البحرين.. اغتيال شعب وتخريب دولة

ياسر محمد

تسير الأمور في البحرين إلى منحدر سحيق يودي بالقضاء على البحرين ديموغرافياً وجغرافياً بعد أن تنامت حالات التخريب المتعمد للمرافق العامة ودور العبادة والاعتقالات العشوائية التي تطال الرموز والكفاءات الوطنية.

أصبح الوضع في البحرين يسير نحو المجهول المظلم بأدوات طائفية فاقت كل التوقعات في اغتيال شعب بكافة مكوناته وحضارته بأساليب انتقام جماعية لم تُعهد في مكان وأشبه ما تكون بحرب بين ديانتين كما يجري في فلسطين في دلالة واضحة على وجود مخطط صهيوني اتخذ من البحرين بداية الانطلاقة لقمع المطالبات الإصلاحية في الوطن العربي والخليج بشكل خاص.

فمن يُصدق بأن تطال أعمال الانتقام حتى ما يمثل شعاراً لدولة وتاريخاً طُبع على عملاتها النقدية وذلك بهدم نصب دوار اللؤلؤة الذي أصبح شعاراً عالمياً ويمثل شاهداً على حضارة ودولة! فهل بات كل ما يشير إلى أي مظهر من مظاهر المطالبات السلمية جرماً ويجب تسويته بالأرض؟

لقد أصبح المشهد أكثر سواداً في أسلوب العقاب الجماعي الذي يطال كل أبناء الشعب البحريني الذي خرج منادياً بالإصلاح وحُكم عليه بالقتل السريع من خلال تجويعه والدفع نحو رفع معدلات البطالة عن طريق الفصل التعسفي من الأعمال وقطع لقمة العيش لمئات العوائل الفقيرة أصلاً.

فمن زار البحرين يوماً قد لمس الوضع المادي الذي يعيشه أبناء الشعب وأصعبه على النفس امتهان غسيل السيارات في المواقف العامة مهنةً من قبل بعض الشباب والشيوخ لتوفير لقمة العيش وحفظاً لماء الوجه من الاستجداء.

إن القيادات السياسية في الدول دائماً ما تفخر بكفاءاتها الوطنية وبمستوى التقدم العلمي وتراجع نسب الأمية والفقر إلا أن المعادلة في البحرين بدأت مقلوبة، فتفشت حالات الفصل المتعمد من الجامعات والمدارس ومعاقبة الأطباء ممن شاركوا أو يعتقد مشاركتهم أو أحد من عوائلهم ضمن المسيرات التي شهدتها البلاد.

ولازال باب الاعتقال بالإيذاء والاختطاف مفتوحاً ضد الرموز الوطنية والاجتماعية والدينية والثقافية من الرجال والنساء في مشهد لم يوجد له مثيل غير ما قام به النظام العراقي السابق على مدى ثلاث عقود بأن تعتقل النساء وينكل بهم في حرب شوارع لا هوادة فيها.

كان الإعلام الرسمي والإعلام المأجور وبعض الأصوات البغيضة المحدودة في الدول العربية يروجون بأن الحركة السلمية في البحرين هي حركة طائفية وترفع شعارات وصور طائفية دون أدنى مصداقية أو جرأة في إظهار أي من تلك الشعارات والصور المزعومة!.

بالمقابل نجد أن من يحكم قبضة الميدان في الوقت الحالي هو من يقوم بالدور الطائفي المتجاوز لكل الحدود الطائفية.

فخُربت دور العبادة والأماكن الدينية كمزارات الصحابة وقبور العلماء كما حصل من اعتداء طال مرقد الشيخ عبد الأمير الجمري من الاعتداء عليه وإزالة قبته. وهُدمت بعض المساجد وكتبت الشعارات الاستفزازية على الجدران وكُسرت الحسينيات واعتُدي على البيوت وهُتكت الأعراض وأزيلت كافة المظاهر واللوحات الدينية في دلالة صريحة على وجود أيادٍ استعمارية تحت غطاء طائفي تعمل للقضاء على الإسلام وكل ما يقرب الشباب من الدين من العلماء والرواديد والأماكن التي تحتضنهم وأنشطتهم.

إن البحرين في تلاشي وانعدام وخراب لا تمحيه الأيام والسنين ما يعني أزمة دائمة في انعدام للاستقرار والثقة بين القيادة والشعب حتى وان استخدمت أعتى الأساليب لإحكام القبضة على الشعب والتوهم بأنه الأسلوب الصحيح لضبطه.

فالحالة الوحيدة لإنقاذ ما تبقى من البلاد كمرحلة أولى هو العفو عن كافة السجناء المعتقلين ورفع القبضة الخانقة في معاقبة أكثر من 85% من شعب له تاريخه وجذوره المشرفة، ثم البدء بإصلاحات جذرية تعطي الشعب البحريني مكانته بين الشعوب الخليجية على أقل تقدير.

نناشد كافة الأقلام الحرة والمنظمات الإنسانية والشخصيات السياسية في كافة الدول بالوقوف المستمر على ما يحدث في الميدان وإيصال رسالة السلم والحقوق التي رفعت إلى مسئولي بلادهم وتوثيقها بالصور والمشاهد المصورة المخفية عن الإعلام ليقوموا بدور إنساني في التواصل مع حكومة البحرين والمطالبة بإيقاف نزيف الدم المستمر واعتقال الشعب إلى أماكن مجهولة.

رحم الله الشهداء وأعاد المفقودين منهم وشافى المرضى وألبسهم الصحة والعافية.

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 14/نيسان/2011 - 10/جمادى الاولى/1432

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1432هـ  /  1999- 2011م