إيران.... وجريمة مجدى حسين

محمود جابر

التراث الإنساني المصري يحمل قدرا هائلا من الحكمة والأمثال ما يجعله مستودعا معرفيا وإنسانيا شاملا، ومن وقت كبير والمصري يحول الأحداث إلى حكم ومواعظ، تظل تحكى ويضر بها المثل حتى وإن اختفت القصة الأصلية ولكن تبقى الحكمة والمثال ذا دلالة كبيرة على التطابق والتشابه واخذ الموعظة.

من هذه الأمثلة القديمة قول المصري:" اللي اختشوا ماتوا"، والحكاية متعلقة بقضية " الحياء"، كقيمة أخلاقية تمنع صاحبها من التردي الأخلاقي، بالقول أو الفعل، و" الحياء" في المعرفة الإسلامية شعبة من شعب الإيمان، فمن تركه قولا أو فعلا انتقص من إيمانه..

واصل حكاية "اللي اختشوا ماتوا"، إلى انه كان في قديم الزمان مجموعة تستحم في حمام عام، والحمامات العامة " مسابح" عرفها المصريون منذ عصور متأخرة كان الناس يقصدونها من حين لآخر للاستحمام الراحة والاستجمام، وفي احد الأيام نشب حريق هائل في الحمام، وجميع رواد الحمام عراه بدون ثياب إلا ما ندر، فلما نشب الحريق هرع فريق من رواد الحمام وإذا بهم يفرون خارج الطرقات والشوارع عراة، ولم يفكر واحدا منهم في الحالة التي هو عليها بل فكر أولا بان ينجو بحياته، أما الذين فكروا وملكهم الحياء، ففضلوا الموت حياء من الخروج على حالهم..

الشاهد من الحكاية: أن الذين يتكلمون في الحق والباطل، بالليل والنهار، فيما يعرفون ومالا يعرفون، الذين يأمرون الناس بالبر وينسون أنفسهم، الذين لا يصمتون ولا يكفون عن الكلام السفه هم تلك النوعية من البشر التي (لم تمت)... أي أولئك العراة...

هذا الكلام قصد به تلك الجماعة التي لا تستحي من كل أفعالها المشينة وتاريخها الأسود، وبدلا من أن تقوم باعتذار إلى الشعب المصري والأمة الإسلامية جميعا عما اقترفته من آثام إذا بها تصنع من نفسها ( محكمة تفتيش كنسية).. وقد وصلني مقالا نشرته هذه الجماعة على اغلب مواقعها لصحفي ينطق دائما باسمها كتب مقالا بعنوان (الترويج لإيران على طريقة " الدكاكين" في مصر).

إيران عامل تلوث!!

وتحت العنوان السابق كتب الصحفي الإخوان يقول:" الدخول الإيراني على خط الأوضاع في مصر ما بعد الثورة يمثل برأي عامل "تلوث" لهذه الثورة التي مازالت جذوتها مشتعلة في البلاد... فإيران التسلقية ليست دولة صديقة لمصر"...

واستمر الكاتب الصحفي يعيد مصفوفة "الردح" التي تذكرني حرفيا بكلمات " تسيفي لينفي" في حرب تموز 2006، وهى تتحدث عن وجود استئصال حزب الله وإيران من المنطقة العربية السنية – والكلام للفني – فإيران والشيعة أعداء العرب !!

واعتقد أن الصحفي "الإخواني" أعاد ترجمة خطاب " ليفي" وجعله مقدمة لمقالة الذي ينتقد فيه " مجدي أحمد حسين" الذي ذهب لزيارة إيران...

على الرغم أن العديد من رجال الأحزاب والشخصيات العامة قاموا بزيارة واشنطن وباريس ولندن والرياض وتل أبيب، بما فيهم قادة الجماعة نفسها ولم نسمع لا هذا الصراخ ولا هذا العويل!!

ولم ينسى الكاتب أن يحيل كل الاتهام الموجه والمثبت في حق مملكة الشر "السعودية"- التي تمثل له ولفريقه الوطن الأصلي وحضن ألام الحنون- إلى الجانب الإيراني من تدمير أفغانستان والعراق وغيرها، فعبدالله عزام وابن لادن وسياف ورباني وغيرهم كانوا جميعا من أزلام مملكة الشر ولم يكن لهم صلة من قريب أو بعيد بإيران، ومن انفق المليارات من اجل تحطيم الاتحاد السوفيتي خدمة للشيطان الأكبر، وليس للإسلام هم هؤلاء المتحدرين كما وصفهم المناضل "ناصر السعيد" في كتابه الرائع " آل سعود" فقد وصفهم بأنهم متحدرين من نسل اليهود.. فهؤلاء وكما هو مثبت بما لا يدع مجال للشك هم من احرقوا تلك البلاد العامرة.

الفتنة:

ولم يخجل هذا الكاتب أن يتحدث عن أن إيران هي رأس الفتنة في المنطقة العربية وهى دولة متآمرة، ولا أدرى كيف له نسى أن – أمه الحنون- هم من قامت منذ قيام الثورة وقبلها برعاية مشروع تقسيم الأمة إلى سنة وشيعة وطبعت الآلاف من الكتب التي تتحدث عن كفر الشيعة وتحملت تكلفت حرب الثمان سنوات، وهى من قامت بتمويل تيار المستقبل والكتائب اللبنانية، وهى من قامت برعاية الجماعات الخوارج التي اشاعت القتل والتدمير في كل مكان عربيا أو إسلاميا أو دوليا.. فهل ما يزال هذا الصحفي وجماعته مصرون على أن إيران من قامت بزراعة الفتنة ؟!!

وليس ابلغ من الموقف العراقي موقفا لدحض افتراءاته من الموقف في العراق، فالعراق منذ منتصف تسعينات القرن المنصرم وكل دول الجوار العربي تتعاون مع الولايات المتحدة الأمريكية في الدفع بالعراق إلى مرحلة التقسيم، سواء بتطبيق الحصار الكامل عليها أو بعدم الاعتراض على مناطق الحظر الجوي أو بدعم هذه الجماعة وتلك حتى تستقل عن مركز الدولة في بغداد، وبعد سقوط بغداد بدأ إعلام دول الطوق العربي تؤهل النفسية العربية بتقبل مسألة تقسيم العراق باعتباره قدرا أمريكيا، ولو تدخل الجمهورية الإسلامية لدى كل الأطياف العراقية لكانت العراق منذ سنوات قد تفتت إلى شمال وجنوب ووسط.. فمن الذي منع هذا؟ّ!!

مجدى حسين الوريث:

الآن أصبح مجدي حسين " وريثا" ولا يستحق وصفه بالإسلامي، وهنا القضية توضح أكثر من جانب في حالة " اللي اختشوا ماتوا"، فمجدي، هو ذلك الشخص وعمه من تحملوا تبعات تسخير حزب العمل لجماعة الإخوان المسلمون حتى تم تجميد الحزب من اجل عيون الجماعة، مع الأخذ في الاعتبار أن تجميد الحزب حدث في منتصف عام 2000 وقد قام الحزب برعاية وترشيح أحد نواب الجماعة نائبا عن بورسعيد وبعد فوزه بالمقعد البرلماني كمرشح عن حزب العمل وليس باسم الجماعة رفض حضور حفلا أقامها المرحوم المهندس إبراهيم شكرى لنواب الحزب الفائزين، ولم يحاول هذا النائب ولا الجماعة التي امتلكت أكثر من (80) عضوا برلمانيا الدفاع يوما عن قرار تجميد الحزب في حالة مخزية من التنكر للجميل بما ينطبق عليه صحيح " اللي اختشوا ماتوا".

وجدير بالذكر أن هناك العيد من الكتاب والباحثين مما يدعون أن الجماعة لا علاقة لها بالوهابية وأن الجماعة شيء والوهابية شيء آخر عليهم مراجعة مدونة هذا الصحفي الاخواني وهم يجدون هذا الرابط والالتصاق بجلاء تام حتى عمالتهم للعربية السعودية وهذا هو الرابط:

http://ali-abdelal.maktoobblog.com

شبكة النبأ المعلوماتية- الأحد 23/نيسان/2011 - 20/جمادى الاولى/1432

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1432هـ  /  1999- 2011م