الحروف والكلمات المضيئة... او مباهج القراءة

تقرير : حيدر الجراح

 

شبكة النبأ: سكوتا.. انه يقرأ.. بل هو مستغرق بالقراء ة.. لا اعتقد ذلك.. بل قل انه يصلي في محراب الكتاب الذي بين يديه..

لتوه خارج من المطبعة كرغيف تنور ساخن.. عجنت طحينه رغبات اطفال البيت الجائعين والترقب في عيونهم وهم ينتظرون نضوجه..

كتاب جديد فوقه بصمات عامل المطبعة وبين اوراقه انفاس الكاتب.. تطير امامك فراشات تحط على كتفيك او بين يديك..

انت مستغرق في اللحظة.. في الحلم..

كتاب جديد.. وانت لك طقوس القراءة..

تتنوع علاقة القارىء بالكتاب مثل الحب وتنوعه في القلوب:

كتاب تعشقه من النظرة الاولى، كتاب اخر تود الوصول اليه حين يخبرك احدهم عنه.. كتاب تبحث عنه سنوات طويلة قد تجده او يبقى حلما مستحيلا بالنسبة لك.

كتاب تقرأه مرة واحدة وترميه بعيدا.. كتاب يبلل روحك بعد القراءة.. كتاب ينغرس كالرماح في ذاكرتك وسنواتك.

طقوس القراءة ايضا تختلف من قارىء الى اخر.. منهم من يأخذ الكتاب الى احضانه، يمسح على غلافه برفق وهو يمرر اصابعه فوق الحروف الاولى.. ومنهم لا يجد وقتا لذلك فيسارع الى تقليب الصفحات الاولى ويشرع في القراءة.. منهم من يتمدد على اريكة وهو يقرأ او يمد قدميه على المنضدة، او يتكيء بمرفقيه عليها.. ومنهم من يجلس على الارض ويسند ظهره الى الحائط وهو يقلب صفحات الكتاب.

وينبغي الإشارة بأن القراءة أنواع, فهناك من الناس من يقرأ للمعرفة والإطلاع على ما يجري في محيطه وفي العالم, وهؤلاء هم قراء الجرائد. فالجريدة تقع في مرحلة وسطى بين الكتاب والتقرير العلمي. أما الكتاب فهو متخصص ببحث في موضوع معين ويتوجه لقارئ معين ويتصف إجمالا بأنه أكثر عمقا. في حين أن الصحيفة تتوجه إلى شريحة أكبر من جمهور القراء وتقدم مواضيع أقل عمقا وأشمل وأكثر تنوعا مما يقدمه الكتاب، وهناك أيضا من يقرأ للذة القراءة.

يتحدث المفكر الفرنسي رولان بارت (Roland Barth) عن نوعين من التعامل مع النص في هذا المجال. قد يجد القارئ اللذة والمتعة فيما يقرأه وهذا هو النوع الأول من التعامل مع النص، أما النوع الثاني وهو أن يجد القارئ في القراءة وسيلة يبتعد فيها عن الواقع الذي يعيش فيه ليتعرف على عالم المكنونات. وهناك نوع آخر من القراءة يكون فيها القارئ إما إيجابيا ومشاركا في النص أو سلبيا ممتثلا ومتلقيا فقط.

كل وطقوسه في القراءة..

تقلصت تلك الطقوس امام منافسة وسائل اتصال اخرى كما تظهر ذلك كثير من الابحاث والدراسات..

فقد أوضحت دراسة صادرة عن منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة ''اليونسكو''، أن معدل قراءة الطفل العربي للكتاب غير المدرسي حتى سن الثامنة عشر يقتصر على ست دقائق سنوياً، ما يدل على توارث الأجيال العربية للعزوف عن القراءة وهو ما ينعكس على المستوى المعرفي لهذه الأجيال مستقبلاً!

فالبرامج التلفزيونية مثلا، يمكن أن تنقل معظم المعارف التي ينقلها الكتاب. فهي تستعمل الصورة وبإمكانها أن تستعمل الحرف المكتوب كذلك, وهي تستعمل الصوت. ولكن البرنامج التلفزيوني يخضع لعالم المكان والزمان. فلا يمكن مشاهدة التلفزيون في أي مكان كان, ولا في أي لحظة. وهذه عوائق لا نجدها في الكتاب. إلا أن التلفزيون أقرب إلى فهم المشاهد وقلبه. فالبرنامج التلفزيوني يخاطب العين والقلب و الأذن قبل أن يخاطب العقل, وهو يخاطب لغة الحواس “النظر والسمع” قبل أن يلج إلى الفكر. لذلك نجد أن الإقبال على مشاهدة التلفزيون بهذه الكثافة الكبيرة يتأتى من هذه السهولة في دخول عالمه. أما الكتاب فإنه يستعمل الرموز المكتوبة, وهي رموز تجريدية تتطلب من القارئ شيئا من الجهد والمشاركة. يقول المفكر الإيطالي (أمبرتو ايكو): القراءة عملية تتطلب جهدا خاصا, فالنص المكتوب آلة كسولة تتطلب من القارئ جهدا كبيرا وتعاونا متواصلا لملء الفراغات ولجلب التذكارات الموجودة في النص.

ولذلك فقد اتضح في العديد من الدراسات أن عوامل الامتناع أو الإحجام عن القراءة والمطالعة لا يعود بالدرجة الأولى إلى عامل المشاهدة التلفزيونية أو كثرة استخدام الانترنت، أي أن المشاهدة التلفزيونية أو تصفح الويب ليست هي العوامل الرئيسة وراء الإحجام عن القراءة الكلاسيكية, بل هناك عوامل أخرى متداخلة تقف حائلا وراء القراءة. ففي دراسة سابقة لأحد الباحثين أجاب بعض من أفراد العينة الذين ليس لهم ارتباط بالمطالعة أن سبب الإحجام عن المطالعة الكلاسيكية يعود لعوامل أخرى كقولهم على سبيل المثال: غياب الكتاب المتخصص, غلاء سعره, لست من قراء الجرائد, المطالعة ليست هوايتي, لم أقرأ منذ مدة طويلة الخ. وكلها عوامل فردية ليست بالضرورة لها علاقة بتأثير برامج التلفزيون أو الفضائيات أو الانترنت. أما الذين أجابوا بأن سبب أحجامهم عن القراءة الكلاسيكية هو الاكتفاء بمشاهدة برامج الفضائيات وتصفح الانترنت فعددهم قليل جدا فهم ـ ربما ـ الفئة التي يمكن القول أن تأثير برامج الفضائيات والانترنت عليها كان هو السبب الرئيسي وراء أحجامها عن القراءة الكلاسيكية.

ولعل ما قد يثير الاهتمام الكبير للباحثين التربويين والاجتماعيين ما أثبته بحث ميداني جديد من أن أولئك الذين يشترون أجهزة تصفّح الكتب الإلكترونية يميلون لقضاء أوقات في القراءة تفوق تلك التي يقضونها في قراءة الكتب المطبوعة.

وعمد خبراء في شركة تدعى “ماركيتينج أند ريسيرتش ريسورسز” إلى إجراء الدراسة الاستطلاعية على 1200 من أصحاب المتصفحات الإلكترونية، فوجدوا أن 40 بالمائة منهم أبدوا “شهيّة” للقراءة تفوق ما كانت عليه عندما كانوا يقرأون الكتب المطبوعة. وقال 58 بالمائة من المستطلعين إن إقبالهم على القراءة لم يتغيّر بعد أن اشتروا أجهزة التصفح الإلكترونية. وبلغ معدل الذين كانت المتصفحات الإلكترونية سبباً في تراجع إقبالهم على القراءة 2 بالمائة فقط.

وقال 55 بالمائة من المشاركين في استطلاع بحثي آخر أجرته شركة “سوني” اليابانية في شهر مايو الماضي إنهم عازمون على زيادة ساعات القراءة في المستقبل. ويذكر أن شركة “سوني” هي التي يعود إليها فضل ابتكار أول لوح للمطالعة الإلكترونية أطلقت عليه اسم “سوني ريدير” ويبلغ الاتساع القطري لشاشته 5 بوصات. وأجرت شركة سوني دراستها هذه على مستخدمي ثلاثة أنواع من الأجهزة هي: “أمازون كيندل” و”آبل آي باد” و”وسوني ريدير”.

وبالرغم من أن أجهزة التصفّح الإلكترونية هي منتج جديد في الأسواق، وقد بدأ لتوّه في الانتشار بين الطلائع الأولى لمستخدميه، إلا أنها تمثل طريقة جديدة تماماً في القراءة تختلف تماماً عن تلك التي اعتادها المثقفون الأميركيون. وكانت دراسة سابقة أنجزت عام 2007 في الولايات المتحدة أثبتت أن الوقت الذي يقضيه الأميركيون في مطالعة الكتب قد تراجع، وتبيّن منها أيضاً أن ما يقارب نصف الأميركيين الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و24 عاماً لا يقرأون الكتب ذات القيمة التثقيفية على الإطلاق.

ويبدو أن الأجهزة الإلكترونية القابلة للحمل تأتي لتغيّر هذا الواقع. وقدّر تقرير صادر عن شركة “فريستير ريسيرتش” الاستشارية الأميركية أن يبلغ عدد الأميركيين، من ممتلكي أجهزة التصفّح الإلكترونية للكتب والمجلات، 11 مليوناً على الأقل قبل نهاية شهر سبتمبر المقبل. وسجّلت مبيعات الكتب الإلكترونية ذاتها نمواً بلغ 183 بالمئة خلال النصف الأول من العام الجاري بالمقارنة مع الفترة ذاتها من العام الماضي وفقاً لإحصائيات أنجزتها “رابطة الناشرين الأميركيين”.

وبالنسبة للمتمرّسين القدماء على القراءة، لا يكون جهاز التصفّح بديلاً للكتب التقليدية، بل إضافة جديدة لها. وقالت شركة “أمازون” التي تعدّ أضخم شركة في العالم في مبيعات الكتب الإلكترونية، إن زبائنها الذين يشترون متصفحاتهم الإلكترونية من طراز “كيندل” يزداد إقبالهم على شراء الإلكترونية بمعدل 3.3 مرة. وهذا الرقم في حالة ارتفاع متواصل بسبب التخفيض المتواصل الذي شهده سعر المتصفّح “كيندل” خلال الأشهر الأخيرة.

هذه باقة ورود صغيرة مما تجد في الكتب.

* خلاصنا في ما يعادينا لا في ما يلائمنا.. ابراهيم الكوني

* الحب مثل الموت وعد لا يرد ولا يزول.. محمود درويش

* اشياء تطاردها

واخرى تمسك بتلابيب ذاكرتك

اشياء تلقي عليك السلام

واخرى تدير لك ظهرها

اشياء تود لو قتلتها

لكنك كلما صادفتها

اردتك قتيلا.

احلام مستغانمي

* آمل انك ستنسى اكثر مما تتمنى.. الفريد دي موسيه

* لقد قررت وهذا يكفي ان احارب من اجل ما اريده وان اكون ما لا يريده الاخرون لي.. اوبرا وينفري

* نقع سبع مرات وتقوم ثماني.. مثل ياباني

* الق اوراقك.. اقل لك. انت لن تربح الا في الخسارة.. هنري ميشو

* البشر ليسوا حقيقيين الا في اللحظة التي يكونون فيها في اسرّتهم وحدهم.. آن ماري برغلوند

* اضبط ساعتك على دقات قلبك وسوف تتأكد ان العمر لحظة...احلام مستعانمي

* اسقي الزهور في غيابك لكنها ترفض ان تنمو.. غازي القصيبي

شبكة النبأ المعلوماتية- الأربعاء 20/نيسان/2011 - 16/جمادى الاولى/1432

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1432هـ  /  1999- 2011م