
شبكة النبأ: على مدى الأعوام الثلاثين
الماضية اعتمدت واشنطن على مصر بقيادة حسني مبارك، جنباً إلى جنب مع
إسرائيل، في تشكيل الأساسٍ لهيكلها الأمني الإقليمي. وبينما ساهمت
الاستبدادية في السخط المتنامي ثم عدم الاستقرار داخلياً في النهاية،
كانت مصر تحت حكم مبارك شريكاً لعقود طويلة، مما ساعد الولايات المتحدة
على تعزيز غاياتها الجوهرية في تحقيق السلام والاستقرار في الشرق
الأوسط.
فبحسب ما يرى ديفيد شينكر في تحليله المنشور في معهد واشنطن، ان "ثورة
البردي" في كانون الثاني/يناير 2011 والتي أنهت عهد مبارك إنجازاً
رائعاً للمصريين. فيقول شينكر، مع ذلك، فبالنسبة للولايات المتحدة
تتميز هذه الفترة من الانتقال السياسي بالارتياب والأمل في الوقت نفسه،
لسبب وجيه. فتغييرات القيادة في مصر نادرة بشكل ملحوظ، وأدت اثنان من
انتقالات السلطة الثلاثة الأخيرة -- إلى جمال عبد الناصر وأنور السادات
-- إلى تحولات جذرية في السياسة المصرية. ولدينا القليل من الأسباب
الوجيهة تدعونا إلى الاعتقاد بأن نقل السلطة الحالي سيكون مختلفاً.
ويتابع، بالنظر إلى الموقف اليوم فإن المسار [المنحني] لمصر ما يزال
غير واضح. وعلى الأقل، ستمارس قوى داخلية الضغط على الحكومة القادمة
للتخلي عن سياسات الرئيس مبارك وإعادة ضبط علاقاتها مع الولايات
المتحدة. وسعياً للحصول على الثناء في جميع أنحاء الشرق الأوسط
والشعبية داخلياً ربما تفكر القيادة المصرية الجديدة أيضاً في إعادة
توجيه سياسة خارجية تعكس نزعة شعبوية (أي مناهضة للغرب.) واختصاراً فإن
مصر يمكن أن تصبح مشابهة لتركيا في ظل حكم «حزب العدالة والتنمية».
وبلا شك ستبقى مصر صديقة للولايات المتحدة -- ومستفيدة من المساعدة
الخارجية الأمريكية [بمليارات] الدولارات -- لكن من غير المرجح أنها
ستبقى الحليف الموثوق الذي كانت واشنطن معتادة عليه في ظل مبارك.
ويضيف، على الرغم من احتمال قيام القيادة المرتقبة في القاهرة
بإبعاد نفسها عن واشنطن، إلا أن الحكومة الجديدة سوف تواجه حشداً من
المعضلات الضاغطة في السياسة المحلية والإقليمية. وداخلياً على وجه
التحديد، تظل المشكلات المنهكة باقية وسوف تستمر بإثارة الاستياء
والغضب، وربما المزيد من عدم الاستقرار، إن لم تتم معالجتها.
وينوه شينكر الى ان في الحقيقة نفس القوى التي ساهمت في الإطاحة
بنظام مبارك سوف تستمر في صياغة السياسات المصرية في السنوات المقبلة.
وتأتي الحوكمة على رأس قائمة المظالم المصرية القائمة منذ مدة طويلة.
ورغم أن الشكاوى المستقبلية إزاء الحوكمة ربما لا تعني القمع و الإقصاء
السياسي والفساد المستشري الذي تمثل بقوة في "الحزب الوطني الديمقراطي"
تحت حكم مبارك "وحكومة رجال الأعمال" إلا أن الاعتراضات لن تخمد تماماً.
ويرجع ذلك إلى أن الإحتقان الشعبي في مصر في ظل مبارك كان مرتبطاً
جزئياً بالتوصيل الضعيف للخدمات، والتصور العام بعدم كفاءة الحكومة.
وعلى الرغم من رحيل النظام إلا أن جهاز أمن الدولة والجهاز الإداري
اللذين استحثا تلك المظالم ما يزالان بشكل كبير كما هما مما يؤكد أن
الحوكمة سوف تبقى مصدراً للإحباط بالنسبة للكثير من المصريين.
ويقول، بالمثل فإنه بينما لم يكن الاقتصاد هو الدافع الرئيسي وراء "ثورة
البردي" إلا أنه حرك الكثير من السخط الشعبي السائد في مصر. وعلى هذه
الجبهة أيضاً سوف ترث الحكومة الجديدة من النظام القديم مشاكل معقدة لا
تحصى. ورغم الإصلاحات الاقتصادية الكبيرة التي نفذتها القيادة السابقة،
و"الناتج المحلي الإجمالي" الذي كان يعلو بثبات إلا أن الثروة لم تنحدر
إلى الطبقات الدنيا حيث أن معدلات الفقر العالية لا تزال قائمة، وتستمر
معدلات كبيرة للبطالة والبطالة المقنعة، وما تزال إعانات التعويض التي
تؤدي إلى أضرار [اقتصادية ولا تحل المشاكل] كما هي، وما يزال العمال
الذين ليسوا على قدر عالٍ من التدريب يتخرجون في مدارس ناقصة التجهيز
مما يزود سوق العمالة المصرية بمرشحين غير أكفاء للوظائف. ورغم
التغييرات الهائلة في حكومة مصر إلا أن هيكل الاقتصاد الوطني ما يزال
كما هو مما يضمن أن تلك الإحباطات سوف تستمر في تجسيد القوى السياسية
والاجتماعية المحركة في الدولة على مدى المستقبل المنظور.
ويشير شينكر في تحليله الى ان الشؤون الخارجية تشكل مجالاً آخر سوف
تبدأ القاهرة ما بعد مبارك [بمعالجته] لكن بعجز. ففي السنوات الأخيرة
شهدت مصر تآكلاً وانحداراً شديداً لنفوذها الإقليمي إلى درجة أن مصر
تظهر اليوم كقوة متراجعة -- على كل جبهة تقريباً. إن بعض الأمور الأكثر
تحدياً، والتي سيكون لزاماً على الحكومة المصرية المقبلة التعامل معها
هي العلاقات مع جيرانها بمن فيهم دول غير مستقرة إن لم تكن فاشلة أصلاً،
وكذلك مع الأراضي في ناحية الغرب (ليبيا) والجنوب (السودان) والشرق (غزة).
ويرى، في الوقت نفسه، تواجه القاهرة مبادرة غير مسبوقة من دول أصغر
على منبع نهر النيل بمن فيها إثيوبيا والكونغو ورواندا وأوغندا، من بين
دول أخرى تتنازع على 55.5 مليار متر مكعب من المياه -- أي ما يقرب من
ثلثي التدفق السنوي لنهر النيل -- الذي تسيطر عليه مصر تقليدياً. إن
الموضوع المهم بشكل خاص بالنسبة لواشنطن، بعد خروج مبارك من الصورة، هو
أن القاهرة سوف تبني سياسة جديدة لمواجهة -- أو التكيف مع -- دمشق
وطهران الآخذة في الصعود إقليمياً إلى جانب تابعيها الإرهابيين «حماس»
و «حزب الله».
ويؤكد ديفيد شينكر، إن خروج مبارك لم يحسم التحديات التي يفرضها وضع
مصر الإقليمي المتقلص، حيث أن الحكومة التي ستخلفه سيتعين عليها قريباً
مواجهة المشاكل المذكورة أعلاه، وتهديدات خارجية أخرى على الدولة. ومما
يعقد الأمور أن كل هذا سوف يحدث بينما تفتح مصر نفسها لسياسات تنافسية
حقيقية للمرة الأولى منذ ستين عاماً. وحتى لو كانت الحكومة القادمة على
مستوى هذه المهمة فإن هذه "التجربة الليبرالية" بعيدة عن النجاح المؤكد.
وتحديداً، إن خطة الجيش لانتقال السلطة قد تفشل أو يمكن أن تسعى بدلاً
من ذلك إلى فرض نسخة معدلة من النظام القديم. وحتى إذا نجحت
الديمقراطية وتمكن الليبراليون من أن يتم انتخابهم، فإنهم لو فشلوا في
تخفيف الفقر وإصلاح النظام الاقتصادي فربما قد ينتج عن ذلك هزيمتهم من
قبل الإسلاميين غير الليبراليين في الانتخابات التالية.
ويضيف، في حين تجتاز مصر أول مرحلة انتقال سياسية لها فيما يقرب من
ثلاثين عاماً ينبغي على واشنطن أن تساعد القاهرة على السير نحو مستقبل
أفضل، بشكل متواكب مع شريكها الأمريكي. وعلى أبسط المستويات، فإن هذا
يعني قبول ما سيكون على الأرجح قيام حكومة جديدة بقيادة الليبراليين،
والاستثمار بقوة وبسرعة في نجاحها خشية من أن يقوم الإسلاميون -- سواء
كانوا من جماعة «الإخوان المسلمين» أو "حزب الوسط" أو الناشط عمرو خالد
-- باستغلال فشلها. وفي الوقت نفسه، ينبغي أن تتطلع السياسة الأمريكية
إلى الاستفادة من التغيير في القيادة للمساعدة على الدفع بتحسينات في
الحوكمة المصرية، وإعادة إنعاش دور القاهرة الإقليمي التقليدي. وعلى
الرغم من الروابط العسكرية والسياسية المستمرة والعميقة القائمة بين
البلدين، ما يزال نفوذ الولايات المتحدة لدى القاهرة متواضعاً. ومع ذلك،
ما يزال بإمكان واشنطن اتخاذ خطوات للمساعدة على تثبيت استقرار النظام
الجديد، وفي الوقت نفسه تعزيز التغير الايجابي للشعب المصري. ويجدر
بالسياسة الأمريكية الفعالة خلال هذه الفترة الانتقالية في مصر القيام
بما يلي -- من بين خطوات أخرى:
تشجيع انتقال شفاف. كما هو الحال مع الثورة، سوف يكون المصريون
مسؤولون عن أداء العمل الشاق لضمان سير العلمية الانتقالية باتجاه
ديمقراطي. بيد، تستطيع واشنطن أن تلعب دوراً في جعل العملية شفافة، وهو
مطلب شعبي يبدو أن ضباط الجيش الذين يديرون عملية الانتقال يكرهون
التكيف معه. إن إحدى الطرق للانخراط في هذا الجهد هو تقديم التمويل لـ
"المعهد الديمقراطي الوطني" و"المعهد الجمهوري الدولي"، وكذلك "المؤسسة
الدولية للأنظمة الانتخابية" -- وجميعها أمريكية -- للعمل مع المنظمات
المصرية غير الحكومية أثناء هذه الفترة المعقدة المقبلةً. ولدى هذه
الكيانات الأمريكية تجارب في تقديم الخبرة الفنية المطلوبة بشدة،
ويمكنها أن تتبادل مع المؤسسات المصرية تلك الدروس الحاسمة المستفادة
من انتقالات مشابهة، والتي كان يعتبر فيها تحقيق أقصى منجز جماهيري
أولوية قصوى.
ويتابع، إعادة توزيع التمويل للمجتمع المدني. بعد الثورة، سيكون من
المغري لواشنطن التي تعاني من صعوبات مالية أن تعلن النصر، وتعيد توزيع
أو منع الأموال المكرسة للديمقراطية والأنشطة المتعلقة بالحوكمة في مصر.
إلا أن خطوة من هذا القبيل سوف تكون غير سديدة. وفي الحقيقة فإنه من
المهم الآن بشكل متزايد الحذر من إعادة تخندق الاستبداد في الدولة.
وللمساعدة على منع اندلاع ثورة مضادة، ينبغي على واشنطن أن تعمل بشكل
طموح على تحويل التمويل بعيداً عن منظمات المجتمع المدني التي كان
يرعاها النظام السابق، ونحو منظمات محلية لم تخترها حكومة مبارك.
وبالإضافة إلى تمويل منظمات المجتمع المدني المكرسة لتعزيز التنمية
الديمقراطية ينبغي على واشنطن أن تركز على تمويل المساعي الأخرى غير
المثيرة للجدل مثل محاربة الفساد وهي الآفة التي كلفت مصر ما يقرب من
ستين مليار دولار بين عامي 2000 و 2008.
ويسترسل شينكر، تأجيل التخفيضات في المعونة. تبلغ معونة الولايات
المتحدة لمصر نحو ربع بالمائة من "الناتج المحلي الإجمالي" في تلك
البلاد، لذا فإن التزام واشنطن المالي هو رمزي أكثر منه مؤثر، لكنه ما
يزال يربط مصر بالولايات المتحدة. ينبغي على واشنطن أن تتمسك بمساعدتها
عند نفس مستويات فترة مبارك، بشرط استمرار قيام عملية إصلاح سياسي
حقيقي. إن الموضوع المهم بشكل خاص هو استمرار التمويل الأمريكي للجيش
المصري الذي هو أحد المصادر القليلة الحقيقية لنفوذ واشنطن في تلك
الدولة. وبصورة مماثلة، ينبغي أن تكون واشنطن مستعدة لعرض مساعدات
إنسانية واقتصادية إضافية فورية للشعب المصري. وفي حين ليس من المرجح
أن ينجح تقديم القمح وحده في تلميع سمعة الولايات المتحدة، إلا أنه
سيقطع شوطاً طويلاً في إعادة ترسيخ ارتباط ايجابي بين الولايات المتحدة
والشعب المصري. بإمكان واشنطن أن تُظهر بصورة أكثر التزامها للشعب
المصري من خلال مساعدتها في كشف وإعادة الأصول التي تم تحصيلها بصورة
غير مشروعة من قبل المقربين للنظام السابق.
التشديد على الأداء الحكومي. إن الأحداث التي أدت إلى الثورة
الحالية كانت متجذرة في الحوكمة الضعيفة للنظام السابق. ولدى واشنطن
مصلحة في رؤية نجاح الحكومة الجديدة فيما فشل فيه مبارك، وتحديداً في
المساعدة على تعزيز وصول ثمار الاقتصاد إلى عموم الشعب المصري. إن
معالجة الفقر سيكون الموضوع الأكثر أهمية بالنسبة للحكومة الجديدة.
وبدلاً من توزيع الإعانات فقط، ينبغي تشجيع القاهرة على تمكين الجماهير
المعدمة في مصر عن طريق خلق وظائف أعلى ربحاً، وتحسين نظام التعليم
الضعيف الأداء والمغلوب على أمره. وأثناء هذه الفترة ينبغي على واشنطن
أن تعيد توجيه المساعدة الأمريكية بعيداً عن إصلاح القطاع المالي
للوفاء بالاحتياجات الأساسية للمصريين الفقراء. وإذا لا تنجح حكومة
ليبرالية علمانية [في تلبية تطلبات الشعب المصري] يمكن أن ينمو شعور
بأن "الإسلام هو الحل". وعلى المدى القريب إن هذا ربما يعني تأجيل
المزيد من الإصلاحات الاقتصادية. وبالنظر إلى فرص الإسلاميين في
الاستفادة من أخطاء حكومة ليبرالية فاشلة في أول فترة لها فإن الوقت
الحالي ليس مناسباً للتعبير عن القلق من منع الإعانات.
دعم ديمقراطية ليبرالية. ينبغي على إدارة أوباما أن توضح أن
الولايات المتحدة لا تريد إسلاميين غير ليبراليين في السلطة، وأنها
تسعى بدلاً من ذلك إلى تعزيز الديمقراطية والليبراليين الديمقراطيين.
وفي الحقيقة سوف يتم تعزيز مكاسب الثورة فقط إذا تم الحفاظ على انتصار
أولئك الملتزمين بالديمقراطية الدائمة. كما أن جماعة «الإخوان
المسلمين» في مصر هي بالكاد تؤهل أن تعتبر داعمة لديمقراطية ليبرالية
علمانية. وفي حين تدرك إدارة أوباما نفوذ واشنطن المحدود في تحديد
قواعد هذا الانتقال، تستطيع هذه الإدارة أن تساعد على تسوية الملعب
السياسي عن طريق -- دعم تمديد المرحلة الانتقالية على سبيل المثال. يجب
على الولايات المتحدة أيضاً أن تتطلع إلى تعزيز الإصلاح في القطاع
الأمني في مصر حيث عمل جهاز أمن الدولة لمدة طويلة تحت ظروف غير
ديمقراطية. ورغم ذلك، ربما أن الموضوع الأهم هو أن واشنطن يجب أن تستمر
في الانخراط في التطورات السياسية في مصر. وبالرغم من أن الليبراليين
سيحسنون صنعاً في أول انتخابات ما بعد مبارك، بيد يتوجب عليهم أن
يُنجزوا المطلوب -- بما في ذلك إقامة مؤسسات ديمقراطية -- وإلا ربما
يفوز الإسلاميون في الانتخابات الثانية.
إعادة ترسيخ مصر كفاعل إقليمي ودعم العلاقة الثنائية. تبادلت واشنطن
والقاهرة تقليدياً مجموعة واسعة من الاهتمامات والمصالح الإقليمية التي
عززت علاقة استراتيجية طويلة المدى. ومع ذلك، ففي حين تضاءل نفوذ مصر
الإقليمي في السنوات الأخيرة، إلا أن واشنطن والقاهرة سعت جاهدة بصورة
متزايدة للوصول إلى رؤية إقليمية مشتركة. إن مصر والولايات المتحدة
والمجتمع الدولي سيستفيدون حقاً إذا ما لعبت القاهرة دوراً إقليمياً
نشطاً، والذي ربما يبدأ بالسودان وليبيا وغزة. إن المساعدة على استقرار
هذه الدول المجاورة من خلال الوسائل السياسية أو العسكرية لن تحسِّن
فقط مكانة مصر الإقليمية -- على حساب طهران -- وإنما ستمنع أيضاً
انتشار أية آثار جانبية خطيرة محتملة في مصر نفسها. وفي الوقت نفسه،
سيتوجب على واشنطن أن ترتفع إلى مستوى التحدي للحفاظ على علاقة عمل
جيدة مع الحكومة المصرية الجديدة التي سوف تعتمد مصداقيتها -- على
الأقل جزئياً -- على رفضها لسياسات مبارك الموالية للغرب. ولن يكون هذا
مأثرة عادية حيث ستكون أمام مصر الجديدة فرصة جيدة لكي تبدو وكأنها
تشبه تركيا، دون الجانب الإسلامي -- على الأقل في الوقت الراهن -- أي:
صديق مهم وإن كان لا يمكن الاعتماد عليه.
وعلى الرغم من أن الحفاظ على علاقات وثيقة مع مصر الجديدة سوف
تكتنفه عقبات، يجب على واشنطن أن تجد طرقاً لإزالتها خاصة بالنظر إلى
إعادة التنظيم الاستراتيجي في سياسة تركيا، وصعود إيران، والتصور
الإقليمي الواسع الانتشار بأن الولايات المتحدة تنسحب من الشرق الأوسط.
وربما يبدو المسار [المنحني] للثورة في مصر واعداً بشكل جيد لكن نجاحه
المستمر أبعد من أن يكون مؤكداً. وبالنظر إلى الأحداث غير العادية في
تونس وليبيا وسوريا وعبر أنحاء العالم العربي، سيكون من الصعب الحفاظ
على التركيز على التطورات في مصر. غير أن واشنطن يجب أن تبقى منخرطة في
الأحداث بصورة نشطة أكثر من أي وقت مضى.
ويختتم، إن مصر هي الرائد الإقليمي، كونها الدولة العربية التي
لديها أكبر عدد من السكان والأكثر تأثيراً في السابق. وإذا نجحت
تجربتها الديمقراطية سوف تنتظم تِباعاً دولاً أخرى تمر هي أيضاً بمرحلة
انتقالية. لقد كانت "ثورة البردي" إنجازاً رائعاً للشعب المصري لكن ما
يزال من اللازم إكمال العمل الشاق في تعزيز الديمقراطية. لدى واشنطن
مصلحة قوية في المحصلة، ويجب ألا تتظاهر بغير ذلك. ينبغي استخدام
نفوذها لمساعدة القاهرة على إدارة التغيير مع الحفاظ على الاستقرار في
الوقت نفسه، حيث يعتمد عليها مصير أكثر من ثمانين مليون مصري، بل وربما
المنطقة بأسرها.
نبذة عن معهد واشنطن
الجدير بالذكر ان معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى بحسب موقعه
الالكتروني أسس عام 1985 لترقية فهم متوازن وواقعي للمصالح الأمريكية
في الشرق الأوسط. وبتوجيه من مجلس مستشارين بارز من كلا الحزبين من اجل
توفير العلوم والأبحاث للإسهام في صنع السياسة الأمريكية في هذه
المنطقة الحيوية من العالم.
وينقل موقع تقرير واشنطن الالكتروني إن الهدف من تأسيسه كان دعم
المواقف الإسرائيلية من خلال قطاع الأبحاث ومراكز البحوث وان لجنة
العلاقات الأمريكية-الإسرائيلية المعروفة بإيباك كانت المؤسسة الأم
للمعهد حيث أن مديره المؤسس هو مارتن إنديك رئيس قسم الأبحاث السابق
باللجنة. وتزعم المنظمة أنها اختارت مصطلح "الشرق الأدنى" لتعريف
الهوية الذاتية للمعهد (بدلا من "الشرق الأوسط) لأنه المصطلح المعترف
به في الخارجية الأمريكي لوصف العالم العربي والدول المجاورة. |