
شبكة النبأ: تمر العلاقات الأمريكية
السعودية بأزمة؛ فالملك عبد الله يعتقد أن حب إدارة أوباما للحريات
العالمية هو سذاجة ولا يناسب الدول الخليجية المحافظة مثل السعودية
والبحرين، في الوقت الذي تشكل فيه إيران التهديد الأكبر كما يراها.
ولكن واشنطن مستاءة مما أشيع عن عرضٍ قدمه العاهل السعودي لمساعدة مصر
مادياً لو كان حسني مبارك قد قرر التشبث بالسلطة.
وثمة أيضاً عامل النفط: فمع ارتفاع أسعار البنزين الأمريكي، ورغم
وعود الرياض بتعويض مبيعات الغاز والنفط الليبية المفقودة إلا أن
السعوديين "قد خنقوا الإنتاج في منتصف آذار/مارس" وفقاً لـ "وكالة
الطاقة الدولية".
ولذا فعندما جلس مستشار الأمن القومي الأمريكي توم دونيلون مع
العاهل السعودي المُسن في 12 نيسان/أبريل لإجراء مباحثات، كما أفادت "وكالة
الأنباء السعودية" باقتضاب، كان هناك بالفعل "عدد من القضايا ذات
الاهتمام المشترك" لاستعراضها في الاجتماع. وفي حين كان الملك عبد الله
ودياً في البداية تجاه الرئيس الأمريكي باراك أوباما المنتخب حديثاً --
الذي استجاب بالمقابل باحترام كمجاملة على ما يبدو -- يشعر العاهل
السعودي بأن البيت الأبيض قد خذله في كل شيء تقريباً بدءاً من عملية
السلام الإسرائيلية الفلسطينية إلى إيران، وخاصة إيران.
يقول سايمون هندرسون في تحليله المنشور مؤخرا معهد واشنطن لسياسة
الشرق الأدنى، لقد كان اجتماع دونيلون مهماً على وجه الخصوص بسبب ما
قيل عن مشاركة الأمير بندر بن سلطان، الذي كان ذات مرة سفير السعودية
في واشنطن ويشغل الآن منصب الأمين العام لـ "مجلس الأمن الوطني السعودي"،
إلا أنه نادراً ما يُرى في الملأ.
ويتابع، لسنوات عديدة، خاصة عندما كان الأمير بندر مبعوثاً إلى
الولايات المتحدة، لم يثق به الملك عبد الله. فهناك الكثير جداً من
القصص الساخرة التي أشاعها الأمير بندر في العاصمة الأمريكية عن العاهل
السعودي، الذي كان ولياً للعهد في ذلك الحين، قد تم نقلها إلى المملكة.
ولكن كانت للأمير بندر، وربما ما تزال لديه مواهب سياسية ودبلوماسية
يحتاج إليها الملك عبد الله، وخاصة الآن.
ويشير، في تشرين الأول/أكتوبر 2010، كتبتُ مقالة في "فورين بوليسي"
عنوانها "عودة الأمير بندر" تحدثت فيها عن عودة بن سلطان إلى بلاده؛
فقد كان بندر قد ظهر مجدداً بعد اختفاء غامض عن عناوين الأخبار دام
عامين. ورغم أن هذا صحيح في الحقيقة، ولكن من ناحية أخرى كان سابقاً
لأوانه بعض الشئ لأن الأمير المُسرف قد اختفى ثانية عن الرؤية لعدة
أشهر. بيد، عاود الأمير إلى الظهور مرة أخرى في الأسابيع القليلة
الماضية، حيث أُرسل في مهام رفيعة المستوى إلى باكستان والهند والصين.
ويرى سايمون، إن ما يعنيه هذا بصورة كليةً بعيداً عن الوضوح، لكن
ستكون هناك تكهنات حول مستقبل السفير السعودي الحالي في واشنطن عادل
الجبير. فهل يمكن أن يحدث تكرار للأسابيع القليلة الأولى من فترة تولي
الأمير تركي الفيصل منصب سفير السعودية في الولايات المتحدة بين عامي
2005 و 2006، عندما عمل الملك عبد الله بأن يعلم البيت الأبيض بأن
مبعوثه الرسمي لم يعد يمثل المحاور المختار الذي يعكس آراء العاهل
السعودي في واشنطن؟
ويضيف، لم تكن خطيئة الأمير تركي واضحة، لكن يبدو أنه كان قد كتب
شيئاً إلى العاهل السعودي أثار السخط الملكي. وبدلاً من التعامل مع
واشنطن عن طريق الأمير تركي استدعى الملك عبد الله السفير السابق
الأمير بندر إلى دائرة الضوء، حيث كان يسافر ذهاباً وإياباً بين الرياض
وواشنطن، مُصلحاً ومُغذياً لأهم روابط خارجية للمملكة، تلك العلاقة
التي كانت ما تزال مضطربة بسبب شبهات حول ارتباطات سعودية بـ تنظيم «القاعدة».
وويؤكد سايمون، قد تُرك الأمير تركي في منصبه كسفير بلاده في واشنطن
ولكن من الناحية الاسمية فقط. وقد استاء من ذلك حيث لم يكن يعلم حتى
فيما إذا كان الأمير بندر في واشنطن أم لا. ولكي يعرف ذلك، كان غالباً
ما يَرسل أحد مساعديه إلى "مطار دالاس" و"قاعدة أندروز الجوية" في
ضواحي العاصمة الأمريكية واشنطن، للتحقق ومعرفة ما إذا كانت طائرة
الأمير بندر واقفة على مدرج الطائرات أم لا. وفي نهاية المطاف استقال
الأمير تركي وحل محله الجبير، الذي شغل ذات مرة منصب معاون الأمير بندر،
وكانت مهاراته في اللغة الإنجليزية محل إعجاب شديد من قبل الملك عبد
الله. ومنذ ذلك الحين قام عادل، كما هو معروف على نحو واسع، بانتهاز
المناسبات في واشنطن لتبادل الكلام [مع المسؤولين الأمريكيين]، لكن على
ما يبدو بصورة غير فعالة؛ وفي هذا الصدد، أفضى لي أحد أقرب زملائه في
السفارة السعودية في واشنطن في الشهر الماضي بقوله: "هذا البيت الأبيض
لا يُلق بالاً له."
ويتابع، قد كان عادل حاضراً أيضاً في اجتماع دونيلون في الرياض حيث
أدى مهمته المتكررة بعمله كمترجم للملك، سواء كانت للمباحثات علاقة
بالولايات المتحدة أم لا. وقبل ذلك بأسبوع، قام بنفس المهمة عندما توقف
وزير الدفاع الأمريكي روبرت غيتس في السعودية. وهناك ابتسامات في الصور
الرسمية لكن ليس ثمة علامات محددة بأن الجانبين متوافقان.
إن الملك عبد الله يظهر بمظهر يثير الشفقة بشكل متزايد. ففي أواخر
العام الماضي أجرى عمليتين جراحتين في ظَهره في مدينة نيويورك، وعاد
إلى وطنه بعد رحلة استجمام في المغرب قبل أن يوصي أطباؤه بأن باستطاعته
الرجوع إلى بلاده، كما أُخبرتُ، لأنه كان قلقاً جداً من النزعة الثورية
التي تجتاح الشرق الأوسط. ورغم أنه يستطيع فقط [المشاركة في] وإدارة
ساعتين أو ثلاث من الاجتماعات الرسمية كل يوم، إلا إنني أُخبرتُ أيضاً
بأنه ليس من السهل تقاسم عبء الحكم. فخليفته المُفترض ولي العهد الأمير
سلطان هو شخص بليد، ومظهره لطيف لكن عقله قاصر -- وفي هذا الصدد، قالت
برقية دبلوماسية أمريكية نشرها موقع "ويكيليكس" إنه كان "عاجزاً من
جميع النواحي العملية." إن وزير الداخلية الأمير نايف الذي يدير
المملكة بصفة يومية هو الأمير المرجح لأن يصبح العاهل القادم، لكنه
يقضي حالياً عطلة في خارج البلاد في وجهة غير معلنة، ويبدو أنه واثقاً
من قاعدة سلطته داخل أسرة آل سعود ومن دعم المحافظين المتدينين في
المملكة.
ويعتقد سايمون، في الوقت نفسه، يرى الملك المخاطر التي تحيط به. فقد
كان كئيباً من سقوط مبارك في مصر، الذي ظل صديقاً لواشنطن ثلاثين عاماً
وأطيح به في غضون 18 يوماً فقط. إن الرجل الذي كان الملك عبد الله يرغب
أن يراه ذاهباً إلى الجحيم هو معمر القذافي في ليبيا -- الذي حاول ذات
مرة اغتيال العاهل السعودي -- إلا أن أوباما لا يلتزم [بالقيام] بذلك.
وفي البحرين المجاورة، يعتبر الملك عبد الله أن [أبناء] الأغلبية
الشيعية هم دون البشر في أحسن الأحوال، وعملاء إيرانيين على أسوأ
تقدير. وفيما يخص سوريا، يرى العاهل السعودي بأن الرئيس بشار الأسد
يواجه تهديداً متزايداً. ويكن الملك السعودي شعوراً خاصاً تجاه سوريا.
فإحدى زوجاته السابقات (أكثر من أن تحصى لكنهن لم يزدن قط عن أربعة في
وقت واحد وفقاً للشريعة الإسلامية) كانت من سوريا، وشقيقتها تزوجت رفعت
الأسد عم بشار. إن أحد الذرية من هذا الزواج هو الأمير عبد العزيز بن
عبد الله الذي هو الآن عين والده كالرجل المركزي في سوريا، وقد كان هو
أيضاً في الاجتماع مع دونيلون.
ويختتم سايمون قائلا، عندما غادر مستشار الأمن القومي الأمريكي
الرياض إلى عاصمة الإمارات العربية المتحدة أبو ظبي ومن ثم إلى بلاده،
انطلق الملك عبد الله إلى سباقات الجمال مع ملك البحرين حمد بن عيسى آل
خليفة في مهرجان "الجنادرية" السنوي. ولا بد أن ذلك قد وفَّر بعض
الاسترخاء من اضطرابات وإحباطات السياسات الحالية في الشرق الأوسط.
نبذة عن معهد واشنطن
الجدير بالذكر ان معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى بحسب موقعه
الالكتروني أسس عام 1985 لترقية فهم متوازن وواقعي للمصالح الأمريكية
في الشرق الأوسط. وبتوجيه من مجلس مستشارين بارز من كلا الحزبين من اجل
توفير العلوم والأبحاث للإسهام في صنع السياسة الأمريكية في هذه
المنطقة الحيوية من العالم.
وينقل موقع تقرير واشنطن الالكتروني إن الهدف من تأسيسه كان دعم
المواقف الإسرائيلية من خلال قطاع الأبحاث ومراكز البحوث وان لجنة
العلاقات الأمريكية-الإسرائيلية المعروفة بإيباك كانت المؤسسة الأم
للمعهد حيث أن مديره المؤسس هو مارتن إنديك رئيس قسم الأبحاث السابق
باللجنة. وتزعم المنظمة أنها اختارت مصطلح "الشرق الأدنى" لتعريف
الهوية الذاتية للمعهد (بدلا من "الشرق الأوسط) لأنه المصطلح المعترف
به في الخارجية الأمريكي لوصف العالم العربي والدول المجاورة. |