
شبكة النبأ: تشير العديد من التقارير
الصادرة من الامم المتحدة فيما يخص وضع المرأة العربية، الى انها تعاني
الكثير من الظلم وسلب حقوقها المتمثلة في التعليم والعمل والحياة
الكريمة البعيدة عن الاكراه، فضلاً عن الامية ومنعها عن حق المشاركة في
الحياة العامة والقيود المفروضة عليها والتي تمنعها من ممارسة حقها
الطبيعي في الحياة.
الا ان كل هذه السلبيات المؤشرة من قبل المجتمع الدولي تجاه المرأة
العربية قد ذابت امام ثورة المرأة العربية التي اطاحت بالحكام
المستبدين، واعلنت فيها المرأة العربية انها قادرة على تحقيق حريتها
بيدها وصنع الثورات واحداث التغيير اسوة بالرجل، بل وفي بعض الاحيان
فاقت المرأة في مجال الثورة حتى الرجال، وتحدت الظلم ووقفت في ساحات
الحرية والتغيير تطالب بصوت عالي برحيل الطغاة وتغيير النظام.
ان نساء من هذ النوع (نوع الثورة والتغيير)، قادرات على احداث ثورة
اصلاحية كبرى داخل المجتمع العربي لتغيير العديد من المفاهيم البالية
والتي تدور حول فلك المرأة وتدعوا الى ابقائها سلعة لاتضر ولاتنفع،
وهذا التغيير سوف يؤدي الى نهضة اجتماعية تحرك النصف الساكن من المجتمع
وتضعة في الطريق الصحيح.
نساء في ثورات عربية
من جهتها نزلت النساء الى الشارع، اسوة بالرجال وان باعداد أقل،
لاثبات وجودهن في ثورات من شأنها ان تغير وجه العالم العربي، في ظاهرة
يأمل مراقبون ان تكون مقدمة لمشاركتهن الفاعلة في المستقبل في القيادة
السياسية للديموقراطيات الناشئة، ويقول الباحث نديم حوري من منظمة "هيومن
رايتس ووتش" الناشطة في الدفاع عن حقوق الانسان، "تلعب النساء دورا في
الانتفاضات والثورات القائمة في المنطقة، والامر الاساسي يكمن في انهن
موجودات في الشارع"، ويضيف "هذا امر يدفع الى التفاؤل"، مضيفا ان "عليهن
ان يقمن الآن بدور محوري في الهيكليات الحكومية التي ستنشأ بعد هذه
الثورات".
وشاركت عشرات الاف النسوة، بعضهن يرتدين الجينز والتي شيرت واخريات
بالعباءة التقليدية والحجاب، في التحركات الاحتجاجية التي قادها عنصر
الشباب من تونس ومصر الى ليبيا والبحرين، للمطالبة بالاصلاحات في دول
محافظة تحكمها الانظمة الاوتوقراطية منذ عقود ولا تتمتع فيها النساء
اجمالا بحقوق واسعة، وتنقل شاشات التلفزة يوميا من مختلف الدول التي
تشهد تظاهرات، صورا لنساء جريئات يقفن امام الكاميرا يطالبن بالتغيير
وبالحريات، وتقول الناشطة اليمنية توكل كرمان التي تحث على مشاركة
النساء بقوة في احتجاجات صنعاء، "للنساء دور حاسم في المنطقة من تونس
الى مصر وليبي، لقد كن عاملا اساسيا في انتشار الثورات في كل ميدان"،
وتضيف "الهدف الرئيسي من الثورات اسقاط الانظمة، الا انها نجحت ايضا في
كسر التقاليد البالية التي تقول بوجوب بقاء النساء في منازلهن بعيدا عن
الحياة العامة".
وتؤكد كرمان ان هذه الثورات "هي ايضا ثورات اجتماعية، ودور المرأة
يكمن في المساعدة على بناء مجتمع جديد. لقد رفعت الثورة اليمنية المرأة
الى مكان افضل"، في الوقت نفسه، نشطت النساء عبر صفحات التواصل
الاجتماعي الالكتروني والمدونات، في محاولة للقيام بدور فاعل في
التغيير الحاصل في مجتمعاتهن، ولمع اسم أسماء محفوظ، الشابة المصرية
التي ساهمت على نطاق واسع من خلال فيديو صورته وتم تناقله عبر الانترنت،
في دفع الاف المصريين الى ميدان التحرير في 25 كانون الثاني/يناير
للمطالبة باسقاط نظام متسلط، ويتضمن الفيديو دعوة مؤثرة الى الانضمام
الى الثورة بعد اقدام اربعة شبان مصريين على محاولة احراق انفسهم، ومما
قالته في الشريط "انا أصور فيديو لانقل اليكم رسالة واحدة، نريد ان
ننزل في يوم 25 يناير اذا كانت لدينا بقية من كرامة، اذا كنا نريد ان
نعيش كبشر في هذا البلد، يجب ان ننزل في يوم 25". بحسب فرانس برس.
واضافت "سننزل للمطالبة بحقنا، بحقنا كبشر، هذه الحكومة كلها فاسدة،
الرئيس فاسد، والدنيا فاسدة، وامن الدولة فاسد"، وتابعت "انا سانزل في
يوم 25" الى ميدان التحرير، "لن اضرم النار في نفسي، واذا ارادت
الحكومة ان تحرقني فلتفعل ذلك، وكل من يقول انه رجل فلينزل، وكل من
يقول ان الامر لا يستحق وان العدد لن يكون كبيرا، اقول له انت السبب في
ما نحن فيه"، وارتفعت كذلك عبر موقعي "فيسبوك" و"تويتر" اصوات تشير
تعليقاتها واسماؤها، وهي مستعارة بمعظمها، الى انها من السعودية، وكتبت
احداهن "أحث النساء السعوديات على التحرك الآن، ان اشقاءنا السعوديين
قاموا بخيانتنا لانهم جبناء، لنتحرك قبل ان يفوت الاوان"، وتقول
الاستاذة الجامعية منيرة فخرو، المرشحة السابقة الى الانتخابات
النيابية البحرينية، "في الوقت الحاضر، لا يمكننا الحديث عن حركة
نسائية مستقلة"، مضيفة "ليست انتفاضة من اجل تحقيق المساواة مع الرجل،
انها انتفاضة مجتمع بكامله تشكل فيه المرأة عنصرا ناشطا"، ويقول حوري
ان "اهمية انتفاضتي مصر وليبيا مثلا ليست في الاطاحة بالدكتاتور فحسب،
انما في التخلص من ظواهر عدة مثل الطائفية والعنصرية وغيرها".
مصريات في ساحة التحرير
فقد دعا الامين العام للامم المتحدة بان كي مون المرأة العربية الى
اغتنام رياح التغيير التي تهب على الشرق الاوسط وشمال افريقيا لتعزيز
حقوقها، بحسب بيان صدر عن مركز اعلام الامم المتحدة في تونس، وجاء في
البيان ان بان كي مون اوضح "ان ثورتي تونس ومصر تمثلان اكبر فرصة من
أجل اعطاء دفع للديمقراطية وحقوق الانسان"، واضاف "اذا ما تم التصرف في
هاتين الثورتين بشكل صحيح فانهما ستشكلان نموذجا يحتذى به في تحولات
مماثلة في العالم العربي وحتى خارجه"، وتابع "امام رياح التغيير التي
تهب على شمال افريقيا والشرق الاوسط فان المرأة مدعوة الى اغتنام
الفرصة المتاحة أمامها لتعزيز حقوقها"
يذكر ان بان كي مون "اعلن ذلك خلال ندوة بجامعة بنسلفانيا بولاية
فيلادلفيا بالولايات المتحدة"، واعتبر الامين العام ان "موجة الحماس
الثوري هذه ليس من قبيل الصدفة من بلد مثل تونس الذي تضطلع فيها النساء
بدور هام"، لا سيما وان المرأة التونسية "مثقفة وممثلة في سوق الشغل
وفي البرلمان بما يجعلها تدرك وتفهم جيدا حقوقها الاساسية"، واعتمدت
تونس في 1956 في عهد الحبيب بورقيبة نظاما للاحوال الشخصية متقدما عما
سواه من انظمة الاحوال الشخصية في باقي الدول العربية، ويضمن لها عددا
من المكاسب من بينها حظر لتعدد الزوجات هو الاول من نوعه في العالم
الاسلامي، كما ودعا الامين العام للامم المتحدة "المجموعة الدولية الى
تقديم دعم قوي للنساء في هذين البلدين". بحسب فرانس برنس.
وسبق ان دعت منظمات نسائية غير حكومية تونسية الى مجتمع ديمقراطي
مبني على المساواة الفاعلة بين الجنسين، وكان بان كي مون زار تونس في
23 اذار/مارس الماضي حيث اجرى بالخصوص مباحثات مع المسؤولين التونسيين
واكد استعداد الامم المتحدة لدعم المسار الديمقراطي في تونس بعد ثورة
14 كانون الثاني/يناير التي اطاحت بنظام زين العابدين بن علي، والتقى
بان ايضا في القاهرة المسؤولين المصريين ومجموعات تمثل المجتمع المدني
في اطار مهمة للاطلاع على الوضع بعد الاطاحة بنظام الرئيس المصري
المخلوع حسني مبارك.
مصريات يحلمن برئاسة الجمهورية
في سياق متصل تقول الفتاة المصرية جيهان، وهي كبرى شقيقاتها، إنه في
العهد الجديد يمكن للنساء ان يعتلين منصب رئيس الجمهورية، وتقول
شقيقتها أروى وهي الصغرى، بينما تعمل على الكمبيوتر، ان مبارك (الرئيس
المصري السابق) قد ولى، وإن شاء الله عندما اصبح كبيرة سأدخل الى
البرلمان، في حين ان زهرة وهي الوسطى، فإنها تقول وهي تضبط غطاء رأسها
"ان مهمتنا تتركز في تنمية المجتمع المصري"، وهؤلاء الشقيقات المسلمات
الثلاث هن جزء من النساء المصريات اللواتي يكافحن في مصر الجديدة، وهن
ينتمين الى حركة الأخوات المسلمات، الجناح النسائي لجماعة الإخوان، وهن
يتمتعن بالثقة بالنفس، ورسالتهن واضحة ومفادها أنه على الرغم من اننا
نرتدي غطاء الرأس، فإننا نتمتع بالقوة ذاتها التي يتمتع بها الرجال.
جلادون وضحايا مع مرور الأشهر على اندلاع الثورة، تكتسب هؤلاء
النسوة المزيد من القوة، وبعد الاستفتاء الدستوري في مصر صارت النسوة
امثال جيهان وأروى وزهرة يتمتعن بحرية، كن يعتبرنها مسألة مستحيلة في
الماضي، ومنذ الاطاحة بنظام مبارك أصبحت الايام التي تمر كلها مميزة،
لكن بالنسبة لزهرة الشاطر التي تقف أمام بوابة سجن طرة، فإنه يوم يستحق
الاحتفال به، إذ انها تنتظر الإفراج عن والدها وهي تقول "إنها عدالة
الله، وسيطلق سراحه، أما جلادونا الذين كانوا يضطهدوننا فسيتم وضعهم
خلف القضبان"، وتقصد بصورة خاصة حبيب العادلي، الرجل الذي كان وزير
الداخلية في مصر، ومتهم الآن بالفساد، ويقبع في زنزانة الى جانب زنزانة
والده، وزهرة هي زوجة وأم لأربعة اطفال وابنة خيرات الشاطر، احد كبار
المسؤولين في جماعة الإخوان المسلمين وهي تقول "تخيلوا ذلك، اذ إن
اطفالي شاهدوا زوجي ووالدي اثناء اعتقالهما من قبل قوات الامن الذين
طرقوا باب منزلنا في الثانية صباحا".
يذكر ان زهرة عضو في جماعة الاخوات المسلمات منذ مدة طويلة لا تدري
منذ متى، وتقول "المسألة ليست مجرد ملء استمارة انتساب، وانما المشاركة
في ايديولوجية"، وبدأت حركة الاخوات المسلمات منذ عام ،1932 وهي الجناح
النسائي للاخوان المسلمين، وهي جماعة لاتزال مرتبطة بكلمات تزرع الخوف
لدى الغرب مثل (الشريعة والجهاد والارهاب)، ويقدمون انفسهم الآن
باعتبارهم منظمة ديمقراطية، وعندما خرج والد زهرة من السجن تجمع حوله
انصاره ولم تتمكن من الوصول اليه، كان ينظر بفرح الى الحرية للمرة
الاولى منذ سنوات عدة، وتقول زهرة "لا أتذكر والدي إلا هو في داخل
السجن"، فقد اعتقل مرارا بتهم الارهاب غسل الاموال والانضمام الى منظمة
محظورة.
وعلى الرغم من أن زوج زهرة بقي في السجن لمدة خمس سنوات، إلا ان
والدها بقي لمدة 12 عام، وكانت زهرة في الخامسة من العمر عندما تسلم
مبارك الحكم، وأصبحت الآن في منتصف الثلاثينات حالي، وهي تقول "أمضيت
معظم حياتي وأنا احاول استعادة والدي وزوجي من السجن، ولم أكن أهتم لأي
شيء آخر"، وعندما سئلت عن رؤيتها لمصر الجديدة، وكيف ستكون الحريات
والتسامح الديني والمشاركة الجماعية، قالت زهرة "كان المجتمع سطحياً،
في ظل حكم النظام البائد، وكانت الحياة ليست اكثر من مجرد الاكل
والتزاوج والذهاب الى العمل"، وتقول زهرة "انها تحلم بنظام اسلامي
متحضر، حيث الشوارع النظيفة والامان ودولة من دون فساد وقبل كل شيء
تعليم افضل"، وأضافت "كان التعليم في حال مزرية في ظل النظام السابق"،
مكانة المرأة عندما سئلت زهرة عن نساء مصر، قالت بداية "أنا لا أميز
بين الرجل والمرأة، إذ انهما يكملان بعضهما بعضاً، وكنا معا في ساحة
التحرير"، لكنها قالت ان "النساء لا يردن القيام بالعمل ذاته الذي يقوم
به الرجال، اذ إنهن ينجبن الاطفال، كما انهن اكثر عاطفية، واكثر ملاءمة
للمسؤوليات الاجتماعية".
ونظراً إلى ان الإخوان غير مصرح لهم بمزاولة السياسة، فقد اتجهوا
نحو العمل الاجتماعي، حيث افتتحوا المشافي والمؤسسات التعليمية
والحضانات الامر الذي منحهم المزيد من الانصار، ونظراً الى ان النساء
لم يشكلن تهديداً كبيراً كان يسمح لهن بمزاولة نشاطاتهن تحت مراقبة
الحكومة، الامر الذي منح الاخوات المسلمات دورا اكثر اهمية، حيث اهتممن
بعائلات المسجونين، ونظمن التظاهرات وجمعن المال للمحامين الذين يعملون
على الدفاع عن المسجونين، وقالت زهرة انه لم يكن "من الممكن الانخراط
في السياسة، خوفا من القوى الامنية الحكومية، اذ ان فكرة اعتقال النساء
كانت غير واردة مطلقاً بالنسبة للمنظمة، إضافة الى ان العديد من
الاخوان المسلمين يشعرون بأن انجاز النساء يكون افضل في الواجبات
الطبيعية مثل كونهن امهات".
النساء الليبيات وسط الثورة
الى ذلك ووسط الابخرة المتصاعدة من الدهان، تنشط نجاح قبلان في
اعداد شعارات للثورة الليبية، انها واحدة من بين نساء كثيرات يشاركن في
عملية التعبئة، من دون ان يسقطن من حساباتهن الدور الذي ينسب إليهن في
مجتمع محافظ، ونجاح قبلان محجبة كما غالبية النساء الليبيات، وهي تعمل
كمراقبة للغة الانكليزية في قطاع التعليم المدرسي، وهي اليوم هنا "بهدف
المساهمة"، وتقول "نجمع الشعارات التي يؤلفها الناس ونخطها على لافتات
لنعلقها من ثم في الشوارع"، وفي قاعة محكمة بنغازي التي تحولت الى ورشة
للثورة، تضيف "انه عمل عائلي"، مشيرة الى ان ولديها يعملان معه، قبالة
الطريق الساحلي الذي يمتد بمحاذاة البحر المتوسط، يفصل حاجز بين الرجال
والنساء اللواتي تجمعن على درج مدخل دار المحكمة.
من جهتها، توضح نجوى الطير "نحن نحضر المياه والطعام للمتظاهرين"،
وتؤكد هذه الموظفة الشابة في احدى شركات النفط "سنبقى هنا حتى رحيل (العقيد
معمر) القذافي، يكفينا 42 عام، نريد الحرية!"، وتلفت الشابة التي
ارتدت لباس المتطوعين الموحد الى ان "التقاليد تقضي بالتظاهر بشكل
منفصل عن الرجال، وانا افضل ذلك"، اما زهى المنصوري الطالبة في اللغة
إنكليزية والابنة الوحيدة لوالديها، فتؤكد ان "والدي يشجعانني على
الانخراط بالتحركات"، وتضيف "لا اعتقد ان العلاقة بين الرجال والنساء
ستتغير بعد سقوط النظام"، وتؤكد نعيمة يماني التي اصطحبت اطفالها
ليرسموا على وجوههم العلم الاول لليبيا المستقلة، علم الملكية بالوانه
الثلاثة الاحمر والاسود والاخضر، انها "هنا منذ البداية"، وتوضح "لم
نشعر بالخوف فنحن جميعا متحدون". بحسب فرانس برس.
هناء الجلال واحدة من المتحدثات باسم الانتفاضة، وتقول "نجد ثلاث
نساء من بين الاعضاء ال13 لتحالف الثورة، اثنتان منهن غير محجبتين"،
وتتذكر قائلة "بكينا مع الرجال، وتشاركنا الانتصارات معا"، وتتابع هذه
الخبيرة المتخصصة في القانون الدولي وحقوق الإنسان "لكن بما اننا
مسلمون فالرجال يحرصون على حماية النساء من التدافع تماما كما هي الحال
مع الاطفال"، وتعليقا على تصريحات الزعيم الليبي الذي يعتبر معارضيه
مجرد مجموعات معزولة، تصرخ فاطمة المدقوب "القذافي كذاب كبير، لا احد
يريده"، وبغضب تضيف "فليذهب الى اسرائيل، لا مكان له في هذه البلاد"،
في الواقع، لا تقر اي امرأة ليبية بما انجزه العقيد القذافي في مجال
حقوق المرأة خلال فترة حكمه، وتقول هناء الجلال "قد نعتبر مدينات له
لكنه قام بذلك فقط لخلق فوضى في المجتمع، هكذا يفعل دائما".
المتظاهرات اليمنيات
حيث بدأت الثورة في اليمن مباشرة بعد سقوط الرئيس التونسي السابق،
زين العابدين بن علي، في 14 من يناير الماضي، وكما اعتادت توكل (وهي
ناشطة يمتية معروفة) ان تفعل دائما عندما أعدت العدة لتظاهرة احتجاجية،
فقد أرسلت رسالة عبر الـ«فيس بوك» في 16 من الشهر نفسه داعية الشعب
اليمني للاحتفال بالانتفاضة التونسية، في اليوم الثاني طلب منها طلبة
جامعة صنعاء المشاركة في اعتصام تضامني امام السفارة التونسية، وكانت
الجموع تهتف «نحن معكم أيها الأبطال في خط المواجهة ضد الحكام الظالمين»،
وعاملنا رجال الأمن بكل قسوة، وهتفنا «لابد لليل أن ينجلي»، وهو الشعار
الذي رفعه الثوار في تونس، كانت التظاهرة مذهلة كاسحة انضم إليها
الآلاف لتشهد صنعاء أول تظاهرة سلمية تهدف الإطاحة بالنظام، وهتف
الجميع "ارحل قبل أن نطردك".
ذلك المساء زارها قادة الطلبة والشباب مع الناشط في حقوق الإنسان،
أحمد سيف حاشد، والكاتب عبدالباري طاهر، إذ اتفقوا على ألا ندع تلك
الفرصة التاريخية تفوت من دون استغلالها، اذ يمكننا نحن أيضا اشعال
فتيل الثورة، كما اتفقوا على ألا يتراجعوا، على الرغم من علمهم بالقهر
والقسوة اللذين سيواجهوها، وعليه استمرت التظاهرات بشكل يومي على الرغم
من إرسال الحكومة عملاءها لمواجهتن، بعد أسبوع من الاحتجاجات تعرضت
للاعتقال من قبل قوات الامن منتصف الليل، وكانت تلك علامة فارقة في
الثورة اليمنية، إذ أذاعت وسائل الإعلام نبأ اعتقالها، وانفجرت على
الإثر الثورات في معظم محافظات البلاد، نظمها الطلبة ونشطاء المجتمع
المدني والسياسيون، وتزايد الضغط على الحكومة ليتم إطلاق سراحها بعد 36
ساعة من سجن النساء قضتها في الأصفاد.
واصلت التظاهر والاحتجاج بعد إطلاق سراحها، وتم إرسال الدعوات إلى
جميع الأحزاب بمن فيهم ابناء الجنوب والحوثيون في الشمال، والنقابات
ومنظمات المجتمع المدني والجيش، للانضمام لثورة الطلبة السلمية،
والمطالبة بذهاب النظام الحاكم، وشجعوهم على تناسي خلافاتهم، وأكدنا
لهم ان اليمن سيصبح افضل في غياب علي عبدالله صالح، وأن ابناء اليمن
أقدر على حل مشكلاتهم بأنفسهم بما في ذلك وضع حد للحرب في صعدا، وأيضا
مشكلة جنوب اليمن والحرب على الإرهاب، واننا نؤمن بتأسيس دولة مدنية
يحكمها القانون، وهذه هي الرسالة التي أطلقوها في الاسبوع الأول من
الثورة. بحسب فرانس برس.
وفي مناطق أخرى من اليمن مثل تعز وعدن والحديدة، تم نصب الخيام
لإيواء المعتصمين، مستنسخين تجربة ميدان التحرير في القاهرة، وتدفق
مئات الآلاف نحو "ميادين التحرير والتغيير"، ومع انضمام جميع قطاعات
المجتمع ازداد زخم الثورة ليتجاوز الحركة الطلابية الاحتجاجية، ماذا
سيحدث عندما يسقط النظام، كما هو متوقع؟ إننا في بداية التغيير في
بلادنا، ويشعر الثوار بأن شعب اليمن سيجد الحلول لجميع المشكلات بمجرد
ان يذهب النظام، لان النظام هو السبب في معظمها. إننا لسنا عميانا أمام
الحقيقية، بل ان الثورة قد خلقت حالة من الصفاء الاجتماعي عبر البلاد،
عندما وضع الشعب خلافاته جانباً وبدأ في معالجة الموضوع الأساسي.
من جهتها قالت توكل "خلال خمس سنوات شهدت بلادي ست حروب، إلا ان
البنادق صمتت الآن ليختار الشعب التغيير السلمي، على الرغم من ان مئات
المتظاهرين لقوا حتفهم على أيدي النظام، ولم يتعرض رجل شرطة أو عنصر
أمني واحد للموت على ايدي جموع الشعب"، حتى محافظة مأرب الاكثر عنفاً،
التي تصلها يد السلطات بالكاد بدأت تظاهراتها السلمية، وفي ميدان
التحرير التام شمل رجال القبائل الذين حاربوا بعضهم بعضاً عقوداً من
الزمن، نسوا العداوات والدماء التي أريقت بينهم، وعندما قتل القناصة
اكثر من 50 متظاهراً في (جمعة العزة)، وجرحوا 1000 منهم، استطاع الشباب
ان يعتقلوا الجناة، ولم يتعرض أي من الجناة إلى الهجوم أو الأذى، على
الرغم من الدماء التي أسالوها في الشوارع، وللمرة الأولى في التاريخ
توقف ابناء الشعب في الجنوب عن المطالبة بالانفصال، ورفعوا العلم
الوطني، وطالبوا برحيل النظام، لقد كان مشهدا تاريخيا ان تتوحد البلاد
جميعها.
واضافت،استمر نظام صالح 33 عاماً ولايزال عبر الدماء والفساد، لقد
جعلناه يجثو على ركبتيه من خلال التظاهرات، ومن خلال صمود شبابنا الذي
واجه رصاص النظام بصدر عار، وفي الوقت الذي يقف فيه السياسيون وافراد
القوات المسلحة بجانبنا، فإن النجاح سيكون حليفنا لا شك، لن ندع النظام
يستخدم بعبع «القاعدة» من أجل إحباط هذا التغيير التاريخي، إذ استخدم
صالح هذا التهديد لمساعدته على التشبث بالسلطة، كأنه الشخص الوحيد
القادر على جلب الاستقرار وإزالة الارهاب، ومن الغباء تصديق أكاذيبه،
دعونا نكن واضحين، لقد جلبت ثورة اليمن الاستقرار الداخلي لبلاد انهكها
الحرب والصراع، كما قالت،أناشد المجتمع الدولي بدعم الثورة السلمية،
كما فعل في تونس ومصر، وأدعو الولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي إلى
ان يطالبوا صالح بالرحيل الآن، استجابة لمطالب شعبه، وان يوقفوا كل دعم
لهذا النظام، لا سيما تلك الادوات التي يتم استخدامها في سحق التظاهرات
السلمية مثل الغاز المسيل للدموع، المكتوب عليه «صنع في اميركا»،
وعليهم أيضا ان يجمدوا اصول عائلة صالح وأعوانه، وإعادة تلك الاموال
للشعب، اذا كانت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي يدعمان حقاً الشعب
اليمني، وكما يقولان، فعليهما عدم خيانة الثورة السلمية، لأنها تعبر عن
الإرادة الديمقراطية لأغلبية الشعب اليمني. |