان ما حصل يشبه المعجزة'.
وأضاف 'هناك محاولات للإيحاء بأن ذلك كان مدبراً من دول كبرى، لكن
هذا كله كلام بلا قيمة. ما جرى حدث جذري. الشعوب في المنطقة تبحث عن
تقرير مصيرها. تريد استرجاع كرامتها، وإزالة الديكتاتوريات وما إلى ذلك'.
وقال صالحي 'أرى المستقبل جيداً، على الرغم من ضغوط الغرب، وخصوصاً
الامريكيين الذين يريدون أن يدخلوا في هذه الموجة من الحركات الشعبية
ويصوروا أنفسهم على أنهم مع الشعوب، مع العلم بأن المرء يجب أن يسأل
نفسه أن هؤلاء الحكام الذين سقطوا للتو، مَن كان يدعمهم، ومن كان
يساعدهم في الحكم، الجميع يعرفون أن الامريكيين هم الوحيدون الذين
كانوا يساعدون الحكام'.
وحول ما يجري في مصر قال 'قراءتي أن مصر بعد حسني مبارك ستكون أفضل
بكثير.. لكن يجب أن نكون براغماتيين، واقعيين. يجب ألا نبحث عن صورة
مثالية للبلد. الحراك المصري محكوم بضوابط وقيود. المطلوب التوازن. لا
ننتظر أن تصبح مصر حليفاً لإيران ومعادية لأمريكا وما إلى ذلك بين ليلة
وضحاها'.
واعتبر صالحي ان التطورات في المنطقة 'ليست في مصلحة إسرائيل'. وردا
على سؤال ماذا كان سيحصل ما لو تعرضت البحرية الإسرائيلية للبارجتين
الإيرانيتين خلال وجودهما في البحر المتوسط اثر عبورهما قناة السويس
الى سورية أجاب' كارثة. هم يعرفون. الإسرائيلي يعرف جيداً مدى مقدرة
إيران وقوتها. لو كانوا يشعرون بأن إيران غير قوية وغير قادرة على أن
تدافع عن نفسها لدخلوا إيران منذ وقت طويل'.
من جهة أخرى قال صالحي أن التقارب مع السعودية من ضمن أولويات
السياسة الإيرانية. وأضاف 'السعودية لها مكانتها الخاصة في المنطقة
ولها ثقلها الاقتصادي والاستراتيجي في المنطقة والعالم الإسلامي
والعالم ككل'.
ورأى ان 'التقارب بين السعودية وإيران سيكون في مصلحة المنطقة
ومصلحة أمنها واستقرارها وفي مصلحة العالم الإسلامي، وحتى يمكن القول
في مصلحة العالم كله'.
وأشار الى ان هناك دعوة له لزيارة السعودية 'وسنلبيها إذا أمكن في
المستقبل القريب'. كما لفت الى انه إذا وجهت له دعوة لزيارة مصر
سيلبيها 'بعد تأليف الحكومة المصرية'. وقال 'إنني على استعداد كامل
لزيارة مصر في أقرب وقت، لتهنئة السيد عصام شرف (رئيس الوزراء) على
توليه منصبه الجديد'. وأعرب عن اعتقاده بتحسن العلاقات المصرية
الإيرانية وقال 'هذا تحصيل حاصل. لم تكن هناك أي عوائق سوى السيد حسني
مبارك الذي ذهب'. |